أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - السؤالُ أم الإجابة؟














المزيد.....

السؤالُ أم الإجابة؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5880 - 2018 / 5 / 22 - 10:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كثيرًا ما علّق قراءٌ على مقالاتي التي تحوي أسئلةً دون إجابات، قائلين: "وأين الإجابةُ؟" وهنا، أودُّ أن أطرح على السائلين عدة أسئلة:
هل السؤال أهمُّ، أم الإجابة؟ وأيهما أسبق؟
هل هناك أسئلةٌ تحمل الإجابة في طيّاتها؟
هل هناك إجاباتٌ لكلّ الأسئلة التي دارت وتدورُ في عقل الإنسان، منذ بَدء الخليقة، وحتى اليوم، لكيلا أقول حتى نهاية الحياة فوق الأرض؟
ما الذي يُقرّبُنا أكثر من مُشارفة "الحقيقة": السؤالُ أم الإجابة؟
هل نسألُ دائمًا، طمعًا في الحصول على إجابات؟ أم أحيانًا نسألُ ونحن نعلم أن الإجابةَ غيرُ معلومة حتى لحظة السؤال، أو حتى غير مطلوبة؟
هل يحدثُ أن نسأل، فقط لكي نُفكّر، حتى تعملَ تروسُ عقولنا؟
إن وجدتَ إجابات لكل ما سبق من أسئلة، عزيزي القارئ، فهذا أمرٌ طيب. وإن حيّرتكَ بعضُ الأسئلة، فهذا طيبٌ أيضًا، وما طرحتُ ما سبق من أسئلة إلا لكي نفكّر معًا.
الحقيقةُ، أن المدارس الفكرية الحديثة في الفلسفات، قد علّمتنا أن "الأسئلةَ" أهمُّ من "الإجابات". ليس فقط لأن لا أحدَ في العالم يملكُ إجاباتٍ نهائيةً على الأسئلة الوجودية الكبرى، ومَن يزعم غير ذلك كاذبٌ قلبُه. بل كذلك لأن السؤالَ في ذاته، أيَّ سؤال، يحملُ في طيّاته إجاباتٍ "لانهائيةً"؛ ربما بعدد البشر المشتبكين مع هذا السؤال أو ذاك.
السؤالُ يثيرُ العقل. يستفّزه، ويُحفّزه ليستيقظ من سُباته؛ ويُحلِّق في فضاء التفكير. بينما الإجابةُ عادةً تمنحُ العقل قرصًا منوّمًا، ليُكمل إغفاءته اللذيذة الوادعة، وينعم بالنوم والكسل. السؤالُ مُقلِقٌ. والإجابةُ مريحةٌ. السؤالُ هو صكُّ الدخول إلى جحيم التفكير. بينما الإجابةُ هي بوليصةُ الرقاد، والركود، في جنة البلادة الذهنية اللذيذة. السؤالُ هو "العقل". والإجابة هي "النقل". والفارقُ، في تقديري، بين الإنسان الذكي الناجح، وبين أخيه البسيط، هو أن الأول يدورُ رأسُه في فَلَك الأسئلة المترامي، بينما الثاني عقله راقدٌ في كبسولة الإجابات. الأول تتقاذفه أمواجُ بحر متلاطم من الأفكار الحائرة. والثاني ينعم بالسكون الهانئ تحت شجرة اللاشيء الوارفة. الأول مُتشَكِّكٌ. والثاني مُتيقنٌ. الأول يشقى. والثاني متنعّمٌ. لكن الأول مشروع عالِمٍ أو فيلسوفٌ محتَمل. والثاني غير ذلك. ولهذا يقول المتنبي: “ذو العقلِ يشقى في النعيم بعقله/ وأخو الجهالة في الشقاوةِ ينعمُ.” وأسمح لنفسي، بعد إذن المتنبي، بأن أغيّر كلمةً في عَجُز البيت الشعري، ليصبحَ: "وأخو (التساؤلِ) في الشقاوة ينعمُ". فذو السؤال لا ينعمُ، حتى في النعيم. وذو الإجابات الجاهزة ينعَمُ، حتى في الشقاء.
لأجل كلّ ما سبق؛ عادةً ما نُلقي، نحن الكتّاب، أسئلتَنا في سلّة القارئ، ثم نمضي دون زعم امتلاكنا لأية إجابات نهائية. وإن امتلك كاتبٌ إجاباتٍ، فمن الأليق والأوفق ألا يقولها؛ حتى لا يصادرَ على القارئ ويمنحه فرصةَ الوصول إلى إجابته الخاصة، التي ليست بالضرورة إجابات الكاتب، وقد تكون أذكى منها وأوفق. كأنما هو تمرينٌ ذهنيّ للقارئ، وللكاتب معًا. وليس من ناجح وراسب في هذا التمرين الشيّق. فكل الإجابات مقبولةٌ، وإن أخطأتْ. فالهدفُ ليس الإجابة "النموذجية”، بل "التفكير" وإعمال العقل، وليس طرح الإجابة. وعندي أن اليقينَ الوحيد في هذا الكون، هو "اللايقين”. وتلك حكمةُ الله تعالى في منحنا عقولاً تسألُ وتتحيّر؛ حتى "تتريّض" العقولُ مع السؤال وتنمو. فللعقول "عضلاتٌ" مثلما للجسد. إن سكَنَ الجسدُ عن الحركة، ترهّلت عضلاتُه وضمُرت، وإن توقّف العقلُ عن السؤال؛ ترهّل وشاخ وضمُرَ. وفي مقال قادم سوف أطرحُ ثلاثة أسئلة تركها رسامٌ يائس على إحدى لوحاته، قبل انتحاره، ولم يجد أحدٌ إجاباتٍ عليها حتى اليوم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم يُحذّر من كتاب فاطمة ناعوت الجديد
- الرئيسُ والبيسكليت...والعجبُ العجاب
- أنا لِصّة طباشير
- لماذا أكتبُ بالطباشير؟
- 3 دروس صعبة ... في حكاية محمد صلاح
- لماذا يُقبّل البابا أقدامَ الفقراء؟
- صائغُ اللآلئ … عظيمٌ من بلادي
- الأرخميديون
- هاتفي... الذي أحبَّ تونس
- مات نزار العنكبوت ... منذ خمس دقائق
- عاصفة الغبار ... شهادة جماهيرية ل (علي الحجار)
- فيلم هاني رمزي الجديد .. الضحك بطعم المرّ
- هل جدلت السعف بالأمس؟
- أوهامُ الحبّ ... وفنّ الهوى
- مشعل النور من الأقصر للمغرب على صفحة النيل
- نشاركُ في الانتخابات … حتى نستحقُّ مصرَ
- ماما سهير … ماما آنجيل
- وشوشات مارس 18
- شارع البابا شنودة
- معركة سيناء 2018… سيمفونية الحسم الأسطورية


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - السؤالُ أم الإجابة؟