أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد إبراهيم أحمد - مسرحية: -العائد الذي ما عاد-..















المزيد.....



مسرحية: -العائد الذي ما عاد-..


السيد إبراهيم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5871 - 2018 / 5 / 13 - 01:57
المحور: الادب والفن
    


نبذة عن المسرحية:


تتناول مسرحية "العائد الذي ما عاد" الفترة الأخيرة من حياة مصر تحديدًا منذ قيام ثورة الربيع العربي في يناير 2011م، يلعب الزمن دورًا هامًا فيها؛ إذ تدور المسرحية كلها في ليلة واحدة أي هيَّ بالأحرى ليلية الإضاءة ممتدة،
إشارةً جلية إلى لون الفترة، يتخللها زمنًا حالي ومستقبلي عبر الرصيف الأيسر الذي يحتله الشباب بلافتاتهم التي تشير إلى تغير الأنظمة السياسية السريع في تلك الفترة، بينما يلعب من يحتلون الرصيف الأيمن سرد الأحداث الماضوية
والتي تعد كأنها محاكمة مستمرة لما مضى ولما هو حال وآت، باعتبار تلك الأحداث التي سلفت بشخوصها وانكساراتها وهزائمها وانتصاراتها وانتفاضاتها مقدمةً وأسبابًا لتلك المرحلة الراهنة والتي تُعًد نتيجة حتمية لها.

كما يلعب الشعر دورًا هامًا، باعتباره جزءًا لايتجزأ من الحوار ليس مدسوسًا عليه، فتارةً يأتينا عبر تظاهرة شبابية يسردون من خلالها خطايا عصر مبارك، وتارة يأتينا قصائدًا تُلقى دلالة على القهر والقمع وتكميم الأفواه كما تأتينا استعراضًا
حواريًا، وابتهالاً دينيًا بالفصحى، وأغنية فلكلورية تستدعي البيئة التي تدور فيها تلك الحكاية وهي مدينة "السويس" أشهر مدن القناة ومصر، والشعر على عاميته أقرب منه للفصحى فيما يسمى باللغة الثالثة؛ إذ لم يمارس الإغراق في اللفظة المصرية
الدارجة القحة بل لعب على الشائع منها مصريًا وعربيًا.

كما لم تغب الفكاهة، والسينوجرافيا، والرمزية وأدوات الفرجة المسرحية الأخرى، فجعلتها عبارة عن ليالٍ في ليلة، وحكاياتٍ في حكاية، واستعراضًا أفقيًا ورأسيًا للتاريخين المصري والعربي؛ المصري بالفعل والعربي بالتأثر والانعكاس.



الشخصيات:


حسين : رجل في العقد الرابع من عمره، موظف سابق من مواطني السويس.

سناء : زوجة حسين في العقد الثالث من عمرها.

فوزي : صحفي، وصديق حسين.

إبراهيم : موظف وشاعر، صديق لحسين وفوزي.

الشيخ عامر : إمام وخطيب مسجد الأربعين.

عامل النظافة :

بعض الشباب :

مجموعة من الشباب والفتيات: (يقومون بدور الثوار، وفرقة الغناء، والمنشدون ورقصات الذكر الأقرب للمولوية).



(جامع في منتصف المسرح للداخل، الجانب الأيسر ما يوحي بأنه محطة لسكة حديد يعلوها شاشة عرض سينمائي.. رصيف في الجانب الأيمن للجامع، ومابين الجامع ومحطة القطار شارع، وبين الجامع والرصيف شارع

يسمحان بدخول وخروج الثوار.. الإضاءة ليلية)...

(صوت مظاهرة قادمة من جانبي المسرح .. يدخل الثوار وهم يحملون لافتات عليها صورة للرئيس مبارك، ويهتفون)..

الثوار :
وده مين اللي شفطها
وهرب مليارتها
ومص الدون خيراتها
وسرسب في ثرواتها

مين سمم المزارع
وخصخص المصانع
وسرح في الشوارع
رجاله بشنباتها

م اللي زود ديونها
ولا شيب دقونها
وكربس في سجونها
فتيانها وفتياتها

مين ده اللي بلعها
راح اتشطر وباعها
ع السفلة قام وزعها
ولملم دولاراتها

مين بصم الأموات
وبيشتري الأصوات
وزيف الإرادات
وزور انتخاباتها

ولسه هنسأل مين
ما كلكم عارفين
وربي ع الظالمين
من رجلها لستاتها

(يتجهون نحو الرصيف بين قائم وجالس ونائم، ومخيم، ومتحدث..
يدخل فوزي مسرعًا نحو الشباب، متلفتًا كمن يبحث عن شيء)..

فوزي : ي اولاد محدش فيكم شاف عمكم الأستاذ حسين..

شاب : عم حسين لسه خارج من الجامع من شوية..

فوزي : (متجهًا نحو الجامع، ويتكلم بصوت عالي)

فوزي : يا حسين .. أنا فوزي .. تعالى عايز أتكلم معاك..

حسين : (يخرج من جوار الجامع)..
وهنتكلم فيه يا فوزي يا صديقي الصدوق.. لسه هتكلمني تاني
عن الإيجابية الخفية في الربيع العربي، وعن تلاحم قوى
الشعب العامل، وعن الحلم الاشتراكي الواعد الذي يُبنى على
أرض مصر..

فوزي : لأ.. أنا ..

حسين : (صارخًا)..لأ.. لأ إيه يا أستاذ فوزي.. يا صحفي يا كبير.. مش
هو ده اللي كنتم بتقولهولنا من ساعة ما عيوننا فتحت على
الدنيا..

فوزي : يا حسين .. إهدا.. لازم تعرف إننا صحافة وإعلام .. القيادة
تقول لنا طبيعة المرحلة هتكون ثورة، نقوم ننفخ في صدوركم
ثورة، يقولوا لنا طبيعة المرحلة حرب، نسخنكم ووالله زمان
يا سلاحي..

حسين : طبيعة المرحلة سلام، تقولولنا أجري سلموا، يقولولكوا طبيعة
المرحلة انفتاح..

فوزي : نقولكم انفتحوا..

حسين : فتحة تفتح دماغك أنت واللي مشغلينك..

فوزي : (يجلسان).. لسه مفيش أخبار عن ابنك أحمد..
(يتكلم بصوت عالي مخاطبًا الشباب)..
محدش فيكم سمع حاجة عن أحمد حسين..

الشباب : (يجيبونه بالرفض)..

حسين : متزعلش مني يا فوزي .. لما وعيت على الدنيا غنينا لعبد
الناصر، وكنا بنسميه بابا ناصر، يدوب كملت عشر سنين
لقيت الصهاينة هاجمين بطيرانهم فوق دماغنا...
(يُسمع صوت هجوم طيران)..
واطفوا النور.. وادهنوا إزاز الشبابيك باللون الأزرق..
(يسود المسرح لون أزرق)..
أجري يا جدع من هنا.. ألحقوا أهربوا
(يجري الشباب في كل مكان)..
ولقينا نفسنا مهاجرين، واتسرقت مننا طفولتنا
عشر سنين.. واحنا صابرين مستنيين..

فوزي : فاكر يا حسين لما كنا بنسمع إن عبد الناصر جي السويس
كنا بنعمل إيه؟.. كنا بنجري علشان نلحق مكان عند السكة
الحديد لجل ما نشوف الريس وهو بيشاور من القطر يرد
تحية الجماهير، كنا بنبقى عايزين نرمي نفسنا على القطر..
(يقف فوزي وحسين والشباب وهم يلوحون بهستيرية أمام
محطة السكة الحديد، بينما تعرض الشاشة صورة عبد الناصر
وهو يلوح للجماهير)..

حسين : ساعتها قولتولنا ما تقولوش دي هزيمة لأ.. دي نكسة، وسينا
دي إيه اللي خدوها؟.. حبة تراب وصحرا.. ولما جه السادات..

فوزي : هتقول إيه كمان في بطل الحرب والسلام، الرئيس المؤمن الله
يرحمه..

حسين : يا سيدي على عيني وعلى راسي.. رجَّع الأرض، ورجع لنا
لبلادنا.. وعشنا ف هنا وانفتاح..

فوزي : واللي اتجوز.. واللي سافر..

حسين : بس كان أكبر أخطاؤه، إنه لما جاب خليفة بعده ما أحسنش
الاختيار..

فوزي : (وهو ينظر إلى ناحية الرصيف مبتسمًا) ..
بس يا عم أهو جالك أبو خليل الشاعر الكبير..

إبراهيم : (يأتي متأنقًا وهو يحمل عدة ورقات في يده)..
السلام على الثوار..

فوزي : لغاية دلوقتي فيه ناس شايفاهم أشرار..

إبراهيم : (يوجه كلامه لفوزي بخبث).. وحسين م الثوار ولا الأشرار؟

حسين : لأ م الكفار..

فوزي : استغفر الله العظيم..

إبراهيم : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..

حسين : (ينظر إليهما هازئًا).. زيطوا أنتو الاتنين.. أنا كفرت بالبلد
مش بربنا يا ناصح منك ليه..

إبراهيم : (ينتفض .. ويقف في مواجهة حسين)..
تكفر بمصر، وأنت عملت إيه لمصر يا حسين..ها..
إديت إيه لمصر .. قولي..

(يتحلق حولهم الشباب وهم يغنون "متقولش إيه أديتنا
مصر.. وقول هاندي إيه لمصر)..

حسين : (وهو يخرج من الدائرة)..
كفاية مصر أخدت مني طفولتي في غربة (كأنه يتذكر)
سنين شفنا فيها العذاب، والعيش على المعونات..
وناس حشروها في أوض اللبس في النوادي الرياضية،
وناس سكنوها في أوض في الجمعيات الزراعية.. لغاية
ما جه عهد مبارك..

إبراهيم : (وهو يميل على حسين ساخرًا).. عملت إيه لمبارك يا حيلتها؟
.. (يصرخ فيه).. وقفت في وشه زي أنا ما وقفت، وقلت له
زي أنا ما قلت..

(يتجه نحو الشباب ويقف أمام أحدهم ممن كان يحمل صورة
لمبارك.. يقف أمام الصورة وكأنه يخاطبه)..

كوشت يابا ع البلد
لملمتها ف حجرك
وفايتها بعدك للولد
بالخير هنفتكرك

وعرابي بصدق قالها
لخديوي ف يوم عابدين
أحرار لله مآلها
لا عبيد ولا موروثين

ولا كانوا ملوك أهاليك
ولا جدك أصله شاه
تسخطنا إزاي مماليك
دي ما دايمة غير لله

وبقينا نشحت زادنا
وشحتوا علينا معونات
والدين ف رقاب ولادنا
وأحفادكم مليونيرات

شركات معاها مصانع
خصخص رخص وبيع
بأبخس تمن يا بايع
تتوزع ع المقاطيع

زهرة شباب البلد
شابوا قبل الأوان
في كل بيت اتوجد
قعدوا كما النسوان

مع كل شركة باعوها
عمال ياما سرحوها
ناس بالخبرة ورموها
بحبة جنيهات كافؤها

سحبوا فلوس المعاشات
وباعوا فوقها البنوك
وبكره يبيعوا الجامعات
والقبور وعضم أبوك

فوزي : (وكأنه يولول).. وبعدها يا عين أمك إتسكيت على قفاك،
واتطسيت تلات سنين سجن ع السريع..

حسين : وساعتها قالوا إنك اتسجنت عشان هدرت عهدتك أو
اختلست، حاجة زي كده .. مش فاكر والله..

إبراهيم : (يقف في مواجهة حسين).. أصحى يا أستاذ حسين أصحى..
ما هو ما ينفعش يحبسوني عشان قصيدة، ولكن عشان
ضيع حتة حديدة..
(ساخرًا).. مصر بلد الديمقراطية..و..و
(يذاع تسجيل بصوت مبارك وهو يتحدث عن الديمقراطية
من خطبة له)..

(يرفع الشباب صور مبارك وهم يلفون المسرح: ارحل ..ارحل)..

فوزي : وأنت يا أخويا لابس ومتشيك كده رايح على فين؟

إبراهيم : عاملين ندوة في قصر الثقافة عن الراحل صلاح جاهين..

حسين : وطبعًا سيصدح شاعرنا الكبير بقصيدة عصماء بهذه المناسبة..

إبراهيم : لا فض فوك .. وبوء اللي خلفوك.


(يخرج من جيب قميصه ورقة.. بينما يصطف الشباب
صفوفًا ..على هيئة الجالسين في الندوات، ويقف هو
أمامهم يلقي عليهم قصيدته:)..

خليكوا شاهدين.....
لسه بنكتب بعد جاهين
وشكل الصبح غايم يقرف
وجرح وطننا لسه بينزف
واللى لسه فيه بيبيع
إمتى كان الجو ربيع
وكل يوم فيه ليلة كبيرة
ناس مطحونة وناس هبيرة
وناس مصيبتها تبقى كبيرة
لو مرة حلموا بتغييرة

صدقنى بعدك يا جاهين
لسه بنكتب مش عايشين
أموات وحروفنا بقت بارده
والناس مشاعرها بقت جامده
حبة يغنوا مع السلاطين
وحبة جريوا ف حضن الدين
وكتير وقعوا ف فقر ودين
وحبة رفضوا مش لاعبين

أوعى تقوللى يسار ويمين
أحنا ما نعرف واقفين فين
وعلى فراقك لسه بنحزن
لكن موتك كان لك أحسن

أنت الميت وعايش فينا
واحنا موتنا معشش فينا
ولسه بنكتب بس لمين
لناس أموات بعيون صاحيين

(يقول الشطر الأخير وهو يشير إلى حسين وفوزي)..

حسين : ميتين.. موته تاخدك.. (يضحكون)..

فوزي : إبقى هتهالي أنشرهالك في الجرنان..

حسين : ما شاء الله وأنت تفوتك فوتة..

إبراهيم : النبي أرحموا أهلى من نقاشاتكم.. أنا بطلت أنشر..
قولي يا حسين، مفيش أخبار عن أحمد؟

حسين : (ينظر له في صمت)...

إبراهيم : خلاص فهمت... هخلص الندوة وارجع لكم.. إدعولي .. سلام..

فوزي : (وهو يهم بالجلوس بجوار حسين) ..إلا قولي يا حسين عملت إيه
من ساعة ما قعدت في البيت..

حسين : (يهب واقفًا كمن لدغته عقربة، وهو ينظر للجمهور كأنه يحادثهم)..
شوف يا أخي لؤم الإعلام لما يقلب الحقايق..

فوزي : (مصطنعًا الدهشة)..لا إله إلا الله .. مش أنت يا بني قعدت في البيت؟!

حسين : أيوه يا صحفي يا كبير.. بس مش أنا اللي قعدت بمزاجي .. ده ريسك
الكبير مبارك هو اللي عمل الخصخصة، وقالوا لنا اطلعوا على المعاش
الاختياري ..المبكر.. وهو إجباري زي الموت المبكر.

فوزي : ده عشان يدي فرصة للأجيال الجديدة..

حسين : أهو الحمد لله .. قعدت الأجيال القديمة (مشيرًا على نفسه)..
والأجيال الجديدة (مشيرًا إلى الشباب) في البيت وع الرصيف
يشحتوا سوا (محتدًا) ..عبد الناصر سرق طفولتي.. ومبارك
سرق شبابي.. ودلوقتي ابني بيتسرق مني، ومش عارف مين اللي
سارقه يا أستاذ فوزي..

(تدخل امرأة في المنطقة الوسطى من العمر، تبحث يمنة ويسارًا دون أن
تحدث أحدًا..ثم تتجه قلقةً نحو حسين مباشرةً)..

سناء : يا حسين .. ارجع بيتك كفاية كده..

فوزي : لسه بتحايل عليه قبل أنتي ما تيجي..

سناء : (تتفاجئ) .. لا مؤاخذة يا أستاذ فوزي ..مخدتش بالي..أزيك..

فوزي : الحمد لله .. ياللا يا حسين ارجع مع أم أحمد، وإن شاء الله ربنا
هيرجع لنا الولد سالم..

سناء : يا أستاذ فوزي ده وحيدي اللي ماليش غيره .. مصر قسيت علينا
قوي..(كأنها تخاطب نفسها).. ما لحقتش أشوف أبويا..قالوا مات
في حرب 48، وأخويا الكبير استشهد في حرب اليمن، ومحدش
رحمنا، خدوا اللي بعده وقعد أكتر من عشر سنين في الجيش من
بعد النكسة لحد حرب أكتوبر..(تصرخ).. وبعدين يروح ابني
مني كمان..

فوزي : إن شاء الله في العهد الجديد اللي بتتنعم بيه البلاد .. عهد
الإخوان الأحوال هتنصلح مع أول رئيس مدني منتخب..

(تختفي صور مبارك لتحل محلها صور مرسي)..

سناء : يعني إيه يا أستاذ فوزي ..ابني عند مين دلوقتي؟ أسأل عليه مين؟
(يتقدم أحد الشباب منها)..

شاب 1 : (هامسًا).. ابنك تلاقي الجيش قبض عليه..

شاب2 : ما تصدقهوش الواد ده إخواني، وبيضربوا في الجيش..ابنك تلاقيهم
محتجزينه في رابعة دلوقتي.

سناء : يا لهوي...

شاب3 : يا ماما اسمعي مني.. الشرطة رجعت، ومباحث أمن الدولة
شغالة وبينتقموا من الثوار.. تلاقيهم اعتقلوه..

شاب4 : أوعي تصدقيه، ولا تسمعي منه..الواد ده بلطجي وعصبجي
ومن اللي ليهم تار مع الشرطة.. ابنك..

شاب5 : (مقاطعًا) استني يا أم
أحمد.. دلوقتي هييجي اللازق..

كلهم : اللازق؟!

شاي5 : أسف ..أسف.. أقصد الأستاذ عزوز وشهرته اللازق، وده
اللي ممكن يدلك على ابنك..

حسين : ومين سي اللازق ده كمان يا فوزي؟

فوزي : ده يا سيدي واحد كان تابع لكل نظام زي اللزقة، انتقل من
الوطني للوفد لما الوطني ما رشحهوش لمجلس الشورى،
وفي الوفد محبهوش عشان عايز يعمل الزعيم سعد زغلول
عليهم.. جري على غيرهم.. ولما جت الثورة عمل فيها
ناشط سياسي..

سناء : مش ده اللي كانوا بيستضيفوه في التليفزيون، وقال إنه هيجيب
حق الشهدا اللي في السويس..

فوزي : أيوه يا ستي ما دي أيامهم وسبوبتهم، مرة ناشط سياسي، ومرة محلل
استراتيجي، ومرة فاهم في الدستور..

حسين : والناس إزاي ماشية وراه..

شاب2 : يا عم حسين.. الناس بتتعلق بقشاية، حتى لو كانت قشاية وسخة،
لا مؤاخذة على اللفظ..

حسين : طبعًا مش لاقيين حل.. والدنيا هايصة في بعض (ينتفض) والله لو حياة ابني
في إيديه ولا هسأله، ولا هروح له، ولا حد يناديه..

سناء : يعني أحمد ابني عند مين دلوقتي؟.. الشرطة ولا الإخوان ولا الجيش ولا
البلطجية؟

شاب1 : (بثقة) ابنك عند ربنا..

الكل : (يصرخون فيه)..مات؟

شاب1 : لأ..لأ.. ما قصدش,, أقصد إن ابنك زي صحاب لينا كتير.. مش عارفين
عنهم حاجة.. بين أيادي ربنا..

شاب3 : من السويس قامت الثورات ضد مبارك وضد مرسي.. من الميدان ده..

