أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - علي الحاج حسين - ما أفلحت أمة صار سفهاؤها سادة لها














المزيد.....

ما أفلحت أمة صار سفهاؤها سادة لها


علي الحاج حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1489 - 2006 / 3 / 14 - 10:59
المحور: القضية الكردية
    


عاشت قبيلة تدعى ميديا حياة رفاه وعز وجاه في عهد واليها الحكيم الورع الذي أشاد العمران في السهول والوديان، لكن ما أن تقدم به العمر وأحس بقرب المنية حتى جمع إليه ثقاة القوم ونبهاء الدولة وقال: لي ابن ضال لا يصلح للحكم في البلاد، إن وافتني المنية بغتة تناوبوا على إدارة شؤونكم وصلاح أمركم ولا تنصبوا سفهاءكم سادة عليكم فتُغضبون الآلهة ويتفرق جمعكم وتخسرون داركم وتصيرون أجانب في بيوتكم، تختارون الجبال مسكناً لكم ثم يصير بنوكم عبيداً وأقنانا يلحسون أواني ولائم القبائل وفُتات ما تلقيه الشعوب. اعلموا أيها الناس أن السنابل إن نضجت تجنيها المناجل، والرؤوس إن نضبت تجنيها السيوف، أما الثمرة إن فسدت فتسقط من على الشجرة من تلقاء ذاتها. حذار حذار من التهاون بالمحن القادمة..! أما الضالين والطغاة منكم ردوهم عن المناصب، أنزلوهم عنها عنوة واحتكموا للعقل وحسن التدبير لا للعاطفة أو عدم الاكتراث…
لم يطل الوالي الحكيم المقام وفارق الحياة مخلفاً للرعية الجاه والمال وابن ضال. هلل سفهاء القوم حينما ارتقى الفطيم سدة الحكم، روّجوا له وفرضوا أمره على من لا أمر لهم، خلف الطاغية كرسي أبيه، وصفق له المصفقون الذين لا يعقلون. فبطرت ذواتهم، تعجرف أولي الأمر منهم وأصاب الشعب خنوع وكسل لا يوصفان، فغضب عليهم معبودهم فأمطرتهم السماء عقاربا وثعابينا ملأت الحقول وداهمت البيوت، مع ذلك لم يعتبر الميديون ولم ينحوا الطغاة والسفهاء فيهم وكثر غيهم وقل خيرهم.
نال مرض عضال من الطاغية الضال فنبتت له قرنان سرعان ما تحولا لثعبانين يفحّان بما يقشعر الأبدان وينهشان من دماغه الآخذ بالضمور، فأفعل السيف واجتز الرقاب وعم في البلاد الخراب. عجز الأطباء عن معالجته فأطاح الرؤوس عن الأكتاف ومثل بالناس شر تمثيل. ندم حكماء القوم ودهاتهم على تقاعسهم وعدم الأخذ بنصيحة سيدهم الأول، لكن فات الأوان ولم يعد بالإمكان تفادي ما هو آت، زعيمهم الضال سيموت آجلا، لكنه سيفني الرعية عن بكرة عاجلا، فأرادوا أن يؤجلوا حدوث شراً لابد منه، وفكروا بمعالجة الحاكم المعتل. تقدم أكبرهم سناً وأرجحهم عقلاً، استأذن ودخل على الوالي المعتوه فوجده يلوح بسيفه ويجز به رقاب من صادفه من الناس دون تفريق، وصرخ به: أنتم أيها السفهاء ما أن احتجت لكم حتى تفرقتم هاربين، سأصنع من رؤوسكم تلالاً تنعب عليها الطير وتبول عليها الهوام. فبادر الحكيم بوقار وقال: جُعلت فداءك يا مولاي… ما أخرنا عنك شغل ولا عمل، لقد بحثنا أقطار الدنيا حتى تكلل سعينا بالنجاح، وعثرنا على طبيب جلبناه من أقصى الأمصار ليخلصكم من البلاء. أستبشر الطاغية وأمره بإدخال الطبيب ومباشرة العلاج.
