أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد عصيد - النقاش في الإرث ليس إرادويا














المزيد.....

النقاش في الإرث ليس إرادويا


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5833 - 2018 / 4 / 2 - 16:45
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


"مهما بالغنا في إنكار ما للمرأة من حقوق، وما لنا في نهوضها من نعمة شاملة، فإنها ذاهبة في تيار التطور الحديث بقوة لا تملك هي ولا نحن ردّها". الطاهر الحدّاد.

يرتبط النقاش في موضوع الإرث بمشكلة المنظومة الفقهية التقليدية وعوائقها المنهجية والمفاهيمية، كما يعكس طبيعة العقلية السائدة في المجتمع، وكذا من جانب آخر وبلا جدال طبيعة السلطة وآليات اشتغالها، وهي كلها عوامل يحرص الفكر الفقهي القديم على الحفاظ عليها ورعايتها حفاظا على وجوده واستمراره، رغم تغير الأحوال وانقلاب الأوضاع.
يفسر هذا لماذا يزعم كثير من الناس أن النقاش في موضوع الإرث مفتعل ولا موجب له ولا ضرورة، وعلى رأس هؤلاء ثلة من فقهاء الدين ورجال السياسة الدينية من "الإخوان" والسلفيين، وجميع الذين لا يشعرون بارتياح عندما يطرح موضوع ما للنقاش والحوار والتبادل بسبب ظلم أو ضرر ، حيث يفضلون أن تبقى الأمور على ما هي عليه.
والحقيقة أن أي موضوع يطرح للنقاش ليس اختيارا إرادويا، وإنما يفضي إليه واقع اجتماعي لم يعد يمكن غض الطرف عنه، فالقضايا التي تنفجر في النقاش العمومي لا تصل إلى هذا المستوى إلا بعد أن تكون قد عبرت عن نفسها بالمكشوف في الواقع الاجتماعي الحيّ والمباشر، من خلال توترات أو مفارقات تجعل فئة من الناس تشتكي وتطالب بحلول عاجلة، بوصفها متضررة. حيث تصبح هناك حاجة ملحة لطرح الموضوع والبت فيه وتقليب مختلف جوانبه، فيدخل على الخط المتخصصون في القانون والسياسة والباحثون السوسيولوجيون وعلماء النفس وحتى الفنانون والأدباء وعامة الناس ممن يروون تجاربهم ويقدمون شهاداتهم من الواقع المباشر.
من البديهي أنه لا يمكن للقانون الثابت أن يحيط بالوقائع المتغيرة أو يحدّها، لأن ذلك من المحال، والمتحدثون باسم السماء حجتهم ضعيفة عندما ينحازون إلى النص، أو إلى التراث الفقهي ضدّ الإنسان وضدّا على الواقع، إذ الغلبة في النهاية للواقع وللتاريخ اللذين لا يقوى أحد على تحديهما مهما كانت قوته واعتداده بسلطته. ولنا عبرة فيما حدث للمسلمين خلال القرن العشرين وبداية الواحد والعشرين، حيث اضطروا إلى التخلي عن الكثير من الممارسات والتشريعات وأشكال التدين التي كانوا يعتقدون أنها من صميم الدين وجوهره، ليتبين لهم بعد ذلك أن تلك القوانين الدينية إنما كانت تستجيب لأوضاع لم تعد قائمة، ما يعني أن الاستمرار في تكريسها يؤدي إلى شيوع الكثير من الظلم وهدر الكرامة.
لقد أظهرت تجارب الشعوب والبلدان الناجحة بأن دينامية القوانين تكمن في أنها تتجدّد بتجدد واقع الناس، بل إنها قد تنقلب وتتغير بالكامل لتساير أحوال البشر في معاشهم ووجودهم الاجتماعي. وقد عبر القدماء عن ذلك بالقولة الشهيرة "تغيير الأحكام بتغيّر الأحوال"، ولا يمكن استثناء نصوص بعينها من هذه القاعدة تحت ذريعة كونها نصوصا "قطعية الدلالة" لأن ثمة نصوص كثيرة وردت بنفس الصيغة ولم يعد يتمّ الاحتكام إليها بسبب تلاشي البنيات السوسيولوجية والثقافية والسياسية التي كانت تستجيب لها تلك النصوص، حيث تنعدم الحاجة إلى النصوص بانتفاء المبرر الواقعي للجوء إليها، وهكذا تخلصنا من كل فقهيات الرق والعبودية مثلا، بانعدام أسواق الرقيق وإعلان التحرّر الكامل للبشرية.
