أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح أمين الرهيمي - من مآثر عبقرية المفكر الكبير كارل ماركس















المزيد.....

من مآثر عبقرية المفكر الكبير كارل ماركس


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 5816 - 2018 / 3 / 15 - 20:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن المفكر الكبير كارل ماركس حينما وضع نظريته العملاقة (النظرية الماركسية) لم يعالج ويحلل الأفكار ويضيف إليها أو يجري معالجتها وتفسيرها ويتركها على حالها وإنما فندها وقلبها في مسيرتها وصوابها وصحتها فأصبحت نظرية عملاقة تسير على قدميها بدلاً من أن تسير على رأسها بشكل مقلوب.
فكان هذا المفكر الكبير قد خطى خطواته الجديدة أثر دخوله إلى الجامعة في السابعة عشر من عمره واقتحم الحياة بنهج ثوري عنيف وجعل يتفحص الفلسفة (الهيغلية) تفحص الناقد المدقق وكان جريئاً في قوله وفعله وما كان يتهيب الاصطدام مع أتباعها وحاملي لوائها الكثيرون حيث كان يحمل سيفاً حاداً في نقد ومحاربة مثاليتها وضربها بنقاطها الضعيفة التي بنيت عليها وأخذ من ديالكتيكها سلاحاً ضدها وطلع بديالكتيك جديد مستوحى من الحقائق العلمية المادية لا من الفكرة المثالية التي تستوحيها فلسفة هيغل، إذ لم يكن عند ماركس ايمان بشيء إلا بما يدله عليه العلم والواقع التاريخي.
إن فلسفة هيغل تقوم على أساس مادي وروحي معاً على اعتبار أن الروح شيء مستقل هو من إبداع الفكرة. إن الروح الهيغلية وإن اختلفت عن الروح (الروحانية) التي يبشر بها الفلاسفة الروحانيّون إلا أنها روح مثالية من فكرة مثالية ومن عقلانية إنسان مثالي ابتدعه هيغل وإن هذه الفلسفة لم تخل من شيء مثالي مجهول فيما وراء الطبيعة البشرية وماديتها هو الفكرة. إذن لم يكن لفلسفته بدّ من خلق روحية مثالية ليس لتطور المادة العلمي ولا لصقل وتطور المادة الدماغية المنبثق عنها العقل يد في التدرج للوصول إليه. هذا ما يجعل ديالكتيك هيغل ينتهي عند حاجز لا يدرك ما وراءه إلا بالحدس أو بواسطة فكره مثالية. من هنا كان الاختلاف في تفسير الفلسفة الهيغلية بين تلامذته بالذات بين الروحانيين منهم وبين الماديين وكان كارل ماركس بين الفئة الثانية أكثرهم صلابة وأشدهم موقفاً في تخطيه فلسفة هيغل وديالكتيكها. لقد ظهرت أفكار وأسئلة لدى الفلاسفة عما هو جوهر التاريخ ؟ ما هي قاعدته الأصلية التي تأسست عليها كل جوانبه المتعددة بشكل نهائي ؟ ما هي العلاقة التناقضية الأولى التي تؤسس التاريخ ؟ ما هو محركه ؟
عن هذه الأسئلة أجاب هيغل : (أن محرك التاريخ هو الفكرة المطلقة). ورد عليه الفيلسوف فورباخ : (لا ... ليس محرك التاريخ هو الفكرة المطلقة .. بل هو الإنسان الملموس). فرد عليه الفيلسوف فرويد قائلاً : (إن محرك التاريخ ليس هو الفكرة المطلقة ولا هو الإنسان الملموس .. بل هو تسامي الطاقة الجنسية). فرد عليه الفيلسوف سارتر قائلاً: (إن محرك التاريخ .. لا هنا .. ولا ذاك ... بل هو المعنوي الوجودي). فرد عليه الفيلسوف ميشيل فوكو قائلاً : (إن كل ذلك مجرد أوهام .. فمحرك التاريخ الحقيقي ... هو النسق البنيوي). فرد عليهم الفيلسوف كارل ماركس في الأطروحة الحادية عشر ضد فورباخ قال : (إن الفلاسفة لم يفعلوا سوى تفسير العالم بطرق مختلفة والسؤال الآن .. لماذا ذلك التعدد في التفسيرات ؟ .. لأن لكل فيلسوف رؤيا خاصة في الواقع الشديد التنوع في جوانبه سوى جانباً واحد مجرد .. وحتى مع ذكر تلك الجوانب .. سواء التي ركز عليها الفلاسفة أو غيرها فإن ذلك لا يستنفذ الواقع التاريخي في شموليته .. لأن الفكر الذي أمسى إليه هيغل لتأسيس نظريته الفلسفية موجود فعلاً في التاريخ لكنه كجانب واحد فقط من ضمن جوانب أخرى لا تحصى .. لأن الإنسان الذي طرحه فورباخ كبديل لفكر هيغل هو أيضاً موجود على أرض الواقع ولكن يضعه جانباً من الجوانب الأخرى ونفس الشيء يمكن قوله عن فرويد حول الجنس والمعنى الوجودي عن سارتر والنسق البنيوي عند فوكو وباقي النظريات الأخرى المتشابهة في العلوم الإنسانية الحديثة.
من هذا نستدل أن الفيلسوف حينما يستبدل نظاماً معرفياً بنظام آخر فإن هذا لا يعني بأنه خرج من فلسفة ليسقط في فلسفة أخرى من نفس الطبيعة حتى ولو كانت تختلف عنها في الشكل ... ما هي الطبيعة الجوهرية للأرضية الفلسفية العامة المشتركة بين جميع الفلاسفة رغم اختلافهم ؟ هذه هي طبيعة قلب العلاقات الواقعية بمعنى أن الفيلسوف بدل أن ينطلق في تفسيره للتاريخ من العلاقات الواقعية الأصلية التي هي الأساس في كل شيء فإنه بالعكس ينطلق من الظواهر .. التعبيرات والتجليات وجوانب الفروع لتفسير التاريخ .. إنه يريد أن يفسر الجوهر الأصلي بالتعبير المظهري لذلك الجوهر يدل العكس في محرك التاريخ بالنسبة إليه هو إذن التعبير الخارجي للعلاقات الواقعية. هذا التعبير الذي يتخذ له شكل هذه المنظومة الفلسفية أو تلك أو شكل هذا النظام الحقوقي أو ذاك أو شكل هذا النسق البنيوي في الفلسفة عند فوكو أو في التحليل النفسي اللاوعي عند (لاكان) أو في الاثنولوجيا عند (ليفي شتراوس) أو غيرها فالقول بأن الجوهر للتاريخ هو هذا الجانب أو ذاك كالقول مثلاً بأن جوهر الكتاب هو ورقه أو شكله أو لونه أو لغته ... الخ. فهذه الأشياء جميعها ليست سوى جوانب ثانوية للتعبير عن جوهر أساسي هو العلاقة التناقضية بين القارئ والمقروء وحين يقلب الفيلسوف العلاقات الواقعية (العلاقات بين الجوهر وتعبيراته الخارجية) فإن وعيه نفسه يصبح وعياً مقلوباً والوعي المقلوب هو وعي وهمي .. وعي زائف.
إن الوعي المقلوب للعلاقات الواقعية هو الأيديولوجيا ... فالأيديولوجيا إذن ليست شيئاً آخر سوى وعي العلاقات الواقعية .. وعي العلاقات بين الجوهر وتجلياته ولكن بطريقة مقلوبة (تقديم التعبير الخارجي عن الجوهر الأساس ... من هذا يتبين أن الفلاسفة لم يفعلوا سوى تفسير التاريخ بطرق مختلفة ... فإنه يقصد بذلك أن هذه التفسيرات ظلت تفسيرات أيديولوجية أي مقلوبة (وهمية وزائفة).
ولذلك فالمطلوب هو التحرر من الوعي الأيديولوجي المقلوب ... وما هو الطريق إلى ذلك ؟ إن الطريق إلى ذلك هو قلب المقلوب بمعنى إقامة علاقات واقعية بين العلاقات الواقعية (الجوهر من جهة وتعبيراته الخارجية من جهة أخرى). وهذا يعني اعتبار الجوهر معطى أول وتعبيراته الخارجية على صعيد الوعي معطى ثاني (وهذا بالضبط هو المقصود بعبارة ماركس الشهيرة ... ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم الاجتماعي بل وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم ... بهذا القلب للعلاقات الواقعية المقلوبة يكون ماركس قد أحدث ثورة عظيمه في نظرية المعرفة البشرية وعن طريق هذه الثورة المعرفية الجذرية استطاع ماركس الانتقال من دائرة الأيديولوجية إلى دائرة علم التاريخ الماركسي وجعل التاريخ البشري يقف على رجليه بعدما كان يسير على رأسه .. والمحرك الأصلي للتاريخ الذي سيكتشفه ماركس انطلاقاً من نظريته الثورية الجديدة ... هو العلاقات التناقضية الجوهرية على صعيد الإنتاج المادي وهي علاقات الإنتاج بالمعنى العام مع الطبيعة في مرحلة أولى .. ومع البشر والطبيعة في مرحلة لاحقة فهي (المادية التاريخية وهي المادية الجدلية في النظرية الماركسية) وعلى أساس علاقات الإنتاج قام الصراع الطبقي ... وإن الصراع الطبقي هو محرك التاريخ البشري ... والمادية التاريخية ليست علماً للتاريخ وحسب بل هي أيضاً أيديولوجيا للطبقة البروليتارية الثورية ... إنها أيديولوجيا ثورية لأنها من جهة تفسر التاريخ بهذه الطريقة الأيديولوجية أو تلك وقد فسرت بالطريقة العلمية الوحيدة الممكنة وهي المادية الجدلية ... ومن جهة أخرى فهي لم تكتف بالتفسير (كما كان يفعل الفلاسفة) بل لقد أرادت تغيير العالم من خلال انخراطها الواعي المنظم في الصراع الطبقي الواقعي الموضوعي الذي تخوضه البروليتاريا وهي الطبقة الاجتماعية الوحيدة المؤهلة لإعطاء مخرج ثوري لذلك الصراع .. ومن هنا فإن مفهوم البراكسيس ومن ثم مفهوم الحزب الثوري يعتبران مفهومين حاسمين في النظرية الماركسية التي تعتبر ثورة شاملة تمتلك الحقيقة الكلية.

المصادر :- أطروحة ماركس الحادية عشر ضد فورباخ.



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة 8 / آذار عيد المرأة العالمي
- الجزء الخامس عشر (مآثر من نضال الحزب الشيوعي العراقي) التهيئ ...
- الجزء الرابع عشر (مآثر من نضال الحزب الشيوعي العراقي) انتفاض ...
- الجزء الثالث عشر : (من مآثر نضال الحزب الشيوعي العراقي) انتف ...
- الجزء الثاني عشر : من مآثر نضال الحزب الشيوعي العراقي / الحز ...
- الجزء الحادي عشر : من مآثر الحزب الشيوعي العراقي / الحزب الش ...
- الجزء العاشر (من مأثر نضال الحزب الشيوعي العراقي) الحزب الشي ...
- الشهيد البطل سلام عادل مناضل نذر حياته للشعب
- دور العقل في الابداع الفكري
- هل العراق دولة تحتاج الى الخصخصة؟
- الوداع الاخير
- توضيح للحقيقة والتاريخ
- إلى البطل الشهيد سلام عادل رمز الصمود والتحدي
- هل ترامب إرهابي ..؟ .. نعم .. إن لم يكن إرهابي فهو يشجع الإر ...
- استقطاعات رواتب الموظفين والمتقاعدين + الخصخصة = الإرهاب وال ...
- الجزء التاسع : (من مآثر نضال الحزب الشيوعي العراقي) الرفيق ا ...
- الجزء الثامن : مآثر من نضال الحزب الشيوعي العراقي الرفيق فهد ...
- الجزء السابع : من مآثر الحزب الشيوعي العراقي المجازر التي ار ...
- الجزء السادس : من مآثر الحزب الشيوعي العراقي انتفاضة عام / 1 ...
- الجزء الخامس : من مآثر الحزب الشيوعي العراقي الحزب يتصدى للم ...


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح أمين الرهيمي - من مآثر عبقرية المفكر الكبير كارل ماركس