أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد علام - تكنولوجيا المعلومات: من سلاح ضد الاستبداد الى داعم له !*















المزيد.....

تكنولوجيا المعلومات: من سلاح ضد الاستبداد الى داعم له !*


سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)


الحوار المتمدن-العدد: 5817 - 2018 / 3 / 16 - 22:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تشهد مصر خلال الفترة الاخيرة، هجمات اشد شراسة مما سبق، على المساحات التى سبق ان حررها الانترنت فى مجالى الحريات الخاصة او العامة، بهدف خفض مستوى ممارسة الحريات، من مستوى الانترنت الى مستوى التلفزيون النظامى، للدرجة التى معها تم تقنين ممارسات عبر قوانين من شأنها ان تهدد وحدة الوطن وسلامة اراضيه، فحينما تتحول المعلومات حول من يشكل تهديداً للامن او لا، الى منتج يحقق منافع شخصية، عندها تتغير قيم الثقافة الوطنية، وهذا التغير لا يشكل محفزاً على التجسس وانتاج المعلومات الكاذبة لاى اسباب شخصية فحسب، بل يولد دافعاً قوياً لاستمرار الخوف والشعور بالخطر، اللذان يشكلان عوامل عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى.

للاسف ان الدور الذى تساهم به الشركات الخاصة العالمية العاملة فى مجال تكنولوجيا المعلومات، فى سياق سعيها الدائم لتعظيم ارباحها، تلعب دوراً يوفر ادوات فعالة فى الرصد والتحليل والتعقب، لتشهد الساحة "الافتراضية" المصرية صراعاً بين قوى الحجب مستعينة بأحدث انجازات تكنولوجيا المعلومات، وبين قوى الاباحة مستعينة بمبادرات شبابية خلاقة، مبعثها ايمانها العميق بقيم الحرية؛ ومازالت المعركة مستمرة.




الانترنت، تحطيم سلطة النشر:
التلفزيون الديكتاتورى، الانترنت الديمقراطى!
دائماً ما كانت المعضلة الرئيسية التى تواجه حرية الصحافة والاعلام (المكتوب، المسموع، المرئي)، هى حرية النشر، وليست حرية التحرير، فممثل سلطة النشر فى اى مؤسسة هو من يمتلك الحق "المطلق" فى نشر او عدم نشر اى مُحرَر اياً كانت قيمته؛ ليس المهم ماذا تكتب، وانما المهم ان يجد ما تكتبه طريقه للنشر، والا فقد اى قيمة آنية له، وتحول الى قيمة تحريرية مؤجلة، قد تجد يوماً طريقها للنشر، او فى الاغلب، لا ترى النور ابداً؛ بدون نشر، المحرِر غير موجود اصلاً.

بعد ان كان التلفزيون ذو الاتجاه الواحد هو المسيطر، جاء الانترنت ذو الاتجاهين، وبعد ان كان التلفزيون المسيطر والمسيطر عليه "الرقابة"، هو فقط من يرسل وعلى الجميع الاستقبال فقط، اصبح للجميع، مع الانترنت، الحق فى الارسال والاستقبال و"بدون رقابة"، لذا كان الانترنت منذ البداية "اختراع" بغيض لدى كل ديكتاتور، فرد او نظام، اعتاد على انه وحده الذى "يرسل" ولا يحق للاخرين سوى الاستقبال فقط، لقد حطم الانترنت سلطة النشر، ومعها حطم السلطة "المعنوية" للديكتاتورية، فرد او نظام.


إزدهار شركات تكنولوجيا المعلومات فى " سوق الارهاب" !

انه عالم الشركات الخاصة: شركات، شركات، شركات .. ان العديد من التكنولوجيا المستخدمة حالياً فى الحرب على الارهاب، مثل كاميرات المراقبة والتعقب عبر الانترنت والتنقيب فى البيانات الشخصية، قد طورتها شركات القطاع الخاص، فى الاصل، من اجل بناء بيانات مفصلة عن الزبائن لفتح ابواب جديدة للتسويق امام الشركات، الا ان الانزعاج الواسع من هذه التكنولوجية التطفلية وما تمثله من اعتداء على الحرية الشخصية، قد اعاق تطورها؛ لتأتى احداث 11 سبتمبر لتزيل هذه الاعاقة، اذ بات الخوف من الارهاب فجأة اكبر بكثير من العيش فى مجتمع رقابى، بات الآن من الممكن بيع المعلومات الشخصية التى تم جمعها من بيانات تكنولوجيا المعلومات، ليس فقط لوكالة سفريات او للمتاجر كبيانات للتسويق، بل ايضاً وبقيمة متضاعفة، لاجهزة الامن المختلفة كبيانات امنية. لقد قايضت "رأسمالية الكوارث" الحرية الشخصية مقابل الامن، فحققت ارباح طائلة.

لقد لعبت ادارة بوش فى نهاية التسعينيات مع مجمع "وادى السيلكون"، دور الرأسمالى المجازف الذى يغدق فى الانفاق فى فترة الاندفاع الاولى دون انتظار النتائج، وبينما كان الهدف فى التسعينيات تطوير البرنامج الاستثنائى العصرى، "الانترنت"، وبيعه لشركة "مايكرسوفت" او "اوراكل" بات، الهدف الان هو ابتكار تكنولوجيا للبحث عن الارهابيين المحتملين للقبض عليهم، وبيعها لوزارة الامن القومى او الـ"بنتاجون"، وبالاضافة الى الشركات الحديثة وصناديق الاستثمار، انشأت صناعة "رأسمالية الكوارث"، سوق "الحرب على الارهاب"، جيشاً من الشركات التى شكلت لوبيأ جديداً قوياً ومزدهراً باستمرار.

لقد حدث الازدهار الاول فى صناعة الامن القومى مع كاميرات المراقبة، حيث وضعت 204 مليون منها فى بريطانيا، اى واحدة لكل 14 شخصاً، و30 مليون كاميرا فى الولايات المتحدة تصور حوالى 4 مليارات ساعة تصوير فى السنة!، ولكن ذلك ولد مشكلة: فمن كان سيشاهد ويحلل 4 مليارات ساعة تصوير؟!، وهكذا ظهرت سوق جديدة "لبرامج التحليل" تمسح الاشرطة وتخلق التطابقات، وهو ما خلق اكثر العقود ربحية للشركات الخاصة، على سبيل المثال: دفع سلاح الطيران 9 مليارات دولار لمجموعة من هذه الشركات، فى عقد واحد.

انفجرت صناعة الامن القومى فى غضون بضع سنين فقط – وهى كانت بالكاد موجودة قبل احداث 11 سبتمبر – لتصبح اضخم حتى من "هوليوود"، او صناعة الموسيقى، لكن اكثر ما يدهش فى الامر هو ندرة تحليل هذا الازدهار فى مجال الامن والتحدث عنه فقط كعنصر اقتصادى!، على انه تلاق لا سابق له بين سلطات شرطة غير مضبوطة ورأسمالية غير مضبوطة، ودمج بين مراكز التسوق والسجون السرية، وحينما تتحول المعلومات حول من يشكل تهديداً للامن او لا، الى منتج يباع كالمعلومات حول من يشترى كُتب هارى بوتر عبر موقع "امازون"، عندها تتغير قيم الثقافة المعنية، وهذا التغير لا يشكل محفزاً على التجسس والتعذيب وانتاج المعلومات الكاذبة فحسب، بل يولد دافعاً قوياً لاستمار الخوف والشعور بالخطر الذين كانا وراء انشاء الصناعة فى الاصل.


تكنولوجيا المعلومات، من سلاح ضد الاستبداد الى داعم له!

ما ان حققت ثورة تكنولوجيا المعلومات هذه الانفراجة الديمقراطية الحديثة، حتى انقض عليها حكام العالم المستبدين، المتقدم والمتخلف، لتتحول ثورة تكنولوجيا المعلومات من اداة للاطاحة بالانظمة الاستبدادية الى خدمة الهدف المعاكس.
لقد امتدحت شركات التكنولوجيا فى التسعينيات منافع عالم بلا حدود وقدرة تكنولوجيا المعلومات على الاطاحة بالانظمة الاستبدادية وهدم كل الجدران، واليوم، فى اطار تركيبة رأسمالية الكوارث، انقلبت ادوات ثورة المعلومات لتخدم الهدف المعاكس، وتحولت الهواتف النقالة والانترنت فى هذا الاطار، الى ادوات قوية للمراقبة الواسعة النطاق عبر انظمة اكثر واكثر استبداداً، مع تعاون تام من قبل شركات الهاتف المخصخصة، ومحركات البحث.

استبدل تفكيك الحدود، الرمز والوعد العظيمين للعولمة، بصناعة مراقبة الحدود المتفشية، من المسح البصرى والهويات بالمقاييس البيلوجية، الى سياج الفصل المتطور المصمم على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، بقيمة 5,2 مليار دولار لشركات خاصة، ومع انتقال شركات التكنولوجيا من مجال الاعلام والاتصالات الى مجال الامن القومى، كانت النتيجة دمجاً غريباً بين ثقافتى الامن والتسوق.

تتولى الشركات الخاصة ايضاً عملية ادراج الاسماء والمنظمات على لوائح المراقبة، كما ينطبق ذلك على برامج مطابقة الاسماء فى بنك البيانات. وابتداء من يونيو 2007 كان هناك نصف مليون اسم على لائحة الارهابيين المحتملين، كما سبق وان حدد نظام الاستهداف الممكنن فى نوفمبر 2006 تصنيفاً فى "تقويم الخطر" لعشرات الملايين من المسافرين عبر الولايات المتحدة، والذى لم يفصح عنه ابداً للمسافرين، عن عناصر مريبة كشف عنها النقاب عبر التنقيب التجارى عن المعلومات، مثل المعلومات التى تعطيها الخطوط الجوية عن "تاريخ المسافر فى شراء تذاكر الذهاب، واى مقعد يفضل، وسجلات الشخص المسافر بانتظام، وعدد الحقائب، وكيف يدفع ثمن التذكرة، وحتى محتوى الوجبات التى يطلبها، للحصول على تصنيف "تقويم خطر" لكل مسافر.

الا ان احتمالات الخطأ الناجم عن تحليل البيانات الشخصية بسبب أختلاف الثقافة او اللغة، وهو كثيراً ما يحدث، تكفى هوية خاطئة واحدة آتية من مغامرات الصيد الالكترونى هذه، لتصنيف رب عائلة لا يتعاطى السياسة، ويبدو ان الاسم ينطبق عليه كارهابى محتمل (على الاقل بالنسبة الى من يجهل الثقافتين العربية والاسلامية)؛ فقد يقبض على اى شخص ويصنف "مقاتلاً عدواً"، بالاستناد الى اثباتات من هذه التكنولوجيا المثيرة للشكوك، مثل صورة غير واضحة تم تحديدها عبر برنامج التعرف الى الوجه، او اسم لم يكتب بالشكل الصحيح، او جزء من محادثة اخطأ احدهم فى تفسيره، وان لم يكن من "المقاتلون الاعداء".

حين يصل السجين الى المكان المحدد، يواجه محققين، اكثر من نصفهم يتبع شركات خاصة لمتعاقدين مع الجيش او المخابرات، الذين لديهم المحفز الاقتصادى القوى لاستخدام التقنيات اللازمة للحصول على المعلومات المرادة، ان ارادوا الحصول على عقود مربحة وتجديدها، فعليهم "سحب المعلومات الفعالة"، كما يريد ارباب عملهم، بغض النظر عن مدى صحتها.
انه ظرف موات للاستغلال، فكما يقول السجناء اى شئ تحت التعذيب لوقف الالم.
سأل عضو فى محكمة عسكرية ذات مرة، معتقل مصرى مسجوناً فى "جوانتنامو":
"هل تعرف لم قد تكون الحكومة والمخابرات الباكستانية قد فضحت امرك وسلمتك الى الامريكيين؟"
فبدى السجين مرتاباً حسب النسخة المنشورة.
اجاب السجين:
"يا رجل، انت تعرف ما الذى حدث؛ يمكنك ان تشترى شخصاً فى باكستان مقابل 10 دولارات، كيف اذاً مقابل 5000 دولار؟"



سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam


* عن الكتاب الملهم "عقيدة الصدمة"، صعود رأسمالة الكوارث. للكاتبة والباحثة الفذة، كندية الاصل، نعومي كلاين.
https://www.4shared.com/office/WE6mvlL6/____-_.htm
فيلم مترجم للعربية عن نفس الكتاب. https://www.youtube.com/watch?v=YRDDQ9H_iVU&feature=youtu.be



#سعيد_علام (هاشتاغ)       Saeid_Allam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناريوهات ما بعد فوز السيسى بالرئاسة الثانية ؟!
- فى مصر ايضاً: إثراء الاقلية، عبر إرعاب الأكثرية !
- -حرباء الفاشية-، سلطة ومعارضة !
- -الشرعية الدوارة- فى مصر !
- هل انتهى فى مصر، مشروع الانتقال ل-دولة مدنية ديمقراطية-، على ...
- -شبح- ايمن نور، يحوم حول انتخابات 2018 ؟!
- ثم يسألونك فى مصر: من اين يأتى التطرف والارهاب ؟!
- تفعيل -الازمة- فى مصر، يسمح بقبول ما لا يمكن قبوله !
- مأزق -الرئاسة الثانية- للسيسى ؟!
- انتهازية النخب السياسية، تعمل ضدها !
- مع استمرار -عزلة- القوى المدنية: -الانتفاضة- القادمة فى مصر، ...
- ان لم يكن -السيسى- سياسياً، فماذا يكون ؟!
- مرض نخبة ال-داون تاون-، المزمن ! -ستون عاماً من العزلة-
- عندها يرحل السيسى ؟!
- لاتغيير بدون مجتمع مدنى قوى: -محجوب عبد الدايم-، يترشح لرئاس ...
- النخبة المصرية والانتخابات، ونهاية -السبع العجاف- ! السناوى، ...
- ليس لدى الجنرال من ينافسه .. اليس كذلك ؟!
- -السيسى- رئيس فترة ثانية، وليست اخيرة !
- هل يفعلها -عنان- ؟!
- لماذا السقوط الثانى -المسخرة-، ل-شفيق- و -عنان-، واقعاً ؟!


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد علام - تكنولوجيا المعلومات: من سلاح ضد الاستبداد الى داعم له !*