أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل الخطيب - سورية فوق الأسدية والإسلام السياسي















المزيد.....

سورية فوق الأسدية والإسلام السياسي


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 5900 - 2018 / 6 / 11 - 07:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب، بعد أكثر من سبعة وأربعين عاماً من حكم عائلة الأسد، أين تقف سورية؟
لم يحقق حكم الأسد أيّ من الأهداف التي تذرّع بها حافظ الأسد في انقلابه على رفاقه واستئثاره بالسلطة في عائلته قرابة نصف قرن، بل تراجعت سورية في مجالات عديدة، وتحولت سورية إلى إحدى أكثر دول الفساد في العالم، إحدى أكثر دول القمع وغياب الحريات في العالم، إلى إحدى أكثر الدول الفاشلة في العالم..
لم تحقق الثورة أيّ من الأهداف التي انطلقت من أجلها، بل تحوّلت الثورة إلى مجموعات إمارات جهادية إرهابية تكفيرية، تحولت إلى عدوة لمشروع الحرية والتعددية، تحوّلت إلى خندق معادٍ للديمقراطية وللعالم كله، تحوّلت الثورة إلى طاعون قروسطي يشبه الأسدية في جوهره، ويختلف عنها في خطابه التسويقي..
لا يستطيع عاقل نكران أن الأسدية انهزمت للأبد، أن حكم عائلة الأسد انتهى للأبد، أنه لا يمكن تكرار تلك الكارثة المتمددة على قلوب السوريين منذ نصف قرن على الأقل، لا يمكن استمرار أو تكرار ذلك الفساد الممنهج، ذلك القمع الممنهج، ذلك الابتذال الممنهج، ذلك التشويه الممنهج..
لا يستطيع عاقل نكران أن مشروع الجهادية التي اغتصبت الثورة وحرفتها عن مسارها انهزمت للأبد، أن ثقافة العداء للديمقراطية انهزمت/بل لابد لها من الهزيمة، أن همجية التكفير انهزمت للأبد، ليس فقط في سورية، بل في طريقها للهزيمة التاريخية في المنطقة والعالم، وللأبد..
أثبت مشروع الأسدية بطلانه بالكامل، وأثبت مشروع الجهادية التكفيرية بطلانه بالكامل، رغم ذلك، هناك ملايين من السوريين مازالت تؤيد أو تناصر الأسدية، وملايين أخرى تتعاطف مع الجهادية، وإن كنا نستطيع/ويجب، الوقوف ضد فكر وفقه كلا وجهي الطاعون القاتل لسورية وللسوريين، لكننا لا نستطيع/ ولا يجوز تجاهل هذا الانقسام في المجتمع السوري..
طالما صار واضحاً إفلاس المشروعين/الأسدي والجهادي، وطالما صار واضحاً أنه لا يمكن لسورية أن تلحق العالم وأن تؤسس لدولة عصرية، إلا بالقطيعة مع هذين المشروعين، ولكون المجتمع السوري يعيش حالة انقسام شديدة، لذا لابد من تيار أو جماعة أو كتلة تتبنى مشروعاً وطنياً عابراً للطوائف والقوميات، ولا يتجاهل أية طائفة أو قومية على قاعدة دستور عصري مؤقت يحمل من روح أوربا أكثر مما يحمل من غيرها، لأن طموحنا النهائي، هو الاقتراب من أوربا، تقليد الجيد في أوربا، الاستفادة من تجارب أوربا في البناء الإنساني والتعليمي والتكنولوجي والثقافي والتعايش مع الآخرين ومع البيئة أيضاً.. ونحن نعتقد أن ذلك التيار، يمكن أن يكون بديلاً وطنياً، وجسراً يربط السوريين من أجل سورية جديدة، سورية تشبه العالم المتحضر، سورية تشبه أحلام وطموحات أبنائنا/أبنائها، وتكون جزء فعالاً من العالم، أن تعود سورية كما كانت في غابر الأزمان قطعة تعايش وتلاقح لثقافات العالم..
