أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الشمري - جمهورية باب السور














المزيد.....

جمهورية باب السور


علي الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 5813 - 2018 / 3 / 12 - 13:16
المحور: الادب والفن
    


(قصة)


اعتادت باب السور، الحي الشعبي الصغير، ان تستيقظ بين فترة و أخرى على صراخ احد البيوت الصغيرة فجرا، ليشهد الحي خروج الأهالي جميعا صارخين لاطمين وجوههم، دون ان يسأل احد ماذا جرى؟
الكل يعلم ما جرى ، لاغيرها، انها الحرب التي باتت تقطف زهور الحي واحدا تلوا الاخر، بالأمس كان الصراخ مرتفعا من اجل حمودة الجايجي الذي ترك امه المريضة وحدها و اجبر على المشاركة بالحرب رغم انه الوحيد لعائلته، لم تدم مدة بقاءه في الجبهة اكثر من أسبوع حتى عاد محمولا على سيارة مرسيدس ملفوف بعلم عراقي، وريثما دخلت السيارة حي باب السور حتى خرج الأهالي من المحلات و البيوت راكضين خلف السيارة يصرخون و يبكون، وهكذا في كل مرة يدفنون شهيد و يستقبلون آخر
اعتاد خليل ابن ناجي الجبَيّر على الجلوس في مكانه المعتاد في زاوية المقهى الشعبي الصغير وسط جمهورية باب السور كما يحب ان يسميها هوَّ، و الذي يجتمع فيه كل أهالي الحي مساء، لكنه يجلس في هذا المكان منذ الصباح والى المساء، ليس لديه أي عمل او وظيفة سوى ان يقص قصصه البطولية على مرتادي المقهى أيام الحرب، وكيف انه فقد ساقه و فقعت عينه و انقطع جزء من صيوان اذنه عندما داس على لغم نصبه لهم الأعداء في الجبهة
كان يضع سيكارته طوال اليوم في زاوية فمه و يخرج الدخان بأستمرار من الزاوية الأخرى، حتى انه تعلم بعض الخدع، مثل ان يصنع دوائر بدخان السيكارة، او ينفثه على شكل دفعات غريبة
ثم انه كان يعرف أبناء المحلة و نساءها و اطفالها واحدا واحدا، ولأنه يجلس في المقهى طيلة النهار فأن يشاهد سكان الحي بنسائه و رجاله يمرون من امام المقهى ذهابا لوظائفهم او مدارسهم او أعمالهم الأخرى، واذا ما مرت احدى النسوة اللاتي اعتاد على مرورهن كل صباح او افتقد احداهن، فأنه يصيح على أي امرأة تمر من امامه بصوته الذي يشبه صفارة الانذار
- اكلج عيني
- ها حجي
- اشو حسنة ماكو اليوم، مراحت للسوك؟
- مريضة متكدر تطلع، يلا اودعناكم
- شبيه مريضة، أخاف .... استغفر الله ، و يجرها بسعلة قوية مصحوبة ببلغم كثيف، تف، يبصق عند رجله و يعود ليدخن سيكارة جديدة بجلسته المعتادة في زواية المقهى
كل النساء اللاتي كن يمررن من امامه يعرفهن، الا ام حمودة الجايجي الذي جيء به قبل شهر او اكثر ملفوفا بعلم عراقي، لم يكن يشاهدها كثيرا، لذلك كان يواجه صعوبة في التعرف عليها، كانت قد تغيرت كثيرا، لا تخرج من بيتها الا للضرورة، و لا تختلط بنسوة الحي و لا تشاركهم افراحهم و لا احزانهم، انتبه لها خليل ابن ناجي الجبَيّر وهي تخرج في الشهر مرة واحدة من بيتها الملاصق لظهر المقهى في العكد الثاني الى عبود العطار الذي يقع تكانه العتيق في اطراف الحي ، الى العطار فقط، تشتري منه شيئا ثم تعود الى البيت، أصاب برير فضول قوي لمعرفة ما تشتري هذه المرأة التي تلف نفسها بعباءة سوداء من الأعلى للأسفل ولا يبرز من بين عباءتها سوى عينيها الغائرتين مثل نقب في الأرض، وكأنها خشبة يابسة ملفوفة بسواد، أراد ان يذهب الى العطار و يسأله لكن عبود وهو عطار الحي لا يجيب على أسئلة الناس الا بعد ان يمازحهم و يضحكهم و يعفط حينا و يتعارك أحيانا أخرى وهو ما جعل خليل ابن ناجي الجبَيّر يبقى جالسا في مكانه لأنه لم يكن له المزاج الجيد من اجل عبود و مزاحه، صدفة مرت ام حمودة الجايجي من امامه و كأنها ظل فقط، لا جسم لها و لا قوة، حتى ان رياح الصيف الضعيفة كادت تسقطها ذات مرة
صاح خليل ابن ناجي الجبَيّر
- حجية ام حمودة، حجية
توقفت لثانية دون أي كلام، وكأنها تنتظر سؤال خليل الفضولي حتى تكمل طريقها الى بيتها
- حجية شعندج يم العطار، اشتشترين منه، كولي الي اني اجيبلج انتي مريضة مابيج حيل تطلعين
اجابت ام حمودة بتهكم
- اشتري صبغ اسود للملابس
- لا اله الا الله، حجية موكافي حزن، بسج تصبغين ملابسج اسود، ابنج راح شهيد والله يرحمه، كل واحد ونصيبه، شوكت راح تبطلين تشترين صبغ ملابس اسود من عبود العطار، دكافي ...
- من تنتهي الحرب ..... ويرجع حمودة من المقبرة ...
عود ابطل ....



#علي_الشمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائد لليل و الحرب
- الى سعاد خاتون وليس لزامل بالتأكيد، من طفل مراهق
- آمالُ ميتة
- ذكاء الساسة ام غباء المواطن
- الايمان سلاح ذو حدين
- ((الاصلاح في ظل ثقافة الانبطاح))
- هل أصبح الارهاب لغة عالميه؟؟؟
- ((الطائفيه داء العصر المزمن))
- ((هل أدرك العرب حقيقة ربيعهم الزائف؟؟؟))
- ((الغباء التركي قد يعجل بتغيير خارطتها السياسية))
- مراجيح الجنة ونفاخات يزيد بن معاويه
- ((هل بالامكان قيام تجمع ديمقراطي عربي قادر على أعادة التوازن ...
- ((المثقف والتطرف نقيضين لا يلتقيان)
- ((ألف شكرا لموقع الحوارالمتمدن ))
- ((قبول فكرة تقسيم العراق))
- ((الوصايا العشرة في الديانة المانويه))
- ((وطن وشعب بلا خطوط حمراء))
- ((عرش العراق يقطر دما))
- ((الانتخابات البرلمانية العراقية بين أجندة الداخل والخارج))
- (داعش يتجول في مقبرة وادي السلام في النجف))


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الشمري - جمهورية باب السور