شاب2 : (بحماس) السويس بلد ثوري من أيام زمان.. السويس بلد الغريب..

شاب1 : لأ ..متقولش كده.. السويس مش بلد حد.. السويس بلد الحبايب..

الشباب : (يلتفون..ويغنون بآلة السمسمية):

السويس الله حاميها
لا الغريب ولا أربعين
عايشه فينا وعشنا فيها
من نصارى ومسلمين
حضنها ضامم الحبايب
خلى أغرابها قرايب
اللي جي من الصعيد
واللي بلده الفلاحين

السويس رمز التصدي
شعبها جيش للصمود
مهما كان كونه التحدي
ف الشدايد شوف أسود
أرضها خضرة ومينا
بحرها شايل السفينة
رملها من قبل مينا
صد ياما المعتدين

السويس يا عتبة طاهرة
للبيت وأرض الرسول
ومهما كان القدس حاضرة
يا الأقصى ناوين وصول
السويس ترس ومنارة
شعلة هادية للحضارة
والتاريخ يحكي يجسارة
عنها لآلاف السنين

منها شهدا ف يناير
وشهدا ياما ف يوم عبور
ولاربعين شهد البشاير
للثورة مد الجسور
ياسويس يا مدينة باسلة
وقفتك حاسمة وفاصلة
ولادة أجيال مواصلة
فدا مصر ليوم الدين

(يتحرك الشباب نحو الرصيف ..بينما يقف فوزي مع اثنين منهما يتحدثون،
تنتحي سناء جانبًا بحسين، يدور بينهما حديث بصوت خفيض يملؤه الحب
والشوق)..

حسين : إيه اللي جابك يا سناء؟ مش قلت لك ماتتعبيش نفسك وخليكي في البيت.
سناء : يعني يا حسين أقعد في البيت من غير جوزي وابني؟..(بصوت يملؤه
الشجن).. عندي أمل في الله إن ابني راجع، وعايزة لما يرجع يلاقيك..
ما تروحش مني أنت كمان .. يا حسين أنت بقيت كل أهلي.. وأمل حياتي..
وأنت عمري..

حسين : الله عليكي يا ست.. أنتي هتغني يا سناء؟

سناء : (يتضاحكان.. بينما يُسمَع صوت أغنية أنت عمري بتوزيع عمر خيرت)..
ياما غنيت لك يا حسين وأنت مش معايا..

حسين : ياما حنيت ليكي وأنتي جنبي، وقريبة مني.. وماكنتش باستحمل البعد عنك.

سناء : ودلوقتي قلبك قسي عليا.. يعني كنت عايش معايا عشان ابنك وبس؟

حسين : أنتي قبل مني.. وقبل ابنك.. أنتى الصابرة..الطاهرة، بنت مصرية، الست
الجدعة بصحيح..السند وقت الشدايد.. في ضهري دايمًا بتلحقيني..
(بتحسر).. لما اترميت زي الولايا في البيت بعد المعاش أو الموت المبكر.
محسستنيش إن ناقصك حاجة.. ولا حسستيني إني أنا ما نقصش مني حاجة.

سناء : أنت قعدت في البيت سيدي وتاج راسي.. ومنور مكانك ومستور، واللي
قعّدَك، قعد هو وعياله ورا القضبان على سرير.. ربنا يكفينا شر الفضايح..
ربنا بيطيب خاطرك يا حسين ..(تستعطفه) ياللا قوم بقا ارجع معايا..
نصلي وندعي ربنا يرد لنا وحيدنا أحمد..

حسين : (منفعلاً).. مش راجع يا سناء .. ارجعي أنتي.. مش راجع إن شاء الله
إلا وابننا معانا.. أو على الأقل خبر صحيح عنه..

سناء : ( وهي تهم بالانصراف).. يعني مفيش فايده.. سناء هانت عليك..

حسين : ما تقوليش كده.. أنا ها أحضر مع المشايخ جنب جامع سيدنا الأربعين..
هنبتهل وندعي المولى تعالى يرد لنا أحمد وكل غايب..
(تنسحب سناء في هدوء وهو يتابعها بنظراته.. بينما يدخل الشباب
في جلابيب بيضاء أقرب لملابس الصوفية أو المولوية.. وقد اختفى
فوزي من المشهد، يعم المسرح أضواء في المنتصف.. وبخور..
وترتفع الأصوات بالتهليل الهاديء يتقدم إليهم حسين ببطء وهو يرفع
يديه بالدعاء عدة مرات.. حتى يختفي.. وينشد الذاكرون)...

الذاكرون :

يَاخَيرَ مَنْ لَمَسَ الثَّرىَ زينُ الورىَ
نسبًا وطبعًا بالجْمالِ تَفَرْدَا
مَنْ ذَا يُطَاولُ قَـدْرَهُ باللهِ مَنْ
وَاللهُ مَنْ نَادَاهُ ذَا عَلَمَ الْهُدَىَ
إِذْ بَشَرَتْ كُتُبُ الْكِرَامِ الْأَنْبياَ
بَقدُومِهِ هَذَا الْأَميِنٌ مُحَمَّدَا
هَذَا الَّذِيِ أَنْوَاَرُهُ قَدْ أَشْرَقَتْ
فَالْكَائِنَاتُ هَوَتْ لِرَبِّهَا سُجّدَا
هوَ رَحْمَةٌ للْعَالَمِينْ مَا إنْ أَتَىَ
عَمَّ السَّلاَمُ عَلَىَ الْبَرَايَا سَرْمَدَا
مِنْ مُعْجِزَاتِ اللهِ أنْ صانَ اسمَهُ
لاَ قَبْلَهُ نُودِي سِوَاَهُ أَحْمَدَا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
لاَتَسْأَمُواْ مِنْ ذِكْرِهِ إذْ رُدِّدَا

(يقف الذاكرون صفًا ووجوهم إلى الجمهور يؤمنون على الدعاء بصوتٍ
خاشع خفيض)

الشيخ : يا راد يوسف على يعقوب، يا كاشف ضر أيوب، يا من نجا نوحًا من الغرق،
رد اللهم الغائب أحمد ابن حسين إلى أهله..

الذاكرون : آمين..

الشيخ : وأقر اللهم عينه بمن يحبونه..

الذاكرون : آمين..

الشيخ : آمين يارب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
وخاتم النبيين..

(تخفت الأصوات مع خروج الذاكرين من المسرح بالتتالي، وهم يرددون
البيت الأخير.. تعود الأضواء إلى ما كانت عليه.. ثم يدخل عامل النظافة
بزيه الغير مهندم.. ومقشة من مقشات هيئة النظافة التقليدية العتيقة)..

عامل النظافة : (وهو يتظاهر بالتنظيف).. دول يرموا مولوتوف(يشير إلى رصيف
الشباب).. ودول بيرموهم برصاص مطاطي، وساعات حي..
ماشي مفيهاش حاجة.. وكل ده بقا ييجي على دماغ أهلى أنا..
ودماغ أم المقشة التعبانة..

(يوجه خطابه للجمهور.. وهو يرفع المقشة).. بالذمة دي
هتنضف مطاطي ومولوتوف.. دي.. اللي بالعافية بتزق كام
ورقة وشوية تراب....
يعني همه يهزروا ويقعدوا يجروا ورا بعض.. ويستخبوا من بعض..
ويتقلوا في الهزار لغاية ما يعوروا بعض.. ويموتوا بعض..
ويطلعوا في التليفزيون.. يقولولك ثورة عشان الفقرا
واللي اسمهم محدودي الدخل..
طيب زي ما طوروا الأسلحة.. يطوروا لي المقشة..
يجيبولي لا مؤاخذه جزمة برقية طويلة .. وهدمة كويسة.. مش
أنا برضه من محدودي الدخل ..
وفالحين بس يطلعولك في التليفزيون..(يقلد).. وقد صرح مش
عارف مين بعودة الميادين إلى طبيعتها.. ونظافتها.. وأنا اللي
بأنضف من هنا.. وهمه ييجوا يحدفوا ويوسخوا..
والكاميرات بتصورهم.. واللي ينضف محدش يعبر أمه بكلمة شكر..
(وهو يسحب المقشة خارجًا).. ياللا يابنتي عشان هتجنن
أنا من أم البلدي دي (وهو يخاطب المقشة) مش بذمتك
دي حاجة تجنن .. ولا أنا مجنون ولا إيه......
(قبل نهاية خروج عامل النظافة.. يُسمع صوت سيارة تتوقف..
ويدخل الأستاذ إبراهيم الشاعر)..

عامل النظافة : (يخاطب المقشة).. استني نسأل الجدع اللي جي ده.. باين عليه
حاجة مهمة..بأقول لسعادتك إيه؟

إبراهيم : (وهو يتلفت حوله).. أأمر يا سيدي..

عامل النظافة : هو حضرتك موظف في الحي؟

إبراهيم : (مندهشًا).. في الحي؟!

عامل النظافة : لا مؤاخذة.. يبقى في المحافظة..

إبراهيم : ماشي .. في المحافظة..(وهو مازال يتلفت).. ها .. انجز..

عامل النظافة : هو سعادتك بتدور على حاجة..

إبراهيم : ما شفتش.. اتنين كانوا واقفين هنا من شوية..

عامل النظافة: لأ والله ما شفتش. أنا جيت ما لقتش حد هنا.. تلاقيهم
واخدين هدنة..

إبراهيم : طيب .. شكرًا ..(وهو ينصرف)..

عامل النظافة: استنى يا سعادة البيه .. كنت عايز أسألك سؤال..

إبراهيم : أسأل يا سيدي.. عايز تسأل عن إيه؟

عامل النظافة: عن الكرب اللي أحنا فيه؟

إبراهيم : (نفذ صبره).. وحياة أبوك.. حدد أنهي كرب .. عشان هيه
ماليانة ومتعبية..

عامل النظافة: إمتى هترجع المياديـــن
للماشيين مش معتصميـن؟!

إبراهيم : ها أقولك إمتـى؟

عامل النظافة: قولي يا زيـــن

إبراهيم : لما العدل يرجــع أعمى
بيحكم بس بغير ألـوان
ولما الفرصة ياخدها
العامل مش الكسلان
علشان جايـــــب كارت
وواسطة لأي فــــلان
ولما الفرن تطلع عيشها
للبني آدم مش حيــــــــوان
ومعاشي ف نهاية الخدمة
يكفيني من غير حوجــان
لما أروح القسم اتظلم
ولا اتـــــألم ألقـــــــى ودان
لناس تسمعني وتفهمني
مش هتسَب ولا هتــهان
لما الرحمة تعم ما بينـا
إنسان بيعامل إنسـان
مش نتصنف بأساس
حزبي ولا أديـان

عامل النظافة: بس يا عم كفايـة
خيال بلا شغل جنان
كده عايزين ولا مليون
ثورة بألف ميــــــــــــــدان
كده راح نبقى كلنــــــا
ثورة ومصـــــر ميـــــدان

(يخاطب مقشته).. ياللا يا ماما نمشي.. مفيش فايدة.. دي
بينها أيام سوده.. وطويلة.. الناس دي هتجنن أهلي..

إبراهيم : (يضع يده في جيبه.. ويناديه) ..تعالى خد..

عامل النظافة: (يشيح بيده.. وهو يتوارى عن الأنظار)..

إبراهيم : (يبحث عن حسين أو فوزي فلا يجدهما.. يلمح وهو يغادر
الشيخ عامر..شيخ مسجد الأربعين قادمًا من ناحية المسجد)..

إبراهيم : حاجة غريبة .. راحوا فين دول؟.. مين ده اللي جي هناك..الشيخ
عامر؟..(يناديه ممازحًا).. أقبل يا شيخ عامر.. شيخ مسجد سيدي
الأربعين سابقًا، والمستولى عليه بالمحبة حاليًا، شيخنا الهمام، عالي
المقام..

الشيخ عامر : (يتفاجئ به. .وهو يتحقق منه).. مين؟!... الأستاذ إبراهيم الشاعر..
لن أقبل عليك، ولن أصافحك، ولا أقولك.. أنا راجع المسجد
تاني عشان مقابلكش..
(يجري إبراهيم وراءه، يحاول أن يستوقفه، ويستعطفه ليفهم
سبب غضبه عليه)..

إبراهيم : ياسيدنا..يا مولانا، استنى الله يخليك، هو أنا حمل زعلك مني
(يحاول الشيخ التخلص منه).. طيب فهمني أنا عمري زعلتك من
ساعة ما كنت إمام للمسجد زمان، وياما علمتنا الطاعة، طاعة الوالدين
والعلما والحكام مهما عملوا.. إمتا يا مولانا خرجت عن السياق؟

الشيخ : (يقف ثم ينتهره).. أيوه عملت ياسي إبراهيم..

إبراهيم : إمتا؟!

الشيخ : إمتا؟..أقولك.. مش أنت اللي قلت يا عم الشيخ، وعذاب القبر.. وكلام فارغ مش فاكر..

إبراهيم : (يتظاهر بالغضب..يقلد الرئيس السادات).. أقف مكانك.. أقف.. وألزم حدودك..
أنا كل كلامي في المليان.. ألزم مكانك ..(يعود لطبيعته) وبعدين فيها إيه
يزعلك لما أقول يا عم الشيخ؟!

الشيخ : يا سلام فيها إيه؟!..أنت فاكر فيها إيه، ولو فاكر قول..

إبراهيم : مش أنت سمعت الكلام ده يا مولانا ما تقول..

الشيخ : يا خويا سمعته من كتر م العيال الصيع دول دلوقتي (ويشير إلى الرصيف
.. فيوقفه إبراهيم هامسًا)..

إبراهيم : بس.. وطي صوتك يا شيخنا..العيال الصيع دول كنت تقولها أيام مبارك
قبل ثورة 25 يناير..

الشيخ : (بهمس) يا سلام .. وليه يا أخي؟

إبراهيم : العيال الصيع دول بقوا ثوار.. ومسقطين رئيس والتاني جاي في
السكة.. ومغيرين كام وزارة..

الشيخ : يعني إيه؟

إبراهيم : يعني لو لفوا حوالين الجامع اللي بتخطب فيه.. وهتفوا ضدك: ارحل .. وزير
الأوقاف هيبيعك فورًا.. وينقلك.. يا يطلعك معاش مبكر زي الـ (يتوقف)

الشيخ : (يكمل له) الأستاذ حسين.. متخافش مش هنا..(بصوت خفيض وهو يقترب
منه)..العيال الصيع.. الثوار دول زمان كانوا بيحترموني .. دلوقتي بقوا كل ما
يشوفوني يزفوني بكلمتك المدعوءة دي...

إبراهيم : سيبك من الاحترام والأخلاق دي عايزة ثورة لوحدها عشان ترجع
مش عشان ترحل.. والكلمة المدعوءة اللي أنا قلتها هسمعها لك ومش
هتلاقي فيها حاجة تمسك خالص..

الشيخ : قول يا خويا..

إبراهيم : يا عم الشيخ ..
بتكلمنا كتير ع القبر ..
وخطبك ناسية ذل القهر..
بتذكرنا بعذاب آخرة..
وناسي عذابنا ف آخر الشهر..
كل مواعظك لازم نزهد..
لازم نصبر حلو الصبر..
واللي مكوش واللي محوش..
واللي سارقنا لآخر الدهر..
واللي ظالمنا ومعذبنا
ولا شىء همه وسانده الضهر..
كلمة حق لله قولها..
يمكن مرة توقف شر..
ذكر غيرنا بعذاب آخرة..
ده كله بأمره ملبى الأمر..
فكر غيرنا بدخلة قبــر..
مش للفقـرا وبس القبر.....
ده اللي أنا قلته..

الشيخ : بس.. وكنت عايز تقول إيه كمان.. ما أنت بتقول يا عم الشيخ ..
يبقى الكلام ده لمين يا ناصح؟

إبراهيم : (بعفوية).. لعم الشيخ..

الشيخ : وأنا مين يا شاعر يا كبير؟

إبراهيم : (ببلاهة).. أنت عم الشيخ..

الشيخ : شفت.. يبقى أنت كاتبها في مين يا أمير الشعرا؟

إبراهيم : (بسذاجة).. كاتبها في عم الشيخ!

الشيخ : (يشتاط غيظًا..ويهم بالانصراف).. أنا ماشي بدل ما أتحول
وأبقى واحد من الثوار.. وولع فيك بمولوتوف ومطاطي...

إبراهيم : (منتبهًا)..أيوه.. أنت فاكر لما بأقول يا عم الشيخ.. بأبقى
بأقصدك أنت يا مولانا (يضحك).. يا عمنا أنا بأقصد فيها
كل شيخ بيطلع المنبر.. وبيقعد يقول للشعب الصابر
.. أصبر.. لحد الزهد. .وما يقدرش يقول للسارق والظالم
بطل سرقة وكفاية ظلم..

الشيخ : يا سلام يسمع كلامك أنت ويخالف تعليمات وزارة الأوقاف؟!
إبراهيم : (مذهولاً).. تعليمات الوزارة..!.. وتعاليم ربنا اللي اتعلمناها من
ديننا.. الخير والمحبة والعدل نرميها ورا ضهرنا..

(يقف في مواجهته).. تصدق يا عم الشيخ لو كنتم نفذتم تعاليم
الدين يا رجال الدين يمكن كنتم قدرتوا تفرملوا الناس اللي
فوق دي شوية..

الشيخ : يا نن عين أم الست أم إبراهيم والدتك..يا خويا ده أحنا اللي كنا
اتفرملنا ولا حدش سمى علينا ولا حس أصلاً بينا وأحنا
تحت الكاوتشات يا حبيبي .. يا إبراهيم الناس دي كلها
(يشير إلى الجمهور) عارفه الدين وعارفه ربنا مش محتاجين
لا لمشايخ ولا لنصايح.. بس فيه اللي عايزين يخالفوا كلام ربنا..
حابين ده.. وأكترهم ما يقدروش يتغيروا ولا يغيروا..

إبراهيم : مستسلمين.. ماكنوش عايزين يدفعوا ضريبة التغيير..

الشيخ : لأ وبنصاحتك جاي عايز تدفعهاني أنا..(يتقدم نحو مقدمة المسرح
وكأنه يخطب من فوق المنبر)..الكل مكسل والكل بيطالب بالتغيير،
منتظرين دايمًا.. صلاح الدين والمهدي المنتظر.. عايزين اللي ييجي
يخلصهم. .بالوكالة، بالنيابة عنهم، بيطالبوا بتغيير الكون وهمه
حتى يغيروا من نفسهم مابيقدروش.. وفضلوا مِسَلمين.. ومستنيين
وكانوا هيفضلوا كده..

إبراهيم : لغاية ما جم زهرة الشباب وثاروا وغيروا.. ودفعوا بالنيابة عننا كلنا
ضريبة التغيير من روحهم ومن دمهم..

الشيخ : رحمة الله عليهم.. وجعل الجنة مثواهم إن شاء الله..
(كمن تذكر شيئًا) ده باين أنا كمان يا سي إبراهيم اللي هدفع
ضريبة التغيير بوقفتي السودا معاك دي..

إبراهيم : ليه فيه إيه؟

الشيخ : اتأخرت يا خويا ع الحاجة وربنا يستر ومتقوليش هيه كمان أرحل..
ما هي بقت شوطة ودايرة في البلد.. اللي مش عاجبهم مديرهم
يتظاهروا: أرحل.. العيال مش عاجبهم المدرس يتظاهروا: أرحل..
طول النهار أرحل.. وأنا هسيبك وأرحل من غير مظاهرة..

إبراهيم : طيب..استنى أوصلك..

الشيخ : النبي ناقصة استظراف.. هو أنت حيلتك عجلة..

