أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد -الفصل السابع















المزيد.....

من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد -الفصل السابع


ذياب فهد الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 5863 - 2018 / 5 / 3 - 14:23
المحور: الادب والفن
    



من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد
رواية
ذياب فهد الطائي

الفصل السابع
إثنتان لا يجب اخفائهما: الحب والحقيقة


حين أفاق شاكر في الصباح الباكر كانت الشمس ما تزال خلف الأفق،حين تمطّى في فراشه شعر بانه يشم رائحة العطر النسائي الذي كانت تضعه شيماء ،ردد في سره سأشتري لها عطرا آخر ، عطر هدى الطالبة في الشعبة ب في قسم الاقتصاد،ابتسم وهو يرى وجه شيماء وهي ترفض أن تضع عطرا اشتمه على امرأة ثانية ، لن يقول لها ...سيشتري العطر على أساس أنه استمع الى نصيحة احد زملائه ، قد تجد انه يتداول الحديث عن الفتيات مع زملائه ،حسنا سيقول لها ان البائع هو الذي نصحه لأن هذا الصنف هو المودة الدارجة.
تمنى لو يلمس شعرها الأحمر المنسدل على كتفيها ،لن يدعها تغير اللون فهو منسجم تماما مع بشرتها .
كانت أمه تناديه ،ارتدى قميصه على عجل ،
كانت تدعوه أن يفطر لأن عليها أن تعالج العجين ،تطلع الى وجهها الأسمر الذي بدأت غضون خفيفة تشغل مساحة تحت العينين .
قالت-ألن تذهب اليوم الى مقهى خليف
-ليس الان ....لدينا في المساء اجتماعا مع الشيخ صالح من جماعة السيد
-ماذا ؟هل تفكرون في صلاة الجمعة في الجامع
-لا سنناقش موضوع الانتخابات
-وما علاقة السيد بها ، هل سيشتغل مع الحكومة
-اهتمي بالخبز واتركي عمل الرجال
-صور النساء تملأ الشوارع ....حين سألت وكيل الحصة قال بأنهن مرشحات للانتخابات ....هل عند السيد نساء ايضا؟
-نعم لأن هذا أمر الحكومة !وستذهبين لانتخاب احداهن
-سأنتخب شيماء فهي متعلمة ومن حي النصر
-ولكنها غير مرشحة
-نرشحها وننتخبها حتى وإن أصرت أن تظل سافرة !
مع دفقات هواء مفاجئة انتشرت رائحة التراب .
-كل شيء يتغير ......نسوان في الحكومة ...عجايب ،اكيد نحن في آخر الزمان
-من علامات آخر الزمان أن يكون رئيس الوزارء من حي النصر ،أحد اولئك الذين كانوا يركضون حفاة وراء سيارة رش الديديتي
-ولماذا لا تكون أنت ،.والله قادر على كل شيئ
كان على الباب ابو برنيطة ، أشار اليه أن يدخل ،قال لا ... يفضل أن يمشيا قليلا فلديه حديث خاص معه،
بدا صوته جادا على نحو مبالغ فيه وهو يتحدث هامسا
-سيحضر اللقاء مساء الشيخ صالح ليس بصفته الشخصية ولكن بصفة مندوب من السيد مباشرة .
-لا بأس
-لا...هناك بأس ،أنت تعلم إن الانتخاب مسألة شخصية ولا نسمح بحشر الناس ثانية في مربط واحد،
-مربط واحد ! ألست معي إنه تعبير شديد القسوة
- ربما ....أنت تعرف ما أرمي اليه
-ولكني لن أحضر
قال ابو البرنيطة باستغراب وتوقف عن المسير ،لم يكن يتوقع هذا الرد –ماذا ؟
-كما سمعت ....لقد انحرف طريقي عن اهتمامات مقهى خليف الزاير والمركز الثقافي ....الانتخابات لم تعد تهمني رغم إني سأنتخب
-ولكن الجميع مقتنع بانك ستتولى اللجنة المقرر ان تعمل في الدعاية للتحالف الجديد في حي النصر
كان صوت ابو البرنيطة متسائلا بحزن وبخيبة أمل وبدا غير مصدق ،ربما شاكر يمزح ،ولكن الجواب القاطع كان واضحا ،سيكون الامر محرجا له فقد عمل بجد ليوافق الجميع على ان يترأس شاكر لجنة الدعاية والاعلان .
-يؤسفني ان أخيب أملكم
*******
شعر شاكر بانه ايضا تفاجأ بهذا القرار فلم يكن قد فكر فية ولكنه قفز بدون تفكير الى لسانه ليعلن موقفا جديدا ، اين سيتجه ؟
ترك أبو البرنيطة ماخوذا بحيرته واتجه الى موقف التاكسي الذاهب الى شارع القناة ،ربما سيكون لديه وقتا كافيا ليقابل الدكتور فالح ، لمحة من ضياء أنارت فكره ،ان يلتحق بدراسة الماجستير. بعض الافكار تظهر فجأة كنبات شيطاني، تتسلق مسرعة وهي تتشبث ربما بجوانب اللاوعي في فكر الانسان ،تغدو مورقة تمد ظلالا أكثر خضرة واشد لمعانا من أشجار الليمون في نهار ربيعي انكشفت فيه للشمس بعد صباح ماطر ، تذكر النخلة التي تقف زاهية عند السياج الأمامي لبيتهم ،كانوا يقومون بتوضيب اثاثهم في البيت ،جاءتهم جارتهم بصينية عليها تمر وخبز وابريق شاي ،قال ابوه مازحا –تمر وشاي ...كان هذا في الحرب العالمية الثانية حين فرضت المانيا حصارها البحري على بريطانيا ،قالت امه –إحمد الله يارجل لدينا جيران يعرفون الاصول .
كانوا يرمون( النوى) في الساحة الترابية الأمامية ،بعد شهر شباط ،ظهرت ورقتان خضراوان عند السياج ،قال أبوه –بشرى خير
قالت امه –ستكون نخلة( شيص)
تسائل غازي –ماذا يعني هذا
قال أبوه –أي انها غير مثمرة وان أثمرت فهو غير صالح للاكل
النخلة الان تلامس السياج ويتدلى سعفها الى الخارج ،يجلسون تحت ظلها أحيانا لشرب الشاي بعد ان رصف أبيه الساحة الترابية بطابوق عريض .
فكر بانه غير ملزم بتقديم تبرير لأحد، وبسرعة قام بجرد لوضعه المالي ،الراتب التقاعدي... يقوم الان بتوفير اكثر من نصفه ،والمكافأة التي حصل عليها جراء الاصابة وضعها بحساب توفير ،ما عليه الان سوى الحصول على موافقة الجامعة والبدء بدراسة مكثفة للغة الانكليزية،
قالت امه – انت اعرف بامورك
حين تقدم نحو البيت كانت أمه تعالج خروجها من الباب الى التنور ،سعف النخيل الجاف واخشباب مختلفة من صناديق والواح تالفة محزونة في غرفة صغيرة في واجهة المنزل لحمايتها من ماء المطر ومن السرقة ،الحمولة كانت تغطي وجهها فلم تشاهده ، مد يده لمساعدتها ،جفلت وتراجعت الى الخلف وحاولت ان ترفع رأسها فيما خفظت يديها قليلا .
-امي انا شاكر
-تصورت ان بعض الاطفال يعبثون ،يسرقون جريد النخل ليمتطوه حصانا يدورون به في الزقاق مخلفين وراء هم موجة غبار ،ولكنهم مستمتعون ...الخيل حلم الرجال ولكني كنت في القرية أحسن ركوبها ،صحيح ان حصاننا كان عجوزا ولا يركض ويمشي خببا ،الا أنه يبقى حصانا تتهيب الفتيات امتطاءه، كان لشرطي في الخيالة وعند تقاعد الاثنين ذهب الشرطي الى السليمانية ليستقر مع اهله وتم بيع الحصان في المزاد العلني ،اشتراه السركال عودة بخمسة دنانير، ولما وجد انه لا يجري باعه لابي بثلاثة دنانير،عمل الحصان في جر المحراث وفي نقل الحطب والمشاوير القريبة في ايام المطر .كنت اذهب به الى ابي او اعود به ، المسكين تدمع عيناه باستمرار وكانه يلعن القدر الذي جعله يظل على قيد الحياة ليعيش كل هذا الذل ،فاتحت ابي بذلك فاخذ يعطف عليه وخفف من ساعات عمله وقدم له الاعشاب وكسر الحنطة، يوم مماته حزنا انا وابي كثيرا فيما كانت امي وأختي تتندران بهذه العاطفة التي نزلت فجأة علينا،
-ماذا اردت ان تقول؟
توجهت ام غازي الى شاكر وهي ماتزال تحمل سعف النخيل والاخشاب
-ليس الان ....إنتهي من هذا أولا وبدّلي جلابتك فقد تحولت بلون غسيل صحون الشاي
ضحكت .
