1 صفحات سوداء من تاريخ الديموفاشية الاميركية: العلاقات بين -كوزا نوسترا- و-ندرانغيتا- الصقلية الاميركية وبين الاوساطالدستورية والاجهزة السرية الايطالية، المدموجة في الناتو

فالتر بوتشي

الحوار المتمدن-العدد: 1489 - 2006 / 3 / 14 - 10:55
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

على اثر الانتصار الانتخابي لليسار الايطالي في مقاطعة كالابريا في ربيع عام 2005، بدأت الاوساط السياسية ـ المافياوية للسلطة تنشط بدفع من محركيها الديموفاشيين، من اجل الوقوف بوجه مبادرات اليسار الايطالي، من اجل القضاء على سيطرة الجريمة المنظمة، الوطنية والدولية، على هذه المقاطعة، التي كان اليمين الايطالي هو الذي يهيمن عليها باستمرار.
وفي هذه الفترة كانت مهمة اليسار، وبالتحديد التيار الشيوعي والاشتراكي فيه، تتحدد في التخلص من الكادرات الديموفاشية لـ"كوزا نوسترا" و"ندرانغيتا"(1) الموجودة في صفوف الفئة البيروقراطية العليا في بلديات كالابريا وفي غيرها من مؤسسات المقاطعة، التي تعمل منذ فترة الحرب (العالمية الثانية) وحتى الان على ممارسة ونشر الفساد، بهدف نهب الاموال العامة، ولتحويل هذه المقاطعة الى مرفأ مفتوح لانتقال المخدرات، التي كانت في وقت سابق محمية من قبل جهاز الدولة، والى مركز انطلاق لتهريب الاسلحة، التي بواسطتها تم تكوين الجيوش الشوفينية، الديموفاشية والانفصالية، التي مزقت يوغوسلافيا وقوضت الاستقرار في البلقان.
ان كاربريا، صقلية وفينيتو ـ لومبارديا هي اليوم المقاطعات الاربع التي يشن منها الهجوم على اوروبا، والتي يجري انطلاقا منها خوض الحرب السرية للديموفاشية الاميركية منذ ثمانينات القرن الماضي.
مباشرة بعد اول انتصار انتخابي للكاثوليك اليساريين، للاشتركيين اليساريين وللاشتراكيين ـ الشيوعيين في هذه المقاطعة، فإن منظماتنا في هذه المقاطعة، التي تناضل ضد الديموفاشية والسلطة المافيوزية الكالابرية، كان عليها ان تسجل 340 تهديدا بالموت موجها ضد رؤساء، نواب رؤساء واعضاء المجالس البلدية، اليساريين، وسلسلة كاملة من الاغتيالات، التي ألغت من المسرح السياسي والاقتصادي لمقاطعة كالابريا عشرات وعشرات السياسيين، المقاولين والشخصيات البارزة لليسار الايطالي.
وقد حدث كل ذلك في ظل الصمت شبه التام من قبل الصحافة الديموفاشية والرجوازية الايطالية، وبدون تقريبا اي ردة فعل جدية من قبل اجهزة الدولة، المسؤولة عن مكافحة النشاطات السياسية ـ العسكرية للديموفاشية المافياوية.
لقد استمرت هذه الوضعية، التي كانت فيها القوى التخريبية المعادية للديمقراطية تهاجم الدولة، حتى 16 تشرين الاول 2005، حينما قام قاتل مقنع مأجور من المافيا يحمل مسدسه في يده بالدخول الى دائرة انتخابية، حيث كانت تجري الانتخابات التمهيدية لليسار الايطالي، وذلك بكل اطمئنان من قبله حيث لم يكن يوجد هناك اي عنصر للشرطة او الدرك. وتقدم القاتل المافيوزي، مهددا الحاضرين المذعورين، مقتربا من نائب رئيس مقاطعة كالابريا، الكاثوليكي اليساري فرانتشيسكو فورتونيو واجهز عليه بـ 5 رصاصات، ثم ابتعد بكل هدوء عن مسرح الجريمة ومعه احد شركائه، مهددا بالسلاح عشرات الحاضرين، الذين اخذوا يصرخون واتصلوا بمديرية الشرطة، الواقعة على بعد عشارت الامتار فقط. ولكن عناصر الشرطة لم تصل الى مسرح الجريمة الا بعد ان تأكدوا بأن المجرم وشريكه قد وليا الادبار، ممتطيين سيارة كانت بانتظارهما.
ومن التحقيقات الاولية ظهرت ادلة واضحة، تفيد احداها عن ان احد المشاركين في الجريمة كان دجوزيبه بانتسيرا ـ العضو في الكوسكا(2) للعائلة المافيوتية مورابيتو.
وتبين ان زعماء زمر الكوسكات الصقلية ـ الكالابرية، المرتبطين بعائلة مورابيتو، قد قاموا باتصالات سرية مع عملاء الاجهزية السرية الايطالية، عبر 18 مخابرة تلفونية سرية للغاية، تمت بواسطة اجهزة عائدة لوزارة الداخلية للجمهورية الايطالية.
على هذه الواقعة قامت تحقيقات المدعي العام وقسم مكافحة المافيا في المقاطعة، وهي التحقيقات التي اخذ يشرف عليها المدعي العام الرئيسي لمكافحة المافيا بييترو غراسو.
وفي 17 تشرين الاول 2005، صرح بييترو غراسو امام الصحافة الايطالية والاجنبية، ان الزعيم الاكبر لجميع العائلات المافيوزية الايطالية، برناردو بروفينتسانو، الذي دأب على الدوام على ارتكاب الجرائم ضد الدمقراطية الايطالية، بقصد تأمين الاصوات لانجاح اليمين، هو متخف منذ 40 سنة، لانه كان يحظى بحماية المقاولين، السياسيين اليمينيين ورجال الشرطة، الذين بدورهم كانوا يخضعون للسلطة الخفية خارج البلاد، التي تقودها كوزا نوسترا الصقلية ـ الاميركية.
ويقال الان في ايطاليا ان ندرانغيتا الكالابرية قد تحولت الى اقوى منظمة اجرامية في كل اوروبا. وهذا الامر هو صحيح، ايضا حسب رأيC.I.M.P.A.I.E. (3).
ان جميع حكومات واجهزة الامن في الاتحاد السوفياتي والدول الاوربية الشرقية السابقة، قد اغفلت بشكل لا يغتفر هذا التحذير، الذي اعتبرته تحريضيا، "متطرفا واستفزازيا".
وقد استمر الجمود في الصراع ضد النشاط السياسي الموالي للاميركيين من قبل كوزا نوسترا وندرانغيتا الصقلية ـ الاميركية، حتى بداية الحروب البلقانية الانفصالية، حينما اصبح بارزا للعيان دور المافيا في تقطيع اوصال الدولة اليوغوسلافية. حينذاك وفي بعض التحقيقات بالجرائم تكشف الدور المهم للكوسكا التي يقودها المافيوزي باسكواله لوكاتيلي، في تليح الجيوش الانفصالية لالبانيا (AOK) (جيش تحرير كوسوفو)، البوسنا، كوسوفو ومكدونيا.
لقد قامت كوزا نوسترا وندرانغيتا بتأمين 2 سفينتين تجارتين، كانتا تشحنان بالاسلحة والمخدرات وتتنقلان بين مرافئ كلابريا ومرافئ كرواتيا والبانيا.
ان المخطط الاميركي ، المافيوتي والانفصالي، الموالي للديموفاشية الاميركية، كان يحسب الحساب للمكافأة المالية للقائمين بالجرائم.
لقد كان يتم تزويد ماليي الجيوش الانفصالية البلقانية بالمخدرات باسعار بخسة للغاية، وكان هؤلاء يسوقونها في البلقان، واوروبا والاتحاد السوفياتي السابق بارباح كبيرة جدا. وكان 80% من الارباح يذهب الى مدفوعات شراء الاسلحة والذخائر والالبسة العسكرية للجيوش الانفصالية في البانيا وكرواتيا، اما الـ20% الباقية، فكانت تذهب لجيوبهم الخاصة، ولتنظيم الدعاية للاحزاب الانفصالية والشوفينية، ولحاجات القادة الانفصاليين المحليين.
واحد البراهين على ذلك هو الواقعة التالية: حينما قامت مجموعة من عملاء مكافحة المافيا الايطاليين بإشعار الفيلق الايطالي في كوسوفو بأنه يوجد في فيلا شقيق هاشم تاتشي (زعيم جيش تحرير كوسوفو الانفصالي) ما يشبه بنكا لاشرعيا، يعمل بكميات كبرى من الدولارات وغيرها من العملات الصعبة من منشأ اجرامي، قامت الاجهزة السرية للولايات المتحدة وحلف الناتو بالتدخل الفور، في اللحظة التي كان فيها الجنود الايطاليون على وشك مصادرة حاويات كاملة مليئة بالعملات الصعبة.
