أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - هل تكفي النصوص المقدسة لمعالجة مشاكل دولة الولاية؟ 3 – 3















المزيد.....

هل تكفي النصوص المقدسة لمعالجة مشاكل دولة الولاية؟ 3 – 3


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1488 - 2006 / 3 / 13 - 10:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طرحت فكرة جعل منصب ولي الفقيه في ايران منصبا منتخبا من قبل الشعب الايراني منذ عام 1997 حينما وطأت قدم الاصلاحيين الرئاسة والحكم، وذلك بعدما لمسوا البون الفكري والعملي والسلطوي الشاسع بين سلطة منتخبة لا تملك الصلاحيات (منصب الرئاسة) وسلطة غير منتخبة بالاقتراع الشعبي المباشر لكنها تملك جميع الصلاحيات (الولي الفقيه). فحينما أراد الاصلاحيون تنفيذ اصلاحاتهم في الساحة المحلية كان المتشددون والمحافظون لهم بالمرصاد حيث استغلوا السلطة الخاصة بالشخصية المهيمنة على جميع السلطات لعرقلة مشاريعهم، وهو الامر الذي دفع الاصلاحيين إلى المطالبة بجعل منصب ولاية الفقيه انتخابيا بموازاة انتخاب الرئيس محمد خاتمي وذلك بغية الاتيان بولي فقيه إصلاحي وشعبي يمكن من خلاله تمرير المشروع الاصلاحي.

وكان آية الله منتظري نائب المرشد السابق هو الشخصية الأبرز للعب هذا الدور الجديد، رغم إقصائه من منصبه بعد انتهاء الحرب مع ايران ووفاة الامام الخميني، ثم عزله عن الحياة السياسية بسبب رؤاه المتجددة حول نظرية "ولاية الفقيه" وذلك لسد الطريق امام اي دور تغييري مؤثر يتبناه ويتماشى مع طموحات الفريق المضاد لجناح المحافظين والمتشددين والمسمى سابقا باليسار الديني والذي تغير مسماه بعد وصول خاتمي الى سدة الرئاسة وسمي بالتيار الاصلاحي.

فمنتظري الذي يتبنى نظرية جديدة في الولاية تعارض ان يكون ولي الفقيه فوق القانون كما تعارض تدخله في جميع المسائل والقضايا من دون أي مساءلة أو حساب، يؤكد بان ذلك "يعتبر في عرف الشرع والعالم هو الاستبداد بعينه وان الاصرار على ذلك سيؤدي الى ان تزول ارضية اشراف الفقيه على كيفية ادارة الدولة".. منتظري هذا لم يستطع ان يتحول الى اب روحي للتيار الاصلاحي مما اضعف مسعى الاصلاحيين في جعل منصب ولي الفقيه منتخبا، كما اضعف دورهم الساعي الى تقليص حدود الولي في المشروع السياسي أو مشروع الحكم والدولة. إثر ذلك اتهم المحافظون والمتشددون خصومهم الاصلاحيين بانهم لم يكونوا يهدفوا إلى إصلاح منصب ولي الفقيه وجعله انتخابيا بل كانت تلك مرحلة أولية وانهم كانوا يخططون لهدف بعيد يتمثل في الانقلاب على نظام ولاية الفقيه ونسفه برمته وتغييره إلى نظام آخر وهو ما جعلهم يشنون حملة شعواء ضدهم.

وكان المراقبون يعتقدون بان وجهة الاصلاحيين كانت تسير باتجاه إحداث تحول كبير في نظام ولاية الفقيه، وان جناحا بارزا في هذا التيار كان يتجه نحو تبني النظام الديموقراطي بديلا لنظام "ولاية الفقيه" لكن من دون التخلي عن الدين كواجهة اخلاقية للنظام، في حين يعتبر نظام "ولاية الفقيه" دستوريا وليس ديموقراطيا.

وعلى هذا الأساس تخوف الجناح المعتدل في المحافظين، والذي كان ميّالا إلى التحاور مع الاصلاحيين ولم يكن يحبذ سياسة الاقصاء التي مارسها المتشددون، من ان مشروع الدولة الديموقراطية في ظل تبني الجانب الاخلاقي للدين من شأنه ان يقوي قاعدة الحريات في المجتمع التي بدورها ستدفع الى مزيد مما يسمى "بالتحلل الاخلاقي". ووفق نتائج اكثر من عقدين من نظام "ولاية الفقيه" والحكم الفقهي فقد ثبت ان ايران واجهت انواعا عديدة من هذا التحلل لا لسبب إلا لوجود نظام صارم من المراقبة على الحريات العامة والشخصية.

فوفق ارقام رسمية نشرت عام 2000 بشأن نسبة الالتزام الديني لدى الطلاب والشباب (وهي الفئة التي تمثل اكثرية الشعب الايراني وأهمها) فيما يتعلق بأداء االصلاة والاباحية الجنسية والادمان على المخدارات، اشارت الارقام الى تراجع نسبة الالتزام الديني اذ تجاوزت نسبة غير المصلين الثمانين في المائة وبلغت نسبة المدمنين على المخدرات العشرين في المائة وتجاوزت نسبة الاباحية الجنسية الستين في المائة. وتأتي تلك الارقام في ضوء بذل السلطة والحكومة في ايران عناية فائقة في اعداد برامج دينية للأطفال منذ نشوئهم في المدارس الابتدائية وفي ظل كم الدعاية الدينية الكبير لحض الشعب على المشاركة في المناسبات الدينية ولابراز دور النظام الاسلامي في الدفاع عن القيم الاخلاقية. والسؤال هو: لماذا ظهرت هذه الارقام المرعبة؟ أو بعبارة أخرى لماذا اخفق النظام في رفع مستوى الالتزام الديني والاخلاقي لدى الشباب؟.

ان اهم سبب يرتبط بذلك الاخفاق يتعلق بتراجع دور المفاهيم الحديثة الحاثة على تطور الرؤى الأخلاقية في المجتمع، وهي مفاهيم لا يمكن لأي مجتمع حديث ان يعيش من دونها، ويأتي على رأسها الحرية والتعددية واحترام حقوق الانسان. فوفق مفهوم الحرية يستطيع الدين ان يكون معينا في الدفع بالمفاهيم الاخلاقية، وفي مقابل ذلك، أي في ظل الاستبداد، لا يمكن إلا أن نقطف التشدد والتعصب والتراجع الاخلاقي والقيمي. فالعديد من المفسرين يعزون قسطا كبيرا من عوامل التحلل الاخلاقي والديني الى بعض اساليب العنف التي تتبعها السلطة في ايران ضد معارضيها ومنتقديها وخاصة ضد فئة الشباب ردا على سياسات رجال الدين وأخطائهم. فالعديد من الشباب وغيرهم اعلنوا ارتدادهم عن الدين الاسلامي أو تركوا الصلاة تحديا للسلطة الدينية المناهضة لهم ولتطلعاتهم في الحرية والتعددية، تماما كما يقوم بعض المعارضين للأنظمة غير الدينية المستبدة بتحديها في التظاهر بمظاهر الدين كارتياد المساجد وارتداء الحجاب والنقاب واطلاق اللحى وسماع الاناشيد الدينية، حيث كانت ايران نفسها قد شهدت في العام الأخير من نظام الشاه ثورة شعبية في ارتداء الحجاب ردا على اوامر بضرورة خلع الفتيات للحجاب في المدارس.

وهناك من يعزو حالة الانحلال الخلقي وعدم الالتزام الديني الى الحرب بين العراق وايران التي دمرت اقتصاد البلدين، اضافة الى فشل الخطط الاقتصادية التي اتبعتها حكومات ايرانية عديدة وعجزها عن توفير العمل للعاطلين فضلا عن عدم توفير التأمين الاجتماعي للفقراء. فالارقام الرسمية السالفة الذكر تقول ايضا ان 12 مليون مواطن اي 20 في المائة من الشعب الايراني يعيشون تحت خط الفقر، وان 35 مليون مواطن هم دون العشرين، اي انهم ولدوا في ظل الحرب ووجدوا امامهم المستقبل غامضا مغلقا ولا يؤهلهم لاقامة حياة اجتماعية طبيعية مما يفسر حالة الانحلال الجنسي وتزايد نسبة ما يسمى بـ"الزنى" وانخفاض معدل عمر "الزناة" من 27 سنة إلى 20 سنة.

وقد ذهب البعض في ايران في سبيل المحافظة على الالتزام الاخلاقي والديني، خاصة المحافظة على سمعة ودور رجل الدين في هذا المقام، إلى المطالبة بضرورة تقليص سيطرة رجال الدين على السلطة وانسحابهم من المسؤوليات السياسية والاقتصادية البعيدة اساسا عن اختصاص رجال الدين والاكتفاء بدور المراقبة والوعظ والارشاد والتربية والتوجيه من اجل كسب الشعب والمحافظة على "طهارة" رجال الدين من التلوث في اوحال السياسة وألاعيبها.

فالحركة المناهضة راهنا للمتشددين والمحافظين في ايران تعتقد ان طغيان دور رجال الدين في الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية هو من اسباب اخفاق مشروع الثورة – الدولة وابتعاد الناس عن الدين والاخلاق وبروز الدولة الآيديولوجية والفكر الوصائي الذي بات مهيمنا ووصيا على السياسة العامة للبلاد. وهذا الفكر الوصائي لا يمكن تغييره إلا من خلال إلغاء وصاية الفقهاء ورجال الدين من على النظام وعامة الشعب، والدفع بالدور الارشادي الوعظي لرجال الدين.

يقول ابراهيم يزدي امين عام حركة التحرير الايرانية المعارضة (نهضت آزادي) ان حركته ترفض الفلسفة الاستبدادية لولاية الفقيه وتحتج على القيود التي تفرضها على الشعب، مشيرا الى ان حركته حركة ديموقراطية ترفض – مثلا – النظام الانتخابي الذي يتحتم فيه ان تصادق السلطة على كل مرشح، لافتا الى ان على ايران ان تجد وسيلة لاستيعاب القيم خارج الاسلام "فالجمهورية الاسلامية لا تملك كل الاجابات".

ويشير الفيلسوف الايراني البارز الدكتور عبدالكريم سروش ان "رجال الدين الذين صنعوا الثورة راكدون فكريا"، مضيفا ان "الاسلام اليوم في وضع مقيد ولا اعتقد ان نصوصه المقدسة تكفي لمعالجة المشاكل الراهنة.. انهم سيبترون يدك اذا سرقت الا انهم لا يبلغونك كيف يمكن ان تكون سعيدا وثريا كي لا تسرق".

ويتميز سروش بنقده للمؤسسة الدينية في الحكم وقوله ان موقع افرادها لا يضعهم فوق الانتقاد. لكن الابرز فيما يدعو اليه هو دعوته لقيام حكومة ديموقراطية كاملة سواء كان المجتمع دينيا او غير ديني. فسروش يعتقد بأن المجتمع الديني أو غير الديني لا يحدد الديموقراطية، اي ان الديموقراطية بالنسبة اليه هي نظام بشري عقلي لادارة امور الناس سواء كانوا متدينين أو غير متدينين.

لكن الحاكمية في ايران هي لله، ودور الناس في الحياة العامة ليس سوى دورا ثانويا. فسلطة ولي الفقيه او المرشد تتواجد عبر آلية مدروسة قائمة داخل اطار ضيق للنخبة الفقهية. اي ان سلطة المرشد تفوق سلطة اي مسؤول منتخب حتى لو كان يتمتع بتفويض شعبي كبير، ما يجعل الارادة الشعبية ذات تأثير طفيف في تحديد سياسة البلاد. فالدستور الايراني ليس فيه ما يهدف الى ضمان الممارسة الحرة لحق الاختيار، او تمتع الشعب بالحريات الاساسية، اي إلغاء شرعية الرؤى البديلة لحياة ايران السياسية والاجتماعية والثقافية الراهنة. فهناك قدرة في ايران للسماح بالجدل وتوجيه انتقادات للحكومة والقيادات بما في ذلك ولي الفقيه، الا انه جدل محصور ضمن الحدود الضيقة التي رسمها الدستور والنخبة الفقهية. فليس مسموحا مناقشة الطبيعة الاسلامية للمجتمع أو الطبيعة الايديولوجية للسلطة او ان تثار اسئلة حول النظام السياسي الذي يحكم، ومن يقوم بذلك يعد معاديا للسلطة وايران والاسلام.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني
- هل يمكن إصلاح سلطة مرتبطة بالسماء؟ 2-3
- مجالات الإصلاح في دولة ولاية الفقيه 1-3
- الكاريكاتور.. بين العلمانية الهجومية والعلمانية المعتدلة
- ذكرى عاشوراء.. مناسبة للنقد والسؤال
- هل خسرت الكويت من أزمتها؟
- سياق التسامح والإنسانية في وفاة جابر
- لا مجتمع مدني.. إذن لا تنمية للديموقراطية
- إقصاء المختلف.. رهان الخطاب الديني
- المحبة والتسامح من وجهة النظر الأصولية
- الحاجة ماسة لتيار الإصلاح الديني في الكويت
- الفوضى سياسة البعث من العراق إلى سوريا
- وقت الدبلوماسية.. بين واشنطن وطهران
- إخوان مصر.. هل يستطيعون التعايش مع الديموقراطية؟
- -ديمقراطية- التجمعات الدينية.. هيمنة وإلغاء
- بين صلاح الدين وصدام والزرقاوي.. لم نتعلم الدرس
- ادعاءات.. وافتراءات ضد الديموقراطية
- الاسلام هو الحل
- إلغاء حكم الإعدام.. وحق الاختلاف


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - هل تكفي النصوص المقدسة لمعالجة مشاكل دولة الولاية؟ 3 – 3