هناك آثار فظيعة خلفتها الحرب، آثار مادية ونفسية، آثار ضحايا/قتلى، مفقودين ومخطوفين، معتقلين، مهجرين قسراً من ديارهم، ملايين الأطفال بلا مدارس، ملايين السوريين بلا أمل، وهناك شريحة من السوريين التي لا تريد للحرب أن تتوقف، لا تريد للمصالحة أن تحدث، لا تريد للأسدية/وبكل ما تحمله وتمثله من فساد وقمع وتبعية للخارج أن تسقط، ولا تريد هذه الشريحة للجماعات الإرهابية أن تنتهي، لكن غالبية الشعب السوري متضررة من استمرار الحرب، من بقاء الأسدية، من ظهور الجهادية..
هناك قضايا لا يمكن تجاهلها أو القفز فوقها تحت أية حجج كانت، ومهمة المرحلة الانتقالية وضع الأسس التي يمكن عليها لاحقاً، بل يجب البناء عليها، لا يمكن الاستمرار بمصالحة وطنية والبدء بمرحلة انتقالية تؤسس لدولة القانون والتعددية والعلمانية الديمقراطية، دون وضع جدول زمني دقيق وتحت إشراف دولي إلزامي، يتضمن كل المسائل الرئيسية غير القابلة للتأجيل والمماطلة، وفي مقدمتها تحديد مصير بشار الأسد وكبار مساعديه، ومن غير المنطق والأخلاق ألا يتم إقصاء الأسد وكبار مساعديه وإعادة هيكلة أجهزة الأمن بشكل جذري، بحيث تتحول لأداء مهمتها الوطنية المتعلقة بأمن الوطن وليس قمع المواطنين، ويجب أن يتم ذلك بأسرع وقت ممكن/وهذا يجب تحديده بشهور وليس سنوات، كما أنه من أولويات مهام المرحلة الانتقالية، هو عودة اللاجئين والتعويض عليهم ومساعدتهم مادياً في البدء من جديد، ولا يمكن لمصالحة وطنية حقيقية تؤسس لمجتمع سوري عصري، دون محاسبة كل الذين كان لهم دوراً في هدر الدماء وتدمير البلد، أما الإجراءات الفورية التي لا يمكن تأجيلها أو التراخي في تنفيذها، فهي الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وكشف مصير المفقودين والمخطوفين، وإخراج كل الجماعات المسلحة من غير السوريين من جميع الأراضي السورية، وتكون المهمة الرئيسية الأخيرة للمرحلة الانتقالية، هي إصدار قانون للانتخابات وإجراء الانتخابات بإشراف دولي شفاف، ووضع الأرضية النهائية لحكم لامركزي فيدرالي، يضع نقطة النهاية على حقبة مأساوية كارثية عاشتها سورية منذ ستين عاماً، ويضع نقطة البداية لحقبة عصرية جديدة للعلاقة الطبيعية مع كافة دول المنطقة بلا استثناء، ولابد أن تكون مهمة الحكومات اللاحقة، إعادة النظر بطبيعة العلاقة مع إسرائيل أيضاً، والانتهاء من حالة الميوعة الثورية التي يمارسها النظام منذ نصف قرن وأكثر..
هناك مسألة قادمة قريباً على ما يبدو، وقد تخلق تبايناً حاداً في مقاربتها، وهي ما يتردد عن رغبة روسية لصياغة دستور سوري، وبالتأكيد سيقف النظام وحلفائه وبعض "المعارضة" المتموضعة قريباً من موسكو وكذلك قسم من الإئتلاف وربما أيضاً بعض الجماعات المسلحة والإسلام السياسي إلى جانب الاقتراح الروسي مع بعض التحفظات من البعض، وبغض النظر عن كل ما قيل ويقال من تسويق للفكرة، علينا الاعتراف أن السوريين بكل تموضعاتهم، لا قرار جدي لهم في تقرير مصير سورية، وتبقى الرغبات اليوم أبعد ما تكون عن الواقع، وهذا يعني أن رغبتنا في أن تقوم مجموعة من السوريين المتخصصين المستقلة عن النظام وعن الإئتلاف ولجنة مفاوضاته ومن خلفه الإسلام السياسي/الجهادي، تقوم بصياغة دستور عصري يتجاوب مع متطلبات وحاجات استقرار ونهضة البلد، هذه الرغبة واستناداً لموازين القوى، هي أقرب للخيال من الواقع، يبقى السؤال الصعب، هل محاولة التأثير في صياغة الدستور الذي سيفرضه علينا الآخرون، أفضل أم مقاطعته، رغم أنه سيكون مفروضاً علينا شئنا أم أبينا؟ أي هل المشاركة في تلك الصياغة، سواء مشاركة مباشرة أو غير مباشرة، أفضل لسورية في هذا الظرف، ريثما تصبح سورية ملك السوريين، وعندها سيضعون دستورهم السوري 100% والدائم، أم المقاطعة؟ بالتأكيد كلا الجوابين سيء، لكن أيهما أقل سوءً؟ تبقى مواد الدستور، كأهم وثيقة تحدد كيفية تعامل مؤسسات الدولة مع بعضها ومع المواطن، هي الأساس، وليس نوعية الورق أو مكان الصياغة، رغم أهمية الشكليات. يعني لو أتينا بدستور السويد وسويسرا واليابان وغالبية الدول المتطورة السعيدة شعوبها، ونعمل منهم دستوراً أكثر جودة وفي العاصمة السورية ومن قبل أنقى الحقوقيين السوريين وأكثرهم كفاءة، إن لم يتم تطبيقه بدقة، تصبح قيمته الفعلية مثل أي قانون أسدي أو داعشي..
هناك قضايا جيوسياسية قد تكون عوناً لنا، وليست عبئاً علينا، وهي العلاقة مع أوربا، وإذا أخذنا بعين الاعتبار، أن علاقة أوربا بأمريكا هي علاقة استراتيجية متينة، حتى إن تخللتها بعض التباينات أو التشنجات، وأن الخلافات الجوهرية هي بين روسيا وأمريكا، بل بين روسيا وأوربا، وهي خلافات طويلة وستطول، وبالنسبة لنا، يمكن الاستفادة من تلك الخلافات، يمكن أن تساعد تلك الخلافات إلى رفع مكانة سورية ودورها، ونحن أشد الحاجة للاقتراب من أوربا والاستفادة منها والبناء عليها..
الرغبات لا تكفي لتحديد موقفاً سياسياً، موازين القوى أقوى من الرغبات، والسياسي من يجد تقاطعات بين الهدف أو الرغبة وبين موازين القوى، وأكرر أنه في هذه المرحلة، لا قرار للسوريين في تقرير مصير بلدهم كما يليق، والمنطق أن نبحث عن أقل الخيارات سوءً، أقل الخيارات ضرراً، وأعتقد أنه ومن خلال قراءة موازين القوى وتشرذم القوى السورية نتيجة الأسدية والإسلام السياسي والتدخلالت الإقليمية والدولية، لم يبق من طريق لضمان وجود سورية، إلا الوصاية الدولية، وهي الحل لدفن الحل الإسلامي والحل الأسدي، الوصاية الدولية هي الحل المتبقي للخروج من هذا المستنقع، للدخول إلى العالم. ستدخل سورية من بوابات العالم، كما يدخل المسافرين ضمن بوابات الكشف عن الممنوعات في المطارات، ولن تستطيع الدخول قبل أن تتطهر من وجهي الاستبداء والتخلف والهمجية والعداء للحرية وحقوق الإنسان...
فاضل الخطيب، 10 حزيران، 2018...



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية التي تشبه الغد..
- من كان نظيفاً لا يخشى التفتيش على النظافة
- -تطلع عليها بالسما، لاقاها عالأرض-
- متى يعتذر الدروز من ابن تيمية؟...
- ماذا بعد؟!..
- لا تتحسسوا من حساسيتنا..
- رد على درزي جولاني يتهجم على الدروز تقرباً للأورينت..
- أسلمة الثورة ليست تفاصيل
- كيف نعتب أو تعتبون؟..
- ماذا يبقى في الذاكرة عن الثورة؟:
- مسؤولية -ذميّتنا- عن هزيمة -الأمة-...
- في أزمة الإسلام التي نأكل جميعاً حصرمها...
- في البحث عن كبش فداء!..
- التخلف قتل ثورة الحرية...
- في العتمة كل اللحى مثل بعضها؟!..
- تلك الصلوات لا يكفيها هذا الوضوء من أجل بقايا الثورة السورية ...
- في ظلال الطائفية!...
- حول الفراغ الدرزي:..
- يوسف زعين، أحد القلائل الشرفاء من بعثيي سورية:..
- حول -الهوية الدرزية-...


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل الخطيب - سورية فوق الأسدية والإسلام السياسي