أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فاطمة ناعوت - المصريون














المزيد.....

المصريون


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5894 - 2018 / 6 / 5 - 14:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


سأحكي لكم ثلاثَ حكاياتٍ حقيقيةً حدثت معي، في مصرَ، وخارجها. ولا يَظُنَّن أحدٌ أنني، بحكاياي الثلاث، أودُّ الردَّ على السيدة اللبنانية التي "حاولت" إهانةَ مصرَ والمصريين في ذلك الفيديو الشهير الذي تلفّظتْ فيه بمعجمٍ لا يليقُ بإنسان متحضّر. لا أردُّ عليها؛ ليس فقط لأن مصرَ ليست بحاجة إلى مَن يذود عنها؛ وقد ذادت هي بعراقتها عن الأمم والحضارات، بل لإيماني بأن تلك السيدة لم تُهِن مصرَ، وإن حاولتْ. فلا أحدَ قادرٌ على أن يُهين أحدًا، إلا نفسَه. المرءُ يهينُ نفسَه إن تدَّنى في القول أو الفعل، كما فعلت الأختُ اللبنانية حين أهانت نفسَها وأساءت إلى بلدها بفاحش القول، وكذلك كما يفعلُ بعضُ المصريين، فيسيئون لأنفسهم، وللوطن، للأسف. ولكن الأوطانَ دائمًا أعلى من سلوكات مواطنيها. وهذا يتأكد في الحكايات التالية.
الحكاية الأولى: من المغرب الشقيق. قبل سنوات، كنتُ ضيفةً على إحدى الفضائيات وكان التصوير في ستوديو بمدينة الرباط المغربية. كان الضيفُ المُناظِر لي هو الجهادي التكفيري المغربي الشيخ "محمد الفزازي". وتاريخه معروف، إذ حُكم عليه بالسجن ثلاثين عامًا إثر تفجيرات الدار البيضاء ٢٠٠٣، وبعد سنوات في المحبس، نال عفوًا ملكيًّا من الملك محمد السادس. في خِِضَّم المناظرة التليفزيونية، تطاول الشيخُ المغربي على مصر ولاك شرفَ بنات ثورتنا، واتهمهنّ بالفُحش. ماذا فعلتُ أنا؟ نهضتُ من مقعدي غاضبةً وأعلنتُ بحسمٍ أنني لن أُكملَ الحلقة إلا بعدما يعتذرُ الرجلُ ويسحب تطاوله على مصر والمصريين. وقلتُ بالحرف: “أنا أحترمُ بلادكم (المغرب)، ولن أخوض في شرفه، مثلما تطاول هذا على شرف بلادي.” هنا ضجَّ الجمهورُ المغربي بالتصفيق قائلا: “تحيا مصر.”
الحكايةُ الثانية: من إحدى الدول العربية الشقيقة، التي كنتُ في زيارتها مؤخرًا للمشاركة في معرضها الدولي للكتاب. وحدث أن سُرقَ هاتفي من حقيبتي في وضَح النهار. ماذا فعلتُ؟ كتبتُ مقالا قلتُ فيه إن هاتفي ربّما أحبَّ تلك البلد حتى أنه رفض السفر معي وفضَّل البقاء هناك لإكمال رحلة التنزّه على شواطئها. ثم أثنيتُ على الشعب الشقيق وشكرت الشرطة التي حاولت مساعدتي.
في الحكايتين السابقتين، حدث أن أساء لي، نفرٌ من البلدين. لكنني لم أسبّ شعبَ هذا البلد، أو ذاك، ولم أُسئ للأرض التي بريئةٌ من سلوك ساكنيها. "التعميمُ" جريمةٌ فكرية، والإساءةُ للأوطان جريمةٌ أخلاقية.
وأما الحكاية الثالثة: فحدثتْ على أرض مصر الطيبة. قبل أسبوعين، غافلني النومُ وأنا أقود سيارتي ليلا، بعد عودتي من حفل تكريمي في أحد النوادي الخيرية. صدمتُ سيارةً من جانبها الأيمن. فنزل صاحبُها غاضبًا يرغي ويزبد. وبعدما فحص الرجلُ سيارتَه وتأكد أن مرآته قد تهشمت، جاءني لينال مني. كنتُ أغالبُ النُعاسَ لسهري عدة ليال في مراجعة بروفة كتابي الجديد، وبالكاد أقوى على فتح عيني، وأقاوم ألا يسقط رأسي على عجلة القيادة. بمجرد أن نظر لي الرجل ولمس الإعياء الذي يُدثّرني، لانت ملامحُه الغاضبةُ وبادرني قائلا: “أنت بخير؟" قلتُ له: “نعم. وأنا المخطئة سامحني، وجاهزة بما تطلبه من تعويض.” وللعجب وجدتُ الرجل يعتذر لي عن انفعاله لحظةَ الاصطدام، ثم قال: “المهم أنك بخير. مش مهم العربية. بس باين على الإجهاد وخطر تسوقي. ممكن تركني سيارتك ونوصلك أنا وابنتي لبيتك.”
هكذا المصريون. وقت الخطر وتهديد الحياة، ينسون المصالحَ الشخصية وينتصرون للحياة. لا أُبرّئ شعبي من الأخطاء التي تُشوّه صورتنا كمصريين في عيون الشعوب الأخرى، لكننا في الأخير شعبٌ طيبٌ وكريم ٌيظهر معدنُه النقيُّ وقت المحن. وسوف نعود يومًا قريبًا إلى سالف عهدنا حين كان المخطئُ يجيدُ قول: “أنا آسف!”



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان … شهرُ الأقباط
- رحلة العائلة المقدسة … عيدًا قوميًّا
- البئرُ المقدسة
- لماذا تُدهشنا دولةُ الإمارات؟
- الرقص داخل الأغلال … محاولة للطيران
- السؤالُ أم الإجابة؟
- العالم يُحذّر من كتاب فاطمة ناعوت الجديد
- الرئيسُ والبيسكليت...والعجبُ العجاب
- أنا لِصّة طباشير
- لماذا أكتبُ بالطباشير؟
- 3 دروس صعبة ... في حكاية محمد صلاح
- لماذا يُقبّل البابا أقدامَ الفقراء؟
- صائغُ اللآلئ … عظيمٌ من بلادي
- الأرخميديون
- هاتفي... الذي أحبَّ تونس
- مات نزار العنكبوت ... منذ خمس دقائق
- عاصفة الغبار ... شهادة جماهيرية ل (علي الحجار)
- فيلم هاني رمزي الجديد .. الضحك بطعم المرّ
- هل جدلت السعف بالأمس؟
- أوهامُ الحبّ ... وفنّ الهوى


المزيد.....




- الصحة في غزة ترفع عدد القتلى بالقطاع منذ 7 أكتوبر.. إليكم كم ...
- آخر تحديث بالصور.. وضع دبي وإمارات مجاورة بعد الفيضانات
- قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة ...
- بوريل من اجتماع مجموعة السبع: نحن على حافة حرب إقليمية في ال ...
- الجيش السوداني يرد على أنباء عن احتجاز مصر سفينة متجهة إلى ا ...
- زاخاروفا تتهم الدول الغربية بممارسة الابتزاز النووي
- برلين ترفض مشاركة السفارة الروسية في إحياء ذكرى تحرير سجناء ...
- الخارجية الروسية تعلق على -السيادة الفرنسية- بعد نقل باريس ح ...
- فيديو لمصرفي مصري ينقذ عائلة إماراتية من الغرق والبنك يكرمه ...
- راجمات Uragan الروسية المعدّلة تظهر خلال العملية العسكرية ال ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فاطمة ناعوت - المصريون