أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أ.حمد حاجي - الإنقسام الصوري والتبئيرالسردي نص (رجع الصدى) نموذجا للاستاذ منجي بن خليفة















المزيد.....


الإنقسام الصوري والتبئيرالسردي نص (رجع الصدى) نموذجا للاستاذ منجي بن خليفة


أ.حمد حاجي

الحوار المتمدن-العدد: 5824 - 2018 / 3 / 23 - 08:39
المحور: الادب والفن
    


___________
اضطربتْ قهوتي في فنجانها، تلاطمتْ أمواجها السوداء، فاضتْ على طوق سور زُيّن بياضه برسوم الزهر وألوان الربيع، لامستْ بدفئها أناملي البيضاء النحيفة حينما تحررتْ من ضيق المكان، خفتتْ عاصفة ارتعاش كفّي، واسترجع القلب من بعد شدّة الخفقان أنفاسه، رأيت ماء قهوتي المحمّل ببقايا البنّ تناثرت قطراته فوق نتوءات عروقي، ومسام تجاعيد ظهر كفّي. ناولني محرمة كي أمسح ما تناثر، وأجفّف ما استنقع على صحن الفنجان، تحجرت الكلمات بين شفتيّ أن أقول له: شكرا، لم أجد من لغة الكلام إلاّ ابتسامة خفيفة، وباقي ملامح وجهي تقول كلاما آخرا، حاولتْ أن أخفي ارتعاش أصابعي، واحمرارا طفى على سطح وجنتيّ لا أعلم كيف أداريه.
مسحت آثار زوبعة فنجاني، استرجعت ما قال لي : "هل تقبلين الزواج بي" لعلّ كلامه يحمل معنى غير الذي فهمتُ، أحقا يريد الزواج بي ! أيقصد فعلا معنى الزواج ! أبعد كلّ هذه العقود من الانتظار هناك من يفكّر فيّ، يراني كامرأة ككلّ النساء، يشتهي غزو بحاري البعيدة، من ثمار حدائقي قبل أن تسقطها رياح الخريف! أمازالتْ رياحي تُغري أشرعة البحّارة، وتجذبهم لأحضان أمواجي الهادئة !
لكن مخالب ذلك الخوف اللعين تدمي نشوة روحي العطشى لماء الفرح، تفسد طقوس غرام جديد، تهدم قصورا شيّدتها في ليالي الشتاء الطويلة، خوفي من عيون لأناس كلامها أقسى من كلام الشفاه:
ـ أبعد عمر حطّمته السنون مازال في قلبها مكان لعشق جديد؟
ـ أمازال فتيل قنديلها يضيء بعد طول انتظار؟ وبعد برد الليالي الطوال؟
صحوتُ على صوته بعد شرود حملني حينا لشواطئ فيها أمان، وفيها بذور للفرح أينعت بعد عذاب انتظار طويل، وحينا على رؤوس الصخر يرميني، يحطمني، فلا أرى من بقايا الروح إلاّ أشلاء مبعثرة.
أعادني صوته إليّ، إلى طاولة في ركن هذه المقهى الهادئ، رأيت في بريق عينيه كلاما أكثر من كلمات قالتها شفتاه: أراك سكتِّ، هل ترفضين عرضي؟ صحا كل حلم رسمته منذ الصبا، ومنذ الطفولة حين أزيّن دميتي أراني في الكون أحلى عروس، صحا كلّ جرح أدمته شظيّة حلم تحطّم، وحين رأيت تباشير ربيع جديد، وضوء تسلّل لعتمة كهفي، تقول: هل ترفضين عرضي؟ وقفنا معا، مددت إليه يدي، وحين مسكها باحت له بكل الكلام، لأني عجزت أن أجد في كلّ الكلام كلاما.