بهذا المعنى الذي أشرنا إليه يصبح السيد مصطفى الرميد خارج التغطية، عندما يقول وهو وزير مكلف بحقوق الإنسان بالمغرب، بأن وزارته "غير معنية بإدارة أي حوار حول المساواة في الإرث"، لأن هذا الموضوع في رأيه "مستفز" للمجتمع، والحقيقة التي لم ينتبه إليها السيد الوزير هي أن المجتمع هو الذي يستفز الفكر والنقاش بما يعرفه من مخاض وتحولات تطرح علينا تحديات جديدة، فالسيد الرميد ومن معه ينظرون إلى المجتمع كما لو أنه بركة آسنة راكدة لا يجوز لأحد أن يلقي فيها ولو حصاة صغيرة ، بينما الحقيقة أن المجتمع يغلي بالتحولات التي لا يمكن إيقافها، والتي من أهمها وضعية المرأة التي أصبحت تكشف بشكل صارخ عن قصور القوانين وجمودها.
إن المجتمع يستفزنا يوميا بمفارقاته، وعلينا أن نكون في مستوى انتظاراته، أما الذين يفضلون الاحتكام إلى قوالب فكرية جاهزة منذ ألف عام، فعليهم عوض أن يلعنوا القطار المتحرك ، أن يسارعوا باتخاذ أماكنهم فيه، لأن ذلك هو خيارهم الوحيد.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتهم الفقهاء غيرهم ب-الجهل-
- حقوق المرأة و-استقرار الأسرة-
- الحركة الأمازيغية وإسرائيل : أسئلة وتدقيقات
- التعامل الديني القاسي مع الأطفال يتعارض مع البيداغوجيا العصر ...
- هل أصبحت مهمة سائقي التاكسي نشر الجهل والتطرف ؟
- إلى أحمد الريسوني: من أوصل الجامعة المغربية إلى حافة الإفلاس ...
- مشكلتنا مع الدّعاة وفقهاء التشدّد
- عندما يعتلي الجهلُ منابر المساجد
- لماذا لا يحسن المسلمون الدعاية لرأس السنة الهجرية ؟
- نهاية مقامر
- القدس عاصمة الديانات الثلاث، ينبغي أن تكون منطقة دولية
- مقترح قانون حزب العدالة والتنمية بشأن العربية نكوص ذهني متأخ ...
- في الحاجة إلى الفلسفة، ضد العنف والوصاية
- حِجّية الحديث (بصدد النقاش حول البخاري)
- ما الذي يمكن للبهائية أن تقدمه للمسلمين اليوم ؟
- الاعتراف بالتعددية الدينية وحرية الضمير من أوليات الحياة الد ...
- وحدة العراق، مطالب الكُرد، وموقف الحركة الأمازيغية
- معاني الدولة، السلطة، والوطن
- أي مغرب نريد ؟
- الشعور الوطني والنشيد الوطني


المزيد.....




- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-
- شوفوا الفيديو على قناتنا وقولولنا رأيكم/ن
- دراسة تكتشف سببا غير متوقع وراء الرغبة الشديدة في تناول السك ...
- تجدد حملة القمع ضد النساء في إيران من قبل شرطة الأخلاق بسبب ...
- سوريا.. انتهاكات وقتل جماعي في مراكز احتجاز
- جانيت.. طفلة سودانية رضيعة تعرضت للاغتصاب والقتل في مصر
- بعد وفاة امرأة بالسرطان.. شاهد مفاجأة صادمة لعائلتها عند الق ...
- دخل شهري.. رابط التسجيل في دعم الريف للنساء 1446 والشروط الم ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد عصيد - النقاش في الإرث ليس إرادويا