أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغنى - شيزوفرانيا الديمقراطية















المزيد.....

شيزوفرانيا الديمقراطية


إلهامي الميرغنى

الحوار المتمدن-العدد: 423 - 2003 / 3 / 13 - 01:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



قراءة في الحالة المصرية

منذ جاء الرئيس مبارك إلى الحكم ومصر تعيش تحت حالة طوارئ مستمرة على مدى العقود الثلاثة الأخيرة ورغم كثرة الحديث عن الديمقراطية والتى دشنها الرئيس مبارك في بداية حكمه عبر إطلاق المعتقلين السياسيين الذين اعتقلهم السادات في سبتمبر وأعقب ذلك بدعوة جميع القوى الشرعية إلى المؤتمر الاقتصادي ووضع خطة لمستقبل الاقتصاد المصرى .مما جعل القوى السياسية تستبشر خيراً من ذلك ، ولكن جاءت الأحداث في عكس الاتجاه .
وإذا طالعنا التجربة الديمقراطية في مصر خلال الحقبة الماضية نجد الآتى :
ـ يسمح القانون بقيام الأحزاب السياسية وتوجد تعددية حزبية ولكن فعلياً لا يسمح بقيام أى حزب بدون موافقة لجنة تسمى لجنة الأحزاب جميع أعضائها من رجالات الحكومة ، ومنذ قيام هذه اللجنة لم ترخص بقيام أى حزب وجميع الأحزاب التى نشأت في فترة حكم الرئيس مبارك جاءت بأحكام قضائية.
ـ يوجد في مصر أكثر من ستة عشر حزب مرخص بهم بينما القوى الأكثر فاعلية في الشارع السياسى كالإخوان المسلمين والشيوعيين محرومين من الشرعية وغير مرخص لهم بأحزاب.ويصبح الواقع وجود أحزاب عديمة الفاعلية ووجود قوى سياسية فاعلة محرومة من الشرعية وهذا هو جزء من حالة الشيزوفرانيا التى تعيشها الديمقراطية في مصر.أما الأحزاب الشرعية فهى أيضاً مكبلة ومحرومة من النزول للجماهير أو عقد مؤتمرات جماهيرية والمسموح لها هو فقط إصدار الصحف والبقاء داخل مقراتها الحزبية فهذه هى التعددية على الطريقة المصرية .
ـ مسموح لجميع الأحزاب والأفراد بدخول الانتخابات البرلمانية في مصر والدعاية المحدودة لبرامجهم بينما الدعاية المطلقة لمرشحى الحكومة ، وعند التصويت نجد الموتى والمسافرين للخارج ( حوالى 1.5 مليون ) يصوتون لصالح مرشحى الحكومة وتفشل المعارضة في اختراق البرلمان إلا في حالات نادرة لا تتجاوز 10% من مجموع مقاعد البرلمان المصرى الذى تمارس جميع إشكال التزوير والتدخل الحكومى لإنجاح اللصوص وتجار المخدرات والعملة بينما تفشل الرموز الوطنية في الوصول إلى مقاعد البرلمان فهذه هى الديمقراطية المصرية حماها الله ، ولنراجع عدد من أسقطت عنهم عضوية البرلمان لأسباب إدانتهم قضائياً لنعرف من هم نواب الحكومة في مصر.
ـ يوجد عدد كبير من الصحف التى تصدر في مصر ولكن غالبيتها صحافة صفراء وغير جادة وتستخدم كمخدر فيما تنشره من أخبار الفضائح وافتعال الصراعات التى تحاول شغل الناس عن مواجهة همومهم الحقيقية.ورغم توجه الحكومة إلى خصخصة كل شئ إلا أنها لم تطرح مطلقاً خصخصة المؤسسات الصحفية الحكومية والتى تعتبر الأبواق التى تستخدم في تخدير الملايين من المصريين البسطاء وقلب الحقائق وإلباس الحق عباءة الباطل ، أليست الخصخصة مبدأ أصيل عندهم ولكن لأنهم لا يخجلون فقد اقترحوا خصخصة قناة السويس ولكنهم لم يطرحوا خصخصة مؤسساتهم وأبواق دعايتهم ؟!!.
ـ نجح تنظيم الأخوان المسلمين في السيطرة على بعض النقابات المهنية فما كان من الحكومة إلا أنها جمدت نشاط جميع النقابات المهنية وعينت حارس قضائى عليها وحرمت المهنيين من حق التنظيم والذى هو حق أصيل من حقوق الإنسان.ذلك بغض النظر عما يشوب نظام الانتخابات المهنية من عيوب. وتوجد في مصر بعض النقابات لها أكثر من خمسة عشر عاماً لم تجرى بها انتخابات وفى نفس الوقت لم تتحرك جموع الأعضاء لعقد جمعية عمومية أو السؤال عن أسباب تأخر الانتخابات.
ـ رغم سيطرة الحكومة ومنذ عقود مضت على النقابات العمالية واعتمادها على شطب النقابين الشرفاء لصالح النقابيين الصفر إلا أنها عادت في الانتخابات الأخيرة إلى تنويع الأساليب فبجانب الشطب اخترعت شئ أسمه شهادة عضوية في النقابة العامة وهى شكل من إشكال صكوك الغفران التى لا تمنح سوى للعملاء، وفشل كثير من النقابيين الشرفاء في الحصول على هذه الشهادة حتى إغلاق باب الترشيح وبعد ذلك يتبجح البعض بالحديث عن الحريات النقابية أليست هذه هى الشزوفرانيا بعينها.
ـ وقعت الحكومة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتى تعتبر الإضراب والاعتصام والتظاهر السلمي من حقوق التعبير لكافة خلق الله على اختلاف انتمائتهم ولكن جميع القوانين تجرم هذه الحقوق وهناك الآلاف من المصريين الذين تم اعتقالهم لممارسة هذه الحقوق على مدى السنوات الماضية.
ـ رغم كل الأفلام الهندية التى تعرض حالياً عن الخوف على شعب العراق ومحاولة تجنيبه ويلات الحرب والتضامن معه ومظاهرات الاستاد في القاهرة هناك العديد من الشباب الذين تم اعتقالهم بتهمة التظاهر ضد الحرب في العراق مثل أحمد عمر، وتامر هنداوي عبد الحافظ، ومحمود حسن محمد، ومجدي الكردي، وسمير الفولي، ومحمد حسني محمود، ومحمد خليل غطاس، وعبد الجواد أحمد، ومحمد الداخلي، وصبري السمّاك، وبعدهم إبراهيم الصحار والمهندس كمال خليل، وغيرهم هؤلاء جميعاً كانت تهمتهم التضامن مع الشعب العراقى ورفض الحرب .أليست هذه شيزوفرانيا .

