أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات - محمد الحنفي - من اجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا : الجزء الثاني















المزيد.....



من اجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا : الجزء الثاني


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 1483 - 2006 / 3 / 8 - 11:24
المحور: ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات
    


المرأة تحت المجهر:

وما رأيناه في الفقرات السابقة يجعلنا نجزم بأن المرأة هي مركز التفكير في الواقع على السواء من قبل الرجل والمرأة في نفس الوقت.

فلماذا نجد أن المرأة في الواقع تحت المجهر ؟

هل لكون المرأة تحتاج إلى من يدعمها من اجل التمتع بحقوقها التي حرمت منها ؟

هل لأن المرأة صارت تتمتع فعلا بحقوقها المختلفة كما هي في المواثيق الدولية ؟

هل لكون المرأة سببا في التخلف الذي تعاني منه المجتمعات البشرية ؟

هل لكون المرأة تلعب دورا محددا لإخراج المجتمع في كل بلد على حدة من التخلف الذي يعاني منه ؟

هل لأن المجتمع ينتظر من المرأة الكثير ؟

إن وضع المرأة تحت المجهر في الحياة اليومية وعلى مستوى العادات والتقاليد والأعراف، وعلى مستوى القيم السائدة، وعلى مستوى الفكر اليومي الرائج بين الناس إن كان يدل على شيء فإنه يدل على أن المجتمع متخلف لأن زيادة الاهتمام بالمرأة وجعل التفكير المستمر فيها ممارسة إيديولوجية يومية بعيدا عن الموضوعية وبعيدا عن كون الاهتمام بالمرأة هو نفسه الاهتمام بالرجل وعلى أساس المساواة فيما بينهما.

إننا عندما نرجع إلى المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان فإننا نجد أن أي تمييز بينهما غير وارد إلا إذا تعلق الأمر بخصوصية الرجل أو بخصوصية المرأة. والخصوصية في حد ذاتها ليست تمييزا بقدر ما هي إعداد طبيعي للرجل أو المرأة للقيام بوظيفة طبيعية معينة، وحتى الميثاق الدولي المتعلق بإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة لا يسعى إلى تكريس المساواة بين الرجل والمرأة على أرض الواقع مع مراعاة خصوصية كل منهما الطبيعية.

ونظرا لأن المرأة تعاني من النظرة الدونية على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، ونظرا لأنها تناضل من خلال الجمعيات والنقابات و الأحزاب للتخلص من تلك الدونية فإن المرأة في نضالها تعاني من التتبع الشديد من قبل الأسرة ومن قبل الرجل، ومن قبل المجتمع ككل، وبجميع طبقاته الاجتماعية، مشرحا ومنتقدا أو مقوما ونافيا ورافعا لمكانتها أو حاطا من قيمتها، لأن نضالها ذلك و انخراطها في الإطارات النضالية هو الذي يجعل الجميع يطرح الكثير من الأسئلة التي تكون موضوع البحث والتتبع، وبواسطة المجهر لمعرفة ماذا تريد المرأة وما هي حدود نضالها؟ وما العمل من اجل جعلها لا تتجاوز الحدود التي تحافظ على طبيعتها كامرأة ؟ وهل يقبل الرحل بالتخلي عن دونيتها أم لا؟ ونظرا لان المجتمع يضعها تحت المجهر فإن ذلك قد يوصلها إلى مرحلة اليأس، لأن المرأة في حاجة إلى من يدعمها ماديا ومعنويا. وهذا الدعم هو الذي سيرفع عنها الحيف ويكسبها قوة ومناعة ضد اليأس الذي يصيبها فلا ينال من عزيمتها شيئا، والجهات المعنية بدعم المرأة المادي والمعنوي هي كل الشخصيات المقتنعة بمساواة للمرأة للرجل، وكل الجمعيات الحقوقية والنقابات المناضلة في صفوف الطبقة العاملة وسائر الإجراء، والأحزاب السياسية التقدمية والديمقراطية التي تجعل قضية المرأة من قضاياها الأساسية حتى تصير مساوية للرجل على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، وحتى يتم إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، لأن الدعم في حد ذاته سلاح قوي ضد كل الذين يكرسون دونية المرأة على أرض الواقع.

ووضع المرأة تحت المجهر ليس لأن المرأة تتمتع فعلا بحقوقها المختلفة كما هي في المواثيق الدولية وفي الميثاق الدولي لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، لأنها لو كانت كذلك لا انتفت الحاجة إلى وضعها تحت المجهر، لان الذي يستحق الوضع تحت المجهر هم أعداء حقوق المراة الذين يعتبرونها متاعا، أو سلعة، أو عورة أي الإقطاعيون والبرجوازيون ومؤد لجو الدين الإسلامي. هؤلاء الذين لا يرف لهم جفن إلا إذا حرمت المرأة من جميع حقوقها وصارت طائعة للرجل وخاضعة له، بل خوفا من أن تصير المرأة مساوية للرجل لها نفس المكانة الاجتماعية والقانونية وتتمتع بنفس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية ومن أجل الإبقاء على دونيتها، بجعلها تقوم بممارسات تسيء إلى كرامتها وإنسانيتها ونسبة كل الأفعال المنحطة إلى شخصيتها واعتبارها ناقصة عقل ودين، ومخلوقة من ضلع اعوج وسعيا للفتنة في الواقع، والناس عندما يضعون المرأة تحت المجهر فلأنهم لا يستطيعون التخلص من التخلف الموروث عن الثقافة الإقطاعية والبورجوازية وثقافة ادلجة الدين الإسلامي ولكونهم يفتقدون التربية على حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية وحقوق المراة وحقوق الطفل وحقوق العمال وغير ذلك مما هو متضمن في المواثيق الدولية.

وقد يكون وضع المرأة تحت المجهر بسبب كونها تجمع كل عوامل التخلف الذي تعاني منه المجتمعات البشرية خاصة وأن نسبة كبيرة من الأمية لازالت في صفوف النساء وخاصة في الوسط القروي، وان شيوع الخرافات بين النساء أكثر من شيوعها بين الرجال وأن لجوء المراة إلى الشعوذة يزيد كثيرا عن لجوء الرجل إليها لتدني ثقافتها، ولضعف إرادتها ولسهولة التلاعب بها و بعواطفها كنتيجة لسوء تربيتها. وهي لذلك تستحق أن توضع تحت المجهر، من اجل إعادة تأهيلها للنضال من اجل تحقيق كرامتها الذي لا يتم إلا بامتلاكها لوعيها الطبيعي من جهة، ولوعيها بحقوقها الخاصة والعامة كامرأة وكإنسان حتى تنخرط في النضال المرير ضد كل أشكال الفقر والميز والدونية الممارسة في حق المرأة. أما إذا تمكنت المرأة من التمتع بحقوقها كانسانة وبحقوقها كامرأة، وانخرطت في عملية البناء ضد التخلف والقهر الذي يعاني منه المجتمع ككل وصارت تساهم مساهمة فعلية في عملية البناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي من أجل تقدم البلاد وتطورها، فإن ذلك لا يدعو إلى وضعها تحت المجهر بقدر ما يجعلها محط اعتزاز بالمرأة وبكرامتها التي لا حدود لها، لأنها تعمل إلى جانب الرجل ومن موقعها الطبقي ضمن علاقات الإنتاج السائدة وضمن العلاقات الاجتماعية من أجل الرفع من مكانة المجتمع ومن مكانة البلد الذي تنتمي إليه أمام البلدان الأخرى.

وقد تكون الرغبة في وضع المرأة تحت المجهر من اجل لشعارها بان المجتمع ينتظر منها الكثير، تماما كما هو الشأن بالنسبة للرجل، خاصة، وأن المرأة هي المعنية بالإنجاب وبتربية الأبناء في المراحل الأولى من العمر، وهي المعنية بالمحافظة على سلامة الأسرة، وعلى سلامة الأبناء، وعلى سلامة القيم التي تتشبع بها الأسرة ويتمتع بها الأبناء في نفس الوقت.

فوضع المرأة تحت المجهر ذات أبعاد مختلفة ومتعددة وهذه الأبعاد في معظمها لا تسيء إلى المرأة بقدر ما تقود إلى رفع مكانتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية بهدف تمكينها من المساهمة الفعلية في البناء العام، وفي سلامة ذلك البناء حتى يقف وراء رفع مكانة الشعب والبلد اللذين تنتمي إليهما المرأة وحتى النظرة التي تسير في اتجاه التعامل مع المرأة على أنها سلعة، أو متاع أو عورة تكشف عن التدني والانحطاط والتخلف الذي يحكم الإقطاعيين والبورجوازيين و مؤدلجي الدين الإسلامي. مما يجعلهم هم الأحق بالوضع تحت المجهر لأن نظرتهم تلك جرت ولازالت تجر الكثير من الويلات على المجتمع العربي، وعلى مجتمعات المسلمين وسائر المجتمعات التي لازالت تعاني من كل مظاهر التخلف.

ووضع المرأة تحت المجهر يتخذ عدة مستويات :

1) مستوى وضع المرأة تحت مجهر الواقع بكل تجليا ته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية بحيث يمكن تسليط الضوء على المرأة من مختلف الجوانب التي تعيشها المرأة. ما وضعها الاقتصادي؟ وما وضعها الاجتماعي؟ وما وضعها الثقافي؟ وما وضعها السياسي؟ وهل هي مندمجة في الواقع ومنسجمة معه؟ أم أنها مهمشة وغير منسجمة ؟ وما مدى مساهمتها في تقدم المجتمع وتطوره، وتطويره؟ وهل تقف إلى جانب الرجل على أساس من التبعية له، أم على أساس المساواة معه في الحقوق والواجبات ؟ وهل تتم ملاءمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية لصالح المرأة بصفة خاصة ولصالح إشاعة حقوق الإنسان بصفة عامة؟ هل يمكن أن تتحرر المرأة من كونها متاعا، أو سلعة، أو عورة؟ أم إنها ستبقى ضحية هذه الرؤى المتخلفة التي جعلها مستعبدة من قبل الرجل ومن قبل المجتمع ؟ وهل العادات والتقاليد و الأعراف تقف إلى جانب المرأة وتكرس حريتها ؟ أم أنها مجرد مكرس للاستعباد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والمدني والسياسي؟ إننا في الواقع أمام إمكانية امتلاك تصور عن الرؤيا السائدة عن المرأة في واقع معين في هذا البلد أو ذك يساعدنا على معرفة النظرة السائدة عن المرأة ، هل هي النظرة الإقطاعية التي تعتبر المرأة متاعا؟ وهل هي النظرة البورجوازية التي تعتبرها سلعة ؟ وهل هي نظرة مؤدلجي الدين الإسلامي التي تعتبرها عورة ؟ وهل هي نظرة اليسار التي تعتبرها إنسانا؟ وما نظرة الأديان أو الدين الرائج في واقع معين؟ وكيف تنظر إليها العادات والتقاليد و الأعراف؟ هل تكرس تحرير المرأة وجعلها كالرجل في الحقوق وفي الواجبات؟ وهل تتمكن المرأة من التعلم ومن بلوغ أعلى مستوياته ؟ أم أنها تبقى محرومة منه طول حياتها ؟ أم أن إدخالها إلى المدرسة موجه إلى الاستهلاك الخارجي فقط ؟ وهل تتمتع بالحماية الاجتماعية والصحية أم لا ؟ وهل تتاح أمامها فرص الشغل أم أنها مستهدفة بالعطالة؟ هل تنال حقها من الإعلام الرسمي المقروء والمسموع والمرئي؟