___________
الإنقسام الصوري والتبئيرالسردي نص (رجع الصدى) نموذجا
========
مقدمة
=======
النص؟ هو كل بنية لغوية تتماثل في أفق الوعي، مبدأها الفهم، أو الحوار، ومقصدها الإضافة، أو التكملة، وتستنهض الجدل لما تحتويه من تفرع، أو تكامل، أو ان النص كل ذلك مجتمعاً.
وقارئ النص؟ هو من تفتّح وعيه للمُـدرَك المتاح ليعيد تشكيله بما أمكن، يشترط الدراية واليقظة([1])..
ويعرف الهمامي النص بأنه: "بنية لغوية مقفلة، مكتفية بذاتها في إنتاج المعني، لا تُحيل إلا عليها، طاقة تشتغل دونما حاجة إلي اعتبار سياق النشأة والتقبل."([2])
وهذا ما يفتح بدوره أفق تداخل النصوص علي النص مهما كان قدم النص (انظر جوليا كريستيف رائدة التناص)، ولعلني سأعتمد هذه القراءة النقدية للنص على مفهوم التناص بمختلف أنواعه وأشكاله راجيا من الله أن أوفق بتوسع آفاق النص ودلالته. وتقديم ما أمكن من ابعاد دلالية للغة الخطاب بالنص ما يجعله ثريا وممتعاً في الآن نفسه.
====================
التناص :
=====
أرى ان النص يبعث على التفكر بألف ليلة وليلة من ناحية شهرزاد مع شهريار وهذا لا يغيب على أحد من القراء والادباء.. من القراءة الاولى للنص..
وعلى نصين لرائد القصة القصيرة أنطوتن تشيخوف هما : ( المغفلة و مسرحية الشقيقات الثلاث Three Sisters ).. لماذا ؟
اولا : بمسألة تعالق النصوص وانا اقارن هذا النص مع قصة أنطوان تشيخوف( المغفلة ..) استحضرت المثل الإنجليزي:
العشب في الضفة المقابلة دائمًا يبدو لنا أكثر اخضرارًا من العشب الذي يكسو الضفة التي نقف عليها!
ذلك أن المغفلة: ليست وحدها المغفلة، ثمة مغفلون يتنازلون عن حقوقهم بصمت، ويشكرون الآخرين على الفتات، وما أكثرهم.. وهذا النص المعنون ّ(رجع الصدى) له ذات الدلالة والبناء وذات الدلالة والمعنى ..
وإن هذا النص (رجع الصدى) ايضا يذكرني بمسرحية الشقيقات الثلاث Three Sisters : تلك المسرحية ، تدور أحداثها حول ثلاث شقيقات يفقدن والدهن ويواجهن الكثير من المشاكل والمتاعب في حياتهن ، فالشقيقة الكبرى لم تتزوج وأصبحت عانس وتعاني من حرمان المشاعر والعاطفة ، والوسطى مقبلة على العنوسة ويتقدم لخدبتها شاب غير مناسب من حيث الشكل والسلوك ، أما الشقية الصغرى فهي متزوجة من رجل غير مبالي لا يكترث لها ولمشاعرها
بمسالة التناص
=======
ثانيا : بمسألة تعالق النصوص وانا اقارن هذا النص مع الف ليلة وليلة تبادر لذهني حقا ذلك التأثير الحاصل بالادب وخاصة الف ليلة وليلة بأشكال الأدب المختلفة وأنماطه خاصة ، وموضوعاته الخرافية منها والشعبية والاسطورية وغيرها .
الذائقة الادبية التي انتجت نص ( رجع الصدى) نصنا المطروق الآن..
لا يمكن بأي حال ان نستثني طلائعيتها قط ولا نملك الا الثناء عليه
فكما وفرت الـــــ(مادة خام) لالف ليلة وليلة للنص السردي حدودا لا نهائية من البحث النقدي فقد وفرت للغرب حدودا من الابداع الكتابي عظيمة فلماذا نبخس صاحب النص ان لا يكون على طريقة هؤلاء ونقرأ نصه من هذا المنطلق الاثرائي .. على مثل ما نجد:
في مسرح (ليسنج) و(سكريب) ( و )(جوتييه) ( و )(دورونيه) وهم من الكتاب الفرنسيين ، الذين أعادوا إنتاج أجواء ألف ليلة ليختمها (بومارشيه) في أوبرا (معروف الاسكافي) وعلى مثل ما نجده في إسبانيا حين أفاد كالديرون من (النائم اليقظان) ليحولها الى مسرحية ((الحياة حلم)) ، أوعلى مثل ما نجد ما قام به الامريكي ( أدجار آلآن بو) في [الليلتان بعد الألف] ،
واني أجد فيما أقرأه بقصة هذا الأديب (رجع الصدى) حقا مقاربات كمثل ما فعلت الآداب الإنجليزية الا نرى مثلا ((ترويض النمرة)) لشكسبير تتعالق رأسا مع قصة ذلك الزوج الذي يروض زوجته بالقسوة واللين والتي نصادفها في بدايات قصص الليالي بالف ليلة وليلة وشهرزاد تروض شهريار..
ولن أضيف أكثر والامثلة كثيرة أكتفي هنا بما وصل اليه التشبيه في ذلك النص الرائع (العاصفة) للعظيم ((أرييل)) ، أوتشبيه كاليبان ما يدور بقصة (جزيرة الكنوز) من سحرة وشياطين يأتمرون بأمر سلطان الجزيرة مع ما ذهبت اليه قصص الف ليلة وليلة
==== والنص الذي بين أيدينا دون اجحاف او محاباة ظاهره بسيط وسطحه واضح لا رمز يغمض حقه لكن عمقه جدير بالدراسة والتمحيص والتحليل والتأويل ..أدلتي في ذلك ما يلي
أدلتي في ذلك ما يلي:
============= هل من الممكن ان نقول ان هذا النص يتعالق مع نصوص اخرى=====
مبحث التناص أولا :
====================
نظريا يبدو إن تحديد "العلاقة النصية" بين نصين ـ أحدهما يأخذ عن الآخر او يتعالق معه ـ يمكن مبدئياً وصفها بأنها علاقة تخضع لأحد الحالتين التاليتين: آلية المصادفة؛ وآلية العمد.(3)
1- وهذا ما يمكن ان نركز عليه بتلقينا الاول للنص المطروح بادئ الامر..
فإن قلنا مثلا بآلية المصادفة: فإننا سنؤكد علي عدم الوعي بالعملية الابداعية ظاهرا وانعدام اطلاع الكاتب على الآداب الاخرى وهذا مأخذ قد نحاسب صاحب النص عنه، وهذا بتقديري لا ضير منه اطلاقا لانص دون تعالق او اثارة من نص اقدم منه ..
ومدخل آخر لا نلزم به انفسنا كقراء او متلقين من كون النص هذا (رجع الصدى ) يمكن أن ندخله تحت نمط العلاقات التأثرية الاختزانية لذائقة المبدع الكاتب أوما نصطلح عليه بتوارد الأفكار أو بتتابعات معرفية أثناء الكتابة.
2- بينما آلية العمد؛ فتنبع من العلاقة الواعية، وهي التي تكون مبنية على استراتيجية فنية نابعة من روح العمل، مدركة لضروراتها ومبرراتها في إقامة "علاقة نصية" مع عمل أخر.
وهاتين الآليتين قد ينفرد بإحداها نص دون أخر، كما قد يجتمعان في نص واحد بطرق الاستلهام التسجيلي، والاستلهام التعبيري..
======
وعند تحليلنا لرؤيته لوظيفة وآلية وشكل الاستلهام النصوص القديمة واستحضارها ؛ فسنجد أن:

1- الوظيفة:
نضج نص (رجع الصدى ) كــــــمادة تعبيرية عن الواقع الحالي.. حين استلهام التراث، وهذا ما حدده النقاد من بين وظائف التناص وهي كما ورد وظيفة "يُقصد بـــبعث هذا التراث أمــــا التغني بأمجاده، وإما باتخاذه مادة تعبيرية عن الواقع الحاضر"([4])، وكانت هناك عدة عوامل وراء ذلك، حددها بأنها عوامل فنية للهروب من الأشكال الأوربية التي سيطرت علي الأشكال الأدبية العربية، وعوامل سياسية باستمداد القوة من التراث ..

2- الآلية: من خلال قراءتنا للنص (رجع الصدى ) و كيفية استلهام التراث الادبي العالمي ، نرصد آليتين في التعامل مع عناصر النص التراثي واللتان استعملهما صاحب النص وهما التسجيلية والتعبيرية. وما لاحظنا بالنص ان الكاتب أجري هاتين الآليتين علي عناصر هي :
أ -الشخصية: وقع تسجيل تقارب بين الشخصية المرأة بنصه مع بقية الشخصيات (المغفلة )و(البنات الثلاث) عند انطوان تشيخوف من حيث توصيف الحركات والقلق وتحديد نفسية الشخصية بمواجهة الآخر
ب - اللغة : اعتمد الكاتب بنص ( رجع الصدى ) اللغة التعبيرية وهو ما نجده بالف ليلة وليلة مثلا ومنطوق السردي بقصة تشيخوف المغفلة
ج - الشكل: السردي الخطي للتعبير عن انطلاق الخط ومسار السرد
د - القالب: المونولوجي الحواري وهو ما اعتمده تشيخوف في مسرحية الاخوات الثلاث..
او ايضا الحوار الدائر بين شهرزاد وشهريار بكل نهاية قصة من قصص الف ليلة وليلة

3. الشكل: وهو القالب الذي استلهمه الكتاب من التراث لإنجاز القصة القصيرة ؛حيث نلاحظ أن هذا النص القصير أضاف جديداً لبناء القصة العربية خاصة ما تطرق له نص (رجع الصدى ) من تحديد وبلورة رؤية عن النفسية الشعورية الخارقة للشخصية المدروسة المرأة العانس حين تقدم لها العريس ما شعورها ؟ وكيف "([5].
التناص مع القصص العربية والاجنبية الاخرى ..
====== الف ليلة وليلة نموذجا ===========
بادئ الامر...
1 - على مدى سردياتها:
=============
أكدت شهرازد على (متخيل) غائب ، أو يعتبر من (العدم) لكنها بتحفيز (وعي) شهريار ، استطاعت أن تحقق (وجود) شهريار الجديد المبني على الوعي، الجديد ، ما منحه ((الحرية)) للخروج من دوامة وسواسه الغريب..
ونصنا ( رجع الصدى ) حرص الكاتب على استنباط (متخيل) غائب(العريس الذي يأتي ولا يأتي) ، أو يعتبر من (العدم) لكنه بتحفيز (وعي) المرأة ، استطاع الكاتب ان يقدم امكانية (وجود) شهريارها العريس الجديد المبني على الوعي الفقدي ، مع فارق تميزي تلك المنحة لشخصية المرأة ((الحرية)) بأن يفتح لها الله الحياة من جديد بعريس مع عزوبة وعنوسة طالت وهو ما اراد الكاتب ان يقدمه للخروج من دوامة وسواس المرأة العانس..
2- على مستوى اللغة
===========
لقد كسرت شهر ازد ، جرة شهريار ، المملوءة بالشك عبر محطات الحكايا ، حتى تجعله يؤمن بالصباح .. اما بنصنا (رجع الصدى)
استطاعت المراة العانس بفضل ما تنعمت به فكرٍ ، أن تخرج هذا الشك المتوحش بداخلها ، والمبتلى بنقمة الدونية وسطوة الذلة والمهانة ، من قوقعتها الكابوسية وخواء نفسها حتى نقلت نفسها من شغف التمركز الكلي حول النفس ، الى حالة من التوازن المعقول بمحدوديته البشرية ، وعاطفتها الى الحياة الواقعية . شهريارها هذا بات حالة (للتأمل) مع سرد العاطفة الممزوجة بالحكايا ،
==== فان كانت شهرزاد تحاول ان تقتر ب (نهار شهرزادها ) حتى يطلع الصباح (أن يكو ن كائناً ( نهارياً) وينبلج صبحها) فان الشخصية بـــ( رجع الصدى) أرادته شهرزاد العاطفة ، أن يكو ن كائناً ( نهارياً) وينبلج صبحها من قلبها (المعتم)
===== نص رجع الصدى يريد ان يقول : تبقى سطوة ( المرأة) ، أعلى مما ذهب اليه هارون الرشيد حين أقرَّ ليقول:
===========================
مالي تطاوعني البر يةُ ُكلها ***** ** * * * * وأطيعهنَّ وهن في عصياني
===========================
جدل الصورة قراءة في الثابت والمتحول بالمشهد السردي
===============================
اولا : مشكلية النص ( رجع الصدى):
================ ماذا تفعل بأمل يأتي متأخرا؟ كيف تتقبله النفس البشرية ====
قدَّم النص (رجع الصدى )بطله الرئيسي على غير عادة كثير من الكتاب ليس شخصيا انما هو هو نفسية امرأة العانس ... شخصية لا كالشخصيات .. مطمورة بداخل امرأة مهزوزة الأركان...
وهذا قوة النص وابداعه بتقديري انه اثار مشكلة الصدى / الصوت مشكلة الطيف و الصورة..
انه و عبر تأريخ ظهورالصورة كان هناك جدال واسع حول أحقيتها في الهيمنة على الملفوظ السردي فكانت ولادة الصورة نبوءة بـــ( التكثيف الدلالي ) وبإزاحة الكم اللغوي (السردي ، الوصفي) واتساع مساحة اشتغالها في الموجز الابداعي وتكوَّنَ لذلك متن صوري (شكلي) دلالي مواز للمتن الحكائي. ولذلك نقول أن هذا النص أعاد الصورة مرة أخرى وأكَّدَ أهميتها في انظمة التلقي لكي تصبح مركزًا فاعلا في بنية الخطاب الابداعي، فما تحولات الصورة واشتغالاتها إلا علامة مكثفة في الخطاب الابداعي وبلاغته و بنية فوقية تمتد بجذورها في بنية النص العميقة ومن هنا برز ابداع النص في الاجابة عن التساؤل (كيف يتأسس جدل الصورة المؤثر في تحولات الثابت في المشهد السردي
التعريف الاجرائي للصورة وجدلها
===============
الصورة: يعرف تودروف الصورة بأنها (دالٌ بديل لدال آخر يبقى المدلول فيه هو نفسه في الحالتين)
ومنه جدل الصورة هو ذلك الخزين المعرفي للعلاقة بين الذات (الفنان) والموضوع (الواقع)
وبالتالي الصورة في الاتجاهات المشهدية الحديثة هي عرض لواقع متطور قائمة على بنى عالم الأحلام والرؤى المستقبلية..
===== الثابت والمتحول =========
ـــــــــــــــــــــــــ
1- الاسلوب :
ـــــــــــــــــــــــ
لقد خطط كاتب النص رجع الصدى أسلوباً جديدا إمتاز بمغادرة الثابت النصي واجتياح مغاليق المستعصي في النص الادبي ، إذ أنه انتقل (الكاتب) بين النصوص الكلاسيكية لالف ليلة وليلة و نص المغفلة لتشيخوف اوأيضا ما نزعم أننا نجد بها هذا الكم القرائي المسرحية الشقيقات الثلاث Three Sisters ليأتي بنص متجدد فيه ما فيه من تعالق وتجديد وتفرد اسلوبي
فلقد استخدم الكاتب لانتاج سيل من الصور شكلت تحولًا في نص الف ليلة وليلة الثابت، (صورة المراة تمسك فنجان القهوة مرتعشة ) ليغادر منطق النص الثابت، وليحلق في فضائه الصوري المدهش.
وايضا استخدم الكاتب لانتاج سيل من الصور شكلت تحولًا في قصة (المغفلة ) من تأليف انطوان تشيخوف( تمتاز هذه التجربة كونها تأسست على نص واقعي يعتمد اللغة السردية والواضحة في مجمل مستوياته، فالنص يعتمد الحوارات الطويلة واللغة الواقعية (اليومية) ، أما الشخصيات فهي نماذج حياتية لا تملك أي مميزات خارقة في النصوص الكلاسيكية.
لقد تصدى الكاتب إلى هذا النص وأخذ على عاتقه عملية تطويع النص إلى رؤاة الحالمة، فعمد أيضاً إلى التكثيف والاختزال فيما يخص لغة (السرد، والوصف).
فأسس صورة مغايرة للتجربة الاخراجية في (المغفلة ) وفي (الاخوات الثلاث )واستخرج وقد وفق حقاً في زحزحة ما بداخل فضاء الكلية الشعورية من احساس ذاتي بالدونية وبالهزيمة..
نلخص المبحث لنقول :
شكل صاحب النص صورة اخرى للسرد الحكائي بادراج ظاهرة إخراجية واضحة تمثلت بمغادرة النص الادبي الكلاسيكي والدخول به الى الآني وإلى عالم الرؤى والأحلام الصورية .
ـــــــــــــــــــــ
2- الصورة
ــــــــــــــــــــــــــ
بالادب الكلاسيكي يبدو أن الصورة السردية لم تكن لها من وظيفة غير التمثيل الحسي للتجربة الشعورية الكلية، وابراز لبعض الإحساسات والعواطف والأفكار الجزئية..
لكن نص (رجع الصدى ) أتي لتتألق الصورة الشعورية العاطفية من خلال تأطير رؤيتنا الإبداعية
بعبارة اوضح الصورة السردية تعبر عن النضج الشعوري حين تحويل ملمح ما الى سينما متحركة عند كتابة النص المحكي .. انها صياغة أحداث حاضرة مبعثرة هناك/ وهناك بين الأمس واليوم والغد) وتخرج الصورة من ذخيرة الوجدان الشخصي حين تقطير تلك الوقائع وباللحظة ذاتها التي يمزج بها رؤية تراها عينه النشطة ذات مشاهد يومية على حد قول الناقد سالم يفوت ..
فاذا كان الفضاء المسرحي مدارج وصالة عرض وقاعة متفرجين وخشبة فان هناك فضاء آخر هو فضاء الصوت والصورة ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 - التعدد الدلالي في البناء المشهدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما لوكنتَ ستنصب مسرحا بنصك :(مسرحية : منصة عالية وستارة ووجود مسافة اتفاقية تحدد الفواصل بين مساحة المشهد التمثيل والصالة) وعليك كــــكاتب ان تملأه ان تعبئه بفكرك...
وهذا الفضاء معد بالكلمات والحروف ليمتليء بالقوة بصريا وصوتيا ودلاليا..
حسبت صاحب النص يقول لنا وهو يقدم جمله الاولى والاستهلال بالقصة القصيرة
ان المشكلة في الفضاء المشهدي هي انه فضاء محمول على تعدد الدلالات، وهذا ما يميز خاصية المشهد الرمزي او التعبيري، فتكون امام مجموعة من الصور الرمزية التي تأخذ مداها التأويلي فقط عندما يحددها الفضاء النصي ..اي ان النص المشهدي يتحدد ويدرك في حدود فضائية قبل أي شيء اخر، ومنه أن النص السردي هو صورة مرئية ستدخل "فضاء فارغا" في المقام الأول على حد تعبير "بيتر بروك" ثم لا يلبث الكاتب يبدأ حجرا حجرا يؤثثه بما حوله او بما يحيط به بواسطة مؤشرات منظورة صورية دلالية
ا======
خاتمة
======
لقد وفق النص ( رجع الصدى) أن يكون نصا طلائعيا من خلال تعالقه مع نصوص عدة عالمية وكلاسيكية كانت مرتكزا للانطلاق نحو نص جديد
وما لفت انتباهنا كقراء انه اراد ان يعمق استخدام التعدد او البوليفونية على حد تعبير البرتو ايكو في التاطير الجاد لعملية السرد الصوري من خلال انفتاحه على اكثر من حدث في وقت واحد(نفسي عاطفي / أدبي / فلسفي) واتخاذ العناصر الصورية كما لو كان يحرك كاميرا الصورة بشكل خاص بغاية توجيه تركيز انتباه المشاهد على رجع الصدى والانتقال بين الأحداث الى جانب الصوت (المتزامن وغير المتزامن) خاصة حين تم توظيف ذلك كله في الإنقسام الصوري والتشطير الصوتي للمونولوج الداخلي وهذا ما استنتجناه والمتمثل في التحكم في تسلسل وتتابع الأحداث المتعددة على شاشة الروح والشعور .
هكذا يمكن الخروج بمجموعة من الإستنتاجات لعل من ابرزها ما توصل اليه الكاتب من اعتماد الانقسام الصوري في التبئير السردي وما يتعلق بعرض الأحداث العاطفية دفعة واحدة اضافة لمعالجته لمشكلة السرد المتزامن بالرغم مما تتيحه الية الانقسام الصوري من امكانية ابتكار وسائل جديدة لتشكل وظيفة اخرى للسرد المشهدي بالرغم من ان الحفاظ على الصراع الدرامي كان صعب الامساك به أولا ولكن عنصر التشو يق قد أوفى المهمة .
====

========= المرجع
1- الرّؤيا الشّعرية بين التّصورين الغربي والعربي ؛ محمد عبد الرضا شياع
الحوار المتمدن-العدد: 1915 - 2007 / 5 / 14 - 05:55
المحور: الادب والفن
2- _ سالم يفوت- الكتابة الإبداعية العربية والعالمية، مجلة شؤون عربية، العدد: 78 يونيو 1994, ص:95



#أ.حمد_حاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التخييل البيكارسكي المفتوح: بالثلاثيات بالقصة القصيرة جداً / ...
- ثلاثيات صوغ الشخصية
- قواعد الخلوة الأربعون .. نموذج TRILOGY التريلوجي بالقصة القص ...
- التوازى والمونتاج : تقنية من تقنيات السينما بالقصة القصيرة ج ...
- نموذج القصة الثلاثية الابعاد/التريلوجي TRILOGY الحديثة القص ...
- جماليات تفريغ الذاكرة في الفضاء النصي بالقصة القصيرة جدا
- نموذج القصة البوليفونية الحديثة القصيرة جدا
- العتبة وتذويت المتن لنص قصصي قصير جدا.نص منارة للاديب محمد ا ...
- اشكاليات التعدد والتذويت، وصياغة المتن النصي البوليفوني
- قصص قصيرة جدا : تجديد من المنوفونية إلى البوليفونية
- قصيد في غير الشذرة والهايكو: عاشق القهوةِ الصَّهباءِ
- بنت البحَّار: ثلاث قصص قصيرة جدا
- ثلاث قصص قصيرة جدا : غارت الوجوه
- ثلاث قصص قصيرة جدا : صراخ ونواح
- قتل الأب ومركزية التأويل في محاورة النص النثري المعاصر.. نص ...
- من كلِّ الجهات قصيد : ما بعد الحداثة
- السَّارقة والوقت
- قصائد تَتطَايرُ النَّوارسُ مِن عَينيْها
- قصيد : كأنِّي


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أ.حمد حاجي - الإنقسام الصوري والتبئيرالسردي نص (رجع الصدى) نموذجا للاستاذ منجي بن خليفة