أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جورج حداد - الصفقة الاميركية السورية الجديدة: اعادة انتاج -سايكس بيكو- و-وعد بلفور- ...لبنانيا















المزيد.....



الصفقة الاميركية السورية الجديدة: اعادة انتاج -سايكس بيكو- و-وعد بلفور- ...لبنانيا


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 1489 - 2006 / 3 / 14 - 10:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


وقع اغتيال رجل الدولة اللبناني البارز، رئيس الوزراء الاسبق الشهيد رفيق الحريري، وقوع الصاعقة في الحياة السياسية اللبنانية والاقليمية والدولية. وكانت ابرز نتيجة مباشرة لجريمة الاغتيال، وردود الفعل عليها ولا سيما ما سمي "انتفاضة الاستقلال"، هي انسحاب "الوجود" السوري من لبنان، الذي استمر لمدة ثلاثة عقود. وقد أغلقت المقرات المعروفة للمخابرات ـ المافيات السورية التي كانت تدير عمليات وشبكات الارهاب والخطف والتعذيب والتهريب والتزوير وتبييض الاموال والصفقات المشبوهة والمخدرات والدعارة وفرض الخوات والنهب المنظم، جنبا الى جنب عمليات "الضبط والربط" الاعلامي والسياسي والامني والعسكري. وقد أغلقت طبعا "مغارة علي بابا" في عنجر، الخاصة بـ"المفوض السامي السوري"، وكيل "والي دمشق"، التي كانت ـ باسم "العروبة" و"الاخوة بين الشعبين الشقيقين" ـ تدوس يوميا بالاقدام العلاقات الاخوية اللبنانية ـ السورية وتمثل ابشع ما يكون التمثيل وجه سوريا العربية، مستبيحة العباد والبلاد، الاعناق والارزاق، الحقوق والمقامات والكرامات، استباحة كاملة لا عهد للبنان بها منذ العهد العثماني الميمون(!).
وقبل هذا الانسحاب غير المشرف، كان النظام السوري لا يفتأ يقدم "التطمينات!" بأن وجوده هو الذي يحمي السلم الاهلي في لبنان. واستنادا الى هذه "التطمينات" (= التهديدات المبطنة)، والى ما هو معروف عن الطبيعة الدكتاتورية الاجرامية ـ المافياوية لهذا النظام، كان الكثيرون يعتقدون، وليس بدون سبب، انه لا يمكن له ان يترك لبنان، الا بعد تدميره، او ـ على الاقل ـ بعد تنظيم "حفلة وداع" له على الطريقة الحموية. لا سيما وأن النظام السوري كان يمتلك على الارض اللبنانية كل "المبررات" و"عدة الشغل" الضرورية لذلك، ومنها:
ـ وجود سلطة واجهزة امنية "لبنانية" بالاسم، تابعة للنظام السوري بالفعل، وتأتمر بأوامر اصغر واحقر ضباطه.
ـ وجود حالة طائفية ـ سياسية ملتبسة، تخلط بوعي او بدون وعي بين الدفاع عن المقاومة ضد اسرائيل في لبنان، والدفاع عن نظام ما يسمى "سوريا الاسد" ـ حارس الاحتلال الاسرائيلي للجولان في سوريا.
ـ وقوع ارتكابات غير مبررة، كرد فعل عشوائي بعد اغتيال الحريري، ضد عمال ومواطنين سوريين عاديين، ليس من المستبعد ان الكثير منها كان من صنع الاجهزة السورية وزبانيتها. وهذا ما كان يتيح لجزاري النظام السوري ان يشربوا "حليب الاسود" ويكشروا عن انيابهم للفتك باللبنانيين، بحجة الدفاع عن "الوطنية السورية" و"الشعب السوري" ـ اولى ضحايا نظام "سوريا الاسد".
ولكن النظام السوري خيب امال اشد "المتفائلين" من "انصاره"، وانسحب "بسلام!" من لبنان. وان كان هذا "السلام!" نسبيا، اي انه لم يرتكب لدى انسحابه من لبنان مجزرة جديدة، كمجزرة تل الزعتر او مجزرة صبرا وشاتيلا او مجزرة حماه، لوحده او بالتنسيق مع اسياده الاميركيين، وحلفائه الضمنيين الاسرائيليين. وقد فاجأ رأس النظام حلفاءه انفسهم، حينما اعلن استعداده لتنفيذ الشق المتعلق بـ"سوريا" من القرار 1559.
امام هذه المفارقة الكبرى، ولمعرفة ما جرى، وما سيجري، على الساحة اللبنانية والسورية والاقليمية، تنبغي الاجابة عن السؤالين التاليين:
ـ هل خشي النظام السوري من الانعكاسات والمضاعفات السلبية عليه، الامنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية، على الساحتين اللبنانية والسورية معا، كما وعلى الساحة العربية والدولية، من احتمالات خوضه معركة عسكرية ـ سياسية مكشوفة للدفاع عن وجوده السابق في لبنان؟!
ـ ام ان الجنرال الاعظم ميشال عون كان على حق حرفيا حينما قال: "ان اميركا هي التي جاءت بالسوريين الى لبنان، وهي التي تخرجهم". وبالتالي ان النظام السوري، ومن خلال "القنوات المخابراتية الخاصة" بينه وبين المراجع الاميركية المختصة، تلقى امرا بالانسحاب من لبنان، فانسحب طائعا صاغرا؟! وهنا نفتح قوسين لسؤال استطرادي و"تفصيلي" ثالث هو: هل ان النظام السوري كان بحاجة الى "مبرر قوي" للانسحاب من لبنان، فجاء اغتيال الشهيد رفيق الحريري، ومضاعفاته، ليقدم له هذا "المبرر"؟!
ان التاريخ كفيل بتقديم الاجابة عن هذه الاسئلة. ولكن سواء كان هذا الجواب او ذاك، فكل القرائن تشير ان جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، مع كل هولها وضخامتها، وايا كان الطرف او الاطراف المشاركة بها، لم تكن عملية معزولة تستهدف فقط ضحيتها او ضحاياها المباشرين، او ـ بدائرة اوسع ـ ما كان يسمى "المعارضة" اللبنانية. بل هي جزء من مخطط اكبر يستهدف التركيبة الكيانية اللبنانية بمجملها، بشكل عام، والعلاقة المأزومة لهذه التركيبة بالقضية العربية، ولا سيما قضية الصراع العربي ـ الاسرائيلي، بشكل خاص.
وحينما جرت بعض التفجيرات الاجرامية، في بعض المواقع التجارية والسياحية في بعض المناطق "المسيحية"، اعتقد البعض انها ليست اكثر من ردود فعل انتقامية من قبل بقايا الاجهزة السورية واتباعها، ضد "انتفاضة الاستقلال". وقد تراجعت "المعارضة" السابقة، ولا سيما المسيحية، للقبول باجراء الانتخابات النيابية على قاعدة قانون انتخابات الـ2000 "السوري"، لتكريس العملية السياسية والدمقراطية ولثقتها بارادة غالبية الشعب اللبناني وقدرتها على شق الطريق لهذه العملية، حتى في ظل اسوأ القوانين، بعد كنس "العفش" الدكتاتوري السوري من لبنان.
وقد تعزز الخيار السياسي والدمقراطي لـ"المعارضة"، بالموقف الوطني المسؤول ورفيع المستوى لـ"حزب الله"، الذي ـ مع ارتباطاته الخارجية وتأييده الملتبس لما يسمى "سوريا الاسد" ـ لم ينزلق الى مستوى ميليشيا تافهة تابعة لرستم غزالة، وقرر السير في الخيار الدمقراطي، جنبا الى جنب غالبية الشعب اللبناني، الذي محضه ثقته شبه الاجماعية كـ"مقاومة وطنية" لبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي، لا كزمر طائفية تتجلبب بفتاوى ايرانية لا يعرف الا الله "مهابط وحيها" وغاياتها (كما هي حال بعض الزمر الطائفية العراقية، المرتبطة بايران) وتأتمر بأوامر ضباط المخابرات والمافيات السورية.
وجاءت نتائج الانتخابات النيابية، وانتخاب رئيس مجلس النواب، المعروف بموالاته لـ"سوريا الاسد"، بالطريقة التي انتخب بها، ثم الانتقال الى تشكيل الوزارة الجديدة، لتؤكد ان كل القوى الحزبية والسياسية ـ الطائفية الفاعلة، من كلا معسكري "المعارضة" و"الموالاة" السابقتين، من اخصام وحلفاء النظام السوري، رجحت خيار الانتقال الى الانخراط في العملية السياسية والدمقراطية، ذات التقاليد العريقة في لبنان، التي شوهتها "المرحلة السورية" أسوأ تشويه، ولكنها لم تستطع القضاء عليها.
ولكن اذا كان للقوى الحزبية والسياسية ـ الطائفية في لبنان خطتها و"اجندتها" و"آمالها" واهدافها السياسية، من خلال الانخراط في العملية الدمقراطية، فهذا "لم يمنع" وقوع اغتيال الصحافي الدمقراطي والليبيرالي البارز الشهيد سمير قصير، اثناء الانتخابات، ثم، في اعقابها، اغتيال القائد الوطني اللبناني والعربي المعروف، المحاور والمنفتح، الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني الشهيد جورج حاوي، بدون اي سبب شخصي ومباشر للاغتيال. وأعقبت ذلك عدة تعديات اخرى، كان آخرها اغتيال احد ابرز رموز "انتفاضة الاستقلال" الصحافي المعروف جبران غسان تويني.
ولا يمكن حتى لأي محلل سطحي، الا ان يربط بين حلقات هذه السلسلة الجهنمية، التي بدأت بمحاولة اغتيال الشخصية الوطنية المعتدلة مروان حمادة، ونتمنى ان تكون انتهت باغتيال الشهيد جبران تويني.
وهذا يعني ببساطة انه، الى جانب وبمعزل عن "الاجندة" السياسية والدمقراطية لمختلف الاحزاب والقوى الطائفية ـ السياسية في لبنان، هناك "اجندة" اخرى، او لنقل مخطط جهنمي آخر، يدبر بليل، لهذا البلد الجريح، لا يأخذ بالاعتبار "اجندة" اي طرف سياسي لبناني، بما فيها الاطراف الموالية، او المتعاونة، لاحقا او سابقا، مع النظام السوري وبقايا اجهزته المعروفة وغير المعروفة.
والقوة، او القوى، صاحبة هذه "الاجندة" الجهنمية لن تتخلى عن اجندتها لصالح "الدمقراطية" و"الاستقلال" و"الوحدة الوطنية"، وعلى العموم لصالح العملية السياسية والدمقراطية في لبنان، بل على العكس تماما.
وهناك سؤال مركزي، يمكن ان تتشعب منه عدة اسئلة، عن هوية الجهة صاحبة هذه "الاجندة" الجهنمية(؟؟). وبكلمات اكثر تفصيلا يمكن توجيه الاسئلة التالية:
ـ من هي القوة، او القوى، صاحبة القرار الاول في هذه "الاجندة"؟
ـ من هي القوة، او القوى، التي تدير سياسيا هذه "الاجندة"؟
ـ من هي القوة، او القوى، التي تنفذ ميدانيا هذه "الاجندة"؟
ـ ما هو الهدف، او الاهداف الرئيسية، لهذه القوة او القوى، من تقرير وادارة وتنفيذ هذه "الاجندة" الجهنمية؟
لقد تسرع في حينه ما سمي "النظام الامني"، "اللبناني" التابع للاجهزة السورية ("من عنده!" او، وهذا هو الارجح، بتعليمات من "المفوض السامي السوري")، بتوجيه الاتهام الى الخلايا الارهابية "الاسلامية" المشبوهة في اغتيال رفيق الحريري. وفي هذا السياق جرت فبركة فيديوكليب "ابو عدس"، وتلفيق تهمة ضد بعض الشبان الاسلاميين المغتربين في اوستراليا، من ابناء الضنية، الذين كانوا عائدين من تأدية فريضة الحج. ان الذي فبرك فيديوكليب "ابو عدس"، الذي كان معتقلا لدى السوريين، حسب تصريحات افراد عائلته، هو قادر بدون شك على ارسال "ابو عدس" ذاته، او اي "ابو عدس" اخر، ووضعه "بارادته!" في سيارة مفخخة، مخصصة لاغتيال رفيق الحريري او غيره. ولكن كل هذه الفبركات لا تتعدى اهميتها اهمية "قنبلة صوتية" او "قنبلة دخانية" تهدف الى لفت او تعمية الابصار، ليس الا. اذ ان الاستنفار الامني، الدولي والاقليمي، وخاصة السوري ـ اللبناني، كان كفيلا بالامساك ولو بخيط حقيقي واحد في اتجاه تأكيد قيام "الاصوليين الاسلاميين" بهذه الجرائم. وقد رد احد قادة "الجماعة الاسلامية" في لبنان على تصريح للرئيس اميل لحود يتهم فيه "الاصوليين الاسلاميين" المتطرفين، بالقول ما معناه "طالما ان المتهم معروف (اي من قبل السلطات المحلية)، فلماذا التحقيق الدولي؟!".
وفي الوقت ذاته، والى جانب رفع شعار المطالبة بكشف "الحقيقة" (حيث انه "بفضل" امساك النظام السوري بالامن اللبناني، تم طمس الحقيقة في جميع جرائم الاغتيالات الكبرى في لبنان، التي طاولت عشرات الشخصيات، بدءا باغتيال كمال جنبلاط)، رفعت ايضا الشعارات المعارضة التي تتهم النظام الامني السوري ـ اللبناني بارتكاب سلسلة الجرائم التي بدأت بمحاولة اغتيال الشخصية الوطنية مروان حمادة، وما بعدها. ولكن، وبصرف النظر عن واقعية هذه التهمة ام لا، فانها (من وجهة نظر سياسية، ومن ثم استطرادا امنية وجنائية) تكبر من شأن النظام الدكتاتوري السوري، و"تعطيه اكثر من قيمته!"، حيث يبدو وكأن هذا النظام هو نظام "مستقل" "يعمل لحساب نفسه فقط!". وانه هو الذي قرر وخطط ونفذ جريمة اغتيال شخصية دولية في مستوى رفيق الحريري. ولكن اذا اخذنا بنظرية الجنرال الاعظم (لنتذكر: ميشال عون!) ان السوريين ما دخلوا الى لبنان (ولا يخرجون منه) الا بقرار اميركي، فهذا يعني ببساطة ان "الاجندة" الجهنمية التي كانت ولا تزال تطبق في لبنان هي اكبر بكثير من النظام الدكتاتوري السوري، وبالطبع اكبر من الحسابات البنكية المعروفة وغير المعروفة، في اميركا وغيرها، للمرحوم غازي كنعان ورستم غزالة وغيرهما من اركان النظام السوري، واكبر بالتأكيد من مجموعة اوسمة الفريق مصطفى طلاس التي تطف عن سجادة عجمية. وفي ابعد الاحتمالات، فإن عصابات النظام الدكتاتوري السوري ليست الا عناصر تنفذية على الارض.
فأين هي الحقيقة في اغتيال رفيق الحريري، وفي كشف بقية السلسلة في هذه "الاجندة" الجهنمية؟! وأين هي الحقيقة، اساسا، في اكتشاف اهداف هذه "الاجندة"؟!
ان "الدمقراطيين اللبنانيين" الذين ينتظرون كشف الحقيقة على يد لجنة التحقيق الدولية، هم كـ"الدمقراطيين الاميركيين" والايطاليين وغيرهم الذين كانوا ـ او لا زالوا ـ ينتظرون كشف الحقيقة حول جريمة اغتيال جون كندي ومحاولة اغتيال البابا الراحل يوحنا بولس الثاني. فأيا كانت نتائج التحقيق الدولي الجاري، فإن هدفه هو طمس الحقيقة، وليس كشفها.
وهؤلاء "الدمقراطيون"، الذين يعولون الان على الاعلانات الاميركية الصاخبة حول نشر الدمقراطية في الشرق الاوسط، ينسون او يتناسون ان اميركا بالذات هي التي دعمت جميع الانظمة الدكتاتورية في البلدان العربية، بما فيها النظامين البعثيين التوأمين العراقي (الصدامي) والسوري (الاسدي)، وهي التي نظمت عملية ادخال النظام السوري الى لبنان خاصة وهيمنته عليه مدة ثلاثين سنة. وإنها لاعجوبة سماوية خارقة، على طريقة اهتداء بولس الرسول الى الايمان المسيحي، ان تكون الادارة الاميركية قد اهتدت فجأة الى "الايمان الديمقراطي"وقررت على حين غرة ان ترتد على اعقابها 180 درجة، وتقرر الاستغناء عن خدمات النظام الدكتاتوري السوري، الذي لم يرد يوما لها طلبا، لا في الجولان، ولا في لبنان، ولا في الخليج.
ان جريمة اغتيال رفيق الحريري، و"الاجندة" الجهنمية التي تطبق ضد لبنان حاليا، هي جزء لا يتجزأ من المؤامرة الكبرى على الشعب اللبناني خاصة والقضية العربية عامة. وكشف هذه الجريمة يرتبط تماما بكشف تلك المؤامرة، وهي المهمة التاريخية التي تقع بالدرجة الاولى على عاتق القوى الوطنية الحقيقية في لبنان، بالتعاون الوثيق مع قوى المعارضة الوطنية السورية خاصة والعربية عامة، التي لا تقف عند حدود الجعجعة "الدمقراطية" الكلامية الفارغة لاميركا وعملائها المكشوفين والمستورين، القدماء والجدد.
وطبعا اننا لا ندعي معرفة الحقيقة المطلوبة، ولكن من واجبنا، كما من واجب اي وطني حقيقي، السعي لمقاربة الكشف عن الوجوه البشعة للمؤامرة المستمرة ضد الشعب اللبناني عامة، والقوى الوطنية، التقدمية والاسلامية، المناضلة خاصة:
ـ اذا اخذنا بالقرائن "الميدانية"، يمكن القول: ان الوجود الدكتاتوري ـ المافياوي السوري، باتباعه "اللبنانيين" و"الفلسطينيين" و"الاسلاميين"، قد تغلغل كالخلايا السرطانية في كل شاردة وواردة، وفي ادق التفاصيل، في لبنان، ولا سيما على المستوى الامني، الى درجة ان اي مخالفة، او سرقة، او جريمة، لم تعد تحدث الا بمبادرته، او بمشاركته، او ـ على الاقل ـ "بعلمه". وهذا يعني انه لا يمكن الانتقاص من "مكانة" هذا النظام، و"اتهامه" بالبراءة من اي جريمة سياسية ارتكبت في لبنان، بدءا باغتيال كمال جنبلاط، مرورا باغتيال رفيق الحريري، وانتهاء باغتيال جبران تويني.
ـ واذا اخذنا بقرائن المصلحة، حيث وراء كل جريمة يوجد دائما طرف او اكثر اصحاب مصلحة، يمكن القول: ان اسرائيل هي ايضا صاحبة مصلحة اساسية في تخريب الاوضاع اللبنانية، والانتقام من الرموز الوطنية، وضرب اي استقرار وطني في لبنان، وإشغال المقاومة الوطنية والاسلامية وخنقها في النزاعات الداخلية، الحزبية والطائفية. واسرائيل لها "فاتورة" كبيرة ضد الشعب اللبناني الذي احتضن المقاومة الفلسطينية منذ نشوئها وحوّل لبنان قولا وفعلا الى "وطن المقاومة" كما لم يكنه اي بلد عربي آخر، والذي، ولاول مرة في تاريخ الصراع العربي ـ الاسرائيلي، هزم الاحتلال الاسرائيلي لارض عربية، واجبر الجيش الاسرائيلي، قاهر كل الجيوش العربية، على الفرار مهزوما من لبنان. ولذا لا يمكن لاسرائيل ان تكون "بريئة" من اي جريمة او عمل معاد للبنان، بمفردها او بالتعاون الضمني او المباشر مع اي طرف آخر معاد للشعب اللبناني وقواه الوطنية والدمقراطية، ايا كانت البراقع "العروبية" او "الاسلامية"، او براقع "الدمقراطية" و"مكافحة الارهاب" او غيرها، التي يمكن ان يلتبسها هذا الطرف او ذاك.
ـ واذا اخذنا بالقرائن الستراتيجية العليا، او الجيوبوليتيكية، التي يخضع لها لبنان بامتياز، والتي تتجسد في الاحداث المصيرية الكبرى التي يتعرض لها منذ اربعة عقود على الاقل، يمكن القول: ان اميركا، زعيمة "العالم الحر" سابقا، التي اصبحت "القطب الاوحد" في "النظام العالمي الجديد" حاليا، والتي تمتلك من القدرات العسكرية والاقتصادية والسياسية والتجسسية الارضية والفضائية ما يجعلها "قريبة" من كل حدث؛ ان اميركا هذه لا بد انها ـ على الاقل ـ "تعرف" تماما ما جرى ويجري في لبنان، وتعرف ان الجميع يعرف انها "لا تقول كل ما تعرف". وهي الوحيدة القادرة على التدخل، سلبا او ايجابا، في صنع الاحداث، وكشفها، وتوجيهها، قبل وبعد حدوثها. وهذا يعني ان المفاتيح الرئيسية لـ"اللعبة"، ايا كان المنفـّذ او اللاعب الثانوي، هي في يد اميركا. وبالتالي فإنها ليست في رأس قائمة المتهمين فقط، بل هي "موزعة الادوار" وصاحبة السيناريو ومنتج ومخرج "الفيلم"، اذا صح هذا التشبيه. والا: فلماذا لا تقول اميركا ما تعرف حق المعرفة، حول كل ما قام به النظام السوري واسرائيل وغيرهما، على الساحة اللبنانية.
ونخلص من ذلك الى استنتاج منطقي بسيط، وهو ان جريمة اغتيال رفيق الحريري، من ضمن كل "الاجندة" الجهنمية التي تطبق الان في لبنان، بمختلف الاساليب العنفية الوحشية والسياسية الخبيثة والدبلوماسية الناعمة، انما هي خطة اميركية ـ اسرائيلية ـ سورية مشتركة، القرار الرئيسي فيها هو اميركي، ولكن الاطراف الثلاثة تتعاون على تنفيذها، ضمنا وجهرا، مباشرة او غير مباشرة.
ونعود الى معادلة الجنرال الاعظم ميشال عون: اميركا هي التي ادخلت السوريين، واميركا هي التي تخرجهم(!). وهي المعادلة الأشبه بالمسرحية (بالنسبة لاميركا فإن مأساة لبنان، ومأساة اي بلد او شعب آخر، ليست اكثر من "مسرحية"، بل و"مسرحية هزلية". والآن، على سبيل المثال لا الحصر، تتحدث اميركا عن "الفوضى البناءة!!" في "الشرق الاوسط الكبير" الذي يريد البوش الاميركي "اصلاحه" و"دمقرطته") واذا كنا الان، بموجب هذه المعادلة ـ المسرحية الشرأوسطية العامة، في المشهد الاخير من احد فصول "المسرحية" الدموية اللبنانية، اي مشهد تصفية بقايا "الوجود السوري" السابق، المتمثل برئاسة الرئيس اميل لحود، فلاجل محاولة فهم ما يجري، لنعد "قليلا" الى الوراء، اي الى المشهد الاول من الفصل ذاته، مشهد "الدخول السوري" الى لبنان.
لقد دخل النظام السوري الى لبنان في صفقة مع اميركا، وكل الضجة الاعلامية الاميركية الحالية، المعادية للنظام السوري، ليست اكثر من قنابل صوتية ودخانية لتعمية من يمكن تعميتهم عن الصفقة الجديدة بين النظام السوري والادارة الاميركية، فيما يتعلق بلبنان.
ولقد دخل هذا النظام، "العروبي" و"الداعم للمقاومة الفلسطينية"، الى لبنان، بغير موافقة "القوى المسيحية" الموالية للغرب (التي كانت تسمى "انعزالية") وبغير موافقة اسرائيل، من جهة، وبغير موافقة الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية، من الجهة الثانية. وفعلا تم دخوله بقرار اميركي(ومن تحته، لاحقا، موافقة ضمنية اسرائيلية). وهذا لم يعد سرا على احد. ولم يكن من الممكن لهذا النظام ان يخطو خطوة واحدة فوق الارض اللبنانية بدون هذا القرار. والا لكانت اميركا اقامت الدنيا واقعدتها، ولاصدرت القرارات الدولية ولفرضت الحصار الاقتصادي والسياسي على سوريا، ولشكلت القوات الدولية للتدخل ضد الغزو السوري للبنان، كما فعلت بالنسبة للغزو العراقي (الصدامي) للكويت، حيث ان النظام السوري ذاته شارك في حينه، وتحت امرة الاميركيين، في الوقوف بوجه صدام. و"بفضل"، فقط "بفضل"، القرار الاميركي، غيرت "القوى المسيحية الانعزالية"، وغيرت اسرائيل، موقفهما الاولي المعلن المعارض للدخول السوري، وايدتاه من ثم كلا بطريقتها. اما الطرف المعارض الاخر، الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية، فقد دفع، بجماهيره وقواه المنظمة وكوادره وقياداته، ثمنا باهظا، لا يمكن تعويضه. واحد، فقط احد، اشكال هذا الثمن، هو تصفية عشرات ومئات الكوادر والقيادات الوطنية اللبنانية والفلسطينية، و"ادارة" الحرب الاهلية اللبنانية مدة 13 ـ 14 سنة اضافية (تخللها "مشهد" الاجتياح الاسرائيلي لبيروت) بتنسيق ضمني، سري وعلني، اميركي ـ سوري. (وأحد، فقط أحد، اشكال هذا التنسيق هو قصة المرحوم ايلي حبيقة: فهذا الشخص كان يترأس الحرس الشخصي لبشير الجميل، واصبح في وقت ما رئيسا لـ"القوات اللبنانية"، وكان احد ابرز عملاء اسرائيل. وقد شاركت "قواته" بشكل رئيسي في مجزرة صبرا وشاتيلا، بالتنسيق مع الاسرائيليين. وبدلا من ان يتم توقيفه ومحاكمته، والاطلاع منه على المعلومات اللازمة لفضح ملابسات مجزرة صبرا وشاتيلا امام العالم اجمع، قام السوريون (الاسديون) بتأمين التغطية السياسية له وبتعويمه "وطنيا" وفرضه وزيرا في لبنان، وطمس كل ما يتعلق بمجزرة صبرا وشاتيلا. وحينما اقيمت الدعوى على شارون في المحكمة البلجيكية بخصوص مجزرة صبرا وشاتيلا، واستدعي ايلي حبيقه للادلاء بشهادته، وابدى استعداده لتلبية الطلب، تمت تصفيته فورا بسيارة مفخخة، علما انه كان يتمتع بحماية استثنائية من المخابرات السورية. لا نستنتج من ذلك ان المخابرات السورية كانت حكما شريكا في مجزرة صبرا وشاتيلا، ولكن يمكن ان نستنتج ببساطة انه كان لها مصلحة في عدم كشف الحقيقة في المجزرة، وابقاء مجرم رئيسي طليقا، بل وزيرا، بهدف ابقاء الجماهير الفلسطينية تعيش في جو من الرعب الدائم والهجرة لمن يمكنه الهجرة).
اي: ان الدخول ومن ثم "الوجود" الدكتاتوري السوري ("الشقيق" جدا!) في لبنان، كان جزءا لا يتجزأ من "فيلم اميركي طويل"، شاركت فيه اطراف عديدة، بأدوار متنوعة، "منسجمة" احيانا و"متعارضة" احيانا اخرى، بمن فيها طبعا اسرائيل.
وهذا لا يعني ابدا عدم وجود تعارضات جزئية، مرحلية، تفصيلية، تكتيكية الخ، بين الادارة الاميركية والنظام السوري. بل اننا يمكن ان نجد مثل هذه التعارضات بين اميركا واسرائيل، حليفها الستراتيجي الرئيسي في المنطقة (والعالم!).
ولكن التعارضات المؤقتة والجانبية والجزئية بين الادارة الاميركية والنظام الدكتاتوري السوري لا تنفي ـ بل تؤكد اكثر ـ "الصفقة" الستراتيجية فيما بينهما حول لبنان، التي تجلت وتكرست في الدخول والهيمنة السورية على لبنان، بدون موافقة اسرائيل في البداية ثم بموافقتها لاحقا، حوالى 30 سنة.
ماذا ارادت الادارة الاميركية تحقيقه "بواسطة" الوجود السوري في لبنان؟ في الجواب على هذا السؤال تكمن فحوى الصفقة الاميركية ـ السورية السابقة حول لبنان، وكذلك فحوى الصفقة الجديدة، في الظروف الجديدة.
ما لم تفهمه "القوى المسيحية الانعزالية" واسرائيل، حينما عارضتا في البداية الدخول السوري الى لبنان، هو ان دور النظام الدكتاتوري السوري كان يدور حول تقزيم وتحجيم وتفكيك الحركة الوطنية اللبنانية وحصرها ضمن الاطار القطري ـ الكياني اللبناني الضيق والاطر الطائفية الاضيق. ومهما كان ذلك لا يزال غير مفهوم من بعض القوى الوطنية، الدمقراطية او الاسلامية، ذاتها، فإن التقسيم السايكس ـ بيكوي، القائم على القطرية والطائفية، لا يزال هو الهدف الرئيسي للمؤامرة الكبرى على الحركة الوطنية اللبنانية، والحركة الوطنية في اي قطر عربي آخر:
ـ اهتموا بشؤونكم الخاصة، الداخلية، "الوطنية" الكيانية او القطرية! كلوا واشربوا وتناسلوا! اشتغلوا طائفية، او اعملوا اصلاحا وعلمانية، اعملوا فسادا، او كافحوا الفساد، اعملوا دكتاتورية، او اعملوا "دمقراطية"، الخ الخ، ... داخل حدودكم، وضمن "سيادتكم"! ولكن لا شأن لكم بالسياسة الكبرى، بالهوية العربية للبنان، بتقرير المصير القومي، بالقضية الفلسطينية، باحتلال الجولان، بقضية الوحدة العربية، بقضية النفط العربي، بالقضايا العربية القومية!!! اي اكتفوا بالادارة الذاتية للكيان السايكس ـ بيكوي، وتوزعوا حصص السلطة والمنافع داخله، ولكن تخلوا نهائيا عن كل مقاربة قومية عربية، وبالاخص "وجود" اسرائيل على ارض "لا تخصكم" بشيء لانها ارض "غير لبنانية". وفي المحصلة: ابقوا دولة قزما، مرهونة الوجود بارادة القوى العظمى، ومنها طبعا القوة الاقليمية الاعظم، اي اسرائيل. وفي هذا الصدد فإن "الحالة المرضية" للمعارضة الدمقراطية السورية هي حالة مخزية و"فضائحية" بكل معنى الكلمة. فهذه المعارضة، مع كل احترامنا لتضحياتها بمواجهة الدكتاتورية، لا ترمي حجرا ضد اسرائيل في الجولان المحتل ولا تحرك ساكنا في موضوع انتزاع الاسكندرون والجولان من سوريا، وكأن الامر لا يعنيها. والعكس تماما كان وضع الحركة الوطنية اللبنانية، التي التحمت مع المقاومة الفلسطينية وقاتلت الى جانبها، ثم لوحدها، ضد اسرائيل. ومن هنا جلبت على نفسها الغضب الاعظم من قبل اميركا، التي استنجدت بالنظام الدكتاتوري السوري لتدجين الوطنيين اللبنانيين العروبيين واعادتهم الى "بيت الطاعة" السايكس ـ بيكوي.
هذه النقطة الجوهرية، التي تغيب عن مدارك العديد من الكوادر والمحللين السياسيين، هي المفصل الاساسي في تاريخ لبنان الحديث. وكل المآسي والنزاعات الكبرى في "لبنان ـ الاستقلال"، لبنان سايكس ـ بيكو، تتمحور حول هذه النقطة بالذات. فقد اتصفت الحركة الوطنية اللبنانية على الدوام بالالتزام القومي، وكلما كانت الحركة الوطنية اللبنانية تقارب "مخاطر" الخروج من القوقعة القطرية والامساك بالقضية الوطنية العربية الجامعة، وتحويل لبنان الى قاعدة انصهار بالقضية القومية العربية العامة، كانت المؤامرة، داخليا وخارجيا، تطل برأسها، عبر الفتن والنزاعات الطائفية او تحريك الاساطيل الاستعمارية والعدوان والاحتلال الاسرائيلي. ومن ضمن هذا السياق الاستعماري لـ"الضبضبة" السايكس ـ بيكوية للحركة الوطنية اللبنانية، يأتي التدخل الدكتاتوري السوري في لبنان. وليسمح لنا القارئ بأن نورد بعض الشواهد التاريخية:
1ـ في مطلع الخمسينات من القرن الماضي كان الفساد قد نخر العهد الاستقلالي الاول لـ"أبي الاستقلال" الرئيس بشارة الخوري. وفي المقابل كانت الدول الاستعمارية، التي فقدت الكثير من هيبتها ومواقعها العسكرية والسياسية بفضل حركات التحرر الوطني العربية، تعمل المستحيل لاستعادة تلك المواقع عبر الاتفاقات الثنائية والاحلاف العسكرية. وقد استغلت تلك الدول، التي تتاجر بالدمقراطية في بلدانها، فساد السلطة اللبنانية، لتأييد التجديد للرئيس بشارة الخوري، مقابل الحصول على "تسهيلات" مخابراتية واقتصادية وسياسية وعسكرية في لبنان. فكان من الطبيعي ان يرتبط النضال ضد الفساد (ولتحقيق الاصلاح) وضد التجديد (ولاجل صيانة وتطوير الدمقراطية) بالنضال التحرري الوطني ذي البعد القومي العربي، ولمنع تحويل لبنان الى قاعدة عسكرية، خصوصا بحرية، للدول الاستعمارية، والى "ماخورة" لجنودها وجواسيسها (من وجهة نظر "كيانية لبنانية!"، "كتائبية" مثلا، كان في ذلك منتهى "الوطنية" والفائدة والمصلحة للبنان، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، حيث ان تحويل لبنان الى "ماخورة" يمكن ان يدر عليه مئات ملايين الدولارات سنويا وربما شهريا). وحينذاك كتب كمال جنبلاط افتتاحيته الشهيرة في جريدة الحزب التقدمي الاشتراكي، في ايار 1952، بعنوان "جاء بهم الاجنبي، فليذهب بهم الشعب"، التي كانت بمثابة الشرارة التي اطلقت الانتفاضة الشعبية السلمية ضد عهد بشارة الخوري، الذي اضطر للاستقالة. وطويت صفحة امكانية تحويل لبنان الى قاعدة عسكرية اجنبية. ولكن، ومن ضمن الحسابات الكيانية الطائفية، جاء الى الحكم كميل شمعون (العميل الانكليزي القديم، الذي كان يسمى "فتى العروبة الأغر!" لا لشيء الا لانه كان ضد الفرنسيين، لصالح اسياده الانكليز). وللاسف ان كمال جنبلاط ارتكب خطأ تأييد مجيء شمعون الى الرئاسة، وكذلك أيده النظام الناصري الجديد في مصر، وطبعا النظام الدكتاتوري العميل (الشيشكلي) في سوريا.
2ـ وبظهور انحراف عهد كميل شمعون، ولا سيما بعد العدوان الثلاثي على مصر في 1956، اندفع كميل شمعون نحو ضم لبنان الى المعسكر الغربي المعادي لحركة التحرر العربية، فأيد "مشروع ايزنهاور" صاحب نظرية "ملء الفراغ" شرقي قناة السويس، كما ايد "حلف بغداد". ولكن في المقابل، تصاعدت موجة الوطنية والقومية العربية في لبنان بشكل لا مثيل له في السابق، ولا سيما في مواجهة المخاطر التي تعرضت لها سوريا والتهديدات التركية ضدها في 1957، ثم بعد قيام الوحدة العربية الاولى ونشوء "الجمهورية العربية المتحدة" في شباط 1958. وقد اتجه كميل شمعون للتجديد لعهده، بدعم من الدول الاستعمارية، لمواجهة تلك الموجة وكسرها. وقامت الانتفاضة الشعبية المسلحة في لبنان سنة 1958، على قاعدة معارضة التجديد لكميل شمعون ومعارضة ضم لبنان الى "حلف بغداد"، الذي استنجد به كميل شمعون. ولا يمكن ان ننسى ان حكم نوري السعيد في العراق هيأ قوة من الجيش العراقي لتوجيهها الى لبنان لضرب الانتفاضة الشعبية فيه. وهذه القوة بالذات هي التي قامت بانقلاب او ثورة 14 تموز 1958 في العراق، بقيادة عبدالكريم قاسم. وحينذاك قام الانكليز بعملية انزال عسكري في الاردن، كما نزل الاسطول السادس الاميركي في لبنان، من جهة، لمواجهة تطورات الاحداث في العراق، ومن جهة ثانية لـ"وضع سقف" للانتفاضة الشعبية المسلحة في لبنان، كي لا تخرج عن الاطار الكياني او القطري. وقد اضطر كميل شمعون للتخلي عن التجديد، وتمت تسوية اميركية ـ ناصرية، جاء على اثرها الجنرال فؤاد شهاب، قائد الجيش، رئيسا للجمهورية، وعقد الاجتماع الشهير بينه وبين عبدالناصر في خيمة رمزية نصبت على الحدود تماما، بحيث جلس فؤاد شهاب على كرسي في الارض "اللبنانية" وجلس عبدالناصر على كرسي في الارض "السورية" (الاقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة حينذاك. ولا ندري كيف تم التمييز بين "الارضين"، ربما رائحة التراب "هنا" و"هناك" تختلف!) وتم الاتفاق بين الزعيمين على ان يؤيد لبنان السياسة "العربية" (المنسقة والمضبوطة اميركيا) للجمهورية العربية المتحدة، مقابل ان تحترم الجمهورية العربية المتحدة الكيان والاستقلال اللبناني. ويعني ذلك عمليا "عربنة" الالتزام الوطني اللبناني بأي قضية عربية، اي نزع الطابع التحرري الشعبي، الحر وذاتي الحركة، عن هذا الالتزام، وجعله، على غرار الدول العربية الاخرى، لا سيما "التقدمية!" و"المتحررة!"، يمر الزاميا عبر قرارات "القيادات الخالدة" وادوات واجهزة الدولة البيرقراطية والدكتاتورية، التي كانت تنسق مع الاميركيين لـ"ملء الفراغ" حسب نظرية ايزنهاور (وقد رأينا صورة عن هذا "الملء الفراغ" في العراق، بقيام انقلاب شباط 1963 في العراق، و"اعدام" عبدالكريم قاسم وتنظيم "حمام دم" حقيقي ضد الشيوعيين والدمقراطيين الاخرين والمجيء بالبعثيين المنحرفين الى السلطة في "قطار اميركي" حسب تعبير البعثي القديم علي صالح السعدي). اما لبنان فاصبح في العهد "الاصلاحي" و"العصري" للجنرال شهاب مزارا دائما للاسطول السادس الاميركي، واصبح جهاز "المكتب الثاني" الحاكم بأمره في لبنان.
3 ـ قبل 1965، كانت الدول الاستعمارية، وعلى رأسها اميركا، والصهيونية العالمية واسرائيل، على ثقة تامة بأن القضية الفلسطينية محكومة بالموت بعامل مرور الزمن، ولا سيما بعد انحراف الحركات الوطنية العربية التي وصلت الى السلطة، بدءا من مصر، واستغراقها في الشؤون القطرية، ولا سيما مكاسب السلطة، التي لاجلها تحولت القوى الوطنية الحاكمة ذاتها الى قوى متسلطة دكتاتورية ودموية وفاسدة، رمت وراء ظهرها وداست بالاقدام القضية القومية، ولا سيما القضية الفلسطينية. كما فقدت المعارضات العربية التزاماتها القومية وتحولت الى معارضة للسلطة القطرية ليس الا، بصرف النظر عن احقية مطالبها الدمقراطية. بحيث وضعت القضايا القومية، وفي طليعتها قضية فلسطين، على الرف عمليا، واصبحت فلسطين اسكندرون ثان او اندلس ثانية، بالكاد تذكر في الادبيات السياسية للمعارضة، واذا ذكرت فبدون اي حراك نضالي فعلي على الارض.
وبعد انطلاق المقاومة الفلسطينية في 1/1/1965، وبصرف النظر عن "مرجعيات" بعض مؤسسيها وغاياتهم، شنت ضدها حملة شعواء من قبل النظام الدكتاتوري الناصري واتباعه، ومن قبل غيره من انظمة الحكم العربية، بوصفها ـ اي المقاومة ـ مغامرة واعمال "تخريب" تورط الجيوش العربية النظامية الخ.الخ. ويمكن، على هذا الصعيد، مراجعة كتابات الماسوني محمد حسنين هيكل في تلك الفترة، وكذلك ـ للاسف ـ كتابات "الناصري المضلل" الشهيد غسان كنفاني في الفترة نفسها. ولكن بعد الهزيمة المخزية للجيوش المصرية والسورية والاردنية، ومن ورائها جميع الدول "السايكس ـ بيكوية" العربية، في الست ساعات الاولى من حرب الستة ايام في 5 حزيران 1967، تحطمت الحواجز النفسية والسياسية والامنية امام انطلاقة المقاومة الفلسطينية، التي توسعت كالنار في الهشيم، لأن الجماهير الفلسطينية والعربية عامة وجدت بالتجربة ان ستراتيجية حرب التحرير الشعبية، هي: عسكريا وسياسيا، الطريق الانسب لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي، ولجمع الكلمة العربية، شعبيا ورسميا، بما يتجاوز حواجز "سايكس ـ بيكو". وبالرغم من "الاسلاموية" المبطنة و"القطرية" المفرطة والمشبوهة للقيادة البرجوازية الفتحاوية، سرعان ما تحولت المقاومة الشعبية المسلحة ضد اسرائيل الى ظاهرة شعبية عربية واسعة النطاق، لا فلسطينية فقط. وبطبيعة الحال، بدأت الارض تميد من تحت اقدام الانظمة "السايكس ـ بيكوية" العربية، في معادلة طردية مع تنامي المقاومة الشعبية الفلسطينية والعربية ضد الاحتلال الصهيوني. وجاء وقت، ورغم ارادة الانظمة، كانت فيه الحدود مفتوحة للعمليات الفدائية من شاطئ الناقورة في لبنان الى شاطئ العقبة في الاردن، واصبحت قواعد الفدائيين مراكز استقطاب للكوادر الثورية والشباب الثوار من كافة الاقطار العربية. وطبعا ان الانظمة "السايكس ـ بيكوية" لم "تنم على ضيم". وبدأت المحاولات المحمومة لاعادة مارد المقاومة الشعبية الفلسطينية والعربية الى القمقم. ولهذه الغاية لجأت الانظمة الى اكثر من "تاكتيك" ومنها:
اولا ـ رفعت الانظمة، بلسان ملك الاردن السابق حسين بن طلال، شعار "كلنا فدائيون"، بهدف احتواء المقاومة سياسيا وماليا وعسكريا الخ، والعمل للتأثير عليها وحرفها والهيمنة عليها "بالحسنى".
ثانيا ـ بدأ اللعب على التناقضات العشائرية والقطرية والدينية والمذهبية، لشق الصفوف وتخريب المقاومة من الداخل، وعزلها عن قطاعات جماهيرية واسعة، وتبرير القمع المنظم.
ثالثا ـ بدأت عمليات السيطرة على المقاومة تحت اسم التنسيق مع الجيوش النظامية. وقد نجح هذا الاسلوب بشكل خاص في سوريا، بفضل المزاوجة بين القمع، و"الشراء" والاستزلام، والديماغوجية "القومية" للجناح العسكري البعثي، المرتبط اميركيا.
رابعا ـ بدأ القمع الدموي، وطبق هذا الاسلوب بشكل خاص في الاردن ولبنان، حيث كان النظام ضعيفا. وقد رأينا، اثناء مجزرة ايلول الاسود في الاردن، كيف اجتمعت الدول العربية (بما في ذلك "القائد القومي العربي الاعظم" جمال عبدالناصر حسين، والنظامان "البعثيان" العراقي والسوري) للموافقة على ابعاد المقاومة من الاردن الى لبنان "الضعيف". ثم رأينا كيف تضافرت الجهود العربية "الشقيقة" والدولية الصديقة لاشعال الحرب في لبنان، بهدف خنق المقاومة وذبحها وفك التلاحم الكفاحي الوطني اللبناني ـ الفلسطيني. وبلغت هذه المؤامرة اوجها في التفويض "العربي" ـ الاميركي للنظام السوري للدخول الى لبنان وسحق وتدجين المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية المتلاحمة معها. وحينما عجزت قوة النظام السوري عن انجاز المطلوب منه، تم استقدام شارون، وانزال القوات متعددة الجنسية للغاية نفسها.
خامسا ـ قطرنة المقاومة واعادتها الى الاطار الفلسطيني الضيق، لاضعاف الشعب الفلسطيني وعزله. وبلغ هذا التاكتيك اوجه في "اتفاقات اوسلو" المشؤومة، التي لا تزيد اهميتها عن اهمية "ورقة نعوة" للقضية الفلسطينية الاساسية تحمل عنوان "الحقوق المشروعة" للشعب الفلسطيني، التي تنطلق (هذه "الحقوق") من الاعتراف باسرائيل.
ولكن بعد احتلال بيروت من قبل قوات شارون، وتنظيم "زفة" اخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، ارتكبت الادارة الاميركية "خطأ فادحا" في انها، ارضاء للعنجهية قصيرة النظر لشارون، فرضت على النظام السوري ايضا اخراج قواته من بيروت، مستغنية عن خدماته، وفي المقابل لم تفرض على اسرائيل الخروج من لبنان، بعد تحقيق الهدف المعلن لحرب 1982 وهو اجلاء قوات منظمة التحرير الفلسطينية. فكانت النتيجة: ظهور المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي، الامر الذي شكل انقلابا تاما في مسار الاحداث، اذ اكد الطابع الشعبي، لا الرسمي وحسب، والطابع القومي العربي، لا الفلسطيني وحسب، للصراع مع اسرائيل. فاضطرت اسرائيل للانسحاب من بيروت، ومن الجبل، خصوصا بعد هزيمة طابورها الخامس في الجبل في معركة 83ـ1985، ثم من صيدا وجوارها. واحتفظت بما سمته "الشريط الامني" في جنوب لبنان والبقاع الغربي. ولكن المقاومة الوطنية اللبنانية استمرت واشتد ساعدها، ونشأ خطر جدي بأن تفتح صفوفها وتتحول الى مقاومة شعبية عربية واسعة النطاق، تمتد اول ما تمتد الى الجولان السوري. فوجدت الادارة الاميركية نفسها مضطرة من جديد للاستنجاد بـ"حليفها السري" واحتياطها الستراتيجي: النظام الدكتاتوري السوري. فعاود هذا النظام، ومعه تفويض اميركي جديد، الدخول الى بيروت من جديد في شباط 1987، بحجة منع الصدامات الداخلية التي كان يفتعلها عملاء اميركا واسرائيل والنظام السوري بالذات. واذا كانت مهمة النظام السوري في لبنان، قبل ذلك، هي فك التلاحم الكفاحي الوطني اللبناني ـ الفلسطيني، وتحجيم وتقزيم المقاومة الفلسطينية وتأديب و"ضبضبة" الحركة الوطنية اللبنانية، فإن مهمته في المرحلة الثانية كانت تتحدد في احتواء المقاومة الوطنية اللبنانية ثم شلها والقضاء عليها. ولكن امام استحالة تحقيق هذا الهدف، بفعل اندفاعة الجماهير الشعبية اللبنانية لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي، فإن النظام الدكتاتوري السوري، وبالتعاون مع النظام الطائفي الايراني، استطاع تحقيق نصف الهدف المطلوب منه، وهو القضاء على المقاومة الوطنية اللبنانية بصفتها السياسية، الوطنية والقومية، الجامعة، وتقليصها الى حدود مقاومة وطنية ذات طابع طائفي (شيعي) ضيق، مما يسهل عزلها والسيطرة عليها وتطويعها لاحقا.
والان، نحن امام المرحلة الثالثة من الصفقة الاميركية ـ السورية. والهدف الستراتيجي للادارة الاميركية، بالتعوان مع النظام السوري، في هذه المرحلة، هو تدجين "حزب الله" (كمقاومة)، وقصر دوره على اللعبة السياسية الداخلية اللبنانية، بوصفه قوة طائفية شيعية ليس الا. ولهذه الغاية تم ويتم ما يلي:
أ ـ ازاحة رفيق الحريري، لاضعاف المكانة الكيانية للطائفية السنية في التركيبة اللبنانية، وافساح المجال لاعطاء دور "مغر" اكبر للطائفية الشيعية، بقيادة "حزب الله"، في الكيانية اللبنانية.
