أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد باليزيد - البيو(Bio)، آخر خطوة نحو العبودية.















المزيد.....

البيو(Bio)، آخر خطوة نحو العبودية.


محمد باليزيد

الحوار المتمدن-العدد: 5844 - 2018 / 4 / 13 - 22:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن السأم من كل ما يتصل بالحضارة من شأنه أن يولد لدى الغربيين الحنين إلى كل ما هو "أصيل" و"طبيعي". وإذا أضفنا إلى هذا، الوعي بكل سلبيات الحضارة التدميرية حتى على المدى المتوسط ، تغيرات المناخ، انقراض أجناس حيوانية ونباتية [ليس من اللائق هنا ذكر ما ينقرض من البشر لأن ذلك يعكر الصفو الثقافي للمقال]، نجد أن ذلك كان كافيا (في ال70نات) لظهور جماعات، تحولت إلى أحزاب أغلبها تحت يافطة "الخضر"، تدعو إلى إعادة النظر في كيفية تعامل الإنسان مع مجاله.
هذا المسار، بالإضافة إلى انتشار أمراض كالسرطان وشيوع أخبار ومعلومات تفيد أن صناعة المواد الغذائية بعيدة وتبتعد كل يوم عن المعايير الصحية اللازمة، خصوصا في الدول المتخلفة حيث البرجوازية المالكة المصانع لا رقيب عليها. كل هذا الجو أدى إلى انتشار فكرة التغذية الطبيعية (Bio). وكلمة "بيو" بالنسبة للتغذية ترمز إلى بيولوجية عكس كيمائية.
وقبل الخوض في الموضوع سأعطي تعريفا مختصرا، بمعايير الاتحاد الأوروبي، ل بيو (Bio) وعلى القارئ الرجوع للمصدر(الهامش(1)) أو غيره لمعلومات أكثر.
تمنح العلامة التجارية بيو (le Label Bio) من طرف الاتحاد الأوروبي بالشروط التالية:
المنتوج الفلاحي:
- البذور والفسائل (الشتائل) يجب أن تكون أصلا حاصلة على العلامة بيو ويجب ألا تكون من أصل معدل جينيا.
- خصوبة الأرض يجب أن يحافظ عليها بطرق طبيعية دون مواد كيماوية .....
- محاربة الطفيليات يجب أن تكون بشكل طبيعي ولا يلجأ إلى الأدوية إلا بشكل مقنن جدا.
المنتوج الحيواني:
- اختيار الأنواع والأصناف يجب أن يكون ملائما للمنطقة.
- الحيوانات يجب أن تولد في تلك الضيعة أو في ضيعة مصنفة بيو.
- 100 % من تغذية القطيع يجب أن تكون حاملة علامة بيو الأوربية أو أخرى مقبولة أوربيا.
-............
- الصناعات الغذائية:
- على الأقل 95% من المكونات، سواء كانت نباتية أو حيوانية، يجب أن تكون حاملة العلامة المذكورة. وهناك أسطر تحدد المواد التي يجب أن تدخل في 5% الباقية.
- المنكهات يجب أن تكون 100% طبيعية.
- مسموح بإضافة المواد المعدلة جينيا في حدود 0,9% فقط.
هل نجد على علبة كل مادة صناعية، زيت المائدة مثلا المستهلكة يوميا، المعلومات الكافية عن تكوينتها ومصدر موادها ومدة صلاحيتها ؟.... وإذا كنا نجد هذا في علبة البسكويت الذي يباع بدرهم واحد، فهل هناك من هيئة وطنية تقوم باستمرار وعبر جميع نقط البيع بعملية التأكد من كل تلك المعلومات.
إن الفوضى السائدة في الصناعة الغذائية لا تماثلها سوى الفوضى السائدة مؤخرا على الشبكة والتي تجعل المستهلك يفضل الموت جوعا عن الغذاء.
تنتشر اليوم على الشبكة فيديوهات كثيرة(2) كل منها يتكلم عن منتوج غذائي معين ويبرز ما فيه من غش وقد لا تستطيع كلمة غش أن تفي بالمقصود في بعض الحالات. فالغش مثلا هو أن يصرح بأن المنتوج (ب) فيه 30% من المادة (أ) و70% من الماء. في حين تكون الحقيقة أنه يحتوي على 25% من المادة (أ) و75% من الماء. لكن ما هو في الواقع وما يشهر به عبر الشبكة بعيد عن هذا. إلى درجة أن الجمعيات الغير حكومية الجادة عليها أن تتتبع الملف وتفرز من كل ذلك ما يمكن أن يدخل في خانة غش وما يمكن أن يدخل في خانات أخرى واحدة منها فقط تحضر ذاكرتي الآن، إنها خانة "صناعة المرض". نعم: فكما أن لوبي الإسمنت "لافارج"(3) دخل عن طريق داعش كي تُدَمر مدن الشرق الأوسط ويحتاج العرب إلى المزيد من الإسمنت ويصدروا المزيد من النفط، فلا يجب أن نستغرب دخول لوبي الصناعات الصيدلانية والمصحات عن طريق صناعة الأغذية قصد تدمير أجسامنا.
حسب إحصائيات المنظمة العالمية للتغذية والزراعة، فإن 815 مليون إنسان (11% من البشر) عانوا من المجاعة في العالم سنة 2017(4). و حتى إذا أسقطنا من اعتبارنا 489 مليون الذين يوجدون في مناطق نزاع بحجة أن مشكلتهم مؤقتة يبقى الرقم 326 (أي 4,4%) رقما غير قليل. ويستحق أن نطرح من أجله مسألة المجاعة بحدة.
هذا الواقع إذا أضفنا إليه واقع أن تغير المناخ يفرض علينا عدم التفريط في أي متر من الغابات نفهم جيدا أننا في مأزق. فمن جهة يجب رفع الإنتاج، هذا الرفع الذي لا سبيل له سوى زيادة المساحات المستغلة لأن الطرق الأخرى كالأسمدة و البذور المنتقاة وصلت حد عطائها، ومن جهة أخرى لا يمكننا زيادة المساحات المستغلة على حساب الغابات.
في هذا الواقع ورغم هذا المأزق نرى ونسمع الترويج والإشهار ل"التغذية بيو" كما يجب أن يكون الترويج لاختراع جديد قادر على حل مشكل مجاعة البشر. فما سر هذه المفارقة العجيبة؟
إن من يضع أمامه لوحتين، لوحة متطلبات التصنيف بيو ولوحة الفوضى السائدة خارج هذه اللوحة سواء في الفلاحة أو الصناعة الغذائية، والتي تسعى فيها البرجوازية للربح فقط دون وجود هيئات جادة تستطيع أن تحاسبها عن مسؤوليتها في تغذية المواطن وصحته، إن من يضع أمامه هتين اللوحتين سوف يفطن بسرعة إلى أن الإنسانية تتجه نحو هدف واحد:
- أقلية تعرف تفاصيل كل لقمة أو جرعة تدخلها فمها.
- أغلبية يصنع غذاؤها في ظروف صناعة أغذية الحيوانات(أعتذر هنا لكلاب وقطط وأحصنة السادة التي لا أعتبرها شخصيا حيوانات).
وإذا كانت البرجوازية اليوم ما تزال تراعي بعض المعايير في الفلاحة والصناعة الغذائية فذلك فقط لأن بناء هيكل "الغذاء بيو" الخاص بها لم يكمل بعد. ولمجرد أن يكتمل هذا البناء وتتأكد البرجوازية أنها غير مضطرة لتناول ملغ واحد من علف العبيد، حتى تتحرر من كل القيود الأخلاقية، والقانونية، والقانون هي من يصنعه وهي من لا يطبق دون إرادته. آنذاك سوف يصنع غذاء الإنسانية بمعيارين لا ثالث لهما:
100% بيو للأسياد.
و 100% ربح للعبيد.
إن النضال أو التقدمية يجب أن يرتبط بمصلحة الأغلبية من البشر، وغير ذلك مجرد تهريج ودجالة. على الأحزاب والهيئات التي تصنف نفسها لجهة اليسار أن تسعى لإخراج الأجيال الحاضرة من التعاسة وإخراجها من وضعية أكثرية عبيد وأقلية أسياد قبل السعي لترك الأرض نقية للأجيال القادمة.
علينا أن نسعى لخلق هيئات مراقبة جادة لكل الأدوية والأغذية، وأقصد أغذية كل الإنسانية. علينا أن نسعى لأن تكون كل المواد المعروضة في السوق من مستوى واحد من حيث السلامة الصحية. ثم ليشتر منها الغني قدر ما يستطيع ويشتر الفقير كذلك. ولا يجب أن تعرض في سوق سلع رخيصة لمن لا يستطيع شراء المواد الموثوقة صحيا والمعروضة في سوق آخر.علينا أن نكون أخلاقيين ونعلن أنه إذا مات الفقير جوعا فذلك أفضل من أن يعيش نصف حياته عبدا لصانعي الأدوية.
1) (Label bio de l --union-- européenne — Wikipédia )
2) كما يجب أن نشير إلى أنه جل تلك الفيديوهات التي تبرز خطورة هذه المادة أو تلك يمكن أن تكون فبركة صور لأشياء غريبة قادرة على جذب نقرة المقصود منها أن ترى عددا كبيرا يضمن ربحا لصاحب الفيديو وللشبكات وصحة ساكنة هذه الأرض لا تهم أحدا كما أن الفوضى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لا تهم أحد. هل من حق أي كان أن يبث شريطا ليراه ملايين الناس يشرح فيه خاصيات هذه المادة المصنعة أو تلك دون أن يتكلم باسم أية هيئة علمية معترف بها؟ هل هذا له صلة ما بحرية التعبير؟ إن عصر المعلوميات هذا يفرض علينا أن نوجد ما يناسبه من معايير في كل المجالات كحقوق التعبير مثلا. وهنا كذلك يجب أن نشير إلى غياب هيئات على مستوى الشبكة تلعب دور الرقيب المحافظ على مصلحة الجميع قبل الفرد. إن الشبكة ما تزال "شبكة تجارية" وينقصها الكثير كي تصير "شبكة اجتماعية" كما يعتقد بعض المنبهرين بها(2).
سأعطي مثلا عن الفيديوهات التي يجب أن يجرم أصحابها ويعاقبون بدل أن نقول أن ذلك حقهم في التعبير:
3) هذا مما يدل على سذاجتنا، فقبل أن تكشف بعض الوسائل الإعلامية عن هذا كنا نعتقد أن لوبي صناعات الأسلحة فقط وحده من يشعل الحرب في أوطان الشعوب الضعيفة. ثم فوجئنا بأن كل أنواع البرجوازية الرأسمالية من أخلاقها تدمير الإنسان والحضارة قصد ربحها.
4) انظر المرجع في الرابط: http://www.fao.org/news/story/fr/item/1037322/icode



#محمد_باليزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هندسة الفيضانات
- الخرافة والبرهان
- شعب الملائكة
- المغاربة والأبوة الزائفة
- فخ البيتكوين، هل من مخرج؟
- لا وهم بعد اليوم
- الإتحاد الأوروبي ومحاربة الفساد الضريبي
- الطب التقليدي، خيار أم واقع للتكريس؟
- فساد الفساد
- فتوى دارت من أجل البنوك الإسلامية.
- وماذا بعد
- من أزمات الأحزاب المغربية
- كي لا نهلوس مع هلوسة ترامب
- استقالة محققة (سوريا)
- سوء التدبير
- ماذا تمول قطر؟
- الدم الزفت
- لعبة الكبار
- معارضة الأغلبية
- بلادة أم فتنة ؟


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد باليزيد - البيو(Bio)، آخر خطوة نحو العبودية.