أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - حين يختل العمل السياسي














المزيد.....

حين يختل العمل السياسي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5849 - 2018 / 4 / 18 - 19:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



غالباً ما تجنح الحركة السياسية حين تكون خارج السلطة في البلدان النامية، ومنها البلدان العربية، إلى رفع أكثر الشعارات جذرية، ورنيناً، فهي تبدأ من «إسقاط النظام»، من دون أن تأخذ في الاعتبار توازن القوى، أو تحسب حساباً للظرف الموضوعي، والذاتي، فإمّا أن تضخّم من إمكاناتها الذاتية، وإما تقلّل من إمكانات خصمها، وقد يقودها ذلك إلى «حرق المراحل»، لأن «التغيير» لن يتحقق من دون حصول التراكم المطلوب والتطوّر التدرّجي وتلبية المطالب التي تخصّ الناس وصولاً إلى الهدف الأساسي.
وإذا كان المبرّر أن الأنظمة لا تستجيب للمطالب الشعبية، وتدير ظهرها للإصلاح، وتعزف عن التغيير، وترفض الحوار مع الفاعليات والأنشطة السياسية غير الحاكمة، فإن ذلك لا ينبغي أن يدفعها إلى التشدّد، والتطرّف، والعنف، لأن اللجوء إليه يقود إلى العزل والعزلة حتى من لدن أوساط تتّفق معها حول قضايا الإصلاح والتغيير، كما أنه ليس مبرراً التعاون مع قوى خارجية، مهما كانت تسمياتها، بحجة عجزها عن تحقيق مطالبها وحدها.
إن ازدراء المطالب الاحتجاجية، واستصغارها، والاستخفاف بها، والقفز مرّة واحدة إلى القضايا الكبرى والأهداف الاستراتيجية، هي التي تجعل الخلل في العمل السياسي ظاهرة شائعة، لاسيّما في استسهال رفع الشعارات الصاخّبة، فتبليط شارع، أو بناء مدرسة، أو إنشاء مستوصف، أو مستشفى في حي، أو ضاحية، أو خفض الضرائب، أو توسيع مجالات الاستفادة من الضمان الاجتماعي والتقاعد والعناية بالمسنين وحماية الطفولة والأمومة، وتعزيز حقوق المرأة، وإيجاد فرص عمل للشباب، وكل ما يتعلق بتحسين مستوى المعيشة، هي هموم مطلبية وجزئية، ولكنها أساسية لسير عجلة الحياة، وهي التي ينبغي أن ينشغل بها العمل السياسي العربي في مختلف البلدان، بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي، لأن مهمة تحسين الحياة المادية والروحية للإنسان، تبقى مطالب يومية متراكبة، ومتخالقة، ومتطوّرة، تنمو باستمرار وتتشعّب وتتسع، وتحتاج من جانب السلطة ومعارضتها والمجتمع المدني وأصحاب الأعمال، إلى التعاون لتلبية ما هو ممكن منها ضمن خطط تنموية مستدامة.
إن أي تطوّر يحتاج إلى تراكم، حتى إنْ كان بطيئاً، لاسيّما في مجالات أساسية، مثل: التعليم، والصحة، والخدمات، والعمل، والضمان الاجتماعي، ومجال الحريات والحقوق، وعكس ذلك فإن البلدان التي حاولت اختزال التطوّر بانقلابات وثورات وتغييرات سريعة، وبالقوة، أو عبر الوسائل المسلحة والعنفية، بغض النظر عن اضطرارها بسبب تشبث الأنظمة السياسية، وصلت لاحقاً إلى طريق مسدود حتى إن حقّقت مكتسبات مرحلية لا يمكن الاستهانة بها، لكنها ارتدّت على أعقابها لاحقاً، الأمر الذي أضاع سنوات من التنمية، وعطّل المسار التدرّجي والتاريخي لها.
وإذا تمكّنت تلك البلدان عبر الثورات من إحداث نمو اقتصادي وتطور في مجالات صناعية وزراعية عدة، فإنها اصطدمت لاحقاً بعقبات كبرى، خصوصاً في الجوانب المدنية والسياسية والإنسانية، وتجربة البلدان الاشتراكية، وأنظمة ما أسميناه «حركة التحرر الوطني» خير دليل على ذلك.
إن الأهداف الكبرى هي أهداف عادلة ومشروعة، لكنها ليست يومية، أو آنية، أو راهنية، إلّا إذا استثنينا تحرير الأراضي، وصدّ العدوان، وتحقيق الاستقلال، وحق تقرير المصير، لكن ذلك لا يمنع من وضعها ضمن البرامج المستقبلية، فالملحّ والضروري الذي لا يقبل التأجيل، هو تحسين حياة الناس، وإيجاد فرص عمل، والقضاء على الأميّة، وتأمين المستلزمات الضرورية للصحة والبيئة، ومكافحة الفساد المالي والإداري، ومواجهة التعصّب والتطرّف، والعنف، وتحقيق التعايش السلمي والمجتمعي.
ويحتاج الأمر إلى إصلاح نظم الحكم والإدارة، وتعزيز وتطوير حكم القانون الذي يقول عنه مونتسكيو «إنه مثل الموت، لا يفرق بين الناس»، خصوصاً بوجود قضاء نزيه ومستقل، وإجراء مصالحة حقيقية بين السلطات الحاكمة وشعوبها، بضمان الحقوق الجماعية والفردية، وتلك مسؤولية مشتركة وإن كانت درجاتها متفاوتة، ولكن شراكة المجتمع المدني ورقابته مسألة في غاية الأهمية، لاسيّما مساهمته في صنع القرار، وفي تنفيذه، كما أن من واجبه أن يتحوّل إلى «قوة اقتراح»، وليس «قوة احتجاج»، فحسب.
ولعل مناسبة الحديث هذا هو انعقاد «مؤتمر فكر 16» الموسوم «تداعيات الفوضى وتحدّيات صناعة الاستقرار» الذي نظّمته «مؤسسة الفكر العربي» في دبي، والذي خصّص أحد جلساته لمناقشة «اختلال آليات العمل السياسي»، خصوصاً حين يتم اللجوء إلى العنف لحلّ الخلاف بين الحاكم والمحكوم، تلك التي ستلحق ضرراً بالمجتمع ككلّ، لاسيّما وإن دورات العنف، والفعل ورد الفعل إذا ما استحكمت بالمتصارعين فإنها ستزرع ألغاماً يمكن أن تنفجر في كل لحظة لتدمّر ما بنتّه سواعد الأجيال، وهو ما كان محط مراجعة مهمة من عدد من المسؤولين، وأصحاب القرار، وقادة الفكر والأكاديميين في هذا المؤتمر. تلك المراجعة التي تحتاج إلى حوار مجتمعي ومن موقع نقدي لرسم مشروع نهضوي عربي جديد لإنسان عربي جديد وثقافة جديدة، وهو العنوان الأساس لمؤتمر "فكر" هذا العام.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سكريبال والحرب الدبلوماسية
- «ثقافة السلام» و«سلام الثقافة»
- خريطة الانتخابات العراقية : تضاريس وعرة ومنعرجات ضيقة!
- القدس ومعركة القانون والدبلوماسية
- تيلرسون و«سحر» الدبلوماسية
- حصان طروادة الجديد في الانتخابات العراقية!
- حوار عربي- كردي...
- المسيحيّون في المشرق العربي - نحو دولة المواطنة
- نقض «الرواية الإسرائيلية»
- التسلّح ونزع السلاح
- الصين.. من «الثورة الثقافية» إلى «الثقة الثقافية»
- في مئويته الثانية : ماركس المفترى عليه
- إعادة إعمار العراق :دبلوماسية ما بعد داعش
- «الإسلامفوبيا» و«الويستفوبيا»
- حوار الثقافات وأسئلة الهوية
- إشكالية المشترك الإنساني - الهويّة، الثقافة، الذّاكرة
- الهوّيات والدرس الهندي
- أمريكا «العظيمة»
- النجف في وجهها الآخر!
- ثقافة التنمية وتنمية الثقافة


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - حين يختل العمل السياسي