أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة الزهراء كوصر - مدخل نحو فهم عالم المسنين














المزيد.....

مدخل نحو فهم عالم المسنين


فاطمة الزهراء كوصر

الحوار المتمدن-العدد: 5867 - 2018 / 5 / 8 - 16:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




يقولون :《الشيخوخة طفولة ثانية》 مقولة اكتشفت معناها الحقيقي هذا اليوم، الذي كان بالنسبة لي و لنا نحن الطلبة يوما متميزا و رائعا جدا، حققنا فيه حلما طالما كان يراودنا منذ الصغر.
فهذا يوم حط بنا الرحال داخل دار للمسنين 《جمعية نور للرعاية الاجتماعية آنفا عين الشق(دار المسنين ) 》 استقبلنا المسؤولون بحفاوة و ترحيب كبيرين، شاكريننا على حسن صنيعنا باعتبارنا شباب المستقبل و قدوة للأجيال التي ستأتي بعدنا.
أدخلنا ما كنا نحمله من مواد غذائية أو ملابس ، بعدها جلسنا و بعد برهة من الزمن دخل المسنون من نساء و رجال، و في أعينهم نوع من البراءة و الحنين عندما رأيتهم تذكرت أخي الصغير. كنت متشوقة للحديث معهم متمنية الجلوس جانب أحدهم، و أنا جالسة وحدي في ركن البهو ألاحظ أنماط سلوك كل واحد منهم، إذ أثارني رجل دخل و هو يغني و يصفق بيديه مرحبا بنا، داعيا الله لنا بمستقبل زاخر، فجأة قاطعت تأملي، ملاحظاتي و صمتي إمرأة خمسينية جلست بجانبي قائلة: 《مرحبا بيكم و شكرا على الزيارة 》، فلم أشعر حتى وجدت نفسي منغمسة في الحديث معها الذي كان في البداية عبارة عن توصيات و إرشادات، بعد أن سألتني عندما رأت خاتما في أصبعي: 《 هل انت متزوجة او مخطوبة؟》 أجبتها: 《بلا ياخالة فأخذت تحذرني و تعضني》 فكان كلامها كله حكمة و منطق في منطق، ربما هو نتيجة لتجارب فاشلة مرت بها، بعدها تعرفنا على بعضنا البعض فاكتشفت أنها تجيد اللغة الفرنسة و ذلك من خلال كلامها الذي كان أغلبه بالفرنسية ، لم لا و هي حاصلة على شهادة الباكالوريا سنة 1975 ، و خريجة تكوين مهني خاص كانت تدفع له شهريا قدرا من المال ، تمكنت بعده من الاشتغال بشركة خاصة فأصبحت مستقلة بذاتها لها عمل قار نوعا ما، و مدخول شهري ، و منزل خاص بها تدفع ثمن كرائه كل شهر ، إلى أن توفي والداها واحدا تلو الآخر فانقلبت حياتها رأسها على عقب ، أضحت تعاني مشاكل عدة مع إخوتها بعد أن اضطرت للجلوس من العمل بسبب حادثة سير أدت الى مشكل في كتفها و يدها اليسرى، هذه الأحداث تحكي أنها كانت بمثابة حجر رمي في مياه راكدة زعزعت سكونها فلم تجد غير دار للمسنين كمكان لجأت إليه، ثلاثة عشر عاما هي المدة التي قضتها منذ دخولها حتى الآن على حد قولها ، ففي أيامها الأولى بالدار عانت مشاكل نفسية أثرت على صحتها البدنية، لم يخطئ علم النفس عندما قال:《 كل ماهو نفسي أو سيكولوجي يؤثر على ماهو جسدي 》.
بعد حديث طويل دام لساعات قالت لي بأنها ارتاحت لي و ما زادها ارتياحا هو عندما أخبرتها أنني أدرس علم النفس "la psychologie " إذ تبادلنا أرقام الهواتف أخذت رقمها وهي كذلك ، بعدها طلبت مني أن أحمل لها تطبيق "Snapchat " لتتسلى به أحيانا عندما استجبت لطلبها ، و نفذته رأيت الفرح على محياها المليء بتجاعيد رسمت خرائط حياتها التي هي عبارة عن سقوط و نهوض، مغامرات، عيش، و رفاهية.
أثناء حديثنا المتشعب كانت تردد 《و فهميني/ او واش فهميني 》 كأن لا أحد يفهمها، هنا يأتي دور علم النفس، فهؤلاء الناس هم في حاجة ماسة إلى أخصائيين نفسانيين " des psychologues " لكن كيف ذلك لمجتمع لا يؤمن بهذا العلم، معتبرا إياه علم غيبيات أو قراءة للمستقبل و هناك من يجده دخول في ذات الإنسان و نفسيته أو علم روحانيات... و من تجده يفهم و يقرأ قليلا يقول بأنه علم يعنى بعلاج الأمراض النفسية فهنا حصره في فرع واحد و هو علم النفس الإكلينيكي بينما علم النفس له فروع لا تعد و لا تحصى و في هذا الصدد أستحضر قولا للدكتور مصطفى حدية في ندوة وطنية نظمت بكليتنا: 《 إن حصر علم النفس في الامراض النفسية وهو إجحاف في حقه...علم النفس يشمل كل مجالات الحياة، أي أينما وجد الإنسان يجب أن يكون علم النفس...》هذا موضوع آخر يحتاج الى نفض المزيد من الغبار عليه و المزيد من التفصيل.
لذلك سأرجع الى السيدة أمينة التي تعرفت عليها في دار المسنين لأشير الى أمر مهم و هو أنني لم أسرد كل شيء احتراما لا و لأسرارها و لهذا السبب اختزلت حديثا دام ساعات طوال في سطور تحسب على رؤوس الأصابع.
ها موعد رحيلنا قد حان ودعتها هي و بعض المسنين الآخرين و في قلبي أمل الرجوع مرة ثانية.
بعد كل هذا تأكدت أن من أمر أن السعادة تكمن في العطاء لا الأخذ و أن الحياة عبارة عن دائرة تغلق عند نفس النقطة، ففي الطفولة يكون الفرد في حاجة كبيرة إلى الرعاية و الحب و الحنان، و كذلك الشيخوخة يكون نفس الإحساس و نفس التصرفات لكن بطريقة مختلفة، الطفولة يكون الأفراد متعطشين إلى الحياة و المستقبل ، أما في الشيخوخة يكون الإنسان منتظرا مصيره و مستسلما لقدره و هو حتمية الموت ، ذلك اليوم الذي لا مفر منه حيث ستكون نقطة نهاية حياتنا ، لكن يجب على الإنسان أن يكون تاريخا خاصا به ، يذكر به على مر الزمن ، ليموت أنطولوجيا و يبقى حيا ميتافيزيقا.
فاطمة الزهراء كوصر / الدار البيضاء/ 07/ 05 2018



#فاطمة_الزهراء_كوصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات أمسية دافئة
- إلى أين؟


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة الزهراء كوصر - مدخل نحو فهم عالم المسنين