أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر - حسون ختمه














المزيد.....

حسون ختمه


غازي صابر

الحوار المتمدن-العدد: 5800 - 2018 / 2 / 27 - 01:06
المحور: الادب والفن
    


حسون ختمه
لا أستطيع الخلاص من وصية أبي وهو يوصيني دائماً :
إياك من طلب المساعدة من الأخرين وإقتراض المال لأن هذه هي الذلة.
ولهذا كثيراً ما شعرت بالعوز وكم فكرت بطلب المساعدة وأنا في أشد حالات الضيق لكني أتذكر وصية أبي فأعض على النواجذ وأتجرع مرارة العوز والصبر حتى تحل ضائقتي .
صديقي هو الذي إستدرجني وعرف أني بحاجة لقرض مالي من البنك ولأنه موظف في أحد المصارف الحكومية إعتذر ونصحني بمساعدتي والذهاب معي لأحد البنوك الأهلية وأنه يعرف صاحب البنك وهو رجل محترم ويخاف الله ولايرد له طلب ومن كرم أخلاقه أنه كلما زار بنكهم يقدم الهدايا والمساعدات للموظفين .
ولحاجتي للمبلغ وتسهيل الأمر من الصديق وافقته على مقترحه ونحن في طريقنا لزيارة مدير البنك الطيب سألت صديقي عن إسمه فأجابني :
ــ الحاج حسون علاوي .
ــ رجل طيب ويملك بنك وفي ظروفنا الامنية الصعبة هذه لم تدخل عقلي ؟
ــ لا أنه رجل مبروك حتى أن جبينه موشوم من كثرة السجود لكن الناس والحساد يتقولون عليه ويرددون أنه سرق البنوك مع الحواسم عندما إنهارت الدولة والحكومة يوم دخل الأمريكان لكني أصدق الذين يقولون أنه كان بائعاً للسكائر في شارع الكفاح زمن الحصار وجاهد حتى تحول الى تاجر لإستيرادها وبعدها تحول للتجارة بالصيرفة وتبديل الدينار العراقي السويسري بدينار الطبع وجاهد ونشط حتى أصبح يتعامل مع شركات داخل وخارج العراق وحتى مع حكومة صدام وبعد سقوط النظام إستمر بالتجارة بالصيرفة والتحاويل للخارج حتى إغتنى وأصبح صاحب بنك معروف لدينا وله علاقات مع أكثر السياسين في الحكم .
ــ هذا فعلاً رجل فلتة زمانه وكم نحتاج لمثل صاحبك هذا في قيادة العراق وخلاصه من الفساد والدمار .
ــ سألته مرة لماذا لاتترشح يا حاج للسياسة والحكم فضحك مني قائلاً : هؤلاء هم يعملون عندي .
ضحكنا لرد صاحب البنك المقتدر وعمل السياسيين عنده .
ونحن ننتظر السماح لنا بمقابلة السيد المدير ضل إسمه يدور برأسي وكأني سمعت بهذا الأسم لكني لم إوفق أين ومتى حتى دخلنا وأصبحنا وجه لوجه وعرفته رغم كل السنين التي باعدت بيننا ، عرفته من طبيعة جسده ووجهه والختمة في جبينه إنه إبن محلتي حسون علاوي والذي تعودنا أن نلقبه بحسون ختمه .
تولى صديقي الحديث مع الحاج المدير حول حاجتي للقرض والحاج المدير لم يتعرف علي وربما أراد التغطية على معرفتنا وطوال وقت الزيارة وأنا أستعيد ذكرياتي مع أبن محلتنا حسون ختمه وأيام الفتوة والمدرسة والتي عشناها معاً وتهربه منها حيث كنا نلعب كرة القدم في المحلة وكان حسون خفيف اليد وهو المنقذ لكل الصعوبات التي كنا نواجهها وهو المنفذ لكل طلباتنا وأهمها قدرته على سرقة كل شئ وتقديمه لنا مجاناً وأحياناً يبادله بسلع أو نقود حتى مسكه مرة صاحب محل في محلتنا وعاقبه بقسوة و ترك أثراً في جبينه عندما رفسه بقوة وغضب فأصطدم بجدار المحل وبعد تشافيه بقي الأثر في جبينه فأصبحنا نسخر منه ونسميه حسون ختمه .
مقالب حسون كثيرة معي مرة باعني راديو صغير وحلف بكل الأنبياء والأئمة أنه صالح وعندما وصلت للبيت وجدته عاطل وحاولت إرجاعه عليه وأسترد نقودي فرفض قائلاً لقد صرفت نقودك ثم هذا بيع وشراء ولايجوز أن تعيده ربما أنت عطلته .
ومرة شاهدته يتحدث مع فتاة فتركها وإقترب مني قائلاً هذه الفتاة تريد أن تحدثك وعندما ذهبت اليها واجهتني بغضب :
ــ حتى أنت سرسري مثل صاحبك .
خرجنا من مكتب السيد المدير وصديقي يحاول أن يقنعني بأن صاحب البنك الحجي الطيب أوعدنا بالخير وسيساعدك وأقسم بكل الأنبياء والأئمة أنه سيدبر لك القرض .
شكرتُ صديقي لمساعدتي ، وأنا أستعيد في رأسي وصية أبي وإهانة طلب الإقتراض وكأني أسبح مع زميل فتوتي وأبن محلتي حسون ختمه ومقالبه معي تسبح في رأسي وهو الذي كنا نسخر منه لأنه لايعرف غير النصب والإحتيال والسرقة ولم أجد غير جواب واحد لما نحن فيه ضل يدور برأسي :
ذاك زمن عشته وهذا زمن أخر وعليك أن تعيشه وتتجرع كل ما فيه ...



#غازي_صابر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة
- النبي والديمقراطية
- أولاد النار
- الثأر في الإسلام
- بين النبي وسبينوزا
- النبي والعقل العاصي
- صراع العقارب
- الله والجزية
- وطن بين ذئاب وخراف
- الوداع
- ماعون إمي
- اللقاء
- الشؤم
- جاسم والحب
- الإجتثاث في الإسلام
- إيران وزمن الثورات
- البطالة وفساد العقول
- في القلب جمرة والقمع العربي
- بين الحاكم العشائري والسياسي
- مشنقة العقيده


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر - حسون ختمه