أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل جاسم - ذاكرة شيوعي قديم في الاول من ايار














المزيد.....

ذاكرة شيوعي قديم في الاول من ايار


اسماعيل جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5862 - 2018 / 5 / 2 - 20:54
المحور: الادب والفن
    


ذاكرة شيوعي قديم في الاول من ايار / اسماعيل جاسم

حينما سَمِعَ بقدومِ الاول من ايار والاحتفال به بدأ بتحضير قواه الجسدية رغم ما يعانيه من اثار عملية الصمام وشرايين قلبه ، التمعت في عينيه سلسلة من الذكريات حفرت حروفها بين تضاريس الأعوام ،تحركت القوى المكنونة في رأسه اسكبت شبابها في رهبة ميلادها الأول لم تنعتق منه، بقيت في قمتها ولم تترجل واضعة قدميها على سكونها كشعلة لم تنطفأ . حط رحاله بالقرب من تمثال برونزي لقائده الشيوعي في مشهد قدسي مَهيب تربطه علاقة روحية مع هذا القائد العمالي ، وضع عكازه جانباً ، التفتَ يمنة ويسرة وجد اقرانه القدامى وهم بأنتظار وصول موكب الاحتفال . أخذته الدهشة بلا حراك والرجوع الى الوراء وهي تتصاعد الى رحم ميلاده ، اقترب الموكب بوصول طلائعه ، همْهَمَ مع نفسه علتْ نفثات لا ارادية لا ادري ما هي ؟، تصاعدت انفاسه مع التيار الذي توقف أمام مزار الحجيج الذي جاء سيراً على الاقدام ، توقف سير السيارات ضجت اصوات مكبرات الصوت بموسيقاها ، ردد الحاضرون نشيد موطني ، تزاحمت القوى المرئية تمتشق اعلام فرحها ملوّحةً باياد ناصعة ، الوانها الحمراء كاحمرار قلوب من حضر وغنى وابتهج ، هنا استقرت حدقاته عند نهاية الاحتفال ،سألني ، هل انتهى المهرجان ؟ اجبته لماذا ؟ قال لا اريده ينتهي ، يجب ان تكون نهايته كبدايته ، الانطلاق الأول دائماً يكون هو الاقوى ولحظاته هي ابهى لأنها مليئة بالذكريات ، مع الاسف حاضره لم يكن كماضيه ، واهله اغلبهم قد رحلوا ولم يبقَ الا النزر اليسير ، ثم قال هل تعلم ؟ انا اتابع دقات قلبي الأن ، القي التحية على مسمع الجميع ، جاءني صوت من بعيد ، التفتُ اليه لم اجد المنادي تفاجئتُ فوجدته قريباً مني ، اسفتُ على ما انا فيه ، سمعٌ قليل ، بصر أقل ، اقدام تسير بمساعدة عكاز ، رأيت الذين حضروا الاحتفال اغلبهم مثل حالي ، رؤوس بيضاء ، ظهورٌ منحنية واياد تمسك بعصا التعكز بينما كانت تمسك اللافتات بشوق وقوة ، كان يحاورني وغالباً يسأل وهو يرد على اسئلته بسبب ما يحمله من اطنان الذكريات عن الحزب ونضالاته ومرحلة سنوات ثورة الرابع عشر من تموز وما تلاها من انكسار كبير وتآمر شركات النفط البريطاني وحكومتها وتامر دولة العروبة وقلب الكنانة النابض حتى لن يمهلوا الثورة وقادتها من الانقضاض عليها .عاد مرةً أخرى الى سيرته الاولى ، سيرة حزب ومسيرة شعب ، نهض وهو يجر انفاسه مصحوبة بوجع لغرابة المشهد وما آلت اليه نهاية العمر ، ردد شعاره في اليوم الاول من ايار خلال اعوام ثورة الرابع عشر من تموز " اول ايارِ عيد العمالِ ..يا محله امجادك رمز النضالِ" و " ايار قلعة للسلم موتو يرجعية "
واثناء توجهنا كان يسرد جانباً من طبيعة الاحتفالات السابقة في هذه المناسبة ، كانت السيارات تسير وهي مغطاة باللوحات الفنية وعلى متنها عمال كل باختصاصه سيارات لعمال السكك ، النفط ، الميكانيك ، الزيوت ، السكائر وجميع عمال الصناعات العراقية وهناك سيارات للجمعيات الفلاحية وللطلبة في لوحة فنية تجمع كافة المهن والصناعات والقطاعات الصناعية الاخرى ،اما الان بقي الحزب على رفاقه القدامى وقليل من الدماء الشابة ولهذه الحالة لها اسباب انكفاءاتها وتراجعها . بعد قراءة المراحل التي مرَّ بها الحزب منذ انقلاب شباط الاسود 1963 مروراً بحكم البعث ومطاردته لرفاق ورفيقات الحزب ومسيرة الاعدامات والتصفيات الجسدية طوال عقود من الزمن ، حاول البعثيون والقوميون العرب تصفية الفكر الماركيسي اللينيني في العراق بكل وسائل التعذيب والتنكيل واستمرت حملات المطاردة والقمع والاتهامات وكيلها بلا مكاييل ،بعد انتهاء عصر الدكتاتورية الصدامية بسرف دبابات وطائرات الغزو والعدوان الامريكي ، سقطت بغداد ، سقط العراق ، نُهبت المصارف وسرقت ذاكرة العراق الحضارية ودمرت مؤسسات الدولة ووزاراتها بطريقة " الحواسم " الفرهود والحرق ، نعم استمر العداء للشيوعيين واليساريين والعلمانيين والمدنيين بل توسع العداء شمل غير الشيوعيين فوضع الجميع في خانة واحدة وحوصروا في زاوية التنكيل. اذن كيف تريد من حزب أن يقف على قدميه وهو لا يملك مقراً كمقرات الاحزاب الدينية والسياسية المنتشرة في بغداد والمحافظات ، ؟ كيف تريد من حزب ان يواجه فتاوى الالحاد والتكفير والزندقة من رجال دين هذه الاحزاب ؟ كيف تريد من الحزب الشيوعي ان تكون له قاعدة شعبية واسعة وهو لا يملك مالاً أو ثروة او دعماً اقليمياً ودولياً ؟ كيف تريد من حزب ان يكون كباقي احزاب السلطة وهو لم يكن ذيلاً وبوقاً لها ؟ كيف تريد من حزب ان يكون رفاقه من الشباب والشابات وهو لا يملك رصيداً للطلبة في الكليات والمدارس بسبب المضايقات وخنق الحريات ولا يملك اعلاماً كالفضائيات ومحطات الاذاعة ؟ كيف تريد من حزب أن يكون له الوزراء وهو لا يوجد في صفوفه لصاً أو فاسداً ؟ الحزب الوحيد الذي لا يملك فصائلَ مسلحة ولا يملك مقراً محصنا بالكتل الكونكريتية وابراجا للمراقبة واجهزة اتصال ومجهزاً بأعداد من الحمايات وبأسلحة حديثة وكامرات مراقبة وسيارات سونار ومؤثثا بأفخم الاثاث وبأحدث المكاتب الفاخرة وغالقاً جميع الطرق المؤدية اليه ، من الطبيعي سيكون الحزب على ما هو عليه اليوم بل لو كان حزبا غيره هل يكون مصيره كمصير الحزب الشيوعي العراقي؟ طبعاً سيكون مصيره العدم والتلاشي لأن الحزب الشيوعي العراقي له جذور تاريخية عريقة بين المواطنين ويمتلك من الصدقية والنزاهة مالا يكون عند غيره . مع شديد الاسف هناك احزابا وقوى يسارية وعلمانية تكن العداء للحزب اكثر ما يكنه اعداؤه .وفي نهاية المسير توقف والتفتَ خلفه شاهد المحتفلين ينفضون من موقع الاحتفال بعدها فُتحت الشوارع وبدأت حركة المواطنين والسير معاً



#اسماعيل_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوحةٌ كُبرى
- مواسم الحجيج
- المرجعية الدينية في النجف - المجرب لا يجرب -
- الدعاية الانتخابية اخفت وشوهت معالم المدن العراقية
- الفصائل المسلحة في العراق والوجود الأمريكي
- العراق وازمة المناسبات الدينية
- الانتخابات العراقية المقبلة وحكومة الاغلبية السياسية
- التظاهرات العراقية بنمطها الجديد
- مازلتَ تحملُ فتوَّتي
- دكتاتوريات عشائرية لم تتعظ بغيرها
- تحت مشارط إعلام الطائفيين وتأثيراته الجانبية
- الدولة المدنية في العراق العلاج والحلول
- ليبقى الحزن
- تجهل عشق الوطن
- هوَسُ الاستفتاء ومخاطر الاصطراع العربي الكردي
- هذه مشيمةٌ ورحم
- التهجير .. سطوة السلاح وبلطجية الهيمنة
- ولنمسحَ غبار القباب
- الخواء الفكري والانتماء الطائفي
- اشم عطر تهاليل الشروع


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل جاسم - ذاكرة شيوعي قديم في الاول من ايار