أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - حسين عبد الرازق - ثورة أكتوبر الاشتراكية 1917 دروس النصر والهزيمة















المزيد.....

ثورة أكتوبر الاشتراكية 1917 دروس النصر والهزيمة


حسين عبد الرازق

الحوار المتمدن-العدد: 5813 - 2018 / 3 / 12 - 05:34
المحور: ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا
    




فى 7 نوفمبر 1917 ، وبعد 20 عاما من تأسيس " حزب العمال الاشتراكى الديمقراطى الروسى" استطاع " البلاشفة " فى الحزب إقامة أول دولة اشتراكية فى العالم فوق أراضى الامبراطورية الروسية" القيصرية" السابقة .. دولة العمال والفلاحين والجنود .. ليبدأ تاريخ جديد لشعوب هذه " الامبراطورية " ، وللقارة الأوربية، وللبشرية جمعاء .

كان الحزب قد انقسم أثناء مؤتمر عام 1902 حول تكتيكات العمل الثورى ، إلى جناحين .. الأكثرية " البلاشفة" ، والأقلية " المناشفة" . وفى سبتمبر 1917 ، كان " البلاشفة" أو " الحزب الشيوعى" بزعامة " لينين" يقود لجان العمال والفلاحين والجنود الثوريين ، ويقود السوفيات للاستيلاء على السلطة وإعلان ثورة أكتوبر الاشتراكية.

وقد اكتسب " الحزب الشيوعى السوفيتى" ، " حزب لينين" العظيم سمعة أسطورية هائلة استمرت لأكثر من 70 عاما.. امتدت منذ لحظات الميلاد الثورى المجيد خلال شهر نوفمبر 1917 وحتى أيام قليلة مضت فى شهر أغسطس 1991.

عاش ملايين وملايين داخل بلادهم الجديدة " اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية" " وملايين غيرهم على امتداد قارات الأرض الخمس .. ومع توالى السنين والعقود.. يتذكرون – ويقرأون – تفاصيل أيام الخلق الثورى ، والصراع بين الحكومة المؤقتة وسوفييت " بتروجراد" - ليننجراد بعد ذلك – وسوفيتيات العمال والفلاحين والجنود ، والهجوم على مقر الحكومة المؤقتة فى قصر الشتاء، والحوارات والمناقشات فى مقر رئاسة أركان الثورة فى " سمولنى" ، والحرس الأحمر وبطولاته، والمدمرة " أورورا "، وصدور مرسوم الأرض ومرسوم السلام .. وانتصار الثورة .

بعد عشرين عاما أخرى " 11 نوفمبر 1987 " احتفل الاتحاد السوفيتى وكل القوى الاشتراكية والتقدمية والعمالية فى العالم بالعيد السبعينى لثورة أكتوبر الاشتراكية التى قادها الحزب الشيوعى السوفيتى " . وكان من حظى أن شاركت مع الدكتور " فؤاد مرسى" – رحمه الله- فى تمثيل حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى فى هذه الاحتفالات بما فيها الندوة العالمية التى عقدت يومى 4و5 نوفمبر ورأس جلساتها " جورباتشوف " .. على هامش الاحتفالات وشارك فيها أكثر من 128 حزبا بما فيها أحزاب أوربا الغربية والاشتراكية ، وأحزاب الخضر والأحزاب التقدمية فى العالم الثالث والأحزاب الشيوعية . وشارك من مصر بالإضافة إلى حزب التجمع الحزب الشيوعى المصرى والحزب الاشتراكى العربى الناصرى .

وكنت قد زرت خلال نفس العام (1987) الاتحاد السوفيتى مرتين قبل ذلك. فى " مايو" حيث شاركت كرئيس لتحرير الأهالى فى ندوة صحيفة برافدا بمناسبة الاحتفال بمرور 75 عاما على تأسيسها ، وفى " أغسطس" فى رحلة سياحية خاصة، ومثلت هذه الزيارات الثلاثة فرصة للاحتكاك المباشر بتجربة البريسترويكا والجلاسنوست بعد عامين من الممارسة.

كان الانطباع السائد – رغم المصاعب والآلام والخطايا التى كشفت عنها سيسة " الجلاسنوست" خلال عامين من حكم " جورباتشوف" أن ثورة أكتوبر فى قمة ازدهارها . وأن " الحزب الشيوعى السوفيتى" يولد من جديد فى العيد السبعينى للثورة – يستعيد تراثه اللينينى ووجهه الانسانى والديمقراطى . تموج صفوفه – وصفوف المجتمع – بالنقاشات الحادة والحوارات الجادة والتطلع إلى المستقبل بأمل ، وبثقة بقدرة الحزب والدولة والمجتمع على تجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وعلى تحقيق الديمقراطية.

كان تقييم الثورة داخل الاتحاد السوفيتى وخارجه ، وبين وفود الأحزاب المشاركة، وبين المواطنين العاديين عاليا وايجابيا . فالثورة لازالت مستمرة بعد 70 عاما . والحزب هو الذى يقود التغيير والتصحيح . فالبريسترويكا أو إعادة البناء بدأت من داخله وبفضل قادته ولجنته المركزية ، خاصة فى اجتماعها الكامل فى ابريل .

وعندما قدم جورباتشوف تقريره فى الجلسة الاحتفالية المشتركة للجنة المركزية للحزب الشيوعى السوفيتى والسوفييت الأعلى فى الاتحاد السوفيتى، والسوفييت الأعلى فى جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية ، والتى عقدت يوم 2 نوفمبر 1987 فى افتتاح الاحتفالات بالذكرى السبعين لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى".. عكس الاحساس بانتصار الثورة والحزب وقال بوضوح لا يحتمل اللبس ..

" تاريخنا واحد لارجعة فيه.. ومهما كانت المشاعر التى يثيرها ، فهو تاريخنا وهو عزيز علينا..

.. لقد شغلت مرحلة مابعد لينين – العشرينيات والثلاثينات – مكانة خاصة فى تاريخ الدولة السوفيتية . ففى غضون 15 عاما لا أكثر تحققت تبدلات اجتماعية جذرية ، واتسعت هذه السنوات لأمور كثيرة جدا، سواء من حيث البحث عن الصيغ المثلى للبناء الاشتراكى ، أم من حيث ما تم بلوغه فعلا فى بناء أسس المجتمع الجديد . لقد كانت تلك سنوات العمل الدؤوب بجهود خارقة ، وسنوات النضال الحاد المتعدد الأصعدة . فالتصنيع وإشاعة الكولخوزات والثورة الثقافية وتعزيز الدولة المتعددة القوميات وترسيخ مواقع الاتحاد السوفيتى دوليا والأشكال الجديدة لإدارة الاقتصاد ومجمل الحياة الاجتماعية ، كل ذلك كان من نصيب تلك الفترة بالذات ، وكل ذلك كان له نتائج بعيدة المدى . ونحن طوال عقود تعود إلى تلك الحقبة مرارا وتكرارا ، وهذا أمر طبيعى. فعندنا ولد وبنى أول مجتمع اشتراكى فى العالم .. وبقيادة الحزب ولجنته المركزية بنيت فى البلاد فى آجال قصيرة ومن الصفر فى الواقع الصناعة الثقيلة بما فيها صناعة المكائن والصناعات الدفاعية والانتاج الكيماوى العصرى بمقاييس ذلك الزمان .. ونفذت خطة كهربة روسيا .. واقترح الحزب طرقا غير مطروحة من قبل للتصنيع ، وهو دفع الصناعة الثقيلة إلى الأمام فى الحال ، دون التعويل على مصادر التمويل الخارجية ، ودون انتظار التراكمات خلال سنين طويلة ، على حساب تطوير الصناعات الخفيفة ، وكان ذلك هو الطريق الوحيد الممكن فى تلك الظروف ، مع أنه كان طريقا فى منتهى الصعوبة بالنسبة للبلاد والشعب .. وحتى أواخر الثىلاثينيات انتقل الاتحاد السوفيتى من حيث المنتوج الصناعى ، إلى المرتبة الأولى فى أوروبا وإلى المرتبة الثانية فى العالم ، وغدا دولة صناعية كبرى حقا .

هل كان بالإمكان فى تلك الظروف اختيار نهج غير النهج الذى اقترحه الحزب ؟ إذا كنا نريد التمسك بالمواقف التاريخية وبحقيقة الحياة ، فليس أمامنا غير جواب واحد: كلا ..

.. وتجرى حاليا مناقشات كثيرة حول دور ستالين فى تاريخنا إن شخصيته متناقضة للغاية يجب علينا إنطلاقا من مواقع الحقيقة التاريخية . أن نرى سواء مساهمة ستالين التى لا يرقى إليها الشك فى النضال من أجل الاشتراكية والدفاع عن مكتسباتها ، أو الأخطاء السياسية الفظة والتعسف التى ارتكبها هو وبطانته ، والتى دفع شعبنا ثمنا باهظا لها .. وأسفرت عن عواقب وخيمة بالنسبة لحياة مجتمعنا.

.. لقد قطعنا طريقا صعبا، مليئا بالتناقضات والتعقيدات .. ولكنه طريق جليل وبطولى . فلا أفدح الأخطاء ولا التراجعات عن مبادئ الاشتراكية ، استطاعت جرف شعبنا وبلادنا عن ذلك الطريق الذى سلكناه عندما مارسنا اختيارهما عام 1917 .. إن فكرة عملية التغيير( البريسترويكا) تستند إلى تاريخنا السبعينى .. إلى الأساس المتين للصرح الاجتماعى الجديد مبدئيا ، المبنى فى البلاد السوفيتية .. وتوحد بين التعاقب والتجديد . بين التجربة التاريخية للبلشفية والواقع الراهن للاشتراكية.

.. أيها الرفاق إننا نسير بطريق ثورى . وإن ذلك طريق لا يصلح للضعفاء والوجلين . إنه طريق لأجل الأقوياء والجريئين .. لقد كانت الطبقة العاملة ولاتزال القوة المرشحة والطليعية للشعب .. ومنذ فجر الحركة الثورية تمسكت هذه الطبقة بالنداء اللينينى القائل بأنه ينبغى " النضال فى سبيل الحرية" ، دون التخلى ولو لدقيقة واحدة عن التفكير بالاشتراكية وعن العمل على تحقيقها وإعداد القوى والتنظيم لأجل كسب الاشتراكية ".. إن هدف عملية التغيير هو الإستعادة النظرية والعملية التامة لمذهب الاشتراكية اللينينى الذى تعود فيهما الأولوية ، التى لا يرقى إليها الشك إلى إنسان العمل مع مثله العليا ومصالحه . إلى القيم الإنسانية فى الاقتصاد والعلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية.

.. فى أكتوبر عام 1917 ابتعدنا عن العالم القديم نبذناه إلى الأبد .. وها نحن نسير نحو العالم الجديد، عالم الشيوعية . ولن نحيد عن هذا الطريق أبدا".

لم يكن هذا الإحساس بالافتخار بالثورة والحزب والوطن السوفيتى فى تقرير " جورباتشوف" نوعا من العناد أو تجاهل الواقع. فالحقائق المادية الصلبة ، والتى نشرتها دراسات علمية جادة فى معاهد وجامعات الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عامة كانت تؤكد هذه الحقيقة ، وفى ظل توفر كافة المعلومات – وبلا أسرار تقريبا – فى ظل سياسة الجلاسنوست والمصارحة ، وطرح كل شئ للنقاش وإعادة النظر من السوفييت أنفسهم.

ولم تكد تمضى الأيام على احتفالات العيد السبعين لثورة أكتوبر وانتصار الحزب الشيوعى السوفيتى واستيلاء البلاشفة على السلطة ، حتى انقلبت الصورة تماما ، خاصة بعد أحداث 19و20 أغسطس 1991 التى عرفت باسم انقلاب السبعة ، فى إشارة إلى لجنة الطوارئ التى ضمت 7 من قيادات الدولة السوفيتية وأبعدت جورباتششوف عن السلطة وأعلنت حالة الطوارئ.

اجتاحت " موسكو" و" لينينجراد" وعديد من المدن السوفيتية هستريا العداء للحزب الشيوعى السوفيتى. وسارع " يلتسن" – بينما " جورباتشوف " مازال فى " القرم" – لإصدار قرار بمنع نشاط الحزب الشيوعى فى جمهورية روسيا الاتحادية ، واستولى على مقاره بما فيها مقر اللجنة المركزية ، متهما إياه بمساندة الانقلاب . وقام البعض بنزع شارات الحزب ( والثورة) وبإزاحة تماثيل لينين فى الميادين والمبانى العامة .

وبعد أن كان جورباتشوف – بمجرد عودته من القرم- يقول " إن منع الحزب الشيوعى سيكون خطأ.." ويحذر من موجة العداء الرسمية للحزب الشيوعى بحجة دوره فى الانقلاب ، مؤكدا أنه.. " يجب أن نلجأ لاستخدام أقسى السبل القانونية ضد هؤلاء الذين أعدوا هذه المؤامرة . ولكن يجب أن لا نسمح بأى نوع من هستريا العداء للشيوعية.."