 

الطوارئ بالجملة :
ظلت مصر طوال السنوات الماضية تحكم بمجموعة من القوانين الاستثنائية وعلى رأسها قانون الطوارئ الذى يعطى السلطات الحق في اعتقال أى شخص دون توجيه اتهام محدد له واحتجازه بغير حق وبدون عرضه على السلطة القضائية إضافة إلى منع التجمعات والمؤتمرات الشعبية وهو ما يتعارض مع كافة المواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر . ويمكن في ظل الطوارئ منع زفة أى عروسة في مصر بحكم كونه تجمهر أما مواكب القادة والوزراء فهى من قبيل العمل الوطنى الذى يحصل ممارسوه على ساعات عمل إضافية من ميزانية الدولة.
كانت الحكومة في الماضى تتقدم كل عام إلى مجلس الشعب بطلب لمد العمل بقانون الطوارئ لعام آخر ورغم أن المعارضة في المجلس لا تتعدى 10% من الأعضاء الذين عادة ما يعترضوا ويمر القانون بالأغلبية الحكومية.إلا أن الحكومة رأت أن ذلك يسبب صداع سنوى لها وصحف المعارضة تكتب في الموضوع وتفتح عيون الناس على حقائق كثيرة لذلك قررت رفض القطاعى وفرض الأحكام الاستثنائية بالجملة من خلال تجديد العمل بقانون الطوارئ لمدة ثلاث سنوات وبدلاً من الاعتراض السنوى للمعارضة يصبح سنة اعتراض وسنتين عطلة للحكومة ، ثم تأتى انتخابات جديدة وهكذا ...
واللافت للنظر أنه منذ أيام صادق مجلس الشعب على تمديد العمل بقانون الطوارئ لثلاث سنوات جديدة ( شئ طبيعى ومعتاد ) ولكن الجديد هو ما أعقب ذلك من تصريحات حول عزم السلطة الحاكمة إلغاء محاكم أمن الدولة العليا ( احد أشكال القضاء الاستثنائى الذى يطبق على حالات الطوارئ ) وثانياً إلغاء عقوبة الإشغال الشاقة المؤبدة واستبدال كلمة سجن بعبارة ( الأشغال الشاقة المؤقتة )  وأيضا عبارة السجن المؤبد بدلاً من الأشغال الشاقة المؤبدة .( الأهرام 9 مارس 2003) .
قال الأجداد في أمثالهم الشعبية ( أسمع كلامك أصدقك ، أشوف أمورك استعجب ) فمنذ متى هبط الوحى الديمقراطى على الحكم الاستبدادى الذى لم يحكم ليوم واحد بدون قوانين استثنائية ، وما معنى إلغاء محاكم أمن الدولة العليا وهناك العديد من المدنيين تتم محاكمتهم أمام محاكم عسكرية يقدرها رئيس الجمهورية كسلطة مطلقة . وكيف يتماشى ذلك مع فرض الطوارئ بالجملة بدل القطاعى. وهل جاءت هذه التصريحات أو التعديلات بناء على توصيات الحاج كولين بول شيخ مشايخ الطرق الديمقراطية في العالم المعولم أم نتيجة توجهات جديدة لم تظهر بعد . فقد علمتنا التجارب أنه في كثير من الأحيان يأتى التعديل الذى يبدوا ديمقراطياً بقيود لم تكن مستخدمة من قبل فيكون التعديل التشريعى خطوة للخلف وليس للأمام.
بعد ذلك بأيام أخرى أصدر مجلس الشعب تفويض لرئيس الجمهورية بإصدار قرارات لها قوة القانون في شأن التصديق على الاتفاقيات الخاصة بالتسلح واعتماداته وتقرير المستلزمات اللازمة للقوات المسلحة وأيضا صادقت الأغلبية الحكومية على ذلك ، وهو ما دفع الأستاذ خالد محى الدين رئيس حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى للحديث عن تعديل الدستور طالما أن البرلمان يتخلى عن سلطاته.فرغم تزوير الانتخابات ورغم الغالبية الحكومية في البرلمان يتنازل النواب طواعية عن حقهم لرئيس الجمهورية أليست هذه هى أحد مظاهر شيزوفرانيا الحكم والديمقراطية في مصر !!!وهل النواب غير مؤتمنين على معرفة الإنفاق العسكرى ومن أين يأتى وكيف ينفق ألا يتم هذا في جميع دول العالم المحترمة ؟!!ولكن سحب هذه السلطة يتفق مع توجه الرئيس مبارك الذى لم يعين نائب لرئيس الجمهورية حتى الآن باعتبار أننا شعب قاصر وأنه من بين السبعين مليون مصرى لا يوجد شخص يصلح نائب للرئيس !!!!

إن الحريات الديمقراطية كل لا يتجزاء وهى حقوق تنتزع ولا تمنح ، ولقد قدمت الحركة الوطنية المصرية على مدى تاريخها الطويل عشرات الآلاف من المعتقلين دفاعاً عن الديمقراطية وضد كافة أشكال الحكم الاستثنائى . لقد حان الوقت لتتكاتف كل القوى الديمقراطية في مصر من أجل إنهاء حالة الشيزوفرانيا الديمقراطى وقيام ديمقراطية حقيقية والالتزام بتطبيق كافة المعاهدات والمواثيق الديمقراطية التى وقعت عليها مصر وتعديل القوانين بما يتماشى مع هذه الاتفاقيات.
إننا لن ننخدع بتغيير العبارات ونطالب بتغيير حقيقى يوقف كافة أشكال التعسف الاستثنائية والعلاج الجذري للشيزوفرانيا التى يعيشها الحكم في مصر قبل فوات الأوان وقبل أن يرسل لنا بوش ورامسفيلد حاكم ديمقراطى لمصر !!!


إعداد : إلهامي الميرغنى
باحث مصري

 11 مارس 2003



#إلهامي_الميرغنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل الطبقة العاملة في ظل الكوكبة
- تجوع مصر المصونة .. ولا تأكل بالمعونة


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغنى - شيزوفرانيا الديمقراطية