أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مظهر محمد صالح - ليلة الهروب














المزيد.....

ليلة الهروب


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5869 - 2018 / 5 / 11 - 10:49
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ليلة الهروب


الكاتب:د. مظهر محمد صالح

05/8/2015 12:00 صباحا

مد ثامر ذراعه وهو ينظر الى ساعته التي اطبقت عقاربها، لتنذر ان يوماً غامض المعالم سيستسلم لمغازلة المصير المجهول وهو يوم الثاني من آب 1990، ثم رفع رأسه من خلف دريئته كالضفدع الذي غرق في رمال الصحراء وهو يتنفس شيئا من الهواء، الذي اختلط برائحة التراب. ونظر امامه فلم يجد سوى صمت مخيف وهو يتطلع لظفرٍ هين يشجع على الهرب ولكن دروبه ليست سهلة المنال.
تذكر ثامر سنوات دراسته وتفوقه ويوم حصوله على درجة البكالوريوس في الرياضيات ،ولم ينس نفسه انه من عائلة اخذت مجلسها بين الاُسر والعائلات التي ولًدت للعراق جيلاً متعلماً من ابنائها، يزهو بالمعرفة ويحلم ان يحل السلام محل السيف وربما آمنت بالحب للعدو والصديق. و لايدري ثامر ماذا سيخبئ القدر من خلفه من الايذاء والقهر. ولم يتوقع في يوم من الايام ان تخذله نواياه الطيبة التي استمد منها القوة والعزاء.
تجمعت عند ثامر كل قواه الخاوية في تلك اللحظات ليطلق ارجله في وثبة جنونية صامتة قادرة على تحويل الكابوس الى حلم ودفن الموت الذي ظل يربض في ظلام دريئته. وهو مازال يستمع الى صدى صوت يخرج من باطنه ويضطرم بالرعب والالهام مردداً: ان نجاحك ياثامر هو رهن قوة خيالك ، فلا تترك مملكة مخيلتك متردداً وانت في هذه العزيمة. وان ارجلك هي مثقلة في معسكر الرمال، والبلاد كلها في شر عهدٍ انقض على حضارة الرافدين واوشك ان يبيدها. حدث ثامر نفسه في تلك اللحظات، هل المعركة، مع البلد الذي اقف على خط النار فيه، هي معركة وطنية ام معركة غرور يتسابق فيها الجبناء على تقديم فروض الطاعة الى الظالم بغض النظر عن اسم الظالم وجنسيته؟
وتذكر كم حصدت قبلها حرب الثماني سنوات من رجالات بلاده لكي يكتسب الظالم مجداً وشهرة دون ان يدفع ثمناً سوى دماء الابرياء. هرب ثامر ليلاً بمفرده نحو صحراء الكويت ومضى في سبيله كأنه شبح ذائب في الظلام وفي السماء نجم واحد يراقبه وهو يتطلع الى ظلمة الفجر والاختفاء في غلالاتها على الرغم من انها سريعة الزوال. ولم تمض سوى ساعات قليلة على هروبه وزحفه الى الامام ليفاجأ وهو يستمع الى حركة العجلات التي أخذ يعتقد من فوره انها تلاحقه شخصياً كقوة مدمرة تفجرت في قلب الظلام وهي تواصل الضرب بلا رحمة وشهوة طاغية للاذى لانزال العقاب الشامل بثامر كما تحسس في حينها.
لقد بدأت الظلمة تخفت وتتهافت وارجل ثامر منطلقة بلا توقف في تلك الفلات التي اخذت سخونتها ترتفع مع اطلالة الفجر الاول والتعب والخوف بدأ يزحف على عضلاته واعصابه مبكرا. فندت صوب ثامرصرخات واختلطت اشباح ونشبت معركة عمياء قوامها كلمات اطلقها وبصوت خشن احد قادة الحرب، وهو يعتلي مدرعته وبوحشية كاسرة تنفث حقداً وشهوة طاغية للاذى، اين هي وجهتك ايها الجندي المنفلت؟ وكيف يحلو لك ان تبادر بالهجوم قبلنا! وانت تسبق وحدتك العسكرية ؟ عليك اللعنة ايها الجندي، ارجع مجددا الى معسكرك والتحق بوحدتك ثانية؟ ومضى القائد يهدد وينذر في الهواء وهو يتقدم الى الامام. ومضى ثامرمنكسراَ وهو يزحف الى الخلف تلفحه نسمات حارة اختلطت بالرمال متراجعا بوجه أسيف وقلب منكسر وجراح نفسية لايضمدها احد، وأخذ قلبه يخفت أسى على وقع طبول حرب لن تنتهي.
ختاماً، ظل ثامر مستسلما الى احلام يقظته في العيش بسلام ،على الرغم من خيبة الامل الطويلة، حتى اصبحت ليلة هروبه ذكرى من بين مئات الذكريات الضائعة التي تقلبها ارض الرافدين وبدموع ساخنة!



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صبي تحت الشمس..!
- النفط والحليب من دين واحد
- نساء في اقتصاديات العمل
- فندق الاسرار!
- سرب الحمام..!
- العتاد المسروق
- جزيرة السعادة..!
- في انتظار كافكا..!
- اشياء لا تموت!
- ميشيل فوكو.. حوارٌ لاينقطع !
- جيفارا والعراق
- موعد مع الإمبريالية
- مأدبة الغداء العاري..!
- مختبر الحرية
- عمار الشابندر ... رجل السلام


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مظهر محمد صالح - ليلة الهروب