وقد أمرت القيادة العليا للاجهزة السرية للولايات المتحدة والناتو، العاملة في البلقان، الايطاليين بأن يعيدوا جميع الاموال القذرة المصادرة الى شقيق هاشم تاجي وان يعتذروا له.
وفي هذا الوقت حذرت المنظمات البلقانية والاوروبية لمكافحة المافيا، من ان سفنا لكوزا نوسترا وندرانغيتا تخرق الحصار الامم المتحدة القاضي بمنع توريد الاسلحة
في القطاع البلقاني من بحر الادرياتيكي. ولدينا معلومات، بأ، المنظمة اليوغوسلافية لمكافحة المافيا وغيرها من منظمات الكفاح ضد المافيا قد ارسلت التحذيرات يوميا الى قباطنة الاسطول الاميركي ـ الناتوي، الذين كانوا يجوبون البحر الادرياتيكي، حول تحركات السفن التجارية لـ باسكواله لوكاتيلي.
وفي كل مرة كان يتم فيها التحذير حول تحرك سفن كوزا نوسترا وندرانغيتا، فإن جميع سفن الاسطون الاميركي ـ الناتوي كانت تنحرف عن خطها المرسوم وتختبئ في المرافئن حتى لا تعرقل ابحار السفن الاخرى الى المرافئ الالبانية والكرواتية.
وحينما توصل الانفصاليون المعادون للسلافية الى تحقيق النصر على يوغوسلافيا، اي حينما لم يعد نشاط لوكاتيلي ضروريا، حينئذ قررت المؤسسات الايطالية لمكافحة المافيا ان تعتقله وان تصادر السفينتين، اللتين ظلتا لسنوات تمخرا البحر بين كالابريا وبين البانيا وكرواتيا، مؤمنة الاسلحة الضرورية لتقسيم يوغوسلافيا.
وقد اسهمت في هذا المخطط ايضا المافيا الصقلية ـ البوليفية، عن طريق نشاط مارينو ديوداتو ـ زوج حفيدة الجنرال الانقلابي بانزر. وقد تم ذلك عن طريق الكوكايين الآتي من بوليفيا، والذي قامت كوسكا عائلة تشوللا بنقله، مستعينة باشخاص فرادى، يديرهم العسكريون الانقلابيون في بوليفيا.
وكان مارينو ديوداتو متخصصا في غسل الاموال القذرة المتأتية من تجارة المخدرات، مستخدما لهذه الغاية صالات الميسر، المؤسسة من قبله خصيصا لذلك في تيرانا.
بعد هذا القسم من الادلة، سوف تتبع اقسام اخرى تتعلق باستخدام الجريمة المنظمة الدولية من اجل تفكيك دول الشعوب السلافية والاميركية اللاتينية، طبقا لمخطط الهيمنة الكونية للديموفاشية الانغلو ـ اميركية.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ* كاتب ايطالي ماركسي مستقل مقيم في بلغاريا
ـ* رئيس C.I.M.P.A.I.E. ومراقب في مجموعة العمل 1-A المتخصصة بالاتصالات السياسية، والتي تأسست في لوزان في 27 تشرين الاول 1988، من قبل مجلس الحكم في الكانتون السويسري فاوود، والاونسكو والمجلس الاوروبي.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
(1) ندرانغيتا: المافيا في كالابريا.
(2) كوسكا: تمتلك المافيا بنية هرمية. كل "عائلة" تمثل حلقة قاعدية. وكل ثلاث عائلات لها اتحاد محلي ذو قيادة واحدة، تسمى "كوسكا"، والـ كوبولا تقود الكوسكات.
(3) C.I.M.P.A.I.E. : Comitato dei Movimenti per la Preventione Antimafia Italiani ed Esteri - - -
لجنة حركات الكفاح الوقائي ضد المافيا في ايطاليا والخارج.
(4) كوزا نوسترا: مافيا صقلية ـ اميركية.
(5) كامورّا: المافيا في مقاطعة كامبانيا وابروتسيو.
(6) ساكرا كورونا اونيتا: المافيا في مقاطعة بوليا.

#فالتر_بوتشي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات