أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح3















المزيد.....

السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح3


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5805 - 2018 / 3 / 4 - 19:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد هذه المقدمة الضرورية وتجسيدا للأفكار التي وردت فيها وهي جزء مهم من مشروع أكبر ينتظر عقولا تشارك وأراء تثري الطرح، لا بد لنا أن نرسم خطوات عملية خارج مسألة التنظير والتدبر تترجم عملية أعادة تموضع الدين في حياتنا الخاصة والعامة، أساسها ومنهجها أن الدين معرفة رافعة وحاملة للفضيلة والإصلاح ويجب أن لا يتعدى دورها عملية تنقية الفكر الإنساني من لوثات الأنا والذاتية المفرطة والتي أطاحت بفاعليتها على الإنسان مشروع الديان وجوهر الفكرة الدينية، وعلى رأس هذه الخطوات العملية أن تعلن المؤسسة الدينية التي تتولى التحدث باسم الدين وترعى شؤونه أنها فقط مؤسسة هداية وتذكير وأصلاح وليست شرطيا قهريا على العقل البشري وأنها ليست وسيطا بين الله والإنسان، وكل ما تبتغيه هو أن تفسح المجال للإنسان أن يرى حقيقة وجوده ودوره وتتركه في حالة أختيار حر بين الصراط وبين أن يتحمل مسؤولية قراره مؤجلا لإرادة الله وقدره وتقديره، وبذلك تزيح عن نفسها عبء دور رسمته لنفسها خارج صلاحيات الرسل والأنبياء بإرادة تراكمت وتحولت لسيف يقهر الإنسان ويلجئه إلى النفاق أو التسليم بما لا يؤمن به حقيقة.
في الخطاب الديني هناك تضارب عقلي في ما يخص بعض المفاهيم والأحكام الواردة في نصوص مختلفة تنبئ عن تناقض ظاهري، لم تنجح المؤسسة الفقهية العقائدية أن تتداركه وأخترعت له حلول غير مقنعة أبتكرت لها مسميات ومفاهيم منها دخل الشيطان كعنصر من عناصر الحل، فجاؤوا بما يعرف الناسخ والمنسوخ وأن الله أراد شيئا ثم تراجع عنه في مرة أخرى، وكأن الديان كان ينتظر أن تمر تجربته على الإنسان ليقرر بعدها ما هو صالح وما هو دون ذلك، لذا فترك هذه المفاهيم وأخذ النصوص والأحكام الدينية وفق نسق واحد موحد هدفه الأول والأخير مصلحة الإنسان ووجوده السليم، فلابد إذا من أن نطرح رؤية الله كما هي خارج عجزنا وفشلنا أن نفهم المقصود والمعني به، وهذا يتطلب أن لا نحصر مبدأ التفسير والتعليل والتدبير داخل أطار حلقات الفقة والعقائد والأصول المتبعة في درسها الديني، ولا بد من إشراك المعرفة الإنسانية كاملة أشخاص ومناهج في بيان ما يستعصى عليها، وهذا ليس عيبا ولا منقصة بل هو شجاعة في إدراك المعاني والمباني من الفكر الديني، فالفلسفة وعلم الأجتماع وعلم النفس وكل المعارف الإنسانية هي وسائل لإدراك ما لا يدرك وما لا يترك، وعلينا أن نخضع كل ما بين أيدينا لها دون أن نضع خطوطا حمر ضد هذا الفرع أو ذاك لأجل الغاية التي نسعى لها.
إن معرفة المؤسسة الدينية بحدود دورها ومسؤولية هذا الدور نقطة الأرتكاز الأساسية في عملية الأصلاح والتنوير، وبدون هذا الإدراك تبقى تتخبط بين مشتبهات وشبهات حول حقيقة وجودها أساسا ومشروعيته، وبذلك تضع نفسها خصما للإنسان من خلال أستغلال الدين كواجهة تحتمي بها في هذا الصراع اللا مبرر واللا ضروري، كل دور المؤسسة يجب أن يكون تحت عنوان الإصلاح والإرشاد والهداية خاصة في مجتمعها الأساس وحاضنته المجتمع الإسلامي، فلم يبقى هناك دور للدعوة داخل هذا المجتمع الذي يعيش الدين ويتعامل به، فهم ليسوا خارج دائرته أو مطلوب منهم أن ينتموا له مجددا، وتقريبا الكل يعرف أساسيات الإيمان وشروطه ووظائفه على وجه التحديد، فمن العبث أن ندعوا مسلما اليوم ليكون مسلم أخر لأن المؤسسة الدينية تراه خارج دائرة نفوذها أو خارج دائرة تفكيرها المحدد.
في مرحلة تأسيس المجتمع الإسلامي الأول في عهد النبي وبعد أن أصبح المسلمون واقعا على الأرض تحولت وظيفة النبي في داخله، من منذر ومعذر إلى دور الهادي المربي وباشر ببناء وتمتين العلاقات داخل منظومة أجتماعية تطورت بفعل عمليات الإصلاح الداخلي بالحسنى وبالتي هي أحسن، لم يمارس النبي دور الحاكم المطلق ولا دور الشرطي الرقيب بل دور الأب الناصح الرقيق، وإن كان هدف الدعوة ما زال قائما ولكن خارج هذا الأطار المجتمعي المحدود، عليه فدور المؤسسة الدينية الآن دور رعوي تربوي أصلاحي يساهم في تعزيز السلم الأجتماعي ودفع المجتمع لتجديد علاقاته مع الأخر المتفق والمختلف، وأيضا دفعه لتعزيز فرص التطور والتحديث بما يتلائم مع حاجاته وحاجات الوجود، وهنا يكون لزاما عليها أن تساهم مع بقية إدارات المجتمع على دعم عمليات التحول والترقي، وأن تجعل المستقبل هدف وغاية لكل تصرف أو فكر أو ممارسة بما في ذلك الجانب العلمي الصرف، وأن تحول وجهة الإنسان من تعبد الماضي والأهتمام الكلي به إلى صنع المستقبل والتفكير به على أنه أحدى العبادات المطلوبة والضرورية للمجتمع.
