أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل علوان التميمي - اهم اشكاليات الدولة العراقية لمرحلة ما بعد نفاذ دستور 2005















المزيد.....



اهم اشكاليات الدولة العراقية لمرحلة ما بعد نفاذ دستور 2005


اسماعيل علوان التميمي

الحوار المتمدن-العدد: 5882 - 2018 / 5 / 24 - 15:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1 . المقدمة:
منذ نفاذ دستور جمهورية العراق لعام 2005 الى اليوم ظهرت الكثير من الاشكاليات المهة وربما الخطيرة في ادارة الدولة العراقية . حاولنا جهدنا ان نتناول اهمها . ولم نتناول الفترة المحصورة بين تاريخ تغيير النظام السياسي السابق في 9/4/ 2003 لغاية نفاذ دستور 2005 كونها تحتاج الى بحث اوبحوث خاصة بها . حيث تم التركيز على المرحلة اللاحقة لنفاذ دستور 2005 وهي فترة تمتد الى 12 سنة وهي فترة كافية لفحص دستور 2005 ومدى صلاحيته لتنظيم سلطات الدولة المختلفة وقدرته على تسيير مرافق الدولة وانكشاف اغلب عيوبه من خلال فترة تطبيقه المشار اليها بسبب سوء التوزيع الدستوري للسلطة والثروة وظهور اشكاليات في السلطة القضائية بما فيها مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية العليا واستشراء ظاهرتي المحاصصة والفساد، ترافق كل ذلك بتدني كبير وخطير في مستوى اداء الطبقة السياسية القابضة على السلطة وانشغالها في التدافع على غنائم الدولة الريعية بدلا عن تدافعها ةتنافسها في خدمة المواطن . ادى الى تعطيل وتبديد الكثير من الامكانات كالموارد البشرية والثروات الطبيعية ولا سيما النفطية الهائلة للانطلاق في نهضة كبرى لنقل البلاد الى مكانة افضل تليق بها وبتاريخها ومواردها البشرية وتعويضها عن فترات الحرمان السابقة التي عاشها المواطن العراقي في سنوات الحروب والحصار الدولي للعراق الاشد قسوة في التاريخ والتي امتدت منذ العام 1980 والى اليوم . لقد حاولنا جهدنا توصيف هذه الاشكاليات ووضع افضل الحلول التي نراها كافية وممكنة ووافعية لمعالجة هذه الشاكل دستوريا وقانونيا واداريا وحتى سياسيا .


2. مشكلة البحث:
تتمثل مشكلة البحث في الاتي
اولا-اشكالية توزيع السلطة والثروة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم والمحافظات .
ثانيا- اشكالية السلطة القضائية
ثالثا-اشكالية المحاصصة والفساد الاداري والمالي

3. هدف البحث:
يهدف البحث إلى محاولة التوصل إلى رؤية لحلول علمية، وموضوعية ودستورية لمشكلة البحث
4. أهمية البحث:
تستمد الدراسة أهميتها من الخلافات الحاصلة حاليا بين الحكومة الاتحادية من جهة، والإقليم من جهة آخري، حول موضوع توزيع السلطة والثروة بين الطرفين واستشراء ظاهرتي المحاصصة والفساد في مؤسسات الدولة ك إضافة إلى خلو المكتبة العراقية من دراسات علمية سابقة حول هذا الموضوع. تبعا لذلك، نأمل إن نملأ جزءا من هذا الفراغ، ونسهم في رفد المعنيين بهذا الموضوع بما نتوصل إليه من استنتاجات وتوصيات قد تكون مفيدة لاي جهد سياسي وطني لحل المشاكل السياسية التي تعصف في البلاد .
5. فرضية البحث:
تفترض الدراسة إن مشكلة البحث تحظى باهمية استثنائية على الصعيد الوطني والاقليي والدولي مما يقتضي وضع حلول دستورية وقانونية وعلمية وعملية ووواقعية قابلة للتطبيق وباقل كلفة

6. إبعاد البحث:
أولا. البعد المكاني للبحث:
تشتمل منطقة البحث جمهورية العراق بإقليمه ومحافظاته كافة كون البحث يتناول مشاكل دستورية وقانونية وادارية ذات ابعاد سياسية وطنية على مستوى الدولة العراقية باسرها .
ثانيا. البعد الزماني للبحث:
يتناول البحث بشكل رئيسي مشاكل البلاد الرئيسية الدستورية والقانونية اعتبارا من تاريخ نفاذ دستور 2005. ولغاية كتابة هذا البحث
7. منهج البحث:
اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي من خلال عرض المشكلة وتوصيفها وايجاد الحلول الممكنة لها


8-هيكلية البحث: خطة الدراسة:
تم تقسيم دراستنا إلى فصلين خصصنا الفصل الاول لاشكالية توزيع السلطة والثروة في دستور 2005 كما خصصنا الفصل الثاني لاشكاليات السلطة القضائية والمحاصصة والفساد .







المحتويات
الفصل الاول :اشكالية توزيع السلطة والثروة
المبحث الاول: اشكالية توزيع السلطة
المبحث الثاني:اشكالية توزيع الثروة
الفصل الثاني: اشكاليات السلطة القضائية والمحاصصة والفساد

المبحث الاول: اشكالية القضاء العادي والقضاء الدستوري
المبحث الثاني: اشكاليتا المحاصصة والفساد






الفصل الاول
اشكالية توزيع السلطة والثروة

لتغطية موضوع اشكالية توزيع السلطة والثروة في دستور 2005 فقد قسمناه الى مبحثين حصصنا المبحث الاول الى موضوع اشكالية توزيع السلطة وخصصنا المبحث الثاني الى اشكالية توزيع الثروة .

المبحث الاول
اشكالية توزيع السلطة




اعتمد دستور 2005 النظام الاتحادي ( الفيدرالي) البرلماني كنظام سياسي للدولة العراقي ، لذا يقتضي ان نوضح بداية مفهوم النظام الفيدرالي واسلوب نشأته . ثم سنتناول اسلوب توزيع الاختصاصات ( السلطة ) الذي اعتمده دستور 2005 ثم سنتناول موضوع توزيع السلطة في ثلاثة مطالب .
اولاً: مفهوم النظام الفيدرالي
هناك مصطلحان يجري تداولهما في تعريف الفيدرالية وهما : (federalism) ويعني الفيدرالية (federation) ويعني الاتحاد الفيدرالي. ويرى البعض أنهما ينصرفان إلى المعنى نفسه. في حين أنهما في الواقع ينطويان على اختلاف كبير فالفيدرالية (federalism) تنصرف إلى الجانب الفلسفي والايدلوجي. ويراد بها المذهب او المبدأ الفيدرالي. بينما ينصرف الاتحاد الفيدرالي (federation) إلى التنظيم المؤسساتي (Institutional Arrangement). ويقصد بها إقامة وانشاء النظام الفيدرالي .
فالدولة الاتحادية هي مجموعة من الدويلات او الولايات التي تخضع في بعض الأمور لسلطة موحدة. وتستقل في أمور آخرى فتخضع لسلطتها الخاصة. وهي على عكس الدولة الموحدة التي تتعدد فيها الأجهزة الإدارية، و تتعدد فيها السلطات والأجهزة الحاكمة. ويجري في الدولة الموحدة تقاسم الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية والهيئات المحلية. بينما يكون الأمر على خلافه في الدولة الفيدرالية. حيث يتم تقاسم السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية فيها بين الحكومة الاتحادية والولايات المكونة لها . ويقوم النظام الاتحادي على أساس توزيع سلطات الحكم على مستويين مستوى حكومي في العاصمة الاتحادية ويسمى الحكومة الاتحادية، ومستوى حكومي في الإقليم يسمى بالحكومة المحلية .

ثانياً:نشأة النظام الفيدرالي
يراعي الاتحاد الفيدرالي التوفيق بين نزعتين الأولى نزعة التوحد والرغبة في الانضمام إلى دولة وأحدة قوية. وهذا ما يدفع الأقاليم إلى التخلي عن سيادتها الخارجية. والثانية نزعة الإستقلال والحفاظ على الخصوصية. وهذا ما يدفع بالأقاليم او الولايات إلى التمسك بجزء من سيادتها الداخلية .
يمكن ان ينشأ الاتحاد الفيدرالي بأحدى الطريقتين الآتيتين :
- الطريقة الأولى: تفكك دولة موحدة بسيطة إلى عدد من الدول، مع رغبتها في الإرتباط معا في شكل إتحاد فيدرالي وذلك نتيجة لعوامل مختلفة منها : تعدد الأمم والقوميات في تلك الدولة ومن أمثلة ذلك : الاتحاد السوفيتي السابق، والمكسيك، والارجنتين، والبرازيل .
- الطريقة الثانية: وهي الحالة الغالبة، وبها ينشأ الاتحاد المركزي نتيجة انضمام عدة دول مستقلة إلى بعضها البعض لتصدر دستورا وأحدا. وتنشأ بذلك دولة جديدة تحل محل الدول الأطراف في المجتمع الدولي. ومثال ذلك نشأة الاتحاد الفيدرالي في أمريكا، وكندا، واستراليا وغيرها . وينتهي الاتحاد الفيدرالي بالأساليب العامة التي تنتهي بها الدول كزوال ركن من أركأنها، او ان ينتهي هذا الاتحاد بأحدى هاتين الوسيلتين :
1. تحول الدولة الاتحادية إلى دولة موحدة بسيطة. بحيث تصبح فيها الدويلات مجرد أقسام او وحدات إدارية بعد ان كانت وحدات سياسية متميزة. وهذه هي الوسيلة الطبيعية والغالبة في انقضاء الدول الاتحادية إتحادا مركزيا. ومثال ذلك ليبيا في العهد الملكي قبل عام 1969م
2. انفصال الولايات كل عن بعضها وتحولها إلى دول بسيطة مستقلة كل منها عن الأخرى، وهو الامر الذي تحقق في الصر الحديث حيث تحلل الاتحاد السوفيتي عام 1991 الى خمس عشر دولة ،بعضها اخذ صورة الدولة البسيطة الموحدة مثل جمهوريات استونيا واوكرانيا وارمينيا واوزبكستان ، وبعضها الاخر استمر في صورة الدولة الاتحادية مثل جمهورية روسيا الاتحادية، كما تكررذات الامر بصدد الاتحاد اليوغسلافي الذي تفكك الى دول بسيطة مثل كرواتيا ومقدونيا ودول اخرى اتحادية مثل البوسنة والهرسك وصربيا الكبرى التي تضم ثلاثة اقاليم في صورة اتحاد فيدرالي تحت نفس المسمى القديم وهو يوغسلافيا الاتحادية


ينفرد دستور 2005 عن بقية الدساتير الفيدرالية والبرلمانية أنه تضمن ثلاثة أنواع من الإختصاصات النوع الأول هو الإختصاصات الحصرية وما تبقى للأقاليم والتي افرد لها المادة (110). والنوع الثاني هو الإختصاصات المشتركة حيث أفرد لها المادة (114). أما النوع الثالث الذي انفرد به الدستور فهو إختصاص غير مسمى وهو المتعلق بالاثار والنفط والغاز، لذا تناولنا في هذا المطلب خصصنا المطلب الأول لأثر نشأة الدولة الفيدرالية في العراق على توزيع الاختصاصات في دستور 2005 . وفي المطلب الثاني ناقشنا اسلوب الإختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية. وفي المطلب الثالث تناولنا اسلوب الاختصاصات المشتركة (المختلط) وفي

المطلب الاول
أثر نشأة الدولة الفيدرالية في العراق على توزيع الإختصاصات في دستور 2005
للأسلوب الذي تنشأ به الدولة الفيدرالية أثرا كبيرا على توزيع الإختصاصات بين السلطات الاتحادية والأقاليم المكونة لها ،كما اسلفنا ، فالدولة الفيدرالية التي تنشأ نتيجة تفكك دولة بسيطة إلى مجموعة أقاليم تحرص عادة على منح إختصاصات واسعة للحكومة الاتحادية، اوسع من تلك الممنوحة للأقاليم. أما الدولة الفيدرالية التي تنشأ من دول تنازلت عن سيادتها الخارجية والبعض من سيادتها الداخلية، فأنها تحرص على منح إختصاصات واسعة للأقاليم باعتبارها كانت دولاً ومن الصعب حرمأنها من إختصاصات واسعة كانت تتمتع بها
بالنسبة إلى تـأثير هذا العامل على توزيع الإختصاصات في الدستور العراقي، فهناك رايان الأول يرى ان العراق كان قبل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية عبارة عن دولة بسيطة، وكان يفترض ان تستأثر السلطات الاتحادية بإختصاصات واسعة ولا تأخذ بطريقة تحديد السلطات الاتحادية على سبيل الحصر. لان هذا الأسلوب من شأنه ان يوسع بمرور الزمن إختصاصات الأقاليم على حساب السلطات الاتحادية. الا ان دستور 2005 أخذ بهذا الأسلوب وبالتالي فأنه خالف في ذلك قاعدة معروفة تؤخذ عادة بنظر الاعتبار عند توزيع إختصاص.
أما الرأي الثاني فأنه يرى ان الدولة العراقية قبل قانون إدارة الدولة العراقية لم تكن دولة بسيطة. حيث ان إقليم كردستان كان من الناحية القانونية يتمتع بالحكم الذاتي ولديه هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية، تتمتع بإختصاصات حددها قانون الحكم الذاتي لسنة 1970.فمنذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) عام 1991 وحتى 30 تموز (يوليو) 2004 حيث اعترف قانون إدارة الدولة العراقية بحكم ذاتي لإقليم كردستان. لم يكن إقليم كردستان طيلة هذه الفترة يخضع للحكومة المركزية في بغداد. وعليه كان من الصعب إقناع الاكراد بالموافقة على إضعاف قبضتهم على شؤونهم الخاصة. مما يعني ان الحاجة تدعو إلى البحث عن شكل من إشكال الحلول الفيدرالية لإعادة توحيد الدولة العراقية التي كانت منقسمة من الناحية الواقعية.وعليه فان العراق قبل قانون إدارة الدولة العراقية، وبالتالي قبل وضع دستور 2005 لم يكن دولة بسيطة. وان العراق كان منقسماً من الناحية الواقعية، وعليه جاء اختيار الدولة الفيدرالية العراقية بتجميع قسمين من جديد، ولهذا السبب من الصعب إدراج نشوء الدولة الفيدرالية العراقية ضمن الطريقة الثانية - التفكك - إذ لا يمكن تجاهل هذا الواقع في نشوء الدولة العراقية الفيدرالية.
يتضح مما تقدم ان لكل راي حججه التي بررت رايه. فان حجة الرأي الأول بان العراق كان دولة بسيطة وتفككت يستند إلى الوضع الدستوري السابق للعراق. ويرى ان عدم خضوع الإقليم لسلطة الدولة في بغداد لا يعني تفكيك الدولة العراقية، لان هذا الوضع مهما طالت فترته يبقى وضعا استثنائيا ومؤقتا لا يمكن التأسيس عليه لنفي حقيقة دستورية وقانونية وهي ان العراق كان لغاية صدور قانون إدارة الدولة العراقية هو دولة بسيطة. أما الرأي الثاني فان حجته تستند إلى الواقع الفعلي، حيث ان الإقليم وطيلة اثنتي عشرة سنة لم يكن يخضع للحكومة المركزية. وكان يدير شؤونه بنفسه مستقلا عنها. فان هذا الواقع لا يمكن تجاهله عندما تبحث عن حلول لشكل النظام السياسي الذي يقبل به الاكراد بعد ان تمتعوا باستقلال فعلي عن الحكومة المركزية لفترة تجاوزت عقداً من الزمن.
عندما ندقق هذين الرأيين نرى بان الحجة التي يستند عليها الرأي الأول تقوم على حقيقة قانونية دستورية وهي ان العراق كان من الناحية القانونية الدستورية دولة بسيطة. أما الحجة التي يستند عليها الرأي الثاني فأنها تقوم على حقيقة واقعية هي ان إقليم كردستان لم يكن خاضعا لسلطة الدولة العراقية في بغداد طيلة فترة امتدت لأكثر من عقد من الزمان كما اوضحنا فيما تقدم . لذا نرى أنه لا ينبغي تجاهل اي من هاتين الحقيقتين عند توزيع الإختصاصات بين المستويين في الدستور، وكان على واضعي الدستور ان يأخذوا هاتين الحقيقتين معا نصب أعينهم عندما وزعوا الإختصاصات بين السلطات الاتحادية والأقاليم. فلا يتوسعوا في إختصاصات الأقاليم على حساب الدولة الفيدرالية في العراق بحجة ان الإقليم كان مستقلا من الناحية الواقعية عن المركز. ولا يتوسعوا في إختصاصات الدولة الاتحادية على حساب الأقاليم بحجة ان الدولة كانت بسيطة ولابد من مراعاة إختصاصات السلطات الاتحادية. وعليه كان على واضعي الدستور ان يهتدوا إلى حل وسط عند توزيعهم للإختصاصات. الا اننا نجد الدستور قد توسع كثيرا في إختصاصات الأقاليم على حساب الدولة الاتحادية. مما فاق حتى إختصاصات الولايات في دستور الولايات المتحدة الأمريكية التي نشأت من إتحاد دول كانت مستقلة من الناحية الدستورية والواقعية معا وليس كما هو حال العراق الذي اشرنا إليه انفا.

المطلب الثاني

الإختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية
نظم الباب الرابع من الدستور إختصاصات السلطات الاتحادية في سبع مواد تبدأ من المادة 109 إلى المادة 115. فقد أسندت المادة 109 إلى السلطات الاتحادية مسؤولية المحافظة على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي. ونرى ان المشرع قد أفرد لها مادة خاصة بها، ولم يوردها ضمن الإختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية في المادة 110 من الدستور. وذلك للأهمية الوطنية الكبرى التي تتمتع بها هذه المادة، التي تمنع تقسيم العراق وانفصال اي جزء منه. وبالتالي تسمح للسلطات الاتحادية في منع ذلك وبالوسائل التي تراها مناسبة.
كما عدد الدستور الإختصاصات الحصرية الأخرى للسلطات الاتحادية على سبيل الحصر . وهي الاختصاصات التي تتعلق بالسياسة الخارجية، والأمن الوطني، والشؤون المالية والأمور الخاصة بالمقاييس، والمكاييل، وأمور الجنسية، والترددات البيثية، والموازنة العامة، ومصادر المياه، والإحصاء والتعداد السكاني.
ولتسليط الضوء على أهم الإختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية في دستور 2005 تناولنا الإختصاصات المتعلقة بالشؤون الخارجية، والإختصاصات المتعلقة بالدفاع، والإختصاصات المتعلقة بالشؤون المالية. مع إجراء مقارنة مع الأحكام المتعلقة في هذه الشؤون في بعض الدساتير الفيدرالية.
اولاً. من المعروف ان دويلات الاتحاد الفيدرالي تفقد سيادتها الخارجية لصالح دولة الاتحاد ، ومفاد ذلك عدم جواز ابرام تلك الولايات معاهدات دولية ،وأهم ميزة تتجلى من خلالها وحدة الدولة الفيدرالية على الصعيد الخارجي هي أنه لا توجد في هذه الدولة إلا شخصية دولية واحدة . فلها وحدها الحق بتبادل التمثيل الدبلوماسي مع الدول، وحضور المؤتمرات الدولية، والمشاركة في الهيئات الدولية، وكافة الانشطة والفعاليات الدولية. وهذا هو الأصل او القاعدة العامة في الدولة الفيدرالية. الا ان هذه القاعدة ترد عليها استثناءات. حيث نجد بعض الدساتير الاتحادية منحت الولايات بعض الإختصاصات في الشؤون الخارجية، او أنها قيدت السلطة الاتحادية بقيد عدم المساس بمركز الولايات، كما هو حال دستور الإمارات العربية المتحدة. حيث ان الأصل في إبرام المعاهدات هو من اختصاصات الحكومة الاتحادية وحدها، بموجب الفقرة 1 من المادة 120 التي نصت على انفراد الاتحاد بالتشريع والتنفيذ في الشؤون الخارجية. الا ان هذا الحق يرد عليه قيد لصالح الإمارات الأعضاء. حيث اوجبت المادة 124 من الدستور على السلطات الاتحادية المختصة استطلاع راي الامارة مسبقا، قبل إبرام اي معاهدة او إتفاقية دولية يمكن ان تمس المركز الخاص لأحدى الإمارات الأعضاء. وعند الخلاف يعرض الأمر على المحكمة الاتحادية للبت به.
كما سمح الدستور الإماراتي للإمارات الأعضاء عقد الإتفاقيات ذات الطبيعة الإدارية المحلية مع الدول والاقطار المجاورة، بما لا يتعارض مع مصالح الاتحاد، ولا مع القوانين الاتحادية .
كما أجاز الدستور الإماراتي للأمارات الإحتفاظ بعضويتها في منظمة الاوبك ومنظمة الدول العربية المصدرة للنفط اوابك او الانضمام إليهما .
أما الدستور الأمريكي فأنه حظر على الولاية ان تدخل في اية معاهدة، او ان تدخل في اي حلف او إتحاد. كما حظر على اية ولاية دون موافقة الكونغرس ان تعقد اي إتفاق او ميثاق مع ولاية آخرى او دولة أجنبية .
أما دستور 2005 فأنه خص السلطات الاتحادية بالقيام بالشؤون الخارجية الآتية :
أ. رسم السياسة الخارجية لجمهورية العراق.
ب. التمثيل الدبلوماسي.
جـ. التفاوض بشأن المعاهدات والإتفاقيات الدولية.
د. رسم سياسات الإقتراض والتوقيع عليها وإبرامها.
هـ. السياسة الإقتصادية والتجارية الخارجية.
بيد اننا نجد الدستور قد عاد في المادة( 121)رابعا وثلم هذا الإختصاص عندما أجاز للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم تأسيس مكاتب للأقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية . حيث ان إسناد إختصاصات خارجية دبلوماسية للأقاليم والمحافظات يتعارض مع الإختصاص الحصري للسلطات الاتحادية في الشؤون الخارجية الوارد في المادة 110 من الدستور. وعليه فان هذا النص غريب على الدساتير الفيدرالية. لأنه يخرج على أصل ثابت في النظام الفيدرالي وهو ان الدولة الفيدرالية تنفرد لوحدها في التمثيل الدبلوماسي. ولم نجد نصا مماثلا لهذا النص في الدساتير الفيدرالية التي راجعناها أثناء بحثنا، بما فيها الدستور الأمريكي والإماراتي اللذان يعدان من أكثر الدساتير الفيدرالية توسعا في إختصاصات الوحدات المكونة لها.
ثانيا. الإختصاصات المتعلقة بالدفاع
اوكل دستور 2005 إلى السلطات الاتحادية جميع الإختصاصات المتعلقة بالدفاع وهي :
أ. ان تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي .
ب. وضع سياسة الأمن القومي وتنفيذها.
جـ. انشاء القوات المسلحة وإدارتها لتأمين حماية وضمان امن حدود العراق والدفاع عنه.
د. سلطة إعلان الحرب وايقافها وسلطة إعلان حالة الطوارئ .
ع. يكون رئيس مجلس الوزراء الاتحادي القائد العام للقوات المسلحة .
هـ. محاربة الارهاب بجميع أشكاله والعمل على حماية أراضيه من ان تكون مقرا او ممرا او ساحة لنشاطه .
كما وضع الدستور عدة قيود على تكوين القوات المسلحة وعلى أفرادها .
1. تتكون القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز او إقصاء.
2. خضوع القوات المسلحة العراقية إلى القيادة المدنية.
3. لا تكون أداة لقمع الشعب العراقي.
4. لا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة.
5. منع الدستور تكوين مليشيات خارج إطار القوات المسلحة.
6. منع الدستور أفراد القوات المسلحة من الترشح للانتخابات لإشغال مراكز سياسية او القيام بحملات انتخابية لصالح مرشحين فيها، دون ان يشمل ذلك حقهم في التصويت.
7. يتم تعيين رئيس أركان الجيش ومعاونيه ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق ورئيس جهاز المخابرات بموافقة مجلس النواب باقتراح من مجلس الوزراء.
هذا هو التنظيم الدستوري لموضوع الأمن الوطني والقوات المسلحة. حيث أدخله الدستور ضمن الإختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية. الا ان الدستور عاد في الفقرة خامسا من المادة 121 وثلم هذا الإختصاص الحصري الجوهري ذا الأهمية البالغة، عندما أجاز لحكومة الإقليم انشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي كالشرطة والأمن وحرس الإقليم دون ان ينص صراحة على شكل العلاقة التي تربط القوات المسلحة في الإقليم بالقوات المسلحة الاتحادية.
ان هذا النص الذي جاءت به الفقرة خامسا من المادة 121 نص غريب فعلا على الدساتير الفيدرالية، التي تتمسك عادة بجيشها الاتحادي الذي يمثل وحدة الدولة الفيدرالية وقوتها ومنعتها وسيادتها. ولا يمكن ان نتصور ان هناك قوات مسلحة في ولاية فيدرالية او إقليم لا ترتبط بالقوات المسلحة الاتحادية باي شكل من أشكال العلاقة. لاننا في هذه الحالة - حالة انعدام العلاقة بين الجيش الاتحادي وجيش الإقليم - سنكون أمام جيشين لدولتين مستقلتين عن بعضهما.
ويقف هذا النص وراء المشاكل العديدة والمتكررة والتي كادت في بعض الحالات ان تصل إلى درجة الصدام العسكري بين القوات الاتحادية وقوات الإقليم. حيث منعت قوات الإقليم دخول القوات المسلحة الاتحادية إلى مناطق الإقليم. كما أنها اعترضت مرارا ومنعت أحيانا تواجد هذه القوات فيما أطلق عليه مصطلح (المناطق المتنازع عليها).
أما في دستور الولايات المتحدة الأمريكية، فان الدستور الأمريكي أسند إلى السلطات الاتحادية الإختصاصات الآتية :
1. أسند إلى للكونغرس سلطة إعلان الحرب وفوض الحكومة بالرد على اي اعتداء او الاستيلاء على السفن والبضائع. وله وضع قوانين تتعلق بالاستيلاء على غنائم البر والبحر.
2. أسند لكونغرس سلطة انشاء الجيوش وتأمين نفقاتها على الا تزيد مدة الإعتمادات لهذا الغرض على سنتين.
3. انشاء قوة بحرية والتكفل بها.
4. للكونغرس سلطة وضع قوانين لإدارة وتنظيم القوات البرية والبحرية.
5. للكونغرس سلطة وضع أحكام دعوة المليشيا إلى تنفيذ قوانين الحكومة الاتحادية وقمع التمرد وقمع الغزو.
6. للكونغرس سلطة تشريع الأحكام التي تضمن تنظيم وتسليح وتدريب المليشيا وإدارة أقسامها التي تعمل لخدمة الولايات المتحدة، مع احتفاظ كل ولاية بحق تعيين ضباط المليشيا وفقا للتشريع الذي يضعه الكونغرس.
كما حظر الدستور على الولايات، دون موافقة الكونغرس، ان تفرض اية رسوم على حمولة السفن او ان تحتفظ بقوات عسكرية او بسفن حربية في زمن السلم، او ان تدخل في اي إتفاق او ميثاق مع ولاية آخرى او دولة أجنبية، او ان تدخل في حرب الا إذا تم الإعتداء عليها فعليا، او إذا كان هناك خطر داهم لا يتحمل التأخير .
7. اناط الدستور إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مهمة القائد الاعلى للجيش ولبحرية الولايات المتحدة الأمريكية ولمليشيات مختلف الولايات عندما تدعى إلى الخدمة الفعلية لدى الولايات المتحدة .

ثالثاً. الإختصاصات المالية :
اوكل الدستور العراقي لسنة 2005 في المادة 110 منه إلى السلطات الاتحادية الإختصاصات المالية الحصرية الآتية :
1. رسم السياسة المالية والكمركية.
2. إصدار العملة.
3. تنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق.
4. وضع الميزانية العامة للدولة.
5. رسم السياسة النقدية وانشاء البنك المركزي وإدارته.
6. تنظيم أمور المقاييس والمكاييل والاوزان.
الا اننا نجد الدستور عاد وثلم هذا الإختصاص الحصري عندما أدخل إدارة الكمارك ضمن الإختصاصات المشتركة في الفقرة اولا من المادة (114). وبذلك آخرج إدارة الكمارك من الإختصاص الحصري المنصوص عليه في الفقرة ثالثا من المادة 110. كما يؤخذ على دستور 2005 عند توزيعه للإختصاصات المالية أنه لم يساير سلفه قانون إدارة الدولة العراقية، الذي أدخل إدارة الثروات الطبيعية للعراق ضمن الإختصاص الحصرية للحكومة العراقية. وألزمها بالتشاور مع الأقاليم والمحافظات. لكنه أبقي القرار النهائي بيد الحكومة العراقية الاتحادية كون إختصاصها في هذا المجال هو إختصاصات حصري. لان التشاور ينصرف إلى الإستشارة ولا ينصرف إلى المشاركة. وكما هو معلوم فان مصطلح الثروات الطبيعية ينصرف إلى الثروات الطبيعية بأنواعها كافة، بما فيها ثروة النفط والغاز. بينما نجد ان دستور2005 قد سكت تماما عن الثروات الطبيعية الأخرى. وهذا يعني أنه وفقا للمادة (115) فان التصرف في هذه الثروات يؤول إلى الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم وفقا لنص المادة (115)، التي اوكلت إلى الأقاليم والمحافظات كل ما لم ينص عليه في الإختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية. ويرى البعض ان توزيع الإختصاصات المالية ولا سيما المتعلقة بالنفط والغازفي دستور 2005 سيكون سببا لوقوع الكثير من المنازعات بين الحكومة الاتحادية من جهة والأقاليم والمحافظات من جهة آخرى. ويخشى بعضهم ان هذا الموضوع ربما سيكون أحد الاسباب الرئيسية لتهديد وحدة العراق .
أما في الولايات المتحدة فان الدستور الأمريكي خص الحكومة الأمريكية بسلطة فرض الضرائب وجبايتها، وفرض الرسوم والعوائد والمكوس وذلك من اجل دفع الديون وتوفير إمكانيات الدفاع المشترك والصالح العام للولايات المتحدة. واوجب الدستور ان تكون جميع الرسوم والعوائد والمكوس موحدة في جميع انحاء الولايات المتحدة. وكذلك منح الدستور حق الإقتراض لحساب الولايات المتحدة وتنظيم الشؤون التجارية مع الدول الأجنبية، وكذلك بينها وبين مختلف ولايات الدولة، ومع قبائل الهنود وكذلك سلطة سك وطبع النقود، وكذلك سلطة وضع الأحكام التي تضبط معاقبة من يقوم بتزوير السندات المالية لحكومة الولايات المتحدة وعملتها .

المطلب الثالث
الاختصاصات المشتركة (المختلطة)

حدد الدستور العراقي لسنة 2005 ثلاثة إختصاصات مشتركة بين السلطات الاتحادية والأقاليم فقط، وأربعة إختصاصات مشتركة بين السلطات الاتحادية من جهة والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم من جهة آخرى.
اولاً. الإختصاصات المشتركة بين السلطات الاتحادية والأقاليم
1. تنظيم مصادر الطاقة الكهربائية الرئيسية وتوزيعها.
2. رسم سياسات التنمية والتخطيط العام.
3. رسم سياسة الموارد المائية الداخلية وتنظيمها بما يضمن توزيعا عادلا لها.
ثانيا. الإختصاصات المشتركة بين السلطات الاتحادية من جهة وبين الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم من جهة آخرى.
1. إدارة الكمارك بالتنسيق مع حكومات الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
2. رسم السياسة البيئية لضمان حماية البيئة من التلوث والمحافظة على نظافتها بالتعاون مع الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
3. رسم السياسة الصحية العامة بالتعاون مع الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
4. رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة بالتشاور مع الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
وعند امعان النظر بالاختصاصات المشتركة التي اوردها دستور جمهورية العراق في المادة (114) يلاحظ ما يلي:-
اولا-ان جميع الشؤون التي اوردها الدستور ضمن الاختصاصات المشتركة لا تتعلق باقليم او محافظة بعينها وانما تتعلق بكافة الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم ،لذا كان يفترض ان تدخل ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية .
ثانيا- ان المادة (115) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005على خلاف ما سارت عليه النظم الفيدرالية حيث رجحت قانون الاقليم والمحافظة على القانون الاتحادي في حالة التعارض بينهما في الاختصاصات المشتركة ، بمعنى ان هذه الاختصاصات تكون في النهاية من اختصاص الاقليم والمحافظة متى تمسك كل منهما بقانونه .

يتضح مما تقدم ان الدستور قد خلط إلى حد بعيد بين مفهومي اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية. لا بل نجده قد خلط حتى مع بعض مظاهر الدولة الكونفدرالية. فنجد المحافظة تظهر بمظهر اللامركزية الإدارية تارة وتظهر بمظهر اللامركزية السياسية تارة آخرى حيث نجد أنها تظهر بمظهر الإقليم عندما منحها الدستور أغلب إختصاصات الإقليم بما فيها تلك المتعلقة بالنفط والغاز ، كما نجد أنها تظهر بمظهر الدولة الكونفدرالية عندما تتفوق تشريعاتها على التشريعات الاتحادية في الإختصاصات غير الحصرية وكذلك عندما يجيز لها الدستور ان تفتح مكاتب لها في السفارات والبعثات الدبلوماسية كما يمكن القول ان هناك إختصاصا قضائيا للمحافظات أشارت له الفقرة ثامنا ب من المادة 93 من الدستورعندما أسندت إلى المحكمة الاتحادية العليا إختصاصات الفصل في تنازع الإختصاصات فيما بين الهيئات القضائية للأقاليم او المحافظات غير المنتظمة في إقليم مما يعني ان هناك ثمة إختصاص قضائي للمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
صفوة القول:
ان الإختصاصات المشتركة التي وردت في المادة (114) تتعلق بالمصالح العامة العليا لعموم الدولة الاتحادية. ولا تتعلق بإقليم معين او محافظة معينة . وعليه كان ينبغي اصلا ادراجها ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية او ضمن الاختصاصات المشتركة على ان يرجح القانون الاتحادي على قانون الاقليم والمحافظة غير المنتظمة في اقليم عند التعارض بينهما. لان ترجيح قانون الإقليم والمحافظة على القانون الاتحادي في حالة التعارض بينهما يعني ترجيح مصلحة الجزء على الكل في موضوع يتعلق بالكل ولا يقتصر على الجزء وهذا مخالف لاسس النظام الفيدرالي وللمنطق السليم.








الفصل الثاني
توزيع الثروة في دستور 2005
على عكس اغلب دساتير العالم الفيدرالية اقتصرعائداتها بحدود 905 من ايرادات الموازنة العامة الاتحادية دستور 2005 على توزيع الثروة النفطية دون الثروات الطبيعية الاخرى. لذا سيقتصر بحثنا على التنظيم الدستوري لهذه الثروة التي تشكل اكثر من90% من ايرادات الموزنة العامة الاتحادية واكثر من ثلاثة ارباع الناتج المحلي .
قسمنا هذا الفصل الى مبحثين خصصنا المبحث الاول لملكية النفط والغاز في دستور 2005 وخصصنا المبحث الثاني لادارة النفط والغاز في دستور 2005 وخصصنا المبحث الثالث لتقويم التوزيع الدستوري للثروة

المبحث الاول
ملكية النفط والغاز في دستور 2005

نصت المادة (111) من دستور 2005التي عالجت ملكية النفط والغاز في العراق على ان : ((النفط والغازهما ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات.)) ان هذا النص ينسجم مع اتجاه القانون الدولي العام، الذي يعد الثروات الطبيعية ملك الشعوب، وليست ملك الحكام العارضين، وان الدولة ما هي الا اداة للإدارة والتوزيع والتطوير. وهذا ما أكدته قرارات منظمة الأمم المتحدة، ومنها قرارها المرقم 1803 في 14/12/1962تحت عنوان (السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية)، الذي أكد وجوب احترام حق الشعوب والأمم في السيادة الدائمة على ثرواتها ومواردها الطبيعية وفقا لمصلحة تنميتها القومية ورفاه شعب الدولة المعنية، كما أكد القرار على مراعاة حسن النية في امتثال الدول للإتفاقيات المتعلقة بالاستثمار الاجنبي بشأن الموارد الطبيعية. ومنذ ذلك الحين تؤكد المواثيق والعهود والإتفاقات الدولية على حق الشعوب في سعيها وراء تحقيق أهدافها الخاصة وذلك من خلال التصرف الحر في ثرواتها ومواردها الطبيعية، ولا يجوز، في اي حال من الاحوال، حرمان اي شعب من أسباب عيشه الخاصة ورفاهيته.

وعلى الرغم من الوضوح الظاهر في نص المادة (111) الا ان الفقه انقسم بشأنه إلى فريقين:

الفريق الأول: ان ملكية النفظ والغاز بموجب دستور 2005 هي ملكية كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات.ذلك ان المادة (111) قضت بان ملكية النفط والغاز هي ملكية كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات، وهي ملكية مشاعة لكل الشعب ، ولا تقبل التجزئة وهي أشبه بالمال الموقوف ينتفع بريعه وبعائداته في حيث يبقى الأصل ثابتا لا يجوز التصرف به وان النص جاء مطلقا ولم يقيد هذه الملكية باي قيد. بمعنى ان هذا النص يخاطب المواطن العراقي بصرف النظر عن الإقليم والمحافظة التي يقطن فيها، و بصرف النظر عن قوميته او طائفته ، بمعنى ان حصة كل شريك فيها مشتتة وغير منضبطة او متركزة في موقع جغرافي ما. فالنفط والغاز في البصرة هو ملك لكل شعب العراق، كما ان النفط والغاز في إقليم كردستان هو ملك لكل شعب العراق، وهذا يعني ان البصرة وكردستان تمتلكان حصة شائعة في نفط العراق كله من البصرة جنوبا إلى كردستان شمالا والعكس صحيح. اي من كردستان شمالا ولغاية البصرة جنوبا. كما يعني ايضا ان محافظة السماوة، وهي محافظة غير منتجة للنفط، لها حصة شائعة في كل برميل نفط ينتج في في ارض العراق سواء أكان في البصرة او في كردستان او في العمارة او ذي قار. لذا فان هذه الملكية المشاعة لا تتيح لاي إقليم او لاي محافظة غير منتظمة في إقليم ان تستقل، او تستبد بعائدات النفط والغاز الكائن في نطاقها الجغرافي.
.ويرى انصار هذا الفريق ان الجهة المختصة بالتصرف بملكية الشعب لثروة النفط والغاز باعتباره وكيلا عن المالك (الشعب) هي السلطة التشريعية الاتحادية التممثلة بمجلس النواب الاتحادي بأعتبارها تمثل جميع العراقيين بأقاليمهم ومحافظاتهم كافة التي تختص بسن التشريعات التي تنظم موضوع النفط والغاز ومن ثم تتولى الحكومة الاتحادية تنفيذ هذه التشريعات . فالنفط والغاز يعدّان من الدومين الخاص . ويراد به كل الأموال المنقولة والعقارية المملوكة للدولة، او اشخاص القانون العام الأخرى والتي لا تخصص مباشرة للنفع العام، والتي يشترط فيها شرطان: اولهما ان تكون مملوكة للدولة، او لأحد أشخاص القانون العام الأخرى، وثانيهما الا تكون مخصصة للمنفعة العامة بالفعل او بمقتضى القانون ، ويصنف النفط والغاز على أنه من قبيل (الدومين الاستخراجي)، ويشمل كل ما يتم استخراجه من باطن الأرض من معادن كالذهب والفحم والنفط ، وعليه فان ملكية النفط والغاز تعود للدولة بإقليمها ومحافظاتها كافة، ولا يختص بها إقليم او محافظة بعينها ، الا أنه يمكن توزيع عائداته بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محددة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد ، فالعدالة في توزيع عائدات النفط والغاز هي ديدن آلية تقاسم عائدات النفط والغاز بين الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، ولكن (العدالة) مصطلح غامض يختلف من شخص إلى آخر، وهو بحاجة إلى ضابط يحكمه. وهذا الضابط هو ضابط قانوني جسدته المادة (106) من الدستور التي قضت بتاسيس هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية، تضم خبراء من الحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات، وتضطلع بمسؤولية التحقق من عدالة توزيع المنح والمساعدات والقروض الدولية، بموجب استحقاق الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم. وكذلك التحقق من الاستخدام الامثل للموارد المالية الاتحادية واقتسامها وضمان الشفافية والعدالة عند تخصيص الأموال لحكومات الأقاليم او المحافظات غير المنتظمة في إقليم، على ان ينظم ذلك بقانون، الا ان هذا القانون لم يصدر رغم أهميته الكبيرة في تأطيرالعلاقة بين الحكومة الاتحادية والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
ولكن رغم إتفاق انصار هذا الرأي على ان ملكية النفط والغاز هي ملكية كل الشعب العراقي بكل أقاليمه ومحافظاته وبكل أطيافه الا أنهم وجهوا بعض الانتقادات حول هذا النص يمكن اجمالها بما يلي:
أ‌. ان حق الملكية هو حق عيني أصلي لابد ان ينصرف إلى شخص قانوني طبيعي او معنوي، وبما ان الشعب العراقي لا يتمتع بالشخصية المعنوية، عليه فان اسناد حق ملكية النفط والغاز اليه يعد مجازا. فالملكية الحقيقية تكون للدولة باعتبارها شخصا معنويا حسب أحكام المادة (47) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951. كما قضت المادة(1048)من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951على انه( الملك التام من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفا مطلقا فيما يملكه عينا ومنفعة واستغلالا فينتفع بالعين المملوكة وبغلتها وثمارها ونتاجها ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة)
ب‌. ان النص أغفل وتجاهل مصير بقية الثروات المعدنية التي تزخر بها أرض العراق، كالحديد والكبريت والنحاس والزئبق. وكان من المفروض ان يكون النص كما يلي (النفط والغاز والثروات المعدنية كافة ملك للشعب العراقي) .
ت‌. ورد في نص المادة عبارة (النفط والغاز هو ملك......) و (هو) في اللغة العربية اسم اشارة للمفرد المذكر اي بمعنى ان الغاز ملك الشعب فقط، لان ما بعد (هو) لا ينصرف الا للغاز. وان كان من الواضح ان ذلك وقع سهوا، ولكن كان على لجنة تعديل الدستور ان تلاحظ ذلك وتصححه ، قائلة:(النفط والغاز هما ملك...).
ث‌. ورد في نهاية نص المادة 111 عبارة (في كل الأقاليم والمحافظات) وهذه العبارة زائدة لا موجب لها وكان ينبغي الاستغناء عنها والصحيح ان تقول (في الأقاليم والمحافظات كلها).

ثانيا. الرأي الثاني: يتفق راي هذا الفريق مع راي الفريق الأول بان ملكية النفط والغاز هي ملكية كل الشعب العراقي الا أنه يصنف هذه الملكية على صنفين هما: ملكية الحقول الحالية وملكية الحقول المستقبلية. فهو يتفق مع راي الفريق الأول بشأن الحقول الحالية ويختلف معه بشأن الحقول المستقبلية. حيث يرى ان ملكية الحقول المستقبلية تختلف عن ملكية الحقول الحالية من حيث طريقة توزيع عائدات هذه الحقول حيث لا تنطبق عليها الأحكام الواردة في الفقرة اولا من المادة 112لان أحكام هذه الفقرة تنصرف فقط إلى الحقول الحالية دون الحقول المستقبلية ويرى ان حصة الإقليم والمحافظة يجب ان يجري تحديدها بالإتفاق مع الحكومة الاتحادية دون التقيد بأحكام الفقرة اولا من المادة 112. بمعنى ان تخصص حصة معينة للإقليم المنتج او المحافظة المنتجة دون التقيد بأحكام الفقرة الأولى من المادة 112.


ونحن بدورنا نرجح الرأي الأول للأسباب الآتية:
اولا: ان النص الذي جاءت به المادة(111) كان واضحًا وقاطع الدلالة بان النفط والغاز ملك الشعب العراقي. وقد سبق القول: ان المركز القانوني لهذه الثروات (النفط والغاز) هي أموال شائعة بمعنى ان حصة كل شريك فيها هي مشتتة وغير متركزة في إقليم معين او محافظة معينة. فالنفط والغاز في البصرة هو ملك لكل شعب العراق. كما ان النفط والغاز في إقليم كردستان هو ملك لكل شعب العراق بمعنى ان كل اقاليم العراق ومحافظاته تمتلك حصة شائعة في نفط العراق كله من البصرة جنوبا إلى كردستان شمالا. وتمتاز هذه الملكية بأنها مشاعة وهي أشبه بالمال الموقوف ينتفع بريعه وعائداته في حين يبقى الأصل ثابتا دون التصرف به ولا تجيز لاي إقليم او لاي محافظة غير منتظمة في إقليم ان تستقل او تستبد بعائدات النفط والغاز الكائن ضمن حدودها الإدارية.
ثانيا: ان الإقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي تشكل العائدات النفطية أكثر من 90% من الموازنة العامة الاتحادية، لذلك لا يمكن تصور ان تكون ملكية هذه الثروة للأقاليم والمحافظات المنتجة له دون غيرها، لا سيما وان عدد المحافظات المنتجة للنفط والغاز لا تتجاوز ثلث عدد المحافظات غير المنتجة له، وان حرمان المحافظات غير المنتجة من الايرادات النفطية سيؤدي إلى خلق مشاكل حقيقية اقتصادية وسياسية واجتماعية تشكل تهديدا حقيقا لوحدة العراق.
ثالثا: ان هذه الثروة كانت تاريخيا لجميع المواطنين في العراق منذ اول ظهور للنفط العراقي في السوق العالمية في الثالث من آب عام 1934 عندما وصلت الشحنة الأولى من النفط العراقي إلى ميناء طرابلس ومنه إلى ميناء لاهارف في فرنسا لغاية الوقت الحاضر. اي لم تكن هذه الثروة في الأصل تعود إلى إقليم اوإمارة او ولاية اندمجت مع دولة قائمة او مجموعة دول لتشكيل دولة فيدرالية وبذلك تكون مطالبها بالإحتفاظ بملكية ثروتها مشروعة لضمان حقوق مواطنيها كما هو الحال في الإمارات العربية المتحدة مثلا، بل على العكس في حالة العراق فان إقليم كردستان كان يستلم حصته من ايرادات النفط المتحققة بموجب مذكرة التفاهم الخاصة بالنفط مقابل الغذاء مع أنه كان لا يخضع من الناحية الفعلية للسلطة المركزية في بغداد.













المبحث الثاني
ادارة النفط والغاز في دستور 2005


عالجت المادة (112) في فقرتيها الأولى والثانية موضوع إدارة النفط والغاز في العراق وكانت هذه المادة ومازالت وستبقى من أكثر مواد الدستور التي أثارت جدلا محتدما لن ينتهي الا بتعديلها وإزالة الغموض الذي لازمها.
نصت الفقرة اولا من المادة (112) على ان:(تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة على ان توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محدودة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد وينظم ذلك بقانون) كما نصت الفقرة ثانيا من المادة (112) ايضا على ان (تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم المنتجة معا برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار).
لقد انقسم الفقه بشأن هذه المادة بفقرتيها اولا وثانيا الى فريقين فريق يرى ان الحكومة الاتحادية تقوم بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة فقط، وحسب مفهوم المخالفة فان هذه الفقرة لا تشمل الحقول الجديدة التي تكتشف بعد نفاذ الدستور. وبالتالي يكون استثمارالحقول الجديدة من إختصاصات الأقاليم والمحافظات ، وفريق

يرى ان النفط وإدارته سواء في الحقول الحالية او الجديدة هي من إختصاصات الحكومة الاتحادية ولها ان تتشاور بشأن إدارته مع حكومات الأقاليم والمحافظات.
ولغرض تسليط الضوء على هذا الموضوع سنستعرض آراء وحجج الفريقين وكما يلي:
اولا. راي الفريق الأول:
يرى هذا الفريق بما ان ملكية النفط والغاز هي ملكية كل الشعب العراقي فان السلطة التشريعية الاتحادية هي المسؤولة عن رسم السياسات المتعلقة بالنفط والغاز واصدارالتشريعات اللازمة لإدارة النفط والغاز وان الجهة المسؤولة عن تنفيذ هذه السياسات والتشريعات هي الحكومة الاتحادية بالتعاون والتنسيق مع الأقاليم والمحافظات. ويقوم هذا الرأي على أساس ان ملكية النفط هي ملكية كل الشعب العراقي في كل أقاليمه ومحافظاته، وان سلطات اي إقليم او اي محافظة لا تمثل إرادة كل العراقيين، وان السلطة التي تمثل الشعب العراقي بأسره هي فقط من تملك حق استثمار النفط والغاز نيابة عن الشعب العراقي. ويرى هذا الفريق ايضا ان القيود الواردة في الفقرة اولا من المادة (112) لا تقتصر على الحقول الحالية وانما تنصرف إلى الحقول المستقبلية كذلك.

ثانيا. راي الفريق الثاني:
ويرى هذا الفريق ان الفقرة الأولى من المادة(112) التي تسند إدارة النفط والغاز المستخرج إلى الحكومة الاتحادية مع حكومات الأقاليم والمحافظات يقتصر على الحقول الحالية فقط ولا يتعداه إلى الحقول المستقبلية حسب مفهوم المخالفة. ويرى هذا الفريق ان القيود الواردة على توزيع العائدات النفطية المذكورة في الفقرة الأولى من المادة (112)لا تشمل العائدات المتحققة من الحقول المستقبلية المذكورة في الفقرة الثانية من المادة (112).
ويرى ايضا ان دور الحكومة الاتحادية في إدارة النفط والغاز في الأقاليم والمحافظات يقتصر على الحقول الحالية، لذا فان الأقاليم والمحافظات تنفرد لوحدها في إدارة النفط والغاز في الحقول التي بدأت باستخراج النفط فيها بعد نفاذ دستور عام 2005 دون مشاركة الحكومة الاتحادية.

أما بالنسبة إلى الفقرة الثانية من المادة(112)، فان هذا الفريق يرى ان دور الحكومة الاتحادية يقتصر على رسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز في الحقول المستقبلية وذلك بالاشتراك مع الأقاليم والمحافظات ولا يمتد دور الحكومة الاتحادية إلى تنفيذ هذه السياسات. اي ليس للحكومة الاتحادية ان تشترك في إدارة النفط والغاز في هذه الحقول كونه يعد شانا خاصا بالأقاليم والمحافظات.
المبحث الثالث
تقويم إختصاصات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم المتعلقة بالنفط والغاز في دستور 2005
بما ان الاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي نفطي تشكل العائدات النفطية أكثر من90% من ايرادات الموازنة العامة الاتحادية، إلى الحد الذي لا يمكن معه القول : ان هناك ايرادات مالية حقيقية آخرى ذات معنى إلى جانب العائدات النفطية.. مع ذلك نجد نصوص الدستور التي عالجت موضوع إدارة النفط والغاز بين السلطة الاتحادية من جهة، وحكومات الأقاليم والمحافظات من جهة آخرى، قد اكتنفها بعض الغموض ولا سيما المادة (112)، وسنحاول بحث هذا الغموض بالاستعانة بالمادة (111) في قراءة المادة (112) بفقرتيها، والتي استند إليها انصار الفريق الثاني في تبرير رايهم بعلوية إرادة الإقليم والمحافظة على إرادة الحكومة الاتحادية في مجال النفط والغاز، وكذلك الاستعانة بالمادة (13) في قراءة المادة (115). وإذا ما استعنا ايضا بمواد الدستورالأخرى ذات الصلة بهذا الموضوع، وكذلك، إذا ما نظرنا إلى الموضوع من زاوية تأثيره على وحدة العراق وأمنه واقتصاده ومستقبل أجياله.
ونحن بدورنا نتفق مع الفريق الأول في علوية إرادة السلطة الاتحادية على إرادة الإقليم والمحافظة غير المنتظمة في إقليم في موضوع إدارة النفط والغاز، ونختلف معه في إصراره على انفراد الحكومة الاتحادية في إدارة النفط والغاز، ونختلف مع الفريق الثاني حول رايه بعلوية إرادة الإقليم والمحافظة على إرادة السلطة الاتحادية في مجال النفط والغاز، ولكن نتفق معه في وجوب ان تشترك السلطة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة للنفط في إدارة النفط والغاز ورسم السياسات الخاصة به.
وهنا لابد من توضيح راينا بحيادية تامة في هذا الموضوع الذي يقوم عليه بحثنا بعيدا عن وجهة نظرنا السياسية او الشخصية ويمكن اجمال رأينا في هذا الموضوع بما يلي :
اولا. توزيع إلاختصاصات المتعلقة بالنفط والغاز: إذا انتقلنا إلى السلطات الممنوحة للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، سنجد هناك تقسيما ثلاثيا وضعه الدستور صراحة، وبمنطوق صريح. فهناك إلاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية، وهذه إختصاص تنفرد يها الحكومة الاتحادية وفق أحكام الدستور (المادة 110 من الدستور لسنة 2005) وهناك ايضا إلاختصاصات المشتركة بين الأقاليم والمحافظات كالكمارك، ومصادر الطاقة الكهربائية، والسياسة البيئية، وسياسات التنمية والتخطيط العام و، السياسات الصحية و، التعليمية والتربوية وتوزيع الموارد المائية الداخلية (المادة 114 من الدستور).
ومن الصعب القول : ان إلاختصاصات المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم هي إختصاصات مشتركة بالمعنى الدقيق، وذلك بسبب إعطاء الأولوية لقانون الإقليم وقانون المحافظة غير منتظمة في إقليم على القانون الاتحادي في حالة التعارض بينهما، في غير المسائل الحصرية -وفق أحكام المادة (115) من الدستور.
أما إلاختصاصات التي لم ينظمها الدستور، ولم تدخل ضمن إلاختصاصات الحصرية، ولا ضمن إلاختصاصات المشتركة، فتنفرد بها الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
هذه هي المبادئ الاساسية للإختصاصات الحصرية الاتحادية، او تلك الخاصة بالمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وإلاختصاصات المشتركة التي نص عليها الدستور صراحة في المادة (114) منه. ولكننا نتساءل هل توجد إختصاصات آخرى غير ما ذكر انفا؟ بمعنى آخر هل توجد إختصاصات غير إلاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية، او غير إلاختصاص الخاصة بالأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، او غير إلاختصاصات المشتركة بين الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم؟
يقينا نجيب بنعم، فهناك إختصاصا آخر غير مسمى وهو إلاختصاص المتعلق بالنفط والغاز والاثارعلى حد سواء. وعليه فان إلاختصاصات المتعلقة بالنفط والغاز هي إختصاصات قائمة بذاتها، ولا تدخل ضمن إلاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، ولا ضمن الاختصاصات المشتركة. والنقطة الجديرة ببحثنا هي نقطة إلاختصاصات المتعلقة بالنفط والغاز. أما إلاختصاصات المتعلقة بالاثار، فتسري عليها الأحكام ذاتها التي نبحثها الا اننا نستبعد آثارها كلية لأنها تخرج عن موضوع بحثنا.

ثانيا. ان نص المادة 111 جاء واضحا وقاطع الدلالة بان النفط والغاز ملك الشعب العراقي بأسره في أقاليمه ومحافظاته كافة، وبالتالي فهو ثروة إتحادية بالمعنى الكامل. وعليه فان ممثل هذا المالك –الشعب- لا يمكن ان يكون في هذه الحالة الا ممثلا إتحاديا لجميع الشعب العراقي بأقاليمه ومحافظاته كافة. وعليه فالجهة الدستورية التي تمثل الشعب بأسره، هي اولا السلطة التشريعية الاتحادية والسلطة التنفيذية الاتحادية فالسلطة التشريعية بجناحيها وهما مجلس النواب الاتحادي الذي يتولى سن التشريعات التي تنظم موضوع النفط والغاز ، والذي يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات العراقية كافة، وحسب نسبة السكان في كل إقليم ومحافظة. ومجلس الاتحاد الذي يتكون من عدد يكاد يكون متساويا للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم. وعليه فان الجهة التي لها العلوية في تقرير أسلوب إدارة هذه الثروة الاتحادية هي الهيئة التشريعية المتمثلة بمجلس النواب الاتحادي ومجلس الاتحاد، اما الجهة الدستورية المختصة بتنفيذ التشريعات التي تصدرها السلطة التشريعية فهي الحكومة الاتحادية ، بمعنى انه لا يمكن للإقليم او المحافظة المنتجة ان يدعي بأنه يمثل كل أفراد الشعب العراقي، وعليه لا يمكن ان يتمتع اي إقليم واي محافظة بالعلوية في إدارة النفط، وذلك لان ملكية النفط هي ملكية إتحادية مشاعة لكل عراقي، بما فيها الاجيال التي ستولد في المستقبل، وهذه الحصة المشاعة أشبه بالمال الموقوف ينتفع بريعه وعائداته، في حين يبقى الأصل ثابتا دون التصرف به، بدليل ان إقليم كردستان وقبل بدء انتاج النفط فيه، وكل المحافظات غير المنتجة، كانت وماتزال تحصل على حصة توزع عليها من قبل الحكومة الاتحادية من عائدات النفط المنتج من حقول البصرة، وكركوك، وميسان، وواسط، وبغداد، وذي قار تتناسب مع عدد السكان في كل منها. وعلى فرض تسليمنا بوجهة نظر الفريق الثاني بان النفط هو ملك الإقليم والمحافظة المنتجة، وان قانون الإقليم والمحافظة يعلو على القانون الاتحادي وفقا للمادة 115 التي يحتج بها انصار هذا الفريق في مجال النفط والغاز، فهذا يعني ان بإمكان المحافظة المنتجة حرمان الحكومة الاتحادية، وبالتالي حرمان المحافظات غير المنتجة كذلك من حصتها من عائدات النفط بموجب قانون يصدره الإقليم او المحافظة، ولنا ان نتصور وضع العراق في هذه الحالة، وهل تبقى ثمة فرصة لبقائه مستقرا وموحدا؟ وهل تبقى ثمة فرصة لاستمرار وجود الدولة العراقية، واي مصير سينتظر شعبه والاجيال القادمة؟
ثالثاً. في المواضيع التي نظمها الدستور، مثل موضوع النفط والغاز، لا نرى إمكانية تطبيق أحكام المادة (115) التي تقول بعلوية قانون الإقليم والمحافظة على القانون الاتحادي في إختصاص غير الحصرية، لكون موضوع النفط والغاز قد نظمه الدستور في المادتين (111) و(112) وضمن الباب الرابع وتحت عنوان : (إختصاصات السلطات الاتحادية). بمعنى أنه من إختصاصات السلطات الاتحادية. ونرى ان المشرع الدستوري لم يدخله ضمن إختصاص الحصرية للسلطات الاتحادية، لأنه أراد الا تنفرد السلطات الاتحادية في إدارته. كما أنه لم يتركه ليكون من إختصاصات الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وانما أخذ موقفا وسطا ومتوازنا وهو ان تشترك الأقاليم والمحافظات في إدارة هذه الثروة الوطنية. وإذا سلمنا بتفسير الفريق الثاني للمادة (115)، فسوف لا يعلو قانون الإقليم والمحافظة على القانون الاتحادي فحسب، وانما سيعلو على الدستور الاتحادي ايضا كونه يتعارض مع أحكام المادتين (111) و(112) اللتين نظمتا موضوع النفط والغاز، وبالتالي يتعارض مع الدستور ولاسيما مع أحكام المادة 13 ثانيا من الدستور التي نصت على أنه (لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور ويعد باطلا كل نص يرد في دساتير الأقاليم او اي نص قانوني آخر يتعارض معه)، وتأسيسا على ذلك، فان المادة (115) ينبغي الا تقرأ بشكل مستقل عن أحكام المادة (13ثانيا) انفا، ونرى ان قانون الإقليم والمحافظة وفقا للمادة (115) يعلو على القانون الاتحادي في الأمور التي خص الدستور بها الإقليم والمحافظة، وتلك التي لم ينظمها الدستور فحسب. أما في الأمور التي نظمها الدستور، فان العلوية فيها تكون قطعا للأحكام التي نظمها الدستور الاتحادي. والا فما هو المعنى من تنظيمها في الدستور ؟ وبالتالي ما معنى وجود الدستور الاتحادي نفسه طالما ان قانون الإقليم والمحافظة وفقا لتفسير الاقليم للمادة (115)يتفوق على كل النصوص الدستورية عدا المادة (110) ؟ بمعنى ان حكومة الاقليم في هذه الحالة لا تخضع لدستور جمهورية العراق لسنة 2005 وانما تخضع للمادة(110) منه فقط .
رابعاً. ان الفقرة اولا من المادة 112 ألزمت الحكومة الاتحادية باشتراك الإقليم والمحافظات المتتجة في إدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول (الحالية) وقيدت السلطة الاتحادية وسلطات الإقليم والمحافظة بالقيود التالية:
أ‌- توزيع عائدات النفط والغاز على الأقاليم والمحافظات بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد وهذا القيد- التوزيع العادل للثروة- يؤكد راي الفريق الأول من ان ملكية النفط هي ملكية كل الشعب العراقي في كل أقاليمه ومحافظاته، بصرف النظر عن مكان انتاجه، ويجب ان توزع عائداته بشكل عادل على كل الأقاليم والمحافظات بصرف النظر عن حجم انتاج الإقليم والمحافظة المنتجة. بمعنى ان محافظة البصرة - التي تنتج نسبة 70% من الإنتاج الكلي للعراق من النفط تحصل على حصتها من عائدات النفط أسوة بمحافظة بغداد التي تنتج أقل من 1% من الإنتاج الكلي للعراق. وكذلك توزع العائدات على إقليم ومحافظات العراق، بصرف النظر عما إذا كان الإقليم او المحافظة منتجة للنفط ام ليست منتجة.
ب‌- تحديد حصة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة في البلاد. ونرى ان هذا النص يصب في مصلحة إقليم كردستان، كونه الإقليم الوحيد في العراق حاليا. بالإضافة الى كونه متضررا من النظام السابق. ويمكن ان تخصص له حصة اضافية مؤقتة كافيه لجبر الضرر والحرمان الذي تعرض له أبان عهد النظام السابق.
وهنا يثار التساؤل عن سبب إحجام حكومة إقليم كردستان عن مطالبتها بتطبيق هذا النص الذي يصب في صالحها بنص الدستور، بدلا من التركيز على المسائل الخلافية في موضوع النفط، الذي كان سببا في تعطيل استثمار النفط في الإقليم. ولا نريد الخوض هنا في تحديد الجهة المقصرة صونا لحيادية بحثنا. لاسيما ان الدستور لم يضع سقفا أعلى لمقدار الحصة، ولا سقفا أعلى للمدة عدا النص. كون المدة يجب ان تكون محددة، وبإمكان الإقليم ان يتفاوض مع السلطة الاتحادية للحصول على حصة اضافية من الثروة الاتحادية. وبالامكان ان تحدد المدة. كان يتم التوصل إلى إتفاق يستثمر الإقليم بموجبه، في تقاضي حصته الاضافية المتفق عليها حتى بلوغ انتاج إقليم كردستان من النفط كذا.... برميل في اليوم) لحث السلطة الاتحادية على التسريع في عملياتها النفطية في الإقليم بالتعاون الايجابي المثمر، والبناء، مع حكومة الإقليم، وفي الوقت نفسه تستفيد حكومة الإقليم من الحصة الاضافية في تعويض الإقليم عما لحق به من ضرر وحرمان.
ج-ختم المشرع الدستوري قوله في الفقرة اولا من المادة 112(وينظم ذلك بقانون) والقانون هنا هو قانون إتحادي وليس قانون إقليم او محافظة. وهذا ما يؤكد ما ذهبنا اليه من ان ثروة النفط هي ثروة إتحادية تدار من قبل السلطة الاتحادية، باشتراك حكومات الأقاليم والمحافظات. ولا شك ان للإقليم والمحافظات ممثليهم في مجلس النواب الاتحادي، ومجلس الاتحاد ومجلس الوزراء وبامكأنهم الدفاع عن مصالح الإقليم والمحافظات الدستورية المشروعة وبالتأكيد سيكون لهم ممثليهم في الجهات الاتحادية المختصة برسم السياسات النفطية مثل وزارة النفط والمجلس الاعلى للنفط الذي اشار له مشروع قانون النفط والغاز الاتحادي.
خامسا-في المادة 112أراد المشرع الدستوري عندما استخدم تعبير الحقول الحالية والحقول المستقبلية ان يميز بين نوعين من الحقول، على اعتبار ان الحقول الحالية استقر العمل بها بموجب سياقات إدارية، وتعاقدية، وتقنية، وتجارية سابقة، ولها حقوق وعليها التزامات، ومن الصعب تغيير السياسلت المتبعة فيها تغييرا جوهريا دون ان يؤثر ذلك على التزاماتها وحسن انتظام سيرها، والذي استقر العمل به لفترات طويلة من الزمن، على خلاف الحقول المستقبلية، فهي حقول بكر تسمح بتبني سياسات نفطية جديدة تنسجم مع التحول السياسي الذي جاء به دستور 2005 الذي اعتمد النظام الفيدرالي كنظام سياسي. كما اعتمد الإقتصاد الحر بدلا من الإقتصاد الموجه كنظام اقتصادي.
سادسا. نصت الفقرة الثانية من المادة 112 على ان (تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معا برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة أحدث تقنيات مباديء السوق وتشجيع الاستثمار. ) ان المشرع الدستوري هنا ميز بين الحقول الحالية والحقول المستقبلية عندما أكد في هذه الفقرة على وضع سياسات جديدة وحديثة في إدارة الحقول الجديدة، وتشجيع الاستثمار فيها وفق أحدث التقنيات التكنولوجية وأحدث مباديء اقتصاد السوق لتطوير عمليات إدارة النفط والاستثمار والإنتاج والتسويق في إدارة هذه الحقول.
ولكن التساؤلات التي تثار هنا هو: من هي الجهات المختصة برسم السياسات الاستراتيجية لتطوير ثروة النفط والغاز؟ وما هي المباديء الاساسية لهذه السياسات؟ وما هي القيود التي ترد عليها؟ هذا ما سنحاول الاجابة عنه في ما يلي:
لا شك ان الجهات المعنية دستوريا برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير النفط والغاز في الحقول المستقبلية، هي السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب الاتحادي، وحكومات الأقاليم، والمحافظات المنتجة من خلال تضمين ذلك في قانون النفط والغاز الاتحادي، الذي نصت عليه الفقرة اولا من المادة 112. ولا نتفق مع راي الفريق الثاني الذي يقول : ان إدارة الحقول الجديدة هو من إختصاص الحصري لحكومة الإقليم والمحافظات، طالما ان الفقرة ثانيا تحدثت عن سياسات، ولم تتحدث عن إدارة، ولا نتفق ايضا مع راي الفريق الأول، الذي يقول : ان إدارة النفط والغاز هو من إختصاصات الحكومة الاتحادية بمفردها، وانما هو من إختصاصات الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معا. كما ان الإدارة هي ظل السياسة وليس العكس فعندما تتغير السياسة تتغير الإدارة تبعا لذلك. فالذي يضع السياسات الاستراتيجية الخاصة بالحقول النفطية الجديدة لابد له ان يضمن هذه السياسات المباديء الإدارية العامة والحديثة، التي تتناغم مع هذه السياسات. والا ما الجدوى من وضع سياسات استراتيجة مجردة لا تنعكس على الانظمة الإدارية المتبعة في العمليات النفطية المختلفة. بعبارة آخرى لا يمكن وضع سياسات استراتيجية حديثة تخلو من مباديء او اساليب إدارية حديثة، لان السياسات الاستراتيجية الحديثة تتجلى في أبرز مظاهرها في تبني أساليب إدارية حديثة. وعليه فان الحديث عن إدارة مستقلة للنفط والغاز في الحقول الجديدة سواء للسلطة الاتحادية بمفردها، او للأقاليم والمحافظات بمفردها يتعارض صراحة وبداهة مع الدستور. ولكن ذلك لا يعني عدم امكانية قيام الإقليم بإدارة النفط والغاز في الإقليم إذا ما قررت السلطات المختصة برسم السياسات الخاصة بإدارة النفط ذلك. فليس المهم من الذي يقوم بعملية إدارة النفط في الإقليم سواء كان من قبل السلطة الاتحادية او من قبل الإقليم مباشرة او من الاثنين معا، ولكن المهم ان تخضع هذه الإدارة للسياسات التي ترسمها السلطات الاتحادية وسلطات الإقليم وفقا للمباديء التي رسمتها المادة 112 ولا يمكن لاي طرف ان يستبد في رسم هذه السياسات.


سابعا. يرى انصار الفريق الثاني ان النفط هو من إلاختصاصات المشتركة وحجته في ذلك ان الدستور نص على إشترك الأقاليم والمحافظات في إدارة النفط والغاز. وكذلك في رسم السياسات. ويخلص هذا الفريق إلى نتيجة مفادها : بما ان إدارة النفط والغاز هي من إختصاص المشتركة، فبالتالي تنطبق عليها أحكام المادة 115، التي ترجح إرادة الإقليم والمحافظة على إرادة الحكومة الاتحادية في إختصاص المشتركة. نحن بدورنا نرى ان الاساس الذي يقوم عليه هذا الرأي لا يصمد أمام الحقيقتين الاتيتين.

الحقيقة الأولى. ان اشتراك المحافظات في إدارة النفط والغاز، لا يعني ان النفط والغاز هو من إلاختصاصات المشتركة، وان اشتراك الإقليم والمحافطة في إدارة الاثار على سبيل المثال، لا يعني آخراج الاثار من إختصاصات السلطات الاتحادية وادخاله ضمن إختصاص المشتركة. بمعنى آخر، أنه ليس كل ما تشترك به المحافظات مع السلطة الاتحادية هو من إختصاص المشتركة، وإذا سلمنا بهذه الفرضية فأنه لن يبقى اي قيمة دستوريةللمادتين (112) و (113) من دستور 2005، واللتان لايمكن ان تندرجا -باي حال من الاحوال- تحت مفهوم إختصاص الحصرية او إختصاص المشتركة. وبالتالي ستطيح المادة (115)، وفقا للراي المشار اليه بشأن إختصاص المشتركة، ليس بالقوانين الاتحادية فحسب، وانما ستطيح بالدستورالاتحادي ايضا. حيث ستفقد السلطات الاتحادية إختصاصاتها الدستورية كافة، بما فيها إختصاصها الحصرية الخاصة بالدفاع، والعلاقات الخارجية، والمالية طالما ان هذه الأقاليم والمحافظات تشترك في هذه إختصاص مع السلطات الاتحادية بشكل او بآخر، وستجرد السلطة الاتحادية من كل إختصاصاتها عدا تنظيم المقاييس، والمكاييل، والاوزان، وتنظيم الترددات البثية، وتنظيم امور الجنسية والتجنس، والاقامة وحق اللجوء السياسي، والإحصاء والتعداد العام للسكان، وهذه إختصاص لا يمكن ان تكون كافية لقيام دولة ذات معنى. وهذا يعني اننا سنكون أمام كيان لا تتوفر فيه اركان الدولة الثلاثة وهي شعب وأحد و(إقليم ارضي وجوي وبحري وأحد) وسلطة عليا وأحدة. وستتحول الأقاليم والمحافظات إلى دول تتمتع بالسيادة الخارجية والداخلية ولا يعوزها الا الاعتراف، وهو سبب كاشف للدولة وليس منشئا لها كما يذهب غالبية فقهاء القانون الدولي. وعليه فان راي الفريق الأول، الذي يقوم على اعتبار إختصاصات النفط والغاز هو من إختصاص المشتركة كون الأقاليم والمحافظات تشترك في إدارته لا يصمد أمام هذه الحقيقة.

الحقيقة الثانية: ان إلاختصاصات المشتركة قد اوردها الدستور في المادة 114على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال وعليه لا يمكن إدخال اي إختصاصات آخر لم يرد في هذه المادة. وحيث ان إلاختصاصات المتعلقة بالنفط والغاز لم ترد ضمن المادة 114 فلا مجال لادخالها ضمن إختصاص المشتركة وبالتالي لا يمكن تطبيق أحكام المادة 115 عليها. وعليه فان راي الفريق الثاني، الذي أشرنا اليه لا يصمد ايضا أمام هذه الحقيقة كذلك.

ثامنا. هناك نصوص دستورية تتعارض ضمنيا مع راي الفريق الثاني، القائل بان إدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الجديدة هو من إختصاصات الأقاليم والمحافظات حصرا وهي:
أ‌. نصت الفقرة اولا من المادة (110) الخاصة بإختصاص الحصرية للسلطات الاتحادية على أنها تقوم بمهمة ((رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والتفاوض بشأن المعاهدات والإتفاقيات الدولية وسياسات الااقتراض والتوقيع عليها وإبرامها ورسم السياسة الإقتصادية والتجارية الخارجية السيادية)) من الواضح ان هذه الفقرة حصرت التفاوض بشأن المعاهدات، والإتفاقيات الدولية، والتوقيع عليها وابرامها، ورسم السياسة الإقتصادية، والتجارية الخارجية بالسلطة الاتحادية. وعليه ليس بامكان الأقاليم والمحافظات دستوريا ان تعقد اي إتفاقية مع اي دولة آخرى. فكيف إذا كانت هذه الإتفاقية تتعلق بثروة إتحادية تشكل اكثر من 95% من ايرادات الموازنة العامة للعراق. كما ان العضوية في منظمتي اوبك واوابك مقتصرة على الدول المصدرة للنفط فقط. وعليه فان انفراد الإقليم والمحافظة في إدارة النفط وتصديره وبيعه دون موافقة الحكومة الاتحادية يتعارض ضمنا مع أحكام الفقرة اولا من المادة (110) من الدستور.
ب‌. نصت الفقرة ثالثا من المادة 110 الخاصة بإختصاص الحصرية الخاصة بالسلطات الاتحادية على أنها : ((رسم السياسة المالية والكمركية واصدار العملة وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق ووضع الميزانية العامة للدولة ورسم السياسة النقدية وانشاء البنك المركزي وإدارته.)) كما نصت الفقرة سابعا من المادة ذاتها الخاصة بإختصاص الحصرية على ((وضع مشروع الموازنة العامة والإستثمارية.)) وهنا نتساءل : هل يمكن للسلطة الاتحادية ان ترسم السياسة المالية، وان تضع مشروع الموازنة العامة الاتحادية دون ان تكون على بينة من العائدات النفطية التي تشكل اكثر من 95% من الموازنة الاتحادية؟ الجواب : لا يمكن الحديث عن سياسة مالية وعن موازنة عامة إتحادية، إذا لم تتضح العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم فيما يتعلق بالثروة النفطية وعائداتها. ودليلنا في ذلك هو عدم إقرار موازنة عام 2014 بسبب عدم إتفاق الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان حول حجم الصادرات النفطية من الإقليم. حيث قدرت حكومة الإقليم قدرتها على تصدير 100000 مائة ألف برميل يوميا في حين قدرت الحكومة الاتحادية ذلك ب 400000 اربعمائة ألف برميل يوميا. وعليه فان انفراد اي من الطرفين سواء الحكومة الاتحادية اوالإقليم في استثمار النفط والغاز يتعارض ضمنا مع أحكام الدستور.


يتضح مما تقدم ان إختصاص المتعلقة بالنفط والغاز هي من إختصاصات السلطات الاتحادية. حيث وردت في الباب الرابع عنوان (إختصاصات السلطات الاتحادية) وليس ضمن الباب الخامس تحت عنوان (سلطات الأقاليم)، وهي ليس من إلاختصاصات المشتركة كما يحاول انصار الفريق الثاني ادعائه. ولكن الثابت والمؤكد ان الدستور أفرد لها إختصاصات خاصة بها في المادتين(111) و(112). كما ان من الثابت ايضا ان المادة (111) من الدستور أكدت ان عائدات النفط والغاز يجب ان تؤدى إلى الحكومة الاتحادية حصرا. وفي الوقت نفسه يجب على الحكومة الاتحادية ان تقوم بتوزيع عائدات النفط والغاز على الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم بعدالة مع بعض الاستثناءات المؤقتة للمناطق المحرومة في الأقاليم لمدة محددة التي اشارت لها الفقرة اولا من المادة 112، هذا من جانب. ومن جانب آخر فان إرادة الإقليم او المحافظة لا تعلو على إرادة السلطات الاتحادية المتعلقة بالنفط والغاز. كما لايجوز ان تنفرد السلطات الاتحادية في موضوع استثمار النفط والغاز دون اشتراك الأقاليم والمحافظات . لذلك نرى ان الضابط الدستوري لموضوع النفط والغازالوارد في المادتين(111) و (112) يحتاج بدوره إلى ضابط آخر ليحكمه، او بالاحرى هو بحاجة إلى نظام قانوني يضبط شتاته، وهذا الضابط هو قانون النفط والغاز. ومع شديد الاسف ما زال ذلك المشروع مركونا في أروقة مجلس النواب منذ عام 2007ولم يقدم لغاية اليوم في جدول أعمال المجلس.
صفوة القول
لايوجد طرفان في موضوع إدارة النفط والغاز في العراق، سواء الحكومة الاتحادية او الإقليم اوالمحافظات طالما انهم جميعا عراقيون، وان ملكية النفط والغاز وعائداتهما قد حسمها الدستور بأنها لكل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات، ولايختص بها إقليم او محافظة، ولكن يمكن القول في موضوع النفط بوجود مستويين من السلطة هي السلطة الاتحادية من جهة وسلطة الإقليم اوالمحافظة من جهة آخرى تتقاسمان إختصاصاتهما حسب الدستور وحسب قانون النفط والغاز الاتحادي عند تشريعه والتشريعات ذات الصلة . لذا ومن وجهة نظرنا المتواضعة ليس المهم من يقوم بإدارة النفط والغاز،فلا يوجد في الدستور ما يمنع قيام الاقاليم والمحافظات من ادارة النفط والغاز المنتج في الاقليم او المحافظة ولكن المهم ان يتقيد من يقوم بإدارة الثروة النفطية الوطنية سواء كانت الحكومة الاتحادية اوحكومة الإقليم او المحافظة بالدستور والقوانين الاتحادية التي تنظم موضوع النفط والغاز وللمالك (الشعب) ممثلا بهيئتيه التشريعية والتنفيذية ان يتأكد من خلال مؤسسساته الحكومية المختصة اوممثليه في مجلسي النواب والاتحاد اومؤسساته الرقابية الرسمية والشعبية وكذلك المؤسسات التشريعية والرقابية في الاقاليم والمحافظات من تقيد القائمين على ادارة النفط والغاز سواء كان الحكومة الاتحادية او الاقليم او المحافظة بالتشريعات الاتحادية ، وضمان الحفاظ على عائداته من التلاعب والهدر سواء من قبل الجكومة الاتحادية او من قبل حكومة الاقليم او المحافظة، وان تتولى المؤسسة الاتحادية المختصة بتسويق النفط تسويق كامل النفط العراقي سواء المنتج في المحافظات او الاقليم وضمان توزيع العائدات النفطية على الشعب العراقي بعدالة.




الفصل الثاني
نتناول في هذا الفصل اشكاليات القضاء العادي والقضاء الدستوري والمحاصصة والفساد وذلك في ثلاثة مباحث خصصنا المبحث الاول لاشكالية القضاء العادي وتناولنا في المبحث الثاني اشكالية القضاء الدستوري اما في المبحث الثالث فتناولنا اشكاليتي الممحاصصة والفساد
اشكاليات القضاء العراقي


قام مركز انهيدوانا بتاريخ 23-11-2013 جلسة حوارية مع الباحث القانوني اسماعيل علوان التميمي حول اشكاليات القضاء العراقي
قام بادارة الجلسة الاستاذ ازهر العباسي

يقيم مركز انيهدوانا جلسة حوراية مع الاستاذ اسماعيل التميمي نتحدث بها عن اشكاليات القضاء العراقي رغم الاشكاليات الحاصلة في العراق ورغم ما يحدث من اشكاليات في مؤسسات الدولة و وزارتها هناك اشكاليات كبيرة في القضاء العراقي وهذه الاشكالية اصبحت واضحة للقاصي والداني هنالك بعض الامور التي من المفروض ان تكون ضمن العدالة والحرية لهذه المؤسسة الكبيرة لكن نلاحظ ان شكاوى كثيرة تثارحول دور القضاء وعمل القضاء في العراق منذ ان بدأ القضاء كان يحكم القضاء هم الرسل والانبياء قبل ان تنقطع الرسالة ثم تحولت الى رجال الدين هم من كانوا رجال القضاء انذاك في الدول والحكومات التي سبقت التطور الحالي بعد ان توزعت الاقاليم والدول في ظل الحضارات الجديدة ثم انتقل بعد ذلك القضاء من قانون ومن خلاله نعني هناك اصبح قانون ومن خلاله اصبح الدور بعيدا عن رجال الدين وبعيدا عن اسلوب الانبياء والرسل لانه كان التشريع رباني ثم انتقل الى القوانين الوضعية هذه القوانين جعلت من الدول بحيث تكون هنالك دراسة خاصة لهذا القانون وهذه المؤسسة المهمة في كل دولة من دول العالم القضاء يعتبر اساس لبناء الحريات والعدالة في كل دولة متطورة وفي وكل دولة ترغب ان تكون من الدول المتقدمة والتي تسعى لايجاد نفسها بين الدول المتقدمة.
في حورانا لهذا اليوم سيكون معنا الاستاذ اسماعيل التميمي يتحدث عن اشكاليات القضاء العراقي وهي كثيرة ولكن قبل ذلك نذكر نبذه مختصرة عن استاذ اسماعيل علوان من مواليد محافظة ديالى حاصل على بكلوريوس قانون وكذلك بكلويوس في اللغة الانكليزية له اكثر من ٩٠ بحث في الصحف والمجلات المحلية والعربية والاجنبية وتم ترجمة العديد من اعماله الى اللغة الانكليزية اقام الدعوى على رئيس السن فؤاد معصوم لاتخاذه قرار ابقاء الجلسة مفتوحة امام المحكمة الاتحادية وكسب الدعوى وتم امهال مجلس النواب 15 يوما لاستئناف الجلسة وفعلا تم استئنافها وتشكلت الحكومة.
- بداية ندخل في المحور الاول وهو وضع القضاء العراقي في زمن النظام الدكتاتوري السابق كيف كان عمل القضاء في ظل هذه الحقبة من عمر العراق وما هي الضغوطات التي كانت تمارس على القضاء انذاك ؟
*الاستاذ اسماعيل التميمي
لاشك ان استقلالية القضاء بمفهومه الحالي ظهرت على اثر ظهور مبدأ الفصل بين السلطات الذي نادى به مونتسكيو و اخذت به اغلب دول العالم المتمدن لا يخفى عليكم النظام السابق هو نظام شمولي متشدد راس السلطة فيه كان يمسك بكل السلطات السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية و السلطة القضائية لا بل يمسك حتى بالسلطة التأسيسية ايضا السلطة التأسيسية هي التي تؤسس الدستور فتعديل الدستور كان يتم بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس قيادة الثورة وهذه الاغلبية كانت مطلوبة لإعفاء احد اعضاء مجلس قيادة الثورة بمعنى ان تعديل الدستور كان يساوي من حيث الاهمية اهمية اعفاء احد مجلس قيادة الثورة ، الحقيقة لم يكن هناك سلطة قضائية بالمعنى الدقيق كان هناك مجلس يترأسه وزير العدل يسمى مجلس العدل يتولى ادارة القضاء ويرتبط هذا المجلس بوزارة العدل وهي جزء من السلطة التنفيذية .
الحقيقة لا وجود لقضاء لمستقل اضافة الى ذلك كان هناك استثناءات كثيرة على القضاء تصل الى حد جرائم القتل اضافة الى المحاكم الاستثنائية المعروفة كمحكمة الثورة ومحكمة المخابرات كذلك تدخل الحزب الحاكم ومديرية الامن العامة في تقييم القضاة سنويا وكذلك هناك كانت اخرى هي مشكلة اقارب رئيس النظام الحقيقة ان القضاء العراقي انذاك حار بأمره في التعامل معهم فإذا يحكم القاضي لصالحهم قد يعتقل وإذا حكم ضدهم احيانا يعتقل اما كبار الحزبين فكانوا يترددون كثيرا في التدخل بشؤون القضاء لأنه كانت لديهم توجيهات من رئيس النظام بعدم التدخل في شؤون القضاء يعني كان وضع القضاء باختصار غير مستقل خاضع تماما الى السلطة التنفيذية من خلال وزارة العدل ولكن في الامور غير الامنية وفي الامور غير السياسية وفي الدعاوى التي ليست احد طرفيها من اقارب النظام الحقيقة لا احد يستقوي على القضاة .
وضع القضاء في العراق بعد التغيير خصوصا في دستور ٢٠٠٥ تطور كثيرا حيث اصبح القضاء سلطة قضائية فدستور ٢٠٠٥ جاء بمنظومة تشريعية كاملة لتشييد سلطة قضائية كاملة يعني سلطة قضائية مستقلة ،كما اكد على استقلال القاضي ليس تجاه السلطة التنفيذية او السلطة التشريعية فحسب وانما استقلال القاضي تجاه السلطة القضائية نفسها وهذا موضوع مهم نحن الان لدينا مشكلة وهي ان استقلالية القاضي تنتقص من قبل السلطة القضائية نفسها فالبعض من القضاة في بعض محاكم الاستئناف يشعرون بعدم الاستقلالية من خلال تدخل رئيس محكمة الاستئناف باعمالهم واحكامهم ، الدستور خص السلطة القضائية بموازنة مستقلة. هناك من يتصور ان السلطة القضائية هي مجلس القضاء الاعلى وهذا خطأ كبير او خلط كبير . الدستور يقول السلطة القضائية تتكون من : مجلس القضاء الاعلى ومحكمة التمييز والمحكمة الاتحادية العليا وجهاز الادعاء العام وهيئة الاشراف القضائي .

واذا دققنا هيكلية وتراتبية السلطة القضائية حاليا فهي تخالف الهيكلية التي رسمها الدستور فالذي يحصل في الوقت الحاضر هو ان مجلس القضاء الاعلى هو الذي يقود السلطة القضائية بينما مجلس القضاء الاعلى هو احد الاجهزة الخمسة التي تتكون منها السلطة القضائية التي تم تعدادها بعبارة وكان على المشرع الدستوري ان تنص على ان يكون لدينا رئيسا للسلطة القضائية اسوة بالسلطة التفيذية والسلطة التشريعية الا اننا نجد الدستور قد سكت عن ذلك ولكن بالامكان معالجة هذه الفجوة الدستورية بتشريع قانون للسلطة القضائية ينظم الية اختيار رئيس السلطة القضائية والعلاقة بين المكونات الخمسة الاساسية للسلطة القضائية من جهة وعلاقتها برئيس السلطة القضائية من جهة اخرى ليكتمل بذلك البناء الدستوريللسلطة القضائية كما نجد الدستور قد نص على انتخاب رئيس مجلس النواب وعلى رئيس محكمة التمييز واعضاء محكمة التمييز ورئيس الاشراف القضائي في حين سكت الدستور في النص على الية ترشيح رئيس المحكمة الاتحادية العليا والية ترشيح رئيس مجلس القضاء الاعلى وكذلك سكت عن النص على ترشيح رئيس السلطة القضائية .وعليه ندعو الى تشريع قانون او منظومة تشريعية متكاملة تسمى مدونة السلطة القضائية وليس قانون مجلس القضاء الاعلى اكرر مجلس القضاء الاعلى هو واحد من مكونات السلطة القضائية وليس السلطة القضائية. السلطة القضائية كما ذكرت تتكون من خمس مكونات الادعاء العام الان يرتبط وخاضع لمجلس القضاء الاعلى في حين ان الادعاء .العام هو هيئة قضائية مستقلة تقف جنبا الى جنب مع مجلس القضاء الاعلى ومع المحكمة الاتحادية فالادعاء العام غير خاضع لمجلس القضاء الاعلى في الدستور. وكذلك هيئة الاشراف القضائي هي الان خاضعة لمجلس القضاء الاعلى وهي في الحقيقة دستوريا لا تخضع لمجلس القضاء الاعلى وانما اخضعها الدستورالى السلطة القضائية السلطة القضائية في العراق تقف جنبا الى جنب مع السلطة التنفيذية ومع السلطة التشريعية
واخيرا تم اقرار مشروع قانون مجلس القضاء الاعلى بعد مخاضات عسيرة مر بها مشروع هذا القانون، الذي سبق ان اقره مجلس النواب في اواخر عام 2012 ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 4/2/2013 ثم قامت المحكمة الاتحادية العليا بنقضه في منتصف شهر ايلول عام 2013 بناء على دعوى اقيمت امامها. بموجب هذا النقض استمر القاضي مدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية العليا رئيسا لمجلس القضاء الاعلى استنادا الى امر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 35 لسنة 2003الذي اوكل رئاسة مجلس القضاء الاعلى الى رئيس المحكمة الاتحادية العليا . ثم اعيد عرض مشروع القانون في عام 2016 على مجلس النواب بعد اجراء بعض التعديلات عليه ، واخيرا تم التصويت عليه واقراره مطلع هذا العام ، كما تم تنفيذ مضمونه . حيث تولى القاضي فائق زيدان رئيس محكمة التمييز الاتحادية رئاسة مجلس القضاء الاعلى في الخامس عشر من شهر ك2 من العام الجاري ، بدلا من القاضي مدحت المحمود استنادا الى البند 1 من الفقرة اولا من المادة الثانية من القانون المذكور التي نصت بان يكون رئيس محكمة التمييز الاتحادية رئيسا لمجلس القضاء الاعلى.
رغم ان مشروع القانون قد تم اعداده من قبل مجلس القضاء الاعلى وارساله الى السيد رئيس الجمهورية الذي احاله بدوره الى مجلس النواب استنادا الى المادة 60 اولا التي اوجبت تقديم مشاريع القوانين من رئيس رئيس الجمهورية و مجلس الوزراء . الا ان القانون جاء في بعض نصوصه مخالفا صراحة للتنظيم الدستوري للسلطة القضائية للاسباب الاتية.
اولا- بموجب الفقرة اولا من قانون مجلس القضاء الاعلى البندين 3 و4 ضم مجلس القضاء الاعلى في عضويته كل من رئيس جهاز الادعاء العام ورئيس هيأة الاشراف القضائي خلافا لنص المادة 89 من الدستور التي نصت على انه (تتكون السلطة القضائية الاتحادية ، من مجلس القضاء الاعلى، والمحكمة الاتحادية العليا ، ومحكمة التمييز الاتحادية وجهاز الادعاء العام وهيأة الاشراف القضائي والمحاكم الاتحادية الاخرى التي تنظم وفقا للقانون ) وهذا النص يعني ان رئيس الادعاء العام ورئيس هيأة الاشراف القضائي هما في مستوى واحد مع رئيس مجلس القضاء الاعلى وثلاثتهم اعضاء في السلطة القضائية اضافة الى رئيس المحكمة الاتحادية العليا ورئيس محكمة التمييزالاتحادية . وعليه لايجوز ان يضم مجلس القضاء الاعلى في عضويته رئيس جهاز الادعاء العام ورئيس هيأة الاشراف القضائي وهما رؤساء لجهتين قضائيتين تقفان جنبا الى جنب وفي مستوى واحد مع مجلس القضاء الاعلى وفقا للتنظيم الدستوري للسلطة القضائية المنصوص عليه في المادة 89 من الدستور.
ثانيا-جاء في المادة 3 الفقرة خامسا من القانون ان من مهام مجلس القضاء الاعلى ترشيح رئيس محكمة الاستئناف الاتحادية ونائب رئيس هيأة الاشراف القضائي وارسال الترشيحات الى مجلس النواب للموافقة عليها . وحيث ان تعيين رئيس الاستئناف ونائب رئيس هيئة الاشراف القضائي لا يقتضي موافقة مجلس النواب كون الدستور قد حدد على سبيل الحصر المناصب القضائية العليا التي تقتضي موافقة مجلس النواب على الاسماء المرشحة لاشغالها ، وذلك في المادة 91 الفقرة ثانيا من الدستور وليس من بينها رئيس محكمة الاستئناف الاتحادية ولا نائب رئيس هيئة الاشراف القضائي . وعليه فان النص في متن القانون على ارسال الترشيحات الخاصة برئيس محكمة الاستئناف الاتحادية ونائب رئيس هيئة الاشراف القضائي الى مجلس النواب للموافقة عليها ليس له سند من الدستور. وعليه فان هذا النص جاء مخالفا صراحة للدستور .
الحقيقة لا نعلم ان كانت نصوص القانون المخالفة للدستور التي اشرنا اليها كانت قد وردت ضمن مشروع القانون المرسل من مجلس القضاء الاعلى ام انها تعديلات تم اجرائها من قبل مجلس النواب اثناء مناقشة مشروع القانون . فاذا كانت النصوص المخالفة للدستور قد تم اضافتها من قبل مجلس النواب فاننا نجد لهم العذر فاغلبهم غير مختصين في الدستور والقانون وبعضهم يجهل حتى حدود اختصاصه ومهامه . اما اذا كانت تلك النصوص قد وردت في مشروع القانون اصلا اي انها مرت على مجلس القضاء الاعلى قبل ارسالها الى مجلس النواب ، فاي عذر يمكن ان نلتمسه لمجلس القضاء الاعلى بتشكيلته وقت ارسال مشروع القانون وهم قادة السلطة القضائية وجهابذتها ؟!
اهم المشاكل التي يعاني منها القضاء في الوقت الحاضر اضافة لما ذكر انفا
1ولا- المحاصصة في اختيار المرشحين للممناصب القضائية التي يعاني منها القضاء في الوقت الحاضر ؟
ليس غريبا على دساتير العالم ولا سيما البرلمانية منها ان تشترط ان يوافق مجلس النواب على المرشحين لمناصب القضاء العليا وهذا الامر في العالم المتقدم شيء طبيعي الا انه في العراق نتيجة وجود المبدا الخطير وهو مبدا المحاصصة الطائفية والحزبية الذي ينخر الان بقوة في جسد العملية السياسية هذا الشيء يؤدي الى تسييس القضاء والى هيمنة الكتل السياسية على اعضاء محكمة التمييز وهذا ما جرى في مجلس النواب عند التصويت على اعضاء محكمة التمييز .
ثانيا-مشكلة تشكيك الكتل السياسية بالقضاء هناك مشكلة اخرى تمارسها الكتل السياسية فعندما يصدر قرار من القضاء مخالف لمصالحهم او يتعارض معها يذهبون مباشرة مباشرا الى وسائل الاعلام كافة ويبداون بالهجوم على القضاء والإساءة له والتشكيك بأحكامه هذه مسالة خطيرة يجب ان يوضع لها حد من خلال تشريع قانون يجرم التشهير بأحكام القضاء الا ان ذلك لا يمنع مناقشة هذه الاحكام من قبل المختصين بالقانون والقضاء . لا نقول بان كل قرارات صحيحة ولكنها قابلة للتمييز ولا نقول كل قرارات المحكمة الاتحادية صحيحة ولكن يبقى القضاء الحصن الحصين للنظام الديمقراطي والحصد الحصين لحقوق العراقيين ولا بديل افضل منه لاحقاق الحقوق وايقاع الردع العام فلايجوز التشهير به .

ثالثا- تهديد الارهاب بكافة اشكاله للقضاء . يشكل الارهاب بكل صنوفه اكبر تهديد على القضاة وحياتهم حيث استشهد اكثر من 70 قاضيا وخصوصا في المناطق الساخنة الان يصعب على قاضي التحقيق ان يحقق العدالة بحق المجرمين لأنه غير محمي والارهاب يهيمن على الوضع في المحافظات الساخنة ولذلك استقلالية القضاء في المحافظات الساخنة محدودة لهذا السبب .وليس من المنطق او العدل ان نطالب القاضي بتحقيق العدل وحياته وحياة عائلته مهددة هذه معادلة ظالمة.
رابعا- الفساد ، يعاني القضاء الان من مافيات الفساد حيث يوجد عدد كبير من كبار المفسدين يملكون اموالا طائلة قادرين مارسة الضغط على القضاة من خلال الترغيب بالمال او الترهيب بالقتل وهم قادرون فعلا على تنفيذ الجرائم بحق كل من يقف بالضد من مصالحهم بما فيهم قضاة التحقيق بمواضيع النزاهة ويشكلون الان خطر لا يقل عن خطر الارهاب على استقلالية القضاء.
خامسا- امتناع ذوي المجني عليه من اقامة الشكوى ضد الجناة . برزت ظاهرة امتناع ذوي المجني عليه عن اقامة الشكوى ضد المجرمين من قتلة ذويهم خوفا من بطش الارهابيين .





المبحث الثاني
اشكاليات المحكمة الاتحادية العليا
تشكلت المحكمة الاتحادية العليا لاول مرة في العراق بموجب القانون رقم 30 لسنة 2005 استنادا الى احكام المادة الرابعة والاربعين من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية التي نصت المادة الاولى منه على انه (تنشأ محكمة تسمى المحكمة الاتحادية العليا ويكون مقرها في بغداد تمارس مهامها بشكل مستقل لا سلطان عليها لغير القانون.) ولكن بعد صدور دستور 2005ظلت المحكمة تعمل وفق دستور مؤقت ملغي وعند مقارنة نصوص قانون ادارة الدولة العراقية الملغي مع نصوص الدستور الجديد المتعلقة بتكوين واختصاصات المحكمة تبرز لدينا اشكاليتان، الاولى تتعلق بتكوين المحكمة وهذا ما سنبحثه في الفرع الاول والاشكالية لثانية تتعلق باختصاصاتها وهذا ما سنبحثه في الفرع الثاني من هذا المطلب.
المطلب الاول
إشكالية التعارض بين تكوين المحكمة الاتحادية العليا المشكلة بموجب القانون رقم 30 لسنة 2005 وتكوينها في دستور 2005
تناولت المادة الثالثة من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية عدد اعضاء المحكمة وكيفية تعيينهم، حيث اشارت الى ان المحكمة تتكون من رئيس وثمانية اعضاء يعينهم مجلس الرئاسة بترشيح من مجلس القضاء الاعلى بالتشاور مع المجالس القضائية في الاقاليم. وباشرت المحكمة الاتحادية عملها، الا ان قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الذي تشكلت بموجبه المحكمة قد الغي وحل محله الدستور الجديد لعام 2005 الذي نظم تكوين المحكمة بشكل يختلف عن تكوين المحكمة المنصوص عليه في قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية.
حيث قضت المادة 92 من الدستور الى ان المحكمة تتكون من عدد من االقضاة وخبراء في الفقه الاسلامي وفقهاء القانون ولم يحدد الدستورعدد اعضاء المحكمة في حين حدد القانون رقم 30 لسنة 2005 عدد اعضاء المحكمة برئيس وثمانية اعضاء ولم يشترط صراحة ان يكونوا من القضاء ولكن يفهم من سياق النص انهم من القضاة. كما اوكل الى مجلس القضاء ترشيحهم بالتشاور مع مجالس القضاء في الاقاليم ودون ان يشترط مؤهل معين لهم. كما اشارت المادة 92 كذلك الى اانه تنظم طريقة اختيار اعضاء المحكمة، وعملها، بقانونٍ يُسن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب. وبما ان هذا القانون الذي نصت عليه المادة( 92 ) لم يسن من قبل مجلس النواب، رغم مضي دورتين تشريعيتين لعدم حصول توافق بين الكتل السياسية حول مشروع القانون، ولكون تمرير القانون في مجلس النواب يتطلب موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب،فقد تأخر سن هذا القانون وبقيت المحكمة الاتحادية العليا المشكلة بموجب قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية والقانون رقم (30) لسنة 2005 تعمل بموجب قانونها بعد ان اضافت اليه من تلقاء نفسها الاختصاصات التي اسندها لها دستور 2005فهنا ظهرت الاشكالية الاولى في المحكمة والتي تتعلق بالاختلاف بين تكوين المحكمة الذي نص عليه الدستور وتكوينها بموجب قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية. ويرى البعض ان الاختلاف بين تشكيل المحكمة الاتحادية العليا بموجب قانونها وقانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وبين تشكيلها بموجب الدستور النافذ لا يمس بمشروعية هذه المحكمة حيث ان الدستور النافذ لم يلغ المحكمة وهذا يعد بمثابة اقرار بوجودها كما ان تاخر صدور القانون المنظم لتكوينها كما اوجبت ذلك المادة (92) من الدستور لا ينالمن شرعيتها ولا يمنع من ممارسة اختصاصاتها المنصوص عليها في المادة (93) من الدستور.
ويرى البعض الاخر ان ذلك يشكل خللا من الناحية الدستورية ويشكك في مشروعية المحكمة الاتحادية العليا والاحكام الصادرة عنها وذلك لانتفاء السند الدستوري لوجودها بموجب (المادة 44) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية حيث تم الغاء هذا القانون وملحقه الغاء صريحا بموجب المادة (143) من دستور 2005 ويردون على اصحاب الرأي الذين يرون مشروعية المحكمة للاتحادية العليا استنادا الى المادة (130)من الدستور النافذ( تبقى التشريعات النافذة معمولا بها ما لم تلغ او تعدل وفقا لاحكام هذا الدستور) بقولهم انه رأي مردود لان نص هذه المادة يشير ضمنا الى بقاء التشريعات نافذة ما لم تكن متعارضة مع احكام الدستور. وهذا ما تقتضيه القواعد العامة ويتفق مع مبدا الدستورية.
ونحن نميل الى الرأي الاول الذي يقول بان الاختلاف في تكوين المحكمة الاتحادية العليا بموجب قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وقانون المحكمة رقم (30) لسنة 2005 وتكوينها بموجب الدستور النافذ لا يطعن بشرعيتها ولكن نرى ان الاختصاصات الواسعة والمهمة التي تنهض بها المحكمة الاتحادية العليا في العراق وحداثة التجربة الديمقرطية في العراق بوجه عام وحداثة القضاء الدستوري بوجه خاص يقتضي الاسراع في سن قانون المحكمة التي نص عليه الدستور النافذ.
المطلب الثاني
إشكالية الاختلاف بين الاختصاصات السابقة للمحكمة واختصاصاتها بموجب دستور 2005
تختلف الاختصاصات المسندة للمحكمة التي نص عليه الدستور عن الاختصاصات المسندة لها بموجب قانون ادارة الدولة العراقية والقانون رقم 30 لسنة 2005حيث اخرج الدستور من اختصاصات المحكمة عددا من الاختصاصات التي نص عليها قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية والقانون رقم 30 لسنة 2005 كما ادخل الى اختصاصاتها السابقة اختصاصات جديدة.
ومن الاختصاصات التي أخرجها الدستور من الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 30 لسنة 2005 هي:
اولاً. اختصاص النظر في الطعون المقدمة على الأحكام والقرارات الصادرة من محكمة القضاء الاداري.
ثانياً. اختصاص النظر بالدعاوى المقامة أمامها بصفة استئنافية علما ان هذا الاختصاص لم تباشره المحكمة الاتحادية العليا لكون قانون ادراة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الزم لممارسته صدور قانون ينظمه ولم يصدر هذا القانون (19)

اما الاختصاصات الجديدة التي ادخلها الدستور على اختصاصات المحكمة المنصوص عليها بموجب القانون رقم 30 لسنة 2005 فهي:
1. تفسير نصوص الدستور.
2. الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، وينظم ذلك بقانون.
3. المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.
4. الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي، والهيئات القضائية للاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم.
5. الفصل في تنازع الاختصاص فيما بين الهيئات القضائية للاقاليم، أو المحافظات غير المنتظمة في أقليم.

يتضح مما تقدم ان هناك اشكالية اخرى تتمثل في ان المحكمة استمرت تمارس اختصاصاتها الواردة في قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وبموجب قانون المحكمة رقم 30 لسنة 2005 كما قامت المحكمة اضافة الى ذلك بممارسة الاختصاصات التي نص عليها الدستور دون ان يصدر القانون الذي يحدد عدد اعضاء المحكمة وطريقة اختيارهم وعمل المحكمة والذي نصت عليه الفقرة ثانيا المادة 92 من الدستور ورغم وجود اختلاف بين الاختصاصات الواردة في قانون ادارة الدولة العراقية عن الاختصاصات الواردة في دستور 2005.
ومع ذلك يرى اغلب الفقه ان تاسيس المحكمة الاتحادية استنادا الى قانون ادارة الدولة العراقية والى قانونها رقم 30لسنة 2005 لا شائبة عليه وان نص المادة 92 جاءت لتقر ضمنا وتعترف بالمحكمة الاتحادية العليا مكتفيا فقط بتحديد الية تكوينها والتكوين تال للتاسيس كما هو معلوم.
وبرر بعض الشراح مشروعية استمرار المحكمة الاتحادية العليا بممارسة اختصاصها إن القانون الذي يحدث محاكم جديدة تحل محل المحاكم القديمة الملغاة يتضمن عادة أحكاما انتقالية تنص على طريقة فصل الدعاوى، على انه إذا اقتضى إنشاء المحاكم الجديدة بعض الوقت، يجب أن يعترف للمحاكم القديمة بحق الاستمرار بممارسة اختصاصها لعدم جواز توقيف سير العدالة. بمعنى ان تبقى المحكمة الاتحادية العليا القائمة حاليا تمارس أعمالها. كما إن المحكمة الاتحادية العليا لم تلغ لا بموجب الدستور ولا بموجب أي نص تشريعي آخر وان أمر تشكيلها الذي له قوة القانون ما زال قائم ونأفذ على وفق احكام المادة (130) من دستور عام 2005. كما المحكمة الاتحادية العليا المشار إليها في نص المادة (92) من دستور عام 2005 مازالت لم تشكل بعد ولم يصدر بها قانون ينظم أعمالها، والفقه فان استمرار المحكمة القائمة بممارسة إعمال المحكمة المقترح تشكيلها إلى حين صدور قانون تشكيلها وتسمية أعضائها لممارسة أعمالها ا. أمرا تقتضيه قواعد سير العدالة.
اما من الناحية الموضوعية إذ يرى البعض بان اختصاص المحكمة هو النظر في القوانين التي تتقاطع مع قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ولا يحق لها النظر في ما جاء به دستور عام 2005، فان هذا الرأي مردود لان المحكمة الاتحادية الحالية مازالت قائمة، كما إن انعدام النص القانوني الذي يشير إلى تعطيل عمل المحكمة الاتحادية العليا القائمة الحالية، أو تحديد اختصاصها بما فيها تفسير النصوص الدستورية، يمنحها المشروعية في ممارسة اختصاص تفسير النصوص الدستورية والاختصاصات الاخرى المشار اليها في المادة (93) من الدستوراضافة الى اختصاصاتها المنصوص عليها في قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية والقانون رقم 30 لسنة 2005.
كما يرى البعض ان استمرار عمل المحكمة الاتحادية العليا بتكوينها السابق واختصاصاتها السابقة وان كان جائزا من الناحية القانونية طالما ان الدستور لم ينص على الغاء المحكمة الاتحادية العليا المنصوص عليها في القانون رقم 30 لسنة 2005وطالما لم يصدر قانون المحكمة الذي نص عليه الدستور، الا ان المحكمة الاتحادية العليا تضطلع بمسؤوليات كبرى وليس من المناسب والحالة هذه ان تستمر طويلا لأنها سوف لن تتمتع بذات الشرعية التي يدعمها قانون يقر باغلبية الثلثين (20) ونحن نؤيد هذا الرأي.

وصفوة القول
ان المحكمة الاتحادية العليا بوضعها الحالي تعاني اضافة الى اشكاليتي تكوينها واختصاصاتها اللتان مر ذكرهما فانها تعاني من اشكالية ثالثة تتمثل في ان كل اعضائها التسعة بما فيهم رئيس المحكمة ليس لديهم خبرة سابقة في القضاء الدستوري كون خبرتهم متركزة في القضاء العادي ولم يسبق لهم قبل مباشرتهم العمل في المحكمة الاتحادية العليا ان نظروا في اي قضية دستورية والسبب ببساطة ان العراق لم يخضع الى دستور دائم ولم يشهد قضاءا دستوريا منذ سقوط دستور 1925في صبيحة الرابع عشر من تموز ولغاية تشكيل المحكمة الاتحادية الحالية بموجب القانون رقم 30 لسنة 2005 وعليه فان القضاء العادي هو ليس القاضاء الدستوري فالقاضي الدستوري يستلزم مؤهلات اخرى اهمها ان يكون مختصا وضليعا في فقه القانون الدستوري بوجه عام كما ان اختصاص المحكمة في تفسير الدستور اضيف الى اختصاصاتها بموجب دستور 2005 ولم يكن ضمن اختصاصاتها السابقة باعتبارها اصبحت تضم في عضويتها فقهاء في القانون وخبراء في الفقه الإسلامي. ولديه المام واسع بالفلسفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للنظام السياسي الذي عبر عنه الدستور ولديه مكنة في استنباط الاحكام من روح النصوص الدستورية وليس من حروفها فحسب. وله القدرة على الاجتهاد وسد الفجوات الموجودة بين ثنايا الدستور وفك التناقضات القائمة بين نصوصه وما اكثرها وما اعقدها في دستورنا، كما يحتاج القاضي الدستوري وبالذات في العراق الى المام واسع في الفقه الاسلامي، لا سيما وان التجربة الديمقراطية في العراق ما تزال فتية وبحاجة الى تسديد وتصويب وتقويم مستمر ولا نرى ان هناك جهة دستورية مؤهلة لذلك عدا المحكمة الاتحادية العليا التي اسند لها الدستور صلاحيات واسعة جدا للنهوض بهذه الاعباء.


المطلب الثالث
اسباب عدم لجوء مستويات الحكم في العراق الى المحكمة الاتحادية العليا
رغم وجود محكمة مختصة في النظر بالمنازعات التي تنشأ حول نصوص الدستور وتفسيرها والنظر في المنازعات التي تنشأ بين الحكومة الاتحادية والاقليم الا اننا نجد مستويي الحكم المتنازعين الحكومة الاتحادية والاقليم لم يلجأ اي منهما الى المحكمة الاتحادية العليا للفصل في هذه المنازعات وانما اعتمدا في بحث هذه المنازعات على الطرق السياسية سواء اثناء المناقشات التي تجري في مجلس النواب حول مشاريع القوانين ذات الصلة بهذه المواضيع او اثناء المناقشات السنوية لمشاريع قوانين الموازنة العامة الاتحادية او من خلال المفاوضات التي تجري بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية حول العديد من المسائل الخلافية بين الطرفين التي تظهر بين الحين والاخر ورغم ان هذه اللقاءات لم تسفر عن نتائج حاسمة الا انها ساهمت في بعض الاحيان في حل بعض المسائل التي بحثت. وان لم تكن تلك الحلول دائمة او نهائية، وفيما يتعلق بموضوع الخلاف حول النفط والغاز، عقدت جولات عديدة من المفاوضات بين المعنيين الا ان التقدم الذي تم احرازه لم يكن كافيا للتوصل الى اتفاق نهائي يضع حدا لهذه الخلافات التي كان من احد نتائجها انتهاء الفصل التشريعي الاخير للدورة الانتخابية السابقة وانتهاء سنة 2014دون التوصل إلى إقرار الموازنة العامة لعام 2014 بسبب التفاوت الكبير بين تقديرات حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية حول القدرة التصديرية لكميات النفط المتوقع إنتاجها من الاقليم خلال العام 2014حيث قدرت الحكومة الاتحادية القدرة التصديرية للنفط المنتج في الإقليم باربعمائة ألف برميل يوميا في حين إن حكومة الإقليم قدرتها بما لا يتجاوز مائة ألف برميل يوميا.
وهنا يثار التساؤل حول اسباب عدم لجوء اي من الطرفين المتنازعين حول موضوع النفط والغاز الى المحكمة الاتحادية العليا باعتبارها الجهة المختصة دستوريا في النظر بالمنازعات التي تنشأ بين الحكومة الاتحادية والاقليم ولا سيما ان قرارات هذه المحكمة قرارات باتة وملزمة للطرفين المتنازعين ويمكن ان تضع حدا نهائيا لهذه الخلافات. ويمكن ان يعزى ذلك الى اسباب تتعلق بالمحكمة الاتحادية العليا ذاتها اضافة الى اسباب تتعلق بالثقافة السياسية للشعب السياسي وهذا ما سنبحثه في الفروعين الاتيين.

الفرع الاول
الاسباب التي تتعلق بالمحكمة الاتحادية ذاتها


أصدرت المحكمة الاتحادية العليا عددا من القرارات أثارت الكثير من الانتقادات ومست في استقلالية المحكمة واتهامها من قبل اوساط سياسية مهمة بمحاباة الحكومة وكانت سببا في تردد الاقاليم والمحافظات من اللجوء الى المحكمة الاتحادية لفض النزاعات التي تنشا بينها وبين المحكمة الاتحادية .لذلك وجدنا من الضروري بحث اهم هذه القرارات :
اولا – قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بالكتلة النيابية الاكثر عددا .
بتاريخ 25/3/2010 اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها الخاص بالكتلة النيابية الاكثر عددا واثار هذا القرار الكثير من الانتقادات وقبل ان نناقش هذا القرار وجدنا من الضروري ان نورد نص القرار.
الطلب
ورد إلى المحكمة الاتحادية العليا كتاب مكتب رئيس الوزراء. المرقم (م.ر.ن/1979) المؤرخ في 21/3/2010 متضمناً تفسير المادة (76) من دستور جمهورية العراق وأورد الكتاب نص المادة المذكورة، طالباً تفسير تعبير ((الكتلة النيابية الأكثر عدداً)) الوارد في الماد(76).
وضع الطلب أعلاه موضع التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا في جلستهاالمنعقدة بتاريخ 25/3/2010 وبعد الرجوع إلى أراء فقهاء القانون الدستوري والتمعن فيها توصلت المحكمة الاتحادية العليا إلى الرأي الأتي:
الرأي
وجدت المحكمة الاتحادية العليا من استقراء نص المادة (76) من دستور جمهورية العراق بفقراتها الخمسة ومن استقراء بقية النصوص الدستورية ذات العلاقة. إن تطبيق أحكام المادة (76) من الدستور يأتي بعد انعقاد مجلس النواب بدورته الجديدة بناء على دعوة رئيس الجمهورية وفقاً لأحكام المادة (54) من الدستور، وبعد انتخاب مجلس النواب في أول جلسة له رئيساً للمجلس ثم نائباً أول ونائباً ثانياً له وفق أحكام المادة (55) من الدستور بعدها يتولى المجلس انتخاب رئيس الجمهورية الجديد وفق ما هو مرسوم في المادة (70) من الدستور، وبعد ان يتم انتخاب رئيس الجمهورية يكلف وخلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتخابه مرشح ((الكتلة النيابية الأكثر عدداً)) بتشكيل مجلس الوزراء.
وتجد المحكمة الاتحادية العليا ان تعبير ((الكتلة النيابية الأكثر عدداً )) يعني: إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة, دخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت على العدد الأكثر من المقاعد, أو الكتلة التي تجمعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت الانتخابات بأسماء وأرقام مختلفة ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب, أيهما أكثر عدداً, فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة النيابية التي أصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الأولى لمجلس النواب أكثر عدداً من الكتلة أو الكتل الأخرى بتشكيل مجلس الوزراء أستناداً إلى أحكام المادة (76) من الدستور.
وصدر الرأي بالاتفاق في 25/3/2010.
يتضح من قرار الاتحادية العليا في تفسير الكتلة النيابية الاكثر عددا ان تشكيل الكتلة النيابية الاكثر عددا يكون باحدى الطريقتين الاتيتين:
1. الطريقة الاولى: قائمة منفردة خاضت الانتخابات برقم واسم معينين وحازت على العدد الاكثر من المقاعد من دون الائتلاف مع اي قائمة اخرى فتشكل بمفردها كتلة نيابية ومثال ذلك هو القائمة العراقية التي خاضت انتخابات عام 2010 بنفس الاسم وبرقم خاص بها وحافظت على نفس كيانها الانتخابي حضرت جلسة الانعقاد الأولى لمجلس النواب ولم تأتلف مع أي قائمة أخرى.
2. الطريقة الثانية: أن تحضر جلسة الانعقاد الأولى لمجلس النواب قائمتين فأكثر حصلت كل منهما على مقعد او اكثر في المجلس من خلال خوضهما الانتخابات كل منهما باسم ورقم معينين وتعلنان ائتلافهما باسم معين يجمعهما سوية ويكون مجموع مقاعد هذا الائتلاف هو مجموع المقاعد التي حصل عليها كل من القوائم التي شكلته او النواب الذين انضموا له بعد الانتخابات ومثاله اعلان قائمة (دولة القانون) الحاصلة على (89) مقعدا وقائمة (الائتلاف الوطني) الحاصلة على (70) مقعدا وائنلافهما تحت عنوان (التحالف الوطني) ليكون مجموع مقاعد الائتلاف الجديد هو (159) مقعدا.
وتعد الكتلة التي يكون عدد مقاعدها هو الاكثر من بين الكتل التي تشكلت على وفق ما ورد في الفقرتين (1 او 2) اعلاه هي الكتلة النيابية الاكثر عددا والتي يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشحها لتشكيل الحكومة.
ونرى ان تفسير المحكمة الاتحادية للكتلة النيابية الاكثر عددا مع احكام الفقرة الاولى من المادة 76 من الدستور التي الزمت رئيس الجمهورية ان يكلف مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء والكتلة النيابية الاكثر عددا هي الكتلة التي تفرزها وتكشف عنها نتائج الانتخابات اوالكتلة النيابية التي تاتلف بعد ظهور نتائج الانتخابات وقبل انعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب فما الفائدة من تكليف الكتلة النيابية التي كشفت عنها نتائج الانتخابات وهناك كتلة نيابية اخرى مؤتلفة خلال الجلسة الاولى لمجلس النواب تفوقها عددا . مع ذلك اثير جدل كبير وتشهير اكبر بالمحكمة الاتحادية من قبل الكتل التي تضررت منه .

ثانيا-قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بالهيئات المستقلة
اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها المرقم 88في الثامن عشر من شهر كانون الثاني 2011، حول الجهة التي ترتبط بها الهيئات المستقلة، ردا على استيضاح السيد رئيس الوزراء بموجب كتاب (مكتب رئيس الوزراء) /10/2. جاء فيه بان ربط بعض الهيئات المستقلة ذات الطبيعة التنفيذية في عملها بمجلس النواب أمر لا يتفق مع اختصاص المجلس ويتعارض مع مبدأ فصل السلطات ولا يتفق مع ما جرى العمل عليه في برلمانات العالم، كما تجد المحكمة الاتحادية أن (ارتباط) بعض الهيئات المستقلة بمجلس النواب لا يحول دون الإشراف على نشاطاتها من قبل مجلس الوزراء تطبيقا لاختصاصاته الواردة في الدستور، باعتبارها جهات غير مرتبطة بوزارة.
أما بقية السلطات التي لم تحدد النصوص الدستورية ارتباطها بمجلس النواب أو مجلس الوزراء وتمارس مهام تنفيذية، واخضع الدستور قسم منها (لرقابة مجلس النواب) أو جعلها (مسؤولة أمام مجلس النواب)، فأن مرجعيتها لمجلس الوزراء، ويكون لمجلس النواب حق الرقابة على أعمالها ونشاطاتها، وتكون مسؤولة أمام مجلس النواب شأنها شأن أية وزارة أو جهة تنفيذية غير مرتبطة بوزارة، سواء ذكر ذلك النص الدستوري أو لم يذكر تأسيسا على ما أورده من نصوص تعطي حق الرقابة لمجلس النواب على أعمال السلطة التنفيذية.
أثار هذا القرار الكثير من الجدل بين الكتل السياسية المختلفة وصدرت تصريحات سياسية مختلفة من قبل قيادات سياسية وبعض مسئولي الهيئات المستقلة.
الحقيقة إن معظم الخلافات والاختناقات السياسية التي مرت وتمر بها العملية السياسية في العراق ومنها ارتباط الهيئات المستقلة كان احد أسبابها الجوهرية هو وجود بعض النصوص الدستورية الفضفاضة وغير الدقيقة، حيث ان المشرع الدستوري لم يكن موفقا تماما في اختيار مفردات لغوية تعبر بدقة عن مقاصده،ربما لضيق الوقت المخصص لكتابة الدستور ولأجواء عدم الثقة التي كانت سائدة بين هذه المكونات الأساسية الخارجة لتوها من قبضة اعتى نظام دكتاتوري عرفته البشرية بعد الحرب العالمية الثانية، ولكون اغلب أعضاء اللجنة هم سياسيون بالدرجة الاولى ومن غير ذوي الخبرة السابقة سواء في الحكم والادارة او في الصياغة الدستورية فمن الطبيعي ان نجد بعض نصوص الدستور فضفاضة وغير محكمة وكان من نتائج ذلك حصول الكثير من لاختناقات والمنازعات بشان تفسيرها بيد إننا نجد الدستور استخدم مفردات مختلفة للتعبير عن معنى واحد ولم يكن دقيقا ولا صريحا في تحديد ارتباط هذه الهيئات فنجد الدستور في المادة102 يقول(تُعد المفوضة العليا لحقوق الانسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النـزاهة، هيئاتٌ مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم اعمالها بقانون) بينما نجده في المادة 103 الفقرة أولا استخدم مفردات جديدة تختلف عن وصف الهيئة المستقلة الذي ورد في المادة 102ولم يتطرق إلى الجهة التي ترتبط بها عندما نص على (يعد كل من البنك المركزي،وهيئة الإعلام والاتصالات ودواوين الأوقاف هيئات مستقلة ماليا وإداريا وينظم القانون عمل كل هيئة منها) حيث أضاف هنا مفردات جديدة (مستقلة ماليا وإداريا) ثم عاد في الفقرة ثانيا من المادة نفسها ليحدد ارتباط هذه الهيئات إلا انه وصف ارتباط البنك المركزي باالعبارة التالية (يكون البنك المركزي مسئولا أمام مجلس النواب ويرتبط ديوان الرقابة المالية وهيئة الإعلام والاتصالات بمجلس النواب) فنجده مرة يقول يكون البنك المركزي مسؤولا امام مجلس النواب ومرة يقول يرتبط ديوان الرقابة المالية وهيئة الاعلام والاتصالات بمجلس النواب ولا ندري ما هي الحكمة من استخدام التعبيرين وما هو القصد من كل منهما سوى إضافة المزيد من الإرباك على النص الدستوري المتخم بالإرباك أصلا.
في حين نجد المادة 103 ثالثاً نصت صراحة على ارتباط دواوين الأوقاف بمجلس الوزراء وكذلك نجد المادة 104 نصت صراحة على (تؤسس هيئة تسمى مؤسسة الشهداء ترتبط بمجلس الوزراء وينظم عملها واختصاصها بقانون).
بينما نجد الدستور سكت تماما في المادة (105): عن ذكر الجهة التي ترتبط بها الهيئة العامة لضمان حقوق الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم حيث نصت هذه المادة على (تؤسس هيئةٌ عامة لضمان حقوق الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في المشاركة العادلة في إدارة مؤسسات الدولة الاتحادية المختلفة، والبعثات والزمالات الدراسية، والوفود والمؤتمرات الإقليمية والدولية، وتتكون من ممثلي الحكومة الاتحادية، والأقاليم والمحافظات.
وكذلك سكت الدستور في المادة(106) عن ذكر الجهة التي ترتبط بها الهيئة العامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية حيث نصت (تؤسس بقانونٍ، هيئةٌ عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية، وتتكون الهيئة من خبراء الحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات وممثلين عنها، وتضطلع بالمسؤوليات الآتية...).
ومع كل هذا الارباك الذي شاب التنظيم الدستوري للهيئات المستقلة الا انه يمكن تسجيل الملاحظات الاتية على قرار المحكمة الاتحادية الخاص بالهيئات المستقلة:
أ‌. خصص الدستور الباب الثالث للسلطات الاتحادية حيث خصص الفصل الاول منه للسلطة التشريعية والفصل الثاني للسلطة التنفيذية والفصل الثالث للسلطة القضائية والفصل الرابع للهيئات المستقلة وافرد لها المواد من 102-108بمعنى ان الدستور افرد فصلا خاصا بالهيئات المستقلة ولم يضعها ضمن الفصل الخاص باي سلطة من السلطات الثلاث واراد لها ان تعمل بشكل مستقل عن بقية السلطات الثلاث ولو كان مقصد المشرع الدستوري ان تخضع هذه الهيئات الى احدى السلطات الثلاث لوضعها ضمن الفصل الخاص بالسلطة التنفيذية او ضمن الفصل الخاص بالسلطة التشريعية ولكنه اراد لهذه الهيئات المستقلة ان تكون مستقلة عن بقية السلطات فافرد لها فصلا خاصا بها. وهي تعمل بموجب القوانين والتعليمات التي تنظم عملها والقوانين الاخرى ذات الصلة كما تخضع لرقابة مجلس النواب بذات الأسلوب الذي تخضع به الحكومة لهذه الرقابة. كما تخضع لاختصاص المحاكم الجزائية إذا ما وقعت تحت طائلة النصوص العقابية ولاختصاص المحاكم المدنية إذا ما تسببت في الحاق ضرر بالغير، تماما كما تخضع مؤسسات الحكومة لهذا الاختصاص.
ب‌. إن الدستور وفي الفصل الثاني الخاص بالسلطة التنفيذية (الحكومة ورئاسة الجمهورية) نص في المادة (80) منه على الصلاحيات الحصرية لمجلس الوزراء ولم يكن من بينها ما يتعلق بممارسة أي سلطة من قبل مجلس الوزراء على الهيئات المستقلة موضوع القرار.
ت‌. سبق للمحكمة الاتحادية أن أعطت رأياً تفسيرياً بشأن الاستقلال الوارد في المادة (102) من الدستور يتعارض مع قرارها المشار اليه جاء فيه: ((ان منتسبي هيئة النزاهة مستقلون في مهامهم المنصوص عليها في القانون ولا سلطان عليهم في اداء هذه المهام لغير القانون، ولايجوز لاي جهة التدخل او التأثير على اداء الهيئة لمهامها. وان الهيئة تخضع لرقابة مجلس النواب في اداء هذه المهام فاذا ما حادت عنها او تجاوزتها فان مجلس النواب يملك لوحده محاسبتها ويتخذ الاجراء المناسب في ذلك بها، ومعنى ذلك ان هذه الهيئة تدير نفسها بنفسها ووفقاً لقانونها شأنها شأن البنك المركزي الذي يتمتع بهذه الاستقلالية لتمكينه من اداء مهامه دون تدخل من احدى الجهات)).
ث‌. ان القرار اعتبر االهيئة المستقلة جهة غير مرتبطة بوزارة وحيث ان الفقرة اولا من المادة (80) من الدستور التي حددت صلاحية مجلس الوزراء نصت على انه ((تخطيط السياسة العامة للدولة والخطط العامة والاشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة)).
نجد ان هذا النص قد حدد الجهات التي تخضع لاشراف مجلس الوزراء وهي الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة واستبعد تماما الهيئات المستقلة من الخضوع لاشراف مجلس الوزراء، مما يعني ان المحكمة وقعت في الخلط بين الهيئات المستقلة والجهات غير المرتبطة بوزارة وتجاهلت ان مقصد المشرع الدستوري من تشكيل الهيئات المستقلة هو بالاصل عدم اخضاعها للحكومة وابعادها عن هيمنتها لان طبيعة اختصاص هذه الهيئات تقتضي ان تتمتع بحيادية واستقلالية كاملة وان ربطها بالحكومة يعرضها الى ضغوطات قد تؤثر على سياساتها العامة وقراراتها فتضطر الى محاباة الحكومة بشكل او باّخر.ولولا خشية المشرع من وقوع مثل هذا المحذور لربط هذه المؤسسات بالوزارات او اعتبرها جهات غير مرتبطة بوزارة.
يتضح مما تقدم ان قرر المحكمة الاتحادية العليا بإخضاع الهيئات المستقلة للحكومة جاء مخالفا للدستور الذي وصف هذه الهيئات بالمستقلة ومخالفا لمقاصد المشرع الدستوري الذي اراد ان تكون هذه الهيئات مستقلة في عملها وفي قراراتها عن الحكومة وبالتالي ساهم هذا القرار في تعطيل الاحكام الدستورية الخاصة باستقلالية الهيئات المستقلة عندما اخضع هذه الهيئات للحكومة بشكل او باخر.

ثالثا-قرار المحكمة الاتحادية الخاص بتفسير مقترح القانون ومشروع القانون
بتاريخ 12/7/2010 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قراريها المرقمين 43 و44 لسنة 2010 المتضمنين نقض القانون رقم 20 لسنة 2010 المتضمن فك ارتباط دوائر البلديات والإشغال العامة والقانون رقم 19 المتضمن فك ارتباط دوائر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لكونهما لم يقدما إلى البرلمان من خلال رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء. ويعد هذان القراران من أخطر القرارات التي اتخذتها المحكمة الاتحادية العليا على الإطلاق لان هذين القرارين صادرا صراحة الاختصاص التشريعي للهيئة التشريعية (البرلمان) وهو الاختصاص الأصيل لمجلس النواب وجعلاه موقوفا على إجازة السلطة التنفيذية له وبالتالي رهنا ممارسة الاختصاص التشريعي لمجلس النواب وأوقفاه على إرادة الحكومة.
سنكتفي بمناقشة قرار المحكمة رقم 43 لأنه لا يختلف بشيء عن القرار رقم 44 وقبل أن نباشر بالمناقشة لابد أن نورد نص قرار المحكمة المتضمن الأسباب التي استندت إليها المحكمة في حيثيات حكمها الذي أصدرته ومن ثم نقوم بمناقشة هذا القرار.
القرار:
(لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد إن المدعي رئيس مجلس الوزراء / إضافة لوظيفته طعن بعدم دستورية قانون. فك ارتباط دوائر وزارة البلديات والأشغال العامة المرقم (20) لسنة 2010 لمخالفته لإحكام الدستور. ووجدت المحكمة من استقراء نصوص الدستور انه قد تبنى مبدأ الفصل بين السلطات في المادة 47 منه. وان مشروعات القوانين خص بتقديمها السلطة التنفيذية ويلزم إن تقدم من جهات ذات اختصاص في السلطة التنفيذية لتعلقها بالتزامات مالية وسياسية ودولية واجتماعية وان الذي يقوم بإيفاء هذه الالتزامات هي السلطة التنفيذية وذلك حسبما نص الدستور عليه في المادة (80) منه وليست السلطة التشريعية. حيث إن دستور جمهورية العراق في المادة (60) منه منفذين نقدم من خلالهما مشروعات القوانين، وهذان المنفذان يعودان حصرا للسلطة التنفيذية وهما رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وإذا ما قدمت من غيرهما فان ذلك يعد مخالفة دستورية لنص.المادة (60/أولا) من الدستور. وان الفقرة (ثانيا) من المادة (٦٠) من الدستور أجازت لمجلس النواب تقديم مقترحات القوانين عن طريق عشرة من أعضاء مجلس النواب و من إحدى لجانه المختصة و مقترح القانون لا يعني مشروع القانون لان المقترح هو فكرة والفكرة لا تكون مشروعا ويلزم إن يأخذ المقترح طريقه إلى احد المنفذين المشار إليهما لإعداد مشروع قانون وفق ما رسمته القوانين و التشريعات النافذة إذا ما وافق ذلك سياسة السلطة التنفيذية التي اقرها مجلس النواب، ومن متابعة القانون موضوع هذه الدعوى المشار إليه أعلاه وجد انه كان مقترحا تقدمت به لجنة العمل والخدمات في مجلس النواب إلى هيئة رئاسة مجلس النواب ولم يكن مشروع قانون تقدمت به السلطة التنفيذية واستنفذ مراحله قبل تقديمه وحيت تم إقرار هذا القانون من مجلس الرئاسة ونشر في الجريدة الرسمية دون إن تبدي السلطة التنفيذية الرأي فيه ضمن التزاماتها السياسية الداخلية منها والدولية وهذا مخالف للطريق المرسوم لإصدار القوانين من الناحية الدستورية حيث إن رئيس مجلس الوزراء هو المسئول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة وذلك لنص المادة (٧٨) من الدستور و يمارس صلاحيته الدستورية في تخطيط وتنفيذ هذه السياسة و الخطط العامة والإشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة وفقاً للمادة (٨٠/أولا) من الدستور لذا فان من حقه إضافة لوظيفته الطعن بعدم دستورية القانون موضوع الدعوى لعدم إتباع الشكلية التي رسمها الدستور عند تشريعه ولمخالفة القانون رقم 20 لسنة 2010 المادة (60/أولا) من الدستور قررت المحكمة الاتحادية العليا الحكم بإلغائه وإلغاء الآثار المترتبة عليه وتحميل المدعى عليهما رئيس مجلس النواب إضافة لوظيفته ورئيس مجلس الرئاسة إضافة لوظيفته مصاريف الدعوى وأتعاب المحاماة لوكيلي المدعي والشخص الثالث مبلغا مقداره عشرة آلاف دينار مناصفة بينهما وصدر الحكم حضورياً باتا وبالاتفاق استنادا لإحكام المادة (94) من الدستور وافهم علناً في 12- 7- 2010).
بعد إن استعرضنا نص قرار المحكمة نورد الملاحظات التالية على القرار مع مناقشة المبررات التي ساقتها المحكمة في تسبيب حكمها.
أ‌. إن هذا القرار جاء مخالفا تماما لأهم الأسس التي تقوم عليها الأنظمة الديمقراطية في العالم وبالذات النظام البرلماني الذي نصت عليه المادة 1 من الدستور بقولها ( جمهورية العراق دولةٌ اتحاديةٌ واحدةٌ مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ، وهذا الدستور ضامنٌ لوحدة العراق) وكون نظام الحكم برلماني يعني ان البرلمان المنتخب هو الذي يلد الحكومة ويسحب الثقة منها ومنه تنبثق السلطة القضائية وهو الذي يختار رئيس الجمهورية في الأنظمة الجمهورية وهو الذي يتولى الاختصاص التشريعي (سن القوانين التي تنظم سير مؤسسات الدولة). لهذا أطلق الدستور في المادة 47 على البرلمان تسمية (السلطة التشريعية) مقابل السلطة التنفيذية او السلطة القضائية لتستمد كل سلطة تسميتها من اختصاصها. من هنا يمكن القول إن قرار المحكمة الاتحادية برهن الاختصاص التشريعي لمجلس النواب بإرادة الحكومة جاء متعارضا صراحة مع أهم الأسس التي يقوم عليها النظام البرلماني لأنه جعل هذا الاختصاص موقوفا على إرادة سلطة أخرى هي السلطة التنفيذية وهذا يتعارض أيضا مع نص المادة الأولى من الدستور التي تعد (مفتاح الدستور وعنوانه) كونها حددت شكل النظام السياسي المعتمد في العراق وهو (نظام جمهوري اتحادي برلماني).
ب‌. نصت المادة 61من الدستور على انه (يختص مجلس النواب بما يأتي):
أولاً: تشريع القوانين الاتحادية (وهذا يعني إن مجلس النواب هو الهيئة التشريعية المختصة حصرا بتشريع القوانين وهو اختصاص اصيل بمعنى انه ليس مشتقا من سلطة اخرى أي ان المبادرة في عملية التشريع هي بيد مجلس النواب وهذا ما تقتضيه طبيعة النظام البرلمان. وتكون التشريعات التي يصدرها مجلس النواب مصادقا عليها تلقائيا بعد مرور خمسة عشر يوما وان لم يصادق عليها رئيس الجمهورية لهذا فان رهن ممارسة البرلمان لاختصاصه التشريعي واعتباره موقوفا على اجازة الحكومة يعد إفراغا تاما للاختصاص التشريعي لمجلس النواب من محتواه المنصوص عليه في هذه المادة.
ت‌. إن القرار يتعارض صراحة مع مبدأ الفصل بين السلطات الذي نصت عليه المادة47 من الدستور ( تتكون السلطات الاتحادية، من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات) حيث نجد أن المحكمة استعانت بهذا المبدأ في حيثيات حكمها لتسبيب حكم يتعارض تماما وأحكامه، فمبدأ الفصل بين السلطات يعني عدم تداخل السلطات الثلاث في عمل بعضها البعض ولا يمكن إن يعني في أية حال من الأحوال أن نوقف ( نرهن) اختصاص سلطة على إرادة سلطة أخرى كما جاء في قرار المحكمة لان ذلك يعد إطاحة كاملة بمبدأ أساسي يقوم عليه النظام البرلماني ودستور 2005 الذي تبنى صراحة مبدأ الفصل بين السلطات، واذا سلمنا بقرار المحكمة الاتحادية العليا فمعنى ذلك ان البرلمان سيتوقف عن ممارسة اختصاصه في تشريع القوانين لينتظر ما تقدمه له الحكومة او رئيس الجمهورية من مشاريع القوانين وهذا يتعارض تماما مع طبيعة النظام الديموقراطي والنظام البرلماني ومع الدستور.
ث‌. سببت المحكمة قرارها بان القانون رقم 20 (قانون فك ارتباط وزارة البلديات) معيب من ناحية الشكل لكونه لم يمر من خلال رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء وإنما مر من خلال لجنة الخدمات خلافا لما نصت عليه المادة 60 من الدستور التي نصت على:
أولاًـ مشروعات القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء.
ثانياً. مقترحات القوانين تقدم من عشرةٍ من أعضاء مجلس النواب، أو من إحدى لجانه المختصة.

ولغرض مناقشة هذا السبب كونه السبب الجوهري الذي استندت إليه المحكمة في إصدار حكمها نورد على هذا التسبيب الملاحظات الآتية:
1-ان تفسير المحكمة لمقترح القانون بأنه فكرة والفكرة لا تكون مشروعا لا أساس له من اللغة ولا أساس له من القانون فمقترح القانون لغة ليس فكرة أبدا ولا يختلف بشيء عن مشروع القانون كما إن المشرعون العرب لا يفرقون بين تعبير مقترح القانون وتعبير مشروع القانون طالما إن تعبير المشروع وتعبير المقترح يسبقان تعبير القانون فكلاهما يعني ذات المعنى وهذا ما نصت عليه المادة (101) من الدستور المصري التي نصت على انه لرئيس الجمهورية، وللحكومة، ولكل عضو في مجلس النواب، اقتراح القوانين.
ويحال كل مشروع قانون إلى اللجنة النوعية المختصة بمجلس النواب؛ لفحصه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس. ولا يحال الاقتراح بقانون المقدم من أحد الأعضاء إلى اللجنة النوعية، إلا إذا أجازته اللجنة المختصة بالمقترحات، ووافق المجلس على ذلك. فإذا رفضت اللجنة الاقتراح بقانون وجب أن يكون قرارها مسببا.وكل اقتراح بقانون قدمه أحد الأعضاء، ورفضه المجلس، لا يجوز تقديمه ثانية فى دور الانعقاد نفسه).
من الواضح تماما ان المشرع الدستوري المصري استخدم تعبيري المشروع والمقترح للتعبير عن ذات المعنى في مادة واحدة وهذا بالضبط ما فعله المشرع الدستوري العراقي في المادة 60 التي استند إليها قرار المحكمة الاتحادية . كذلك ما فعله المشرع الدستوري الكويتي في المادة 109 من الدستور الكويتي نصت على انه (لعضو مجلس الأمة حق اقتراح القوانين. وكل مشروع قانون اقترحه أحد الأعضاء ورفضه مجلس الأمة لا يجوز تقديمه ثانية في دور الانعقاد ذاته) وكذلك ما فعل المشرع السوري في المادة 70 من الدستور السوري عندما نص على انه (لأعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين وتوجيه الأسئلة والاستجوابات للوزارة أو أحد الوزراء وفقاً لأحكام النظام الداخلي للمجلس).
إذن من الواضح ان المشرع الدستوري الكويتي والسوري استخدم تعبير مقترح القانون ومشروع القانون للتعبير عن معنى واحد في مادة واحدة كما فعل المشرع المصري والمشرع العراقي.وكان على المحكمة الاتحادية وهي تعد بمثابة محكمة دستورية إذا أشكل عليها تعبير المقترح وتعبير المشروع ان تفتش عنه في التشريعات الدستورية العربية المقارنة إذا لم تجد ما يعينها في التشريعات العراقية قبل ان تصدر حكمها الخطير محل بحثنا.
2-ان المحكمة الاتحادية تجاهلت تماما ان المادة 60 ألزمت تقديم مقترح القانون او مشروع القانون الى جهة واحدة وهي مجلس النواب بمعنى ان مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية وعشرة اعضاء من مجلس النواب او احدى لجانه المتخصصة يقدموا مشروعهم او مقترحهم الى مجلس النواب مباشرة للبت فيه، بمعنى ان عشرة نواب اواحدى لجان مجلس النواب المتخصصة تقدم مقترح القانون لمجلس النواب وليس الى مجلس الوزراء كما ذهبت المحكمة. في حين ان المحكمة الاتحادية تطالب بتقديم مقترح القانون المقدم من عشرة اعضاء او من احدى لجان مجلس النواب المختصة الى مجلس الوزراء خلافا لما نصت عليه المادة 60 بفقرتيها وهكذا نجد ان المحكمة قلبت النص عندما ذكرت في تسبيبها (. وان الفقرة (ثانيا) من المادة (٦٠) من الدستور أجازت لمجلس النواب تقديم مقترحات القوانين عن طريق عشرة من أعضاء مجلس النواب ومن إحدى لجانه المختصة ومقترح القانون لا يعني مشروع القانون لان المقترح هو فكرة والفكرة لا تكون مشروعا ويلزم إن يأخذ المقترح طريقه إلى أحد المنفذين المشار إليهما لإعداد مشروع قانون وفق ما رسمته القوانين والتشريعات النافذة إذا ما وافق ذلك سياسة السلطة التنفيذية).
يتضح من قرار المحكمة بان لمجلس النواب تقديم مقترحات القوانين الى مجلس الوزراء خلافا لنص المادة 60حيث ان هذه المادة لم تذكر لمجلس النواب ان يقدم مقترح القانون الى مجلس الوزراء وانما ذكرت إن لعشرة نواب او إحدى لجان المجلس المختصة تقديم مقترح القانون الى مجلس النواب وهنا نجد المحكمة للأسف وقعت في خطأ اخر لتبرير حكمها.
3-ان المحكمة اكدت في تسبيبها ان اي تشريع لا يمكن ان يمر الا اذا انسجم مع سياسة السلطة التنفيذية عندما ذكرت (ويلزم إن يأخذ المقترح طريقه إلى احد المنفذين المشار إليهما لإعداد مشروع قانون وفق ما رسمته القوانين و التشريعات النافذة إذا ما وافق ذلك سياسة السلطة التنفيذية التي اقرها مجلس النواب) وعليه ووفقا لتسبيب المحكمة فان مقترح القانون الذي يقدمه مجلس النواب ولا يتفق مع سياسة الحكومة فانه لن يكون قانونا وبذلك رهنت المحكمة صراحة الاختصاص التشريعي الاصيل لمجلس النواب بيد الحكومة ومنحت صراحة حق نقض (VETO)غير مباشر للتشريعات التي يسنها مجلس النواب ويصادق عليها رئيس الجمهورية من خلال الطعن بها أمام المحكمة الاتحادية العليا.
5-إن القانون الوحيد الذي ألزم الدستور تقديمه من خلال الحكومة هو قانون الموازنة العامة فقط باعتبار إن السلطة التنفيذية هي المختصة بإعداد مشروع قانون الموازنة لكون وزارة المالية هي المسؤولة عن تقدير الإيرادات العامة والنفقات العامة لفترة زمنية تقدر بسنة.والزم القانون مجلس الوزراء ان يقدم مشروع قانون الموازنة والحساب الختامي الى مجلس النواب لاقراره وتخفيض مجمل مبالغها ومنح مجلس النواب صلاحية إجراء المناقلة بين أبواب وفصول الموازنة وله عند الضرورة ان يقترح على مجلس الوزراء زيادة مبالغ النفقات.وهذا يعني ان المشرع خص مشروع قانون الموازنة بان يمر من خلال الحكومة اما بقية التشريعات فليس من الضروري ان تمر من خلال الحكومة او من خلال رئيس الجمهورية وار من خلال لجان مجلس النواب المتخصصة او عشرة نواب.

صفوة القول
نرى إن قرار المحكمة رقم 43لسنة 2010جاء متعارضا مع احكام الدستور ومع أصل النظام البرلماني ويصادر الاختصاص التشريعي لمجلس النواب، وهو دليل اخر على ان المحكمة الاتحادية تنظر إلى الدعاوى المتعلقة بالشأن الدستوري وكأنها دعاوى قضاء عادي وهذا الاتجاه يتعارض مع كون المحكمة الاتحادية هي محكمة دستورية وليست محكمة قضائية. وكان يقتضي من المحكمة أن تعرض أي تفسير أو نزاع دستوري تتصدى له على المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الدستور، فان تطابق معها ولم يشذ عن أحكامها فهذا يعني صحة التفسير وان شذ عن المبادئ الأساسية للدستور وتعارض معها فمعنى ذلك إن هناك خللا في التفسير يستدعي إعادة النظر به وفقا للمبادئ الاساسية التي تحكم الدستور. وعليه فان هذا القرار ساهم الى حد بعيد في تعطيل احكام الدستور عندما رهن الاختصاص التشريعي لمجلس النواب بموافقة الحكومة، بعبارة أكثر دقة ان قرار المحكمة سلب من المشرع حقه في التشريع ورهنه بارادة الحكومة فعطلت المحكمة بذلك احكام الدستور ذات الصلة وعززت الاعتقاد السائد بمحاباتها للحكومة .

رابعا-قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم 45/ت.ق/2014 المؤرخ في 11/8/2014
ويعد هذا القرار من اغرب القرارات التي اصدرتها المحكمة الاتحادية العليا منذ تأسيسها عام 2005. وقبل ان نباشر في مناقشة هذا القرار لا بد لنا من ايراد نص هذا القرار. ونبدا بالكتاب الموقع من قبل رئيس االمحكمة الاتحادية العليا والموجه الى رئيس الجمهورية والذي ارفق به قرار المحكمة والموقع من قبل رئيس المحكمة الاتحادية العليا.

نص لكتاب
الى فخامة السيد رئيس الجمهورية المحترم
إشارة الى كتابكم المؤرخ في 10/8/2014
فقد اجتمعت المحكمة الاتحادية العليا صباح اليوم حضورا وبواسطة الهاتف بالاعضاء الموجودين خارج بغداد وتم التوصل الى القرار المرافق طيا.
للتفضل بالاطلاع مع فائق التقدير

نص القرار الموقع من قبل ثلاثة اعضاء فقط من مجموع تسعة اعضاء لم يكن من بينهم رئيس المحكمة.

الى/ فخامة السيد رئيس الجمهورية المحترم
((اشارة الى كتابكم المؤرخ 10/8/2014 الوارد مساء يوم 10/8/2014 الموجه الى السيد رئيس المحكمة الاتحادية العليا المتضمن الطلب من المحكمة الاتحادية البت في امر من هي الكتلة الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء بموجب المادة (76) من الدستور، وبناء عليه اجتمعت المحكمة الاتحادية العليا صباح يوم 11/8/2014 حضورا وبالاتصالات الهاتفية لسفر خمسة من اعضائها خارج بغداد وقد تم التوصل الى ما يأتي:
رجوعا الى قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم 25/اتحادية/2010 المؤرخ في 25/3/2010 الذي يعتبر نافذا وملزما للسلطات كافة بما فيها السلطة القضائية الاتحادية بموجب احكام المادة (94) من الدستور، وجد ان الفقرة الحكمية تتضمن ما يأتي: ان تعبير الكتلة النيابية الاكثر عددا يعني اما:
- الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات ومن خلال قائمة انتخابية واحدة وحازت على العدد الاكثر من المقاعد.
- او الكتلة التي تجمعت من قائمتين او أكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت الانتخابات بأسماء وارقام مختلفة ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب ايهما أكثر عددا وفيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة النيابية التي اصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الاولى لمجلس النواب أكثر عددا من الكتل او الكتل الاخرى بتشكيل مجلس الوزراء الى احكام المادة (76) من الدستور. ومما تقدم فتكون الكتلة النيابية التي تكلف بتشكيل مجلس الوزراء التي اصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الاولى أكثر عددا من الكتلة او الكتل الاخرى. وبهذا الصدد نشير الى كتاب النائب السيد مهدي الحافظ رئيس مجلس النواب بحكم السن المؤرخ 25/7/2014 وكتاب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات – مجلس المفوضين المرقم (خ/14/589) المؤرخ 2/7/2014.
- وصدر القرار بالاتفاق عدا ما يتعلق بفقرة الاشارة الى كتاب رئيس مجلس النواب بحكم السن (؟)، وكتاب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات المشار اليهما في اعلاه حيث ارتأى ثلاثة من الاعضاء عدم الاشارة اليهما. وصدر القرار تحريرا في 11/8/2014.
يستخلص من الكتاب والقرار المرفق به الملاحظات الاتية:
أ‌. القرار جاء مخالفا صراحة لنص المادة خامسا من قانون المحكمة الاتحادية الذي يقضي بان جلسات المحكمة لا تنعقد الا بحضور جميع اعضائها. لان خمسة من اعضاء المحكمة لم يحضروا الجلسة ووقع القرار ثلاثة اعضاء فقط ليس من بينهم رئيس المحكمة من مجموع تسعة اعضاء.
ب‌. لم يوقع رئيس المحكمة على القرار في حين قام بتوقيع الكتاب المرفق به وهذا بلا شك مخالف للاصول التي سارت عليها المحكمة فكيف تنعقد المحكمة بدون حضور رئيسها وعلى فرض حضور رئيسها فالمفروض ان يوقع على القرار .ولا شك ان ذلك يثير أكثر من علامة استفهام حول الاسباب التي تقف وراء ذلك.
ت‌. ان الطلب ورد الى المحكمة بعد انتهاء الدوام الرسمي ليوم 10/8/2014 وصدر القرار صباح يوم 11/8/2014 بمعنى ان المحكمة استلمت الطلب واجتمعت ونظرت به واصدرت قرارها في نفس اليوم وخلال بضعة ساعات وهذا مخالف صراحة لسياقات المحكمة نفسها ولسياقات المحاكم المماثلة في العالم.
ث‌. جاء في مقدمة القرار ان المحكمة الاتحادية العليا اجتمعت صباح يوم 11/8/2014 حضورا وبالاتصالات الهاتفية لسفر خمسة من اعضائها خارج بغداد. وهذه بلا شك سابقة تتعارض مع ما تعارف عليه القضاء الدستوري بوجه عام وما تعارف عليه العمل في المحكمة ذاتها ولما تعارف عليه القضاء العراقي بوجه خاص والقضاء بوجه عام . وما هي الاسباب التي دعت الى ىسفر خمسة من اعضائها خارج بغداد في وقت واحد خلال فترة زمنية كان الوضع السياسي في البلاد وبالذات موضوع تشكيل الحكومة يقتضي ان يكون اعضاء المحكمة الاتحادية العليا متواجدون في بغداد لوجود احتمالات قوية لانعقاد المحكمة لابداء الراي في مواضيع تخص اجراءات تشكيل الحكومة .
ج‌. تحفظ ثلاثة من اعضاء المحكمة على الفقرة التي اشارت الى كتاب رئيس مجلس النواب بحكم السن، وكتاب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات المشار اليهما في القرار حيث ارتأوا عدم الاشارة اليهما. وهذا التحفظ جاء كذلك مخالفا لم اعتادت عليه المحكمة في اصدار قراراتها بالاجماع.

صفوة القول
يتضح مما تقدم ان القرار اّنف الذكر قد صدر من المحكمة مخالفا صراحة لقانونها ومخالفا لسياقات عملها المعتادة مما يثير الكثير من الشكوك في ان المحكمة قد تعرضت الى ضغوطات شديدة في اصدار قرارها.
وبالتالي فان هذا القرار قد ساهم الى حد بعيد في المس بحيادية واستقلالية المحكمة الاتحادية العليا.
الفرع الثاني
انقطاع الشعب العراقي عن الحكم الدستوري لفترة نصف قرن
منذ صبيحة الرابع عشر من تموز 1958 ودع العراقيون مرة واحدة نظامهم الملكي وملكهم ودستورهم وبرلمانهم الذي انبثق عام 1925 ويعد ثاني أقدم برلمان عربي بعد البرلمان المصري الذي انبثق قبله بسنتين.
ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2005 بقي العراقيون بدون دستور حقيقي وبدون برلمان حقيقي وبدون انتخابات حقيقية وحل مبدأ الانقلابات العسكرية بدلا من مبدأ التداول السلمي للسلطة الذي كان سائدا في العهد الملكي وبذلك انقطع العراقيون عن الثقافة الديمقراطية والثقافة الدستورية, لهذا السبب ولاسباب اخرى لا نتطرق اليها تقيدا بحدود بحثنا، يلاحظ ان الطبقة السياسية التي تشكلت بعد التغيير السياسي عام 2003 لم تظهر قدرا كافيا من الوعي في قواعد واسس العملية الديمقراطية فألقى ذلك بظلاله لاحقا على صياغة الدستور وتطبيقه وتفسيره, وكذلك على اسلوب فض النزاعات التي تنشأ بين مؤسسات السلطة المختلفة من جهة وبين المواطن وهذه المؤسسات من جهة اخرى, مما ساهم في تراكم الكثير من المنازعات دون حل، حيث تم ترحيلها من دورة انتخابية الى اخرى بسبب غياب الثقافة الدستورية وغياب الثوابت الوطنية المتفق عليها بين اطراف العملية السياسية لذلك نجد الاطراف السياسية تلجأ الى فض المنازعات التي تنشأ بالطرق السياسية بدلا من اللجوء الى المحكمة الاتحادية العليا.

