أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح2















المزيد.....

السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5805 - 2018 / 3 / 4 - 04:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح2

سادسا وأرتباطا بما سبق فلا بد لنا من إعادة النظر في الكثير من هذه القضايا والأساليب والوسائل، توافقا مع حالة التجديد وبما يضمن أولا أداء الواجب منها مع تقليل ما تفرزه من حالات غير مناسبة، مثلا ما قيمة القباب والمأذن والأجراس في الكنائس أيضا في الوقت الذي تتوفر فيه البدائل العملية الأكثر فاعلية في أداء الواجب والوظيفة، إذا كانت القباب والمأذن والأبراج الكنسية وغيرها من شكليات الدلالة وعلامات أستدلال، فاليوم الإنسان قادر على التمييز والفرز بما يملك من وسائل تقنية وفنية مناسبة وكافية في تأدية المطلوب، ولا علاقة لهذه الأشكال لا بالتدين والعبادات أو ضرورية حتمية لها، ولا في قبول الله لها أو أنها مفروضة بما فرض الله أحكاما علينا لها أهداف وغايات وعلل مرتبطة بالمصلحة، فيمكن للإنسان أن يصلي في أي مكان بشرط الطهارة والحلية فقط، أما مسألة أجتماع الناس والصلاة المشتركة فيمكن تأديتها في أي مكان عام أو خاص على أن لا يكون هذا المكان حصرا على هذه الشعيرة أو تلك.
سابعا في الوقت الذي يرفع فيه المسلمون جميعا شعار (اطلب العلم من المهد إلى اللحد) وشعار (أطلب العلم ولو كان في الصين)، لا نجد أي أثر عملي وتطبيقي لهذه الشعارات في الواقع، والسبب يعود لقضيتين مهمتين، الأولى أطلاق مفهوم العلم على كل المعرفة الدينية وهو أطلاق غير صادق ولا مصداق له، لأن العلوم محكومة بقوانينها المادية والتجريبية، والمعرفة الدينية معرفة فكرية تحصيلية مثالية لا تخضع لمتطلبات العلم تجريبا لا بالنتيجة ولا بالبرهان، ثانيا أشاع الكهنوت الديني أن العلم الديني في حالة تناقض وتضاد مع العلم التجريبي ولا بد من الفصل بينهما على مبدأ التناقض والتضاد الواجب والحتمي، وبذلك وضعوا خطا صادا ومانعا من أن يكون العلم المقصود في الشعار هو العلم التجريبي البرهاني المبني على الحقائق العملية، وأفرغوا الشعارات من مضمونها الفعلي وتحريف أهدافها ومقاصدها لصالح منهج أستبدادي تخريبي متعنت، وهم بذلك حرفوا المعرفة الدينية عن مدارها الأصلي بجعلها كل العلم وأزاحو العلم المطلوب من مرتبة الطلب إلى مرتبة الترف الغير ضروري، والنتيجة حولوا مجتمع المسلمين إلى مجتمع متلقي ذيلي هامشي خرافي غيبي، غارق باللاهوتية ومتغيب ومتغرب عن حضور العالم التطوري والتحديدث والتجديد والإبداع.
ثامنا غياب المؤسسة الدينية عن واقعها وأستغراقها في الخوض بإشكاليات أفتراضية ومناظرات تأملية أو تنافسية محكومة بمبدأ الغلبة والربح والخسارة دون أن تقدم جديد أو مستجد على الساحة الفكرية، قادها إلى مرحلة موت سريري بأنتظار الإعلان عن فنائها ومعها الدين الميت الذي تتعامل معه وبه، وبالتالي فكل ما تتعاطى به مكرر ومدروس وقد شبع شرحا وتفصيلا إلى أدق الدقائق ومع ذلك ما زالت تلوك به وتعيد أجتراره وكأن العالم ليس فيه معارف أخرى إلا ما قال فلان ورأي علان، فلم تبادر يوما إلى الأهتمام بالعلوم النقلية التجريبة ولم تجعل من وجودها عامل مشجع للخوض فيها أو دعمها للتطور المعرفي والبحث العلمي والأبتكار، وتخصيص جزء مهم من مناهجها وما تملكه من موارد وإمكانيات مالية ومادية أحيانا تفوق حتى إمكانيات دولة، لدعم موارد التعليم التقني وتطبيقات النظرية العلمية الحديثة، ولم تبادر بشجاعة ومسؤولية وظيفية مع شعورها التام أنها أمام عجز حقيقي في تطوير واقعها وواقع البائس وما يوجه لها من أنتقادات حادة وحقيقية، ولاتشارك في تحولات المجتمعات التي تتحرك فيها لا على المستوى العملي ولا في المستويات الأجتماعية والسياسية لتكون قريبة من الإنسان قريبة من الله.
تاسعا المتأمل للواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم يجد أن كل المجتمعات الإسلامية تعيش حالات من التناقض والتشظي والإنقسامات، التي تجعل منها مجموعات متصارعة على قضايا فرعية وتأريخية سياسية لا علاقة لها بالصراع الأجتماعي والطبقي والحضاري الذي تعيشه الأمم والشعوب من حولها، وكأنها في حالة فريدة من نوعها حين قدمت أسباب الأختلاف الجزئية والضيقة على علاقات التكامل والأشتراك البيني الأوسع مساحة والأعظم تأثيرا في مجال الأهتمام والأهمية، ويقف وراء كل هذه الصراع مؤسسات دينية ومذهبية حريصة على البقاء في هذه الأطر الضيقة حفاظا على مكاسب ومغانم خاصة دون الأهتمام الأصلي بالواجب والأوجب، وتفرع من جراء ذلك صراع أستبدادي بينها وبين بعضها يدفع الإنسان المسلم البسيط التكلفة موهوما بأن الله يريد ذلك تحت عنوان جهاد المخالف وتكفيره، هذه الحالة لا تنفع معها مؤتمرات الوحدة ولا دعوات كلامية للتقريب بين المذاهب والأديان، إلا من خلال إسقاط المبررات والعلل التأريخية وأسانيدها وجعل القرآن وحده المرجع الأعلى والوحيد كمقياس وعائي للأفكار والنظريات التي لا بد منها، وأعادة النظر بالمنهج الحزبوي السياسي لتلك المؤسسات والتنظيمات التي تتخذ من الإسلام جميعا عنوان عريض وفضفاض.
عاشرا لحراجة النقطة التي وصل لها الفكر الديني الإسلامي وليس فكرة الدين بذاتها كان لا بد من التحرك العلمي المدروس لتصحيح المسارات والعودة للبدايات السليمة للبناء عليها، مع حذف وأهمال كل القراءات الإرثية التي حملها الفكر الإسلامي طيلة أربعة عشر قرنا من الزمان وأثرت على مستقبلنا كمجتمع إسلامي متخلف، وأول هذا الإرث ورأسه أن لا أعتقاد بعد اليوم أن الله قسم العالم إلى دارين دار حرب ودار إسلام، فالأرض للناس جميعا من يعمرها وينشر السلام والإصلاح فيها فهو من أهل الله والمؤمنين برسالته حتى لو يدع ذلك، وأن الإنسان أخو الإنسان مهما كانت دينه وعقيدته وجنسه حتى يتبين منه بما لا يقبل الشك أنه غير راغب ومنفلت من هذه العلاقة، عندها يمكن أن يكون في محل إدانة ومحاسبة على ما يظهر من فعل وليس على النوايا، والنقطة الثانية تعميم مفهوم أن من العدل والإنصاف والإحسان أن نسعى كمجموعة بشرية بغض النظر عن العناوين، لبناء وجودنا بروح المسؤولية ونترك مسألة الحساب والعتاب والعقاب إلى الله فهو أدرى وأعلم، والنقطة الثالثة أن الدين معرفة ميسرة ومبسطة للناس وعلينا أن نجعل ممن يتولى مهمة الإرشاد أن يمهد السبل ويزيل العوائق والعوالق من الدرب الذي يربط الله بالإنسان بالحسنى والكلمة الطيبة وترك الخلق للخالق.
النقطة الرابعة أعادة النظر بالكثير من العادات والتقاليد والممارسات التي أنتقلت من أطارها التأريخي إلى محور الدين والتدين فصارت جزء منه وعلامة من علامات الإيمان، كالأزياء الدينية ودلالاتها وطريقة أداء بعض الشعائر وما يتصل بها مثل أستخدام المنابر في الجوامع والمساجد وتزيينها بما لا يقدم شيئا حقيقيا يخدم قضية الدين والإنسان، ومحاولة أعادة الأعتبار للشعيرة والفرض الإيماني بروح الواجب وحقيقة المضمون ووفق فلسفة تشريعها خارج الشكليات التي إلحقت بها نتيجة التراكم والتفاعل بين مورثات قديمة أو عادات وتقاليد سابقة، بعيدا عن الشكليات والبهارات والأطعمة التي تضاف لها لأخراجها من المضمون الإيجابي نحو الشكل الفارغ من دلالة العلاقة وحقيقتها، والنقطة المهمة والأساسية رفض كل دعوة إقصاء وأستبعاد وفصل بين الناس على أساس القربى من عناوين أو أسماء مقدسة، لأن الإنسان مرتبط بعمله وواقعه ووجوده لا بأصله وحسبه ونسبه فالناس عند الله واحد وخير الناس من نفع الناس، ولا أهمية للصلة الماضوية التي لا تمنع الموصول أن ينتهج سيرة المتصل به ويجعل منها دافع وحافز للفضيلة، وإسقاط الألقاب والمسميات الدينية مثل رجل الدين والشيخ وولي أمر المسلمين وأية الله وحجة الإسلام وغيرها، لأنها جميعا لا أساس لها في منهج الإسلام ةليس لها أعتبار حقيقي ولا تنبع من ضروريات الدين، فكل إنسان هو حجة وأيه من أيات الله بالقدر الذي يستطيع أن يكشف بها عن نفسه وقربه من منهج الإصلاح.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح1
- العنب والناطور
- رجال الدين بين الوظيفة الإنسانية وظاهرة الأستبداد الديني
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح3
- تنهدات موجعة
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح2
- المثقف أمام تحديات الواقع والمسؤولية الفكرية
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح1
- نضحك ويضحكون والكل يضحك علينا....
- أنا وهو......
- اللوثرية وتجديد الإسلام تنويرا
- إنهم يسرقون العراق....
- رسالة.... إلى صديقي الرب
- الحالة العراقية بين توقعات التغيير وضغط الواقع الراهن
- الزمن القادم.... تأمل أبداعي أم هروب من واقعية الحاضر
- ليس للفقراء مكانا في الجنة الجحيم هو المأوى
- السبات خارج الوعي وإشكالية التطور
- الأمل دراسة في تأمل المعنى
- ساعة القيامة ....... الآن
- حالوب بائع الفحم الطويل


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح2