أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - أعراس الديموقراطية العربية















المزيد.....

أعراس الديموقراطية العربية


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 5866 - 2018 / 5 / 6 - 15:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعراس الديمقراطية العربية
"ماذا نفعل إن أفرز الصندوق حكماً آخر مثلما حدث في الجزائر 1992 أو مناطق السلطة الفلسطينية 2006 أو مصر بعد سقوط مبارك؟
الجواب التاريخي على السؤال نعرفه جميعاً: يتم "الانقلاب" على الفائز باستخدام أجهزة الدولة وإيداعه السجن، وربما اتهامه بالخيانة وإعدامة."

ناجح شاهين

ليس صدفة أننا اخترنا كلمة "أعراس" لوصف الضجيج الذي حل بنا منذ بعض الوقت في المشرق والمغرب في سياق الانتخابات بأشكالها المختلفة. في لبنان هناك انتخابات نيابية حامية الوطيس، وكذلك هو الحال في العراق. أما في تونس فهناك انتخابات بلدية تصل قعقعتها إلى عنان السماء. ولحسن الحظ انتهت دورة المجلس الوطني الفلسطيني وما رافقها من انتخابات متعددة الأوجه على خير ما يرام. وفي السياق الفلسطيني لم تحصل أية مفاجآت، وهو مثلما نعرف مميز هام من مميزات الديموقراطيات المستقرة التي تعيد إنتاج الوضع القائم إلى ما لا نهاية.
لسنا هنا في صدد تقريع الديمقراطية ولا تقريظها. إنما نود فعلاً أن نتوسل السبل التي تضع المواطن العربي والفلسطيني في صورة الفهم الواقعي المبسط لحدود الأحلام الديمقراطية وصلتها بالواقع من ناحية كونها نظاماً للحكم، أو كونها اشتراطاً –موهوماً أو واقعياً- لتحقيق القوة والسعادة والازدهار للفرد والجماعة والوطن.
دعونا نقفز إلى التعريفات الفجة على طريقة أرسطو: الديموقراطية هي حكم الأغنياء عن طريق الهيمنة الناعمة.
نعم، الديمقراطية في أدق وصف لها هي حكم الطبقة الغنية باستخدام أساليب الهيمنة الناعمة. أما الدكتاتورية أو الاستبداد فهي أيضاً حكم الأغنياء، ولكن عن طريق القوة المباشرة باستخدام جهاز الدولة الإكراهي من قبيل المخابرات والشرطة وأدوات القانون.
فكر ماركس انطلاقاً من سياقه التاريخي، ولا نقول أبداً انطلاقاً من سذاجته، لأن الرجل كان أبعد ما يكون عن السذاجة، أن مجرد الحصول على حق الاقتراع سيقود إلى الاشتراكية فوراً، لأن الشعوب سوف تختار الاشتراكية دون تردد. لكن ما حصل بالطبع هو عكس ما تخيل ماركس، فقد اتضح أن صناديق الاقتراع في لحظة تاريخية معينة هي أفضل الأنظمة السياسية لإرساء حكم الطبقة الرأسمالية الراسخ، والمتسم باستقرار عميق لا تحلم به أشد الأنظمة المستبدة التي تظل عينها على شعوبها ترصد أنفاسهم وحركاتهم وأفواههم وتجمعاتهم.
لكن ماذا نفعل في حالات الشذوذ التي يتمكن فيها حزب شعبوي أو عمالي من الوصول للسلطة؟ هذه معضلة حقيقية واقعية تاريخياً. أول الأمثلة عليها ألمانيا الثلاثينيات من القرن العشرين عندما تم تهديد السيطرة الطبقية للرأسمالية الصناعية الألمانية، فكان الحل السحري المعروف هو تحالف رأس المال الصناعي "المستنير" مع قومية هتلر الفاشية، فتم قبر الديمقراطية والمعارضة الشيوعية معاً في تابوت واحد.
بعد ذلك شاهدنا نماذج مثل "المكارثية" الأمريكية في خمسينيات القرن العشرين التي أخرجت الشيوعيين من نطاق المشروعية الدستورية وأطلقت أيدي أجهزة الأمن الفيدرالية في كل مكان تفصل من العمل، وتعتقل، وتقتل حتى تم إزاحة "الخطر" الشيوعي نهائياً. وشاهدنا نموذج سلفادور اليندي في تشيلي 1973 الذي تم الانقلاب العسكري عليه بدعم وتمويل وتخطيط من قبل وكالة المخابرات المركزية الشهيرة بالاختصار سي.أي.ايه.
ومنذ عقدين عاد اليسار الشعبوي في امريكا اللاتينية ينهض من جديد. ومع تراخي القبضة الأمريكية في سياق الأزمة الاقتصادية وحكم أوباما، تمكنت الحركات اليسارية من تحقيق بعض الإنجازات وسط انهماك الولايات المتحدة بشؤونها الداخلية وشؤون النفط العربي. لكن هذا التراخي بدأ في الانحسار مع "نجاح" الربيع العربي في تحطيم بقايا النظم القومية وترسيخ "إسرائيل" وتركيا والسعودية دولاً محورية عظمى في المنطقة. لذلك بدأت الولايات المتحدة صحوتها لمواجهة دول البريكس في أمريكا اللاتينية وبقية المعمورة.
قامت مجموعة البريكس ببناء بدائل لحلف شمال الأطلسي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. ومن بين تلك الأبنية منظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، وكذلك مشروع الصين: "حزام واحد، طريق واحد." ومن بين ذلك أيضاً بنك الاستثمار الآسيوي لدعم البنى التحتية. واعتماد "اليوان" في بيع النفط وتسعيره. وهذه الأبنية مجتمعة تهدد بتقويض أركان المركزانية لليهيمنة العولمية.
ولعل من أهم الدول في هذا الإطار روسيا، والصين، والبرازيل، وجنوب أفريقيا، والهند، وفنزويلا، وايران. وهي دول تضم نصف سكان العالم. وهي لذلك خطيرة حكماً من حيث حجمها الهائل بشرياً بوصفها قوى سياسية وعسكرية وأسواق. ومع صحوة الولايات المتحدة بدأت هجومها المعاكس. ونظن أن من المناسب هنا أن نسلط الضوء على الطرق التي تتبعها الولايات المتحدة في خلق المشاكل لهؤلاء الأعداء من منظومة البريكس دولاً مفردة أو حلفاً مجتمعاً.
توظف الولايات المتحدة طريقتين على نحو واسع في توليد الاضطرابات في الدول المنيعة على الانقلاب العسكري المباشر. وهاتان الطريقتان هما: الحركات السياسية/الاجتماعية المطالبة بالديموقراطية، والفضائح السياسية التي تهز النظام وتقوض مشروعيته الشعبية. يمكن لنا بطبيعة الحال تذكر ما حصل منذ وقت قصير في ليبيا ومصر وسوريا وتونس وغيرها من الدول العربية، وهي تجارب مفيدة لإضاءة ما تحاول أمريكا القيام به في البرازيل، والهند، وروسيا، والصين، وفنزويلا، والأرجنتين، والأكوادور، وبوليفيا.
هكذا عاد رأس المال النيوليبرالي البرازيلي على سبيل المثال مدعوماً بأسياده في واشنطون إلى الهجوم المضاد من أجل أن يستعيد ما خسره من امتيازات وأرباح. فقد ارتفع الحد الأدنى للأجور مع حزب لولا ومن بعده روسيف بنسبة 70%. واشتعل الصراع الطبقي بسبب سياسة إعادة توزيع الثروة اجتماعياً لمصلحة الفقراء، فكان لا بد من اختراع "حزيرة" الفساد، من أجل ردع روسيف ثم إسقاطها النهائي من الحكم. بل لقد توسع الأمر إلى حد محاكمة العجوز "لولا" وسجنه.
لكن هذا بالضبط هو معنى الديموقراطية لكي لا يظل الناس في رام الله وعمان ودمشق والقاهرة، وسائر المدن العربية، يرددون أوهاماً لا اساس لها في الواقع عن ديموقراطية توفر الرفاه والحقوق الاجتماعية والاقتصادية. ولعل من المفيد أن نذكر أن الولايات المتحدة وهي البلد الديمقراطي الأهم في العالم لم توقع أبداً على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لأنها اعتبرتها نوعاً من حقوق الرفاه، أو حتى شكلاً من "الاشتراكية". أما في كوبا حيث لا يسمح –حتى اللحظة- بحركة رأس المال بحرية، ولا يوجد هامش كاف من حريات الاعلام...الخ فإن الصحة مجانية للجميع، مثلما التعليم. ويبلغ معدل أعمار الرجال في هذا البلد الفقير 80 سنة، بما يزيد أربع سنوات على الولايات المتحدة الدولة الأغنى عبر التاريخ، بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية 2013.
تطبق عقوبة الموت في الولايات المتحدة على نطاق واسع مقارنة بندرتها في كوبا. وقد حققت كوبا بحسب تقرير "الحياة البرية الدولي" متطلبات التنمية المستدامة على نحو لا نظير له في العالم، ويعود ذلك إلى ندرة استهلاك مركبات الكربون فيها. لكن كوبا بالطبع ليست بلداً "ديمقراطياً". وذلك بالطبع شتيمة ومنقصة كبيرتين، إذا ما ظل أحدنا يفكر في أن الديمقراطية تساوي جنة الحرية والعدالة والفرح على الأرض، لكن الأمر سيختلف إذا ما مارسنا بعض التدريب في السياسة المقارنة كيما نعرف المعنى الواقعي التاريخي للمارسة الديمقراطية بعيداً عن مزاعم المعهد الديمقراطي، وفورد فاونديشن، وأوهام المنظمات الأهلية في فلسطين ومن يمولها في اوروبا وشمال أمريكا. وبحسب فهمنا المستند إلى استقراء الواقع، فإن الديمقراطية مجرد نظام اخترعته الرأسمالية في مرحلة تاريخية معينة يلائم تماماً ازدهار الطبقة البرجوازية وتحملها نفقات ضمن الحد الأدنى في الحيز العام، وخصوصاً في مجال الإنفاق على أجهزة الإكراه التي تتقلص الحاجة لها بسبب نجاح الطبقة البرجوازية في تحقيق الهيمنة الناعمة عبر المجتمع المدني والأيدويوجيا والإعلام الجمعي الساحق.
المشكلة في حالة تونس ولبنان والعراق وفلسطين وسوريا ...الخ أن الهيمنة الايديولوجية المطلوبة لإدارة البلاد من قبل الطبقة البرجوازية لا وجود لها. ولذلك فإن الانتخابات "النزيهة" تقود إلى تقويض حكم تلك الطبقة. وهكذا ينتج شكل طريف من الديموقراطية التي تستخدم فيها أجهزة الدولة كلها إضافة إلى الرشوة الصريحة والتهديد والوعيد والتحريض الديني والطائفي والاثني والعشائري من أجل الاحتفاظ بحكم الطبقة الغنية. وهو ما يؤدي إلى تفكيك نسيج المجتمع وشرذمته أكثر فأكثر.
لكن ماذا نفعل إذا فشلت الطرق كلها في الاحتفاظ بحكم طبقة عاجزة عن تحقيق الهيمنة حتى مع استخدام الجيش؟ ماذا نفعل إن أفرز الصندوق حكماً آخر، إسلامياً على سبيل المثال مثلما حدث في الجزائر 1992 أو مناطق السلطة الفلسطينية 2006 أو مصر بعد سقوط مبارك؟
الجواب التاريخي على السؤال نعرفه جميعاً: يتم "الانقلاب" على الفائز باستخدام أجهزة الدولة وإيداعه في السجن، وربما اتهامه بالخيانة وإعدامة.
هذه هي حدود الديمقراطية الليبرالية في العالم الثالث عموماً، والوطن العربي على وجه أخص. ومن يرغب منا في إنشاد مدائح تقريظ الديمقراطية يستحسن أن يكون ملماً بهذه البدهيات.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين بعد المجلس الوطني
- المجلس الوطني وحركة الجمهور
- ابتزاز السعودية
- الكلبة والعنف الجننسي
- عهد والتحقيق الوحشي
- جرائم بشار الأسد في غزة واليمن
- المال والشعر والمبادئ
- سوريا وكوريا بين الصين الصاعدة وامريكا الهابطة
- سوريا ووهم الديمقراطية
- العدوان الاستعماري بين ليبيا وسوريا
- التدريب على الحياد والفيس بوك
- بين الغوطة وفيلادلفيا
- اسرائيل والأسد
- ابن سلمان بين الخيانة ووجهة النظر
- هل علينا مقاطعة اللغات الأجنبية؟
- مع الاعتذار للشهداء
- من هو المثقف، وما هو دوره؟
- مسرح بلدية رام الله، مسرح بلدية فيلادلفيا
- الفياغرا/نلسون مانديلا وحدود المقاومة السلمية
- الإمارات وتفكيك شيفرة حزب الله


المزيد.....




- منها لقطات لنساء غرينلاند تعرضن للتعقيم.. إليكم الصور الفائز ...
- أصيب بالجنون بعد شعوره بالخوف.. شاهد قط منزل يقفز بحركة مفاج ...
- الدفاع الروسية: أوكرانيا خسرت طائرة حربية و213 مسيرة و1145 ج ...
- بوليتيكو: واشنطن توسلت إسرائيل ألا ترد على الضربات الإيرانية ...
- بيونغ يانغ تختبر سلاحاً جديداً وخبراء يرجحون تصديره لموسكو
- بالفيديو.. إطلاق نار شرق ميانمار وفرار المئات إلى تايلاند هر ...
- مصر.. محاكمة المسؤول والعشيقة في قضية رشوة كبرى
- حفل موسيقي تركي في جمهورية لوغانسك
- قميص أشهر أندية مصر يثير تفاعلا كبيرا خلال الهجوم على حشود إ ...
- صحف عالمية: الرد الإسرائيلي على إيران مصمم بعناية وواشنطن مع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - أعراس الديموقراطية العربية