أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح سليمان - المجتمع و التشوية الممنهج للذات الإنسانية















المزيد.....

المجتمع و التشوية الممنهج للذات الإنسانية


سامح سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 5806 - 2018 / 3 / 5 - 03:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن أحد أهم أهداف المجتمعات الطبقية المستغلة ، ألتي تسودها ثقافة تراتبية قائمة على امتنان العبيد الخانعين الأذلاء للسادة الكرام أصحاب الفضل ، هو ازدياد عدد المرضى و الفقراء و المعاقين نفسياً وفكرياً و بقائهم في أسوء حال ، فعلى فقرهم وبؤسهم ومذلتهم وجوعهم وجثثهم يقف السادة ليظهروا مدى تدينهم وعطفهم ورحمتهم وتقواهم !! "
هل يوجد فى مجتمعنا الملائكي المتدين من يعرف عدد ألأفراد الذين يعيشون في المقابر أو على ألأرصفة وتمر عليهم أيام لا يجدون فيها ما يرتدونه أو ما يشبع جوعهم؟ هل يعرف أحد عدد من أرغمتهم الظروف أن يبيعوا عضو من أعضائهم ليحيوا من ثمنه، وكم أسره قد قامت ببيع أحد أطفالها أو أرغمته على العمل وحرمته من الاستمتاع بطفولته حتى يجدوا قوت يومهم ؟!
( إن الفقراء يستثمرون أطفالهم كما يستثمر الأغنياء أموالهم )
إن المجتمعات الاستغلالية معاديه و محتقره ومستنفذة للفقراء و لكل صاحب احتياج للعون والمساندة ، مجتمعات فى منتهى الوحشية والانتهازية لا ترحم البسطاء أو الضعفاء أو أصحاب النوايا الحسنه، ولا تعطى أى كرامه أو حق فى الحياة الكريمة والوجود الفعلي إلا للأغنياء الأقوياء أصحاب الحظوة والنفوذ ، فتلك المجتمعات العشائرية لا ترغب في وجود مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة في القيمة الإنسانية دون اعتبار لأختلاف المكانة الاجتماعية أو اللون أو الجنس أو الدين أو الطائفة الدينية ، بل تريد أن يسود الغنى الرحيم صاحب الفضل والإحسان، وأن تزداد أكثر فأكثر حفلات الخير والشفقة والعطف.
إن المجتمعات التي يسودها التدين المصطنع هي مجتمعات معاقة نفسياً وفكرياً وأخلاقياً،هي مجتمعات مهدرة للطاقات وقاتله لأصحاب المواهب والقدرات وأرض خصبة للتشوهات الفكرية والنفسية والسلوكية بمختلف أنواعها، تلك المجتمعات نجدها أكثر المجتمعات دعوة للتمسك بالفضيلة والأخلاق القويمة وأكثرها ترويج لنموذج الثرى التعيس المريض الذي يحيا في أسرة يسودها الخوف والحقد والطمع والكراهية،والذي يتمنى في كل لحظه أن يكون في مثل سعادة جاره الفقير المعدم من لا يجد قوت يومه ولا يستطيع أن يعول أسرته ولكنه يتمتع بالصحة والحب والسعادة الأسرية !!!!
إن المجتمعات القبلية المنافقة هي أكثر المجتمعات امتلاءً بالمساوئ والنقائص والعورات، فتلك المجتمعات هى أكثر المجتمعات استخداماً لمؤسساتها في غرس ونشر وتلقين المبادئ والأفكار التجهيلية التي تؤدى لتزايد عدد المغيبين ومنتظري الخوارق والأعاجيب والحلول السحرية، كما إنها ألأكثر ترويج لقيم الخضوع والخنوع والليونة والاعتمادية ( كله مقدر ومكتوب، أجرى جرى الوحوش غير رزقك لن تحوش، من شاف بلوة غيرة هانت عليه بلوته، من رضا بقليله عاش ) لأن كلما أزداد عدد البلهاء والجهلاء والسذج معدومي الطموح والكبرياء،أصحاب الفكر والطبيعة المازوخية، كلما تمكن أكثر البشر دهاء وخسة وانحطاط من الوصول إلى أعلى مراتب النجاح والشهرة ،الشيء الذي يزيد من ثرائهم وسطوتهم وتمكنهم من إذلال و استعباد و مص دماء كل من لهم عليهم سلطان حتى أخر قطرة وتسخيرهم على كافه المستويات ولأقصى الحدود دون أدنى اعتراض أو مقاومه أو تذمر .
