أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فلاح شاكر - شرخ في منتصف القصه دراسة لاسلوب القاص عبد شاكر















المزيد.....

شرخ في منتصف القصه دراسة لاسلوب القاص عبد شاكر


فلاح شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 1496 - 2006 / 3 / 21 - 10:32
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قد أكون من القلائل الذين لايقيمون أعتبارا" للكتابة , وبأي شكل من الاشكال
على أن لايكون هدفه النشر , فتحتفظ به لنفسك أو يقرأه من تشاء من المحيط
الضيق , الذي يربط القلب وأحيانا" العقل .. لذلك قد تجد لديّ الكثير الذي لـم
ينشر , وأحتفظ به لنفسي أقرب ما يكون بوحا" لطبيب نفسـاني منــه لشروط
عمل فني , فيكون من حقي حينئذ أن أقول هذا لي وليس للقارئ العام مادمت
أقدم للناس ضمن العقد المبرم بيني وبين حرفتي , ككاتب مسرحي , مايعتقده
المشاهدون والنقاد , أنه شيئ يستحق الاهتمام . لهذا أنا دائما ضد أن أكتــــب
الهوامــش على مايقــدّم لي على خشبة المسرح , رغم أنـه يصادف أحيانا أن
أهاجم لسبب ما قد يكون – ذائقيا – رغم خطأ الاصطلاح , ولكنه أفضل مـن
الكلمة اللقيطة الجديدة – القديمة ( طائفي ) أو .. أو .. ومطاردة غيـرالمألوف
في الكتابة , ذما أو مدحا شيئ طبيعي , وحين يقول الانسان كلمته على خشبة
المسرح يكون هو الفيصل . لهذا أشعر أن دواعي النقص الى الدفاع أو التوضيح
أو محاولة تحسين مالم يفهم من البعَض .. لهذا لم أرد طوال ربع قرن علـــــى
قادح أو مادح , إلا بمسرحيات جديدة وقول جديد , ولكـن على خشبة المسرح
وليست صفحات الجرائد .. فطوال حياتي لم أكتب سوى مقال واحد في مناسبة
وجدتها ضرورية تحت عنوان ( الحلم الذي لايتسع له العمر ) وهــــو أقتراح
كنت أتمناه , لبناء مدينة مهمة ومأخوذة مـن التضاريس الوصفيـه المكانيـــــه
والحكائيـة , لألـف ليلـة وليلـة , تكون دائمـة العروض والمشاهدين . وأحـــد
المعالم السياحية . وكتبت أحد عشر مسرحية منها .. ولكن .. للأسف .. بقــت
المدينة في الحلم وقدمت بعض المسرحيات على خشبة المسرح .. وبقيــــــت
كاتب المسرح فقط - نعم لدي قصص وقصائد لفلاح شاكر , ولكن قارئهـــا
فلاح شاكر ومن يحب من المحيطين .فأنا إبن المسرح , ولا أريد أن أغادره
الى أية تسمية أخرى.. وسامح الله الاخ أبو هيا , حين نشر بعض ما أكتـــــب
في الحوار المتمدن , تحت تسمية القصيدة دون موافقتي .. المهم في هـــــــذا
التوضيح غير الضروري , أني وجدت بعض الضرورة فـي كتابـة مقالـــــة
ثانية , بعد كل هذا الوقت الطويل والصمت الطويل أيضا .. فأنا منذ التحريـر
الاحتلال , لم أجر أية مقابلة , ولم أصرح بأية كلمة , سوى بتصريح يتيــــم
بمناسبة عرض مسرحية - الف محنة في محنته – التي لم تعرض للآســـف
سوى يوما" واحدا" .. وبجمهور منتخب على الطريقة الامنية الديمقراطيـــة
وربما الحرس يمثل عشرة بالمئة من الجمهور , وهذه ليست رغبة القائميـن
على العمل , ولكنها أحدى المنجزات التي تقدمها الديمقراطيه العراقيــــــــة
للمشاهدين .. خرجت عن الموضوع ولكن الصمت الطويل يجهل الهوامــش
التي كرهتها ولم أتعامل معها تدخل عنوة .ألم أقل منذ البدء أن هذا التوضيح
غير ضروري ..
1_ توضيح ضروري
عرفـت كتابـات عبـد شاكـر منـذ أكثـر مـن عشرين سنـه , وكنت دائما أراه
مشروعا ناقصا لكاتب متجدد , لسببين كنت أوضحهما له بنقد يأخذ شكـــــل
التلطيف والتشجيع .. السبب الاول – أنه يكتب بمشاعر خالصة , أي أنـــــه
يكتب تجربته وهو لازال داخلها , بعبارة أخرى , يكتب بمشاعره وهو لا زال
في دوامتها , وهذا سيقوده طبيعيا الى الابتعاد عن الحرفة التي تتطلب مساحة
من الابتعاد عن التجربة , حتى تتحكم حرفة الكاتب بتدفق المشاعـــر , لان
المشاعر لوحدها لاتخلق القصه . بل فن القصة هو الذي يمنهج المشاعر في
لغة تتفوق على المشاعر ذاتها , لهذا لايمكن للمشاعر الخاصة أن تصبــــح
فنا عاما دون هذه الحرفه . وأن تكتب بأستعارة المشاعر وليس بالمشاعــــر
حتى يتمكن فن القصه من القول , فليس الاحساس المرهف الذي يخلق القصه
وأنما تركيب الاحساس وطريقة قوله , هو الذي يخلق القصة .. والسبـــــب
الثاني .. أنه كان في الغالب من كتاباته , أنه يكتب وفي ذهنــه شخــــص أو
أشخاص معينين لقراءة ما يكتب .. أي أن مرجعية قصته تكون محـــــدودة
بمعرفته لمرجعيته الخاصه الذين يكتب .. وفي ذهنه أنه يريد أن يقرأوا ما يكتبونه
لانه موجه اليهم , بمعنى آخر , كتابته حينذاك برسالة شخصية , تأخذ شكل القصة
أو القصيدة دون أن يحسب حسابا للمرجعية الجمعية , التي هي من أهم أركـــــان
الكتابة الادبية ..لهذا لم يكتمل عنده الكثير . أذ كان ينطفئ بأنطفاء تجربته الخاصة
لانه كما قلت يكتب بمشاعره الصادقة , ولم يتعلم حرفة أستعارة المشاعر .. والذي
أكتمل عنده لم أساعده في نشره , أو لم أسع أو هو لم يطالب بذلك .. في كل هــــذا
بقى – عبد شاكر – مشروعا جميلا مؤجلا .. ولكن العمر يمضي ..

2_الوضوح : بعد الاحتلال بفترة بدأت أجد في بريدي الالكتروني بعض الرسائل
من كتابات من – الحوار المتمدن – أو مجلة الشروق . محالة الي من عبـــــد
شاكر . في البدء أعتقدت أنها مقالات أو قصص أعجبته فأرسلها لكي أقرأها.
ولكني تفاجأت بأن بعضها كتابات قام بنشرها .. خفت وخشيت .. فأنا لم أقرأ
له منذ زمن طويل , ولكن سرعان مازالت بعض الخشية وليست كلها وأنـــا
أتدرج بقراءة ما يكتب وشيئا فشيئا وجدت أنه بعفوية حينا أو بأصرار وقصد
رمى بكل قواعد كتابة فن القصة القصيرة .. وبدأ بحرفة يختط أسلوبا جديدا
قد لا يروق لذائقة الكثيرين الآن .. ولكـــــني أعتقـد , وبعـض الاعتقاد أثــــم
أنه قد آن للقصة القصيرة بأساليبها الكثيرة المتجاورة , أن تجد أسلوبا جديدا
يضاف لها , ولا أبالغ إن قلت إسلوبا جديدا , إن قرأنا القصة , قراءة نقديـــه
جديدة أيضا , وليس بما هو متعارف عليه من أركان وقواعد ,, رغم أيماني
الكامل أن كل عمل أبداعي وأن أتجه نحو مذهب معين .. كل عمل أبداعـــي
هو مذهب قائم بذاته .. قد يخالفني الاحبه النقاد , ولكنها وجهة نظر مسالمـــه
في زمن الحريه الطائفيه – لا أجد ضرورة لهذه العبارة الاخيره , ولكن قلبي
لايطاو عني على حذفها.. وقد بدأت مؤشرات هذا الاسلوب في قصه الجنه ابوابها مشرعه لغير الحفاة .. ووصلت نضجها واتضاح اسلوبه في قصته الاخيره شرخ في منتصف القمر وسأبدأ بتاشير هذه الملامح اولا في ( الجنه ) ثم دراستها بشكل تفصيلي في قصته ( شرخ في منتصف القمر )

3 _الجنة .. تجربة الاسلوب عند القاص عبد شاكر

حين تقرأ ( الجنة .. أبوابها مشرعة لغير الحفاة ) سيتولد لديك مباشرة عند الانتهاء من قراءتها , شعور حقيقي مليئ بالحيره .. ماذا تقرأ , بسؤال آخر : أي جنس أدبي أنتهيت من قراءته توا" ؟ لايمكن أن تكون خاطره , فهي أكبر من ذلك .. كذلك لا يمكن أن تكون قصيده , فالنثر اليومي يرمي بجمله فـــي أجزاء مما قرأت .. كذلك لايمكن أن تكون قصه , فليس فيها البعض أو الكثير من أركان وقواعد – ولا أقول ثوابت – القصه .. كذلك لايمكن أن تكون مجرد تأملات مقاله , فأنك أيضا" لاتجد القوالب المعروفة لهذا النوع .. ماذا قرأنا أذا" وأين تكمن جوانب المتعه .. أثرت في دراستي السابقة المنشورة في ( الشروق ) الى ما وصل اليه عبد شاكر من أسلوب خاص في كتابة القصة القصيره , ولكي تكتمل الصوره , أريد هنا أن أؤشر الى ( جنين ) وتباشير هذا الاسلوب , ولولا أصرار الكاتب وأجتهاده لتطوير أدواته , لأصابتني الحيره التي تصل الى حد اليأس , فأصرخ يا أستاذ , أما أن تكتب قصه أو قصيده أو مقاله وتريحنا جميعا .. ولكني أعتقد هو أيضا كان من الناحية المهنية والسايكلوجيه , كان محاصرا , فلا القصه المعتاده ترضيه , ولا القصيده بأنفتاحها كانت تكفيه , والمقالة كانت تبعثر قلبه في عقلنة لاتشفي غليله , كان يتلمس شيئا خاصا" لم يعرف بعد , وأن ظهرت أمامه بعض ملامحه , وكان يريد لفكره وتوهج مشاعره أسلوبا بقصيده أو دونها يستوعب كل الحيره المشتعله التي هو فيها .. وأعتقد أن نموذج (( الجنة )) يقدم لنا بوضوح كل معاناة الكاتب وصراعه سواء في البحث عن أسلوبه أو القفز عن أي مسمى لجنس أدبي .. فهو يبدو وكأننا سندخل في جو القصه ( تأخذ بيدك الى حيث تستعيد أنسانيتك , تعيش عالمك الذي تمازج فيه الانين والفرح ثنايا الجسد تنخره الزحمه المدججه بالرغبات ) لكنه فجأة يتحول الى مقاله أو منلوج داخلي ( ولا طريق الى الحريه لأن المتاح لايتعدى أن تعيش يومك بأرادتك , تدجن يأسك في مهجع يسمى مأوى وتلوذ بصمتك الابدي الذي يفزع الصمت نفسه ... الخ ) وفجأة تلطمك جملة تعيدك الى القصه التي أعتقدتها في السطرين الأوليين بعد سبعة أسطر ( ولم تعد تلك الغيمة حبلى بحلمك , أنت خيمه .. وتد .. تلاشى كل شيئ ) وفعلا تتلاشى القصه ويبدأ بعده مقطع شعري جميل لو حذفنا الادوات الرابطة وغيرنا الافعال ولكني أتركه كما هو لمخيلة القارئ , أو كما أراد المؤلف ( بأسى مفرط بالاسى , الوهم يتناوب على الحلم , تفرط في الحلم طامع في الخبز , ألا يكفيك الهواء , هناك متسع تتلو أمانيك , العراء هو ملاذك الواسع , عريك لايهم
ان تقضم الحجر تلك هي الفضيلة ) ومن هذه الصور الشعرية ننتقل فجأة الى حالة من التصوف ( أحله مصرح به داخل القصه ) فيكون هنا الوصف والسرد أسلوب القاص , فالمتصوف وحيدا" عاريا" في أماكن الخلوه فالبلهاء تحيط به .. لهذا يكون عند الروابي أو ضفاف النهر , لن يرى أحد ما بداخله فهو متصوف ملتصق ( في بلاط العرش ) وفجأة وبدون منطق الحدوته أو السرد وكأنه مقطع شعري أو عرضي , تمنت مشاعر القاص أن تقوله ( تبقى واجمه تشتعل في خواء الشاطئ أمواج مجهولة تصرخ , تئن بصوت أشبه بمواء قطه أفزعها الجوع ) ولكن ماذا حدث بعد ذلك .. كنا نريد للقصه أو بعض القصيده أن يأخذنا الى مسار يستطيع متابعته .. ولكن القاص بقصديه قاسيه يأخذك الى بيئة هي خليط بين النثر والشعر , ربما لأن الموصوف يتسم بذلك – العرافه – بالتأكيد ما يهم هنا الجو العام للعرافه , وهي تحذره بلغة فيها من الشعر وكأننا نشم البخور في كلماتها وصولا الى نهاية هذه الجنة ( أرجل الغرباء ثقيلة وهي تلامس شفتيك تنادي مريديك ... ؟ ! ) لو تتبعنا جو القصه العام لوجدناه غير متجانس , فالقاص يؤثثه بالشعر حينا وما يشبه التصريح بمقالة حينا آخر , ثم خيوط وليس خيط قصة قصيرة واحدة متناثرة هنا وهناك .. لهذا أعتبر هذه القصة هي الجنين الاكثر وضوحا لنضج أسلوب القاص عبد شاكر في قصصه التالية , حين أشتغل بمهارة على نظام الاحالة الى المرجعيه الجمعيه لكثير من الروايات المكتوبة أو الشفاهية عن المتلقي العام أو الخاص في كتابة شعرية مفتوحة , متعددة القراءات , يطعنها صدمة أو توضيحا في مكان آخر بنثر أو بيئة يومية سائدة للتوفر عنده عناصر قصه غير التي أعتدنا قراءتها

