أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوحنا بيداويد - الفلسفة الظاهراتية Phenomenology















المزيد.....

الفلسفة الظاهراتية Phenomenology


يوحنا بيداويد

الحوار المتمدن-العدد: 5836 - 2018 / 4 / 5 - 05:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفلسفة الظاهراتية Phenomenology
مقدمة
تعد الفلسفة الظاهراتية احد اهم المواضيع الفلسفية الحديثة المعقدة (1)، التي ظهرت في بداية القرن العشرين، وضع أسسها الفيلسوف الألماني ادمون هوسيرل(1859-1938) معتمدا على فكرة استاذه الفيلسوف الألماني في علم النفس فرانس برنتانو ((1838-1917 حول مفهوم الوعي.
المعرفة
تنقسم المدارس الفلسفية حول موضوع المعرفة اليقينة الى قسمين(2)، قسم يؤمن بإمكانية وصول الانسان اليها، مثل المدارس الفلسفة العقلية مثل كانط والكانطيين المحدثين والمثاليين (المطران بيركلي وهيجل وفتخة واتباعهم)، واتباع برغسون وأخيرا صاحب النظرية الظاهراتية هوسيرل، اما القسم الآخر الذي ينكر إمكانية وصول الانسان الى المعرفة اليقينة، فهم هيرقليطس وافلاطون ونوسيفان واتباع المدرسة الشكية واتباع النظرية النسبية لآينشتاين.
الظاهراتية بحسب ادموند هوسيرل
كان هدف هوسيرل في بداية ابحاثه الى رفع مكانة الفلسفة من موقع الحدس او التخمين (النظريات) الى مرتبة المعرفة اليقينة، بعيدة عن الشك الذي تأتي به الاحاسيس، أي تصبح حالتها حال العلوم الطبيعية والرياضيات بعيدا عن التأويلات والتكهنات.
كغيرها من المحاولات او الفلسفات او النظريات العلمية نتجت من أفكار الأساتذة الذين سبقوا اصحابها، فاخذ ادموند هوسيرل فكرته من استاذه العالم النفساني فرانز برانتو، حيث كان الأخير يقول " ان الوعي (التفكير) دائما يكون عن موضوع ما (عن شيء ما) سواء كان ذلك الشيء حقيقيا ام من خيال، اي حول (موضوع معين)، سواء كان هذا الشيء موجودا او من خيال صاحبه، وسماه القصدية او النية". وضرب مثلا عن شخص ما يخاف من الاشباح، فخوف الشخص من الاشباح، يصف حالة الشخص (أي الخوف)، والشيء المعني او الموضوع التي اتى في هذا المثل هو (الاشباح)، أي الخوف من الاشباح.

