زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 5851 - 2018 / 4 / 20 - 01:13
المحور:
الادب والفن
إلى جانب اسْتغراقنا شبه التّام ، في هذا الكمّ الهائل من اللغو في وسائل التواصل الاجتماعي ، وسباتنا العميق في المقاهي الثقافية الافتراضية ، وغرَقنا - المؤسف - في بحورٍ التملّق وبلاهة المُجاملات ، و اصرار بعضنا على اجترار التعابير الجاهزة و استمراء رغوة الكلام المُكرّر ..
إلا أننا - وبرغم كل هذا الألم الذي نعايشه - مازلنا نهتم فقط بافتعال الضجيج الوجودي الأعمى لا أكثر ، حيث نسعى بدأبٍ عنيد إلى الملاحظات الجوفاء ، و نهبّ بإندفاع أرْعَن للتصادم مع همزات الآخرين ..
وقد نَسْتلذّ حيناً بحمَاسة الحوار الطفولي بين مجهولين أخرقين ، يهرُفان بما لا يَعرفان ، ونهفو إلى إدّعاء التفاصح والمبارزة حول أفكار صغيرة تافهة ، أو نجاهر بالحرص على المُشاكلة المهذبة ، حول تُرّهات بيانية ميتة ومسائل أدبية سطحية ، ليست بذات قيمة أو جدوى ..
غافلين عنْ أيّ جديد معرفي ذو أهمية ، ومُتغافلين عن الجوهر الفاعل في فهم حقائق هذا الواقع المضطرم ، الذي يلفّ وجودنا من كل حدبٍ وصوب ..
وغارقين تماماً في وهم عالمٍ مأمول ، لم و لن يوجد - في تقديري - أو يكون ، إلا عبر امتلاك أفهامنا القدرة على التّجريد ، والجرأة على استيعاب أذهاننا هذا الحاضر ، الفوّار علينا في كل لحظة بجديد ، و الكرّار علينا دوما بتفاصيله التافهة ، و كذلك المُمْتد بمداهُ أمام بصائرنا البسيطة المخدوعة ، وأبصارنا الشاخصة إلى أحايين ماضية ، هي أبعد مما نُدْرك بكثير ، و أقصى مما نظنّ أو نعي ...
تُرى أما آنَ لنا أن نسألَ أنفسنا : وماذا بعد .. ؟!
للحديث بقية ..
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