زعم الطبيب أن الثعابين تتغذى على الدماغ فيجب أن يقدم لها أدمغة خراف وبذلك تهدأ وتنام فيرتاح الملك من الآلام ريثما يصار لاتخاذ الحل النهائي. نحرت الخراف والبغال والماعز وكل أصناف الدواب والوحوش، لكن ثعابين رأس الوالي لا تستسيغ سوى الدماغ البشري وفي أسوأ الحالات دماغ خروف لم ينه عامه. أمر باستخراج دماغ شاب محكوم عليه بالإعدام من سجن القبيلة فتناولته الثعابين بشراهة وهدأت. كافأ الوالي الطبيب وقربه منه. لكن مع مرور الزمن نفق مساجين القبيلة وتبين أن الثعابين تفضل أدمغة الشباب الأشداء على أدمغة الشيوخ والنساء. بادر الملك باستخراج أدمغة الشباب ممن حكم عليهم بتهم بسيطة وما أن نفقوا حتى بوشر بصناعة التهم ولصقها بالشباب، امتعظ الناس، لكن ليس باليد حيلة.
كان الشاب القوي البنية كاوا الحداد يعمل بصناعة السيوف للقبيلة ويعرف بشجاعة منقطعة النظير بين أقرانه. اجتمع إليه الشيوخ فنصحوه بالتروي ومع ذلك اجتمع إلى طبيب الوالي، وحذره من مغبة الأمر إن لم يتعاون معه، وقبل أن يقدم أدمغة الخراف زاعماً أنها من الشباب والأطفال الذين يفرون إلى الجبال ليعيشوا في أعالي القمم سراً. وهكذا فدت الخراف على مدار ثلاثين حولاً الرجال فبقيت النساء والشيوخ في القبيلة، وصار الخصوم يقلصون حدودها والطاغية يعيث فيها فساداً، لكن أمام هجمات الخصوم أحس الوالي بحاجة ماسة للرجال، فعمم أن تلد النساء بطنين من الذكور في العام وإلا فسوف ينالهن أشد العقاب.
تجمع الرجال الفارين بأعالي الجبال متباحثين سبيل خلاص من بقي فيهم دماء ميدية ويسكنون خلف أسوار القبيلة. تنافخوا متبادلين الخطب العصماء، تهاتروا متبادلين التهم والسباب، تنازعوا على كيفية الجلوس على كرسي الوالي المعتوه فيما لو تمت تنحيته فلم يصلوا لاتفاق يرضي الصديق ويغيظ العدى وعادوا للنوم. أما في القبيلة ولما لم تلد النساء رجالاً كما أمر الطاغية، جمعهن في حديقة القصر المسوّرة وأطلق عليهن أسوداً جائعة فصحن صيحة واحدة شقت عباب السماء، صرخة جابت الأمصار ومزقت صمت سكون ليل آذار، دوت لها الجبال متنائية لأسماع الحداد وإخوانه المرابطين في أعالي الجبال عرف كل منهم في الصوت المستغيث صراخ أمه… فتمزقت طبول السمع في آذانهم وأصيبوا جميعاً بالطرش، أضرموا النار في أكواخهم الخشبية وهبطوا إلى السهول فأطاحوا بالطاغية وأنقذوا أمهاتهم في يوم الأم وغفلوا راجعين. هؤلاء الصم يتكلمون ولا يسمعون، لازالوا يقبعون في الجبال بانتظار حدوث معجزة تعيد لهم حاسة السمع أو أن ينبت فيهم حداد جديد يجيد صنعة إضرام نار الغضب وله أذنان تسمعان وتميزان نحيب الأمهات اللواتي تغتصب في الحقول من أصوات الحِداء والطرب ويبعث فيهم النخوة والهمة من جديد في عصر صمتت فيه كل الأصوات بذريعة أن لا صوت يعلو على صوت المعركة.
______________________
*مستوحاة من التراث الكردي



#علي_الحاج_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمشق عودت حليمة على عادتها القديمة
- من تعريب كردستان إلى تكريد شبعاستان
- الأبقار البعثية المقدسة بين المطرقة والسندان
- لماذا الأكراد خنجرا سامة في خاصرة الأمة العربية...!
- رسالتي إلى الله
- قم يا أيها المدثر، تحت لحاف زوجتي لا تشخر..!
- أضرار الشراكة السورية-الأوربية
- الأنظمة الشمولية تنعش الأصولية لتعتاش بظلها
- مملكة سوريا وابن فضلان
- نداء لحظر حزب البعث دوليا كمنظمة إرهابية
- من الخروج من لبنان إلى السقوط في دمشق
- لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
- السجن السوري الكبير للجميع


المزيد.....




- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - علي الحاج حسين - ما أفلحت أمة صار سفهاؤها سادة لها