أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الليبراليون الجدد ومقولاتهم المستغربة















المزيد.....

الليبراليون الجدد ومقولاتهم المستغربة


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 1499 - 2006 / 3 / 24 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا بأس من وقفة مع الذات، نواجه فيها أشد الاتهامات فجاجة، لفكر الليبرالية الجديدة في شرقنا، ولما لا نفعل ونحن أول من يعتقد أن جميع الأمور مطروحة للنقاش، بدءاً من أكثرها ابتذالاً إلى أكثرها قداسة، فداخل ذلك القوس الذي يأخذ شكل نصف دائرة، يصل ما بين المبتذل والمقدس، يتواجد الإنسان الطبيعي، والذي شيد كل ما نرفل فيه من حضارة، وهو أيضاً مصدر ما ينغص حياته من آفات.
مقولات الليبراليين الجدد غريبة ومستغربة
توصيف أو اتهام من الطبيعي أن نرفضه اعتماداً على:
· أن ما نشير إليه هو طريق الإنسانية كلها في عصرنا الحالي.
· أن شعوبنا الشرقية أحوج ما تكون إلى نداء الليبرالية، الكفيل وحده بإخراجها من ورطتها الحالية.
لكن هذا وحده لا يكفي لدرء الاتهام، أو دحض التوصيف، فالأمر يحتاج إلى مقاربة أكثر أمانة وتفصيلاً، ولنبدأ من العنوان، من كلمة ليبرالية التي تعني الحرية، والتي يعتبرها الليبراليون القيمة الإنسانية العليا والأساسية، لتحقيق إنسانية الإنسان، فإن كان الأمر يبدو كما لو كان بديهية لا تحتاج إلى نقاش أو جدل، فإن البعض – ومنهم كاتب هذه السطور – يري ن الفحص والمراجعة لكي يكونا جديين، لابد وان يبدأا من البديهيات، فتحتها قد تترعرع الحشرات الخرافية وتتراكم نفايات السنين، وتتعملق أكاذيب التاريخ وحكمائه.
هل يمكن أن نقول بثقة علمية تعميمية، أن النوع البشري الذي يستعمر الأرض حالياً كائن عاشق للحرية، باحث عنها؟
هل يمكن أن نزعم بذات الثقة أن الحرية هي المناخ الأمثل للأداء الأكثر كفاءة وفاعلية، لجميع القبائل البشرية باختلاف بيئاتها وأصولها العرقية؟
وإذا أجاب الليبراليون على التساؤلين السابقين بنعم مطمئنة واثقة، فإنهم والحالة هذه مطالبون بالإجابة عن سؤال قد يبدو ساذجاً:
لماذا إذن لم تحقق جميع الشعوب ذات المستوى من الحرية المنشودة، بل لماذا سار بعضها في اتجاه تعظيم الحرية، بينما سلك البعض الآخر الطريق المضاد؟
ربما يلزم التنويه هنا أن التعلل بأنظمة الحكم الشمولية، والتي تجبر الشعوب على الخنوع حتى تعتاده، لا يواجه التساؤل باستقامة، وإنما يحاول التهرب منه، فالأنظمة هي إفراز الشعوب، وطول زمن المسيرة الإنسانية يفضح سر الفشل المستمر، في تحقيق هدف من المفترض أنه جوهري.
نفس هذا يقال عن دعاوى التأثيرات الخارجية مثل الاستعمار وما شابه.
إننا لا نسوق هذه السطور من قبيل تقرير حقائق نراها نهائية، فالأمر بالحق محير، وأعقد من أن يصل فيه فرد أو عقل واحد لنتيجة علمية على قدر مقبول من المصداقية، لكن أقصى ما نطمح إليه هو إثارة تساؤلات في منطقة تبدو كطابو مقدس، لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، وإلا اتهم بالعنصرية والنازية وما شابه، ولا يدفعنا لتلك المغامرة إلا ما نلمسه جميعاً من رفض – أو على الأقل عدم استحسان – الجماهير في شرقنا لدعوة الليبرالية، التي يعتبرها أصحابها طوق النجاة الوحيد.
إذا كان موقفنا يبدو ضعيفاً ونحن نلمح لأن شعوب الشرق لا تحب الحرية، وفي أحسن الأحوال لا تحتل الحرية مرتبة متقدمة في سلم أولوياتها، ومن السهل أن ينبري لهذه السطور وكاتبها ثلة من أعداء الحرية، يجأرون بملء حناجرهم العظيمة، مدعين أنهم دون العالمين أهل حرية أباً عن جد، فلندعم موقفنا ربما إلى حد حسم القضية، بأن نناقش وضع القيمة المضادة لقيمة الحرية، وهي قيمة الطاعة.
هل يخالفنا أحد أن الطاعة هي القيمة الأكثر اعتناقاً ورواجاً في شرقنا؟
عديدة هي الجهات التي تملي علينا أفكارنا وقيمنا أن نطيعها، وهناك مثل شعبي مصري يقول: "اللي مالوش كبير يشتري له كبير" بالطبع لكي يطيعه، فهل نحن بهذا باحثون عن الحرية أم العبودية، إلى درجة التوصية بشراء سيد يستعبدنا، إن لم يتوفر لنا سيداً مجانياً؟!!
كان هذا عن الزعم الليبرالي الأول، والذي يدعي " أن النوع البشري الذي يستعمر الأرض حالياً كائن عاشق للحرية، باحث عنها."، وننتقل الآن إلى الادعاء الثاني، بأن " الحرية هي المناخ الأمثل للأداء الأكثر كفاءة وفاعلية، لجميع القبائل البشرية باختلاف بيئاتها وأصولها العرقية".
لا تكفي للبرهنة على هذه المقولة أن الشعوب الحرة في عالمنا هي الشعوب المتقدمة، وإلا نكون قد اقترفنا قفزة غير منطقية، بالربط غير المبرر بين الحرية وكفاءة الأداء لشعوب لم تدخل كحد منطقي في المقدمة، ما لم تضمينها في مقدمة مثالية مفارقة للواقع مثل: "كل الشعوب متساوية في الطبيعة"، وهو قول يضمر عكس ما يظهر من نزعة إنسانية، ففيه تنميط للإنسان وحصره في قالب واحد متوهم، وهذا أخطر انتهاك لإنسانية الإنسان.
ألا يمكن أن تكون سيادة قيمة الطاعة في مجتمع كفيلة بتوفير البيئة المثلى لأداء أفراد هذا المجتمع؟
هل يمكن أن نعزو التقدم الصناعي لشعوب الشرق الأقصى إلى قيمة الطاعة؟
وفي المقابل هل يمكن أن نعزو تدهور الأحوال في العراق إلى غياب الطاعة بعد سقوط الطاغية؟
التعميم في عالم الفيزياء لا يعدم استثناءات، لكن التعميم في عالم الإنسان محض هراء، فلا الشرق يتطابق مع الغرب، ولا الشرق أو الغرب كله نسخة واحدة تتكرر عبر أفراده، لكن تبقى لنا على أحسن تقدير مؤشرات لاتجاهات عامة، ذات فائدة في الفهم والتحليل، دون أن نتصور لها دقة علمية محكمة.
الحرية هي المناخ الأفضل لأفراد يمتلكون طاقات روحية وفكرية، تنتظر التحقق في مناخ يتيح لها ذلك، لكن في حالة الخواء الروحي والفكري، فإن الحرية هي أقصر طريق للضياع والفوضى، وهنا تكون القيمة المضادة وهي الطاعة، تشكل الملاذ الآمن لكل الأفراد والشعوب، التي لا تستشعر في دواخلها ما تصبو لتحقيقه، غير إشباع الغرائز الطبيعية، وعلى رأسها غريزة الجوع والجنس!!
ليس عبثاً أن أكثر الحجج تكراراً لمناهضة الحرية، هي الخوف من التحلل الجنسي، وليس من الصحيح أن هذا التخوف يرجع إلى الجهل بمعنى الحرية، إذ يبدو أن من يسوق هذه الحجة لا يستشعر في داخله ما يتفجر في مناخ الحرية غير التحلل الجنسي، ولا نستطيع في هذه الحالة أن نكذبه، لأنه أدرى بنفسه، فلو كان يستشعر رغبة في عمل أو فكر منتج خلاق ينتظر الظروف المناسبة، لوجد في الحرية ضالته، والحقيقة أنني لا أرى سبباً لأن يتصور الإنسان نفسه متفرداً تفرداً تاماً عن سائر الكائنات، فأنت لو أطلقت نسراً فسوف يسارع للتحليق في الفضاء، ولو أطلقت دودة لسارعت بالغوص في الوحل!!
إذا كان ما سطرت صحيحاً فإن أشاوس ومجاهدي العروبة على حق في اتهامهم لليبراليين الجدد، بأنهم يستوردون أفكاراً غربية غريبة عن هويتنا وشخصيتنا الشرقية الأصيلة.
ويكونون على حق أيضاً باتهامهم بأنهم يروجون لمشروع غربي، لن يؤدي بالمنطقة إلا إلى الفوضى غير الخلاقة.
أما إذا كانت تصوراتي مجرد شطحات أملتها علي حالة تشاؤم استثنائية.
وكانت شعوب الشرق والجنوب، مثلها مثل شعوب الغرب والشمال، تضم بين جنباتها طاقات خلاقة، كبتتها عصور الاستبداد وظلماتها الطويلة، وتنتظر فجر الحرية لتتفجر عملاً وعلماً وأدباً خلاقاً ، تشارك به في صناعة مستقبل أفضل للإنسانية.
في هذه الحالة يكون من واجب الليبراليين الجدد الصمود، وتحمل رجم الأحجار من كهنة الاستبداد ودعاة الظلام، انتظاراً لغد نرجو ألا يتأخر كثيراً.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العِلمانية تلك النافذة المغلقة
- ثقافة الذئاب من العراق إلى السعودية
- حسنة لسيدك مشعل أفندي
- خيار المقاومة (القتل) وثقافة اليأس
- وكأن على رؤوسهم الطير
- الرقص على أنغام إرهابية
- الدين والتدين وتبادل المقولات
- أزمة الحداثة في الشرق
- المصريون وسيكولوجية الرعية
- حالة تخلف مستعصية - مشكلة أسلمة القبطيات
- الليبرالية ومسيرة الحضارة
- مصر شجرة لن تموت
- قليل من الإخلاص يا سادة فمصرنا في خطر
- الفوضى الخلاقة مجرد احتمال
- كتابة عبر النوعية: حوار لم يتم
- حنانيك يا د. فيصل القاسم
- يا لك من متفائل يا صديقي د. شاكر النابلسي
- الصخرة الأرثوذكسية ورياح التغيير 2
- الكنيسة والوطن. . إعادة ترتيب الأوراق
- عقيدة التوحيد ومسيرة الحضارة


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الليبراليون الجدد ومقولاتهم المستغربة