أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعرة آمال عواد رضوان، وأنموذج المثقف الباحث عن تأصيل هويته !!















المزيد.....

الشاعرة آمال عواد رضوان، وأنموذج المثقف الباحث عن تأصيل هويته !!


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5891 - 2018 / 6 / 2 - 20:09
المحور: الادب والفن
    


اليوم نتحدث عن نموذج ثقافي تمثل بالشاعرة آمال عواد رضوان، فهي شاعرة مبدعة احتلت مكانة متميزة ومعروفة، لكنها حثت الخطى في طرق الثقافة الاخرى، فمثلت المثقف الذي كرس حالة المواطنة في نفوس شعبه من خلال مساهماتها بتكريس حالة الانتماء للهوية الوطنية العربية، وذلك عن طريق بناء سياجآ أساسه الوعي العالي والروح التواقه للسمو الحضاري والأرتقاء بالنفس العربية، لكي تتعالى على الصغائر وتهاجر كل هفوات النكوص والابتذال والتبعية، وصولا الى المحافظة على الخصوصيات الحضارية المميزة، واليوم اتحدث عن واحدة من قصائدها، التي تجلت فيها روح الانتماء للاخر المتمثل في الحبيب هو الوطن، باعتباره هوية، وكان انتماءها بمثابة روح التصوف والذوبان فيه برومانسية ليس من النوع الهاربة، انما الرومانسية الايروسية الخفيفة، قد تمارس جسدية لامرئية احيانا، رغم انها تحاكي طفلة سكنت في داخلها، والطفولة هي عالم وردي مزخرف بألوان قوس قزح التي تبعث البهجة والسّرور إلى القلب .. عالم سحري خاص يتميّز بنقاوته وجماله ورقّته، عالم مليء بالتّشويق والسّحر والغموض والعفوية المطلقة، عالم البراءة الجميلة .. عالم الإنطلاق بلا قيود وبلا حدود، والطفولة هي العيش لحظة بلحظة دون التفكير بالغد وبعناء المستقبل وما يخبّئه لنا من مفاجآت، وهي أحاسيس صادقة وقلوب بيضاء وأيدي تمتد تعرف العطاء دون مقابل ودون حساب، ثم انها زهرة بيضاء ناصعة تفوح منها رائحة البراءة القويّة، كزهرة الرّبيع تعطي من كل زهرة لون ورائحة منعشة.. اذن عاشت الشاعرة حالة استعادة تقول في قصيدتها (أسْطُورَةُ الْتِيَاعٍ؟)1 :

(طِفْلَةً
تَسَلَّلْتِ فِي بَرَارِي عَتْمَتِي
وعَقارِبُ نَزَقي.. تَنْمُو بَيْن خُطُواتِكِ
تَغْزِلُ بِرُموشِ حُرُوفِكِ حَريرَ وَجْدٍ
مِنْ خُيُوطِ مُبْتَدَاي)

في قصيدتها اعلاه عاشت حالة اختلاط الاصوات، صوت النضج وصوت الطفولة وصوت ثالث مخاطب من قبل الشاعرة والاخير اشارت له بحرف الكاف، حتى عاشت حالة التصوف و(حرير وجد)، فهل تكون تلك الطفلة هي القصيدة المتمردة، التي تنبثق من الذات في لحظتها الشعرية، ثم تتصير الى وعي ادراكي في حفل التتويج، لكن هذا الوعي يشوبه شك فتتوالد الاسئلة في حينها .. تقول الشاعرة :

(قصِيدَةً انْبَثَقْتِ عَلَى اسْتِحْيَاءٍ
تَجَلَّيْتِ.. بِكُوخِ أَحْلَامِي
تَوَّجْتُكِ مَلِكَةً.. عَلَى عَرْشِ جُنُونِي
وَأَنَا التَّائِهُ فِي زَحْمَةِ أَصْدَائِكِ
لَمَّا تَزَلْ تَفْجَؤُني.. ثَوْرَةُ جَمَالِكِ!
*
رَائِحَةُ فُصُولِي.. تَخَلَّدَتْ بِك
بِرَجْعِ أُغْنِيَاتٍ عِذَابٍ.. تَتَرَدَّدُ عِطْرَ عَذَابٍ
زَوْبَعَتْنِي
فِي رِيبَةِ دَمْعَةٍ .. تُوَارِبُهَا شَكْوَى!
إِلاَمَ أظَلُّ أتَهَدَّلُ مُوسِيقًا شَاحِبَةً
عَلَى
سُلَّمِ
مَائِكِ؟)

