أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سليم نزال - حديث الذكريات














المزيد.....

حديث الذكريات


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 5813 - 2018 / 3 / 12 - 12:42
المحور: سيرة ذاتية
    


احب دوما الرجوع الى الامكنة القديمة لكى اعرف ماذا حل بها .لقد تغيرت اوسلو فى العشرين عام الماضية الى درجة انى اشعر انها فقدت بعضا من خصوصيتها .اعتقد ان الامكنة تشبه البشر الى حد كبير.فما ان يعتاد المرء على الذهاب الى تلك الامكنة حتى تصبح نوع من ملاذ له.
المقاهى الصغيرة التى تديرها عائلة اختفت تقريبا الا هنا و هناك فى اطراف المدينة.صارت كلها شركات يعمل فيها موظفين .انتهى ذلك الشعور ان المرء ذاهب لزيارة صديق اكثر منه الى مقهى.فنحن فى عصر العولمة و عصر غزو الشركات لكل شىء.
و لى صديق قابلته منذ بضعة ايام كان حريصا ان يذهب ليرى كوبا لانه كما قال ان تاخر فهو لن يرى كوبا القديمة حين تغزوها الشركات الامريكية.

كان يدير احد المقاهى فى اوسلو رجل فى غاية الطيبة و عندما ذكر اسم بلده لم اكن قبل سمعت بها من قبل.
و لعل افضل وصف لهذا الرجل ما قاله صديق ان هذا الرجل لا يصلح الا ان يكون قهوجيا اى صاحب مقهى.و بالفعل من الصعب تخيله يعمل فى مهنة اخرى.

تعرفت اليه من خلال زوجته البرتغالية التى كانت معى فى اول كورس نرويجى.و فى تلك الازمان لم تكن النروج مهياة لكورسات للغتها . لم يكن صفا بالمعنى الكلمة بل غرفة فى شقه و كنا حوالى خمسة عشر طالبا و طالبة من بلاد متعددة.

اتذكرمنهم زميلا يونانيا و كان شيوعيا . كما اتذكر زميلة كانت خليط استرالى فرنسى سويسرى و كانت امها تعيش فى القاهرة ولم تزل تحب اغانى ام كلثوم .و قد صرنا اصدقاء و قد زارتنى هى ووالدتها عندما جاءت امها لزيارتها. و حين قلت مرة لمدرسنا فى اللغة انى قرات قبل مجئى للنروج مسرحييتين لابسن بان على وجهه الاستغراب ذكرت له ان ابسن مترجم ايضا للعربية فى مصر كما زلت اذكر و قرات واحدة منها بالعربية والاخرى بالانكليزية.
.كانت ثقة النروجى ببلده ضعيفه فى تلك الاوقات.و هو امر غير مستغرب لبلد كان مهمشا فى تاريخه و خاضعا تارة للدانمارك و تارة للسويد.

كنت اتردد الى المقهى و معى عادة كتاب .و ان لم يات احد من الزملاء معى كنت اجلس اقرا الى ان يخف الزبائن. لكنه كان مشغولا كل الوقت تقريبا تارة ينظف ماكينة القهوة و تارة يحمل الفناجين و الصحون و ينظف الطاولة و يحى الزبائن خاصة اولائك الذين يترددون باستمرار.

.كان دوما هاشا باشا مع الزبائن.و كان عندما تاتى امراة و معها طفل يسارع الى حمل الطفل و يبدا بالقيام بحركات لاضحاك الطفل .قالت لى سيدة كان طفلها معها انها صارت تاتى الى المقهى من اجل طفلها بالدرجة الاولى.
كما كان يستمع لمشاكل البعض من زبائنه و كنت اقول له مازحا انت صاحب مقهى و عامل اجتماعى و مختص نفسى.
لكنه عندما كان ينتهى من كل هذا كان ياتى مهرولا و معه فنجان القهوة و كان التدخين فى تلك الايام مسموحا فى المطاعم و المقاهى فى امكنة خاصة و لم يصدر قرار المنع النهائى الا فى عام 2000.

كنت اراه فى الفترات الاخيرة صدفة بين حين و اخر بعدما توقفت عن الذهاب الى المقهى و كان يسير بتثاقل و المرض باد عليه .قال لى مرة عندما قابلته فى الطريق يبدو ان الله يفتقدنى .كان يحاول ان يبتسم و يحاول اخفاء حزنه.يا له من موقف محزن !

و لحسن الحظ انى وقتها عرفت من صديق عن وفاته .لانه
لللاسف يتوفى اشخاص احيانا بدون ان نعرف . ذهبت مع الصديق لكى نعزى زوجته. لم نجلس طويلا.تبادلنا بضعة كلمات وسط الصمت ثم مضينا صامتين .



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول عالم رسالة الغفران
- عن عالم مضيفات الطائرات !
- عن المذكرات الشخصية
- عن نعمة جمعة ,عن رجل من جيل مناضلى الزمن القديم !
- نحن نتجه بقوة نحو الفوضى او عالم ضياع الحقيقة.
- ليس مهمة الكاتب ان يكتب على طريقة ما يطلبه المستمعون!
- من دفتر الايام !
- خيل لى انه الربيع !
- مؤشرات اولية على نهاية مرحلة تاريخية !
- حتى انت يا بسام ؟
- عن جمهورية الخوف !
- رحلة فى قطار الحياة!
- عن تجربة الابداع
- امسيات رائعة !
- من اجل تكوين خطاب فلسطينى فى الغرب
- فلنتذكر ميخائيل نعيمة
- مكانة الجزيرة فى عالم الادب
- غدا يوم اخر !
- عن طقوس الانتماء!
- عن ابى يوسف الطحان و عالم الاحزان الكبرى و الموت !


المزيد.....




- تحقيق لـCNN.. قوات الدعم السريع تطلق العنان لحملة إرهاب وترو ...
- ستتم إعادتهم لغزة.. مراسل CNN ينقل معاناة أمهات وأطفالهن الر ...
- أردوغان يريد أن يكمل -ما تبقى من أعمال في سوريا-
- استسلام مجموعة جديدة من جنود كييف للجيش الروسي (فيديو)
- عودوا إلى الواقع! لن نستطيع التخلص من النفط والغاز
- اللقاء بين ترامب وماسك - مجرد وجبة إفطار!
- -غباء مستفحل أو صفاقة-.. مدفيديف يفسر دوافع تصريحات باريس وب ...
- باشينيان ينضم إلى مهنئي بوتين
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 31819 قتيلا ...
- هل مات الملك تشارلز الثالث؟ إشاعة كاذبة مصدرها وسائل إعلام ر ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سليم نزال - حديث الذكريات