أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نايف سلوم - عائد إلى حيفا- تعليق هوامش بسيطة















المزيد.....

عائد إلى حيفا- تعليق هوامش بسيطة


نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)


الحوار المتمدن-العدد: 5835 - 2018 / 4 / 4 - 05:41
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قصة لغسان كنفاني كتبت في أجواء نكسة 1967 واحتلال إسرائيل لأراضي عربية في مصر وسوريا وبقية القدس(الشرقية). يسرد فيها حكاية أسرة فارة من المعارك في حيفا من هجوم الهاغانا (منظمة صهيونية تعني الدفاع تأسست 1921 لحماية العائلات اليهودية) وبين مقاتلين عرب فلسطينيين وغير فلسطينيين سنة 1948 ، وفي فيضان الهروب والذعر لم يستطع سعيد السعدي وزوجته أخذ خلدون ابنهما ابن الخمسة أشهر معهما، وعادا بعد عشرين سنة لرؤيته واسترجاعه.
خلدون مشتق من خلد: يدل على الثبات والملازمة، خلد وأخلد : أقام ، ومنه جنة الخُلْد وهو من البقاء.. والخَلَد: البال ، لأنه مستقر في القلب ثابت (عالبال يا عصفورة النهرين)
خلدون هو الولد الذي تُرك وبقي في حيفا، أما اسمه الإنكليزي فهو doff وتعني : يتجرد من الثياب ، ينزع ملابسه ويتعرى. يتعرى من عربيته.
يُظهر السرد مشاركة الزوجة في القصة بشكل نشط ومثابر وهو أمر ملفت ، إنساني وحميمي . سواء بما خصّ مشاركة صفيّة زوجة سعيد أم مريام زوجة كوشن . كما أن السرد يستخدم صيغة الماضي المستمر كما يسمى باللغة الإنكليزية ، أو صيغة الشرط الزمني أو الظرف: "حين وصل سعيد. س إلى مشارف حيفا .. أحسّ أن شيئاً ربط لسانه .. " ص 5 "منذ أن غادر رام الله في الصباح لم يكف عن الكلام" .. طوال الطريق كان يتكلم .. ظُهر يوم الثلاثين من حزيران 1967 .. كانت سيارة .. ص6 ويظهر السرد الفجائية والمباغتة ، وكأن الأحداث تباغت أهل حيفا والعرب سنة 1948 مع أن الهاغانا كانت قد تأسست منذ أكثر من ربع قرن: "وفجأة جاء الماضي .. وفجأة جاء القصف من الشرق .. " ص 10 وفجأة نظرت في عينيه" ص 19 وهذا ما تفسره عبارة الكاتب بالقول: "كانت حيفا لا تتوقع شيئاً رغم أنها كانت محكومة بتوتر غامض " ص 10 وهذا يدل على عزلة الفلاح العربي في فلسطين ، وسذاجته السياسية وابتعاده عن متابعة الأحداث الإقليمية والدولية وحتى المحلية، وهي بساطة وركود نمط الإنتاج الخراجي الاقطاعي الذي كان يهيمن على الحياة العامة والخاصة في الشرق الأوسط.
بعدها تنساب المقاطع مبتدئة ب"كانت " وكأن كل شيء مضى وانقضى ، وما على الكاتب إلا القص والسرد: "كانت السماء ناراً.. " ص14 .. كان العرق يتصبب" ص 16 كان استعجالها لرؤيته.. ص 17 كانت على وشك السقوط .. ص 18 .. لقد مضت اللحظات .. ص 15
الحس السياسي والتاريخي والمقاوم واضح على امتداد القصة. من ذكر الثلاثين من حزيران 1967 إلى ذكر الهاغانا ، إلى بوابة مندلباوم وهي عبارة عن حاجز كان يفصل بين الجانب الإسرائيلي والجانب الأردني من القدس سنة 1948 وهو يرمز لتقسيم المدينة وبقي الحاجز حتى 1952 . كذلك ذكر البريغادير ستوكويل وهو جنرال بريطاني متواطئ مع الهاغانا. ومعسكر أوشفيتز للاعتقال والإبادة النازية الألمانية من 1942- 1944 لوضع حل أخير لليهود في أوربا. أيضاً كوشن اليهودي وزوجته ميريام ذوي الأصول البولونية ، ميريام من أعدم النازيون ولدها وأخذوا والدها إلى الاعتقال والقتل. كما يذكر كنفاني قصة " لصوص في الليل " لآرثر كوستلر وهو روائي وصحفي وناقد إنكليزي هنغاري المولد ولد في بودابست لأبوين يهوديين نشر عام 1976 كتابه "السبط الثالث عشر" the thirteen tribe الذي دحض فيه أسطورة يهود إسرائيل وأصولهم السامية وقال إن يهود أوربا الشرقية ليسوا ساميين أصلاً (الأسباط الإثنى عشر)، بل هم من بلاد الخزر حول بحر قزوين من أصول تترية ومغولية. له أيضا "المصارعون" عن ثورة العبيد في روما (ثورة سبارتاكوس) ولكن شهرته جاءت من روايته "ظلام في الظهيرة" 1940 التي تناول فيها تحول فكره الإيديولوجي عن الشيوعية ونقده للنفعية السياسية والستالينية كنظام شمولي وبحث ونقد للفساد البيروقراطي في الاتحاد السوفياتي.
وهنا نلاحظ الأبعاد الدولية للمسألة اليهودية في أوربا حيث طرحت حلول ثلاثة: الاشتراكي الشيوعي والنازي الألماني والحل الإمبريالي (الأنغلو- سكسوني ). من هنا نرى كيف ارتبط مصير اليهود بمصير النظام الرأسمالي الإمبريالي.
في القصة ثلاثة أسئلة: ما الإنسان؟ ما الوطن؟ ما الأبوة ؟
الوطن حسب القصة قضية ونضال وليس ذكريات ومنزل متروك وحديقة ومدينة ، الوطن هو المستقبل والماضي منقوداً ، والإنسان قضية كفاح أيضاً من أجل المستقبل يقوم على ماض متسلم منقود ، والأبوة ليست أبوة الدم واللحم ولكن أبوة الطريق والرفاقية والنضال من أجل الانعتاق والتحرر ومن أجل كرامة الإنسان وعيشه وسعادته.
يقول كنفاني: حين نقف مع الإنسان فذلك شيء لا علاقة له بالدم واللحم وتذاكر الهوية وجوازات السفر . الإنسان موقف وقضية.
وهنا تظهر ريشات الطاووس الخمس في إشارة إلى الزهو والكبر والغرور . فمن عمل بأمر نفسه وأصله الدموي فقد اغتر وتكبّر وطغى ، ومن عمل بأمر قضيته المحقة ووفق مقتضياتها فهو الإنسان الحقيقي الرحيم. الزهو والكبر يظهر لدى الفرد الذي يعمل وفق أهوائه وعواطفه "الدموية" من دون قضية عادلة محقة.
هكذا ظهر دوف ممثلاً لقضية ظالمة : "كان ينتصب كأنه يتصدر طابوراً من الجنود المختفين"
بينما ظهر والده الطيني الدموي سعيد السعدي كقشرة يابسة لا حياة فيها. يجتر ذكرياته عن منزله الصغير الذي تركه منذ عشرين عام وترك فيه طفله خلدون ابن الخمسة أشهر.
وبعد أن صدمت سعيد الحقيقة قال: أفتش عن فلسطين الحقيقية التي هي أكثر من ذاكرة ، أكثر من ريشة طاووس (أكثر من غرور عاطفة والد طينيّ) أكثر من ولد ، وأكثر من خرابيش قلم رصاص على درجات السلّم . فلسطين بالنسبة لخالد قضية جديرة بأن يحمل السلاح من أجلها ، ونموت من أجلها وليست مجرد الحنين إلى شيء تحت غبار الذاكرة. والعودة لا تكون بالسيارة والسياحة ، بل بالحرب هي العودة الحقيقية إلى حيفا.
قال ربما كان الأمر كله حدثاً سيئاً ولكن التاريخ ليس كذلك. أرجو أن يكون خالد قد ذهب خلال غيابنا. والتحق بالمقاومة.
(نصّ): النون والصاد أصل صحيح يدل على رفعٍ وارتفاعٍ وانتهاء في الشيء، منه قولهم نصَّ الحديث إلى فلان: رفعه إليه. والنَّص في السّير: ارفعه. وسيرٌ نَصٌّ ونصيص. ومِنَصّة العروس منه أيضاً. وبات فلان مُنتصَّاً على بعيره: أي منتصباً. ونصّ كل شيء: مُنتهاه.. والنُصّة: القُصّة من شعر الرأس، وهي على موضعٍ رفيع". إذاً، نَصّ: يدل على رفع وارتفاع وانتهاء في الشيء
ففي حديث علي، بخصوص أحقية الأبوة، قال: "إذا بلغ النساء نَصَّ الحَقاق فالعَصَبَةُ أولى "
قال أبو عبيد في شرح حديث علي : إذا بلغ النساء الإدراك وبلوغ العقل. والحقاق أن تقول هذا القول: أنا أحقُّ ويقول أولئك : نحنُ أحقُّ. ومن قال نَصُّ الحقائق أراد جمع الحقيقة. وهذا معناه تقديم الأبوة الروحية على الأبوة الطينية.



#نايف_سلوم (هاشتاغ)       Nayf_Saloom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في -طقوس الإشارات والتحولات-*
- قراءة في رواية -حجر الصبر-
- تعليق حاشية على تراجيديا -أوديب ملكاً-
- ملاحظات أساسية حول بيان حزب توده
- استهلال كتاب -نقد النساء-
- إيمان الرجل التعس الخاطئ وإيمان إبراهيم
- تعقيب مقتضب على مقالة: -ماذا بقي من الماركسية؟-!
- ديالكتيك الطبقي والقومي
- هوامش الأيديولوجية الألمانية - القسم الثالث
- هوامش -الأيديولوجية الألمانية- - القسم الثاني
- هوامش -الأيديولوجية الألمانية-
- استعراض الأدب الاقتصادي/ السياسي الماركسي بعد الحرب العالمية ...
- الاشتراكية الماركسية والمهمات الديمقراطية
- حول الإمبريالية الجديدة
- مقاربة لأزمة الإمبريالية الرأسمالية سنة 2008
- عرض وتلخيص مقدمة مارتن نيكولوس ل -الغروندريسّة-
- قراءة نقدية في مقدمة -العقل والثورة- - ملحوظة عن الديالكتيك-
- نقد مفهوم -العولمة-وظروف ظهور المفهوم
- عن الثقافة والمثقف العضوي
- مطارحات من أجل بناء حزب اليسار الماركسي


المزيد.....




- مصادر توضح لـCNN تفاصيل مقترح -حماس- بشأن اتفاق وقف إطلاق ال ...
- داخلية الكويت تعتقل مقيما من الجنسية المصرية وتُمهد لإبعاده. ...
- معركة -خليج الخنازير-.. -شكرا على الغزو-!
- الحرب في غزة| قصف متواصل على القطاع واقتحامات في الضفة وترقّ ...
- فيديو فاضح لمغربية وسعودي يثير الغضب في المملكة.. والأمن يتد ...
- -إجا يكحلها عماها-.. بايدن يشيد بدولة غير موجودة لدعمها أوك ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة (فيديو+صور) ...
- بقيمة 12 مليون دولار.. كوريا الجنوبية تعتزم تقديم مساعدات إن ...
- اكتشفوا مسار الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 عبر ربوع الم ...
- ترامب يواجه محاكمة جنائية للمرة الأولى في التاريخ لرئيس أمير ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نايف سلوم - عائد إلى حيفا- تعليق هوامش بسيطة