الخاتمة:
بعد ان انتهينا من دراسة موضوع رسالتنا اختصاصات الاقاليم والمحافظات المتعلقة بالنفط والغاز ن نبين اهم النتائج التي توصلنا اليها وحسب التفصيل الاتي:
اولاً. اهم االنتائج
1. ان توزيع الاختصاصات بين الدولة الاتحادية والاقاليم من جهة وبين الحكومة الاتحادية من جهة اخرى لم يكن موفقا الى حد بعيد سيما المواد (110 و112و114 و115 و121)
2. ان الدستور خلط بين نظام اللامركزية السياسية (الفيدرالية) وبين نظام اللامركزية الادارية وبين النظام الكونفيدرالي في اختصاصات المحافظات فلاحظنا ان المحافظة تظهر بمظهر اللامركزية الادارية مرة وبمظهر اللامركزية السياسية (الفيدرالية) مرة اخرى كما تظهر احيانا بمظهر الكونفيدرالية مرة ثالثة.
3. ان الدستور خلط بين النظام الفيدرالي والنظام الكونفيدرالي في اختصاصات الاقاليم فنجد الاقليم يظهر مرة بمظهر الفيدرالية ومرة يظهر بمظهر الكونفيدرالية.
4. ان الدستور خلط الى حد بعيد بين اختصاصات المحافظات واختصاصات الاقاليم واختصاصات السلطات الاتحادية فنجد انه منح اختصاصات للمحافظات وللاقاليم ضمن الباب الرابع المخصص للسلطات الاتحادية ومنح اختصاصات للمحافظات ضمن الباب الخامس المخصص للاقاليم.
5. ان الدستور لم يكن موفقا في صياغة نص محكم ينظم اختصاصات السلطات الاتحادية والاقاليم والمحافظات المتعلقة بالنفط والغاز سيما في المادة (112) وبشكل أخص الفقرة ثانيا منها.

6. ان عدم اصدار قانون النفط والغاز الاتحادي الذي نصت عليه الفقرة اولا من المادة (112) ادى الى نشوء خلافات عميقة ومستمرة مع حكومة اقليم كردستان كان من أحد نتائجها عدم اقرار الموازنة العامة الاتحادية لعام 2014، وقيام حكومة اقليم كردستان بابرام عقود نفطية لانتاج النفط ومد انبوب لنقله وتسويقه عبر الاراضي التركية الى ميناء جيهان التركي كل ذلك دون موافقة الحكومة الاتحادية او استشارتها.
7. تعارض قانون النفط والغاز لاقليم كردستان مع الدستور ومع قانون النفط والغاز الاتحادي.
8. ان الدستور لم يكن موفقا في تنظيم اختصاصات المحكمة الاتحادية الخاصة بالفصل بالمنازعات بين الحكومة الاتحادية والمحافظات والادارات المحلية والبلديات لان اختصاص الفصل في المنازعات التي تنشا بين الحكومة والمحافظات هي من اختصاص القضاء الاداري على فرض التقيد بمبدأ اللامركزية الادارية الوارد في الفقرة ثانيا من المادة (122) كما ان هناك اشكاليات في تكوينها وختصاصاتها اضف الى عدم تشريع قانونها وفقا للتنظيم الدستوري الذي رسمه الدستور

التوصيات:
1. تعديل المواد (110 و112 و114و115 و121) وان كان من المستبعد جدا اجراء اي تعديل على اي مادة تمس او تنتقص من صلاحيات الاقليم لوجود حق نقض لدى الاقليم لاي تعديل ينتقص من صلاحيات الاقليم.
2. اجراء تعديل على اختصاصات المحافظات وذلك برفع المحافظات غير المنتظمة في اقليم من نص المادتين (114 و115) ونعتقد بالامكان اجراء هذه التعديلات طالما انها لا تمس صلاحيات الاقليم
3. رفع الخلط الوارد بين الفقرتين ثانيا وخامسا من المادة (122) حيث ان الفقرة ثانيا تنص على اعتماد مبدأ اللامركزية الادارية في حين تعني الفقرة خامسا اعتماد مبدأ اللامركزية السياسية فاما يعتمد مبدأ اللامركزية الادارية او اعتماد اللامركزية السياسية.
4. رفع الخلط بين اختصاصات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم سيما في الاختصاصات المتعلقة بالنفط والغاز.
5. اعادة صياغة المادة (112) بما يرفع اللبس الوارد فيها ودمجها بفقرة واحدة بدلا من فقرتين.
6. تضمين اختصاصات المحافظات غير المنتظمة في اقليم الاختصاصات المتعلقة بالنفط والغاز بمعزل عن المادة (115) والفقرة الثانية من المادة (112)
7. تشريع قانون النفط والغاز الاتحاي على ان تقرا المواد (121) و(115) في ضوء المادة (111) كما وردت في ديباجة مشروع النفط والغاز.
8. رفع التعارض بين قانون اقليم النفط والغاز في اقليم كردستان رقم 0229 لسنة 2007 والدستور ومشروع قانون النفط والغاز الاتحادي.سيما الفقرة الخاصة بالسريان.
9. تعديل اختصاصات المحكمة الاتحادية المتعلقة بالفصل في المنازعات الناشئة بين الحكومة الاتحادية والمحافظات غير المنتظمة في اقليم على فرض التقيد بالفقرة ثانيا من المادة (122) التي اعتمدت مبدا اللامركزية الادارية في اختصاصات المحافظات وكذلك في المنازعات بين الحكومة الاتحاية والبلديات والادارات المحلية حيث انها من المؤكد تقع ضمن اختصاص القضاء الاداري.
10. تشريع القوانين التي نص عليها الدستور سيما قانون مجلس الاتحاد وقانون الهيئة العامة لمراقبة الايرادات الاتحادية.


. ABSTRACT
Since the entry into force of the Constitution of the Republic of Iraq in 2005 to the day a lot of dilemmas emerged mission, and possibly dangerous in the Iraqi state administration. We tried our best to address the most important. And we did not address the period confined between the date change the previous political system 04/09/2003 up to the entry into force of the 2005 Constitution as a need to search Obhot its own, but it has been noted in various places of the search to the Iraqi State Administration Law for the transitional period in comparison gallery between him and 2005 Constitution while we dealt with some of the provisions of the Constitution of 2005 associated with the distribution of power and wealth distribution in particular and the rest of the detectives in general. Where the focus was on the next phase of the entry into force of the 2005 Constitution, a period extended to 12 years and is long enough to examine the 2005 Constitution and its suitability for the organization of the various state authorities and its ability to conduct state facilities and the exposure of most of the disadvantages of during the period of application referred to because of poor constitutional distribution of power and wealth and the emergence of Problems in the judiciary, including the Supreme judicial Council, the Supreme Federal Court and the spread of the phenomena of quotas and corruption, all that accompanies a large and dangerous in the low level of performance of the political class holding power and concern in the scramble for the spoils of the rentier state instead Tdafha Htnavsha in the service of the citizen. Disrupted and dispel a lot of potential such as human resources, natural resources, particularly the vast oil to jump-start a renaissance to move the country to a better position worthy of it and its history and its human resources and compensation from the previous deprivation periods endured by Iraqi citizens in the years of wars and international blockade of Iraq, the most severe in history, which lasted since 1980 and until today. We have tried our best characterization of these problems and to develop the best solutions that we see enough potential and Oafieh to address these Alshakl constitutionally, legally and administratively and even politically.
المصادر:





اولا
الكتب والمؤلفات القانونيه:

1. استاذنا الدكتورغازي فيصل مهدي، اشكالات تطبيق النصوص الدستورية،

2. عبد الرحمن سليمان زيباري، اطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون والسياسة – جامعة صلاح الدين.

3. قحطان خلف عزاوي الجبوري، الواقع الدستوري لدولة الاتحاد المركزي 0الفيدرالي) العراق نموذجا، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون والسياسة جامعة تكريت

4. الدكتور يحيى الحمل، القضاء الدستوري في مصر القاهرة، دار النهضة العربية، 2011
5. الدكتور ثروت بدوي، النظم السياسية، دار النهضة العربية.
6. الدكتور احمد فتحي سرور، الحماية الدستورية للحقوق الحريات، دار الشروق سنة 2000
7. الدكتور سامي جمال الدين، القانون الدستوري والشرعية الدستورية على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا، منشأة المعارف، 2005، ط2
8. 23.الدكتور هشام محمد فوزي، رقابة القوانين بين امريكا ومصر، دار النهضة العربية 2006/2007

9. 24 . الدكتور احمد الموافي، رؤية حول الفيدرالية في العراق في ضوء الدستور الجديد، دار النهضة العربية، 2008

10. 25.أثير إدريس عبد الزهرة، مستقبل التجربة الدستورية في العراق، دار مكتبة البصائر، بيروت 2011

11. 26.د. نعمان احمد الخطيب، الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان2009.

12. 27 :د حميد حنون خالد، مباديء القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق، مكتبة السنهوري، بغداد 2013

13. 28: د. محمد كاظم المشهداني، القانون الدستوري، الدولة-الحكومة-الدستور ط1، لحوار الفكر. العدد24 لسنة 2013.




ثانيا:
الاطاريح والرسائل الجامعيه:
1. د. عادل الطبطبائي. النظام الاتحادي في الأمارات العربية دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس 1978.
2. قحطان خلف عزاوي الجبوري، الواقع الدستوري لدولة الاتحاد المركزي 0الفيدرالي) العراق نموذجا، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون والسياسة جامعة تكريت
3. شيماء اسكندر داغر الفوادي، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون جامعة بغداد، 2012.
4. عبد الرحمن سليمان زيباري، اطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون والسياسة – جامعة صلاح الدين.





ثالثا:
البحوث القانونيه:
1. د. صلاح الصالحي، تخصيص الايرادات في الدولة الفدرالية، بحث منشور في حملة المنصور، العدد 14 /خاص/الجزء الاول، 2010 – بغداد

2. الدكتورة مها بهجت يونس، المحكمة الاتحادية العليا واختصاصها بالرقابة على دستورية القوانين، مجلة كلية الحقوق جامعة النهرين، المجلد 21 العدد 11لسنة 2008.

سابعاً:
القوانين والدساتير:
1. الدستور العراقي لعام 2005
2. الدستور العراقي لعام 1925
3. قانون النفط والغاز لاقليم كوردستان لسنة 2007
4. مشروع قانون المحكمة الاتحادية
5. الدستور الاماراتي لسنه 1971
6. الدستور الامريكي
7. الدستور الالماني
8. الدستور الكندي
9. دستور اقليم كوردستان
10. قانون المحكمة الدستورية المصرية
11. الدستور السويسري
12. مقترح قانون النفط والغاز الاتحادي
13. الدستور الروسي
14. قانون ادارة العراقية لسنة 2004
15. قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل
16. قانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم رقم 21 لسنة 2008المعدل
17. القانون المدني العراقي.


ثامناً:
المواقع الالكترونيه:
1. كامل المهيدي , قراءة في عقود اقليم كردستان النفطية مقارنة مع عقود وزارة النفط بحث منشور على شبكة الانترنيت الدولي
على الرابط http://www.iraqoilforum.com.
2. الدكتور حسين الشهرستاني وزير النفط العراقي , منشور على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.iraqgreen.net
3. تصريح لسيد نيجرفان برزاني رئيس اقليم كردستان , منشور على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.alsumaria.tv/news/
4. تصريح لوزير النفط العراقي المهندس عبد الكريم لعيبي , منشور على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.egypttoday.co.uk
5. ةتصريح مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان في جريدة الدستور العدد 3112 في 25/6/2014 . تصريح رشيد طاهر وكيل وزارة المالية لاقليم كردستان , منشور على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.krg.org
6. تصريح شركة غينل البريطانية التركية على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.alquds.co.uk
7. اسماعيل علوان التميمي , توزيع السلطة والثروة وكركوك مشاكل كبرى البرلمان الحالي عاجز عن حلها , بحث منشور على شبكة الانترنيت الدولية , الرابط http://www.alhewar.org
8. الموقع الرسمي للجنة المادة 140 من دستور جمهورية العراق , الرابط http://www.com140.com
9. الموقع الرسمي للجنة المادة 140 من دستور جمهورية العراق , الرابط http://www.com140.com
10. الموقع الرسمي للجنة المادة 140 من دستور جمهورية العراق , الرابط http://www.com140.com
11. وائل عبد اللطيف الفضل , ثروة النفط الغاز في دستور جمهورية العراق لعام 2005 , بحث متاح على شبكة الانترنيت الدولية على الرابط WWW.KITABAT.COM
12. غانم العناز, النفط واكتشافه في العراق , بحث متاح على شبكة الانترنيت الدولية على الرابط http://www.almosal.com / http/
13. الاستاذ الدكتور علي هادي حميد الشكراوي , تنظيم الدستور العراقي لعام 2005 لادارة الثروة البترولية (النفط والغاز) بحث منشور على شبكة الانترنيت العالمية على الرابط WWW.UOBABYLON.EDU.IQ , ينظر رزاق حمد العوادي , الرأي الفقهي لتفسير ملكية النفط والغاز وفقا للنص الدستوري العراقي لعام 2005 , بحث منشور على شبكة الانترنيت على الرابط WWW.M.AHEWAR.ORG ينظر الدكتور يحيى الكبيسي , فيدرالية الانبار وخداع النموذج , بحث منشور على شبكة الانترنيت على الرابط WWW.DARBABL.NET
14. ابن عاشور صليحة, نظرية الملكية بين التشريع الاقتصادي الاسلامي والقانون , بحث منشور على شبكة الانترنيت , الرابط WWW.WEBEREVIEW.DZ

15. الشيخ محمد علي التشخيري, الاقتصاد الاسلامي اسسه وارضيته العقائدية والتشريعية, بحث منشور على شبكة الانترنيت الدولية على الرابط http://www.anwar5.net

16. الدكتور عبد السلام العبادي, نظرية الحق بين الشريعة والقانون, بحث منشور على شبكة الانترنيت, على الرابط, http://www.startime.com

17. محمد ابو حرخه, الملكية في الاسلام, بحث منشور على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.kankatji.com

18. الدكتور فخري قدوري, ملخص تاريخ شركات النفط الاجنبية في العراق, بحث منشور على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.iraqiconomists.net

19. الموسوعة الحرة على شبكة الانترنيت الدولية , الرابط WWW.AR.WIKIPEDIA.ORG

20. د. عبد الاله عبد الامير و العقود البترولية الانتاجية , بحث منشور على شبكة الانترنيت الدولية و الرابط WWW.IIER.ORG
21. الدكتور فاضل الجلبي , طبيعة عقد المشاركة في الانتاج , بحث منشور على شبكة الانترنيت الدولية على الرابط WWW.AL JAIREDA.COM

22. الدكتور فياض حمزة , عقود الامتيازات النفطية , بحث منشور على شبكة الانترنيت الدولية على الرابط http//:ar-ar.facebook.com

23. كامل المهيدي , قراءة في عقود اقليم كردستان النفطية مقارنة مع عقود وزارة النفط بحث منشور على شبكة الانترنيت الدولية , على الرابط http://www.iraqoilforum.com


24. فؤاد قاسم الامير , حكومة اقليم كردستان وقانون النفط والغاز , دار الغد , 2008
25. كامل المهيدي , قراءة في اقليم كردستان مقارنة مع عقود وزارة النفط
26. الدكتور فاضل الجلبي , طبيعة عقد المشاركة في الانتاج ,الدكتور حسين الشهرستاني وزير النفط العراقي , منشور على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.iraqgreen.net

27. تصريح لسيد نيجرفان برزاني رئيس اقليم كردستان , منشور على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.alsumaria.tv/news/
28. تصريح لوزير النفط العراقي المهندس عبد الكريم لعيبي , منشور على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.egypttoday.co.uk

29. تصريح مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان في جريدة الدستور العدد 3112 في 25/6/2014 . تصريح رشيد طاهر وكيل وزارة المالية لاقليم كردستان , منشور على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.krg.org
30. تصريح شركة غينل البريطانية التركية على شبكة الانترنيت على الرابط http://www.alquds.co.uk

31. اسماعيل علوان التميمي , توزيع السلطة والثروة وكركوك مشاكل كبرى البرلمان الحالي عاجز عن حلها , بحث منشور على شبكة الانترنيت الدولية , الرابط http://www.alhuar.org
32. الموقع الرسمي للجنة المادة 140 من دستور جمهورية العراق , الرابط http://www.com140.com


33. كامل المهيدي , الاحتياطي النفطي في كردستان , منشور على شبكة الانترنيت , الرابط http://www.beladitoday.com
34. اسماعيل علوان التميمي، قراءة في قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بالهيئات المستقلة. بحث منشور على شبكة الانترنت على الرابط http://www.ahewar.org//.


35. الدكتور رزاق حمد العوادي،ملاحظات بشأن مشروع قانون النفط والغاز المعدل، بحث منشور على شبكة الانترنت الدولية، الرابطhttp//www.ahewar.org//

36. الدكتور ضياء الجابر، مسودة قانون النفط والغاز رؤية قانونية، بحث منشور على شبكة الانترنت الدولية، الرابط https://www.google.iq/

37. الدكتورعبد الهادي الحساني ن قانون النفط والغاز بين النظرية والتطبيق، بحث منشور على شبكة الانترنت الدولية، الرابط // http://www.iier.org. http

38. للدكتور غازي فيصل في بحثه الموسوم، ملاحظات على اختصاصات المحكمة الاتحادية، المنشور في الموقع الالكتروني للسلطة القضائية الرابط http://www.iraqja.iq/

39. القاضي سالم روضان الموسوي، مدى صلاحية المحكمة الاتحادية العليا في تفسير النصوص الدستورية، بحث منشور في الموقع الالكتروني للسلطة القضائية، الرابط http//www.iraqja.iq//.


40. منشور على الموقع الالكتروني للسلطة القضائية في شبكة الانترنت الدولية على الرابط http://www.iraqja.iq//

41. القرار منشور على الموقع الالكتروني للسلطة القضائية على شبكة الانترنت الدولية على الرابط http://www.iraqja.iq/

42. اسماعيل علوان التميمي، قراءة في قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بالهيئات المستقلة. بحث منشور على شبكة الانترنت على الرابط http://www.ahewar.org//.

43. الدكتور غازي فيصل ، اشكالات تطبيق النصوص الدستورية، مصدر سابق ص 47. وينظر ايضا ينظر: الدكتور قاسم حسن العبودي، قراءة تحليلية لقرار المحكمة الاتحادية المرقم (88/اتحادية/2010) بحث منشور على شبكة الانترنت على الرابط http://www.alnoor.se//.

44. قرار المحكمة الاتحادية المرقم (228/ ت 6/2006) في9/6/2006 المنشور في الموقع الالكتروني للسلطة القضائية http://www.iraqja.iq/

45. القرار منشور على شبكة الانترنت الدولية في الموقع الالكتروني للسلطة القضائية على شبكة الانترنت الدولية على الرابط http://www.iraqja.iq/.

46. القرار منشور في شبكة الانتلرنت الدولية، الموقع الالكتروني للسلطة القضائية، الرابط http://www.iraqja.iq/


تاسعاً:
المراجع الاجنبيه:

1. Article (2) section 2/2 of the US constitution
2. Article C133/4 of the Federal constitution of Switzerland (1999).
3. Article (138/1/c) of federal constitution of Austria (1920)
4. Article (138/2) of federal constitution of Austria.
5. Article (173) of the federal constitution of Austria.

6. النص الانكليزي الحرفي لتعليق القاضي هولمز:
"I do not think the United States would come to an end if the supreme court lost it s power to declare an act of congress void. I do think the -union- would be imperiled if we could not make that declaration as to the laws of the several states"
7. نقلاً عن الدكتور هشام محمد فوزي

8. Article (125/3) of the constitution of the Russian federation (1993). See also Article (3/2) of the federal constitutional law on the constitutional court of Russian federation (1994).

9. "Iraq Oil and Gas Legislation، Revenue Sharing، and U.S. Policy CRS Report for Congress 2 April 2008

10. Article (2) section 2/2 of the US constitution
11. Article C133/4 of the Federal constitution of Switzerland (1999).

12. . Article (138/1/c) of federal constitution of Austria (1920).

13. . Article (138/2) of federal constitution of Austria.

14. . Article (173) of the federal constitution of Austria

15. Article (125/3) of the constitution of the Russian federation (1993). See also Article (3/2) of the federal constitutional law on the constitutional court of Russian federation



#اسماعيل_علوان_التميمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاليات والتوقيتات الدستورية لتشكيل الحكومة في العراق
- هل ان مكافحة الفساد من اختصاص الحكومة العراقية؟
- قراءة قانونية في امر المحكمة العليا بشان مرسوم ترامب حول اله ...
- اليونسكو تتعهد باعادة الحياة لآثارنا ، فمن يتعهد باعادة الحي ...
- هل للعراقيين مصلحة في الازمة السعودية القطرية؟
- قراءة في الاستفتاء الدستوري في تركيا لعام 2017
- قراءة في قرار اجراء استفتاء تقرير المصير في الاقليم
- العلاقات الامريكية السعودية من ايزنهاور الى ترامب
- صراع الايديولوجيات العابرة للحدود في العراق لمرحلة ما بعد ثو ...
- قراءة دستورية في قرار محافظ كركوك رفع علم الاقليم على ابنية ...
- العلاقات الامريكية السعودية ، من اتفاقية كوينسي الى قانون جا ...
- قانون مجلس القضاء الاعلى مخالف صراحة للدستور
- هل بالامكان ترسيم الحدود بين ديننا ودولنا؟
- قراءة في قرار ترامب منع رعايا سبع دول من دخول امريكا
- المحكمة الاتحادية العليا لا تميز بين اختصاصها الرقابي واختصا ...
- قراءة في اسباب وابعاد زيارة يلدريم الى بغداد
- احتكار الدولة لملكية الارض تعطيل لحركة الاقتصاد العراقي
- مشروع قانون العشائر تأجيج للفتنة العشائرية وتفخيخ للدولة الم ...
- اهم التوصيات بخصوص توزيع اختصاصات النفط والغاز بين السلطة ال ...
- اهم الاستنتاجات حول توزيع الاختصاصات المتعلقة بالنفط والغاز ...


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل علوان التميمي - اهم اشكاليات الدولة العراقية لمرحلة ما بعد نفاذ دستور 2005