هذا القلق الذي يكتنف الشاعرة هو محض اسئلة .. إن السؤال عن الماهية بصرف النظر عن هذه الأمور جميعًا يوجه البصر إلى أمر واحد، وهو ذلك الذي يميز الحقيقة من حيث هي حقيقة أم لا. ولكن ألا يتوجه بنا السؤال عن الماهية إلى فراغ التعميم الذى يكتم على أنفاس الفكر؟ أليس من شأن المجازفة بمثل هذا السؤال أن تبين أن الفلسفة كلها هاوية لاتقوم على أي أساس؟، إن من واجبات الفكر الذي يتجه إلى الواقع أن يصرف جهده إلى إقامة الحقيقة الواقعية التي تزودنا اليوم بالمعيار الذي نحتكم إليه والسند الذي نعتمد عليه ليحمينا من اختلاط الآراء والظنون، من هنا قلت ان الشاعرة في خضم القصيدة تعيش لحظات لاوعي، بيد انها تستدرك الامر لاحقا لتعيش حالات الوعي، أي انها تحلق في حالات تجلي، ثم تخضع لموجبات وعي يدرك الواقع ولو جزئيا .. وحتى تُجلي الامر بصورة اوضح، لجأت الى التناص، ومعناه نَصَّ الحديث يَنُصُّه نصّاً : رفَعَه، أي ان الشاعرة حاولت التوضيح بقولها :

(هِيرَا.. أَيَا مَلْجَأَ النِّسَاءِ الْوَالِدَاتِ
لِمْ تُطَارِدِينَ نِسَاءً يَلِدْنَنِي
وَمِئَةُ عُيونِكِ.. تُلاَقِحُ عَيْنِي
وَ.. تُلَاحِقُ ظِلِّيَ الْحَافِي؟)

وهيرا زوجة زيوس وأخته، وربة الزواج، وقد امتازت شخصيتها بكونها ملكية ومهيبة. وكانت في مجمع الآلهة، وفي جبل أوليمبوس بحسب الميثولوجيا الإغريقية .. وهنا اسجل للشاعرة امتلاكها ملكة ثقافية ثرية، تحضر هذه الملكة بحضور الوعي اللاحق بعد اكتمال ميلاد القصيدة .. ومن خلال هذا التجلي يتوضح لنا انتماءها وابراز هويتها من خلال الاخرالذي تكونه وتجسم صورته ذهنيا، (بِقَيْدِيَ الذَّهَبِيِّ/ بَيْنَ نَارِ الأَدِيمِ وَنُورِ السَّدِيمِ/مِنْ مِعْصَمَيْكِ/علقتك نَجْمَةً تَتَبَهْرَجُ أُسْطُورَةَ الْتِيَاعٍ/وعَرَائِسُ الصُّدُورِ النَّاضِجَةِ/تُ ثَ رْ ثِ رُ كِ/جُمُوحَ تَحَدٍّ يُهَدِّدُنِي!)، هذه الانفعالات والثورات اعطت سياقات قوة، لاجازة مشروع القصيدة، كمشروع ثقافي لاثبات الذات اولا، والاحتكاك بالاخر ثانيا .. وتظل الاصوات الثلاثة داخل القصيدة تتبادل الامكنة والرؤى .. تقول الشاعرة :

(ها شَهْوَةُ شَرَائِطِي الطَّاعِنَةُ بِالْعُزْلَةِ
تُزَيِّنُكِ
فَلاَ تَخْتَلُّ إِيقَاعَاتُ أَجْرَاسِكِ النَّرْجِسِيَّة!
*
هَا شَرَارَاتُ يَاسَمِينِكِ تَغْسِلُنِي
بِحَرَائِقِ غُبَارِكِ الْفُسْتُقِيِّ
أَنَا الْمُحَاصَرُ.. بِزئبقِ مَرَايَاكِ
إِلاَمَ تَبْكِينِي نَايُ زِنْزَانَتِي
وَتَظَلُّ تُلَوِّحُنِي.. مَنَادِيلُ الْوَدَاعِ!)


(اعتبرت الفيلسوفة والمفكرة ميليكن أن مبادئ اللغة شبيهة بالوظائف التي تؤدي إلى بقاء الأجناس البيولوجية حية. بكلامٍ آخر، مبادئ اللغة مبادئ بيولوجية تهدف إلى إبقاء التخاطب حياً. ومن هذه المبادئ مبدأ قول الحقيقة في خطابنا الذي يضمن استمرارية التخاطب مع الآخر.على هذا الأساس تقول ميليكن إن بعض الأنواع اللغوية في التعبير تستمر في التداول، لأن إنتاجها ونتائجها تفيد كُلا ً من المتكلم والمتلقي. هذا شبيه بما يحدث للكائن البيولوجي الذي يكتسب الصفات التي تفيده في أن يبقى حياً . وكما أن البشر يكررون التصرفات الناجحة في تحقيق أهدافهم، يحدث تكرار صياغات لغوية معينة، لأنها مفيدة في الوصول الى نجاحاتنا كبشر، هذه الصياغات اللغوية ( كعبارات الشرط مثلا ً ) تشكّل الأعراف اللغوية. فالأعراف اللغوية تنشأ وتنتشر كونها تقدِّم حلولا ً لمشاكل المتخاطبين. من هنا ، نستمر في إنتاج بعض الأشكال اللغوية لأنها تؤدي بالمتلقي إلى أن يستجيب باستجابات مفيدة في تحقيق أهداف المتكلم، لكن لا بد للأعراف اللغوية أن تخدم مصالح المتكلمين والمتلقين معا،ً لكي تستمر و تبقى.)2، هكذا يبدو لي مسار الشاعرة آمال عواد في ابتداع المعنى الباطن في القصيدة، كي تعطي للمتلقي الحق في التأمل في الظواهر وصولا الى المعنى الكامن بين اسطر القصيدة، فالكتابة عند الشاعرة كينونة من خلالها تجعل من الرمز نموذجا للصراع، لاجل توطين المعنى وترسيخه ...



الهوامش :

1 ـ قصيدة (أسْطُورَةُ الْتِيَاعٍ؟) الشاعرة آمال عوّاد رضوان
تاريخ النشر : 2017-04-09

2 ـ مقال (فلسفة المعنى و الحرية) حسن عجمي/موقع مركز النور



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر امير ناصر، مسار شعري وتجربة ..!!
- الشاعرة اسماء الرومي، بين التيه وبين نسبية القيم المتحققة .. ...
- شعر الشكوى ..عند الشاعر عبدالسادة البصري ..!!
- الشاعرة ليلى الزيتوني، بين الحب والشبق العشقي ..!
- الشاعر علي الشيال، يعزف الحان الحياة على سرير بارد !!
- الشاعرة اسماء القاسمي، عندها الشعر هو الجمال المدل على الخلو ...
- الشاعر مصطفى الشيخ، ووعي العلاقة بين الذاتي والموضوعي ..
- الشاعرة مفيدة الوسلاتي، وحالات القلق من اسئلة الوجود ..!!
- الكاتبة فاديا الخشن، وصراعها الجمالي بين الأنا والآخر ..!!
- الشاعرة نرجس الجبلي، والانفعال الذاتي الجمالي ..!
- الشاعرة مسار حميد الناصري، رغم الاوجاع تُسرج حلمها تحت سنبلة ...
- علي الفواز مثل حضورا فاعلا في الواح الغياب
- ليلى القواس في المحكمة الشعرية !!
- وسكتت شهرزاد، لكن الشاعر حبيب السامر لم يسكت !! /ديوان(شهرزا ...
- الكاتبة ذكرى لعيبي، الغياب وصراع البحث عن الذات ..!!
- الشاعرة اسماء صقر القاسمي، بين التراث ومحاكمة الذات ..!
- الشاعرة مها ابولوح، تتبنى الحزن المُبرر ..!
- الشاعرة ساناز داودزاده فر، تصنع حوارا شبه سري مع الاخر ..!!
- الشاعر رافد الجاسم، رومانسية بشكل كلاسيكي ورؤية حديثة ..!!
- الشاعرعبدالعزيز الحيدر ومحاولة ترويض اللاوعي للوعي ..!!


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعرة آمال عواد رضوان، وأنموذج المثقف الباحث عن تأصيل هويته !!