وحتى يكون عمل المؤسسة الدينية بعيدا عن الشبهات والأتهامات بالتصرف بأموال بيت مال المسلمين المودع لديها، يجب أن يكون هناك نظام قانوني وقضائي محكم يراقب ويدقق كل المدخولات والمصروفات وأوجه الإنفاق، فالرقابة الشعبية حق والرقابة القانونية صيانة لها من الفساد وعبث المفسدين، وأن تكون أجور ورواتب العاملين فيها محددة ومعروفة ينتفي عندها التمييز الكيفي وأخراج مال المسلمين من يد التصرف بها حسب الأهواء والأمزجة، فكل ما لديها يعود لله ولرسوله بالمعنى العرفي وهو بالتالي مال عام غير خاضع لإرادة هذا وذاك وإن كان مدعيا الزعامة أو عاملا بها، إن سد أبواب الفساد وإعادة توزيع هذا المال وفقا للفروض المتفق عليها إسلاميا سيساهم بدرجة كبيرة في تخفيف التفاوت الطبقي بين طبقة رجال الدين البرجوازين المتعطلين عن العمل لضمان مواردهم مسبقا، وبين أغلبية عامة من الفقراء والمساكين والمتعففين الذين لا يجدون قوت يومهم.
على مستوى الأفكار والرؤى العامة على المؤسسة الدينية أن تعلن بصراحة ووضوح وبشكل معلن كتابيا أنها ضد التمييز الإنساني بين مؤمن وكافر، إلا في حدود ما رسمته الأحكام النصية من تراتيب خاصة وأن تجعلها في دائرة الخصوصية وأن لا تعمم ما هو غير عام أصلا ومحكوم بظرفه ومناسبته، وأن الجميع كبشر لهم حق الإيمان وعدمه ومن يحاسب ويجازي ويقرر هو من فرض الأحكام، وأن حدود مسؤوليتها في ذلك البيان وإلقاء الحجة وبعدها الإنسان حر فيما يعتقد ويؤمن وهو من يتحمل مسؤولية قراره وأختياره، وأن أي دعوى خلاف ذلك هي من باب العنصرية الجاهلية المقيته التي حاربها الإسلام وقضي عليها، كما عليها أن تضبط توجه الخطاب الديني في أطار الرحمة والتسامح والدعوة بالحسنى دون أن تفرض نفسها خصما وحكما وجلادا، خارج ما هو محكوم به من خلال سيرة النبي أو بالنصوص الأمرة، وأن تعتمد على عقول راجحة ومدربة وتملك من وضوح الرؤية ما يجعلها داعية حقيقية لدين الله، لا أن تترك لمن هب ودب التحدث والأفتاء والتفقه والأجتهاد بدون ضوابط ولا معيارية مناسبة تحد من فوضى الأفكار التخريبية والتحريفية.
وعلى المؤسسة الدينية واجب أساسي يتمثل بحرصها على التواصل الفكري والثقافي والحضاري مع كل الأفكار والديانات الأخرى، وأن تخصص جزء من مجهودها العلمي والفكري بأتجاه دراسة الأخر ومحاولة فهم الأفكار المنافسة أو المناظره حتى لا تعتمد في تقديراتها على النقل ومصادر غير حيادية، وأن تحاول البحث عن مشتركات أساسية وروابط حقيقية تنتمي للأنسنة وتحميها من العبث والتشويش، فالدين بالجملة هو مذهب إنساني واحد تعرض في جزء منه للتخريب والتحريف نتيجة سوء الفهم أو سوء القراءة، وهذا لا يعني البقاء أبدا أسارى لأفكار مسبقة وأراء قديمة تعتمد على الظن والتقدير، إن مساحة الدين الواسعة في حياة البشر تستوجب منا أن نكون جميعا وبمختلف التوجهات والعقائد على مستوى مسؤولية الإحساس بالمشترك الإنساني، الذي يوحد ويجمع بدا توجيه خطاب الكراهية والرفض، وتعرية خطايا وأخطاء الأخرين بناء على مواقف مشوشة وأحيانا لا يكون لها أي رصيد من الواقع.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح2
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح1
- العنب والناطور
- رجال الدين بين الوظيفة الإنسانية وظاهرة الأستبداد الديني
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح3
- تنهدات موجعة
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح2
- المثقف أمام تحديات الواقع والمسؤولية الفكرية
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح1
- نضحك ويضحكون والكل يضحك علينا....
- أنا وهو......
- اللوثرية وتجديد الإسلام تنويرا
- إنهم يسرقون العراق....
- رسالة.... إلى صديقي الرب
- الحالة العراقية بين توقعات التغيير وضغط الواقع الراهن
- الزمن القادم.... تأمل أبداعي أم هروب من واقعية الحاضر
- ليس للفقراء مكانا في الجنة الجحيم هو المأوى
- السبات خارج الوعي وإشكالية التطور
- الأمل دراسة في تأمل المعنى
- ساعة القيامة ....... الآن


المزيد.....




- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح3