آلهةٌ في الأسواقِ

سامي عبد العال

الحوار المتمدن-العدد: 5919 - 2018 / 6 / 30 - 10:52
المحور: الادب والفن
    

دليلك العصري إلى الآلهة:
كيف تُصنَّع وتُطهى وتُبتَّاع وتُشتَّرى، تؤكَّل أو تُصان،
لم تعد كديدن الماضي هي الأوثان
لا توجد إلاَّ أزياء العبادة والطقوس والضيافة،
معلبات العقيدة والأخلاق والإيمان،
زجاجات البخور والزعفران والأقحوان
أسعار الفتاوى وإكسسوارات الشيوخ والدجالين والسلطان
قواقع المصائر والأقدار... أجَنةٌ هي أم نيران؟
على محيط دون حدود، بلا شطآن
رؤوس باردة وأجساد مجمدة وعيون منتزعة،
كم تبني الشعوب التائهة أبراج الدجل
تُريق ماء الحياة وتخطف الإبصار
لقد اختفى من كلِّ سماءٍ عنوان
حجت إلى جبال الكذب
أطلقت الأرواح في بحار الخبل
وانتظرت لأن تطرق أبواب الجان
ريثما تتعاطى أكسير الخلود،
تستنشق أساطير الخداع والبهتان،
تحترق مع حطب إحراق الموتى
تسيل مع ذوبان الثلوج
كيف تتسلق حبال القدر والهذرِ ؟
كيف تبتلع جرعات الندى مع القطعان ؟

**********

عجباً لعصرٍ يعجن آلهته بكلِّ الألوان !!
الآلهة أصناف ومواد... وأنصاف
آلهة حريفة وأخرى باردة ونكهات دون أوان
تعبأ مع الزيت الحار والكاتشب والمايونيز...
وجبات الأعمال والمنازل والنوادي والمسارح ...
إله أخضر وآخر أصفر وغيرهما رمادي وبلا ألوانٍ
آلهة هي إعلانات ومقرمشات ومعجنات
بأي وقت تاك أواي تحت الطلب
أي سوق ستختار لشعائرك، لطقوسك، لمعتقداتك؟
العالم بضائع وماركات وأسواق وبرلمان
ساحات هجينة تعرض المقدسات والهويات والبلدان
دون حصر، المنادون على النواصي والمقاهي
الآلهة تروح وتجيء بأية أثمان

**********

آلهة مستعلمة قابلة للاستبدال
آلهة مزودة بأصوات وصور
آلهة بكماء
آلهة تخرج الهواء عطوراً
وأخرى تنفث موتاً وسموماً
آلهة تنظف وتهندم الملابس
هل مر عليك سوقاً دون أن ترى بحال،
عبئ ما تؤمن وما تعتقد وما تتيقن...
بِعْ وغيِّر وأصلِّح وألِّف بما يفوق الخيال
عصر لا يروض
لا يدجن
لا يتوقف
أعمى
أخرق
يعصف بأعاصيره الإنسان
يطهي الأدمغة، الآكل والمأكول سيان

**********

تنبت الآلهة في عالم الافتراض
تترك وشماً إلكترونياً
لا تبتعد ببريقها
أيقونات، لايكات، علامات إعجاب
أنت البائع والمشتري والسمسار،
أنت الرائي والمرئي،
أنت الكاتب والمكتوب والكتاب
.......................
...........................
هل أخذتك الآلهة كاعتراف أم كحجاب؟

#سامي_عبد_العال (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات