أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحى سيد فرج - العنف الامريكى فى مقابل التخاذل العربى 3 / 1















المزيد.....

العنف الامريكى فى مقابل التخاذل العربى 3 / 1


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 5884 - 2018 / 5 / 26 - 18:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة
يمر العالم الآن بمرحلة من الاضطراب والفوضى بعد أن أصبحت كل مقومات الحياة الاقتصادية والسياسية والعسكرية بلا ضابط ولا رابط، واختلت موازين القوي، وانفلت الفعل ورد الفعل من نطاق المنطق والمعقولية، وانفردت القوة الغاشمة في فرض إرادتها أخذت تنشر الرعب القاتل في ربوع العالم مع التركيز علي منطقة العالم العربي والإسلامي.
وما يهمنا في ذلك سؤال هام. لماذا التركيز في استخدام أقصي درجات العنف في منطقة العالم العربي والإسلامي ؟ فمن المشاهد أن أمريكا تعاملت مع كوريا الشمالية بشكل مختلف ( وهي التي لا تخفي أنها تملك أسلحة نووية بل وتعمل بكل جدية علي تطوير أسلحتها وقوتها النووية ) وتجنبت أمريكا استخدام أساليب العنف في منطقة جنوب شرق أسيا والتي تتميز اغلب بلدانها بمستوي عال من التطور الاقتصادي، والتماسك الاجتماعي، والتحقق الحضاري والثقافي. بينما عملت علي استخدام القوة الغاشمة في أفغانستان، وها هي تعاود نفس الأمر في العراق، كما أطلقت أمريكا العنان لإسرائيل في التنكيل بالشعب والحكومة الفلسطينية.
والسؤال الأكثر أهمية هو: لماذا تخاذل العرب والمسلمون في مواجهة العنف الأمريكي ؟. ومن المنطقي أن الإجابة علي هذه الأسئلة تستوجب التعرف علي أوضاع طرفي المعادلة، العالم العربي والإسلامي كطرف متخاذل، والولايات المتحدة كطرف معتد، وذلك يستوجب تقصي الأسباب والعوامل التي أدت إلي ضعف وهوان العالم العربي والإسلامي من وجهات نظر متعددة باعتبار أن إمكانية الوصول إلي الإجابة قد تقودنا إلي تلمس طريقا للخروج من النفق المظلم.

الظاهرة الأمريكية
من المعروف أن تاريخ الولايات المتحدة بدأ في العقد الثالث من القرن السابع عشر، وفي الدراسة التي نشرها محمود الكردوسي بجريدة الأمة العدد 122 يقدم عرضا موجزا لهذا التاريخ، حيث كانت البداية بضع مئات من المهاجرين المغامرين الإنجليز اقتحموا المحيط الأطلنطي، حيث أقاموا مستعمراتهم الأولي في نيوانجلند، وكانوا من البروتستانت التطهريين، وقد شبهوا أنفسهم بالعبرانييين القدماء الذين فروا من ظلم فرعون إلي أرض الميعاد، وبذلك كانت أمريكا بالنسبة لهم تمثل أورشليم الجديدة، وكانت مرجعيتهم بالطبع هي التوراة، وتحفل أدبيات مرحلة التأسيس بالكثير من القناعات الراسخة التي تنتمي صراحة إلي ما يمكن تسميته الفهم الإنجليزي التطبيقي لفكرة إسرائيل التاريخية، مثل الاعتقاد بأن أمريكا أمة مختارة من قبل الله وأنها لهذا السبب منوطة برسالة سماوية قدر لها بموجبها أن تلعب دور المخلص، وهكذا أعطي الأمريكيون لأنفسهم منذ نشوئهم حق تقرير مصير غيرهم من الأمم والشعوب.
لقد كانت قصة هؤلاء المغامرين بمثابة الأصل الأسطوري لكل التاريخ الأمريكي ومركزيته الأنجلوسكسونية العنصرية، وعقب الاندفاعة الدينية بدءوا يزحفون من الساحل الشرقي إلي الغرب حيث الأراضي الشاسعة والغابات والمعادن، وخلال هذه الاندفاعية ارتكب الأمريكيون سلسلة من المذابح الجماعية الرهيبة ضد السكان الأصليين، استخدموا فبها كافة وسائل الترهيب، بما في ذلك سلخ الرؤوس والأسلحة الجرثومية، واستندوا إلي الإرث الميتافيزيقي حيث كانوا علي قناعة بأن الله فضلهم علي العالمين وأعطاهم تفويضا بقتل الآخر، وهم في ذلك أكثر يهودية من اليهود.
كان السكان الأصليين ـ الذين سماهم الأمريكيين الهنود الحمر ـ أكثر من 400 شعب وأمه وقبيلة، يشكلون حضارة رفيعة المستوي، ولهم ثقافاتهم وأساطيرهم ودياناتهم وأدبهم الشفاهي، فضلا عن إنجازاتهم في مجالات الطب والسياسة وغيرها، لكنهم في نظر البيض الأنجلوسكسونيين البروتستانت، لم يكونوا سوي وثننيون صم عن المشيئة الإلهية، يعيشون وفق قانون الطبيعة، ويشاركون في جوهر فاسد ومناوئون للحضارة، ويسكنون أرض يسودها الشيطان، لذلك ليس من الغرابة أن يصف الرئيس روزوفلت المذابح التي قام بها الجنود الأمريكيون بأنها " كانت عملا أخلاقيا ومفيدا لأن إبادة الأعراق المنحطة حتمية لا مفر منها ".
هذه الجرائم هي العقد الذي ينتظم كل تاريخ أمريكا وسبب وجودها، وتكرار هذه الصورة في كل بقعة غزاها الأمريكيون، ففي أربعينيات القرن التاسع عشر نشر صحفي يدعي جون ل أوسوليفان مقالة بعنوان " التملك الحق " بلور فيها ما وصف بعد ذلك بأنه " امبربالية أمريكا العدوانية " حيث أطلق لأول مرة مصطلح " القدر المتجلي أو المبين " الذي سرعان ما تحول إلي عقدة سياسية مفادها أن العالم كله مجاهل، وأن قدر أمريكا الذي لا ينازعها فيه أحد أن تتملك منه ما تشاء لأن هذا حقها الطبيعي، ومن أبرز تبريرات هذه العقيدة ما يسمي بنظرية الجغرافية الحيوية التي تزعم أن الحيز الجغرافي للدولة المتفوقة كأثر حي ينمو باستمرار وعلي هذا الأساس لا تعترف الولايات المتحدة ـ مثل إسرائيل ـ بحدود جغرافية لها وتلتقي في ذلك مع ألمانيا النازية التي كانت تستند في تقديرها لمجالها الحيوي إلي عقيدة الاختيار الإلهي والتفوق العرقي الذي يحلها من أي التزام أخلاقي أو إنساني تجاه الآخر.
ويربط المؤرخون بين هذا القدر المتجلي، وسعار التوسع الذي أصاب أمريكا، حيث أن قدرها يحتم عليها أن تدافع عن الحضارة وعن طريقة الحياة الأمريكية ضد همجية سكان المجاهل المتوحشين أو الإرهابيين، وفقا لخطاب النظام العالمي الجديد.
ما جري علي السكان الأصليين مازال يجري علي غيرهم من الشعوب، ففي اليابان وفيتنام ارتكب الجنود الأمريكيين جرائم يندي لها الجبين، وفي عام 1991 كانت الطائرات الأمريكية تطلق النار علي طوابير العراقيين المنسحبين من الكويت، وقال أحد الطيارين " لقد تسلينا، كان قتلهم أشبه بصيد السمك من البراميل " كانت الفرقة 77 الجوية قد وزعت كتاب أناشيد تصف ما ستفعله في حرب الخليج، وتنذر العراقي هذا المتوحش القميء، بأن يستعد للإبادة، فيما ينتهي أحد الأناشيد بعبارة " الله يخلق، أما نحن فنحرق الجثث.
أوروبا وأمريكا في النظام العالمي الجديد
في كتابه " الجنة ‏والقوة: أوروبا وأمريكا في العالم الجديد "ـ عرض وتعليق: عاطف الغمري ـ أهرام 14/4/2003 ـ يطرح المؤلف الأمريكي روبرت كاجان مجموعة تساؤلات مثل: لماذا تفجرت الأزمة الآن فجأة بين أوروبا والولايات المتحدة ؟ وهل هي أزمة اختلاف ثقافي ؟. أم أنه النتيجة المؤجلة لانتهاء عصر الحرب الباردة الذي كان فيه الأمن الجماعي، والخطر المشترك، يمتلكان طاقة احتواء أي تناقضات وسترها وراء جبهة الغرب الذي يجمع الجانبين حضاريا وسياسيا ؟
لم تعد أمريكا وأوروبا تشاركان بعضهما البعض في ثقافة استراتيجية مشتركة، وأن من بين الأشياء التي تظهر بشكل واضح الانقسام بينهما، والذي يري البعض انه خلاف فلسفي وفكري حول موقف البشرية من الحد الفاصل بين قانون الغابة وقانون العقل. فالأمريكيون يؤيدون " منطق الجزرة " بنفس الدرجة التي يؤيدون بها " منطق العصا ".أما الأوروبيون فيؤيدون أسلوب العملية التي تأخذ مسارها وتستكمل حلقاتها فقد أضعفت حروب النصف الأول من القرن العشرين أوروبا بشكل كان يصعب إلغاء نتائجها، وهذه التجربة المفجعة دفعت أوروبا لنبذ القوة لمصلحة التئام علاقات القارة الأوروبية بحيث لا يمكن لأي دولة أوربية أن تهدد أي دولة أوروبية أخري، وبرغم بعض التوترات الموروثة التي كانت مصدر المحن التاريخية،والتي استطاعت أوروبا حلها مما وضعها في الموقف ضد الحروب بكل أشكالها، وأصبحت تنظر إلي نفسها علي أنها قد بلغت وضعا متميزا فيتطور العالم يبشر بسلام مستمر ودائم.
وهناك من يري أن الأزمة بين أوروبا وأمريكا مجرد سحابة عابرة في سماء العلاقات سرعان ما تنقشع ويصفو الجو، لأن ما يجمع الجانبين أقوي وأمتن مما يفرقهما. ولكن عندما نشبت أزمة العراق كان هناك موقف أخر، فبرزت حدة الخلافات وزادت من حرارة المرجل الساخن ووصلت به إلي درجة الغليان الذي جعل الغطاء ينزاح ليكشف عن أزمة مكبوتة، وأن الانفجار علي جانبي الأطلنطي كانت عناصره تتجمع منذ انتهاء الحرب الباردة، وزوال الاتحاد السوفيتي، ومنذ أن بدأ يتأكد أن أوروبا الموحدة مرشحة لتكون منافسا للولايات المتحدة أو علي الأقل مشاركا لها علي قمة القوي العظمي في العالم مع بداية القرن إلحادي والعشرين،وأن هذا التحرك الأوروبي في هذا الاتجاه ماض في مساره، إلي أن جاءت مجموعة المحافظون الجدد المعاونة للرئيس بوش لتحتل المواقع المؤثرة والمحركة للسياسة الأمريكية، وما بدأ يظهر لديها من توجهات تعترض هذا المسار الأوروبي ورفضه وذلك ببلورة موقف رسمي، وإعلان استراتيجية الأمن القومي الجديدة للولايات المتحدة، والتي كان في صدارتها مبدأ عدم السماح بظهور قوي منافسة للولايات المتحدة في العالم.



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعي إلى الرخاء .. كيف تنطلق الاقتصادات النامية 4 / 4
- السعي إلى الرخاء .. كيف تنطلق الاقتصادات النامية 3 / 4
- السعي إلى الرخاء .. كيف تنطلق الاقتصادات النامية 2 / 4
- السعي إلى الرخاء .. كيف تنطلق الاقتصادات النامية 4 /1
- تطور اللغة المصرية فى العصر المسيحى إلى - اللغة القبطية -
- محمود طاهر لاشين -رائد القصة القصيرة- تناساه النقاد وتغافلت ...
- التخازل العربى فى مواجهة العنف الامريكى
- عرض الكتاب الحائز على أفضل أصدار فى عام 2017 -تشريح الهزيمة- ...
- عرض الكتاب الحائز على أفضل أصدار فى عام 2017 -تشريح الهزيمة- ...
- محمود طاهر لاشين رائد القصة القصيره المنسى 2/2
- محمود طاهر لاشين : رائد القصة القصيرة المنسى 1/2
- هل تقديس التراث سبب تخلف المسلمون ؟
- الحداثة والتحديث الناقص
- فى ذكرى الغزو العثمانى لمصر
- معوقات تحقيق العدالة الإنتقالية
- 500عاما على الغزو العثمانى لمصر
- مستقبل العقل
- عرض كتابان عن النمو الاقتصادى
- التقاليد العثمانية فى دولة الخلافة
- اسرانا حتى لا ننسى


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحى سيد فرج - العنف الامريكى فى مقابل التخاذل العربى 3 / 1