4_ توضيح الشرخ في منتصف القمر – القصه –
منذ البدء نستطيع أن نقسم بسهولة أسلوب الروي , الى هي وهو , وهو أسلوب
متعارف عليه كثيرا في الروايه وقليلا في القصه , ولكن كيفية الروي .. والحدوته
دعونا أولا نبحث عن الحدوته .. أليس من المفروض أن يكون في القصـــــه
قصه , فأذا لم تتوفر , علينا أن نطردها الى جنس آخر , أذا أردنا التبسيـــط
سنقول أن هناك أمرأة كبيرة في السن , غير جميلة ومريضه وفقيرة , تأمـل
أو تتمنى أو تحاول مخادعة نفسها , أن هناك شاب وسيم غني يحبها .. وتأخذها
سيارة الاسعاف ويأتي هو الى وسطها الشعبي ويزورها . تنتهي القصه ....
ولكن أين هي ؟ ومن أين تأتينا المتعة لنقرأها أكثر من مرة ..
- ولكي أكون موضوعيا , أعطيتها لعينة ليست عشوائية بالتأكيد , وكانــــت
الاجابة , أنها قرأتها أكثر من مرة وبمتعة – ولا أريد الانحياز لغير الجمال
فالمجاملة لواحد مثلي تقال شفاها , مثلما تقال في عزاء , أو عرس , ولكــــن
أن تكتب , لتنشر فهذه مسؤولية سأهرب منها حتما , بعد كل هذا العمر مــــن
الصمت – كأني عدت لتوضيح ما هوغير ضروري , ولكن ضميري يأبـــى
أن أحذف ما كتبته - أذن الحدوته أو القصه غائبة أو بالكاد فيها ملامح تصلح
أن تكمل وتكتب قصه .. لكننا نقرأ قصة ونستمتع بها – لماذا ؟ لانها وببساطة
أختزال كبير لمرجعيات في ذهن المتلقي بدءا" . من قصص الاطفال سندريلا
مرورا" بالبعث – لدستوفسكي . وأنتهاءا بعشرات الروايات عن الحب غيـــر
المتكافئ , أو شبه المستحيل أو روايات العطف المختلط بالحب .. كل هــــذه
الأحالات لكاتب مثقف , لقارئ خاص وعام – جاءت بلغة شاعرية توحي ولا
تصّرح , تحيل ولا تحدّد , تداعب المشاعر , ثم تقسو لغة شعرية عالية لا تلبث
أن تهبط بك الى وسط شعبي تعيش معهم بألفة , ولكن لا تلبث أن تنقبض نفسك
من الفقر والمرض , وترتفع بك اللغة مـرّة أخرى بأتجاه الوحدة والعزلة ..ثم..
ربما أفق جديد للخروج من الزنزانة .زنزانة العنوسة , فالرجال أكلتها الحروب
زنازين المرض والجوع واليأس في أزمان الحصار والاحتلال و .. قال القاص
الكثير ولكنه لم يقل شيئا ... أنها نموذج جديد لقصة الاحالات وأنفتــــاح القراءة
لتتعدد وتتدرج المرجعيات عند القارئ .. ولايمكن لقصة أن تفتح بابا جديدا"
مثل هذا , إن لم تتسلح باللغة الشعرية , التي تتآخى بدقة محسوبة مع النثر
اليومي , لكي لا ترتقي بالشعر, فتصبح قصيده , ولاتنخفض بالنثرالمتداول
فتصبح قصة مألوفة , فلو قرأنا مفتتح القصة وهو يصفها بشعرية عذبــــه
لو غيرنا الافعال وقدمنا وأخرنا وحذفنا حروف الجر الضرورية عنده للسرد
لوجدنا أنفسنا أمام قصيدة شعريه مرهفة ..
( لم يكن في حسبانها أنه , يميل اليها , عثرات فــــي مسالك القلب قد توأد
ما في داخلها من لهفة للبوح ( ..... ) تقادم عليها الوهن , أنطفأ بريقهـــــا
تخدعها أحيانا بمكر وخبث ( المرآة ) للاستئثار به ولم تنفع معها كـــــــــل
المحاولات اليائسة , كي تعيد اليها القها , وتواسي لهفتها .. مستلقية فـــوق
نقالة وضعت في عربه , تمتلأ بأجهزة متقدمة , تستخــدم للكشـــــــف عن
صلاحية القوم في مواجهة تلك الاعمدة العملاقة التي تساعد على أرتفـــاع
المأوى .. رغم العراء الذي يعشعش في صندوقها .. ( ..... )
توسلت ( مرآتها ) عند أنتصاف البدر أن تصدقهــا الرؤية , لملمت أدوات
لامعة , قطع من القماش وبتمهل أشبه بالتيه , بدأت تلمعها , من المنتصف ,
بكل الاتجاهات , حتى أضحت البدر توهجا , وبتعال يضفي عليها الوقــار
والحكمة , همست في روحها , أنه يتمطى في رئتيك , يوشك على النفــاذ
صوب القلب , لكن ... لم تكمل حديثها , ترنحت وسقطت متناثرة الـــــــى
أجزاء متوزعة جسدها المترقـــّب , غياب القمر .. ومن خلل شعاع بقاياه
, نهضت متهالكة .... )

وأذا لاحظنا الفوارز التي يضعها المؤلف فكأنه هنا يضع نهاية لمقطـــــع
شعري ليعود ويكمله .... وتستمر القصه بلغتها الشعرية حتى يتحول الـى
القاص الى وهو ) ففجأة تنتقل الحالة من لغة شعرية الى نثر يومي يصف
مشهدا" لحارة شعبية بلغة تكاد تقترب تماما من أسلوب القصه المعتاد .
(( وهو يحوم حول بيوتات مبعثرة في مستنقعات أدمن البعوض .نقيق ضفادعها
متواصلة الصراخ . وصبية حفاة يتقافزون حوله مبهورين بغرابة هندامه ,
تجرأوا في لمسه لاحساسهم أنه لا ينتمي الى عالمهم .. لم تحبط من عزمـــه
على التجوال , تلك المضايقات , بل أخذ يتوقف عند بعض العجائز التــــي
أفترشن الابواب , يشرحن بطون أسماك صغيره برتابة ومهارة , وهـــــــن
يتفحصنه بتوجس ورأفة .. وبتلعثم وتردد , سأل أحدى العجائز , التي بـدت
من نظراتها أنها تود مساعدته , رجاءا" خالتي هـــــــل شاهدت يوم أمس
سيارة أسعاف تدخل هذا الحي )) ..
لاحظ قلة الفوارز في المقطع السابق وطغيان السرد النثري المألوف فــــي
القصه المعتاد .. وحين تدله العجوز على البيت يعود القاص مرة أخــــرى
وبمهارة الى اللغة الشعرية ليرتقي بها وبنا نحــن القــراء الـى مرجعيــــات
ومديات أبعد من أن يغلقها نثر معتاد أو رمز ينحث عنه فلا شيئ متعـــــال
ومفتوح النهايات والقراءات مثل الشعر
(( نافذة بقضبان من قصب , تتصالب فوق حشائش مكتضة بنداوة صبح , تآلف
مع ضبابية الرؤى , دموع متضاربة تسلقت محجريها .. جلست تنظر الـــى
شعاع يقترب اليها , جعلها تفيق من غفوتها ويأسها , ومع تسلق الصبح النهار,
تتسع خيوط الشمس , لتزيد الشعاع بريقا .. أقترب منها وناولها مرآة جديدة
وكيس فيه حذاء جديد )) ..

أعتقد أن هذه القصة تحتاج الى مرآة جديدة وقلم جديد , لكي نقرأها قراءة غير
معتادة وليس مهما أن نكون معها أو ضدها . المهم أن ننظر اليها على أنها محاولـة
جديدة قد تنتهي أو تتكاثر وتشكل علامة . الامر مرهون للقاص والقارئ ..
وللتاريخ ...



#فلاح_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية جسر الى الائمه
- قصيده - مرثية إبن شاكر
- قصيدة - أكلوه صادقين
- قصيده - هو .. لاء
- قصيده - تبغدد في دمي


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فلاح شاكر - شرخ في منتصف القصه دراسة لاسلوب القاص عبد شاكر