أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ملهم الملائكة - الزعيم ومسدس الزعيم














المزيد.....

الزعيم ومسدس الزعيم


ملهم الملائكة
(Mulham Al Malaika)


الحوار المتمدن-العدد: 5872 - 2018 / 5 / 14 - 01:23
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


وَصفُ "الزعيم" عند العراقيين يقع على شخص واحد فحسب، وهو بلا شك الانقلابي الحالم الفقير الذي اقتدى بفقر علي ابن أبي طالب وعدالة عمر ابن الخطاب وصراحة أبي ذر الغفاري، فقُتل كما قُتل الخليفتان، وطُمس تاريخه كما طُمس تاريخ أبي ذر. لكن ماذا عن مسدس الزعيم؟

عُرف عبد الكريم قاسم بلقب "الزعيم" لأنّ رتبته حين قيام انقلاب 14 تموز 1958 كانت زعيم ركن، (وعُدل وصف الرتبة فيما بعد لتعرف بعميد ركن). وعُرف عنه تمنطقه الدائم بمسدس Webley Mk VI البريطاني الصنع الذي بقي مستعملاً في دول الكومونويلث، حتى عام 1963 وهو عام مقتل الزعيم- يا للمصادفة- ، فتوقف المصنع عن انتاجه، وبدأ ينسحب من مشاجب السلاح في جيوش العالم.
ولهذا المسدس قصة شخصية معي، ففي عام 1959 أُقيم معرض بغداد الدولي ومصلحة المعارض العراقية- وسُمي المعرض آنذاك بمعرض 14 تموز- في مكانه القائم حاليا بمدخل حي المنصور في بغداد. وأُقيم حفل الافتتاح في مساحة مفتوحة من المعرض، وشاركت في إحياء الحفل، فرق غناء ورقص شعبي سوفيتية وصينية، وكان المعسكر الشيوعي يعيش أوج قوته آنذاك، والتباعد الصيني الروسي لم يطفُ الى السطح بعد.
حضرت مع أبي وأمي حفل الافتتاح المذكور لأنّ أبي كان موظفاً في ومن أوائل مؤسسي مصلحة المعارض العراقية. أثناء الحفل، وصل الزعيم عبد الكريم قاسم، واستقر في منصة صغيرة بين الجماهير، فهُرع اليه الأطفال والتفوا حوله يداعبونه ويسألونه ويحاورونه، وكنتُ (في الرابعة من عمري) من بين الأطفال الذي وصلوا الى مكان جلوسه، وكان أبي يتابعني لصغر سني خوفا من تدافع الصغار وتزاحمهم حول "عمو كريم" الذي عشقه الصغار. حين وصلته، اقتربت منه ومددت له يدي مصافحاً، فمد يده يصافحني، وسألته سؤالا خطيرا لم يخطر ببال أحد وكان مفاجأة حتى له، إذ قلت له: "عمو، هذا مسدسك صدّاكي لو كذّابي"؟ و أقول لغير العراقيين إنّ معنى السؤال هو: "يا عمي، هل مسدسك هذا حقيقي أم لعبة"؟
ضحك "عمو كريم" ضحكة عريضة، وقال لي وهو يشير الى أبي الذي أمسك بظهري خشية أن أسقط لشدة الزحام: "أسأل أبوك عمو؟" وقدّم لي كيس حلوى أحمر صغير ضمن طبق حلوى كان موضوعاً على طاولة صغيرة "ماصة فورميكا" أمامه هدية من الوفد الصيني أو الروسي.
وبقي المسدس وصاحبه في ذاكرتي حتى اليوم. و بعد ربع قرن من ذلك اللقاء الذي لا يُنسى، ساقت الأقدار لي تتمة قصة المسدس الشهير، فقد التقيت -عبر سلسة مصادفة خارقة غريبة لست بصدد عرضها هنا لطول السرد- بشخص روى لي التفاصيل التالية:
" المسدس الذي حمله عبد الكريم قاسم حتى مقتله يعود الى مشجب سرية مقر لواء المشاة التاسع عشر ومقره معسكر المنصورية في ديالى، وكان العميد الركن عبد الكريم قاسم آمرا له، حتى قام بثورة 14 تموز 1958 مشاركة مع العقيد عبد السلام عارف ومجموعة "الضباط الأحرار". وبقي المسدس معه حتى قيام عروس الثورات التي قادها "مجموعة من الرفاق البعثيين والقوميين" الذين حاصروا وقصفوا وزارة الدفاع ومقره فيها، ما اضطره وبعض رفاقه في اليوم الثاني "للثورة" ضحى التاسع من شباط 1963 الى الانسحاب الى قاعة محكمة الشعب الملاصقة للوزارة قرب جامع الأزبك. من هناك طلب "الثوار" منه ومن رفاقه تسليم أسلحتهم وأنفسهم وإلا هُدمت القاعة بالقنابل فوق رؤوسهم ليقضوا تحتها، فما كان من عبد الكريم قاسم إلا أن امتثل لأمرهم أملاً في محاكمة تبرئه، فوافق، ودخل القاعة ثلة من الجند يقودهم رئيس عرفاء خ. ال....ي وكان من "مناضلي" القوميين العرب، وجرّده من مسدسه الذي كُتب عليه الرقم 1 بالعربية بالبوية البيضاء .
وحُشر "قاسم" ومن معه في ثلاث مدرعات استطلاع من نوع بي آر سي هنغارية الصنع، وسيقوا الى مصيرهم الدامي في مبنى الإذاعة والتلفزيون في الصالحية. المسدس رقم 1 الخاص بالزعيم عبد الكريم قاسم ما زال بحوزة عائلة رئيس العرفاء خ. ال...ي، ومن عجائب القدر أن رئيس العرفاء المذكور قد أُعدم حال تولي صدام حسين السلطة ضمن ما عرف بمجزرة قاعة الخلد في تموز 1979."
انتهت القصة التي رواها لي شخص قريب جدا من رئيس عرفاء خ. ال...ي. وقد نقلتُها كما رواها لي، دون أن أغير لغته وكلماته، وليس عندي شك في صدقيتها ودقتها.
وهكذا آلَ المسدس رقم 1 الذي كان يرافق الزعيم عبد الكريم قاسم إلى أن يصبح تذكاراً في بيت عائلة واحد ممن ساهموا في التآمر عليه وقتله، وربما هو باقٍ في حوزتهم حتى اليوم.
بون- ألمانيا



#ملهم_الملائكة (هاشتاغ)       Mulham_Al_Malaika#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب اليساري والحب اليميني
- سميّة العذراء حسب إرادة الكاهن
- رائد فهمي: -قيم العولمة وضعت إشكالية على الوعي الطبقي-
- حقائق و أوهام عن الماء
- الملتحون في كل مكان- حقائق عن اللحية
- أين غابت القروش والفلسان والدراهم ؟
- الشهيدة والشهيد وما بينهما !
- هل تعشق المرأة أن يتأملها الرجال؟
- الرقص الشرقي- من الابتذال الليلي الى فن جماعي
- ليلى في الحمام الرومي بمدينة بادن بادن
- فيروز- صباح الخير يا موسم الشوق !
- تعدد الأزواج – فيسبوك كشف المستور بلا قيود
- فيلم -المنقبة-- التطرف الإسلامي في أوروبا بنكهة كوميدية
- عجّل فالعالم الجديد لا ينتظر أحدا !
- من أسرار الصحافة - حرية الكلمة بلا ثمن!
- الجنة تحت أقدام برلمانات الشرق الأوسط !
- -الدولة الاسلامية - والمملكة السعودية : القتل الانتقامي
- هل يهدد شمال شرق سوريا أمن العالم ؟
- إخوتهم الألداء وأشقاؤهم الأعداء
- حل الدولتين بين اليمين واليسار


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ملهم الملائكة - الزعيم ومسدس الزعيم