أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - السنون عبدالفتاح - في ذكرى الراحل محمد عابد الجابري...حفريات في الخطاب الاسلامي















المزيد.....

في ذكرى الراحل محمد عابد الجابري...حفريات في الخطاب الاسلامي


السنون عبدالفتاح

الحوار المتمدن-العدد: 5892 - 2018 / 6 / 3 - 19:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السنون عبدالفتاح
في ذكرى الراحل محمد عابد الجابري:
حفريات في الخطاب الإسلامي...
لا يغيب على ذهن مهتم بالفكر المعاصر أن محمد عابد الجابري هو أحد المفكرين الكبار الذي ارتبط اسمه بنقد الفكر العربي، ذلك أنه قام على امتداد ما يقرب من ثلاثين مؤلفا من الكشف عن مبادئ وأسس العقل العربي الإسلامي، هذا العقل الذي دخل، منذ مدة مديدة، مرحلة السبات؛ لكن فهم خلفيات هذا السبات أو الانحطاط يتطلب منا إلقاء نظرة فاحصة ناقدة لا نظرة تبجيلية ولا تقديسية للتراث الإسلامي، وخصوصا التراث السني منه. إذن كيف تشكل هذا الخطاب؟ وما طبيعة الآليات والمبادئ المتحكمة في لا شعوره المعرفي؟ أو بمعنى آخر، ما هو المكبوت والمعلن في الخطاب الإسلامي السني من منظور الجابري ؟
لفهم المسألة المطروحة، يتطلب الامر من منظر المفكر العودة الى الأسس التي انبنى عليها هذا العقل. والعقل الذي يستهدف نقده والحفر فيه ليس هو العقل الملكة، أي القدرة الطبيعية (ليس القوة الناطقة) التي تميز الانسان عن الحيوان وتمكنه من التفكير؛ وإنما العقل " السائد"، أي العقل بما هو مجموعة من المبادئ والأفكار والمفاهيم والأسس التي تستمد من طبيعة البنية الثقافية السائدة والتي تساهم في تحديد طبيعة تصور الفرد لذاته وللأشياء والإنسان والمجتمع والعالم. لكن، متى أخذ العقل العربي في التشكل والتبنين؟ وهل يمكن وضع علامة فاصلة على بداية تشكل هذا العقل الذي سيقوم ببناء الخطاب العربي الإسلامي عامة والسني خاصة؟
للإجابة على هذه المسألة يعود الجابري الى نص" الذهبي" الذي يحدد سنة 143 ه كبداية لعصر التدوين، أي كلحظة مفصلية في تشكل الخطاب العربي الإسلامي. هذه اللحظة التي أخذت فيها السلطة الرسمية في تدوين العلوم: الحديث والفقه والتفسير ...لكن ما الداعي الى هذه العملية السياسية ذات المظهر الثقافي؟ يقول الجابري في كتاب : تكوين العقل العربي، أن الدولة العربية بعدما تأسست كمؤسسة وخرجت من النزعة القبلية، و أخذت في التوسع وأضحت تشمل شعوب مختلفة، ظهرت الحركة الحركة "الشعوبية" التي نادت بالمساواة بين جميع أفراد الدولة، لتتحول بعد ذلك الى حركة سياسية مع ظهور الشيعة التي ستجد فيها نواة مناسبة للمقاومة السياسية . الامر الذي سيدفع الشيعة الى تدوين العلوم وتبويبها وتصنيفها، والغرض من ذلك هو بلورة خطاب المستضعفين لمواجهة خطاب السلطة المتجبر، وهذا ما سيجعل هذه الحركة تهاجم الماضي العربي الجاهلي في حين أن الدولة العربية منذ تأسيسها مع ظهور الإسلام وهي تحاول ما أمكنها ذلك طمس هذا التراث الذي سماه الخطاب الإسلامي، بشكل لا يخلو من سخرية واحتقار، الجاهلي. هكذا فإن الفعل الشيعي سيدفع السنة التي هي الناطق باسم السلطة المركزية من القيام برد فعل تجلى في تدوين الثقافة العربية: قديمها الجاهلي وحديثها الإسلامي. وبهذا تم إنتاج خطاب رسمي حول الثقافة العربية الاسلامية، وتم تضمين الخطاب الإسلامي والتراث الجاهلي (كما أراده العنصر العربي لا كما كان في الواقع قبل الرسالة النبوية) ايضا الذي طالما حاول الخلفاء الراشدون والأمويون طمسه وكبت صوته، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، انطلقت عملية تدوين العلوم العربية من نحو ولغة وحديث وتاريخ..وعلى هذه الشاكلة كانت لحظة التدوين، من منظور الراحل، اللحظة المفصلية في تاريخ العقل العربي الذي انطلق الآن في تشكيل ذاته وبنائها، أي انه في هذه اللحظة أخذ الخطاب العربي السني في التشكل بشكل واع وعاقل بل واتخذ طابعا رسميا مسنودا من طرف الدولة العباسية.
