أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتح عبدالفتاح كساب - السلطة المجنونة تقتل مهمشيها














المزيد.....

السلطة المجنونة تقتل مهمشيها


فتح عبدالفتاح كساب

الحوار المتمدن-العدد: 5917 - 2018 / 6 / 28 - 01:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم أستطع تمالك نفسي من الغضب عند سماع خبر صدور حكم بالسجن لمدة عشرين عاما على المناضل المغربي " ناصر الزفزافي" ورفاقه الذين شاركوه نضالاتهم المطلبية بالتشغيل والتنمية في منطقتهم في الريف المغربي - المنطقة الأكثر تهميشا والأشد فقرا في المغرب، بتهمة (تقويض النظام العام والمساس بالوحدة الوطنية).ولمن لا يعرف الريف في المغرب يكفي أن نقول أن المناضل أو المجاهد عبدالكريم الخطابي الذي قاد الثورة ضد الوجود الفرنسي والإسباني الاستعماري كان من الريف المغربي كما الزفزافي، فالمفارقة هنا عجيبة لا يمكن فهمها وهي أن ذات المنطقة التي خرجت للمطالبة بالكرامة والعدالة والتنمية هي ذات المنطقة التي ثارت بوجه المستعمر وأعادت للدولة استقلالها وكرامتها. والوجه الآخر للمفارقة هو أن هذه المنطقة هي الأكثر تهميشا وحراكاتها الأكثر تعرضا للقسوة والبطش. هل هذا هو ثمن الوطنية والحس بالإنسانية والكرامة؟
نعود للمناضل ناصر الزفزافي ونلخص ما حدث له قبل السجن:
ناصر الزفزافي، لمن لا يعرفه، ناشط مغربي قاد الاحتجاجات أيام قام شرطي مغربي بطحن مواطن مغربي مع أسماكه المعروضة للبيع في طاحنة قمامة. الناشط المذكور تمت مطاردته والقبض عليه بسبب مقاطعته لخطيب الجمعة في مدينة الحسيمة، بعد أن قام الخطيب بتوجيه اتهامات للمحتجين بإثارة الفتنة التي ستقود المغرب لما آلت إليه الأمور في العراق وسوريا. ووصل شعور الحكومة بالتهديد أن قامت وزارة الأوقاف المغربية بإصدار بيان في نفس اليوم، اتهمت فيه الزفزافي بإفساد الجمعة والإساءة للجماعة. وختمت الوزارة بيانها بالآية التالية ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه وسعى في خرابها). مع العلم أن الزفزافي كان في المسجد، كالمعتاد، لأداء الصلاة دون علم مسبق بما سيقوله الخطيب.
وكما هو واضح، لم تكن حجة السلطات في مطاردته والقبض عليه كافية تحت أي مسمى جنائي فاستعانت بأحد أضلاع الحكم الثلاث التي تُسنِد السلطات العربية، ألا وهو ضلع "الدين"، حيث استعانت وزارة الأوقاف المغربية بكل الفتاوى السياسية التي كبَّلت المعارضين في عهود الحكم العربي قبل ألف وأربعمئة عام وحتى الآن لتبرر للحكومة القبض عليه والتنكيل بحراكه المطالِب بالعمل والعدالة في التنمية.
والسؤال اللغز هنا: هل ما تقوم به النظم العربية من تمادي في الاستبداد والفساد والتنكيل بالحراكيين المطالبين بالعدالة والديمقراطية والتوزيع العادل للتنمية والفرص والثروة الوطنية نابع من استخفافٍ "برعاياها" أم هو التعامي عن حالة من التأزم والضغط الشديدين المؤديان إلى الانفجار؟ وهل ما زالت تلك السلطات مؤمنة أن ما تقوم به من تبديل للوجوه بعيدا عن جوهر السياسات التي تنتهجها ينطلي على الناس؟ الغريب في الأمر أن رؤوس السلطات العربية تتبجح دائما بالدعوة للإصلاح ومحاربة الفساد، لكن ممارساتهم على الأرض لا تشي بذلك. فالنظم والقوانين الانتخابية يتم تفصيلها لإيصال نوعية محددة من الشخصيات التي تتماهى بالمطلق مع السياسات المتبعة لتكريس المزيد من الإفقار والإذلال للناس، مترافقة مع تعزيز منظومات الفساد والاستبداد والنهب المبرمج لمقدرات الأوطان. وحتى عند السماح بالعمل العام عبر منظومة حزبية، تكون تلك الأحزاب ديكورية ولا تمتلك الحد الأدنى من القدرة على مجرد التفكير بالتواصل مع من تسميهم " جماهيرها الشعبية". فعند تشكُّل تلك الأحزاب تكون موزعة محاصصةً ما بين حصة للأجهزة الأمنية وحصة لرأس السلطة وما تبقى من العضوية لا يعدو كونه مجرد كومبارس للتصفيق "لأمين الحزب المُلهَم" وسياساته الوطنية المتوازنة وقدراته الخارقة للبقاء على رأس الحزب حتى الممات رغم كل "المؤامرات الداخلية والكونية التي تُحاك ضده"! فحتى المخارج التي تطرحها تلك السلطات لا تزيد الوضع إلا تأزيما واحتقانا.
السؤال الكبير الآن، هل تسعى تلك النظم والسلطات لدفع الناس للمزيد من التأزيم المُفضي للفوضى والتدمير؟ ما دفع لهذا التساؤل هو أن الانفجار إذا حصل لن يجد من يقوم بإطفائه لأسباب كثيرة: أولها أن الثقة أصبحت منعدمة تماما بين السلطات الحاكمة والناس ولا يمكن ترميمها وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل وقت سبق لأنَّ " الفتق اتسع على الراتق"، وثانيها أن تلك السلطات قامت بإخصاء أو إقصاء من كان أو مرشحا ليكون مؤثرا جماهيريا، وهذا أمر غاية في الخطورة لأنَّ يأس الناس من الاحتجاج السلمي قد يقود في لحظة اليأس تلك إلى لجوء المُفقَرين والمهمشين والعاطلين عن العمل إلى أفعال بعيدة عن السلمية والعقل بحيث تؤدي إلى القناعة " بهدم المعبد على رؤوس كل من فيه".
نعود إلى ناصر الزفزافي ورفاقه في المغرب أو أي مجموعة مناضلة في أي مزرعة عربية أخرى. الحكم الصادر بحقهم رسالة إلى الناس مفادها أن كل من يطالب بإنسانيته وكرامته ليس له من مصير إلا السجن والقمع أو الموت رميا بالرصاص أثناء المطاردة أو القتل تعذيبا أثناء التحقيق للحصول على إفادة تدينه، مستندين بذلك إلى نكتة " جعل الغزال يعترف أنه أرنب" المعبرة عن نهج وعقلية السلطات الأمنية العربية؛ وإلا فما معنى التهمة النكتة التي توجها تلك السلطات قاطبة بتقويض النظام العام وزعزعة الوحدة الوطنية لكل من يطالب بإصلاح سياسي واقتصادي يرى نفسه فيه إنسانا وليس " رعية" ؟ وما معنى توظيف المُدنَّس من مثل التخوين أو المقدس من مثل منع إقامة الصلاة وتفريق الجماعة والإفساد في الأرض من وزارة أحفورية تدعي النطق باسم الله لتعزيز سلطة لا تعرف من الدين إلا أنه أداة لاستعباد الناس؟
إفقار وتهميش واستبداد وفساد وقمع وإذلال، فهل أبقت السلطات "لرعاياها" منفذا للاحتجاج والمطالبة السلمية؟ القادم لا يُنبئ بخير.



#فتح_عبدالفتاح_كساب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة المسخ والبنية الطبقية المشوهة
- رهاب الحرية في عقلية العبيد
- تطوير التعليم في الأردن
- قراءة في رواية دموع فينيس لعلي طه النوباني
- مسلسل الخربة ولحظات التأزم الدرامي والسياسي
- مما كتبه ابن بطوطة بعد وفاته
- هل تاهت بوصلة ناصر الزفزافي؟
- نهاية التاريخ؟
- جذورالحَنَق الإسلامي
- صدام الجهل
- صدام الحضارات؟
- الأردن والربيع العربي


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتح عبدالفتاح كساب - السلطة المجنونة تقتل مهمشيها