.. تراجع جورباتشوف عن موقفه وعن انتمائه ويعلن استقالته من موقعه كسكرتيرعام للجنة المركزية للحزب الشيوعى السوفيتى . وتغلق مقار الحزب فى كل البلاد ، ويعتقل قادته ، ويتم تفتيش منازلهم بما فى ذلك بعض أعضاء البرلمان السوفيتى ، منتهكين بذلك حصانتهم البرلمانية وتعتدى بعض التجمعات على العاملين فى الحزب .ويصدر قرار بتجميد أموال الحزب فى البنوك وتتوقف " البرافدا" عن الصدور ، ولا تعود إلا بعد أن تعلن استقلالها عن الحزب الذى أصدرها طوال 78 عاماً . ويصوت السوفييت الأعلى على وقف نشاط الحزب بأغلبية 283 صوتا ضد 29 وامتناع 52 ، وأغلبية أعضاء هذا المجلس الكاسحة ، كانوا حتى ساعات قليلة أعضاء قياديين فى الحزب ! طالب أحد أعضاء مجلس نواب الشعب بإخراج جثمان" لينين" مؤسس الحزب وقائده من ضريحه فى الكرملين ودفنه فى قريته . ورد " جورباتشوف" .. " فيما بعد"!

وقال " الكسندر جوليشنكوف" عضو البرلمان .. " لقد أظهر الحزب نفسه كمنظمة إرهابية وأن لـ " كى .. جى .. بى" يده التى تفرض العقاب ولكن وبمجرد تسليط الأضواء عليهم سيذهب الشيوعيون تحت الأرض مثل الصراصير".

ووقف العالم يرقب مشهدا فريدا فى نوعه . حزبا حاكما لمدة 72 عاما. قاد بلاده من التخلف والفقر بإعتبارها رجل أوربا المريض ، لتصبح أكبر وأقوى دولة فى أوربا ، وأحد الدولتين العظميين فى العالم ، ووصلت عضويته عشية هذه الأحداث إلى 15 مليون عضو ويعمل فى جهازه 000ر300 حزبى وتنتشر كوادره وتقود كل شئ من رياض الأطفال إلى قوات الصواريخ الذرية الاستراتيجية . وكان الوصول إلى المستوى الأعلى فى السلطة السياسية ، أو الصناعة ، أو الجيش ، أو الحياة الثقافية مستحيلا دون عضوية الحزب وموافقته ، ويملك الحزب 5254 مقراً ، و3583 صحيفة ومجلة على المستوى القومى وفى الجمهوريات والمستويات المحلية ، و23 مستشفى ومصحة ، وتقدر ممتلكاته وأمواله بحوالى 5ر4 مليار روبل .. هذا الحزب العملاق يبدو وقد اختفى وانهار فى ساعات .. أمام عشرات الألوف الذين تظاهروا فى موسكو ولينينجراد ، وتجمعوا لحماية " البيت الأبيض الروسى أيام الانقلاب ، والذين تصفهم " نيوزويك" الأمريكية بأنهم " شباب تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاما. إنه جيل" المستهلكين" السوفييت الواقعين فى عزام أى شئ غربى، ولايشعرون بالخجل من جمع المال . غير منتمين لأى أيديولوجية على الإطلاق . ويقول واحد من هؤلاء المدافعين عن " البيت الأبيض وهو " إلياديزنيكوف" البالغ من العمر 23 عاما وهو رئيس مجلس الطلبة فى جامعة روسيا للإنسانيات .. إن المستقبل يحمل إلينا مجتمعا صحيا، وشبابا صحيا. سندخن الماروجينا ، وسنكسب المال، وسيكون لدينا الهيبز والبوبيز، تماما مثل بقية العالم.."

لقد بدا وكأن هؤلاء الشباب قد أنهوا وجود الحزب الشيوعى السوفيتى ، بعد أن مزقوا أعلام بلادهم الحمراء ذوات المنجل والطرقة ، ورفعوا بدلا منها أعلام روسيا" القيصرية" ، وحولوا إسم" لينينجراد" إلى " سان بترسبرج" نسبة إلى القيصر بيتر الذى أسس المدينة.

ويبقى السؤال .. كيف انهار هذا الحزب

.. حزب البلاشفة .. حزب لينين؟

لا يحتاج المرء إلى أى جهد على الإطلاق لمعرفة أسباب أزمة الحزب الشيوعى السوفييتى ومحنته ، فطوال التجربة التى استمرت أكثر من سبعين عاما، ظهرت الكثير من الدراسات والكتب ، خاصة بعد جرائم ستالين فى الثلاثينيات ، تكشف عن جذور الأزمة ونواحى الضعف والقصور . وجاءت مرحلة المؤتمر العشرين فى عهد خورشوف ، ثم " الجلاسنوست " و" البريسترويكا" فى عهد " جورباتشوف" ، لتقدم مادة بالغة الغنى تضع كل النقاط على الحروف.

جاء نظام الحزب الواحد، مناقضا لميول ومنطق وأفكار " لينين" و" تروتسكى" و" كامينيف " و" بوخارين" .. وغيرهم .. وتحول المخرج المؤقت إلى قاعدة .. وكان ضمير الحزب فى صراع دائم مع حقائق احتكار السلطة هذه . ففى عام 1922 حذر لينين " وهو على سرير الموت ، الحزب من " المتسلط " و" الشوفينى" الروسى الكبير ( ستالين) .. وبعد ذلك بثلاث سنوات حاول كامينيف عبثا التذكير فى مؤتمر حزبى عاصف بوصية لينين. وفى 1926 فى اجتماع للمكتب السياسى صرح تروتسكى فى وجه ستالين بكلمة " حقا قبر الثورة" .. إنه " جنكيز خان الجديد" تلك كانت نبوءة بوخارين عام 1928 .. " أنه عازم على ذبحنا جميعا.. إنه يعتزم إغراق انتفاضة الفلاحين فى الدم" وفيما كان يجرى قمع الانشقاقات المتعاقبة كان احتكار السلطة يغدو أكثر ضيقا وصلابة . ففى البدء ترك الحزب الواحد لأعضائه حرية التعبير والمبادرة السياسية . ثم حرمتهم الأوليجاركية" الحاكمة تلك الحرية وغدا احتكار الحزب الواحد احتكار المجموعة أو عصبة واحدة، العصبة الستالينية .. وفى الحقبة التالية برزت الوحدانية الشمولية إلى الوجود ، وتحول حكم العصبة الواحدة ( فى مواجهة مقاومة عنيفة داخل الحزب) إلى حكم فردى لزعيم هذه العصبة(ستالين).. وأفرغت الماركسية ، أكثر العقائد نقدية وصرامة، من مضمونها ، وتحولت إلى مجموعة من الطقوس شبه الدينية والسفسطة الجاهزة لتبرير كل إجراءات " ستالين" ونزواته " النظرية".

إن أزمة الحزب تكمن فى انفراده بالساحة السياسية وغياب الديمقراطية فى ظاهرة الحزب الواحد ، وأيضا- وهو أمر بالغ الأهمية- فى إلغاء الفصل بين السلطات " التنفيذية – التشريعية- القضائية" واحتكارها جميعا فى يد واحدة قادرة ، هى يد قيادة الحزب الشيوعى السوفيتى.

كان غياب الديمقراطية ، ودمج السلطات كلها فى يد الحزب الواحد، هى مقتل الحزب الشيوعى السوفيتى، وكل الأحزاب التى اقتبست هذا النموذج ، وقطعت الصلة بالحزب اللينينى الصحيح.
· عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي/ مصر



#حسين_عبد_الرازق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حق المقاطعة .. ودعوة للمشاركة
- لليسار در: صلاح عيسى
- الأحزاب الشيوعية.. وروسيا والصين
- ” الحماية الاجتماعية” بديلا ل” العدالة الاجتماعية”!
- لليسار در : حماية الدستور
- لليسار در :غضب الرئيس
- القائد الحزبى الحقيقى


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- الإنسان يصنع مصيره: الثورة الروسية بعيون جرامشي / أنطونيو جرامشي
- هل ما زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار -الاتحاد السُّوفْيَات ... / عبد الرحمان النوضة
- بابلو ميراندا* : ثورة أكتوبر والحزب الثوري للبروليتاريا / مرتضى العبيدي
- الحركة العمالية العالمية في ظل الذكرى المئوية لثورة أكتوبر / عبد السلام أديب
- سلطان غالييف: الوجه الإسلامي للثورة الشيوعية / سفيان البالي
- اشتراكية دون وفرة: سيناريو أناركي للثورة البلشفية / سامح سعيد عبود
- أساليب صراع الإنتلجنسيا البرجوازية ضد العمال- (الجزء الأول) / علاء سند بريك هنيدي
- شروط الأزمة الثّوريّة في روسيا والتّصدّي للتّيّارات الانتهاز ... / ابراهيم العثماني
- نساء روسيا ١٩١٧ في أعين المؤرّخين ال ... / وسام سعادة
- النساء في الثورة الروسية عن العمل والحرية والحب / سنثيا كريشاتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - حسين عبد الرازق - ثورة أكتوبر الاشتراكية 1917 دروس النصر والهزيمة