أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مها أحمد - -اتصال الانفصال ووصل ما لا يتصل-














المزيد.....

-اتصال الانفصال ووصل ما لا يتصل-


مها أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1494 - 2006 / 3 / 19 - 11:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"اتصال الانفصال ووصل ما لا يتصل"

أن تشعر في اللحظة ذاتها, في الوقت عينه برغبة قوية أن تغمض عينيك وتصمّ أذنيك عن كلّ ما يجري وتشتري رأسك وبالحاجة الملحة لأن تبقى على اتصال وبتعبير آخر أن تظل أربع وعشرين ساعة على أربع وعشرين ساعة على الخطّ: خط الأحداث السّاخنة جداً والمتسارعة جداً لهو الجنون بعينه.
أن تقول لنفسك: الصّباح رباح والتّقرير لن يطير ثم تنهض من فراشك كالممسوس وعيناك يجفوها النّوم كي لا تفوّت عليك فرصة الاطلاع على الحدث (live ) و(exclusive ) هو عين العقل وعين الجنون أيضاً فمن جهة أنت مطالبٌ بالبقاء في الصّورة فقط كمراقب ينفعل بالأحداث ولا يؤثر فيها, يتأثر بالقرارات والمواقف ولا يتخذها, تصنعه الأحداث وتدهسه الكوارث دون أن يكون لديه فرصة للتدخل أو تحويل مسار الأمور قيد أنملة, ففي القرية الكونية الصغيرة ( أو الغابة الكونية الكبيرة ) يكفي أن يندلع إعصارٌ ما في أقصى العزب الأميركي حتى تهبط أسعار الأسهم في اليابان ويرتفع ثمن برميل النفط في الخليج ويقفز سعر أونصة الذهب في الأسواق العالمية قفزات جنونية ......
إنه عصر الاتصالات الرقمية حيث يتأثر الاستقرار العالمي بتوعّك زعيم هنا ويتشكل مصير شعب إثر اغتيال زعيم آخر هناك..... والكلّ أسير العلاقات المتشابكة والمصالح المتناقضة والمصير المشترك لضحايا عولمة المرض الذي لا يعرف حدوداً بفضل قوانين السوق الحر والشركات العابرة للقارات التي لا يعنيها أن يصاب كل خمسة عشر دقيقة طفلٌ تحت سن الخامسة عشرة بفيروس (hiv ) الايدز حتى لو كان (85% ) من أطفال جنوب إفريقيا تحت سن العاشرة يحملون هذا الفيروس ما دامت حقوق الملكية الفكرية الفردية مصانة واحتكار تصنيع الدواء حق محفوظ لتلك الشركات في النظام العالمي البائس ذاك....
وإذا كان المرض والفقر ابتلاءً من الله عز وجلّ فلا شك أن التجهيل والتخدير والاستغباء والتّسطيح هي مفردات لخطة شريرة تستخدم فيها وسائل الاتصال الحديثة جداً لتعميم البلاهة على الجميع يقودها مجموعة من المستثمرين المحترفين الذين يجيدون التلاعب بكل شيء, ولكل موسم بضاعته الرائجة, ففي رمضان يطالعك في الشارع والجريدة وعلى الفضائيات إعلان واحد بتنويعات مختلفة (سدّد زكاة الفطر باتّصالك على الرّقم...) والرّسم خمسون ليرة, ولطلب الفتوى فيما استعصى عليك من أحكام الدين اطلب الرقم,كذا, ولترجيح كفة مطربك المفضّل صوّت مرات كثيرة كثيرة أيها الأبله!..
قال زكاة الفطر قال.. أما كان الأولى أن تحسم شركة الاتصالات خمسين ليرة من فاتورة كل مشترك غالبيتهم ممن يستحقون الزكاة وبذلك تكون تلك الشركة قدوة لزبائنها في تأدية الفروض و التسابق إلى عمل الخير, وكيف تتحول الزكاة من عملية تكافل اجتماعي بين قادرٍ ومحتاج وفرضٍ يمتّن الروابط بين البشر إلى آلية تنحصر في كبسة زرٍ مجرّدة من الروح والمعنى والهدف السامي المرافق لهذا الفرض من الدين.
ومن يهتم ما دام العداد شغال ووسائل الاتصال الرقمية وغير الرقمية أصبحت الوسيلة الوحيدة للولوج إلى عقول وقلوب الناس إلى الحدّ الذي دفع الكنيسة الانغليكانية في بريطانيا للجوء لهذه الوسائل لزيادة عدد مرتاديها ولحقتها الكنيسة الكاثوليكية في تشيلي التي سمحت بإرسال صلوات المؤمنين ودعواتهم إلى الله تعالى عبر رسائل(SMS) إذا لم يجدوا الوقت الكافي للذهاب شخصياً إلى الكنيسة وأداء الصلاة...
وبقدر ما هو الكون واسع يبدو الأفق ضيقاً فالفضائيات و الانترنت دواءٌ فعّال لمن يعاني هبوطاً في ضغط الدورة الدموية, والأغاني لم تعد إلا عروض استربتيز على الأثير مباشرة وعبر مئات الكباريهات المقنّعة بقناع التسلية البريئة, أما الموبايل فهو وسيلة لتبادل النكات بين الرفاق والتجسس على من تحب والتنصّت على المسؤولين وتعقّب المقاومِين لاغتيالهم والتصويت على مسابقات معروفة النتائج والمشاركة في برامج الربح التي إن حالفك الحظ فيها فهيهات أن تغطي جوائزها فواتيرك...
أعرف صبية كانت تتصل بخطيبها قبل عدة سنوات (قبل شيوع خدمة كاشف الأرقام الهاتفي) وعندما كان يرد تقول له على مهل (هذه أنا) ويسعد كلاهما بسماع صوت الآخر المفاجئ المتوقع معاً, الآن بعد أن حلّت عليهما لعنة "وسائل الاتصال الحديثة" اختفى ذلك النبض الطفولي واقتصر التخاطب بينهما على"missed calls" تقريباً.
فهل نعرف أننا نتصل ببعض دون أن نتواصل, وأن الأقمار الصناعية بكل تقنياتها المعقدة عاجزة عن منحنا شعور الأمان والمشاركة أو تقليص المسافة بيننا أو أن عصر الاتصالات الواسعة جداً والحديثة جداً هو نفسه عصر الوحدة والعزلة؟
اليوم قبل أن تجتاحني الغيبوبة وتفلح وسائل الاتصال في غسل دماغي وأنا أقضي اليوم في ترَّصد الحوارات الساخنة وجلسات مجلس الأمن وقرارات الشرعية الدولية وآخر أخبار التحالفات السياسية والنتاجات الفنية والإصدارات الأدبية والمراسيم الجمهورية, أقترح عليكم الصيام يوماً في الأسبوع عن وسائل الاتصال الحديثة بكل أشكالها وأنا أكفل لكم بعدها مشاكل صحية و عاطفية أقل, تركيز في العمل أعلى وحوادث سير وشجارات ومنغصات أدنى وبالتأكيد نجاح في الاستمتاع بالكون الجميل من جديد..
نحتاج جميعاً أن نقلّد قطاراً يسير على مهل في المدى الواسع يتمشّى تحت سماء عالية, يتفرّج بمزاجٍ عال على الورود المتفتحة, ينفث دخانه في وجه الجميع ويحلم بالمحطة القادمة...



#مها_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواطنو الدرجة الثانية في سوق العمل
- السلطان الأمريكي: الكذاب الأكبر
- المرأة كاملة الدسم
- السلام المفقود في ممالك الحب
- دفاعاً عن النفس


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مها أحمد - -اتصال الانفصال ووصل ما لا يتصل-