أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عدنان اللبان - ألطيور المهاجرة















المزيد.....

ألطيور المهاجرة


عدنان اللبان

الحوار المتمدن-العدد: 5813 - 2018 / 3 / 12 - 02:03
المحور: سيرة ذاتية
    


عرفت انه سيد علوي بعد سقوط النظام . يقول سيد محسن انه رجل يعرف حدود ربه , تعرفت عليه عند قدومي الى مالمو قبل عشر سنوات . سكنا في عمارة واحدة وذات المدخل , هو في الطابق الارضي وانا في الثامن , وذهب مرتين الى الحج خلال فترة جورتنا . طلب مني ان يراني خارج الشقة ,كان ينتظرني على احدى المصاطب امام مدخل العمارة . عند قدومي انتقلت جارتنا اليوغسلافية الى مصطبة ثانية , حاولت الجلوس مكانها الا انه وقف ومسكني واشر على المصطبة الثالثة . سألته : المرأة احترمتنا وتركت مكانها حتى نجلس سوية ؟ اعرف , اعرف . واضاف : مكانها بعد حار , وحرام واحد يشعر بحرورته . صدكَ جذب سيد ؟! سألته بانفعال . اجابني : مشيها لخاطري ( وسحبني للمصطبة الثالثة ). اعرف انت ما تدير بال , لكن آني اشعر حرام علي ما انبهك . تحدث ما يقارب النصف ساعة عن معاناته بالأتصال بالدوائر السويدية لأقناعهم بالمشروع الذي قدمه اليهم , لغرض الحصول على مساعدة مالية من المبالغ المرصودة من قبل الحكومة السويدية لمساعدة العراق في النهوض من واقعه المزري . رغم انه يعرف باني اعرف ان تقديم اي مشروع لا يحتاج الى كل هذا الكلام , ففي السويد مؤسسة حكومية تدعى " اولف بالمه " , وهو اسم رئيس وزرائها الذي اغتيل عند عودته من السينما الى بيته مع زوجته مشياً على الاقدام في العاصمة ستوكهولم عام 1985. المؤسسة مسؤولة عن المساعدات والاعمال الخيرية الممنوحة للدول المتضررة والمنكوبة مثل العراق , ولديها استمارة للمشاريع , فيها الشروط الواجب توفرها في المشروع , والجدوى منه , وحاجة البلد المعني اليه . تتم دراستها , وتناقش الجهة المقدمة للمشروع , ويتم قبولها او رفضها .

يقول سيد محسن : السويديون وافقوا على المشروع , وطلبوا ان نتشارك مع جمعية عراقية اخرى , ولم نجد افضل منك , والجورة حقها علينا . واكمل : كل المطلوب منك هو ان تضع ختم جمعيتكم وتوقيعك على ورقة المشروع , وآني اضمنلك كلشي ما تسووي ولا تتعب ولا تروح للعراق , تقبض راتبك كل راس شهر بصفتك مدير المشروع وانت كَاعد هنا .
قلت : أنطيني مجال اسأل جمعيتنه . سيد محسن : يابه والله ما يحتاج تسألهم . احسن اذا تخليهم ما يعرفون , حتى لا تنفتح عليك عين , على هو اتعيّن واحنه باقين . اجبته : سيد خليني افكر بيها شوية .
عرفت من عديله حجي عباس , ويسكن ايضا في الطابق الارضي مقابل شقة سيد محسن , ان الجمعية التي يعمل بها سيد محسن عملت عدة نشاطات , ظاهرها مساعدة اللاجئين , لاكنها في الحقيقة تأخذ اجوراً منهم دون ان تخبر دائرة الضريبة السويدية , وهذا ما يسمى ( العمل بالاسود ) اي لا يدفع الضريبة , وهي جريمة يعاقب عليها القانون . وأهم هذه النشاطات دورة لتعليم سياقة السيارة , والحصول على اجازة السوق التي هي وثيقة مهمة في كل اوربا . ومن المنتظر احالتهم الى المحكمة , ولهذا السبب لم يوافقوا لهم على مشروع اعادة الطيور للاهوار .

بعد صلاة المغرب رجع سيد محسن من الحسينية , واشر لي ان اذهب اليه لأنه لا يتكلم مع عديله عباس ولا يريده ان يسمع بمشاريعه . سألني : ها انشاء الله فكرت بيها ؟ اجبته : لكن سيد أني ما عرفت المشروع شنو ؟ السيد : خل نتفق ناخذه بالخير , وبعدين تعرفه . ماتشوف ولد الحرام ( ورفع حاجبه باتجاه عباس ) مجرد ان يعرفون يرحون يشبجون عليه وي السويديين . اجبته : سيد ما معقولة انطيك كلام وآني مدير المشروع , وما اعرفه شنو ؟ السيد : لاتصير عصبي , بس كلام شرف ماتحجي بيه الا ناخذه ؟ اجبته : صدك جذب سيد ؟ ( ورفعت يدي الى شاربي ) . السيد : المشروع لكَطه , قنعتهم للسويديين بأن نرجع الطيور المهاجرة نتيجة الحروب للاهوار , والسويديين يعرفون الاهوار مركز الطيور البرية . اجبته : ما تفك ياخه مني سيد , قابل آني صكَر احود الطيور وارجعهن ؟ لا آني ولا انت عدنه علاقة بالأهوار , شلون راح نرجع الطيور ؟! السيد : انت شنو علاقتك ياخويه , آني اروح للعراق . يعني السويديين راح يجون للاهوار ويشوفون يا طير رجع ؟ خبزه وخل ناكلها شصعبتها ؟ اجبته بحزم : لا سيد هيج شغله ما لي علاقة بيها . ( برطم وهز يده , وقبل ان يدخل باب العمارة , ناداني عباس بصوت مرتفع ) : والله العظيم صاحبك ما يفرق بين الغراب وحمام الحسين , دير بالك . عدت لعباس وسألته : على كيفك وياه ماتخاف يغلط عليك ؟ عباس : ما يكَدر , يعرف ينهطر . كل اللي يسوي يتعارك وي مرته ويأمرها : هذا رجل اختج ما اريده يحاجيني .
بعد يومين اخبرتني زوجتي , ان سيد محسن امر زوجته ان تقطع علاقتها بزوجتي لأن زوجتي غير محجبة . واضافت زوجة السيد : شحاجي لهذا المصخم , ما شافج الا هسه ما محجبة ؟!

حجي عباس عريف متقاعد من السماوة . ادعى للسويديين بأنه يعاني من اضطراب عقلي , وفي احدى المرات تبول وسط الطلاب في صف تعلم اللغة السويدية . المهم حصل على التقاعد المبكر , وعينت زوجته الامية للاعتناء به من قبل الرعاية الصحية السويدية . وعندما يسأله سيد محسن عن كيفية حصوله على التقاعد ؟ يجيبه : هذه الامور مو كل واحد يدبرها , تحتاج الى زلم لترتيبها . وبصوت يختنق بالحرص , يحث حجي عباس زوجته لتحدث اختها , في دفع زوجها السيد للحصول على ما حصل عليه حجي عباس : ليش كَاعد وساكت ؟! حجي عباس حصل على تقاعد في العراق ايضا برتبة عميد,وأحد ولديه اللذين لم يخدما العسكرية عند قدومهم الى السويد لصغر سنيهما على رتبة نقيب . كل هذا وعينه ما متروسة ! : يؤكد سيد محسن . الا ان الضربة الكبيرة التي ضربها عباس جاءت بعد فترة ليست بالقصيرة , وهي التي سببت جلطة في القلب لسيد محسن عندما انتزع عباس اكرامية جماعة رفحا , وحصوله على رواتب تقاعدية اخرى له ولعائلته . يؤكد سيد محسن عندما زرناه بعد خروجه من المشفى : والله العظيم لو اعرف هو يعرف اين تقع رفحا بالسعودية متكتلني هضيمة . وعندما نقل كلامه لحجي عباس , اجاب الحجي : احنه اسلام ما ناكل حرام , هذا رزق من الله . آني اخاف من رب العالمين ما انام وي مرتي يومية واحلف للسويديين آني مطلكَ , حتى أحصّل فلاسين مو فلوس .

بعد فترة طويلة , وبالضبط بعد ان حصل العراق على اقرار اممي عن طريق منظمة اليونيسكو , باعتبار الاهوار محمية طبيعية . كان سيد محسن جالساً كعادته على احد المصاطب امام باب العمارة التي نسكنها وسط مجموعة من جماعته . وعندما رآني قادماً رفع صوته : ابن الحلال بذكره , عمي خبرهم من شوكت احنه اشتغلنه على الاهوار وما انطونه فرصة ؟ اجبته وبصوت مرتفع ايضا : اليوم البارحه صار اكثر من عشر سنين . اجابني : خل يسمعون الجماعة . اضفت بحماسة بعد ان وقفت امامهم : آني بتقديري , لولا سيد محسن ما يصير هذا القرار . من يعرف الاهوار عمي ؟ اليونسكو لو السويديين ؟ لو ما سيد محسن ؟ اجابني بحماسة اكبر : ألف رحمة على روح ذاك الآب الطيب . شونطيني خل احبك . طبعا هو لايعرف اسم والدي لحد الآن , ويعتقد ان اسم جدي الذي يلي اسمي على باب الشقة هو اسم والدي .



#عدنان_اللبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البغال تعود الى الشمال
- نغمات انصارية
- صوت انتخابي
- يقول عزيز
- ضيعوا قبورهم لكي لا تكون مزاراً
- البطل هاشم ابو البايسكلات
- اقبض فلوسك .. وآني الممنون
- فندق الشهيد
- المكلوم
- جرائم يرفضها النسيان
- الاوسط
- مفترق الطريق
- كانه بي
- الشربة حمودي
- شهداء في قارعة الطريق
- وقائع كان يمكن ان لا تكون
- دعوة انصارية
- مسرحيون في ذاكرة النضال ضد الفاشية
- آلام كان يمكن تجنبها
- أوميد


المزيد.....




- شاهد أوّل ما فعلته هذه الدببة بعد استيقاظها من سباتها الشتوي ...
- تحليل: بوتين يحقق فوزاً مدوياً.. لكن ما هي الخطوة التالية با ...
- نتنياهو يقول إنه يبذل قصارى جهده لإدخال المزيد من المساعدات ...
- روسيا.. رحلة جوية قياسية لمروحيتين حديثتين في أجواء سيبيريا ...
- البحرية الأمريكية تحذر السفن من رفع العلم الأمريكي جنوب البح ...
- صاروخ -إس – 400- الروسي يدمر راجمة صواريخ تشيكية
- إجلاء سياح نجوا في انهيار ثلجي شرقي روسيا (فيديو)
- الطوارئ الروسية ترسل فرقا إضافية لإنقاذ 13 شخصا محاصرين في م ...
- نيوزيلندا.. طرد امرأتين ??من الطائرة بسبب حجمهن الكبير جدا
- بالفيديو.. فيضان سد في الأردن بسبب غزارة الأمطار


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عدنان اللبان - ألطيور المهاجرة