ب ـ اشراك وإغراق "حزب الله"، الحليف الرئيسي للنظام الدكتاتوري السوري، في الحياة السياسية اللبنانية، بوصفه لا "القوة الطائفية الشيعية" وحسب، بل والقوة الطائفية الرئيسية "الاسلامية" ايضا.
ج ـ استرجاع السمسار الاميركي ميشال عون الى لبنان، في صفقة اميركية ـ سورية ـ لحودية، وتقويض الدور المرجعي للبطريركية المارونية، وتحويل عون الى "الزعيم المسيحي" الاول في لبنان.
د ـ جمع الجنرال ميشال عون والسيد حسن نصرالله، بوصفهما الزعيمين "الوفاقيين" المسيحي ـ الماروني والمسلم ـ الشيعي الابرز، تمهيدا لتوليد "الجمهورية اللبنانية الثالثة"، بمباركة اميركية ـ سورية، وتأييد وتمويل ايراني.
هـ ـ الاستقالة "الوفاقية" لاميل لحود، والمجيء بالجنرال ميشال عون كرئيس دكتاتوري "سيادي" و"اصلاحي" جديد لـ"الجمهورية اللبنانية الثالثة"، بوصفه "جنرال شهاب" جديدا.
و ـ تعزيز "السيادة" اللبنانية بترسيم الحدود بين سوريا ولبنان، على طريقة اجتماع عبدالناصر ـ شهاب على الحدود السورية ـ اللبنانية في 1958.
ز ـ حل مشكلة مزارع شبعا دبلوماسيا وإلغاء حجة وجود "المقاومة" من وجهة النظر الكيانية اللبنانية "السايكس ـ بيكوية"، والتطبيق الطوعي للقرار 1559، ليس بنزع سلاح "حزب الله" بل بـ"شرعنة" وتكريس وجوده عن طريق احتواء جناحه العسكري (اي "المقاومة الاسلامية") في اطار الجيش اللبناني، والالتزام بمعاهدة الهدنة مع اسرائيل، وبالتالي "ضبط الحدود" ومنع التعديات المتبادلة بين لبنان واسرائيل، اي عمليا فك ارتباط "المقاومة الاسلامية" مع القضية القومية (الفلسطينية)، وتحويل قوات "المقاومة الاسلامية"، الى جانب الجيش، الى حرس حدود للبنان ، من جهة، ولاسرائيل، من جهة ثانية.
ح ـ وضع مختلف القوى السياسية والطائفية اللبنانية الاخرى امام الامر الواقع، و"إخراس" كل معترض على هذا السيناريو، بالتعاون بين الاجهزة الاميركية والاسرائيلية والسورية وعملائها "اللبنانيين" و"الاسلاميين".
ولا يكاد يخفى الدور المركزي للنظام الدكتاتوري السوري في اخراج وتحقيق هذا السيناريو، الذي يمثل لحمة وسدى الطور الجديد للصفقة الاميركية ـ السورية حول لبنان، الهادفة الى فك ارتباط الجماهير الشعبية اللبنانية بالقضية القومية العربية المركزية، اي قضية الصراع ضد اسرائيل، و"عربنة" المشاركة اللبنانية في هذا الصراع، اي اخضاعها للسقف الذي تلتزم به انظمة سايكس ـ بيكو، وعلى رأسها نظام وعد بلفور، اي اسرائيل.
لقد سبق للنظام البعثي المزيف، بطبعتيه العراقية (الصدامية)، والسورية (الاسدية)، ان غزا الكويت ولبنان، لتمرير المؤامرات الاميركية، باسم "العروبة" المزيفة والدكتاتورية، المعادية لمصلحة الامة العربية، وفي مقدمتها مصلحة الشعبين ـ الضحيتين: العراقي والسوري. وها ان النظام الدكتاتوري السوري يثبت الان التزامه بالقرار 1559، وبما يسمى "الشرعية" الدولية التي داسها طويلا بالاقدام، ويجنح الى الموافقة على ترسيم الحدود مع لبنان وتبادل السفارات معه، وذلك بالضد من كل شعاراته "العروبية" الكاذبة، وذلك من اجل:
اولا ـ تأكيد "وفاءه" وعمالته لاميركا، بالرغم من كل الضجيج الاميركي الفارغ ضد سوريا، الذي لا يعدو كونه عملية ذرا للرماد في العيون.
ثانيا ـ تأكيد التزامه باتفاقية سايكس ـ بيكو وحجرها الاساس: وعد بلفور.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ* كاتب لبناني مستقل مقيم في بلغاريا



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانقلاب الكياني في التركيبة اللبنانية
- من هم المرتدون الذين سيحاكمون لينين؟ كريم مروة واصحابه نموذج ...
- النظام الدولي المختل والدور التاريخي العتيد للمثلث الشرقي ال ...
- رد الى صديق كردي
- المحكمة الدولية ضرورة وطنية لبنانية وضمانة اولا لحزب الله
- المخاطر الحقيقية للوصاية على لبنان والمسؤولية الوطنية الاساس ...
- حزب الله: الهدف الاخير للخطة -الشيطانية- لتدمير لبنان
- ؛؛الوفاق الوطني؛؛ اللبناني ... الى أين؟؟
- ماذا يراد من لبنان الجديد في الشرق الاوسط الكبير الاميرك ...
- -الفأر الميت- للمعارضة السورية
- العالم العربي والاسلامي ودعوة ديميتروف لاقامة الجبهة الموحدة ...
- هل تنجح خطة فرض تركيا وصيا اميركيا على البلاد العربية انطلاق ...
- الحرب الباردة مستمرة بأشكال جديدة بين -الامبراطورية- الروسية ...
- حرب الافيون العالمية الاولى في القرن 21: محاولة السيطرة على ...
- هل يجري تحضير لبنان لحكم دكتاتوري -منقذ!-؟
- أسئلة عبثية في مسرح اللامعقول
- الجنبلاطية والحزب التقدمي الاشتراكي
- وليد جنبلاط: الرقم الاصعب في المعادلة اللبنانية الصعبة
- القيادة الوطنية الجنبلاطية والنظام الدكتاتوري السوري
- القضية الارمنية


المزيد.....




- -صدق-.. تداول فيديو تنبؤات ميشال حايك عن إيران وإسرائيل
- تحذيرات في الأردن من موجة غبار قادمة من مصر
- الدنمارك تكرم كاتبتها الشهيرة بنصب برونزي في يوم ميلادها
- عام على الحرب في السودان.. -20 ألف سوداني ينزحون من بيوتهم ك ...
- خشية حدوث تسونامي.. السلطات الإندونيسية تجلي آلاف السكان وتغ ...
- متحدث باسم الخارجية الأمريكية يتهرب من الرد على سؤال حول -أك ...
- تركيا توجه تحذيرا إلى رعاياها في لبنان
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (3).. القواعد الأمريكية
- إيلون ماسك يعلق على الهجوم على مؤسس -تليغرام- في سان فرانسيس ...
- بوتين يوبخ مسؤولا وصف الرافضين للإجلاء من مناطق الفيضانات بـ ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جورج حداد - الصفقة الاميركية السورية الجديدة: اعادة انتاج -سايكس بيكو- و-وعد بلفور- ...لبنانيا