أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الإله بسكمار - حول - تازة الممر والمستقر ....- قراءة في الكتاب الجديد للأستاذ عبد السلام انويكة















المزيد.....

حول - تازة الممر والمستقر ....- قراءة في الكتاب الجديد للأستاذ عبد السلام انويكة


عبد الإله بسكمار

الحوار المتمدن-العدد: 5809 - 2018 / 3 / 8 - 02:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


عن دار المعارف الجديدة بالرباط صدرمؤخرا للأستاذ الدكتور عبد السلام انويكة كتاب حول تازة في موضوع " تازة الممر والمستقر بين أطماع واحتلال المستعمر ( 1902 – 1926 ) " وهو الكتاب الثاني من نوعه بعد إصدار نزل إلى السوق منذ ثلاث سنوات في محور البوادي في المغرب" قبائل في مواجهة الاستعمار الفرنسي من خلال الرواية الشفوية البرانس نموذجا" متزامنا في نفس الوقت مع كتابنا " تقريب المفازة إلى أعلام تازة "، وبإصداره لكتاب " تازة الممر والمستقر ...." يكون الأستاذ انويكة قد بدأ يراكم إلى جانب باحثين آخرين رصيدا محترما من الوثائق والكتابات التاريخية الرصينة حول تازة وأحوازها في وقت كانت المنطقة تعاني من فراغ مهول بل و ضياع كل ما تجمع من رصيدها الوثائقي سواء منه الأرشيف البلدي أو ما تعلق بالخزانات التقليدية والعمومية والخاصة وعلى رأسها ما تعرضت له خزانة المسجد الأعظم من نهب وإتلاف لكثير من ذخائرها ... عبر فترات تاريخية ومحطات معلومة، وبأشكال ومظاهر مختلفة .
لابد أن نشيرإلى ثقافة العرفان التي نفتقدها كثيرا في حياتنا الثقافية عموما، وهي التي دفعت الأستاذ انويكة إلى الاعتزاز بشهادة باحث متمكن رحل إلى دار لبقاء قدم له الكتاب السابق " البوادي المغربية، قبائل تازة في مواجهة الاستعمار الفرنسي"، ونقصد المرحوم محمد الزرهوني الذي ودعنا منذ ما يناهز السنتين وهو في عز عطائه الاكاديمي والعلمي...
جاءت هذه الوثيقة إذن لتملأ فراغا مهولا كان من حقه أن يُملأ منذ زمن بعيد، والتبعة في ذلك تقع على المتخصصين والأكاديميين وعموم كل من كان يأنس من نفسه البحث في تاريخ وتراث تازة والمنطقة، وذلك إلى حدود الألفية الثالثة، وقد يرتفع بعض العجب إزاء قلة ما كُتب عن هذه الناحية من المغرب، إذا جزمنا مع الأستاذ د خالد الصقلي من شعبة التاريخ بكلية الآداب ظهر المهراز بفاس (الذي قدم مشكورا لكتاب الأستاذ انويكة ) بأن تاريخ المدن والبوادي المغربية على عهد الحماية الفرنسية لم يحظ عموما باهتمام كاف في دراسات الباحثين المهتمين بالشأن التاريخي، وقد يعود هذا في نظر الأستاذ الصقلي إلى تردد وتخوف من خوض غمار البحث في قضايا أساسها مجال محدد وتقيد تاريخي بزمن معين، وهو تخوف طبيعي يرتبط بسؤال أساسي مفاده مدى توفر أو ندرة المادة العلمية لإنجاز دراسات بمعايير علمية، ومن هنا أهمية الدراسة التي قدمها الأستاذ انويكة للباحثين والمهتمين وعموم الجمهور المغربي على أساس التعريف بمنطقة تازة وتاريخها الضارب في الحضارة المغربية، خاصة – والكلام دائما للأستاذ الصقلي – وأن ممرها حظي باهتمام رجال الاستعمار، الذين تناولوا جوانب من حياتها الاجتماعية وتطرقوا لها عرضا في مذكراتهم ومؤلفاتهم، كما ان موقع المدينة الجغرافي وطبوغرافيتها، مكنها من لعب أدوار لا يستهان بها تاريخيا، في إطار علاقات تأثير وتأثروتفاعل بينها وبين مختلف مكونات محيطها .
المفتاح الأساس لقراءة عمل الأستاذ نويكة ينطلق من محور أو عنوان الكتاب نفسه " تازة الممروالمستقر بين أطماع واحتلال المستعمر" وهو يتأطر مكانيا بتازة أو ما عرف تاريخيا بممر تازة، والذي يمكن أن نعتبره بمثابة التمثل الغالب ليس في الكتابات التاريخية الرسمية وحدها ولكن أيضا في نظرة الكثيرين وتصورهم لموقع المنطقة ضمن المجال المغربي على وجه العموم، لكن حين نتعمق في نفس التأطير الذي اقترحه الأستاذ انويكة ضمن الإشكالية العامة للكتاب نجد أن صفة الممر مقرونة أيضا بالمستقَر وهو ما تستدل عليه مختلف الأرصدة الوثائقية سواء منها الأجنبية أو المغربية، فهذا المسلك الحيوي الرابط بين شرق البلاد وغربها شهد إحدى أكبر الحركات التاريخية مدا وجزرا إلى جانب الممرات والمسالك والمضايق الأخرى شمال وجنوب البلاد، مما يعني ربط المجال ليس فقط كمساحة عبور مؤقتة، بل بطابع الاستقرار وتبلور معالم " التحضر " إلى حد كبير إضافة إلى ذلك فالمنطقة - نعني ممر تازة وحوض إيناون - شكلت مجال استقرار منذ فجر التاريخ، فالمجموعات البشرية تنقلت وارتحلت واستقرت بهذه الجهة ومن ثمة كانت مساهمتها الفعالة أحيانا في الحركات السياسية والدينية والقبلية وقيام وانهيار الدول ونشاط الزوايا ...إلخ
بالطبع كان التقديم الشامل للأستاذ انويكة بدءا من الصفحة السابعة للكتاب بمثابة خارطة طريق للإشكالية التاريخية التي يعالجها في ثناياه، وضمن المرحلة التاريخية المحددة والمدروسة أي بين سنتي 1902 و1926 وهي تحمل تحديدين فاصلين في تاريخ البلاد أولهما انطلاق ما سمي بتمرد الروغي الفتان " الفقيه الجيلالي الزرهوني " ( المعروف ببوحمارة ) والتحديد الزمني الثاني يخص نهاية الثورة الريفية الباسلة واستسلام زعيمها محمد بن عبد الكريم الخطابي، بما طبع كل المرحلة من صراع أهلي و توغل استعماري ( متعدد الأوجه والمجالات ) ومقاومة بطولية لكل قبائل المنطقة وقبل هذا وذاك علاقة قبائل المنطقة بالمخزن المركزي .
يتوزع كتاب " تازة الممر والمستقر بين اطماع واحتلال المستعمر بين ثلاثة فصول أو محاور أساسية وتقصد صاحبه في الفصل الأول : تازة ...بعض من أوجه مجال ... زمان ...وإنسان التعريف بخصائص ومميزات المجال التازي من بنية مورفولوجية ومناخ وهيدرولوجيا مفصلا في طبيعة التكوين الجيولوجي لممر تازة والذي يعود إلى الزمن الجيولوجي الثالث، حيث كان هذا الممر يفصل بين المحيط الأطلسي والبحر المتوسط قبل ممر جبل طارق وفي ما كان يسمى " مضيق جنوب الريف " Détroit Sud Rifain ، وباعتبارتازة وممرها مجال التقاء تأثيرات هوائية رطبة محيطية غربا وجافة قادمة من اليابسة شرقا، مع التأكيد على دور المجال الحوضي ( نهر إيناون أحد أكبر روافد سبو )، أما عبر الفصل الثاني للكتاب فنلتقي مع صورة شاملة لبعض الاتحاديات القبلية الكبرى بالمنطقة، نشأتها – أصولها البشرية والثقافية – تفاعلها من المحيط إلخ، إذ يعرف الأستاذ انويكة باتحادية غياثة والبرانس والتسول وما تميزت به من خصوصيات اقتصادية وتاريخية ومجالية .
في الفصل الموالي يعرض الأستاذ انويكة لبعض الأحداث والوقائع التاريخية المرتبطة بنفس الفترة والتي كان ممر تازة مسرحا لها، بداية بالأطماع الاستعمارية الفرنسية والتي انطلقت مباشرة بعد معركة إيسلي سنة 1844، ثم توالت بأشكال وألوان عدة، وانتهاء باستغلال بعض الثورات كحركة الفقيه الزرهوني على سبيل المثال والتغلغل عبر قبائل الحدود الشرقية والتي اتخذتها فرنسا الاستعمارية ذريعة لإضعاف المخزن والدولة المركزية والبحث عن الأسباب والدوافع ذات الطابع " الاقتصادي " و" الأمني " و" السياسي "، فكان ممر تازة في طليعة الاحداث الكبرى خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين، وكانت فرنسا بعد تسربها للحدود الشرقية المغربية ترى تازة بمثابة قاعدة لانطلاق عملياتها لاحقا، وقد عزز الأستاذ انويكة الطرح الإشكالي هنا بمسألة التنافس الاستعماري حول المغرب وأثره على المنطقة ولاسيما التجاذب الفرنسي الإنجليزي ثم الاسباني والألماني في مرحلة لا حقة .
وفي فصل هام يخص استراتيجية الاحتلال الفرنسي يحلل الباحث أبعاد هذه الاستراتيجية ومظاهرها المتعددة بدءا بكتابات الرحالة والمستكشفين الفرنسيين خاصة ومرورا وانتهاء بإعداد التراب وتلك الرحلات والاكتشافات رامت التعرف على مجال تازة في وقت مبكر نسبيا مهد السبيل ( الجاسوسية الواضحة حينا والمقنعة احيانا ) عبر التقارير والكتابات الدقيقة للمخططين والاستراتيجيين الاستعماريين من أجل تكوين معرفة أشمل حول ممر تازة وحوض إيناون سواء على المستوى الاقتصادي أو البشري أو العمراني بل وعلى مستوى الرأسمال الرمزي أيضا، لأن ممر تازة كان يشكل التماس مع التخوم الشرقية والجزائر المحتلة، وظلت الجهات الاستعمارية في الجزائر تعتبر حوض ملوية هو الحد الفاصل بين الإمبراطورية الشريفة والجزائر الفرنسية، من هنا كانت منطقة تازة محل رهان أساسي من طرف تلك الجهات....
ومما يعزز الطابع التوثيقي القيم لهذا الكتاب إيراد عدة عناصر هامة لأول مرة في مجال التأريخ للمنطقة ولاسيما مستوى إعداد التراب كالكارطوغرافيا وأهميتها العسكرية وتغطية المجال الترابي والبعد اللوجيستيكي للسكك الحديدية وأهمية التليغراف في مواجهة القبائل المقاومة سواء في فترة 1914 و1918 أو خلال ثورة الريف الباسلة سنة 1925 بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي، حيث انضمت قبائل شمال تازة وخاصة البرانس والتسول للثورة الريفية مما أزم وضعية القوات الفرنسية في جبهة ورغة بحيث أطبقت قوات الريف على تازة واقتربت من فاس ....قبل مواجهة التكتل الاستعماري الفرنسي الإسباني...
ومما يعزز صدقية الكتاب منهجا ومحتوى وطرحا إشكاليا قيمة البيبليوغرافية المعتمدة من طرف الباحث سواء من الناحية الكمية او النوعية، إذ نسجل الإحالة إلى مئات الوثائق والمؤلفات والمظان الوسيطة والحديثة المغربية والأجنبية ( الفرنسية خاصة ) مما يشكل فعلا إسهاما لا غنى عنه لتاريخ المنطقة، يعزز الخزانة المحلية والوطنية خاصة وأن المجال إياه ظل يشكو من مناطق بياض ومساحات إهمال كثيرة ومتعددة .



#عبد_الإله_بسكمار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من رموز الكفاح الوطني بتازة : إبراهيم الوزاني
- من أسئلة المجتمع المدني والبحث التاريخي
- الحركة الوطنية التحررية بتازة :محطات ورجالات
- كفى من الأوهام والأكاذيب ياقوم
- منسقية النسيج الجمعوي تبهج أجواء صيف تازة بمهرجان شبابي حافل
- تازة في الوثيقة الاستعمارية / نموذج من بداية القرن العشرين
- من أخطاء مجلة زمان
- من أعلام تازة، محمد مزيان: رائد الموضبين السينمائيين المغارب ...
- علي الجزنائي المؤرخ الذي لم يُؤرخ له
- الأستاذة نبيلة منيب بتازة : نرفض الثناية المزيفة .....ومن أج ...
- حصن تازة البستيون : معلمة تاريخية تنتظر الترميم والتهييء
- شريط وثائقي لأول مرة حول فنان فطري
- لمحات من الكفاح الوطني لقبائل تازة المغربية من خلال كتاب - ت ...
- قبيلة كزناية : عن الرجال والبنادق والخيانة .......!!!
- هل ستنتصر الديمقراطية ؟
- المهازل السياسية ....إلى أين ؟
- حصن تازة ( البستيون ) .....نقاط على الحروف
- من أجل تحرير مفهوم الجهاد : رؤية مغربية
- تازة : حاضرة سلطانية في صلب العصر المريني
- محمد بلماحي التازي ....عبقرية فيزياية ونهاية ملتبسة


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الإله بسكمار - حول - تازة الممر والمستقر ....- قراءة في الكتاب الجديد للأستاذ عبد السلام انويكة