إبراهيم : ما أنا ما قلتلكش.. تصدق نستني.. معايا بره بعربيته صديق
شاعر مستنيني وفرحان بيا قوي..

الشيخ : ليه بقى..

إبراهيم : عشان طول ما هو ماشي بيقول لكل حد أنا أكبر شاعر عامية
في مصر.. ومحدش بيصدقه..

الشيخ : وسعادتك أنت اللي صدقته..

إبراهيم : لأ .. عملت نفسي مصدقه.. ياللا ما تضيعش وقت وخليني أوصلك..
وأنقذ مصيرك..

الشيخ : أهو تبقى عملت حاجة حلوة ف حياتك.. وكفرت عن قصيدتك
العصماء اللي جرستني بيها.

(يضحكان وهما يخرجان وقد تأبط الشيخ ذراع إبراهيم)....

(تدخل ثلات فتيات منهن المحجبة والمتبرجة وهن يتضاحكن)

فتاة1 : أمال همه راحوا فين ..اتبخروا؟!

فتاة2 : يا نهار مش فايت ليكونوا قبضوا عليهم..

(يدخل شاب عابس غاضب..ينظر إليهن في تبرم وضيق)

شاب : أنتم إيه اللي جابكم.. مش قلنا مفيش داعي لنزول البنات.
.
فتاة3 : ياما قلتم كده.. وأفتيتوا بكده.. بس بعد كده.. طلعت حركة كده وكده..

الشاب : إيه اللي كده وكده وبعد كده؟!

الفتاة 1 : قصدها لما طلعتوا بمظاهراتكم كان فيها بنات..

الفتاة2 : وأطفال وستات..عادي..

الشاب : ده نزول تكتيكي .. يعني لضرورة..

الفتاة3 : والضرورة تقدر بقدرها.. وأحنا شايفين نزولنا ضرورة.. وضروري كمان
أنك ترحل.. زي ما هيرحل اللي أنت عارفه..

الشاب : (يتمتم وهو ينصرف).. إلهي تولعوا.. أنا مالي..
فتاة2 : أهم جايين أهم..

فتاة3 : شكلهم زي ما يكون بيتخانقوا..

(يقبل أربعة شباب وهم يتجادلون بصوتٍ مرتفع)

فتاة1 : مالكم فيه إيه؟

شاب1 : (يشير إلى واحد منهم يقف بعيدًا).. البيه راسه وألف سيف يمشي
ويسيب الميدان..

فتاة2 : ليه اللي حصل؟
(توجه كلامها لهذا الشاب المتمرد.. وهو لا ينظر إليها
ولا يرد عليها)

شاب2 : (يجيبها بالنيابة عنه)..مش عاج
به اللي بيحصل معانا.. ناس مننا
استشهدوا وتانيين مقبوض عليهم.. وأدينا رجعنا زي ما كنا..

شاب3 : (يوجه كلامه لزميله المتمرد).. طيب وأنت شفتنا سكتنا من أيام
مبارك.. والمجلس العسكري..لأيام مرسي.. للي لسه مش عارفينه..

الفتاة3 : (تتجه نحو المتمرد مباشرةً.. وتخاطبه بحدة)..عايز تمشي وأحمد ابن
عم حسين لسه مارجعش.. وعم حسين نفسه قاعد ما مشيش.. قوم
أنت يا بطل.. يا ثوري اللي عايز تمشي..
(البنات يولولن ليستفزوه).

المتمرد : (يصطفون أمامه صفًا واحدًا.. ويقف هو أمامهم)..
أيوه .. عايزه أمشي.. عشان كفرت بامبارح.. ويئست من النهارده..
ومش شايف أمل في بكره.. ومصر كمان..(يقاطعونه)..

الشباب والفتيات: اكتب فوق الشمس نهارك
خلي لبكره الجي مسارك
إياك تلعن مرة الأمس
أوعى ف مرة تثور ع الشمس
مصر هتفضل دايمًا مصر
أمك وأم أجيال جيالك

المتمرد : لأ .. مصر مش أمي.. أمكم أنتم..

عيشوا فيها.. وأشبعوا بيها (يصرخ فيهم).. مش أمي ومش بحبها..

الشباب والفتيات: مصر الحب هتفضل حب
حبها جاري ف شرايين دمك
أوعى تقول أبدًا مش أمك
دراعها بحب ياما شال همك
ليه بتسب حاضرها ماضيها
ليه ف همومها ناسي ماليها
ليه ف هزايمك بس فاكرها
وف أفراحك ماشي ناسيها
وبتغفر لك وبتنسى لك
دايمًا فاتحة أحضانها قبالك
علشان مصر هتفضل مصر
أمك وأم أجيال جيالك

المتمرد : مش شايف فيها حاجة حلوة.. خلاص مصر بقت ف
عنيه وحشة.. وحشة ..

الشباب والفتيات: مصر الحلوة هتفضل حلوة
لأ مش وحشة الوحشة عنيك
مصر الصابرة حكاية وغنوة
راح تحكيها أجيال بعديك
مصر الباقية هتفضل باقية
مسلة ومدنة جرس وآدان
مصر الريف الصحرا وبندر
مصر الحرة سلام وأمان

مصر ف ضهرك صالبة جدارك
مصر دي قمرك يا هنيالك
قولها بفخر أنا من مصر
أمك وأم أجيال جيالك

( يلتفون حوله في نصف دائرة في مقدمة المسرح.. وهو
جاثيًا على ركبتيه بينما هم يرددون المقطع الأخير:
قولها بفخر أنا من مصر..أمك وأم أجيال جيالك..
ينظر المتمرد إليهم.. ثم ينظر للجمهور، ثم ينظر إليهم
محاولاً الوقوف.. بنهض)..

المتمرد : أنا من مصر ..أنا من مصر..
(يتقدم نحوه الشباب ويتجهون للجمهور وهم يرددون ذات
المقطع.. قولها بفخر أنا من مصر..أمك وأم أجيال جيالك..
ثم يحضنه أصحابه.. ويتجهون معًا نحو الرصيف)..
(يخرج حسين من جوار المسجد.. يمر على الشباب وهو يتلفت..
فيسأله أحدهم)..

شاب : بتدور على حاجة يا عم حسين؟

حسين : ما شفتش عمك فوزي؟

شاب : كان قاعد على القهوة بيشرب شيشة ويتكلم في الموبايل..
(تدخل سناء مسرعة نحو فوزي)..

سناء : ابنك رجع يا حسين..(تخاطب الشباب) أحمد أخوكم رجع يا ولاد..
(يهرول الشباب نحوهما..ثم يلتفون حولهما)..

حسين : (يطير فرحًا) رجع .. بجد رجع يا سناء؟

سناء : أيوه رجع يا حسين..(بتحسر) بس كأنه ما رجعش..

حسين : مش فاهم .. وضحي لي أكتر..

سناء : راجع ساكت ما بيضحكش.. في عنيه حزن السنين.. ودمعة حيرانة
مش عايزة تنزل..

حسين : ما قالش كان فين؟

سناء : سألته ..بص لي وقال لي..

(يتركها الشباب ليصطفون صفًا واحدًا فى مواجهة الجمهور
وقد كسا الحزن وجوههم.. بينما وقفت هيّ وحسين في
أقصى اليسار من المقدمة.. وينوب الشباب عن أحمد في
الرد على أسئلتها)..

أحمد/الشباب: مش مهم كنت فين.. المهم رايحين على فين..

حسين : وما قالش كان عند مين؟.. اللي خاطفينه مين؟ أو اللي قابضين
عليه مين؟

سناء : سألته ..(تعيد السؤال كأنه لأحمد..بنفس اللهفة واللوعة)..
مين اللي كان خاطفك ولا قابض عليك.. الجيش ولا الشرطة
ولا الإخوان ولا بلطجية ولا السلفيين؟..فرد عليا وقالي بحزن وحزم..

أحمد/الشباب: كلهم مذنبون يا أمي.. ونحن مذنبون.. كلنا مذنبون..كلنا مذنبون..
(يدخل فوزي وهو يتكلم في المحمول)..

فوزي : لأ اطمئن سيادتك يا فندم.. هفهم كده.. طبعًا المرحلة ما تستحملش..
وهعدي على سيادتك في القيادة ..مع سلامة الله ..(يرفع يده وكأنه
يؤدي التحية العسكرية)..

حسين : كويس إنك جيت يا فوزي يا خويا.. أحمد رجع..

فوزي : (يتحدث بلهجة جافة وجادة خالية من المشاعر).. عرفت.. عرفت..

حسين : أحمد يحصله ده.. لاحول ولا قوة إلا بالله.. ده كان بيحب مصر لمصر..
مصر وبس .. كان مؤسس جماعة مواطنون بلا انتماء..الانتماء مش
لحد لمصر وبس..

فوزي : ياريت كلنا نعمل زيه .. ونحب الوطن وبس.. من غير ما نتكلم كتير..

حسين : أحمد كان بيحب مصر وهو بيتكلم.. دلوقتي بيحبها في صمت.. معرفش
ليه سكت.. ومش عايز يتكلم .. ولا راضي يتكلم..

فوزي : هيه..أقولك إيه يا حسين.. طبيعة المرحلة..(يرفع صوته بطريقة جادة
وآمرة .. ويخاطب الجميع).. أيوه طبيعة المرحلة.. العمل.. ونحب
الوطن في صمت.. ولا شيء غير الصمت.. نحبه في السر..

(يتكيء حسين على ذراع سناء غير مصدق.. بينما يرفع
الشباب لافتات عليها صور لكابات عسكرية غير مصرية..
ويتجهون نحو فوزي)..

الشباب : يسقط يسقط حكم الـــ....(يتقدم نحوهم فوزي وهو يزأر)..

فوزي : ها .. سمعوني بتقولوا إيه؟..

(يعكسون اللافتات.. فيظهر عليها كلمة تحيا مصر.. يصفق لهم..
بينما هم يسيرون بطريقة عسكرية.. يمينهم تحمل اللافتات..
وأكفهم اليسرى يغطون بها أفواههم)..
برافو يا ولاد..لأ صحيح برافو عليكم..قدرتم بسرعة
تفهموا طبيعة المرحلة..
( يوجه كلامه لحسين)..
فهمتها يا حسين زي الولاد ما فهموها.. روَّح يا حسين..
ما لهاش لازمة الوقفة في الميادين.. ولا ليها لازمة أصلاً
بعد كده الميادين..روَّح يا حسين..

سناء : ( وهيّ تنظر لفوزي بقرف ودهشة).. ياللا يا حسين.. ما بقاش
فيه لازمة..لأي حاجة (يتململ حسين رافضًا العودة.. ولكن سناء
تصر فيرضخ)..

حسين : يا عمري اللي اتسرق مني .. يا عمري اللي اتسرق مني..
فوزي : برافو حسين ..إنك راجع لبيتك..

(يتجه للجمهور)..
وانتوا كمان ..ارجعوا بيوتكم.. وحبوا مصر .. حبوا الوطن
بس بصمت..ها..بصمت.. دي طبيعة المرحلة..
(ترتفع ضحكاته عالية.. وأصوات الشباب حوله وهم يهمهمون
بأنفاسهم.. وصوت حسين يرتفع ليعلو عليهم بينما تنخفض
الهمهمات والضحكات ولا تتوقف.. كما لم تتوقف كلمة حسين)..

حسين : (وهو يتأبط سناء خارجًا)..
يا عمري اللي اتسرق مني.. ياعمري اللي اتسرق مني..

(ثم يلف ليتقدم نحو الجمهور.. وبنبرة أعلى)..

يا عمري اللي بيتسرق مني .. يا عمري اللي بيتسرق مني...

[ستار]




#السيد_إبراهيم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استرشاد المرأة العصرية بحياة أمهات المؤمنين.
- أيَّامٌ في دَنْدَرَة..
- لقاء في -ساحة النور- بدندرة..
- صور الحب في فكر الدكتور محمد حسن كامل
- الشهيد عبد المنعم رياض: دلالات النشأة والوطنية..
- مفهوم -الشعر- في فكر الدكتور محمد حسن كامل..
- قراءة في بناء ومعوقات رأس المال الاجتماعي عبر المجتمع الافتر ...
- تقدمتي لقصة ” شاء قدري”.. للكاتبة هزيل حورية..
- الهجرة النبوية: المقدمات والنتائج..
- -حول المجتمع الافتراضي-.. حوار مع عالم الاجتماع الدكتور وليد ...
- حوار حول الأمازيغية مع الشاعر الباحث عادل سلطاني
- التصوف وعلاقته بالتشيع.. الافتراق والالتقاء
- -مالك بن نبي- .. رؤية جزائرية
- -عرعار- في ذاكرة التاريخ الجزائري...
- أوهاَمٌ مُسْتعَارة
- الإسراء والمعراج .. المعجزة والقصيدة
- فَزَّاعَةُ العَامِّيَّة...
- عندما تتلمذ -الأعلم- على -الأدنى- .. السلجماسي والدباغ أنموذ ...
- طفلة الرؤيا
- تبرئة -ابن سبعين- من القول المشين ..


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد إبراهيم أحمد - مسرحية: -العائد الذي ما عاد-..