أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضا لاغة - دقائق متكاسلة














المزيد.....

دقائق متكاسلة


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 5841 - 2018 / 4 / 10 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


كانت نظرته هادئة منسابة تفحص مكامن الجسر البديع الذي يتفتّح ضمن منعرج سحري معانقا الأرض. ابتسم ، تمتم ، يا له من بساط يعجّ بعشّاق يتسلّون بحبّات الحلم.اتّخذ مجلسه قبالته. قال له بنبرة خافتة وهو يستقرأ ملامح وجهه المنعكس على إيقاع ضوء المساء.
ــــــ أنا أبغض من يلاحقني
الزائر: ويحك ، جئت لأطمئنّ عليك.
ــــــــ ألم تك تدري؟
الزائر وقد بدا يلوح في وجهه الضيق: لقد حدث كل شيء بسرعة فائقة و لهفتك ، أجل لهفتك الهامسة بعناق انتشائي لوطن صفعك كتيّار كهربائيّ ، وطن جعلك كطائر وجد عشّه بعد ضياع.
ــــــــ و دمي الملوّث؟
الزائر: مجرّد كابوس
ـــــــ ما الذي أتى بك؟
الزائر: يجب أن تعلم أنك منحت ما كنت ترغب فيه.
ـــــــ كم تتقاضى؟
الزائر: لم أفهم.
ــــــ أقصد هل تقبل أن تتفسّخ هويّتك بمقابل؟
الزائر: سبق لي أن سئلت هذا السؤال ، وهو ما جعلني أتساءل أنا نفسي . لقد تعوّدت على مثل هذا الحوار الداخلي و صرت قادرا على التعايش مع هذا النقيض الذي يقتحمني من الداخل. هل تدري ؟ ليس دائما يمكن للمرء أن يواجه مثل هذه المواقف . ومن منّا لا يحتضن ذاته ملهوفا، متشبّثا بها في عناد ، كان يجب عليك أن تجتاز هذه التجربة ، أن تطوف بوجهك بحثا عن ذاتك الضائعة . ألا توافقني الرأي ، أنت تلحقها و ليست هي من تلحق بك؟
ظلّ ينظر إليه صامتا حتى امتلأت عينا الزائر قلقا.
ــــــــ لم تجبني عن سؤالي، كم تتقاضى؟
تنهّد و قد غشيته كآبة عابرة ثم قال: هلا حاولت أن تقتلع وطنك و تفرّ به؟
يطيل النظر من الشرفة: عطر الأوطان في جوف التراب، في الذاكرة.
الزائر: بما أنّك أنت من يقول هذا، فأنت إذن تعرف.
ارتسمت عليه ابتسامة كتمت ملامحها و تساءل قائلا: أعرف ماذا؟
الزائر: ما جدوى هذه المراوغة ، هل أبدو لك رجلا خسيسا يتخبّط في مستنقع من الوحل ؟ يا لقلبك الصريح رغم خروجك من رحم تنظيم سري تلميحاتك تنزلق مثل دوامة عاتية.
ـــــــ ويبقى أناي القديم مهيمنا، أتظن ذلك ممكنا ؟ يا للخسران ، لقد اختلستم مني ذاتي المرجعية التي تلاشت في ذرات التيه بوتيرة تمعن في المواجهة والاستكشاف. يا لكآبتي .
خطى الزائر خطوتين نحو الباب يهم بالخروج.
ـــــــــ إلى أين؟
أغرق في الصمت و هو يتطلع إلى وجهه: ليس لي ما أقول ،
ــــــ لم جئت إذن؟
الزائر: وجدت دافعا من أعماقي يدعوني إلى تأدية واجب التعزية.
هزّ كتفيه باستهانة قائلا: هل تغرّر بي؟
الزائر: آه ، لم يعد لذلك أي معنى.
يطأطئ رأسه ، ظل يفكر لبرهة طويلة ثم قال: يا لك من وقح؟
الزائر وهو يتجنب النظر إليه: ورغم ذلك سنلتقي... نحن زملاء في الشغل مستر دافيد . بإذنك.
الساعات القادمة، آه منها، من المحتمل أن تكون مرّة ومحيّرة. هكذا قيل لي: إن أهم ما يجب أن تتحلى به شخصيتك الجديدة هو اتقان الأدوار المزدوجة. أما الآن انطلق وعانق الحياة، واستنشق نسائم الحرية وفي ذروة انغماسك احذر من الزلل. الخطأ ممنوع، لأنه قد يكلفك حياتك. تحرك في الأماكن الرحيبة واجعل محدثك يعشق صوتك، يفتش عنك. اجعل دقات قلبه تختلّ كلما وجدك وظفر بلقياك.



#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كش مات ... حكومة يوسف الشاهد و شهوة المتناقضات في فلك الاتحا ...
- المشهد السابع ، رواية ريح من داعش
- المشهد السادس ، رواية ريح من داعش
- المشهد الخامس ، رواية ريح من داعش
- المشهد الرابع، رواية ريح من داعش
- المشهد الثالث ، رواية ريح من داعش
- المشهد الثاني من رواية ريح من داعش
- المشهد الأول - رواية ريح من داعش-
- في مئوية عبد الناصر، هل الناصرية ماض نبكي على أطلاله أم مشرو ...
- ديمقراطية في عصر الكوسموبوليتيكا
- العولمة و انشطار مفهوم السيادة
- مكانة عصمت سيف الدولة في بلورة فهم تقدمي للفكر القومي
- حين تكون قوميا تقدميا
- استقالة محسن مرزوق : صناعة التحولات و كسر النموذج المقفل لحز ...
- رمال القحط
- معقولية خطاب غير خلاّق
- رسالة مفتوحة إلى فخامة رئيس الجمهورية التونسية
- القمع الفتّاك للفكر
- صرخة في مشهد
- ناخب فطن يبوح بأسرار عميقة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضا لاغة - دقائق متكاسلة