أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - كيف نراجع وكيف نتراجع














المزيد.....

كيف نراجع وكيف نتراجع


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5818 - 2018 / 3 / 17 - 18:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف نراجع وكيف نتراجع
جعفر المظفر
لا بأس من تبسيط الأمرعلى الشكل التالي .. حينما يضعف الجسم نتيجة قهره وجوعه وعطشه ومعاناته وإحباطه, أي تتكالب عليه كل العوامل النفسية والعضوية المنهكة يكون عندها عرضة للإصابة بعدوى الجراثيم بسهولة. الآن لنطبق هذه الحقيقة على عالم السياسة : العراق هو ذلك الجسم, أما عوامل إضعافه ففي مقدمتها الطائفية والفساد المتجسد كلاهما في نظام متأسس عليهما وعلى الكثير من العوامل السيئة الأخرى التي تتفرع منهما بالأصل.
على الجهة الأخرى الجرثومة هي داعش, وقبلها القاعدة .. تظهران في العراق فتجدا أمامها جسدا متفسخا ومهيأ لترعرهما وإنتشارهما لذلك يكون من الطبيعي ان تتمكنا من هذا الجسم بسهولة فتعشعشا فيه وتعيشان عليه.
الآن يأتي إليك من يسألك لماذا لم تنتشر داعش بين أهل الجنوب والوسط وإنتشرت في المناطق الغربية من العراق, وكأنه بذلك يريد أن يقول إن العرب السنة في العراق هم في الأصل دواعش ليس إلا.
إن رجلا كهذا أما جاهل وأما سفيه.
فإن كان سفيها فإن الإجابة عليه ستكون مضيعة للوقت, لأنه بالنتيجة سيهزمك, تهريجا وخِفَّة وخِسَّة, ليجعلك تندم على الساعة التي قبلت الرد عليه, والإمام علي هو من قال: ما ناقشت سفيها إلا غلبني, فكيف بنا الآن وقد كثر بيننا السفهاء الدجالون.
وإن كان ذلك الرجل جاهلا فلن يكون هناك أسهل من أن تجيبه : تصور أن لك ولدين, أحدهما عاقل بطبيعته والثاني تكالبت عليه الظروف لتخربه, فكيف ستتصرف حينها؟ هل يحتاج الأمر إلى ذكاء كبير أو خبرة عميقة حتى تفهم أن إبنك الثاني بحاجة إلى متابعة أكثر وعناية أفضل وإهتمام متواصل بدلا من أن تسلط عليه كل ما يشي بأنك لا تظنه إبنا لك وإنما عدو.
وما دام بعض العرب السنة قد تهيأوا في هذه المناطق لمحاباة داعش أو الإنظمام إليها نتيجة ظروف أضعفها الولاء الفقهي لداعش, كون هذه الأخيرة, الوهابية التكفيرية, لا تتفق فقهيا مع كل المذاهب الإسلامية, بل أنها تكفرها جميعا بدرجات ومستويات مختلفة, والدليل أنها تحارب ضد الليبيين والتونسيين والمصريين حيث الناس هناك أكثرهم شوافع ومالكيين وحنفيين, أما في العراق فهي قد أشبعت السنة أيضا قتلا وتقتيلا, وراح ضحيتها في يوم واحد على سبيل المثال أكثر من خمسمائة من عشيرة واحدة هي عشيرة (بو نمر) ناهيك عن مئات الضحايا من العشائر الأخرى.
إن هذا يعطيك القدرة لكي تفهم أن (سنة العراق) بعد الإحتلال لم يتمحوروا ضد سياسي الشيعة بسبب تناقضهم الفقهي الديني كما يشاع, وإنما لأمور تتعلق بقضايا إنهيار الدولة القديمة, كما أن الطائفية السياسية في العراق لن تكون في صالحهم حينما يكون هناك نزاع على السلطة في المقام الأول, فالتوزيع الطائفي العراقي يقول ان أكثرية العراقين العرب هم من الشيعة في مقابل عدد السنة المقدر بنسبة لا تخدم مطلقا عملية خوضهم للصراع السياسي على أساس طائفي.
على الناحية الأخرى, طائفيو الشيعة في العراق, هم الذين يهمهم بالدرجة الأولى أن يجري تقسيم المجتمع طائفيا, وأن يجري تقسيم السلطة كذلك, لأن مفهوم الأغلبية الطائفية يوفر لهم قدرة الإستيلاء على السلطة ثم إستضافة السنة بعدها لأخذ حصة منها تتناسب مع عددهم القليل نسبيا.
إن ذلك لا يعني مطلقا أن السنة العراقين كانوا جميعا بمنأى عن الإنحيازات والولاءات الطائفية, غير أن إستعمالهم لها سياسيا كان يجري بإحتراس شديد لأنه يعلمون أنها سلاح بحدين, الأشد قطعا فيهما سيكون ضدهم, ولذلك كان من صالح سياسيي الشيعة الذين تمثلوا بداية في أحزاب كالدعوة والمجلس الإسلامي ومن ثم الصدريين, كان من صالحهم أن تكون لهم أحزابا طائفية على العكس من سياسي السنة الذي يأتي بناء الدولة المدنية ذات الهوية الوطنية لصالحهم وقد ظل حزب الأخوان المسلمين وحزب التحرير أحزابا مجهرية بالمقارنة مع التجمعات السياسية الشيعية.
هل يعني أن هذه المناطق (السنية) لا تتحمل نصيبها أيضا في إحتضان داعش. لا أحد بإمكانه أن ينكر أن نسبة واضحة منهم كانت إستقبلت داعش وأحسنت إستضافتها. في المقابل لا تستطيع النسبة العظمى من سياسي اليوم من الشيعة أن تنكر تعاونها مع الأمريكان لإحتلال العراق وتحت شعارات من ضمنها عدو عدوي صديقي. إن الإعتراف بأن هذه المناطق قد صارت حواضن لداعش يكشف من جانب آخر أنها لم تكن أقل إلتزاما بشعار عدو عدوي صديقي, بل أنها على الأقل كانت قادرة بشكل أفضل على تبرير هذا التعاون بحجة وجودها وداعش في دين واحد.
لنتذكر كل ذلك ونعيد النظر فيه حتى نشرع لبناء بلدنا من جديد عارفين تماما كيف نراجع وكيف نتراجع , وإن من ضمن ما سنعثر عليه أن داعش لم تكن قادرة على أن تأخذ حصتها من المشهد العراقي لولا وجود الطائفية والفساد والتبعية للأجنبي, وأن النصر على داعش في هذه المرحلة لا يعني القضاء عليها نهائيا, وإنما ستكون عودتها, وإن تحت مسميات أخرى, رهينة ببقاء نظام الطائفية والفساد وغياب القرار الوطني.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيط بيط, يا محلى صوت التعفيط : بالوثيقة... مجلس الوزراء يواف ...
- مزرعة الخنازير
- ثنائية البدائل المجحفة
- ثلاثة قرود
- عرب فرس ترك دين سياسة
- ثلاثة إسلامات .. القسم الأخير
- ثلاثة إسلامات .. سرقة العصر*
- ثلاثة إسلامات ..
- في بيتنا فريال الكليدار
- العرب والمسلمون .. هل إستعمروا العراق ؟
- أخا وطن
- وضّاح اليمن
- أمريكا أولا أم إسرائيل
- تهويد القدس أمريكيا
- وادي السيليكون في العراق وصناعة الأحياء الأموات
- ربحوا الله وخسروا القدس
- محاربة الفساد في العراق أم محاربة داعش .. أيهما الأصعب
- عن المسألة الكردية .. لكي لا يتحول الحلم إلى كابوس
- الحريري .. خرج ولم يعد
- العراق .. إعادة تكوين


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - كيف نراجع وكيف نتراجع