كل هذا كان مذكورا في ابحاث فرانز برانتو، لكن ما أضافه ادمون هوسيرل هو محاولته لمعرفة الحقيقة بصورة أكثر دقة او يقينه، فكان يهدف الى رؤية الحقيقة يصوره مباشرة، على غرار محاولة القديس اوغسطينوس (النظرية الاشراقية) او افلاطون (نظرية المُثل)، دون أي اتكال على المعرفة الحسية او الخبرة السابقة، لان بحسب تحليل الفيلسوف عمانوئيل كانط، ان معرفتنا للحقيقة محدودة الامكانية، ما تستطيع ان تغربله حواسنا. بينما هوسيرل ادعى بان الحقيقة مرتبطة بماهية الشيء، فان عرفنا او اقتربنا من إدراك الشيء بصورة مباشرة، فإننا سوف ندرك ماهيتها ضمنيا او في لحظة انية واحدة (مجموعة كاملة من الصفات التي لا تحتاج الى برهان تجريبي)، اي من غير استذكار او تحضير او اجراء مقارنة بينه وبين قوالب الفكرية التي وضعها كانط (3).
من النتيجة التي توصل اليها برانتو انطلق هوسيرل ليقول ايضا ان قصد او التعين الموجود في الذهن اثناء عملية الوعي(التفكير) يتعلق بالشيء(الموضوع) تعلقا شديدا، ولا يمكن الفصل بينهما، على الرغم من انهما شئين مختلفين لكنهما يظهران معا في الظاهرة الواحدة.
اعتبر هوسيرل هذه النتيجة أكبر انجاز فلسفي وصله فكر الانسان، فراح يدعي بان عمليات الوعي كلها هي عمليات توجيه الذهن او الشعور نحو الشيء (الموضوع) بدون أي تطبيق مادي، (أي بدون أي تفاعل كيميائي او تغير فيزيائي). وإنها في المستقبل تفتح لنا الباب على مصراعه لفهم كل الطرق المختلقة التي يتبعها العقل (الوعي) اثناء عملية التفكير.
استمر هوسيرل بزيادة توضيحاته عن نهج الجديد الي اقترحه، فقال بما معناه (4): " ان هذه النتائج تساعدنا على فهم العمليات الأولى او الاساسية التي تجري في العقل اثناء عملية الوعي بعد ام يتم إزالة كل المظاهر الجانبية المتعلقة بالظاهرة" وهذه ما قصد به الاقتراب من ماهية الشيء او جوهر الشيء. ويؤكد بصورة قاطعة على ضرورة إزالة وقطع أي تفسير لمظهر جانبي او مرافق للظاهرة، لان ذلك يقود الى الشك او اللاتعين او اللايقين للمعرفة او تفسير الظاهرة.
في النهاية وجد هوسيرل نفسه يسير على خطى هنري ديكارت للبحث عن المعرفة اليقينية، ثم راح يطالب بان العلوم يجل ان تنطلق نت نتيجة نظريته أي يجب تأسيس علم جديد غير معتمد على البرهان التجريبي.

الجدير بالذكر الفيلسوف الألماني الاخر الذي اشتغل في حقل الظاهراتية هو مارتن هديجر(1889-1976) الذي قال:" ان نحن ليس لدينا وعي واضح ودقيق عن طبيعة تصرفنا بحسب عاداتنا، وان فكرة الظاهراتية ربما تمتد الى عمليات العقل حينما تكون في شبه الواعي او غير واعية تماما". لهذا يمكن ان يكون هناك تداخل بينها وبين علم السايكولوجي

يعاب على الفينومينولوجيا على انها لا تعطي سوى وصف لظاهرة معينة (المعطى أي الشيء نفسه) دون تحديد وسائل التحقيق من صحة هذا الوصف، فهو يناقض علم المنطق الذي يعتبر مقياس او معيار لتقييم الأفكار، فيقول هوسيرل عنه (6):"ان المنطق ليس علما معياريا وان كان أساسا لمذهب معياري، لكن شأنه شأن كل العلوم النظرية، لا يقول شيئا عما يجب ان يكون او عن الواجب، انما يتحدث عن الوجود فقط)

علاقة الفينومينولوجيا مع المدارس الفلسفية والعلوم الأخرى
كما قلنا هناك صعوبة في إيجاد قاسم مشترك بين الظاهراتية والمدارس الفلسفية القديمة او الحديثة، او حتى مع العلوم الطبيعية، لانها وضعت قطيعة بينها وبين المدارس الفلسفية العقلية في القرن التاسع العشر باستثناء الفلسفة الوجودية، بسبب اختلافها عنهم في تحديد معنى المعرفة، او ابتعادها عن إعطاء شرح لمعنى المعرفة، كما انها أعطت الاسبقية للذاتية قبل الماهية على الفلسفة الوجودية، لهذا تجدها تعارض معارضة شديدة نتائج الفلسفة التجريبية او الحسيون والعقلانيون.
الظاهراتية تدعي ايضا انها تسعى لإعطاء أقرب وأدق وصف للحقيقة لهذا لا تريد الاعتماد على الخبرة الاتية من الحواس، حيث ان الحواس تخطا في نقل الحقيقة. كما قال جاء في مقولة هيرقلطس القديمة التي يقول فيها: "لا تستطيع ان تضع رجلك في النهر مرتين!!"او مبادي المدرسة الشكية التي أتت فيما بعده.

نقد الفلسفة الظاهرات

ان عمل هوسيرل يشبه كعملية تحديد نقطة في فضاء الوعي على غرار التمثيل الديكارتي في علم الهندسة، لهذا يحتاج العقل الواعي دائما الى نقطتين من الاحداثيات او المتغيرات المؤثرة على الانسان كي يحصل وعي او يتم تحديد معلومة.

بعض النقاد لا يضعون فكرة ادمون هوسيرل (الظاهراتية) ضمن المدارس الفلسفية المعروفة سواء الحديثة او القديمة، لعدم وجود لها بنية فلسفية أساسية سوى نقطة واحدة، هي الابتعاد عن الحكم على أي ظاهرة من النظرة الأولى، وكذلك محاولة للبحث سبب ميلان والنزعة القصدية للوعي باتجاه معين صفة او شكل او تفسير للظاهرة.
يبدو ان ادمون يحاول الاعتماد على العقل الباطني لإظهار موقفه وما يدور في خوالجه الداخلية عن أي ظاهرة يعيها الانسان، واعتبار هذا الوصف(المعرفة) جوهر الظاهرة من دون استخدام أي وسيلة معتمدة للفحص والتمعن في صحة القضية. هذه الفكرة لها أهمية فعلا من الناحية العلمية، لأنها تريد الانطلاق نحو تفسير الوجود (الظواهر التي تحصل حولنا) بحسب محاولة غير تقليدية، بل بعيدة عن البديهيات المعتمدة (حكم العقل) الغريب في الامر ان ادمون هوسيرل يرفض حكم العقل لاستنباطي باي طريقة كانت (القياس، والاستقراء، والتمثيل)

الخلاصة
يعتقد بعض الفلاسفة ان للظاهراتية اثرا كبيرا على الساحة الفكرية (الحقول العلمية والفلسفة الميتافزيقية وعلم النفس والمنطق)، بينما البعض الاخر يصفها بنهج وليست بمدرسة فلسفية جديدة، لأنها لم تجلب ثمارا عملية لحد الان، كما ان التناقضات والمعوقات المرتبطة في طريقة التفكير للوصول الى الحقيقة من غير الاتكال على المعرفة سابقة (بدون تعير للقضية) او الخبرة الاتية من الحواس التي هي أكثر دقيقة في وصف الواقع.
ربما يكون من السابق الأوان ان يتم تقرير مصيرها او نحديد أهميتها، لان هناك مجال واسع لإمكانيات تطوير الفكرة بتقدم التكنولوجيا وعلم النفس في المستقبل، لكن بلا شك حسب الإمكانيات الحالية للإنسان فإنها بعيدة من الوصول الى الهدف الذي تسعى للوصول اليه في هذه المرحلة.

المصادر
• -Philosophy 100 Essential Thinkers، Philip Stokes، Arcturus publishing-limit-ed، London, 2005.
https://plato.stanford.edu/entries/phenomenology/

.......................................................................
1- الظاهر مصطلح اغريقي (Phenomenoon)، تعني الظاهر للعيان وهو عكس الواقعي المعين، ظهر اول مرة مصطلح الظاهرة كمصطلح فلسفي في كتابات لامبورت (1728-1777) وقبل الفيلسوف الكبير عمانوئيل كانط (1724-1804) ومن بعده غوته وأخيرا الفيلسوف الماني ورائد المثالية هيجل (1770-1831) في كتابه Phenomenology of spirit.

2- مثال على المعرفة اليقينية:" مجموع زوايا المثلث تساوي 180 درجة"
3- حسب كانط ان المعرفة الإنسانية قسمين قسم يمكن ندركها عن طريق الحواس وقسم اخر لا ندركها لان ليس لدينا الامكانية الغور في كيانه الشيء فأطلق علية مصطلح النومين او الشيء في ذاته).

4- اختلفتالظاهراتية عن جميع الفلسفات من حيث منطق بحثها، فهي تركت مجالا مفتوحا لنفسها للتوافق مع الفكر الميتافيزيقي من جانب ومن جانب الاخر تبدو انها من مؤيدي الفكر المادي في تفسير كل ظاهرة، بكلمة أخرى لم تلغى تأثير القوى الغيبة في دفع الظواهر للحصول او الوصول الى غايتها، وبالمقابل لم تنفي أي تفسير مادي لأي ظاهرة، فاختارت مهمة محددة وجديدة لنفسها محاولة فهم الميل او النية او القصدية المرافقة لرغبة الانسان لوصف ظاهرة معينة حينما يشاهدها لأول مرة الانسان من دون اللجوء الى المفاهيم اوال قياسات او البديهيات او اية معرفة مسبقة (عكس طريقة تفسير الفلسفة البنيوية). فكل ما تريده هو تفسير الوعي للظواهر انيا من غير اعتماده على الأحاسيس والمعلومات القبلية وتفسيراتها المسبقة للظواهر، أي عدم اعتماد على مقياس القديمة لتفسير الظواهر.



#يوحنا_بيداويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة معكوسة الى د. شاكر جواد بخصوص رسالته عن سيرة الشهيدة ا ...
- هل الله منتوج عقلي؟
- الفلسفة البنيوية
- القانون الجديد لأحوال الشخصية في العراق من منظور علماني!
- لماذا اصر السيد مسعود البارزاني على الاستفتاء؟ / دراسة تحليل ...
- ارسطو وفلسفته الواقيعة
- العراق يقترب من تابوته؟!
- ما بين الثورة الفرنسية 1789م والثورة العراقية 2015 م
- بمناسبة ثورة 14 تموز ..... لو قدر لي ان أكون...
- العراق بحاجة الى صدام جديد؟!!!
- سقوط الحضارة!!
- دراسة تحليلة لسبب لظهور الدواعش في المنطقة.
- الحق هو ما تنطق به فوهة البندقية اليوم ؟!!
- هل اصبحت الفردانية مرض العصر؟؟
- ايها فقراء العراق اسندوا الدكتور العبادي قبل فوات الاوان مرة ...
- هل سقط المجتمع العراقي اخلاقياً؟!!
- صراع الالهة في سماء مدينة الموصل!!!
- النائبة فيان دخيل: لقد قتل اله الداعشيين الهنا!!!!!
- لماذا سقطت مدينة موصل بيد الارهابين!!؟
- ذكرى عيد الميلاد في زمن الفقر !


المزيد.....




- شاهد أوّل ما فعلته هذه الدببة بعد استيقاظها من سباتها الشتوي ...
- تحليل: بوتين يحقق فوزاً مدوياً.. لكن ما هي الخطوة التالية با ...
- نتنياهو يقول إنه يبذل قصارى جهده لإدخال المزيد من المساعدات ...
- روسيا.. رحلة جوية قياسية لمروحيتين حديثتين في أجواء سيبيريا ...
- البحرية الأمريكية تحذر السفن من رفع العلم الأمريكي جنوب البح ...
- صاروخ -إس – 400- الروسي يدمر راجمة صواريخ تشيكية
- إجلاء سياح نجوا في انهيار ثلجي شرقي روسيا (فيديو)
- الطوارئ الروسية ترسل فرقا إضافية لإنقاذ 13 شخصا محاصرين في م ...
- نيوزيلندا.. طرد امرأتين ??من الطائرة بسبب حجمهن الكبير جدا
- بالفيديو.. فيضان سد في الأردن بسبب غزارة الأمطار


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوحنا بيداويد - الفلسفة الظاهراتية Phenomenology