أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المرأة في مجموعة -صباح مساء- حسن حميد














المزيد.....

المرأة في مجموعة -صباح مساء- حسن حميد


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5827 - 2018 / 3 / 26 - 00:41
المحور: الادب والفن
    


المرأة في مجموعة
"صباح مساء"
حسن حميد
الأهم في العمل الأدبي إحداث المتعة عند القارئ، إن كانت من خلال اللغة أم الاسلوب وطريقة التقديم، أم من خلال الصور الأدبية التي يقدمها النص، أم من خلال الفكرة، ونقول أن حضور المرأة يعد احدى اهم العناصر التي تضيف جمالية خاصة على النص الأدبي لما تمنحه من هدوء ونعومة في نقس المقارئ.
يفتتح القاص هذه المجموعة بقصة "أوباش" والتي جاء عنوانها مستفز للقارئ، لكن ما أن يبدأ في قراءتها حتى يكتشف أنه أمام قصة من العيار الخفيف الساخر، فرغم قسوة العنوان والأحداث التي تدور في مقبرة، وتناولها لحدث متعلق بميت إلا أن الفانتازيا الحاضرة فيها جعلتها اعطتها نكهة مميزة واضافت جمالية عليها.
يمهد القاص اجواء القصة بهذا المشهد: "جلت بصري في الأنحاء المحيطة بي، فرأيت شجيرات قليلة من لحور متلاصقة، كأنها تخشى الظلمة الزاحفة فوق نسيج الضوء الفضي المطفأ. أنزوت الشجيرات قرب السور الشمالي من المقبرة، وقد تركت أوراقها تتلامح ببطء شديد" ص7، تمهيد للحديث عن حالة الميت، فكانت الطبيعة تتشارك والميت حالة الظلمة والخوف والتراص والترقب.
وإذا ما توقفنا عند هذه الصورة سنجدها قدمت بشكل جميل يوحي بأن هناك شيء غير عادي، غير طبيعي يحدث، وبعدها يأخذ القاص إلى حالة المتوفي: "بغتة غادرت موتي، عندما بدأ جسدي يتحرك، استنفرت أطرافي، فتأهبت وتكورت في مرقدي بعدما عجزت عن رفع التراب الكثير الذي وضعه أهلي فوقي.
آه.. ليتهم وضعوا طبقا من القش فوقي ورحلواـ لكنت الآن رفعته وخرجت" ص9، إذن يأخذنا القاص إلى عالم آخرـ عالم الأموات وما يحدث لهم في القبر، وهذا أمر غير عادي، غير طبيعي، ثم يأخذ هذا الميت يحدثنا عن الحياة في العالم الذي تركه خلفه: "فوجدت أمي تراقص طفلة جميلة (غير فاطمة) وتغني لها، وتمازح رجلا غريبا (لا اعرفه)يستند إلى فخذها العاري" ص10، بالتأكيد ستكون لهذه المشاهدات الغريبة على المتوفي ردة فعل: "حاولت كثيرا أن ألفت انتباهها، قبل أن أهزها، فما انتبهت" ص10، لقد بدأ التعرف على العالم الجديد الذي هو فيه، فقد اكتشف أنه غير ما كان، وأن من تركهم خلفه لم يعودوا كما كانوا، وهم غرباء عنه كما هو غريب عنهم.
النقلة الجديد التي يقدمها القاص هو حديث "بدران" حارس المقبرة للأموات: "يا مجانين، استحوا!
فما بالكم لا تفهمون أن الحياة حياة، والموت موت، تخرجون كل ليلة، وفي خطاكم آمال كثيرة، ثم تعودون بالبكاء، والنواح، أدخلوا (واشار إلى المقبرة) لعنة الله عليكم" ص11، لكن طبيعة الأموات ترفض القبول والتسليم بهذا الموت، لهذا سنجد "بدران" يصعد من لهجته علهم في كل محاولة يخرجون فيها إلى العالم الذي تركوه وراءهم، فيخم مخاطبته: "انفذوا ايديكم من احبائكم وناموا بهدوء، فلا تسمون! أوباااااش!" ص12، ما يحسب لهذه القصة الفانتازيا التي قدمت فيها، والرمز الذي يمكننا اسقاطه على الواقع، لكل هذا يجعل من قصة "أوباش" قصة جميلة وممتعة رغم قسوة الفكرة التي تحملها.
في قصة "أحوال" يحدثنا عن واقع المواطن العدي وثقل الحياة عليه والتي جاءت بهذه الصيغة: "كلن الأول يتحدث بألم عن ديونه الكثيرة، وعن أولاده الذين صاروا سجنه بعدما أوقف شبابه وعافيته من أجلهم" ص13، في ظل هذه الاجواء القاتمة يقدم لنا القاص مشهد يخفف من حدة الألم في احداث القصة من خلال المرأة: "... إلى تلك الفتاة الطويلة ذات الشعر الأشقر المعقوص بشريطة مشمشية اللون" وكأن هناك القاص يتعمد أن تكون الفتاة هي التي تخفف من قسوة المشهد، وهي كذلك في واقع المدينة القاسية التي تأكل آمال الرجال وتكسر طموحهم.
في قصة "اللوحة" يتحدث عن امرأة غنية مترفة تشاهد ساعي البريد البائس فتقرر أن ترسم له لوحة، فتدعوه ليترك عمله ويعيش معها في المنزل على أن يقوم بالقيام بأعمال المنزل، وفعلا يقبل بهذا العمل ويبدأ فيه بنشاط وحيوية، وكلما شاهد المرأة تبتسم له أخذته أفكاره بعيدا، فهي تهتم بلوحتها التي ترسمها، وهو يعتقد بأنها تهتم له، فيقوم بحلق ذقنه ولحيته الكثة مما يخرب النموذج الذي واكبت المرأة على رسمه، وتنتهي القصة بهذا المشهد: " راحت ترميني بفرشاتها، وكتبها، وعلب ألوانها، وكأس الماء، وحذائها، وأصابع الشمع الموقدة، وهي تهمهم بحزن شديد:
ـ خربت اللوحة، خربت اللوحة!" ص22، فهذه المرأة المنفعلة والتي تبدو بحالة غضب وتقوم بسلوك غير مقبول قدمها لنا القاص ـ قبل أن تخرب اللوحة ـ بهذه الصورة: "كنت أملي النظر من كل هذا الجمال المربك، امرأة كأنها صورة هاربة لتوها من إحدى لوحات حيطانها العالية" ص17، وأعتقد بأن هذه الصورة الجميلة التي تم تحطيمها في نهاية القصة تعطي فكرة بأن هناك صراع وتناقض بين الفن والحقيقة، بين واقع الإنسان العربي وبين مفاهيم الفن، فحالة الفقر والتخلف وعدم النشأة السليمة للأفراد تجعلهم يقدمون على أفكار بعيدة، تأخذهم إلى ما هو غير حقيقي، غير منسجم مع الآخرين.
ونجد في قصة "النمل" المرأة التي تضيء الفضاء وتفتح الآفاق، فهي الحاضرة والفاعلة والمؤثرة، يقدمها لنا القاص بهذه الصورة: "ومشت، وهي تترك وراءها نثارا من الضوء المذاب، دون أن تلتفت أو تستدير، وعدت |إلى عملي مدهوشا، فقد أوقدتني، ومضت!" ص26، هذا ما أحدثه المرأة، فكيف سيكون شعوره تجاهها؟، شعرت بأنني غني بها عن كل شيء، لا أريد أحدا غيرها، ولا اشتهي شيئا بوجودها" ص27، المرأة المطلقة، التي تعطي كل ما نحتاجه، كل ما نريده، ففيها كل حاجتنا وطموحنا ورغباتنا.
المجموعة من منشورات مركز أوغاريت الثقافي، رام الله، فلسطين، الطبعة الأولى 2007.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة الروائية في ديوان -لا أريد أن يعرفني أحد- خليل إبراهيم ...
- الصورة عند عبود الجابري
- عشتار في ديوان -على ذمة عشتار- جواد العقاد
- الانسجام بين اللفاظ والمعنى في قصيدة -دائي- للشاعر بنان البر ...
- المرأة/عشتار في قصيدة -عودة- جميل طرايرة
- الفرح في قصيدة -تعلية- بنان البرغوثي
- السواد والبياض عند أيمن شريدة
- التأنيث هو الأصل عند -أيمن شريدة-
- الشعر المحكي في ديوان -العسل المر- عباس دويكات
- السلاسة في مجموعة -يوم مختلف- عائشة عودة
- الفرح المسروق في قصة -شموع ليلية الميلاد فاضل الفتلاوي
- القصيدة البيضاء -غنج الحمام- منصور الريكان
- مناقشة رواية -كلام على شفا شفتين- في دار الفاروق
- التسرع ﻓﻲ روايﺔ -كﻼم ﻋ ...
- التسرع في رواية -كلام على شفا الشفتين- جميل عجوري
- التغريب والدهشة في قصة -الخبر السيء- نبيل عودة
- غبش البياض -نفن مردم-
- المختصر المفيد في كتاب -كيف نواصل التنكيل بالطائفة الدرزية- ...
- العناصر الروائية في مجموعة -أبعاد- خليل إبراهيم حسونة
- الشاعر المتيم عبد الكريم موس سويلم


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المرأة في مجموعة -صباح مساء- حسن حميد