ولما كان نص الذهبي، الذي ينطلق منه الجابري، في تناوله لعملية التدوين يستحضر فقط جهود السنة في مكة والبصرة والشام..فإن نصه (الذهبي) هذا يغفل التدوين الشيعي، الذي شكل تدوين السنة مجرد رد فعل عنه، وإغفاله هذا ليس مجرد غفلة أو نسيان عفوي وإنما هو تناسٍ واع ومقصود كما يوضح ذلك قول الجابري:" وإذن فسكوت الذهبي صاحب النص الذي نحن بصدده عن " تدوين العلم وتبويبه" عن الشيعة ليس سكوتا صادرا عن سهو أو عن دافع شخصي، بل هو في الحقيقة سكوت من صاحب السلطة المعرفية والإيديولوجية التي ينتمي إليها صاحب النص" ( تكوين العقل العربي، ص67). مما يعني أن الخطاب السني ليس خطابا عفيفا ولا طاهرا كما يدعي رجال الدين بل أنه متعفن ببراثين السياسة، ذلك أن الخطاب السني يؤدي وظائف ايديولوجية تتجلى في إضفاء المشروعية على الممارسة السياسية (وهذا ما يؤكده أيضا ميكيافيللي في كتابه: الخطب العشر حول تيتوس ليفوس). على ذلك، فعملية التدوين ليست فعلا علميا محضا، كما يدعي البعض، غايته حفظ العلوم وتبويبها وتصنيفها وتطويرها وتأسيسها بقدر ما أنها عملية سياسية، هدفها تحصين الهوية لفائدة الدولة العباسية السنية ومواجهة خطاب الهامش المناوئ للخطاب الرسمي وعلى رأسه الشيعة التي أخذت في تأسيس خطابها مع الفقيه الشيعي جعفر الصادق الذي توفي سنة 148ه.
ولعل أمر سكوت الذهبي لم يتوقف عند حد السكوت على تدوين العلوم عند الشيعة بل وأيضا سكت على تدوين السياسة، هذه الاخيرة التي اضطلع بها عبدالله بن المقفع الذي قام بتعريب الدواوين السياسية الفارسية وحولها لخطاب عربي من أجل خدمة المعارضة السياسية وقضيتها؛ كما أن ابن المقفع ألف كتابا بعنوان:" رسالة الصحابة" الذي دافع فيه عن ضرورة تنظيم الدولة على أساس غير ديني مستندا في ذلك على " الموروث القديم" وخاصة الفارسي( نفسه، ص69).
وهكذا نستطيع تصور خلفية الصراع الاجتماعي والسياسي والإيديولوجي التي كانت وراء عمليات التدوين بمختلف مظاهرها، ذلك أن عصر التدوين لم يعمل إلا على إنتاج خطاب سني يتماهى مع السلطة الحاكمة. ومنه يمكننا القول أن الخطاب العربي الإسلامي السني ما هو في عمقه إلا خطاب الدولة، أنه خطاب السلطة الرسمية، خطاب المركز لا الهامش، المركز الذي يمتلك معيار ومحك الحقيقة. ومنه فإن خطاب السنة هو خطاب الأقوى، السنة ما هي في ماهيتها إلا إيديولوجية الأقوى، وخطابها ليس الخطاب الأقوم ولا الأثقى ولا الأصح بل هو خطاب الأقوى، الماسك بزمام الأمور والذي يحتكر حق تأسيس معايير الصحة والخطأ. وفي هذا تبدو معالم التأثر بالتصور الأركيولوجي الفوكاوي واضحة، من حيث أن الدولة عبر مؤسساتها هي التي "تنتقي وتنظم وتراقب" عملية إنتاج الخطاب، والدولة هنا لم تقم إلا بمراقبة الخطاب من أجل الحد من هامشه الاحتمالي...



#السنون_عبدالفتاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - السنون عبدالفتاح - في ذكرى الراحل محمد عابد الجابري...حفريات في الخطاب الاسلامي