أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - الشيخ نسيم .!














المزيد.....

الشيخ نسيم .!


ميشيل زهرة

الحوار المتمدن-العدد: 5805 - 2018 / 3 / 4 - 10:52
المحور: الادب والفن
    


قال لي عبودي :
ما زلت أتذكر الشيخ نسيم ، تلك الشخصية الغامضة التي مرت من بوابة الذاكرة و تربعت في صدر مطرحها ..هو لم يكن يشبه المشايخ في شيء ..مختلف كل الاختلاف في ملبسه و سلوكه ..المشايخ اتكاليون ، متسولون باسم الله ، يرتدون لباسا شبه موحد .. ليس لأنهم انضباطيون ، إنما لكي يجلدون بصرك بقسوة حضورهم ، فتحضّر ذاتك للانحناء لهم ، و تقديم التبجيل لحضورهم ..لأنهم لا يقبلون أن تواجههم كما تواجه العامة ..أليسوا النخبة التي اختارها الله لكي تجلدك بمواعظها ، فتجزّ صوفك ، و تأكل لحمك ، و تشرب لبنك ، و أنت داخل إلى زريبة وعيك ..؟؟ لكن الشيخ نسيم كان مختلفا ..لا أدري ما الذي زرعه في ذاكرتي ..لكني أذكر ، و أدرك أن ما زرعه ما زال يفور في داخلي حبا عظيما لكل الكون ..كان يوما جافا ، و كانت المنطقة لا خضرة فيها ، عندما كنا ثلاثة أشقياء بجلابيبنا الممزقة كصبية بداة ..كنا حفاة خفافا كقطط شرسة ، عندما قفزنا عن جدار واطيء إلى مزرعة الشيخ نسيم الوحيدة في المنطقة ، لكي نسرق الرمان مع الغسق ..الشيخ نسيم ، الذي اسمع بذكر اسمه فقط في طفولتي ، له تجربة لا تشبه تجربة شيخ في هذا العالم ..هو رحالة دائم بحثا عن العمل ..هو أول من حفر بئرا ارتوازيا في المنطقة ، و أول من أدخل المضخة التي تعمل بواسطة مولدة للكهرباء ، يوم لم يكن ثمة كهرباء .. فسحب الماء من الأعماق ، ليفجر الحياة و الخضرة في هذه المنطقة الجدباء ..! و أذكر أننا قطفنا ما اتسعت جلابيبنا الصغيرة ، و انطلقنا مثل جراء النمور ، فقفز الرفيقان عن الجدار ، و سقطت أنا بعد أن دخلت في قدمي قطعة من زجاج ، و انداحت الرمانات الثلاتة من حجري ، و أجهشت في بكاء مرير و مسموع ، و نسيت أني لصّ صغير في موقع صاحب المزرعة ، عندما خرج من خلف الشجيرات رجل باسم الوجه ، مريح ، لكنه دبّ الرعب في قلبي ، لو لم يبادرني بقوله : أسرع يا بني ..لقد سبقك الأصحاب ..خذ رماناتك و امض قبل أن يأتي الشيخ نسيم صاحب المزرعة ..و عندما علم أن قدمي تنزف ..تغيرت ملامحه ، و تغضن وجهه ، و سأسأ من بين أسنانه ، أسفا : لا عليك بني ، سأضمد لك جرحك ..إنه بسيط ، ها قد سحبت قطعة الزجاج من الجرح ..! و سحب من جيبه محرمة ، لا بد أنه يستخدمها في تجفيف عرقه ، و لفّها على قدمي الجريحة ، و جمع لي الرمانات الثلاثة ، و وضعها في جلبابي ، و ساعدني أن أقفز الجدار ، و أهرب ، مؤكدا لي : لنهرب قبل أن يأتي الشيخ نسيم ..لو قبض علينا سيسلمنا للشرطة ..نظرت في وجه الرجل ..لا أدري كيف أشكره ,,هو لصّ يساعد لصا ..لكني شاهدت في وجه ذلك اللص ، بعد أن حمضت الصورة في ذاكرتي الحالية ، سعادة لا توصف ..و عطف عظيم ..و محبة قل نظيرها : عندما قال : بني لا تركض ..امش على مهلك ..و أضاف : أنا سأهرب من هنا ..و مضى الرجل ،و قد تعلق نظري به و هو يمضي إلى الجانب الآخر من المزرعة ن و في قلبي الصغير ، أحمل له حبا كبيرا ..و شكر لا يفيه حقه .. وكم تمنيت أن أمضي خلفه لأقول له كلمة ما تليق بفعلته ..لكني مضيت أحمل في أعماقي مشاعر غامضة لم أفهمها يومذاك ..كان فرحي كبيرا لشعوري أني فزت بالرمانات ، و لكن الفرحة لم تكتمل عندما طلبت الجدة ، الذكية جدا ، أن اشرح لها بالتفصيل الممل ، من أين سرقت الرمان ..و كيف ، و لماذا ..جدتي ، كانت من الجدات اللواتي لا يستطيع الحفيد أن يكذب عليهن ..و عندما سردت لها قصة الرجل اللص الذي ساعدني ، و ضمد جرجي ، بكل صدق .. سحبتني من يدي مع الرمانات إلى مزرعة الشيخ نسيم و هي مقطبة الجبين عابسة الوجه ، خجلة ، لأن حفيدها تصرف تصرفا لا أخلاقيا ، و عندما نادت بأعلى صوتها : يا شيخ نسيم ..خرج علينا رجل نضر الوجه ، مبتسم ، عرفت فيه اللص الذي ساعدني في سرقة الرمان ومضى..!!
ومن يومها أتساءل في سري : لماذا فعل الشيخ نسيم ما فعله ..؟؟



#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيتكوين ..العملة الرقمية العالمية .!
- القميص .!!
- نصّ بلا ضوابط .!
- الوحل .!!
- سقوط الحلم ..!
- الابداع جمعي ..!
- القبلة بوابة المدينة ..!!
- الأذن و اللسان .!
- النافذة الواحدة .!
- العقيدة ، و اغتيال روح النص ..!!!
- جنون التعاويذ .!
- غزل .!
- حكاية من رفوف الذاكرة .!
- قالت سعدى لأخيها سعدو .!
- العقل المعارض العربي ..!
- سعدو متسولا .!
- سعدو متسولا ..!
- عشق الوهم ، و جنون الحب في الصحارى .!
- للبالغات ، و البالغين ..!
- كأنه الأبدية ..!!


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - الشيخ نسيم .!