أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - معقل زهور عدي - تحولات العقل العربي














المزيد.....

تحولات العقل العربي


معقل زهور عدي

الحوار المتمدن-العدد: 1492 - 2006 / 3 / 17 - 11:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


العقل العربي حين يحمل ماركسيته الى الليبرالية
في انتقاده للبكداشية في السبعينات لاحظ المفكر الياس مرقص كيف يعيد العقل المتخلف انتاج الماركسية على طريقته لتغدو ماركسية متخلفة ، جوفاء ، تشبه مجموعة من المزامير التي تقرأ على واقع ماانفك يبتعد عنها كل يوم .
مانراه اليوم لدى تيار من المثقفين في سورية وهو تحديدا اليسار الليبرالي هو في أحد مضامينه ترحيل لعقل ماركسي لم ينضج في أي وقت الى الليبرالية دون ان يكلف ذلك العقل نفسه النظر في ذاته كطريقة في التفكير.
المفارقة أن معتنقي الليبرالية الجدد من الماركسيين القدامى يتصرفون وكأنه لاعلاقة لهم بفكرهم القديم دون نقده ، وحين يشرحون أفكارهم الجديدة لايلاحظون انهم يعودون لاستخدام أدواتهم الفكرية القديمة التي تبرؤوا منها .
النتيجة ليبرالية مؤدلجة تفتقد الكثير من الحساسية للواقع ، لقد تم استبدال العنوان ( اللصقة ) بينما بقيت طريقة التفكير على حالها.
من أجل ذلك يتم تقديم الليبرالية كعقيدة جديدة مكتشفة ، ويصبح الحل في اعتناقها ، اما الباقي فتفاصيل .
هكذا تبسط الليبرالية ليس بوصفها انتعاشا لقدر من التحرر في التفكير في المسلمات يحتاجه العقل ليشحذ سلاحه ، ولكن بوصفها ايديولوجية بديلة متكاملة تمتد مملكتها من الفكر الى الاقتصاد الى السياسة ...وحتى الفن ( ربما ) . ومثل اية ايديولوجية محترمة لايجوز الأخذ بجزء منها وترك الآخر، مثلا لايجوز الأخذ بها في السياسة وتركها في الاقتصاد .
لنتأمل هذه العبارة ( من يسيطر على وسائل الانتاج يسيطر على الانتاج ، ومن يسيطر على الانتاج يسير العلاقات الانتاجية أي الاجتماعية .....لذا فالعمال هم آخر من يتمرد على الدولة الشمولية ) .
توضح العبارة السابقة كيف تستخدم الأدوات الماركسية بطريقة ايديولوجية للوصول الى استنتاجات متسرعة ، لكن هذه المرة ليس في خدمة الفكرة الاشتراكية بل في خدمة الرأسمالية !
المسألة أعقد من ذلك فالعمال في سورية هم بين أكثر الفئات تضررا بالمسار الذي انحدرت فيه تجربة رأسمالية الدولة لتصبح محكومة أولا بالبيروقراطية الحزبية وتاليا ببيروقراطية النهب والفساد المستندة للاستبداد السياسي .
ولأن النهب يستند في احد مرتكزاته الأساسية الى سرقة عمل تلك الفئة باعطائها أجرا لايتناسب مع قيمة عملها والمحافظة عليه بواسطة ادوات الهيمنة والقمع .
لكن مشكلة تلك الفئة الواسعة أنها مقيدة بقيدين ثقيلين الاستبداد من جهة والفقر من جهة ثانية ، لذا من الطبيعي ان يكون تحركها أكثر صعوبة ، ولننظر الى عمال القطاع الخاص ، هناك حوالي مليونان ونصف المليون من العمال لدى القطاع الخاص اليوم يتم استغلالهم بشتى الأشكال دون ان يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم بسبب واقع الاستبداد السياسي الذي حرمهم من حق تكوين نقابات مستقلة ( هم محرومون من التسجيل في التأمينات الاجتماعية ،ودفع اجور أيام العطل الاسبوعية ، والاجازات السنوية ، وأيام العطل بمناسبة الأعياد ) .
من التبسيط ربط الاستبداد ربطا ميكانيكيا بعلاقات الانتاج المعممة فوق الزمان والمكان ، فرانكو كان ديكتاتورا مخيفا حكم اسبانيا ثلاثين سنة وجاء للحكم فوق دماء اليسار الاسباني ومن أجل الانتصار للرأسمالية وكذلك بينوشية وغيرهم .
الليبرالية ليست نظرية متكاملة للحياة والتفكير والاقتصاد بحيث لايمكن أخذها الا بوصفها كذلك أو تركها . هذا ببساطة اسقاط العقلية الايديولوجية على الفكرة الليبرالية .
اليسار الليبرالي لايهتم بالواقع قدر اهتمامه بنسج شبكة من المفاهيم النظرية غير الناضجة حول فكرة الليبرالية للنفخ فيها لتصبح ايديولوجية .
في السياسة مثلا لايريد ان يرى من السياسة الأمريكية جانب الهيمنة ، بغض النظر عما تكتبه مراكز الدراسات الأمريكية ويصرح به المسؤولون وصناع القرار بل بغض النظر عن الممارسات الواقعية في أفغانستان والعراق التي تفقأ العين ، هو لايرى في السياسة الخارجية الأمريكية سوى ان أمريكا تجد مصلحتها في تعميم الديمقراطية في المنطقة العربية ويصدق ذلك وبذلك فهو يلتقي معها ونقطة أول السطر.
في الاقتصاد ( لاتوجد منطقة وسطى مابين الجنة والنار ) فاما الرأسمالية دون قيد اوشرط تطبيقا للعقيدة الليبرالية أي الراسمالية بصيغتها الأكثر تحررا ( أكثر تحررا ربما من أمريكا ذاتها ) أو الاشتراكية التي أصبح مجرد التفكير بها نزعة ( رجعية ) .
لنتأمل هذا العمى الايديولوجي حين يتم اسقاط وازدراء كل التجارب الانسانية سواء منها التي نجحت اولا ثم اجهضت أو تلك التي مازالت ماثلة للعيان في بلدان الاشتراكية الديمقراطية الأوربية والتي تمثل نموذجا مختلفا عن الرأسمالية الأمريكية أو حتى الصين ، وكذا التوجهات الجديدة في أمريكا اللاتينية .
وفي المجتمع حين ينظر بازدراء للطبقات الشعبية فقط لكون الماركسية التي هرب منها تيار اليسار الليبرالي للشاطىء الآخر تهتم بتلك الطبقات لرفع الظلم عنها ولدورها في الصراع الاجتماعي .
أما في الثقافة فالمهمة الكبرى لليسار الليبرالي هي نسف كل المفاهيم ( ماقبل الليبرالية ) وخارجها مثل القومية ، الاشتراكية ، الانتماء والهوية ، الوطنية ، الاسلام ..الخ.
هكذا تصبح الفكرة الليبرالية آلة تحطيم غايتها الا تبقي حجرا على حجر داخل الفكر العربي ليستعيد تكوينه على أساس وحدانية العقيدة الليبرالية .
وفي حين تبرز الليبرالية الجديدة ( اليسار الليبرالي ) مقدرتها في التحطيم عبر الهجوم المستند لمنطق يعتمد التثاقف والسخرية ، فهي تظهر فشلا وعجزا واضحين في النقد المتماسك وفي عرض بديل واضح ومقنع.
لكن ذلك لايفعل سوى في دفع اليسار الليبرالي بعيدا في عزلته واغترابه عن روح الشعب وهموم المجتمع ، ويبقيه تيارا ضحلا يصب فيه ما أفرزه الانتكاس في الواقع العربي من يأس وتخاذل ، ورغبة لدى البعض في الالتحاق بالطرف الذي بدا لوقت ما انه المنتصر والأقوى وتبرير تلك النزعة تبريرا لايرضى بأقل من ايديولوجية جديدة.

16/3/2006 معقل زهور عدي



#معقل_زهور_عدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الحديث عن تأسيس تيار وطني ديمقراطي اجتماعي في سورية
- حول المسؤولية في التطاول على النبي الكريم
- درس في الديمقراطية من القدس
- نقد الفكر المعارض في سورية
- هوامش على كتاب سمير امين وفرانسوا اوتار ( مناهضة العولمة – ح ...
- هوامش على كتاب سمير امين وفرانسوا اوتار ( مناهضة العولمة – ح ...
- هوامش على كتاب سمير امين وفرانسوا اوتار ( مناهضة العولمة – ح ...
- السباحة عكس التيار
- خيارات اعلان دمشق
- تضامن ونقد لاعلان دمشق
- برنامجان للتغيير الديمقراطي في سورية
- تبدل التوازنات السياسية الداخلية في سورية بعد اعلان دمشق
- قراءة في مسودة الدستور العراقي ومشروع الفدرالية 2/2
- قراءة في مسودة الدستور العراقي ومشروع الفدرالية 1/2
- أمريكا-هل مازال يباركها الرب؟
- تجديد اليسار العربي-اليسار الديمقراطي اللبناني نموذجا 2/2
- تجديد اليسار العربي- اليسار الديمقراطي اللبناني نموذجا 1/2
- انكسار الحلم الصهيوني في غزة
- مؤشرات لانكفاء القوة الأمريكية
- تجديد اليسار العربي


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - معقل زهور عدي - تحولات العقل العربي