أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد هاشم الحبوبي - كمبريدج أنالتيكا في العراق














المزيد.....

كمبريدج أنالتيكا في العراق


احمد هاشم الحبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 5837 - 2018 / 4 / 6 - 16:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


«كمبريدج أنالتيكا» شركة عالمية خاصة مقرها في لندن. أسسها الأمريكيان المحافظانِ ستيف بانون وروبرت ميرسر عام 2013 برأسمال لا يتجاوز خمس وعشرين مليون دولار أمريكي. ولها مكاتب في لندن ونيويورك وواشنطن العاصمة. مارست الشركة أدواراً مهمة في التأثير على آراء الناخبين من خلال استثمار قاعدة معلومات موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك». عمل ستيف بانون في حملة ترامب الانتخابية. وبعد فوز ترامب بالرئاسة عَيَّنَ بانون بمنصب كبير المستشارين الاستراتيجيين. ثم عاد الأخير واستقال من منصبه لاحقاً.

حصلت الشركة، على نحو غير مشروع (وهنا يجب وضع علامتيْ تعجب واستهجان)، على معلومات شخصية تخصّ ما يصل إلى 87 مليونا من مستخدمي فيسبوك أغلبهم في أمريكا. وقامت الشركة بتحليل تلك المعلومات بتقنية عالية لتستخدمها للتأثير على الناخب من خلال التلاعب بمخاوفه ونقاط ضعفه، عبر توليد ملايين رسائل الدعاية السياسية ذات الطابع الشخصي، لإقناع متلقيها بخيارات سياسية بعينها.

الشركة لم تبدأ نشاطها مع الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فقد أظهرت التحقيقات أن «كمبريدج أنالتيكا» شاركت في 44 سباق سياسي في أميركا والأرجنتين وجمهورية التشيك وكينيا والهند ونيجيريا واستراليا والمملكة المتحدة عبر التأثير على تصويت «بريكست» الخاص بانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، والذي لولا الشركة لما ترجَّحَت كفّة الانسحاب. إنّ «كمبريدج أنالتيكا» ليست شركة ربحية تسعى لتعظيم مواردها من خلال تقديم خدمات قذرة، بل هي قوة كبيرة تعمل على تسويق وفرض واقع بعينه على حساب واقع آخر. إنها بكل بساطة تمسخ مفهوم الديمقراطية وتحيل الجماهير إلى قطعان يتم توجيهها حيث يرغب تحالف رأس المال والسلطة.

العراق مقبلٌ على انتخابات نيابية عجيبة، فبعد خمسة عشر عاماً من الفشل الذريع في الأداء الحكومي، ابتكرت الطبقة السياسية ستراتيجية التنافس الانشطاري فيما بينها للاستحواذ على مقاعد مجلس النوّاب وبالتالي استمرار الهيمنة على مستقبل العراق لأربع سنوات قادمة.

أقصد بـ«التنافس الانشطاري» انقسام الكتلة السياسية على نفسها والمشاركة بالانتخابات كمجموعتين متنافستين مع تأكيد مسبق على العودة للعمل سوية بعد الانتخابات، كما في حزب الدعوة الذي انقسم إلى مجموعتي «دولة القانون» و«تحالف النصر». إنّ الخلاف ليس على البرنامج بل على الزعامة فقط، ولأجل إبقاء الناخب ضمن مدار الكتلة (أو الحزب)، فيبقى صوته محتكراً. كذلك الحال في «المجلس الأعلى الإسلامي» الذي انشطر سابقاً الى «كتلة بدر» و«المجلس الأعلى»، لينشطر الأخير إلى «المجلس الأعلى» و«تيار الحكمة».

وقد حصل نفس الشيء في حزب «الاخوان المسلمون»، حيث توزع مرشحوه على عدة قوائم وتحت عناوين مختلفة لغرض إخفاء الهوية الاخوانية التي شابها الفشل حالها حال كل العناوين الإسلامية الأخرى.

الفريق الوحيد التي لم ينشطر ذاتياً هو «التيار الصدري»، إلاّ أنه اختار التحالف مع قوى اليسار ممثلة بالحزب الشيوعي العراقي ذو الصفحة البيضاء في الأداء سواء في الحكومة أو في مجلس النواب، رغم تواضع مشاركته. أما الأكراد فحالهم مضطرب ومشوّش بسبب تداعيات «استفتاء أيلول» الفاشل الذي أطاح بالحزب الديمقراطي الكردستاني من عليائه.

إنّ هذه الستراتيجية الموّحدة التي تتبعها أحزاب السلطة في العراق، ألا وهي ستراتيجية الانشطار الذاتي، ليست أمراً عشوائياً أو طبيعياً، فهذه الكتل والاحزاب لم تتفق يوماً فيما بينها إلا حين يتعلق الأمر بمصالحها الفردية. إنّ الاحزاب المتنافسة مقتنعة أن لا حزب قادر على أن يأكل من جرف الآخر، إضافة لحلف مقدسٍ بين الاخوة الأعداء على ابقاء الإسلاميين في السلطة مهما كلّف ذلك وبغَضِّ النظر عن الفائز منهم.

الظاهرة الثانية البارزة فهي انتشار دعوة «مقاطعة الانتخابات» في موقع «فيسبوك» بالتحديد، رغم أن جميع المتنافسين يناشدون الجماهير بالمشاركة الفاعلة بالانتخابات. لقد ترسخت فكرة «مقاطعة الانتخابات» وصارت خياراً شبه أكيد لدى قطاع عريض من الجماهير الغير مؤدلجة ومن الطبقة الوسطى. أما من هو صاحب هذه الدعوة ومن يسوّقها في «فيسبوك» فهو مجهول.

إنّ الإجابة على هذا السؤال يمكن أن نجدها لدى شركة «كمبريدج أنالتيكا» التي تعتمد ستراتيجية إطلاق عشرات ملايين التعليقات والصور والأفلام في صفحات الأشخاص المُسْتَهْدَفين للتأثير على قراراتهم. وهذا هو بالضبط ما يحصل منذ عدة أشهر. إنها عملية مخُطّطة ومحسوبة؛ ستنكفئ الجماهير المحايدة، فتخلو الساحة للمؤدجلين وسماسرة الأصوات، فالجمهور المؤدلج حسم أمره ويعرف بالضبط ما هو مطلوب.

إنّ سياسيي العراق لا يتورعون عن استخدام أي وسيلة لأجل البقاء في السلطة. وليس صعباً عليهم اللجوء لخدمات «كمبريدج أنالتيكا» أو لشركة شبيهة للتأثير على الجماهير. وستكشف الأيام هذا الأمر.

كثيرون في العراق يطلقون تسمية اللعبة على العملية السياسية. وهي كذلك فعلاً، في العراق وغيره. لقد حولت التكنولوجيا الرقمية العالمَ إلى قرية افتراضية صغيرة حتى صار بإمكان قرصان معلوماتي يجلس في نيويورك التحكم بشبكة كهرباء دبيْ، وشركة عظمى كـ«فيسبوك» تبيع (ببراءة وحسن نيّة!!) جزءاً يسيراً من معلوماتها لشركة أخرى، لتتمكن الأخيرة من التلاعب بمصائر شعوب وأمم. وإذا كان ممكناً تمرير هكذا ستراتيجية في أميركا والمملكة المتحدة، فكيف الحال في الدول التي تفتقر لأنظمة حمائية متطورة ترعى حقوق الفرد وتراقب أداء الاحزاب والحكومة.



#احمد_هاشم_الحبوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدام حسين ونوري المالكي .. تطابق الحصيلة
- دجلة والفرات في الشِّعْرِ العراقي – قصيدة «يا دجلة الخير» لل ...
- السعودية وإيران ... فِيلان في سوق الفخار
- أفول عصر النفط .. قراءة في نبوءة احمد زكي يماني
- إيران تحرق سمعتها
- فتيات «جهاد النكاح» الأوروبيات
- «جهاد النكاح» .. القصة من البداية
- إقليم كردستان يلتهم أراضي العرب السُنّة
- كردستان العراق: أولوية المذهب ام القومية
- غنائم «داعش» وصمود سوريا
- غزوة سامراء..لا شيء تحت السيطرة
- سوريا في «اليوم التالي»
- اغتيال الشيخ محمد سعيد البوطي..استنساخ التجربة العراقية
- صفقة السلاح الكرواتي لمسلحي سوريا
- إيران والسعودية: «ليلى والذئب»
- إسلاميو فلسطين في خضمّ الاشتباك المذهبي
- نوبة الغضب التي فجرت السفارة الإيرانية في بيروت
- أميركا السعودية؛ رؤى متباينة احيانا
- السعودية ودعم الإرهاب بعيون غربية
- الإعلام السعودي ضد عرب «الهلال الشيعي»


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد هاشم الحبوبي - كمبريدج أنالتيكا في العراق