إن المجتمعات العشائرية المقولبة لا تسعى إلا لتزييف وعي الفرد وبرمجته على ما يتناسب مع مخططاتها وتوجهاتها منذ طفولته، باستخدام كافة مؤسساتها؛ خاصةً أهم مؤسسة في حياة الفرد وأكثرها تأثيرًا في حياته على المدى الطويل، وهي مؤسسة الأسرة القائمة في أكثر الأحوال على التضليل والتملك والإرهاب، واستعباد الأقوى للأضعف تحت العديد من المسميات فارغة المضمون وعديمة القيمة والمعنى، وتسلط مَن يملك القوة الاجتماعية أو الاقتصادية، وهو في الغالب يكون الأب (لاحظ التسمية الشائعة "رب الأسرة"؛ فهو الكامل السيد الآمر الناهي المُطاع بلا جدال أو مناقشة)
إن المجتمعات المتيمة بصناعة وابتكار التابوهات بأنواعها، وتأليه الشخصيات العامة الشهيرة ، والانقياد الأعمى لتضليلهم، والتلذذ المازوشي بالعبودية والغرق في مستنقعات سلطانهم الوهمي الكاذب، لا تفهم إلا لغة القوة، ولا تؤمن إلا بالمصلحة، ولا تعرف سوى التنميط والتغييب والتآمر، ولا تسعى إلا لخلق كائنات تابعة ممسوخة الهوية تم محو ذاتيتها وتدمير كيانها النفسي وتشويه قاعدتها الفكرية، كائنات اعتمادية بحاجة لمَن يكفلها؛ تم قولبتها وتفكيك ومسخ وسحق هويتها، كائنات قاصرة ذهنيـًا مريضة بمختلف الأمراض النفسية والفكرية والاجتماعية، كائنات "سادومازوشية" محتقرة لذاتها ومعادية للأخر.
كائنات عبارة عن دمى متحركة وحطام إنسانية وأشباه بشر،منقادة مسلوبة ألإرادة بحاجة إلى مَن يقودها ويقوّمها ويؤدبها ويبرمج عقلها ويقيّم ردود أفعالها ويحدد أهدافها ومسارها، وهذا هو الشغل الشاغل والهدف المقدس لدى العديد من الآباء والأمهات في كافة المجتمعات، وخاصةً في مجتمعاتنا، في طريقة تربيتهم لأبنائهم بسبب شعور الوالدين بالدونية والشك في النفس وعدم الكفاية الذاتية، وانعدام الإحساس بالقيمة والجودة والقدرة على الفعل نتيجة الحياة في ظل مجتمع أبوي طبقي مستغل، تنتشر به جميع صور الخرافة والجهل والتجهيل، فالعديد من الآباء يستغلون سلطتهم الوالدية لامتلاك الأبناء ـإحدى المعتقدات الوهمية السائدة هي أن الأبناء ملكية خاصة لوالديهم _ لأنهم من صناعتهم وإنتاجهم ، ـوتسخيرهم وتشييئهم بتحويلهم إلى أدوات ووسائل لتحقيق أهدافهم، وغرس مبدأ خاطئ جدًا ومدمر في عقول أبنائهم، وهو أن سبب وجودهم هو تحقيق رغبات والديهم، بل وإقناعهم بحتمية وعظمة قبولهم لذلك الدور، لما لهم من فضل يتمثل في إنهم سبب مجيئهم للحياة، وأيضًا لقيامهم بالإنفاق وتوفير المسكن .
( إن الإنفاق والرعاية وتوفير المسكن المناسب والحياة الكريمة للأبناء، ليس فضل أو هبة أو عطية من الآباء، بل هو حق للأبناء وفرض ومسئولية على الوالدين. (
هذا بخلاف قيام العديد من أرباب الأسر بالسعي عن عمد إلى تدمير قدرة أبنائهم على الاستقلالية واتخاذ القرار والتحلي بالحزم والحسم والصلابة اللازمين لتحقيق الذات، وتكوين منهج فكرى خاص، واتخاذ نموذج الحياة الذي يجدونه الأفضل والأنسب والأكثر صلاحية .



#سامح_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل النقدى وصراعة مع القطعنه
- المجتمع وقتل الفطرة الإنسانية
- عن القصة القصيرة
- الكاتب وفن كتابة الرواية
- عن اللا مكترث
- عن المرأة والمجتمع والزواج
- العلاج المعرفى السلوكى
- فلسفة العبث عند ألبير كامي
- حوار مع الكاتب المصرى محمد إبراهيم
- حوار مع الكاتب المصرى أيمن فاروق طه
- مقتطفات من حوارات هامة ج 1
- سامح سليمان يحاور الكاتبة نانسى سامى
- عن الكتابة بالعامية
- حوار مع الكاتبة نانسى سامى ج 1
- سامح سليمان يحاور الكاتب رياض محمد
- حوار مع الكاتب المصرى أحمد رشدى
- حوار مع الكاتب المصرى هشام عيد
- حوار مع الكاتب المصرى محمود حافظ
- حوار مع الكاتب محمد ملازم
- قليل من الحب كثير من العهر ج 1


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح سليمان - المجتمع و التشوية الممنهج للذات الإنسانية