أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (1 )














المزيد.....

أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (1 )


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5809 - 2018 / 3 / 8 - 03:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


انبثقت الأنا ذات يوم وقذفت نحو هذا العالم، لا أعلم لماذا أتت ولماذا جاءت ؟ المهم هو أنها أتت! لم يتبلور هذا السؤال إلا بعد مرور حوالي 18 سنة على هذا الانبثاق وعلى هذا القذف ! إنه قذف بكل ما تحمله الكلمة من وحشية وعنف، إن التفكير دائما يأتي تاليا على الغريزة ولا يزامنه، والحيوان المنوي الذي التحم مع البويضة كان مغامرا بلاشك، كان يريد هذه الحياة دون أن يفكر ودون أن يتساءل، كان تواقا لكي يصير ذاتا دون أن أن يفكر في المصير الذي سيقطعه في دروب الحياة، لم يعلم أنه كان مهددا بالانمحاق و الأفول حينما كان جنينا، لكنه قاوم وانبثق في عز الربيع، لم يكن يفكر ولم يفكر فيه، حتى انبثق وجاء إلى هذا العالم، الأغيار اختزلوا وجوده في مجامعة جنسية انتصبت فيها الحواس واشتعلت فيها الغرائز وغاب فيها العقل، دائما العقل يموت في حضن الغريزة، إنه مجرد أداة بيدها تتحكم فيه، فيموت في حضنها كما يموت الرجل بين أثداء النساء التي تتدلى كالعناقيد ، هكذا هو العقل، لا يعقل نفسه، بل تفتنه الغريزة الباحثة عن اللذة. ولدت الأنا من صميم اللذة، من تأوهات المجامعة الجنسية، من شبقية الإنسان وعشقه للغريزة، وتقديسه للحياة تحت يافطة الأخلاق والشرع، انبثق وقذف، لا يتذكر لحظة الانبثاق، الأساس أنه سقط في جهة غريبة، وهذه الجهة هي العالم، إنه جماع الأغيار الذي يخفي عالما من الأغيار المتشابهين والمختلفين، إن كل غير يولد من حضن الأنوات المتغايرة والمتشابهة المحكومة بغريزتي الموت والحياة، تتآنى وتتغاير تموت وتعطي الحياة، تتمسرح وتمثل لكي تمنح معنى لهذا العالم، تتوسل الدين والأخلاق لكي تضفي معنى على هذا العالم وتبرر وجودها. لكن ليس لديها جواب شاف عن أصلها ومآلها، اللهم حاضرها المحكوم بالغريزة التي تتوارى تحت يافطة الأخلاق . كلما تساءلت الأنا عن سؤال الوجود في هذا العالم، كان الجواب: 《الولد يتزاد برزقو》 إنه تبرير لغريزة الحياة تحت يافطة الأخلاق، وكلما تساءلت الأنا عن سر الرغبة في انمحاقها، كان الجواب: 《الشيطان اللعين》إنه تبرير لغريزة الموت تحت يافطة الدين . إننا محكومون بالغريزة، والدين هو أداة لشرعنة كل رغبة حيوانية غريزية، يقول النبي محمد: 《تناكحوا، تكاثروا، تناسلوا، فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة》 رواه البيهقي . إن النبي يدعو إلى تلبية الغريزة لغايات أخلاقية وهي التباهي أمام الأقوام الأخرى يوم القيامة، وبالتالي تكون الغريزة هي الوسيلة، لكن في الواقع تبقى الغريزة هي الغاية، وما الأخلاق سوى الأداة لشرعنة الغريزة من خلال مؤسسة الزواج. ولئن كان الحيوان يلبي غريزته بشكل مباشر، فإن الإنسان يلبيها بشكل غير مباشر، إذ يتخذ من الأخلاق مطية لتلبية غريزته، مع العلم أن الغاية واحدة تتجلى في سلطان الغريزة الذي لا يقهر، إنه المبدأ الوحيد المحرك للحياة، بل إن الإله نفسه محكوم بالغريزة، نجد الآية الأولى من سفر التكوين: 《في البدء خلق الله السماوات والأرض》 أي أن الله حينما كان وحيدا رغب في أن يخرج من عزلته، فأوجد العالم، فإيجاد العالم حكمه منطق الغريزة دون سواه، ما معنى أن يخلق هذا العالم ومصيره مكتوب في اللوح المحفوظ إذا لم تكن الغريزة هي المسؤولة عن خلق العالم ؟
 إن الإله ذات مغايرة، فلو لم تكن كذلك لما أوجدت العالم، غير أن إيجاد العالم محكوم بالغريزة، فلن يكون لله معنى دون العالم ودون الغريزة، إن التغاير هو سمة هذا العالم والمفاهيم المرتبطة به، فكما الله كمفهوم أخلاقي عمل على العالم بحكم مغايرة الغريزة، كذلك الذات انبثقت من حضن مغايرة بطلها الحيوان المنوي والبويضة. هكذا ولدت الأنا في حضن الأغيار وقذفت ذات ربيع نحو العالم بشكل مرعب ومخيف، كان العويل وكان الصراخ والأنين والصياح، لقد حكم على الأنا أن توجد في هذا العالم، وحكم عليها أن تقتحم الأغيار، تتنفس هواءهم وتأكل طعامهم وتشرب ماءهم، تتفوه لغتهم وتلبس لباسهم وتفكر على منوالهم، وتسكن مكانهم، وتنام في منزلهم، وتدرس في مدارسهم، وتحمل اسما من أسمائهم يلازمها طول حياتها كالظل، إنها منهم دون أن تكون منهم، هي الأنا وهم الأغيار، لكن أناها هي جماع أغيار تغايرت بالصدفة تآنت والتحمت، ولكن هذه الأنا هي مسار تغاير و تآن مستمر، فمن فكيف تكونت الأنا وكيف تشكلت ؟

هذا ما سنكشف عنه في الجزء الثاني .



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب: رؤية من الداخل (3) الفلسفة والصحراء: نشدان المحال قرا ...
- العرب: رؤية من الداخل (2 ) القضية الفلسطينية قراءة في كتاب: ...
- العرب : رؤية من الداخل (1 ) قراءة في كتاب : العرب وجهة نظر ي ...
- الطفولة موطن للإبداع
- الإنسان، الوادي، الآبار، العيون في بني كرزاز (3 )
- الإنسان، الوادي، العيون، الآبار في بني كرزاز (2 )
- الإنسان، الوادي، العيون، الآبار في دوار بني كرزاز/ بنسليمان ...
- كلمات les mots
- متى تنزاح الثلوج عن قريتنا ؟
- من مراكش إلى ستي فاظمة
- الصهيونية حركة استعمارية وعنصرية
- قابعون في أديم الأرض
- رحلات مغربية : مذكرات عاشقين مشردين
- ردا على بعض مريدي الزاوية المباركة!
- من تطوان إلى الناظور : 12 ساعة من الطريق اختلط فيها البرد با ...
- من تطوان إلى الناظور : 12 ساعة من الطريق اختلط فيها البرد با ...
- رحلات مغربية : جلسة مع التصوف (بحث عن الله ) . - نقطة تطوان-
- رحلات مغربية : طنجة في سطور
- رحلات مغربية : من الدار البيضاء إلى طنجة : الأم هي الجذر الذ ...
- لن يتمكنوا من إقبارنا !!


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (1 )