-من اين تاتي بهذه الاوصاف ؟
-لم اكن اعرف انك فارسة ايضا
-ما يزال الكثير لا تعرفه يا إبن ام غازي
وقف ينتظرها على الباب الى ان صفّت الحطب جنب التنور وعادت لتغسل وجهها،دخل الى غرفة المعيشة الكبيرة وجلس على كرسي هزاز سبق ان اشتراه من سوق مريدي ، فرح به ابو غازي واصر انه لا يسمح لأحد غيره بالجلوس عليه ،كان يسارع الى الاسترخاء على الكرسي وبيده قدح الشاي ليتابع مسلسا يعرفه العراقيون باسم بطلته (كوالا لبّي) .
عادت ام غازي ،جلست الى عدة الشاي ،الاقداح الشفافة تعطي لون الشاي عمقا اخّاذا بلون العقيق الصافي ،
-عندك ما تريد الحديث عنه
كان صوتها عميقا يشي بانها تنتظر كلاما مهما وجادا ، في الخارج كان يسود الصمت المسائي في حي النصر ،وحين اندفعت ريح مفاجئة اصدرت النخلة حفيفا مكتوما وهي تراقب سعفها الذي بدأ يراوح في تمايله يمينا وشمالا.
-نعم.....قررت ان ابدأ البحث في اجراءات الدراسات العليا ،أبدأ بالماجستير
-ولديك كما أظن موضوع آخر
-ام غازي تقرأ الافكار
- لا ولكني كأم لدي حاسة سادسة قادرة على الاستكشاف
شعر باحساس عذب يتمشى في عروقه وهو يستذكر شيماء ،ولكنه شعر بالتردد في الحديث مع امه عنها، لاشك انها ستفرح ولكنها لم تشبع بعد من رؤية ابنها ، انتقاله الى حياة جديدة سيوزع مشاعره باتجاهين ،لاذ بالصمت وهو يشعر بالحيرة.
-ليس وقته الان
على الباب كان طرق متكرر ،قال شاكر من يكون هذا الملحاح
ابو برنيطة يرتدي سترة سوداء وقميصا ابيضا بخطوط حمراء وبنطال جينز،الى يمينه كان الشيخ صالح يقف خافضا رأسه يتطلع الى المسبحة الخضراء وكأنه يراقب تساقط حباتها التي تدفعها اصابعة الخشنة ،كان معهما خليف الزاير و شخص لا يعرفه ،تطلع نحو شاكر بنظرة فاحصة وكأنه يزن ما سمعه عن اهمية شاكر في عمل لجنة حي النصر لمتابعة الحملة الانتخابية للتحالف (الديني –العلماني ) الجديد وعلى اساس ان العمل يمثل صيغة ذات اهمية مزدوجة، امامهم مهمة غريبة ربما يجب السير فيها عبر نفق التاريخ السياسي ،فكر شاكر انه سيواجه ضغوطا ناعمة للعودة لمركز الزاير الثقافي،ولكنه سيكون قويا في رفضه فقد اختار طريقا آخر وهو يتفق مع عادل
الاستراتيجي بان التحالف الجديد رغم انه تحالف انتخابي ، سيظل محتفظا بصفة الهشاشة التي ستلازمه.
-تفضلوا
قالها بصوت عال لتسمعه امه لتهيئ غرفة الضيوف
تراجع ابو البرنيطة والشخص الاخر ليفسحا المجال للشيخ صالح الذي دخل وهو يردد يالله ،فيما كفت أصابعه عن دحرجة حبات المسبحة ، أمسكها بكفه ، الشخص الثالث دارت عيناه يتفحص الساحة وسقف البيت والنخلة الوارفة .
جلس الشيخ صالح في صدر الغرفة
-ارجو الا نكون قد اثرنا على جلستكم العائلية
-لا ....واهلا وسهلا بكم في أي وقت
-لنصلي على محمد وال بيت محمد فهو خير ما نفتتح به الحديث
ابتسم شاكر في سره وهو يتذكر عادل الاستراتيجي،وضع الشيخ صالح يده على لحيته،طرقت أم غازي الباب ، تناول منها شاكر صينية الشاي ،كانت الصحون الصغيرة قد اشترتها من بائع متجول عليها صورة فتاة بشعر منفوش مستدير على وجه مكتنز ،تناول الشيخ الملعقة الفضية وبدأ يفصل الرأس من بداية الرقبة ، قال الشخص الرابع – مثل هذه الاواني حرام استعمالها،
لم يعلق أحد ،سكب ابو برنيطة الشاي بصحنه وبدأ يشرب،قال-الشاي حلو
نظر اليه الشيخ- قاتلك الله انت تمزح بكل الاوقات.
-كيف ؟
-لا علينا ،سأختصر الحديث،لقد وجدنا انه من الضروري ان نحضر لمحاولة الحصول على موافقتك بالعمل في الحملة الاعلامية ،انت تعلم ان مجريات الامور لا يقررها البشر ، إنهم اسباب ونحن واحد من هذه الاسباب ،والمعنى الذي تكسبه الاحداث يظل في ظاهره من صنعنا .
فكر شاكر هذا ما تؤمن به أم غازي ايضا وهو ما يرغب الشيخ بأن يكون مفهوما عاما ، لأن هذا يسهل لهم توجيه الجمهور ،سيذهب معه الى نتيجة محاولة الاقناع،وإن كان يقدّر ان المرحلة الثانية التي تعقب رفضه ستكون تهديدا مبطنا.
تابع الشيخ صالح
-نحن ، ومن ادراكنا لوقف عملية الفساد والسرقة وسوء الأداء نعمل على تحقيق نتائج مغايرة والاستعانة بعناصر نظيفة ،
نظر نحو شاكر بتركيز وهو يتفحصه بعناية ،في حين أمّن الشخص الرابع على كلامه ،ابو برنيطة كان يشرب كأسه الثاني من الشاي وهو يتلمظ.
-وانت أحد الاشخاص الذين رشحناهم للتعاون معنا ، ولديك المواصفات
- أية مواصفات ، أنا لم أعمل في اية حملة إعلامية او إعلانية
ابتسم الشيخ صالح :لن نناقش امكانياتك .
اكتسب صوت الشيخ صالح نبرة متبرمة وكأنه يحذره من استمرار التملص من المهمة التي يدفعونه لها .
-ولكن ....
رفع يده التي كانت ترقد في حجره ،كانت ثلاثة اصابع تشير الى الاسفل واثنان يرتفعان ،اشارة واضحة أن أصمت.
قال ابو البرنيطة –شاكر يعرف مصلحته
قال الرجل الرابع والذي لم يعرّفه به احد- نحن نعرف إنك تنوي العودة الى الدراسة ،يمكننا مساعدتك .
شعر انه لم يكمل عبارته فما لم يقله ،(ويمكننا عرقلة عودتك )
قال أبو البرنيطة-تعلم إن الجماعة لديهم نفوذ في الجامعة
قال الشيخ صالح – نتركك الى الغد حيث نلتقي مساء في مقهى
خليف الزاير، الوحيد الذي لم يشترك بالحديث ، كان خليف الزاير ، ربما كان يفكر بالمقهى التى تركها لمساعده ،وربما لأنه يجد في هذا الحديث مضيعة للوقت .
*******
حين عدت بعد توديع ضيوفي الى الشارع القريب كانت شيماء تدخل بمعية أمي التي أمسكت بيدها .
شيماء تميل باستمرار الى الملابس ذات الألوان الهادئة ومن مشتقات البني أو الأزرق ،كان شعرها مربوطا يتدلى على ظهرها ، قوامها ممشوق ومنتصب،تمشى بخطى وئيدة ، تمهلت ....لأتطلع اليها .
حين دخلت كانت تجلس على كرسي منخفض مركون الى الحائط وتمد ساقيها مسترخية ،في قدميها صندل بني لامع ،تماما كما هي أحذية مجمان
اعتدلت في جلستها مسترجعة قدميها الى الكرسي ،زرقة عينيها سماء أواخر آذار حيث تتلألأ النجوم مبشرة بالربيع .
قالت أمي –ماذا كان يريد منك الشيخ
-ان أعمل معهم في الدعاية الانتخابية
-يعني في السياسة
-يعني
-أود أن لا تتورط
- لا فانا سالتحق بالمعهد البريطاني غدا لتحسين لغتي الانكليزية
قالت شيماء –أمس رأيتك تدخل غرفة الأساتذة
-كنت اطرح الموضوع على دكتور فلاح
-بالمناسبة طلاب قسم الاقتصاد في السنة الثالثة يحترمونه
-نعم فهو استاذ متمكن من موضوعه ومتعاون مع الطلبة وله ماض سياسي مشرف
شاعت في جو الغرفة بهجة ناعمة فيما انطلقت ضجة مختلطة من مجموعة من العصافير تتصارع فوق سعف النخلة وتتقافز من مكان الى اخر ،تذكرت أغنية شعبية ....الشجر الناشف بقى ورور ...والطير بقى لعبي ومتهور
ابتسمت بشيء من الحبور ، لاحظت ان أمي ترمقني داخلة في مكمن أسراري، ربما لتتأكد من صدق ما تعكسه ملامحي من انجذاب نحو شيماء،
قالت شيماء- أنت تفتح باب الامل ...ليس سهلا العودة الى الدراسة ، البداية من جديد أمر غاية في الصعوبة ،
قالت امي – يهوى التعب ،لو ان الامر بيدي لفتحت له مكتبة
- مع ساقي الصناعية ،مازلت رجلا، لم تفقدني ساقي الهاربة عزيمتي ولكنها حددت تحركي ،ويبقى عقلى دون معوقات،ولهذا فالدراسة هي المجال الاكثر مناسبة لي،المكتبة هي عمل أحترمه ولكن عملي فيها سيكون وراء الحاسبة والعامل هو الذي يتولى التعامل مع الزبائن ،اتطلع في الوجوه وأستلم أثمان ما يشترونه ،الدراسة تعني استمرار الحياة حتى لو انجزت الدكتوراه.
ربما كان صوتي منفعلا ،
قالت شيماء –ولكن الدراسة ستفتح له باب مستقبل أكبر من مكتبة في بغداد
قالت امي –ومتى يتزوج ؟
تضرج وجه شيماء بحمرة خفيفة ،تعتقد انها المعنية بالموضوع ،خامرني فرح غامر.
قالت شيماء- لديّ سؤال في الإحصاء لم استطع فهمه اولا والتوصل الى حله ثانيا
أخذت الدفتر من يدها .
-أتذكر هذا السؤال فقد كان من أسئلة الامتحان النهائي
-ولكن هل تتذكر الحل ، أعني طريقة الحل
- نعم ،وان يحتاج الى إعادة دراسته
-حسنا ...هل أعود غدا ؟
-نعم .... عصرا،
لم تعلق أمي وإن لمحت في عينيها نظرة ماكرة ، أنا أعرف ما يدور فلا تتشاطر معي .
حين نهضت شيماء بدء عطر خفيف ينتشر في الغرفة وشعرت ان الزمن سيظل معلقا حتى عصر الغد .
عند الباب كانت تودع امي التي بدت ودودة معها ،تيار هوائي اندفع فحرك خصلة الشعر التي تركتها سائبة على جبينها لتغطي وجهها ،حرّكت يدها لتبعد الخصلة المنفلتة وابتسمت وهي تغادر دارنا .
جميل ان يسترخي الانسان في فراشه يلفه السكون وظلام الليل الزاحف مطمئنا بأن مصابيح الكهرباء لن تعمل ، فيما تملأمخيلته أطياف عذبة، مع النعاس يقترب مني وجه شيماء ،حتى اني اشم عطرها واتلمس نعومة بشرتها وأسقط في عمق نفق النوم الآسر .



#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تطور الحركة النسائية العراقية -ملامح سريعة
- من تاريخ الصحافة العمالية في العراق
- رواية /الفصل السادس
- رواية الفصل الخامس
- رواية ا/لفصل الرابع
- رواية /الفصل الثالث
- رواية الفصل الثاني 04-07-2017
- 04-07-2017 الفصل الاول
- الشخصية والابداع
- المقصلة الفرنسية للنساء أيضا
- المرأة والفلسفة
- في ناحية البو ياسر (عام 1991)
- أسلحة المعلوماتية
- الحقيقة والوهم
- الاستراتيجية العسكرية للعراق
- علم النفس التربوي وظاهرة الخجل -الدكتورة فاطمة جوني الفياض
- نائب المدعي العام
- احلام مستغانمي وقيادة الجماهير العربية
- اليسار ....مرة أخرى
- سلاسة اللغة وغنائية النص عند الشاعر حبيب الصايغ


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد -الفصل السابع