وهل تهتم وسائل الإعلام غير الرسمي بوضعية المرأة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ؟ وهل تدعم الأحزاب والنقابات والجمعيات نضالاتها من اجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية باعتبارها الإطار التي تتم فيه مساواة المراة بالرجل؟ هل تنخرط في النضال إلى جانبها؟ وهل تحقق مكتسبات معينة؟

فالمرأة بالنسبة للواقع مكون أساسي ومساهم رئيسي في بلورة مختلف تجليات الواقع ولذلك فوقوعها تحت مجهر الواقع ليسا أمرا غريبا وليس شيئا جديدا بالنسبة للدارس والمتتبع، بل يعتبر شيئا ضروريا حتى تحرص المرأة على المساهمة الإيجابية في مختلف اوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية ومن خلال الإطارات التنظيمية الجمعوية والنقابية والحزبية، وبواسطة تواجدها في المؤسسات التمثيلية، وفي المناصب الحكومية وفي مسؤوليات الأجهزة التنفيذية.

2) المرأة تحت مجهر الرجل باعتباره من مكونات الواقع الذي رصدنا مختلف تجلياته لأن الرجل هو صاحب العلاقة المباشرة مع المرأة كزوج وكأب و كابن وكأخ وكصديق وكزميل في العمل وكقريب وفي جميع الحالات فإن هذا الرجل قد يكون إقطاعيا أو بورجوازيا أو مؤدلجا للدين الإسلامي أو تقدميا.

فإذا كان هذا الرجل إقطاعيا، فإن المرأة بالنسبة إليه هي مجرد متاع يلجأ إلى التمتع به وقت الحاجة مع اختلاف درجة التمتع من امرأة إلى أخرى. فالتمتع بالأمومة المقدسة ليس كالتمتع بالزوجة، وليس كالتمتع بالبنت، و ليس كالتمتع بدرجة القرابة، ففي جميع الحالات هناك شعور بالمتعة يختلف من امرأة إلى أخرى بالنسبة للإقطاعي، ولا داعي لأن نقول إن تقديس الإقطاعي للمرأة يستوجب تمتيعها بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، أو تمتيعها بحريتها إنه بتقديسها لا يسمح لها بممارسة التمتع بحقوقها، أو بحريتها، ويعتبر سعيها إلى ذلك جريمة وكبيرة الكبائر وموبقة من الموبقات التي ترتكبها المرأة التي يجب أن تستثاب عليها حتى تعود إلى صوابها الذي لا يعني إلا قبولها بالخضوع للرجل كزوج، أو كأب أو كأخ أو كحفيد أو كعم أو كخال باعتباره وصيا عليها، ومالكا لأمرها. واعتبار المرأة متعة من الأمور التي تساهم بشكل كبير في تكريس تخلف المجتمع على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، ولذلك نرى أن على الحركة النسائية، والحقوقية، والنقابية والحزبية أن تعمل على تشريح كون المرأة متاعا في إطار تشريح الممارسة الإقطاعية أو المحافظة لابراز مساهمتها في إنتاج التخلف و إعادة إنتاجه وفرض تكريسه على ارض الواقع حتى نستطيع إضعاف القدرات على إعادة إنتاج النظرة الدونية إلى المرأة على أنها مجرد متاع يتخذ في البيت للقيام بوظائف محددة أهمها إنجاب الأولاد كمتاع، وتربيتهم لتحقيق إمكانية استثمارهم لتحقيق أشكال أخرى من المتعة، وعملية التشريح تحتاج من الدارسين إلى الانكباب على دراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي والوصول إلى نتائج يمكن اعتمادها في:


أ- إحداث تغيير عميق في العقلية الإقطاعية المحافظة حتى تصير قابلة بالتحولات التي يعرفها الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي وحتى تصير العقلية الإقطاعية في ذمة التاريخ.

ب- إنضاج الشروط الضرورية المؤدية إلى جعل المراة تتخلص من النظرة الإقطاعية –المحافظة التي تعتبرها مجرد متاع، والانتقال إلى التمتع بحقوقها الإنسانية كما هي في المواثيق الدولية، المتعلقة بحقوق الانسان وفي الميثاق الدولي المتعلق بإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المراة.

ج- الانتقال إلى أجرأة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وبحقوق المراة بالخصوص حتى تصير المراة متمتعة بحقوقها بقوة القانون، ويصير الرجل قابلا بتلك الحقوق بقوة القانون.

د- إنشاء هيئات رسمية خاصة بتوعية المراة بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية كما هي في المواثيق الدولية، المتعلقة بحقوق الانسان وفي الميثاق الدولي المتعلق بإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة حتى تمتلك النساء جميعا الوعي بحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية السياسية.

ه- إقرار الاهتمام بالتربية على حقوق الإنسان في جميع البرامج الدراسية وفي جميع التخصصات وفي جميع المستويات التعليمية واشتراط إجراء بحث في التربية على حقوق الانسان على جميع المنتمين إلى مدارس تكوين المدرسين قبل التخرج حتى يكون كل مدرس ملما إلماما كافيا بالتربية على حقوق الانسان، وحتى تكون تلك التربية ضرورية في عمل المدرسين لاعداد أجيال ملمة بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية لتنطلق منها في ممارسة حياتها العامة.

وبذلك نعمل على استئصال اعتبار المراة مجرد متاع تجب المحافظة عليه، والانطلاق نحو التعامل معها على أنها إنسان كالرجل تماما، تشاركه حياته وتقف إلى جانبه ويقف إلى جانبها في كل مناحي الحياة.

أما إذا كان الرجل بورجوازيا فإن نظرته إلى المرأة تجعل منها مجرد سلعة معروضة في السوق يمكن اقتناؤها من اجل استهلاكها في الجنس أو في العمل وفي بناء أسرة أو في تقديم خدمات معنية، ثم بعد ذلك يمكن التخلي عنها واقتناء امرأة – سلعة أخرى لنفس الأغراض الاستهلاكية. وهذه النظرة البورجوازية لا تخص المراة وحدها، بل تشمل الرجال من غير البورجوازيين الذين تشتري البورجوازية قوة عملهم العضلية والفكرية وخدماتهم حتى تستنفذ قدرتهم و تقذف بهم إلى الشارع لتشتري سلعة أخرى من قوة العمل الذهنية والفكرية والعضلية وهكذا.

فالرجل البورجوازي وانطلاقا من توفره على الثروة الهائلة، واستعداده لشراء كل شيء بما في ذلك وسائل الإنتاج والوصول إلى مراكز القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني لجعل كل شيء في الواقع يخدم مصالح البورجوازية المختلفة. ولذلك، فهو يسلع كل شيء بما في ذلك السلطة الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و لذلك لا نستغرب إذا عملت البورجوازية على تكريس تسليع المرأة، و تشجيعها بمختلف الوسائل الإعلامية – الاشهارية بالخصوص- على تسليع نفسها، و جعلها مستعدة لبيع نفسها في أي مرحلة من العمر، و في أي مكان من العالم، و تشجع الرجال على استهلاك المرأة- السلعة التي تستهلك المزيد من البضائع التي تنتجها البورجوازية لغرض تسليع المرأة حتى تزداد أرباحها، و يتراكم رأسمالها، و تتوسع مشاريعها الاستغلالية، و تصير مالكة للشركات العابرة للقارات حتى تستغل الرجال و النساء على السواء في جميع أنحاء الكرة الأرضية.

و لتجاوز تسليع الرجل البورجوازي للمرأة نتبع نفس الخطوات التي رأيناها بالنسبة للتعامل مع اعتبار الإقطاعي المرأة مجرد متاع، و نضيف إليها ضرورة الوقوف على الأمراض الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية التي تعمل البورجوازية على نشرها في المجتمع، و التي لا يمكن محاربتها إلا ببناء حركة حقوقية، و سياسية تكشف عن عمق الخروقات التي ترتكبها البورجوازية في حق المجتمع. و تعمل في نفس الوقت على وضع حد للنظام البورجوازي عن طريق العمل على تحويل الملكية الفردية البورجوازية إلى ملكية جماعية لاعداد الناس لامتلاك نظرة نقيضة لنظرة الرجل البورجوازي تصير المرأة وفقها مساوية للرجل في كل شيء .

أما الرجل المؤدلج للدين الإسلامي، فإنه يتعامل مع المرأة على أنها عورة، و هو تعامل أكثر دناءة و اكثر انحطاطا من التعامل الإقطاعي و البورجوازي. فكون المرأة متاعا يعني أن لها قيمة معينة تقتضي حفظها و المحافظة عليها، و كونها سلعة يعني أيضا أنها تساوي قيمة معينة يمكن دفعها قبل استهلاكها. أما كونها عورة، فإن معناه أنه لا قيمة لها، و أن الناس يستبشعون النظر إليها، و أنها مثار الفتنة و المشاكل الكثيرة التي يعرفها المجتمع البشري، و لاتقاء ذلك الاستبشاع و تلك الفتنة يجب سترها و حجبها وعدم السماح برؤيتها إلا لمحرمها الذي هو أبوها و أخوها و ابنها، و ابن أخيها و ابن أختها، و من سواهم لا يجوز له رؤيتها. لأن الرؤية في حد ذاتها تعتبر عملا غير مقبول في نظره. و بالتالي يجب فصل الرجال عن النساء في الحياة العامة كما في الحياة الخاصة، و هذا الفصل هو الذي ينجي المجتمع من المصائب و الكوارث التي قد تصيبه إن آجلا أو عاجلا.

و للتخلص من هذه النظرة المنحطة للمرأة، نحيل إلى الخطوات التي ذكرناها أثناء كلامنا عن نظرة الرجل الإقطاعي للمرأة. و نضيف إليها ضرورة تشريح ادلجة الدين الإسلامي، و دورها في إغراق المجتمع في المزيد من التخلف الاقتصادي والاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي. و تنفيذ تلك الادلجة على أنها هي الإسلام الحقيقي الذي يمد أفراد المجتمع بالقيم الإيجابية التي تتحقق معها كرامة الانسان على الأقل كما يراها الدين الإسلامي الذي يمكن أن يعتبر منطلقا لضمان تمتيع المرأة بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و لبناء مجتمع تسود فيه المساواة بين الرجال و النساء، و العمل على تحريره من قيود ادلجة الدين الإسلامي ببناء ديمقراطية حقيقية من الشعب و إلى الشعب. و العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. لأن الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية هي أمور غير واردة عند مؤدلجي الدين الإسلامي لاعتبارهم ذلك خروجا عن الدين الإسلامي و كفرا به، و بدعة غربية و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار كما يدعون لتضليل الناس و إلهائهم عن التخلص من القيود التي يفرضها مؤدلجو الدين الإسلامي على المجتمع بصفة عامة، و على المرأة بصفة خاصة.

أما الرجل التقدمي، فإنه لا ينظر إلى المرأة إلا كونها إنسان، و أن إنسانيتها تفرض تمتيعها بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و هو ما يعني أنها مساوية للرجل في كل شيء ،و هو يلغي كافة أشكال التمييز ضد المرأة من نظرته. لدرجة أنه لا يرى ضرورة للحديث عن التمييز بين المرأة و الرجل، مع استحضار خصوصية كل منها، بقدر ما يتركز الحديث عن الانسان الذي يجب التفكير في سبيل تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية باعتبارها الوسائل التي تساعد على تحقيق سعادة الانسان سواء كان رجلا أو امرأة في كل بلد.

و التقدمي يرى أن تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية يقتضي النضال الديمقراطي المرير و الطويل المدى من اجل إقرار دستور ديمقراطي، و إجراء انتخابات حرة ونزيهة لإيجاد مؤسسات تحترم فيها إرادة المواطنين في كل بلد. و العمل على تكوين حكومة من الأغلبية البرلمانية لخدمة و حماية مصالح المواطنين. و هو نضال يقتضي بناء الأدوات التي تقود إلى ذلك النضال، و توظفه لتحقيق الأهداف المرسومة. و في مقدمة هذه الأدوات حزب الطبقة العاملة و سائر الكادحين، الذي يجب أن تصير إيديولوجيته الاشتراكية العلمية إيديولوجية المجتمع ككل حتى يوظفه الرجال و النساء على السواء في تحليل الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي، و الوقوف على قيود التخلف التي تحول دون تقدمه، و العمل على تفكيك تلك القيود بالانخراط في النضال إلى جانب التقدميين من اجل الحرية و الديمقراطية و العدالة حتى تتحقق على ارض الواقع. و يصير الجميع مطمئنا على مستقبله، و الاستمرار في النضال من اجل حماية المكتسبات بعودة العبودية و الاستغلال، والاستبداد. فبناء حزب الطبقة العاملة بناء تنظيميا و إيديولوجيا و سياسيا هو الضمانة الكبرى لقيام الرجل التقدمي بدوره في تحقيق حرية المرأة، و جعل تلك الحرية شرطا لقيام مجتمع حر و ديمقراطي و عادل.

3) أما المرأة تحت مجهر الثقافة فإن الأمر يقتضي أن نميز بين أشكال الثقافة التي تنشر قيما معنية تتجسد في التعامل الثقافي مع المرأة، فهناك الثقافة الإقطاعية و الثقافة البورجوازية، و ثقافة مؤدلجي الدين الإسلامي و الثقافة التقدمية.

فالثقافة الإقطاعية تحاول باستمرار تكريس الرؤية الإقطاعية التي تعتبر المرأة متاعا يجب الحفاظ عليه و حرصه حتى لا يتعرض للتلف. و بالتالي فإن الثقافة، الإقطاعية المستمدة من ادلجة الدين الإسلامي بالخصوص و من الدين بصفة عامة، و من الخرافات التي تكون حيزا كبيرا من الفكر الإقطاعي تعمل باستمرار على إشاعة القيم التي تجعل المرأة متاعا، و ترفعها إلى مستوى القداسة. و تحث على احترامها لا من اجل أنها إنسان، بل من اجل أنها متاع عليه أن يكون رهن إشارة الزوج و الأب، و الابن، و الأخ، و الحفيد، و ابن الأخ، و ابن الأخت، و ما تملكه المرأة هو لأحد هؤلاء الذي يقوم بإعالتها و المحافظة عليها. و لتحقيق هذا الهدف، تلجأ الثقافة الإقطاعية إلى نسج أساطير حول المرأة، و حول استماتتها في الخضوع و الطاعة، و ما يجري لها في حالة خروجها عن المألوف، الذي يلزم النساء جميعا بالمحافظة على أنفسهن. و عدم الإساءة إلى كرامة المرأة باعتبارها متاعا يجب أن لا يتم إتلافه و جعله مبتذلا بين الناس.

و ثقافة من هذا النوع تحتاج إلى خلخلة، و تشريح من اجل تغيير القيم الإقطاعية بقيم اكثر تقدما و سعيا إلى التعامل مع المرأة على أنها إنسان، عن طريق إشاعة الثقافة الحقوقية بصفة عامة، و الثقافة الخاصة بحقوق المرأة بصفة خاصة، حتى يتشبع الناس بالقيم النقيضة للقيم الإقطاعية و حتى تمتلك المرأة وعيها بحقوقها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية التي تتحقق على أنقاض القيم الإقطاعية، و كل نظرة دونية للمرأة، لأن المرأة خلقت لتكون مساوية للرجل، و مساواتها له تفرض إشاعة قيم المساواة في المجتمع بين الرجل و المرأة حتى يتم تجاوز النظرة الدونية للمرأة التي تكرسها النظرة الإقطاعية التي تعتبرها متاعا.

و على خلاف الثقافة الإقطاعية فالثقافة البورجوازية تسعى باستمرار إلى نشر قيم تسليع المرأة انطلاقا من أن البورجوازية تسعى باستمرار إلى زيادة الأرباح التي تسعى إلى الحصول عليها لإحداث تراكم رأسمالي كبير. و المرأة عندما تتحول إلى سلعة، فإنها تهتم بجسدها، و بمظهرها و بعلاقاتها الخاصة و العامة. و هو ما يزيد استهلاكها للبضائع الرأسمالية المناسبة لها على جميع المستويات و تدفع الرجل الذي يستهلك المرأة كسلعة إلى زيادة استهلاك البضائع المناسبة له من جهة و المناسبة لعلاقته مع المرأة من جهة أخرى، و تكون النتيجة هي زيادة الأرباح التي تحصل عليها البورجوازية نظرا للدور الذي تلعبه الثقافة البورجوازية في زيادة استهلاك البضائع الرأسمالية.

و لمواجهة هذه الثقافة البورجوازية لابد من تشريح القيم البورجوازية التي تدفع المجتمع إلى استهلاك البضائع، و مدى خطورة ذلك الاستهلاك على المسلكية العامة الفردية و الجماعية التي تصير منحرفة انحرافا بورجوازيا يتسم بسيادة الميوعة، و عدم مراعاة الأخلاق العامة في اللباس و في العاملات الأمر الذي يؤدي إلى تفكيك بنية المجتمع فتسود الأمراض الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية التي تنخر كيان المجتمع الذي يصير فاقدا للمناعة ضد ما يستهدفه من أخطار داخلية و خارجية معا. و انطلاقا من تشريح القيم الثقافية البورجوازية، فإنه يتبين ضرورة محاربة تلك القيم بجعل المجتمع يحتضن قيما نقيضة تجعل مسلكيته متطورة في اتجاه التخلي النهائي عن القيم البورجوازية و خاصة في صفوف الطبقات الكادحة و طليعتها الطبقة العاملة، على أن لا تكون تلك القيم إقطاعية، أو مؤدلجة للدين الإسلامي، لأنها لا تلغي تسليع المرأة بقدر ما تستبدل التسليع باعتبارها متاعا أو عورة، و هو ما يجعل المرأة لا ترقى إلى مستوى الإنسان. فالقيم التي يجب احتضانها من قبل الكادحين و طليعتهم الطبقة العاملة يجب أن تكون مصدرا لإنسانية المرأة.

و تبعا للحرص الإقطاعي و البورجوازي على فرض دونية المرأة على ارض الواقع، فإن مؤدلجي الدين الإسلامي يرفعون درجة الدونية إلى مستوى اعتبارها عورة يجب سترها عن الأنظار حتى لا يرى منها أي شيء. و لذلك فثقافة مؤدلجي الدين الإسلامي تعمل على نشر القيم المستمدة من أدلجتهم للدين الإسلامي، و التي لا يمكن اعتبارها قيما إسلامية. فهم يغيرون كل شيء في القيم الإسلامية الأصلية، و يعتبرونها فقط مصدرا لاجتهاداتهم الإيديولوجية من اجل تضليل الجماهير الشعبية الكادحة المستهدفة بأدلجة الدين الإسلامي حتى تعتقد أن تلك الادلجة هي الإسلام ليتم التطابق بينهما في الأذهان ، و ذلك هو التضليل عينه. و انطلاقا من هذا التطابق بين أدلجة الدين الإسلامي، و بين الدين الإسلامي، تصير المرأة عورة و يصير ستر العورة واجبا، و يصير النظر إليها حراما، و التعامل معها رذيلة. و كل رجل تزوج امرأة عليه أن يسترها حتى لا يراها الناس من رأسها إلى أخمص قدميها، ليحولوا المجتمع بذلك إلى مجتمع لا وجود فيه إلا للرجال. أما النساء، فظهورهن لا يكون إلا بمثابة أشباح، و الشبح لا يكون معروف الهوية، و هوية المرأة في نظر مؤدلجي الدين الإسلامي لا تعرف إلا بزوجها، أو ابنها، أو بمحرم من محارمها. و حسب رأي هؤلاء المؤدلجين للدين الإسلامي، فإن ستر المرأة – كعورة - يخلص المجتمع من الفتنة التي تقف المرأة وراء قيامها. لأن الفتنة لا تقوم بالمجتمع إلا بسبب المرأة التي تقف وراء قيام المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية التي يمكن التخلص منها بمجرد "تطبيق الشريعة الإسلامية" التي لا تتجاوز أن تكون وسيلة لاعطاء الشرعية لاعتبار المرأة عورة، و تشجيع الناس و تحريضهم على اعتبارها عورة. فهي التي تقف وراء انتشار العطالة في صفوف الشباب، و هي التي تقف وراء الكثير من الممارسات التي لا حدود لها، و التي تلحق الكثير من الأضرار بالأخلاق العامة التي يسمونها "الأخلاق الإسلامية". و نظرا لأن المجتمعات المستهدفة بأدلجة الدين الإسلامي تعاني من الأمية و من التخلف الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي، فإن الوعي لابد أن يكون متخلفا، و من الطبيعي جدا أن تحتضن هذه المجتمعات مواقف مؤدلجي الدين الإسلامي التي تجد لها مبررا في موقف الإقطاعيين من المرأة، و في موقف البورجوازيين أيضا من المرأة.

و اعتبار مؤدلجي الدين الإسلامي المرأة عورة يقتضي المواجهة المتأنية عن طريق تفكيك ادلجة الدين الإسلامي و إبراز الخلفيات الإيديولوجية و السياسية التي تقف وراء اعتبار المرأة عورة. و لكن في إطار برنامج للنضال من اجل الديمقراطية الذي تساهم فيه الأحزاب الديمقراطية و التقدمية المنضوية في إطار جبهة ديمقراطية بقيادة اليسار الديمقراطي، من اجل إعادة الاعتبار للمرأة كإنسان، و وضع حد لاعتبارها متاعا أو سلعة أو عورة و الدفع بها للمساهمة في النضال الديمقراطي من بابه الواسع بانخراطها في الجمعيات و النقابات و الأحزاب السياسية. غير أن المشكل الكبير و العائق المنيع نجده في المرأة نفسها التي تصير قابلة و راضية باعتبارها متاعا، أو سلعة، أو عورة، و تقبل بالخضوع و الانصياع لمن يعتبرها كذلك. و إذا كان لابد من تدبير لهذا المشكل و هذا العائق، فهو البحث في العمق الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي الذي يجعلنا نقف على :

أ- أن المرأة على المستوى الاقتصادي غالبا ما تكون تابعة للرجل كزوج، و كأب، و كابن، و كأخ، و كحفيد، و كابن أخ، و ابن أخت ... و هكذا. و هو ما يعني أنها ليست متحررة اقتصاديا أي أنها لا تتمتع بدخل اقتصادي يجعلها من الناحية المادية مستقلة عن الرجل على المستوى الاقتصادي من اجل تحريرها من التبعية للرجل، إما بالعمل، و إما بالتعويض عن العطالة، أو عن التفرغ لتربية الأولاد مادام ذلك التفرغ يخدم المجتمع في نهاية المطاف حتى يتم نزع الفتيل الذي يجعل المرأة سببا في اعتبارها متاعا أو سلعة أو عورة و حتى يزول الأساس الاقتصادي الذي يقوم عليه اعتبار المرأة كذلك.


ب- أن المرأة على المستوى الاجتماعي تجد نفسها تعاني من الدونية نظرا لسيادة كونها متاعا أو سلعة أو عورة. و لذلك فهي تتعرض للإهمال الاجتماعي، فلا يتم الحرص على تعميم التعليم في صفوف النساء، و غالبا ما يتم توقيف تعليمهن في مستوى متدن للاعتقاد أنها ليس في حاجة إلى إتمام تعليمها كما يعتقد ذلك الإقطاعيون و مؤدلجو الدين الإسلامي. كما لا يتم الاهتمام بالصحة الإنجابية لدى المرأة من منطلق أنها ليست في حاجة إلى تلك العناية، و ما تضعه من أولاد هو قدر مكتوب عليها سلفا، و على المجتمع أن يقبله. و إلا فإن أي اهتمام بالصحة الإنجابية لدى المرأة يعتبر تدخلا في أمر هو لله. و كل من قام بذلك يصير كافرا يجب قتله، كما يذهب إلى ذلك مؤدلجو الدين الإسلامي. بالإضافة إلى عدم خضوع المرأة للمراقبة الصحية التي يجب أن تكون واجبة، قد يوقعها في الإصابة بأمراض مزمنة تجعلها عاجزة عن القيام بدورها الاجتماعي، فينعكس ذلك سلبا على المجتمع ككل.

ج- عدم الاهتمام بالسكن الاجتماعي المناسب فنجد أن اغلب النساء يسكن مع أسرهن في بيوت لا تتوفر فيها الشروط الصحية الضرورية، فهي غالبا ما تكون عبارة عن جحور محرومة من التهوية و من الإنارة ومن الماء، و خاصة في الأرياف، و في الأحياء العشوائية الأمر الذي يترتب عنه الانشغال باليومي من الحياة، فتعيش المرأة حياة متدنية تكرس دونيتها و تدفعها إلى القيام بأعمال تقتضيها طبيعة الحياة المتدنية فتشتهر بكونها مجرد متاع، أو سلعة، أو عورة تجب محاربتها. و نظرا لظروف السكن غير اللائق، فإن المرأة لا تستطيع التخلص مما ينسب إليها. و لذلك فالناس في حاجة إلى النضال من اجل سكن لائق في القرى كما في المدن لإحداث تغيير جذري في حياة المرأة عن طريق صرفها نهائيا و إلى الأبد عن القيام بأعمال تسيء إلى كرامتها، و تكرس دونيتها. و تتفرغ إلى التسلح بالمعرفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. و هو أمر يقتضي الاهتمام بوضعية المرأة، و وضعية الكادحين و الشباب بصفة عامة سعيا إلى إزالة كل العوائق المنتجة لتكريس دونية المرأة حتى يتأتى تحقيق كرامتها على وجه الأرض.

د- عدم التخطيط للتشغيل في صفوف النساء بصفة خاصة، و في صفوف الرجال و النساء بصفة عامة، لأننا أمام سياسة التقليص من عدد العاملين في مختلف القطاعات حتى يتم التخفيف من الأعباء المالية للدولة، و حتى تزداد أرباح البورجوازيين طبقا لتعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية الأخرى، و الدول الرأسمالية الكبرى. و إذا أضفنا إلى ذلك اعتبار المرأة متاعا من قبل الحاملين للعقلية الإقطاعية. و اعتبارها عورة من قبل مؤدلجي الدين الإسلامي، و دعوة الإقطاعيين و مؤدلجي الدين الإسلامي إلى ملازمة المرأة للبيت، و إلى تخليها عن العمل، فإن المرأة تعتبر اكثر عرضة للعطالة بسبب وضعيتها في المجتمع بسبب الرؤى المكرسة لدونية المرأة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية حتى تتكرس تبعيتها للرجل التي هي المخرج لمشاكل المجتمع كما يرى ذلك الإقطاعيون و مؤدلجو الدين الإسلامي، و كما تكرسه مختلف القوانين القائمة في البلاد العربية و في باقي بلدان المسلمين بالخصوص. و لذلك نرى ضرورة النضال ضد سياسة التشغيل، و ضد كل الرؤى المكرسة لدونية المرأة في نفس الوقت، حتى يتم سن سياسة لتشغيل العاطلات و العاطلين في صفوف النساء و الرجال على السواء لضمان الاستقلال المادي للرجل و المرأة على السواء، و لوضع حد لتبعية المرأة للرجل حتى تتمتع بكيانها المستقل، و حتى تكون الحياة الاجتماعية التي تعيشها من اختيارها لا من اختيار الرجل، و في إطار ممارسة ديمقراطية حقيقية من الشعب و إلى الشعب.

ه- عدم إخضاع الثقافة السائدة في المجتمعات العربية و في مجتمعات بلدان المسلمين بالخصوص للتشريح و النقد اللازمين من اجل نقض الثقافة الإقطاعية و الثقافة البورجوازية، و ثقافة مؤدلجي الدين الإسلامي، باعتبار تلك الثقافة مكرسة لدونية المرأة كمتاع، و كسلعة، و كعورة، و ناشرة للقيم التي تؤدي إلى ذلك، و ساعية إلى مصادرة كل ما يؤدي إلى جعل المرأة تعي حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، و معتبرة ذلك خروجا عن الدين بصفة و عن الدين الإسلامي بصفة خاصة، و محرضة المجتمع للقيام ضد الأشخاص الذين يدعون إلى تمتيع المرأة بحقوقها المختلفة و بحريتها. و اعتبار كل الحركات التي تتبنى قضية المرأة كافرة و ملحدة، و غير قادرة على اقتحام مجال الإيمان الذي يفرض دونية المرأة، فكأن الدعوة إلى تمتيع المرأة بحقوقها كفرد و حرمانها من تلك الحقوق هو الإيمان عينه.

و لذلك نرى ضرورة تشريح الثقافة الإقطاعية و الثقافة البورجوازية، و الثقافة المؤدلجة للدين الإسلامي، و فضح و تعرية ممارسة هذه الأشكال من الثقافات لكل مظاهر التخلف في المجتمعات العربية و في مجتمعات باقي بلدان المسلمين حتى ينبذها الناس ، و تصير شيئا غير مرغوب فيه. و في نفس الوقت يجب العمل على بناء ثقافة تقدمية كمصدر لقيم الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية باعتبارها قيما تساعد على تحرير المرأة من سيطرة الثقافات الإقطاعية و البورجوازية، و ثقافية مؤدلجي الدين الإسلامي، و الشروع في تمتيعها بكافة الحقوق كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

و- عدم إخضاع المواقف السياسية الحاطة من كرامة المرأة إلى النقد و التشريح السياسيين حتى يتم تنفير الناس في العالم من كون المرأة مجرد متاع، أو سلعة، أو عورة. ذلك أن مواقف الأحزاب الإقطاعية يجب أن تخضع للمناقشة العامة و الخاصة، و على صفحات الجرائد حتى يكون الناس على معرفة كاملة من السياسة الإقطاعية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية تجاه مختلف القضايا المطروحة، و منها قضية المرأة، حتى يتخذوا المواقف اللازمة منها. و من أجل أن تكون تلك المواقف لصالح المرأة بالخصوص يجب إبراز خطورة تلك المواقف السياسية الإقطاعية على مستقبل المرأة، و على مستقبل المجتمعات البشرية و الشروع في مواجهة السياسة الإقطاعية بنهج سياسة تحررية تجاه المجتمع ككل، و تجاه المرأة بصفة خاصة، حتى ينتقل المجتمع إلى المرحلة الأرقى أو الأكثر رقيا لتتمتع المرأة بحريتها و بحقوقها التي تحولها إلى انسانة. و نفس التشريح و النقد يمكن أن يوجه إلى الأحزاب البورجوازية، و إلى الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي لدور هذه الأحزاب في تكريس كون المرأة سلعة أو عورة، ليدخل الناس في مواجهة المواقف السياسية البورجوازية ، و يسود موقف اعتبار المرأة إنسانا في جميع البلدان من اجل أن تتغير الحياة إلى الأحسن.

و بذلك نصل إلى أن وضع المرأة تحت المجهر من قبل المجتمع ككل، و من قبل الإقطاعيين و البورجوازيين و مؤدلجي الدين الإسلامي يهدف إلى المحافظة على تخلف المرأة و استسلامها لاعتبار نفسها متاعا، أو سلعة أو عورة لتسقط بذلك قيمتها كانسان، و تصير الدونية قدرها المحتوم على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. و إن أحرار البشرية وحدهم هم الذين يناضلون من اجل حريتها و تمتيعها بحقوقها المختلفة.

فهل تصل البشرية فعلا إلى تحقيق مستقبل لا وجود فيه لكون المرأة متاعا، أو سلعة، أو عورة ؟
إن ذلك رهين بإنضاج شروط معينة، و رهين بقيام حركة ديمقراطية رائدة تعمل على دمقرطة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، و النضال من اجل ملاءمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية حتى يتمتع جميع الناس بجميع الحقوق بما في ذلك المرأة التي تصير إنسانا لها مكانتها إلى جانب الرجل في كل مجالات الحياة دون فروق تذكر إلا ما تقتضيه طبيعة كل منهما.

علاقة المرأة بالإيديولوجية :

و وضع المرأة تحت المجهر في الواقع، و من قبل الرجل و على المستوى الثقافي ما هو في الواقع إلا ممارسة إيديولوجية تجعل المرأة في علاقة مباشرة مع مختلف الإيديولوجيات المتفاعلة في الواقع. لأن كل الطبقات الاجتماعية تعمل على ادلجة قضية المرأة حتى تصير في خدمة المصالح الطبقية لكل طبقة اجتماعية على حدة. و إذا كانت المصالح الطبقية يتم التعبير عنها بواسطة منظومة فكرية معينة، فإن قضية المرأة بذلك حاضرة في كل الإيديولوجيات المعبرة عن مصالح كل الطبقات المتواجدة في المجتمع. لأن ككل طبقة ترى مصلحتها في سيادة تصور معين حول المرأة، و كيف يجب أن تكون و تعمل على فرض ذلك التصور بمختلف الوسائل حتى تصير المرأة متاعا، أو سلعة، أو عورة، أو إنسانا.

فالإيديولوجية الإقطاعية التي تستعبد الكادحين و تتعامل معهم على أنهم مجرد عبيد الأرض، و بالتالي فإن المرأة هي جزء من أولئك الذين يحققون متعة الإقطاع في الأراضي الإقطاعية و في قصور الإقطاعيين. و دور الإيديولوجية الإقطاعية هو جعل جميع أفراد المجتمع يعتقدون أن تصور الإقطاعيين هو الذي يصلح لحل مشاكل المجتمع ككل عن طريق التعامل مع المرأة على أنها متاع. و لكن الإقطاعيين ينسون أن الكادح الذي يستعبد بواسطة الأرض يضطر لجعل المرأة تصير أيضا كادحة في الأرض إلى جانبه، و هو هنا لا يعتبرها متعة بقدر ما يعتبرها كادحة تخفف عنه ألم الكدح المزمن الذي لا ينتهي إلا بانتهاء الحياة. و الإقطاعيون وحدهم يعتبرون المرأة متعة في قصورهم، و هم وحدهم يسخرون الخيرات التي تنتجها الكادحات و الكادحون من خلال العمل في الأرض لتحقيق تلك المتعة. و لكن الإيديولوجية تستطيع أن تجعل جميع الكادحين يحملون نفس أفكار الإقطاعيين، و يحرصون على خدمة مصالح الإقطاعيين باعتبارها مصالحهم، و يعتبرون سعادة الإقطاعيين سعادتهم، و لا بأس أن يعتبروا عمل المرأة إلى جانبهم في الأرض متعة لهم و للإقطاعيين على السواء, لتأبيد استغلال الإقطاعيين لعبيد الأرض رجالا و نساء. و لتأبيد سيطرة الإقطاعيين على أجهزة الدولة باعتبارها أداة السيطرة الطبقية التي تستغلها لوضع قوانين تفرض اعتبار المرأة متاعا على جميع أفراد المجتمع الأخذ به لقطع الطريق أمام إمكانية تمتيع المرأة بحقوقها المختلفة، أي أمام التعامل معها كانسان.

و الإيديولوجية البورجوازية تقدم نفسها على أنها هي الحل للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. فهذه البورجوازية تبني إيديولوجيتها انطلاقا من حرصها على خدمة مصالحها الطبقية عن طريق التعامل مع كل ما هو قائم في الواقع على أنه مجرد بضاعة معروضة في السوق، سواء أنتجتها مصانع البورجوازية أو أنتجتها الطبيعة أو أنتجها المجتمع. فالبورجوازية نفسها لها قيمة، و قيمتها فيما تملك، و كل إنسان يسعى إلى أن تكون قيمته فيما يملك، و كل واحد يسعى إلى الحصول على المال بالطريقة التي يراها مناسبة له حسب ما تقره الإيديولوجية البورجوازية في اصلها، بمقولة "دعه يعمل دعه يمر" التي تبيح لكل واحد أن يعمل ما يشاء من أجل الحصول على الثروة، و مراكمة تلك الثروة. و لذلك لا نستغرب أن تلجأ إيديولوجية البورجوازية إلى إقناع المجتمع بأن المرأة سلعة معروضة في السوق من اجل الاستهلاك ليس إلا. أما إنسانية المرأة فليست حاضرة أبدا، و لا يمكن أن تكون حاضرة في الإيديولوجية البورجوازية التي تسري في نسيج المجتمع عبر الفكر اليومي، و عبر الممارسة اليومية لجميع أفراد المجتمع و عبر العادات و التقاليد و الأعراف التي تتشبع بتسليع المرأة و تحويلها إلى مجرد كائن معروض للبيع.

و الإيديولوجية البورجوازية التي تنسحب على جميع أفراد المجتمع المضللين الذين لا يملكون القدرة على "التفكير" السليم، و لا على امتلاك الوعي الطبقي الحقيقي لتصير إيديولوجيتهم جميعا على جميع المستويات، و يعملون على تكريسها على ارض الواقع مما يضمن تأبيد استفادة البورجوازية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، التي تعمل على تأبيد سطرتها الطبقية على جميع أفراد المجتمع ككل عن طريق السيطرة على أجهزة الدولة، و تأبيد تلك السيطرة على المستوى القطري و على المستوى القومي و العالمي، حتى تبقى البورجوازية في أبعادها الاستغلالية الهمجية هي السائدة و هي المالكة لكل شيء و هي المسيطرة على المجتمع و الموجهة للمسلكية العامة التي تسلع المرأة.

و لذلك فمقاومة هذه الإيديولوجية يصير أمرا واجبا على كل من يمتلك الوعي الطبقي الحقيقي و المقاومة لا تتم إلا من خلال الكشف عن أوهام الإيديولوجية البورجوازية التي تضلل جميع الكادحين، و تضلل المرأة بالخصوص، فيصير الجميع و كأنه غير مالك إلا أن ينساق وراء البورجوازية، و البورجوازية وحدها هي المستفيدة من كل ذلك. و نشر الوعي الطبقي الحقيقي لا يتم إلا بالعمل على إشاعة إيديولوجية الطبقة العاملة التي هي الإيديولوجية النقيضة للإيديولوجية البورجوازية.

و لتفكيك الإيديولوجية البورجوازية لابد من التمييز بين مستوياتها المختلفة حتى يعرف الكادحون ما العمل من أجل تفنيد الأوهام البورجوازية بصفة عامة، و أوهام البورجوازية التابعة، و البورجوازية الليبرالية و أوهام البورجوازية الصغرى بصفة خاصة.

فالتعامل مع إيديولوجية البورجوازية التابعة يقتضي الوقوف على مرجعية تلك الإيديولوجية التي تزاوج بين ادلجة الدين الإسلامي، و استيراد الإيديولوجية الغربية الرأسمالية بالخصوص لبلورة إيديولوجية خاصة بها نظرا لأصولها الإقطاعية من جهة، و لتبعيتها للغرب من جهة أخرى. وهذا التمييز يعتبر ضروريا حتى يتبين ما يجب عمله لتفنيد الأوهام المترتبة عن ادلجة الدين الإسلامي، و الأوهام المترتبة عن استيراد الإيديولوجية الغربية. لأن الإيديولوجية الغربية تهدف إلى تضليل الكادحين في جميع أنحاء العالم، مما يسهل أمر قبولهم الاستغلال الرأسمالي العالمي و يعتبرون أن الغرب الرأسمالي هو المثال و النموذج الذي يجب أن نصل إليه، و هو نهاية التاريخ كما نظر إلى ذلك منظر الرأسمالية الياباني الأصل الأمريكي الموطن فوكوياما، الذي انكبت الأقلام التي استأجرتها البورجوازية في كل أنحاء العالم لتمجيد الاستنتاج الذي وصل إليه. و لقطع الطريق أمام إمكانية التفكير في تغيير النظام الرأسمالي العالمي و المحلي. و بالتالي فكل نظام ضد الاستغلال من اجل تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية يصير إرهابا. و كل نضال من اجل حرية المرأة و تمتيعها بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية يصير إرهابا. و بناء على ذلك، فامتلاك الوعي الطبقي الحقيقي من قبل الكادحين صار ذا أهمية قصوى أكثر من أي وقت مضى. و دور المثقفين الثوريين في تفنيد أوهام البورجوازية التابعة، و في جعل الكادحين يمتلكون وعيهم بتلك الأوهام صار اكثر أهمية نظرا للتدني الذي صار إليه الوعي في صفوف الكادحين الذين صارت تنطلي عليهم أوهام البورجوازية التابعة.

أما التعامل مع إيديولوجية البورجوازية الليبرالية فإن علينا أن ننطلق من أن إيديولوجية هذه البورجوازية تختلف عن إيديولوجية الإقطاع و عن إيديولوجية البورجوازية التابعة. فقد نشأت كطبقة نقيضة للإقطاع، و إيديولوجيتها هي أيضا إيديولوجية نقيضة لإيديولوجية الإقطاع، و مصلحتها ذات بعد طبقي وطني. و هي بذلك تختلف عن البورجوازية التابعة التي تتجسد مصلحتها في تبعيتها للشركات العابرة للقارات، و المؤسسات المالية الدولية، و للدول الرأسمالية الكبرى. فالبورجوازية الليبرالية تنطلق إيديولوجيتها من أن الناس جميعا يمكنهم أن يعمل من أجل أن يتحولوا إلى رأسماليين، و المرأة انطلاقا من الإيديولوجية الليبرالية يمكن أن تعمل من اجل أن تصير رأسمالية، و من خلال ممارسة ديمقراطية ليبرالية. و لكن إيديولوجية هذه البورجوازية لا تهتم بالإنسان و لا تسعى إلى حفظ كرامته و تمتيعه بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية بقدر ما تهتم بالتراكم الرأسمالي. و لذلك لا مانع في إيديولوجية هذه البورجوازية أن تتحول المرأة إلى مجرد سعلة إذا هي اختارت ذلك. و للمزيد من تضليل الكادحين و الكادحات بالخصوص فإن هذه الإيديولوجية الليبرالية تعمل على إشاعة أن المرأة الحرة هي التي تفعل ما تشاء بدون تحكم أي كان و كيفما كان هذا الفعل مادام يؤدي إلى حصول المرأة على المال الضروري لحصولها على ضروريات الحياة، و هو المدخل الذي يمكن أن يجعل المرأة تعتبر نفسها مجرد سلعة و يتعامل معها الجميع على أنها كذلك بما في ذلك زوجها و أبوها و أخوها و ابنها و حفيدها ... و هكذا. و بهذا التصور الإيديولوجي للمرأة تصير الإيديولوجية الليبرالية وسيلة لتسليع المرأة كما صارت وسيلة لتسليع الإنسان بصفة عامة. فالبورجوازي يساوي ما يملك من وسائل الإنتاج. و العامل يساوي ما ينتج من بضائع لصالح البورجوازية، و المرأة يمكن تصنيفها في ثلاث مستويات فهي تساوي ما تملك من وسائل الإنتاج، أو تساوي ما تنتجه من بضائع، و تساوي أيضا ما يمكن أن يعرض من جمالها في السوق من اجل شراء المتعة بها في لحظات معينة.

و لذلك نرى ضرورة أن يمتلك الكادحون وعيهم الطبقي الحقيقي بخطورة الإيديولوجية الليبرالية على مستقبلهم و على مستقبل المرأة بالخصوص. و العمل على فضح و تعرية الأوهام الإيديولوجية الليبرالية في حق الكادحين، و في حق المرأة حتى يتم القضاء على الاستغلال البورجوازي للكادحين، و حتى تتحرر المرأة من اعتبار نفسها سلعة، و تتوجه إلى فرض احترام نفسها كانسان له حقوقه التي يجب أن يتمتع بها. و كما رأينا ذلك في الفقرات السابقة، فإن دور تفنيد أوهام الإيديولوجية الليبرالية و أوهامها تجاه المرأة بالخصوص هو مهمة المثقف الثوري الذي عليه أن يعمل على توعية الكادحين بصفة عامة و توعية النساء بصفة خاصة حتى يتحمل الجميع دوره في عملية التغيير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي لصالح قيام مجتمع تسود فيه الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية.

و بالنسبة للتعامل مع إيديولوجية البورجوازية الصغرى فإن علينا أن ننطلق من أن هذه الإيديولوجية هي خليط من الإيديولوجيات الإقطاعية و البورجوازية التابعة و البورجوازية الليبرالية، و إيديولوجية الطبقة العاملة و إيديولوجية اليمين المتطرف. و لذلك فأوهام هذه الإيديولوجية متعددة و متنوعة و من يستوعبها يعتقد أنها إيديولوجية المستغل الإقطاعي، و القن، و البورجوازي التابع، و البورجوازي و العامل و سائر الكادحين، أي أن كل أفراد المجتمع يصيرون مرضى بالأوهام الإيديولوجية. فلا أحد يستطيع أن يعاديها، بل و يعتبرها صالحة للمجتمع ككل، و الواقع أن اخطر إيديولوجية على الكادحين و طليعتهم الطبقة العاملة و على المرأة هي إيديولوجية البورجوازية الصغرى، لأنها توهم بالحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية، و بحرية المرأة و بتمتيعها بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية و بمساواتها للرجل و هو ما يجعل المرأة و الرجل معا يقبلون ما يمارس عليهم من استغلال اقتصادي، و اجتماعي، و ثقافي، و مدني و سياسي على انه هو الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و هو ما جاء به الإسلام.

و إيديولوجية كهذه في حاجة إلى عمق في الفهم، و في الاستيعاب، و في التفكير من المثقفين الثوريين الذين عليهم أن يعملوا على كشف توفيقيتها، و قدرتها على تضليل الكادحين و طليعتهم الطبقة العاملة، و تضليل المرأة بالخصوص، و خطورة أوهامها الإيديولوجية البورجوازية الصغرى على مستقبل المجتمع ككل. و ما يجب عمله للحد من اثر هذه الإيديولوجية على الجميع، و من الحد من استفادة الإقطاعيين، و البورجوازيين التابعين، و البورجوازيين الليبراليين من الاستغلال الذي يقف وراءه عدم الوضوح الإيديولوجي الذي يعتبر أهم ما يميز إيديولوجية البورجوازية الصغرى حتى يدخل الكادحون في المواجهة المباشرة مع هذه الإيديولوجية، و ينطلقون في اتجاه محاربة كل أشكال التضليل التي تستهدفهم و تحول دون إدراك ما يصيبهم من وهم و دون مقاومة الاستغلال الممارس عليهم.

و بالنسبة لإيديولوجية الطبقة العاملة، فإننا نجد شيئا آخر، إنها الإيديولوجية العلمية الوحيدة. و المنهج العلمي الصالح للتحليل الملموس للواقع الملموس، الساعي إلى توعية الطبقة العاملة و سائر الكادحين بما يمارس عليهم من استغلال اقتصادي و اجتماعي و ثقافي و مدني و سياسي حتى ينخرطوا في الإطارات التي تقود النضال الجماهيري من اجل تحسين الأوضاع المادية و المعنوية للكادحين، و ينخرطوا بالتالي في حزب الطبقة العاملة الذي يقود النضال من اجل تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة و الاجتماعية التي بدونها لا تتحرر المرأة من اعتبارها متاعا أو سلعة، أو عورة و لا تتحرر الطبقة العاملة و سائر الكادحين من قيود الاستغلال الطبقي الذي يمارس عليهم من قبل البورجوازية التابعة، و البورجوازية الليبرالية و المؤسسات المالية الدولية، و من النظام الرأسمالي العالمي.

و نحن في تعاملنا مع إيديولوجية الطبقة العاملة، فإننا سنجد أن هذه الإيديولوجية وضعت في الأصل لخدمة مصالح الكادحين. و لذلك فهي تحمل قمة الوضوح الإيديولوجي فلا وجود لشيء اسمه التضليل، و لا لشيء اسمه الاستبداد، و لا لشيء اسمه الاستغلال، و لا داعي لاعتبار المرأة متاعا، أو سلعة، أو عورة. فالرجل و المرأة في نظر الإيديولوجية الاشتراكية العلمية إنسان. و الإنسان يجب أن يتمتع بحريته، و حريته في تمتيعه بحقوقه المختلفة الذي لا يتم إلا بتحقيق الديمقراطية التي تستحضر باستمرار ضرورة احترام إرادة الشعب في حق الاختيار الحر و النزيه لمن يمثله في المؤسسات التمثيلية المحلية و الوطنية، و لمن يحكمه في نفس الوقت، و بتحقيق الاشتراكية التي تعتبر وحدها القادرة على التوزيع العادل للثروة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حتى يستفيد جميع الناس على أساس المساواة فيما بينهم من الثروة الوطنية. فلا فرق بين الرجل و المرأة على مستوى الحقوق التي يتمتعون بها كما على مستوى الواجبات التي يقومون بها لصالح المجتمع لتختفي بذلك دونية المرأة المتجسدة في اعتبار المرأة متاعا، أو سلعة، أو عورة، و لا يحضر على أرض الواقع إلا المرأة الإنسان التي تقف إلى جانب الرجل الإنسان الذي هو الهدف الأسمى لإيديولوجية الطبقة العاملة.

أما الإيديولوجية القائمة على أدلجة الدين الإسلامي فإنها إيديولوجية اكثر تضليلا من كل الإيديولوجيات الأخرى. لأنها تقدم نفسها على أنها هي الدين عينه، و أن هذه الإيديولوجية جاءت لتجدد الدين و تعيد إليه مجده الضائع، معتبرة أن الإسلام "دين و دولة" و موهمة مستهلكي تلك الإيديولوجية بأن جميع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية تزول بتحقيق "الدولة الإسلامية" التي تشرف على "تطبيق الشريعة الإسلامية" التي لا تتم إلا باستعادة نظام حكم "الخلافة الإسلامية" و يصير القرآن بمثابة "دستور" فكأن الناس وافقوا على صيغته بإجراء استفتاء معين، أو بمثابة بيان سياسي صادر عن هيأة سياسية معينة. و تصير أقوال الرسول و أفعاله و تقريراته بمثابة برنامج سياسي يجب اتباعه، لا لانتاج القيم النبيلة التي تغذي المسلكية الاجتماعية و الفردية، بل لاعداد الناس من اجل التجييش وراء مؤدلجي الدين الإسلامي الذين يشكلون حزبهم الذي يسمونه "الجماعة" أو "الإخوان" للإيغال في التضليل حتى ينساق الناس وراء شعارات مؤدلجي الدين الإسلامي التي يعتبرها الناس دعوة للرجوع إلى الإسلام إن هم أرادوا "إرضاء الله" و دخول "الجنة" . فكأن الدين الإسلامي هو "تجارة" مع الله. و في هذا السياق يعتبر مؤدلجو الدين أن المرأة "عورة"، على الناس جميعا أن يستبشعوا رؤيتها، و أن يعملوا على منعها من "السفور" تجنبا للفتنة، و أن يفرضوا عليها "الحجاب" الذي جاءت به "الشريعة الإسلامية" حتى يتم تطبيق "الشريعة الإسلامية" في العلاقة مع المرأة، و حتى تستر عورة المرأة و يصير المجتمع "إسلاميا" فعلا، و يتجنب الناس المشاكل المثارة بسبب عورة المرأة التي تظهر في الحياة العامة. ذلك الظهور الذي يعتبر منكرا تجب محاربته و تغييره بالتصدي للمرأة، و بمحاربتها. فكأن المرأة يجب أن تعيش خارج المجتمع، و أن لا ترتبط به إلا من خلال سيادة ظاهرة "الحجاب" التي يختلف مؤدلجو الدين الإسلامي في صيغتها. و في هذا الإطار نجد أن مؤدلجي الدين الإسلامي الذين يدعون وصايتهم على الإسلام، و يعتبرون الآية "قل للمومنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون، و قل للمومنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن، و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، و ليضربن بخمرهن على جيوبهن، و لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ..." هي مصدر ما يسمونه ب"الحجاب"، لا ينكرون أبدا أن الخطاب الموجه للرجل في مقدمة الآية "قل للمومنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم" يفرض عليهم أولا أن يعملوا على تجنب النظر إلى المرأة لأن عبارة "غضوا" فعل أمر. و الأمر عندما يرد في القرءان كما يقول الأصوليون يستوجب القيام بالفعل على سبيل الوجوب، و بما أن هؤلاء هم أنفسهم لا يقومون بذلك في ممارستهم اليومية، و يركزون على النظر إلى المرأة، و إلى محاسنها الجسدية من اجل تحديد ما هي عليه، و بالتفصيل الممل فإن ذلك يدل على أن هؤلاء مرضى بشيء يسمونه في علم النفس ب "الكبت الجنسي" و بما أن هؤلاء يدركون جيدا أن المجتمع ينبذ عبثهم بالمرأة، و الجري وراءها، فإنهم يعملون على إقناع الناس بأن المرأة عورة، و أن كونها كذلك هو مصدر فتنة المجتمع و بالتالي فهي سبب جميع المشاكل التي يتخبط فيها المجتمع، و ما يذهبون إليه هو ما يسميه علم النفس ب"التعويض" أي انهم يعوضون ذلك بدعوة الناس إلى اعتبار المرأة عورة و فتنة. و في نفس الوقت يفرضون عليها "الحجاب" الذي هو شكل من اللباس الذي تعتبر المرأة الملتزمة به خاضعة لهم و قابلة باعتناق خطابهم المؤدلج للدين الإسلامي و منصاعة لتطبيق أوامرهم التي تجعل منها مجرد حريم ملازم لمؤدلجي الدين الإسلامي، الذي يشرعنون الزنا بما يسمونه ب"زواج المتعة" و يبيحون لأنفسهم حتى في إطار "زواج المتعة" بالتزوج بأكثر من امرأة، تفعيلا لما ورد في القرءان الكريم " احل لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع" و هو تفعيل ليس إلا مناسبة لتفجير الكبت الجنسي كمرض يعاني منه مؤدلجو الدين الإسلامي، و لكن باسم الدين الإسلامي. و انطلاقا من إيديولوجيتهم فلا شيء عندهم اسمه محاربة الأمية في صفوف النساء، و لا للمطالبة بعمل المرأة، و لا لاعطاء أهمية للصحة الإنجابية، و لا لتوفير الحماية الصحية و الاجتماعية للمرأة لأنها في نظرهم لا تستحق كل ذلك لأنهم يرون أنها مخصصة للرجل، و أن عليها أن تلتزم بالبيت الذي يستر عورتها، و أن تهتم بالإنجاب و بتربية الأولاد، لأنها إذا خرجت إلى العمل ستجر المجتمع إلى انتشار البطالة في صفوف الشباب بالخصوص، و خروجها هو سبب الفتن التي تعرفها المجتمعات البشرية. فلا مانع عندهم من أن تضرب المرأة أن تهان كرامتها إذا هي لم تمتثل لما يدعوها إليه مؤدلجو الدين الإسلامي، و لا شيء عندهم اسمه الاستغلال الطبقي للمجتمع، سواء كان هذا الاستغلال إقطاعيا، أو بورجوازيا. فما يعرفه المجتمع ليس إلا قدرا، و من القدر أن يفرض على المرأة الحجاب، و المكوث في البيت، و اتباع ما يريده مؤدلجو الدين الإسلامي مما يجعلها تحت تصرفهم و وسيلة لتنفيذ سياستهم الهادفة إلى تكريس الاستبداد بالمرأة الذي يعتبر وسيلة للاستبداد بالمجتمع ككل. لأن سيطرة مؤدلجي الدين الإسلامي على نصف المجتمع و استبدادهم به هو طريق و مدخل للسيطرة على المجتمع و الاستبداد به. و هو ما يجب الانتباه إليه و الوقوف عنده كثيرا من قبل كل المتنورين و المثقفين الثوريين، و العمل على تشريحه لكشف الطبيعة الإيديولوجية لأدلجة الدين الإسلامي من جهة، و لكشف خلفيات تلك الادلجة و دورها في تضليل جميع أفراد المجتمع، و في نشر التخلف الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي، و إرجاع المجتمع إلى الوراء أزيد من أربعة عشر قرنا لفرض استبداد الماضي بالحاضر الذي يتحول إلى إعادة نفس الهياكل الاقتصادية و الاجتماعية الماضية و لكن بشكل مشوه. و بذلك التشريح، و بالمنطق العلمي الدقيق يمكن رسم الخطط التي يجب اتباعها للنضال من اجل فصل الدين الإسلامي عن ادلجة الدين الإسلامي. لأن الدين الإسلامي هو للناس جميعا، و لأن أدلجة الدين هي للمؤدلجين فقط. فالفصل الذي صار ضروريا يعتبر مدخلا لتفنيد الأوهام القائمة على ادلجة الدين الإسلامي الذي صار ضروريا لإزالة الغشاوة عن أعين الناس الذين يعبترون أن أدلجة الدين هي عين الإسلام و هذا اكبر تضليل عرفه التاريخ البشري، و اعظم تحريف عرفه الدين الإسلامي. فإزالة التضليل، و غربلة الدين الإسلامي من الادلجة صار مهمة تاريخية لا يمكن أن يقوم بها إلا حزب الطبقة العاملة الذي يملك وحده المنهج المناسب للتمييز بين ادلجة الدين الإسلامي، و بين الدين الإسلامي. فالدين الإسلامي تعبير عن الحاجة الإنسانية إلى التغذية الروحية. و لذلك كان الدين لله لا للبشر، و كان حريصا على احترام كرامة الإنسان. أما ادلجة الدين الإسلامي فتعبير عن المصالح الطبقية لمؤدلجي الدين الإسلامي. و لذلك كانت الادلجة للمؤدلجين، و كانت حريصة على إهدار كرامة الإنسان التي تشمل إهانة كرامة المرأة التي اعتبرتها عورة. و لاشك أن غربلة الدين من شوائب أدلجة الدين الإسلامي باعتباره مكون من مكونات الواقع سيرفع مستوى الوعي الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي، وسيرفع من وعي الإنسان بقضية المرأة و بضرورة تمتيعها بحقوقها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و جعلها تمتلك وعيها الطبقي بصفتها إنسانا، و وعيها بحقوقها كامرأة لها خصوصيتها الإنسانية.

و بالغربلة التي صارت واجبة للدين الإسلامي تزول كل العوائق التي تحول دون تقدم اليسار في إشاعة الوعي الطبقي في صفوف الرجال و النساء، و سيحتضن الناس ذلك الوعي، و سيلتحقون بالتنظيمات المناضلة من اجل تحسين الأوضاع المادية و المعنوية، و ستنتظم أوعى الفئات الاجتماعية في حزب الطبقة العاملة باعتباره الحزب الثوري القادر وحده في حالة تغلبه على العوائق التي من بينها عائق أدلجة الدين الإسلامي، على تحقيق الحرية لجميع أفراد المجتمع على أساس المساواة فيما بينهم في الحقوق، و أمام القانون بما في ذلك المرأة التي يصير أمرها بيدها، و تحقيق الديمقراطية التي تعتبر شرطا للاختيار الحر و النزيه لطبيعة الحياة التي يعيشها الناس في كل مجالات الحياة، و لاختيار المرأة الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار باعتبارها إنسانا. و تحقيق العدالة الاجتماعية التي يتم في إطارها تمكين جميع أفراد المجتمع من حقوقهم الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية حتى تصير المرأة إنسانا.

و بذلك نجد أن معظم الإيديولوجيات المتفاعلة في المجتمع تكرس دونية المرأة باعتبارها متاعا، أو سلعة أو عورة. و الإيديولوجية الوحيدة التي يمكن اعتبارها مكرسة لإنسانية المرأة هي إيديولوجية الطبقة العاملة، و هي التي تقف إلى جانب الإنسان سواء كان رجلا أو امرأة، من اجل تمتيعه بحريته و ديمقراطيته و عدالته الاجتماعية باعتبارها مثلا عليا يمكن أن تتحقق على ارض الواقع.

و بعد استعراضنا لمواقف الإيديولوجيات المختلفة من المرأة ننتقل إلى تناول مواقف المرأة من مختلف الإيديولوجيات. فالمرأة، أي امرأة، و مهما كانت لابد أن تتشكل في المجتمع كما يتشكل الرجل ضمن مختلف التشكيلات الاقتصادية و الاجتماعية التي عرفها التاريخ و لازالت بعض بقاياها في الواقع، أو التي يعرفها الواقع في تحوله المستمر و المتطور. و لذلك فالمرأة سيدة و أمة، و ما بينهما، و إقطاعية و قنة و ما بينهما، و بورجوازية و عاملة و ما بينهما، و اشتراكية.

فالسيدة هي المرأة المعتنقة لإيديولوجية الأسياد و السيدات، التي تعطيها الحق في امتلاك رقاب الإماء و العبيد و تتصرف فيهم كما تشاء، و تحاول أن توهم جميع أفراد المجتمع أن النظام العبودي هو الذي يصلح للمجتمع و هو الحل لجميع المشاكل التي يعرفها المجتمع عن طريق الإخلاص و الاستماتة في خدمة الأسياد، و القبول بالعبودية على أنها تجعل جميع مشاكل المجتمع بين أيدي الأسياد، و لا داعي لأن يهتم العبيد و الإماء بغير خدمة السيدات و الأسياد.

و المرأة الأمة تعتنق إيديولوجية التحرر من العبودية التي تجعل العبيد يحلمون بحريتهم، و يعتبرون أن حل مشاكل المجتمع في القضاء على نظام العبودية، لكن هؤلاء الإماء و العبيد ليسوا مؤهلين لامتلاك وعي طبقي معين لأنهم ليسوا منتجين من خلال تشغيل وسائل إنتاج معينة و كل ما تقوم به الإماء إنما هو تقديم الخدمات للأسياد الذين يقومون بأعمال الصيد، و بالإشراف على تدبير شؤون البيت بالنسبة للسيدات، و تدبير الشأن العام للمجتمع العبودي من قبل السيدات و الأسياد. و لذلك وجدنا أن تحرير العبيد كان بإرادة و برغبة الأسياد و السيدات، لا نتيجة لثورة معينة، و حتى إن قام العبيد بثورات معينة فإنها غالبا ما تبوء بالفشل و الذين قاموا باستبدال العبودية المباشرة بعبودية الأرض هم الإقطاعيون الذين استمرت في عهدهم العبودية المباشرة لكونهم لم يحسموا مع عقلية الأسياد و إيديولوجيتهم، فهم إقطاعيون، و لكن في نفس الوقت أسياد. و الأقنان يرتبطون بالأرض فعلا و يستعبدون بواسطتها في القرون الوسطى إلا أن العبيد يوجدون إلى جانبهم. و لم يعرف التاريخ أن الأقنان قاموا بثورة معينة، و حتى إذا كانت هناك حركات فإنها لم تؤد إلى تحريرهم من التبعية للأرض، لأن هؤلاء ليست لهم إيديولوجية علمية تمكنهم من امتلاك وعيهم الطبقي. فالوعي الوحيد الذي يرتبط بوجودهم هو أن يصيروا مالكين للأرض. و لذلك فالمرأة كما كانت سيدة فهي أيضا إقطاعية تعتنق الإيديولوجية الإقطاعية ذات المصدر الديني أو الخرافي التي تستغل لجعل الأقنان يقبلون بعبودية الأرض، و يعتبرون أن وجود الإقطاعيين يساهم في حل مشاكل عبيد الأرض، و أن ازدهار الإقطاعيين و استفادتهم يعتبر ضمانا لاستمرار ارتباط الأقنان بالأرض، و القنات لا يمتلكن إيديولوجية محددة، و إنما ينتظرن كالأقنان تحريرهن من قبل طبقة أخرى هي الطبقة البورجوازية.

والمرأة البورجوازية تعتنق إيديولوجية البورجوازية التي قد تكون إيديولوجية البورجوازية التابعة، أو البورجوازية الليبرالية، أو البورجوازية الصغرى.

فالمرأة التي تعتنق إيديولوجية البورجوازية التابعة غالبا ما تأخذ بالأفكار المستمدة من ادلجة الدين الإسلامي انطلاقا من أصولها الإقطاعية. و بالتالي فهي تعتبر نفسها متاعا تماما كما يفعل الإقطاعيون عندما يصوغون تصورا إيديولوجيا حول المرأة، و لكنها في نفس الوقت تنساق وراء الأفكار البورجوازية الغربية، و من خلالها تتقمص شخصية المرأة البورجوازية الغربية فتعتبر نفسها سلعة، لتجد نفسها بقيم مختلفة، قيمة المرأة البورجوازية التي تساوي ما تملك، و قيمة المرأة المتاع التي على الرجل أن يحافظ عليها، و قيمة المرأة السلعة التي على الرجل أن يدفع من اجل استغلالها. و بذلك تكون المرأة البورجوازية التابعة حاملة لتصور إيديولوجي يجعل منها امرأة بقيم متعددة.

و المرأة التي تعتنق الإيديولوجية البورجوازية الليبرالية التي ارتبطت بها من خلال طبيعتها، فإنها تملك تصورا عن نفسها من خلال كونها بورجوازية قيمتها في ما تملك و من خلال كونها سلعة على الرجل أن يدفع اكثر من اجل استهلاكها. و هي بذلك تعطي لنفسها الحق في أن تمارس حريتها كما تشاء من منطلق ليبراليتها، و تبحث عن مصادر للثروة التي تزيدها قيمة عن طريق استثمار ما لديها من رؤوس أموال، و أن تفعل بنفسها ما تشاء من منطلق كونها سلعة حتى تحقق سيادتها كبورجوازية ليبرالية، و كسلعة معروضة في الواقع.


أما المرأة المعتنقة لإيديولوجية البورجوازية الصغرى فإنها تحاول أن توفق بين جميع التصورات الشائعة عن المرأة في الواقع. فهي المرأة السيدة، و الإقطاعية و البورجوازية الليبرالية و العاملة و المؤدلجة للدين الإسلامي انطلاقا من طبيعة البورجوازية نفسها التي هي خليط من كل الإيديولوجيات المتفاعلة في المجتمع. و انطلاقا من هذه التوفيقية و التلفيقية الإيديولوجية البورجوازية الصغرى التي تقتنع بها بعض النساء، فإن المرأة تملك تصورا عن نفسها كمتاع، و كسلعة، و كعورة و كانسان. فجميع التصورات تختلط عندها، و لا تستطيع أن تحسم لصالح أي تصور، لأنها إذا حسمت ستصير إما إقطاعية، أو بورجوازية، أو مؤدلجة للدين الإسلامي، أو عاملة، و هي لا تريد أن تغادر مرتبة الوسط، أو الحياد التي تغري الكثير من النساء بالخصوص إلى جانب العديد من الرجال الذين لا يريدون أن يصنفوا أنفسهم حتى لا يحسبوا على هذه الجهة أو تلك، و حتى لا يحسبهم الناس مع هذا الحزب أو ذاك، و هم في الواقع ينخرطون بطريقة مباشرة و غير مباشرة فيما يمكن أن نسميه حزب الأحزاب الذي يخدم مصالح جميع الطبقات المستفيدة من الاستغلال في الوقت الذي يدعى فيه أنه يسعى إلى رفع الحيف عن الذين يعانون من شراسة الاستغلال. و نظرا لأن المرأة المعتنقة لإيديولوجية البورجوازية الصغرى مريضة بالتطلعات البورجوازية الصغرى، فإنها تبني تصورها لنفسها على هذا الأساس، حتى تستغل جميع الطبقات الاجتماعية لتحقيق تطلعاتها البورجوازية. و هو ما لا يزيدها إلا دونية و يفقدها المصداقية أمام نفسها و أمام الكادحين و طليعتهم الطبقة العاملة، المستهدفين بالتضليل الإيديولوجي البورجوازي الصغير.

و عندما يتعلق الأمر بالمرأة المعتنقة لإيديولوجية الطبقة العاملة، فإنها و انطلاقا من هذه الإيديولوجية تتخلص من كل الرؤى و التصورات الإيديولوجية التي تكرس دونية المرأة و تعمل على التمتع بحقوقها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية المترتبة عن تلك المساواة كما هي في المواثيق الدولية، و تنخرط إلى جانب الرجل في النضال من اجل الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية باعتبارها القيم السامية المتناسبة مع حرية المرأة و مساواتها للرجل في الحقوق، و في الواجبات و في الممارسة اليومية و القانونية. و لذلك، فالمرأة المعتنقة لإيديولوجية الطبقة العاملة تجد نفسها مباشرة في مواجهة الإيديولوجيات الإقطاعية و البورجوازية التابعة، و البورجوازية الليبرالية و البورجوازية الصغرى و المترتبة عن ادلجة الدين الإسلامي و تحارب التصورات الإيديولوجية المكرسة لدونية المرأة وتعمل على سيادة إنسانيتها على جميع المستويات.

و بالنسبة للمرأة المقتنعة بأدلجة الدين الإسلامي فإنها تعمل على اعتبار أن المرأة عورة. و بالتالي، فإن كل التصورات المكرسة لدونية المرأة و التي تعتبرها متاعا أو سلعة، تكون مدعومة من قبل المرأة المؤدلجة للدين الإسلامي، و تعمل على فرض "الحجاب" باعتباره يستر عورة المرأة المتجسدة في كل جسدها، و في صوتها و نظرتها و التعامل معها. و إنسانية المرأة غير حاضرة عندها كما إنسانية الرجل. لأن الإنسانية المستلزمة للحقوق الإنسانية المختلفة غير واردة. و ما هو وارد هو ما يريده الأمير، أو الخليفة الذي ينوب على الله في الأرض، و يعمل على تذكير الناس بحكم الخلفاء الراشدين باعتباره حكما إسلاميا يصلح لاقامة الدولة الإسلامية التي تقوم بفرض الحجاب على المرأة حتى لا تكون سببا في فتنة الناس و في افتتانهم برؤية محاسنها التي تعتبر عورة، و المرأة عندما تصير مؤدلجة للدين و تعتبر نفسها عورة، فإنها تصير مكرسة لدونيتها بنفسها و هو ما يعتبر شذوذا في حق المرأة نفسها، بسبب استلابها بأدلجة الدين الإسلامي، و اعتقادها أنها بتكريسها لدونيتها، إنما تطبق الشريعة الإسلامية، و هي في الواقع إنما تخدم مصالح مؤدلجي الدين الإسلامي الذين يسعون إلى تكريس الاستبداد القائم, أو السعي إلى فرض استبداد بالمجتمع، ليحقق مصالحهم البورجوازية أو الإقطاعية، أو البورجوازية التابعة التي تمكنهم من تأبيد سيطرتهم و استبدادهم بالمجتمع الإنساني في إطار استغلال الدين الإسلامي عن طريق أدلجته و التركيز بالخصوص على تكريس دونية المرأة التي ليست إلا عورة.

و باستعراضنا لعلاقة المرأة بمختلف الإيديولوجيات نصل إلى أن المرأة تقتنع بأيديولوجية الطبقة التي تنتمي إليها كإقطاعية، أو كبورجوازية تابعة، أو كبورجوازية ليبرالية، أو كبورجوازية صغرى، أو كطبقة عاملة، أو كطبقة تقوم مصالحها على أساس ادلجة الدين الإسلامي، و أن الإيديولوجية التي تقتنع بها المرأة تعبر عن مصالحها الطبقية، و أن الإيديولوجية المعبرة عن مصالح الطبقات المقهورة و طليعتها الطبقة العاملة هي الاشتراكية العلمية التي يمكن تسميتها بإيديولوجية الكادحين، و أن معظم الإيديولوجيات التي تقتنع بها المرأة تجعلها تمارس دونيتها بنفسها إما باعتبار نفسها متاعا، أو سلعة للاستهلاك، أو عورة. و أن الإيديولوجية الوحيدة التي تعاملت مع المرأة كإنسان و عملت على تحقيق مساواتها بالرجل، و تمتيعها بحقوقها المختلفة هي الإيديولوجية الاشتراكية العلمية التي هي إيديولوجية الطبقة العاملة.

فهل تعي المرأة خطورة إيديولوجية الإقطاع على مستقبلها ؟

و هل تدرك مدى أحابيل إيديولوجية البورجوازية ؟

و هل تتحرر من ادلجة الدين الإسلامي التي تحرمها من حقها في المساواة بالرجل ؟

و هل تستطيع أن تعتنق إيديولوجية الطبقة العاملة لتتحرر من كل القيود التي تفرض دونيتها ؟

إن على المرأة أن تناضل نضالا مريرا لا هوادة فيه من اجل تخطي مختلف العوائق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية من اجل إزالة الدونية التي تعاني منها و إلى الأبد.



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! : 12 : م ...
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! : 11 : م ...
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد .....10 : الحوار ...
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد.....9: الحوار ال ...
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد.....8 : الحوار ا ...
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! ...7 : ا ...
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ...!!!.- 6 - الح ...
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!.....5
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!.....4
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!.....3
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!.....2
- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!.....1
- هل يمكن اعتبار الجماعات المحلية أدوات تنموية ؟.....5
- هل يمكن اعتبار الجماعات المحلية أدوات تنموية ؟.....4
- هل يمكن اعتبار الجماعات المحلية أدوات تنموية ؟.....3
- هل يمكن اعتبار الجماعات المحلية أدوات تنموية ؟.....2
- هل يمكن اعتبار الجماعات المحلية أدوات تنموية ؟.....1
- بعد تجاوز محطة 12/9/2003: الانتخابات الجماعية والتغيير المجه ...
- بعد تجاوز محطة 12/9/2003: الانتخابات الجماعية والتغيير المجه ...
- بعد تجاوز محطة 12/9/2003: الانتخابات الجماعية والتغيير المجه ...


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- من اجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا : الجزء الثاني / محمد الحنفي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات - محمد الحنفي - من اجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا : الجزء الثاني